همسات في الأسواق الأمريكية حول ما سيأتي في كتاب بيج اليوم

[طارق جبور]

همسات في الأسواق الأمريكية حول ما سيأتي في كتاب بيج اليوم​

ها نحن قد وصلنا عزيزي القارئ إلى منتصف الأسبوع، ولا يزال الهدوء سيد الموقف بالنسبة للاقتصاد الأكبر في العالم – الاقتصاد الأمريكي – فقد بخل علينا الاقتصاد بإصدار البيانات الرئيسية خلال اليومين السابقين، وهذا ما وجه أنظار المستثمرين نحو الوضع الأوروبي وأزمة الديون السيادية.
ويواصل الهدوء التخييم على سماء الساحة الاقتصادية الأميركية اليوم أيضا ولكن بشكل نسبي، حيث سيصدر اليوم بيانات قليلة ولكن ستكون بمثابة مرآة للوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية، مع العلم أن الاقتصاد أثبت مؤخرا أنه يسير على خطى التعافي التدريجي من أسوأ ركود منذ الكساد العظيم.
وبداية سيصدر اليوم تقرير مخزونات الجملة عن شهر نيسان والتي من المتوقع أن ترتفع بنسبة 0.5% مقارنة بالارتفاع السابق الذي بلغ 0.4%، حيث أن النشاطات الاقتصادية شهدت تقدما ملحوظا خلال الفترة الماضية، لذلك فإن التجار والمصنّعين يلجأوون إلى رفع مستويات الإنتاج والمخزونات وذلك لملاقاة مستويات الطلب التي وإن تحسنت إلا أنها لا تزال ضعيفة.
أما البيان أو التقرير الأهم فسيكون كتاب بيج الذي سيصدر في وقت لاحق اليوم، حيث أن كتاب بيج بشتمل على أداء الاقتصاد الأمريكي خلال فترة الماضية على مستوى إثنى عشر مقاطعة فدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية، واضعين بعين الاعتبار أن التقرير السابق أشار أن النشاطات الاقتصادية تحسنت عما كانت عليه ولكن بوتيرة معتدلة.
وبما أننا تطرّقنا لمسألة "وتيرة معتدلة" فلا بد لنا أن نذكر ما صرح به رئيس البنك الفدرالي برنانكي منذ يومين، حيث أشار برنانكي أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل سيره نحو التعافي ولكن بصورة تدريجية ومعتدلة، مشيرا من ناحيته أن السبب في ذلك يعزى إلى معدلات البطالة المرتفعة والتي وإن تراجعت خلال أيار إلى 9.7% مقابل 9.9% إلا أنها لا تزال ضمن المستويات الأعلى لها منذ ما يزيد عن ربع قرن.
حيث أن معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني يقفان جنبا إلى جنب كالحائط المانع لأي تقدم بالمستوى المنشود بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، مع العلم أن البنك الفدرالي توقع في آخر محضر اجتماع للجنة الفدرالية المفتوحة أن معدلات البطالة ستتراجع تدريجيا مع نهاية العام الحالي لتنحصر بين 9.1 – 9.5%، لذلك فإن وتيرة تعافي الاقتصاد الأمريكي ستكون معتدلة وليست سريعة.
كما من المؤكد أن يتطرق تقرير كتاب بيج إلى قطاع المنازل الذي برز بأداء متباين خلال الفترة الماضية، ولكن بالإجمالي يعد القطاع في حالة تقدم بالرغم من العقبات التي تقف أمام طريقه، مشيرين إلى أن النشاطات الاقتصادية في قطاع المنازل شهدت تحسنا ملحوظا خلال شهري نيسان وأيار، إلا أن العوائق كما ذكرنا تبقى المثبط لأي تقدم بالمستوى المطلوب.
كما ننوّه مجددا إلى أن قطاع العمالة الأمريكي يعد مفتاح الخلاص للاقتصاد الأمريكي لتحقيق التعافي التام، حيث أن معدل البطالة لا يزال عند أعلى مستوى له منذ حوالي ربع قرن عند 9.7%، وذلك على الرغم من أن تقرير العمالة الأمريكي السابق أشار إلى ان الاقتصاد الأمريكي تمكن من إضافة 431 الف وظيفة خلال أيار، حيث أن الاقتصاد الأمريكي فقد خلال فترة الأزمة بالمقابل 8.4 مليون وظيفة وذلك منذ أواخر العام 2007.
واضعين في الاعتبار عزيزي القارئ الاقتصاد الأمريكي لا يزال يسير على خطى التعافي التدريجي من أسوأ أزمة مالية منذ عقود، وذلك وسط التحديات التي لا تزال تقف أمام تقدم الاقتصاد الأمريكي بالشكل المنشود متمثلة في أوضاع التشديد الائتماني والضعف الجاري في مستويات الإنفاق ومعدلات البطالة المرتفعة ناهيك عن ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، حيث أن كل هذه العقبات تستوجب من الاقتصاد الأمريكي أن يأخذ وقته إلى حين الوصول إلى مرحلة النمو على المدى البعيد بحلول العام 2011.