
قالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، لوكالة «رويترز» إن على البنك المركزي الأوروبي الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير، في ظل صمود اقتصاد منطقة اليورو أمام الرسوم الجمركية الأميركية، مع احتمال أن يأتي التضخم أعلى من التوقعات.
وكان البنك المركزي، الذي يمثل 20 دولة تتشارك العملة الموحدة، قد أنهى في يوليو تموز دورة تيسير استمرت عاماً كاملاً، فيما يترقب صانعو السياسات الآن التأثير الكامل للرسوم الأميركية التي جرى الاتفاق عليها في يوليو تموز قبل اتخاذ قرار بشأن الحاجة إلى مزيد من خفض تكاليف الاقتراض.
قالت إيزابيل شنابل، التي تُعتبر الأبرز بين «صقور» البنك المركزي الأوروبي ــوهو الوصف الذي يُطلق على صانعي السياسات المؤيدين لرفع معدلات الفائدةــ إنها لا ترى حاجة لمزيد من الخفض، مشيرة إلى أن معدل الفائدة الحالي عند 2% قد يكون «محفزاً بشكل طفيف» لاقتصاد ما زال يظهر زخماً قوياً.
وأضافت الخبيرة الاقتصادية الألمانية في مقابلة: «أعتقد أننا قد نكون بالفعل في وضع تيسيري معتدل، ولذلك لا أرى سبباً لمزيد من الخفض في المعدلات في الظروف الراهنة».
ومن المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل في 11 سبتمبر أيلول، غير أن بيانات أسواق المال تشير إلى أن المستثمرين يرون فرصة قوية لخفض جديد بحلول يونيو حزيران. كما نقلت مصادر لرويترز أن المناقشات بشأن مزيد من التيسير قد تُستأنف في الخريف.
من المتوقع أن يُقدم الفدرالي الأميركي، الواقع تحت ضغوط من الرئيس دونالد ترامب، على خفض معدلات الفائدة هذا الشهر.
تأثير الرسوم الأميركية على التضخم
غير أن إيزابيل شنابل قالت إن اقتصاد منطقة اليورو حقق أداءً أفضل من التوقعات بفضل «قوة النمو في الطلب المحلي»، مشيرة إلى أن المنطقة ستستفيد أيضاً من «دفعة مالية كبيرة» نتيجة استثمارات ألمانيا في البنية التحتية والقطاع العسكري.
وبخلاف العديد من زملائها وحتى تقديرات البنك المركزي الأوروبي نفسه، جادلت شنابل بأن الرسوم الجمركية العالمية التي فرضتها إدارة ترامب ستدفع التضخم إلى الارتفاع، حتى في غياب أي رد من الاتحاد الأوروبي.
وأضافت: «ما زلت أعتقد أن الرسوم الجمركية تؤدي في المحصلة إلى التضخم. فإذا ارتفعت أسعار المدخلات عالمياً بسبب الرسوم، وانتقلت هذه الزيادة عبر شبكات الإنتاج العالمية، فإن ذلك سيعزز الضغوط التضخمية في كل مكان».
وأشارت شنابل أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية ستُعطل سلاسل الإمداد، مستشهدة بقيود الصين على تصدير بعض العناصر الأرضية النادرة، وقرار الولايات المتحدة فرض ضرائب حتى على الطرود الصغيرة القيمة كمثالين على ذلك.
وبالاقتران مع الارتفاع السريع في أسعار الغذاء، رأت شنابل أن «ميزان المخاطر يميل نحو الاتجاه الصعودي»، ما يعني أن معدلات التضخم قد تتجاوز توقعات البنك المركزي الأوروبي البالغة 1.6% للعام المقبل و2% في عام 2027.
ورغم أنها لم تدعُ حالياً إلى رفع معدلات الفائدة، فإنها اعتبرت أن وقت التشديد قد يحين، بالنسبة للبنوك المركزية حول العالم، في وقت أقرب مما يُعتقد، وذلك بسبب القيود التجارية، والإنفاق المالي السخي، وشيخوخة السكان.
وقالت: «إن عالماً أكثر تجزؤاً مع عرض عالمي أقل مرونة، وإنفاق مالي أكبر، ومجتمعات آخذة في الشيخوخة، هو عالم بتضخم أعلى. لذلك أعتقد أن اللحظة التي تبدأ عندها البنوك المركزية حول العالم في رفع معدلات الفائدة مجدداً قد تأتي أبكر مما يظن كثيرون حالياً».
ورأت شنابل أنه لا توجد دلائل على قيام الشركات الصينية بإغراق منطقة اليورو ببضائع رخيصة كبديل عن السوق الأميركية، مشيرة إلى أن أسعار الصادرات الصينية تعافت إجمالاً، وأن تكلفة الواردات الصينية إلى التكتل لا تزال منخفضة لكنها مستقرة.
كما قللت من تأثير قوة اليورو، قائلة إن انعكاساتها على الأسعار ستكون محدودة إذا جاءت مدفوعة بآفاق نمو أفضل في منطقة اليورو. وأضافت: «لذلك، فإنني أقل قلقاً بشأن تطورات سعر الصرف».
وأبقت شنابل الباب مفتوحاً لتغيير موقفها من السياسة النقدية إذا ظهرت «انحرافات جوهرية ومستدامة» عن هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% تؤدي إلى زعزعة توقعات التضخم، لكنها رأت أن هذا الاحتمال ضعيف.
وقالت: «أجد من المستبعد جداً أن يحدث انفلات في توقعات التضخم نحو الهبوط، لا سيما بعد هذه السنوات الطويلة من التضخم المفرط». وأضافت: «عندما تنظر إلى أسعار بيع الشركات، لا ترى أي مؤشر على ضغوط انكماشية، لا في قطاع الصناعة ولا في قطاع الخدمات».