إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

هل تتحول كارثة الزلزال الياباني إلى نعمة انتعاش ...

طارق جبور

المدير العام
طاقم الإدارة
المشاركات
82,633
الإقامة
قطر-الأردن
لم يكن من الممكن للاقتصاد الياباني أن يمر بظروف أسوأ مما مر بها، فلم يكد هذا الاقتصاد يتعافى من الأزمة المالية العالمية التي فجرها انهيار مصرف «ليمان براذرز» حتى أصيب بالضربة التالية، وذلك عندما هز زلزال هائل بقوة 9 درجات بمقياس ريختر وموجات مد عاتية (تسونامي) غير مسبوقة شمال شرقي البلاد في الحادي عشر من مارس (آذار) 2011، لتتبدد بذلك الآمال في سرعة انتعاش الاقتصاد الياباني الذي زحزحته الجارة الصين عن المركز الثاني إلى المركز الثالث على مستوى العالم. وذلك حسب تقرير لوكالة «رويترز». اقتلعت السيول العاتية مواقع إنتاجية ضخمة وجرفت سلسلة من المصانع الموردة لشركات بالغة الأهمية لليابان مثل شركة «تويوتا» العملاقة للسيارات، مما أدى إلى توقف الإنتاج في الكثير من المصانع العالمية نتج عنه مشكلات في التوزيع والتسويق. صدم المستهلكون اليابانيون مما جعلهم يحجمون بشدة عن الإنفاق ويفضلون الادخار والتقشف خوفا من وقوع المزيد من الكوارث.

واليوم، وبعد عام من الكارثة، أصبحت الحكومة اليابانية تسيطر على تداعيات هذه الكارثة تقريبا، حيث عادت عجلة الإنتاج في سلسلة المصانع الموردة للشركات الكبرى للعمل الصيف الماضي بمعظم طاقتها، وذلك بعد أشهر قليلة من توقفها بسبب الكارثة، وذلك أسرع بكثير مما كان يتخيل الكثير من خبراء الاقتصاد.

ولكن وقبل أن يفيق رؤساء الشركات اليابانية وقعت الضربة التالية من قبل قوى الطبيعة الجبارة التي أصابت الجارة تايلاند هذه المرة، لتوقف سلسلة الشركات الموردة مرة أخرى، وبخاصة الشركات العاملة في قطاع الصناعات الإلكترونية وصناعة السيارات. يضاف إلى ذلك تسارع وتيرة ارتفاع قيمة العملة اليابانية (الين) التي لجأ إليها المستثمرون الأوروبيون كملاذ آمن لأموالهم في ظل أزمة الديون الأوروبية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الصادرات اليابانية وانخفاض حجمها نتيجة لذلك.

غير أن اليابانيين سرعان ما سيطروا أيضا على تداعيات الكارثة التايلاندية، وسرعان ما تزايدت الاستثمارات مما جعل الخبراء المعنيين يتوقعون حدوث انتعاش اقتصادي في اليابان مرة أخرى.

وقال مارتن شولتس، الخبير في معهد فوجيتسو للأبحاث في طوكيو: «من الناحية الاقتصادية البحتة فإن وضع اليابان أفضل بكثير من وضع دول أخرى بسبب عملية إعادة إعمار المناطق التي أصابتها الكوارث». وكمثال على ذلك ذكر شولتس أوروبا التي تناضل في مواجهة أزمة الديون.

ومن المتوقع الآن أن تمضي عجلة الإنتاج في اليابان بقوة بعد أن تجاوزت الانقسام بين الطبقة السياسية وبعد الحرب التي شنتها الحكومة على البيروقراطية، مما أدى في النهاية إلى إقرار موازنة إضافية ولو ببطء شديد لتمويل عملية إعادة الإعمار. كما بدأت ثمار إقرار موازنتين إضافيتين أخريين بحجم 4 في المائة من إجمالي الناتج القومي تظهر على الاقتصاد الياباني منذ بداية العام الحالي. بل إن هناك خبراء يرون أن قطاع الإعمار في اليابان أصبح يعاني من نقص في العمالة، وذلك بسبب مشاريع إعادة إعمار المناطق التي أصابتها موجات المد العاتية. غير أن ذلك كله يعيبه أنه يمول بنفس الطريقة القديمة، الاستدانة، وذلك على الرغم من أن اليابان أصبحت بالفعل أكثر دولة صناعية مدينة، حيث بلغ إجمالي ديونها نحو 210 في المائة من إجمالي ناتجها القومي، مع ملاحظة أن أكثر ديونها من مدخرات مواطنيها أنفسهم. ورغم أن هناك الآن نقاشا بشأن إصلاح النظام الضريبي وزيادة ضريبة الاستهلاك بواقع 5 في المائة حسب الخطط الحالية، فإن هناك من ينتقد نقص إجراءات الإصلاح.

وتوقع خبراء أن لا تظهر بوادر الانتعاش الاقتصادي المأمول من وراء عملية إعادة الإعمار قبل العام المقبل. وسيسهم في هذا الانتعاش تمييز مناطق بعينها بعوامل جاذبة للاستثمارات. ويرى بعض الخبراء أن على اليابان الآن أن تستغل فرص تحقيق إصلاحات اقتصادية مثل تلك المتوفرة في القطاع الزراعي على سبيل المثال.

غير أن ارتفاع سعر الين في الوقت الحالي وتباطؤ عجلة التصدير في اليابان يؤثران على الاقتصاد الياباني أكثر مما فعلته تداعيات الكارثة الطبيعية التي أصابت اليابان قبل عام. فعلى الرغم من أن الشركات اليابانية نقلت الكثير من قدراتها الإنتاجية إلى خارج اليابان، فإن خارج اليابان لا يزال ينطوي على فرص هائلة للاقتصاد، حيث لا يتجاوز حجم الناتج القومي الاجتماعي الذي تصدره اليابان للخارج نسبة 17 في المائة، مقارنة بـ50 في المائة بالنسبة لبلد صناعي مثل ألمانيا. ويضاف إلى ذلك الاندماج البطيء للشركات اليابانية في الدول الآسيوية المجاورة والآخذة في النمو وهو ما يعني أن الكارثة تنطوي على فرص جديدة للاقتصاد الياباني. ولكن تبقى المشكلات بعيدة المدى والشيخوخة التي تصيب المجتمع الياباني بوتيرة سريعة للغاية.

*

*

 
عودة
أعلى