إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

هل سيصل التضخم في دول مجلس التعاون إلى معدلات ما قبل الأزمة المالية العالمية؟

t.analysis

عضو ذهبي
المشاركات
2,623
الإقامة
البحرين
هل سيصل التضخم في دول مجلس التعاون إلى معدلات ما قبل الأزمة المالية العالمية؟

لقد مر التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقد الأخير من القرن الماضي بالعديد من التغيرات الكبيرة بدأ من النسبة صفر في بداية عام 1990 وصولا إلى 11% في عام 2008 وكان السبب الرئيسي وراء ارتفاع التضخم بهذا الشكل الكبير هو ارتفاع الطلب العالمي على النفط حيث وصلت أسعار النفط عام 2008 إلى 147 دولار/ برميل،
في الوقت الذي ارتفعت فيه أيضا معظم أسعار السلع والشقق والوحدات السكنية، ومع اندلاع الأزمة المالية العالمية عادت معدلات التضخم في دول مجلس التعاون إلى التراجع نتيجة التراجع العالمي على الطلب على الطاقة وانخفاض أسعار السلع بسبب تراجع إنفاق القطاع العائلي على المستوى العالمي بسبب تسريح العمالة وارتفاع معدلات البطالة.
ومع بدأ تعافي الاقتصاد العالمي خلال 2010 والذي جاء بدعم من نمو القطاع الصناعي مرة أخرى والانتعاش الذي شهده قطاع الاستهلاك الخاص، مدعوما بتحسن الثقة في قطاع الأعمال والمستهلكين، في الوقت الذي شهدت فيه الأسواق الصاعدة أداء جيدا مع الارتفاع القوي في الطلب المحلي مدعوما بسياسة نقدية تيسيرية على نطاق عريض، هذا وقد انسحب هذا التفاؤل على أداء الاقتصاد العالمي خلال 2011 خصوصا بعد الإعلان قيام الولايات المتحدة بالعديد من خطط الإنقاذ والذي كان من المفترض أن يعطي دفعة قوية لانتعاش الإنفاق الاستهلاكي.
ولكن من الجهة الأخرى فإن التوقعات ما زالت ليست بالتفاؤل الكافي بأن يحقق الاقتصاد العالمي أداء مماثل لعام 2010، حيث استندت التوقعات إلى احتمال تراجع المخزون الأمريكي في النصف الأول من 2011، بالإضافة إلى أن أسواق العمل والعقارات في الولايات المتحدة ما تزال ضعيفة وهو ما سوف يؤثر على نمو قطاع الاستهلاك.

ثانيا: تشير التوقعات أيضا أن يكون أداء الأسواق الصاعدة على الأرجح أقل ازدهارا بينما تبدأ الحكومات في تشديد سياساتها في الوقت الذي تتعرض فيها اقتصادياتها للتذبذب بسبب التدفقات النقدية الضخمة التي من المحتمل أن تؤثر على استقرار الاقتصاد لضغطها على أسعار المستهلك وأسعار الأصول وأسعار الصرف الحقيقية الفعلية.

ثالثا: ما زالت فرص نمو اقتصاد الاتحاد الأوروبي تخضع لتأثير سياسات التقشف المالي المستمرة في بعض البلدان الأعضاء مثل البرتغال واليونان التي قد أعلنت مؤخرا أنها سوف تخرج من الاتحاد الأوروبي وهو ما ترك أثرا سيئا على الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي تثير فيه أوضاع المديونية الخارجية لعدد من بلدان منطقة اليورو الخوف والقلق بسبب تعرض بنوك منطقة اليورو معرضة بشدة لهذه الديون.

العملات العربية مربوطة بالدولار

بالنظر إلى الأوضاع السلبية التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي من ارتفاع مستمر في معدلات البطالة وضعف القطاع العقاري، في الوقت الذي تنخفض فيه معدلات التضخم الذي هبط إلى أدنى مستوى له في التاريخ، فإننا نرى بأنه لا توجد فرص كبيرة لأي ارتفاع في أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية في الولايات المتحدة خلال 2011 بالرغم من تدابير التحفيز المالي التي قد تستمر حتى نهاية يونيو 2011.
ومعلوم أن عملات دول مجلس التعاون مربوطة بالدولار الأمريكي لذا فإن السياسة النقدية لدول المجلس سوف تظل تيسيرية هي الأخرى، في الوقت الذي تخضع فيه الاقتصاديات العربية لتأثير تقلبات سعر صرف الدولار الناشئة عن خطط التيسير الكمي وخطط التحفيز المالي، لذا فإن التوقعات تشير إلى احتمال توفر السيولة الزائدة وسط تدني أسعار الفائدة المتدنية نسبيا مما يساعد على تلبية الاحتياجات التمويلية الخارجية لدول مجلس التعاون وهي احتياجات ضخمة خصوصا في الإمارات العربية المتحدة.
ونظرا لاستمرار ربط أسعار الصرف بالدولار الأمريكي، سيكون أمام السلطات النقدية في دول مجلس التعاون الخليجي بدائل محددة بالنسبة للسياسة النقدية، فإذا زادت الضغوط التضخمية وارتفعت أحجام التدفقات المالية لأغراض المضاربة، فإن ذلك سوف يشكل موقفا صعبا يتمثل في الموازنة بين الحاجة إلى دعم انتعاش النمو الائتماني مع التخفيف من أي ظهور جديد محتمل للتضخم، وهنا تشير التوقعات أن تركز السلطات النقدية بصورة أكبر على التنظيم والرقابة لضمان حيازة البنوك لرؤوس أموال كافية ولديها مخصصات احتياطية وافية، ومع انتعاش الإقراض المصرفي، يتوقع أيضا أن تسحب الحكومات تدابير دعم السيولة الاستثنائية التي نفذت خلال الأزمة الائتمانية العالمية في الوقت الذي لابد أن تكون مستعدة بشكل كبير لسحب السيولة الزائدة إذا بدأ الطلب المحلي في نشوء ضغوط تضخمية.

أسعار النفط

مع استمرار التعافي ازداد الطلب العالمي على النفط حيث سجلت أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي حوالي 115 دولار للبرميل وذلك على هامش تزايد الاستثمار المالي في أسواق النفط، في الوقت الذي شهدت فيه منطقة الشرق الأوسط اضطرابات سياسية الأمر الذي زادت فيه مخاوف الدول المستوردة حول إمدادات النفط من الشرق الأوسط، ومع هذه الزيادة في الأسعار لم تعبأ منظمة أوبك كثيرا بالحفاظ على ضبط حصص الإنتاج حيث قامت برفع إنتاجها، وهو ما ساعد على تعزيز معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وإيرادات الصادرات ولكن مع زيادة المعروض من البلدان غير الأعضاء في الأوبك وارتفاع إنتاج الأوبك من سوائل الغاز الطبيعي تظل مستويات المخزونات العالمية والسعة الزائدة مرتفعة نسبيا، وبالشكل ذاته فقد أشارت التوقعات أن تستمر أسعار الطاقة بالارتفاع في العام 2011 على خلفية الطلب المتنامي من الأسواق الناشئة وعدم الاستقرار السياسي الحالي في جميع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويميل هذا الأمر في حد ذاته إلى تعزيز النمو الاقتصادي في دول الخليج واستمرار الضغوط التضخمية، فيما تشير التوقعات أن تظل أسعار النفط حول مستويات 85 دولار كمتوسط خلال 2011.
وعن توقعات أوبك للطلب على النفط خلال 2011 فقد أشارت إلى أنه من المحتمل أن يشهد الطلب العالمي على النفط زيادة بمعدل 1.2 مليون برميل يوميا وهي تمثل المتوسط لتوقعات سكرتارية الأوبك، وكالة الطاقة الدولية، وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وهو وأن كان يقل عن 2010 إلا أنه يشكل تحسنا مستمرا في الاستهلاك العالمي من النفط، الزيادة من البلدان من خارج أوبك (روسيا، البرازيل، الصين وكولومبيا) ستكون 200 – 300 ألف برميل يوميا، وترتفع إمدادات الغاز والمكثفات بنحو 500 ألف برميل يوميا، وهو ما يترك أمام الأوبك زيادة الإنتاج في 2011 بمقدار 400 ألف برميل يوميا، وهذا بالطبع شريطة عدم زيادة الإمدادات من خارج الأوبك أكثر من التوقعات.

توقعات متشائمة

على الرغم من التفاؤل حول بدأ تعافي الاقتصاد العالمي إلا أن التشاؤم ما زال أيضا بمكان، ففي حالة إذا ازدادت حدة الأزمة في منطقة اليورو، فإن ذلك سوف يؤثر على اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي وهو ما قد يؤدي إلى تلاشي توافر الائتمان وازدياد العزوف عن تحمل المخاطر، في الوقت الذي تشير الاحتمالات أن تتعرض دبي لضربات شديدة بوجه خاص إذا ما عجزت عن إعادة التمويل الضخمة وتعرضت قيمة مبيعات أصولها للانخفاض، بالإضافة إلى الآثار الجانبية الناتجة عن أزمة في أوروبا على الاقتصاد العالمي التي من الممكن أن تتسبب في تراجع أسعار النفط، ولكن التوقعات تشير إلى أن قرارات أوبك سوف تعمل على إبقاء أسعار النفط حول 85 دولار للبرميل.
ومن جهة أخرى فإنه ما زالت أيضا بعض دول مجلس التعاون الخليجي تعاني من التأثيرات المستمرة لأزمتي الائتمان والعقارات السابقتين فالقطاعات العقارية في كلا من الإمارات العربية المتحدة وقطر ما زالا يشهدان زيادة كبيرة في المعروض، كما أن هناك توترات مستمرة بشأن أزمة ديون دبي واحتياجات إعادة هيكلة ديونها، في الوقت الذي تخلفت شركتين من أكبر الشركات السعودية عن سداد التزاماتها، مما أدى إلى تراجع الثقة في السوق، كما أن ضغوط الميزانيات العمومية في الأجهزة المصرفية لدول مجلس التعاون الخليجي تسببت في حدوث تباطؤ حاد في نمو الائتمان المحلي، ومن المرجح أن يستغرق تعافيها بعض الوقت، كما أن استمرار اعتماد المنطقة على أسعار النفط ما زال مصدر ليس بالكافي لذا فعليها أن توسع استثماراتها لزيادة فرص العمل.
وفي حالة تعمق الأزمة في منطقة اليورو، فلابد أن تظل التدفقات الرأسمالية إلى دول مجلس التعاون قوية هي الأخرى وهكذا، بينما قد تتأثر مكاسب الإنتاج النفطي بسياسات الأوبك فيما عدا سوائل الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال سيعوض ذلك النمو الأكثر قوة للقطاع غير النفطي مع انتعاش ائتمان القطاع الخاص ونشاط الاستثمار، بالإضافة إلى استمرار الإنفاق العام.

المخاطر التضخمية

تشير التوقعات أنه من المحتمل أن يؤدي ارتفاع الطلب الكلي بفضل الإنفاق العام المستمر وانتعاش نشاط القطاع الخاص في ظل تراجع أسعار الفائدة، إلى توليد ضغوط تضخمية أكثر قوة في عام 2011 في الوقت الذي سوف تصبح الحاجة ملحة دائما إلى تقليص المديونية وإصلاح الميزانيات العمومية في الكثير من قطاعات الاقتصاد والبنوك.
وفي الوقت الذي يتسارع فيه نمو الائتمان إلا أنه سيظل ضعيفا نسبيا، وباستثناء قطاع الإسكان في المملكة العربية السعودية، فإنه ما زالت هناك سعة زائدة في معظم الاقتصاديات، وخصوصا في القطاع العقاري الذي كان السبب من قبل في الضغوط التضخمية الرئيسية.
وفي حالة عدم وجود أي زيادة في أسعار النفط والتي من الممكن أن تصل بأسعار النفط مرة أخرى إلى مستويات100 دولار للبرميل، فإن العودة إلى ظروف الرخاء التي ساعدت على دفع التضخم إلى معدلات قياسية تصبح بعيدة نسبيا، باستثناء قطر حيث أن الطفرة في الإنفاق على البنية التحتية المرتبطة باستضافة كأس العالم في عام2022 ، يمكن أن تولد ضغوطا تضخمية، وتدفع إلى حدوث طفرة أخرى في الائتمان ما لم يتم متابعتها عن قرب.
لذا فإن أسعار الصرف سوف تظل قضية رئيسية خلال عام 2011 مع استمرار العالم في تبنيه خطط لعلاج الاضطرابات التجارية الضخمة وتأثيرات سياسات التيسير الكمي المستمرة في الاقتصاديات المتقدمة، ولاسيما الولايات المتحدة وقد تصاعدت المخاوف إزاء شبح تخفيضات أسعار الصرف التنافسية، حيث أن الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني ما زالا يواجهوا تحديات اقتصادية صعبة نظرا للحاجة إلى سحب برامج التحفيز المالي الضخمة في الوقت الذي وصلت فيه أسعار الفائدة إلى القرب من حاجز الصفر.
 
عودة
أعلى