ترمب يهدد بوتين بحرب اقتصادية شرسة "صبره ينفد بسرعة"

jawad ali

عضو نشيط
المشاركات
1,759
الإقامة
Turkey
1758281580667.png

بعد أسابيع قليلة على انعقاد قمة استثنائية جمعته بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، وظهرا فيها كأفضل أصدقاء، عاد الوجه الآخر للرئيس الأميركي دونالد ترمب بنبرته اللاذعة المعتادة، حيث يحذر الرئيس الأميركي من شن "حرب اقتصادية" ضارية على موسكو، واصفاً إياها بأنها "لن تكون حرباً عالمية.. لكنها ستكون اقتصادية ولن تُحمد عُقباها على روسيا"، ومؤكداً بأن صبره بدأ ينفد بسرعة تجاه بوتين. والسؤال الأبرز الآن، ماذا يمكن أن يستخدم ترمب هذه المرة للضغط على نظيره الروسي؟.. وهل ما تزال هناك أوراق ضغط اقتصادية جديدة في جعبته؟

أسلحة في متناول ترمب

رغم أن الحرب في أوكرانيا ما زالت مستمرة رغم كل القيود الاقتصادية التي تعرضت لها روسيا -ولا سيما العقوبات النفطية- إلا أنه لا يزال هناك أسلحة أخرى لم تستخدم في هذه الحرب بعد، إضافة إلى بعض الأسلحة القديمة التي استُخدمت بالفعل بعد غزو موسكو لأوكرانيا ويمكن تشديدها الآن، ونستعرض أبرز هذه الأسلحة، كالآتي:



أولاً: تعطيل تجارة الطاقة الروسية:

وهو السلاح الأبرز والأكثر احتمالاً، ويتم عبر محاولات القضاء على "أسطول الظل" وخفض سقف أسعار النفط الذي حددته مجموعة السبع، مع استهداف منتجات طاقة أخرى تحقق إيرادات كبيرة لموسكو.

إضافة إلى ذلك يمكن لترمب إغلاق مراكز التحايل على العقوبات في دول ثالثة من خلال استهداف الوسطاء الرئيسيين في الصين والهند وغيرها، حسبما أوضح مركز الأبحاث "ذا فاونديشن فور ديفينس أوف ديموكراسيس" (FDD) الواقع في واشنطن.

ثانياً: استهداف السلع ذات الاستخدام المزدوج:

وهي السلع التي يمكن أن تُستعمل مدنياً وعسكرياً وتتدفق إلى روسيا عبر دول ثالثة تدعم جيشها، مثل المعدات الإلكترونية الدقيقة، وأشباه الموصلات، والبرمجيات المتقدمة، وأجهزة الاتصالات، والآلات الصناعية ذات التطبيقات المزدوجة. هذه السلع تُعدّ حيوية لتطوير أنظمة الأسلحة الحديثة وصناعة الطائرات المسيّرة والصواريخ الموجهة، وهو ما يجعلها محوراً رئيسياً في العقوبات الغربية. وتشير صحيفة "كييف إندبندنت" الأوكرانية الناطقة بالانجليزية، إلى أن جزءاً كبيراً من هذه الإمدادات يصل إلى روسيا عبر أسواق وسيطة في آسيا الوسطى أو الشرق الأوسط، بما يعكس تعقيدات مراقبة حركة التجارة العالمية.

ثالثاً: توسيع العقوبات على الشركات المملوكة للدولة:

والشركات الاستراتيجية مثل "روس آتوم" و"روسكوسموس"، بالإضافة إلى فرض عقوبات شاملة على روسيا وبنكها المركزي وتجميد باقي أصوله في الخارج واستخدامها لدعم أوكرانيا.

رابعاً، تعطيل البدائل المالية الروسية:

مثل نظام (SPFS) البديل لسويفت لمنعها من إيجاد طرق بديلة للمعاملات الدولية. واستهداف أنشطة غسل الأموال والعملات المشفرة المرتبطة بروسيا وتصنيفها كمركز رئيسي لغسل الأموال.

ومن المتوقع أن تحث الولايات المتحدة حلفاءها في مجموعة دول السبع على فرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الصين والهند بسبب شرائهما النفط الروسي، كما ستبلّغ واشنطن دول المجموعة بضرورة إنشاء مسار قانوني لمصادرة الأصول السيادية الروسية المجمّدة، والنظر في مصادرة أو استخدام أصل هذه الأصول لتمويل دفاع أوكرانيا، وفقاً لمقترح أميركي اطّلعت عليه "بلومبرغ".

بدائل أخرى:

اقترح تقرير أصدره "المعهد الأطلسي"، وسائل إضافية لزيادة الضغط على موسكو، تشمل استهداف شركات النفط الروسية، بما في ذلك "غازبروم" و"لوك أويل" و"روس نفط"، وكذلك السفن والموانئ ومقدمي الخدمات المرتبطين بتدفقات النفط بحراً أو عبر الأنابيب. ومتابعة التهديدات بفرض عقوبات ثانوية على المؤسسات المالية الأجنبية التي تتعامل بالنفط الروسي ومنتجاته المشتقة.

تداعيات العقوبات على الاقتصاد الروسي

يواجه الاقتصاد الروسي صعوبات متزايدة، فبعد ما يقرب من أربع سنوات من الإنفاق العسكري، إلى جانب العقوبات الغربية، باتت موسكو تعمل وفق اقتصاد موجه للحرب، وفق" المعهد الأطلسي". ولا تزال معدلات التضخم وأسعار الفائدة مرتفعة عند 8.8% و 18% على التوالي.


إلى جانب ذلك، فإن هروب الاستثمارات الأجنبية، وتراجع قدرة روسيا على الوصول إلى الأسواق الغربية، قد أجبر الحكومة على توجيه جزء كبير من الميزانية لدعم الصناعات المحلية ولتقديم حوافز مالية للشركات المتضررة.

وفيما يتعلق باحتياطيات الذهب لدى روسيا، فلم يتبقّ لديها سوى نحو 139.5 طن متري، حسب تقارير صحفية، مقابل أكثر من 400 طن كانت تملكها قبل غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022.

وفي حال عجزت موسكو عن تحقيق إيرادات من مبيعات الطاقة، قد تضطر إلى استنزاف ما تبقى من احتياطياتها الذهبية لتمويل إنفاقها، ما سيدفع اقتصادها إلى مزيد من التدهور المالي.

كيف تمول روسيا الحرب في أوكرانيا؟

تعتمد موسكو بشكل رئيسي على إيرادات النفط والغاز لتمويل هذه الحرب، وهو ما يدفع الغرب لمحاولة تقييدها بكل السبل الممكنة. ورغم أن عائدات النفط والغاز ما زالت تشكل رافعة أساسية للاقتصاد، إلا أن سقف الأسعار الذي فرضته مجموعة السبع (60 دولاراً للبرميل) على الصادرات الروسية قلّص من إيراداتها، وزادت الضغط على الروبل الذي شهد تقلبات حادة.

كما تواصل الحكومة الروسية السحب من صندوق الرفاه الوطني لتغطية العجز المالي. وحذّر خبراء اقتصاد روس مؤخراً من أن البلاد مهددة باستنزاف صندوق الرفاه الوطني بحلول عام 2026، مشيرين إلى أن الصندوق لم يعد يملك سوى 36 مليار دولار من الأصول السائلة حتى يونيو الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من خمس سنوات، حسب تقرير" المعهد الأطلسي".


يُظهر تقرير حديث لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، أن بوتين استنفد بالفعل كل مكاسب "الكينزية الحربية"، أي تعبئة الموارد المحلية والمتاحة خارجياً بالكامل.

يشير تقرير المركز أيضاً إلى أن الاقتصاد الروسي استنفد احتياط العمالة بسبب مقتل أو إصابة عدد كبير من الرجال في الحرب ضد أوكرانيا، أو هروبهم إلى الخارج. ويُقدّر أن ما بين مليون إلى مليوني عامل خرجوا عملياً من الاقتصاد الروسي منذ فبراير 2022. كما أن الإنتاج الصناعي غير العسكري توقف عن النمو منذ منتصف 2023، فيما تباطأ مجمل النشاط الصناعي بما فيه الدفاعي.

الإجراءت الروسية لتخفيف أثر العقوبات

عززت روسيا من علاقاتها مع دول لم تفرض عليها عقوبات، وحاولت الترويج لشبكة بديلة عن "سويفت" للتخفيف من انعزالها عن النظام المصرفي. كما سمحت بالتسعير بعملات بديلة في مقدمتها اليوان الصيني.

رغم العقوبات، يؤكد تقرير " تايمز أوف إنديا" (Times of India) أن الرسوم الأميركية بنسبة 50% لم توقف الهند من استيراد النفط الروسي، بل على العكس، عززت الارتباط مع موسكو، مما منح الرئيس بوتين مكاسب مالية غير مقصودة.

بالنسبة للكرملين، يُعدّ ظهور الرئيس فلاديمير بوتين في بكين خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون إلى جانب قادة عالميين بارزين وسيلة أخرى للتخفيف من وطأة العزلة التي فرضها الغرب على روسيا.

كما أن الاستقبال الذي خصّه به شي جين بينغ يُذكّر بأن روسيا لا تزال تملك شركاء تجاريين كباراً، على الرغم من العقوبات الغربية التي حرمتها من الوصول إلى العديد من الأسواق، وفق " أسوشيتد برس".

شروط رفع العقوبات الاقتصادية

يمكن للولايات المتحدة وشركائها الغربيين أن يعرضوا رفع العقوبات والإجراءات التقييدية الأخرى، في مقابل التوصل إلى اتفاق سلام وتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، بما يسمح بعودة النفط الروسي إلى السوق وإنقاذ اقتصاد روسيا من الانهيار، وفق "المعهد الأطلسي".

وهناك مجموعة من الشروط التي ينبغي تحقيقها لرفع هذه العقوبات، حيث ينبغي أن يتضمن أي اتفاق سلام من هذا النوع، على سبيل المثال لا الحصر، تخلي روسيا عن مطالبها في الأراضي الأوكرانية، وإعادة جميع الأطفال والأسرى الأوكرانيين، والتخلي عن الدعاوى القضائية ضد الشركات الغربية الملتزمة بالعقوبات، وتقديم التزامات مالية لإعادة إعمار أوكرانيا، والموافقة على نشر قوة ردع تقودها أوروبا داخل أوكرانيا.
 
عودة
أعلى