إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

2015 .. عام الدولار بلا منازع في سباق العملات الدولية

mohammad-k

مسؤول العملاء في تركيا
طاقم الإدارة
المشاركات
19,998
الإقامة
تركيا
عند طرح اليورو في الأسواق الدولية في مطلع كانون الثاني (يناير)، لم يتوقع المختصون أن تواجه العملة الأوروبية الموحدة هذه الفترة الطويلة من الانخفاض في مواجهة الدولار. بل على العكس تماما، فبلدان منطقة اليورو كانت تحدوها آمال عريضة بأن تصبح عملتها الجديدة العملة الرائدة دوليا، إلا أن هذا لم يحدث.

وكان السؤال الطبيعي الذي طرح نفسه : لماذا فشل اليورو في أن يحل محل الدولار باعتباره العملة الدولية الاساسية في التجارة الدولية؟ وإلى أي مدى سيظل يواجه اليورو حالة من الاضطراب الدائم صعودا وهبوطا أمام العملة الأمريكية؟ ومع كل تذبذب واضح في قيمة اليورو في مواجهة نظيره الأمريكي تتجدد الأسئلة وتتعدد الإجابات؟

وتوجهت "الاقتصادية" بهذه التساؤلات إلى عدد من مختصي الاقتصاد الكلي والعاملين في مجال تبادل العملات لتحصل على إجابات مختلفة ومتباينة، إلا أن هناك إجماعا على أن تحسن معدلات النمو الاقتصادي في أمريكا، والتغيرات السياسية الداخلية التي تنبئ بمزيد من الإجراءات والقوانين المشجعة لرأس المال الخاص، وعجز منطقة اليورو عن كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية عام 2008، تبرهن جميعا أن العام المقبل سيكون عاما للدولار بلا منازع وأن العملة الخضراء ستحافظ على موقعها المتقدم حاليا في سباق العملات الدولية.

وتعتقد الدكتورة ايرنا اينسوارث الأستاذة السابقة لمادة الاقتصاد الكلي في جامعة ليدز، أن التفاؤل تجاه اليورو كان مبالغا فيه، مشيرة إلى أن الأزمة التي ضربت الاقتصاد العالمي بعد نحو تسعة أعوام من إطلاق العملة الأوروبية الموحدة، كانت تعادل إصابة رضيع بحمى قوية أثرت فيه وأضعفت مناعته لاحقا.

وقالت اينسوارث لـ"الاقتصادية" : لمعرفة قوة عملة من العملات علينا أن نقارنها بأقوى العملات المتاحة في وقت المقارنة. والدولار حاليا هو العمود الفقري لمنظومة العملات الدولية والتجارة العالمية، واليورو منذ طرحه في الأسواق يواجه تذبذبا ملحوظا ليس فقط في مواجهة الدولار بل حتى الاسترليني والين وحتى في مواجهة عملات دولية أخرى ولكن أقل انتشارا كالدولار الكندي، واليورو مثل غيره من العملات الأخرى يتحدد وفقا لمعدلات النمو في البلدان التي تستخدمه أي في منطقة اليورو، ولم تكن فترة السنوات التسع التي شهدها اليورو منذ إطلاقه وحتى اندلاع الأزمة الاقتصادية كافية لتثبيت نفسه في الاقتصاد الدولي، وإقناع الأسواق العالمية بأنه بديل ملائم للدولار، فعملية الانتقال على نطاق واسع من عملة إلى أخرى عملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر.

وأشارت إلى أن الأزمة الاقتصادية وعدم قدرة بلدان اليورو خاصة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا على الخروج منها طرح شكوكا حول قدرة العملة الأوروبية على مواجهة الدولار.

ووجهة النظر الأكاديمية تلك لا تجد قبولا شديدا من جاري ستيورت رئيس قسم العملات الدولية في مؤسسة إنترنشونال إنفستيمنت الدولية الذي يعتبر أن أسباب ضعف اليورو مقابل الدولار تعود إلى عوامل أخرى.

ويعلق ستيوارت لـ"الاقتصادية" قائلا: "التجربة العملية تشير إلى أن محددات قيمة اليورو أو أي عملة أخرى هي المضاربات والتكهنات المستقبلية حول الأداء الاقتصادي، ولهذا نرى أن اليورو يرتفع أحيانا رغم تراجع معدلات النمو الاقتصادي في بلدان العملة الأوروبية مقارنة بالولايات المتحدة.

ومع أن الدولار هو العملة الأكثر شيوعا في التجارة الدولية، فإن اليورو ينافسه بشكل ملحوظ، ولم يعد الدولار يحتكر الأسواق الدولية كما كان الأمر في الماضي رغم الإقرار بقوته، وعلينا أن نتذكر أن عمر اليورو لا يتجاوز 15 عاما، وهو حاليا في مرحلة انتقالية، تتطلب استقرارا ماليا في بلدانه، لكن بصفة عامة وعلى الرغم من تذبذبه مقابل نظيره الأمريكي فإن هناك أدلة على زيادة حصته في الأسواق الدولية".

ويحتل وضع اليورو في مواجهة الدولار حيزا مهما من تفكير صناعة السياسة المالية لبلدان منطقة اليورو وتحديدا ماريو دراجي محافظ البنك المركزي الأوروبي. ولا يحسد دراجي بأي حال من الأحوال على الوضع الراهن. فعليه البحث عن معادلة تضمن تحقيق معدل نمو مرتفع في منطقة اليورو، مع ضمان تمتع العملة الأوروبية بمستوى قوى في الأسواق العالمية. وهو ما يبدو أن البنك المركزي الأوروبي غير قادر على تحقيقه حتى الآن. فالتصريحات الأخيرة له تكشف عن إنحيازه لرفع معدل النمو في منطقة اليورو، عبر ضخ المزيد من العملة الأوروبية في الأسواق والمضي قدما في سياسة التحفيز الكمي، ما أدى إلى تراجع في قيمة اليورو أمام العملة الأمريكية وخسارته نحو 16 في المائة من قيمته أخيرا.

وفي ظل توقعات أن يدوم تراجع اليورو في مواجهة الدولار خلال العام المقبل، حثت مجموعة جولدمان ساكس الدولية المستثمرين إلى البحث عن استراتيجية بديلة لتعظيم أرباحهم في ظل هذه التكهنات.

ولـ"الاقتصادية" يعلق بوب رو المختص في بورصة لندن قائلا: "هذه التكهنات ستؤدي إلى مزيد من التراجع في قيمة اليورو خلال الفترة المقبلة. وسينفر قطاع كبير من المستثمرين من العملة الأوروبية وابتعادهم عنه يعني زيادة الطلب عن العرض".

ولا تقف مشاكل اليورو عند هذه الحدود، بل إن التغيرات السعرية الراهنة في أسواق النفط جاءت سلبا على العملة الأوروبية الموحدة.

ووفقا لبنك باركليز فإن انخفاض أسعار النفط سيؤدي بصفة عامة إلى تراجع معدلات التضخم، ولكن انعكاس ذلك على اقتصاد بلدان اليورو وعلى الاقتصاد الأمريكي سيكون مختلفا. فبالنسبة للاقتصاد الأمريكي سيحفز هذا على زيادة الإنتاج، وربما يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى زيادة معدلات الفائدة في فترة أقل من توقعات السوق، أما بالنسبة لاقتصاد منطقة اليورو فإن انخفاض أسعار البترول لن يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي، بسبب انخفاض معدلات الاستهلاك لعدم قدرة القطاع الصناعي على رفع معدلاته الإنتاجية.

ويطرح الوضع الراهن لتفوق الدولار على اليورو وعلى غيره من العملات تساؤلا حول هل يحقق هذا الارتفاع مصلحة الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل؟

وحول تأثير قوة الدولار في الاقتصاد الأمريكي يجيب لـ"الاقتصادية" الدكتور مارك سويفر أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة مانشستر والخبير في الاقتصاد الأمريكي قائلا: "يلاحظ أن الدولار يحقق تفوقا ليس فقط على اليورو بل على الين والاسترليني وعلى كافة العملات الدولية، وإذا كانت لذلك أسباب اقتصادية، فله أيضا دوافع سياسية أبرزها سيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب لأول مرة منذ عام 2006، فهذه الهيمنة منحت رجال الأعمال في أمريكا شعورا قويا بأن الفترة المقبلة ستكون فيها القوانين أكثر انحيازا للنشاط الاقتصادي الحر".

ويضيف الدكتور مارك سويفر: "إلا أن هذا الارتفاع المتواصل لن يكون في مصلحة البورصة الأمريكية. فالدولار القوي يعني خفض هامش الربح للمصدرين، هذا إن أفلح المصدر الأمريكي في الحفاظ على أسواقه في ظل المنافسة التي سيواجهها من البلدان التي تراجعت قيمة عملتها وأصبحت منتجاتها تباع بأثمان أقل، بل هناك مخاطر أن يخسر المصدرون الأمريكيون الأسواق التي اعتادوا التصدير إليها بسبب ارتفاع قيمة الدولار".

واعتبر الدكتور مارك "أن الشركات الأمريكية التي تعتمد على السوق المحلية ستكون معرضة للخسارة أيضا نتيجة انخفاض أسعار السلع الأجنبية مقارنة بمثيلتها الأمريكية محلية الصنع، كما أن معدلات ربح الشركات الأمريكية في الخارج – وهذه الشركات تمثل نسبة ملحوظة في الاقتصاد الأمريكي - ستنخفض مقيمة بالدولار الآخذ في الارتفاع، ويحتمل أن تحجم العديد من رؤوس الأموال الأجنبية عن الاستثمار في الولايات المتحدة لارتفاع قيمة الدولار مقيما بالعملات الدولية الأخرى".

ومع هذا فإن تحليلات أخرى تذهب إلى أن الارتفاع المتواصل في قيمة الدولار، لن يكون له هذا التأثير السلبي في الاقتصاد الأمريكي، إذ إن تزايد قوة الدولار تعكس القوى المتصاعدة للاقتصاد الأمريكي بل ومن الممكن أن يعد ذلك - خاصة إذا تواكب مع ارتفاع في معدل أسعار الفائدة الأمريكية - إحدى آليات التصدي للتحديات المتنامية من الاقتصاد الصيني. فارتفاع الدولار في مواجهة العملة الصينية على سبيل المثال خاصة إذا تواكب مع ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية سيحفز العديد من الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة على مغادرة الأراضي الصينية والتموضع مجددا في أمريكا.

ولا يرتبط هذا الشعور الإيجابي بالفوائد التي ستعود على الاقتصاد الأمريكي من قوة الدولار على الجبهة الخارجية فقط، بل إن الفوائد تمتد إلى الجبهة الداخلية.

ولـ"الاقتصادية" يعلق جيرمي جونز الباحث في المعهد الأوروبي للدراسات الدولية قائلا: "الدولار القوي عامل من ضمن عدد من العوامل التي يمكن أن تؤثر في البورصة الأمريكية، لكنها ليست بالضرورة العامل الأهم أو الأسرع تأثيرا، وحتى إذا ما كان ارتفاع قيمة الدولار يعني زيادة في أسعار السلع الأمريكية في الخارج، فإن التأثير سيكون محدودا، وزيادة قيمة الدولار تاريخيا كانت محفزا للأجانب لحيازة الأسهم والسندات الأمريكية".

يذكر أن العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" هبطت 0.1 في المائة إلى 1.2430 دولار في التعاملات الدولية، لكنها ظلت فوق أقل سعر في نحو عامين عند 1.2358 دولار المسجل في وقت سابق من الشهر الجاري.
 
عودة
أعلى