رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب فضائل مصر المحروسة
الكتاب تأليف ابن الكندي وفى سبب تأليفه أو جمعه للكتاب قال :
"هذا كتاب أمر بجمعه وحض على تأليفه أبو المسك كافور، يذكر فيه مصر وما خصها الله به من الفضل والبركات والخيرات، على سائر البلدان"
وأما المصادر التى جمع منها مادة الكتاب فقد قال فيها:
"فجمعت ما أمر به من كتب شيوخ المصريين وغيرهم من أهل العلم والخبرة، والبحث والذكاء والفطنة، والتفتيش والرحلة والطلب
فمن مشهوريهم: يزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر وبعدهما: الليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة وبعدهما: سعيد بن كثير بن عفير، وعثمان بن صالح السهمي وبعدهما: خلف بن ربيعة، وعبد الرحمن بن ميسرة، وأحمد بن يحيى بن الوزير، وأبو خيثمة علي بن عمرو بن خالد
وبعد هذه الطبقة: يحيى بن عثمان بن صالح، وعبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير وبعدهما: علي بن الحسن بن خلف بن قديد، ومحمد بن الربيع ابن سليمان الجيزي وبعدهما: أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي، وأبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى فأعلمت نفسي فيما تأدى إلى من الأخبار لمن ذكرتهم ورواياتهم، وألفته واختصرت المتون، وأسقطت الأسانيد؛ لتتسق أخباره، ويسهل استماعه، وتقرب فائدته"
أول فصول الكتاب هو فضل مصر على غيرها:
وفيه قال :
"فأقول: فضل الله مصر على سائر البلدان، كما فضل بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضل على ضربين: في دين أو دنيا، أو فيهما جميعا، وقد فضل الله مصر وشهد لها في كتابه بالكرم وعظم المنزلة وذكرها باسمها وخصها دون غيرها، وكرر ذكرها، وأبان فضلها في آيات من القرآن العظيم، تنبئ عن مصر وأحوالها، وأحوال الأنبياء بها، والأمم الخالية والملوك الماضية، والآيات البينات، يشهد لها بذلك القرآن، وكفى به شهيداً، ومع ذلك روى عن النبي (ص) في مصر وفي عجمها خاصة وذكره لقرابته ورحمهم ومباركته عليهم وعلى بلدهم وحثه على برهم ما لم يرو عنه في قوم من العجم غيرهم، وسنذكر ذلك إن شاء الله في موضعه مع ما خصها الله به من الخصب والفضل وما أنزل فيها من البركات وأخرج منها من الأنبياء والعلماء والحكماء والخواص والملوك والعجائب بما لم يخصص الله به بلداً غيرها، ولا أرضا سواها، فإن ثرب علينا مثرب بذكر الحرمين، أو شنع مشنع، فللحرمين فضلهما الذي لا يدفع، وما خصهما الله به مما لا ينكر من موضع بيته الحرام، وقبر نبيه (ص)، وليس ما فضلهما الله به بباخس فضل مصر ولا بناقص منزلتها، وإن منافعها في الحرمين لبينة لأنها تميرهما بطعامها وخصبها وكسوتها وسائر مرافقها، فلها بذلك فضل كبير، ومع ذلك فإنها تطعم أهل الدنيا ممن يرد إليها من الحاج طول مقامهم يأكلون ويتزودون من طعامها من أقصى جنوب الأرض وشمالها ممن كان من المسلمين في بلاد الهند والأندلس وما بينهما، لا ينكر هذا منكر، ولا يدفعه دافع، وكفى بذلك فضلا وبركة في دين ودنيا "
وفى الفقرة نجد الرجل يناقض نفسه فبعد أن فضل مصر على سائر بلاد الدنيا فقال :
" فضل الله مصر على سائر البلدان، كما فضل بعض الناس على بعض"
عاد فقال ان بلاد الحرمين عليها لا يمكن إنكاره فقال:
"فللحرمين فضلهما الذي لا يدفع، وما خصهما الله به مما لا ينكر من موضع بيته الحرام، وقبر نبيه (ص)، وليس ما فضلهما الله به بباخس فضل مصر ولا بناقص منزلتها "
ومنهج المؤلف أن كثرة ذكر البلد تعنى فضلها على غيرها وهو منهج خاطىء فقد ذكرت مدين اكثر مما ذكرت مصر فى القرآن ومع هذا لم نجد من ذكر أنها الأفضل
ثم ذكر الرجل ما ورد فى فضل مصر المزعوم فقال:
"ذكر ما ورد في فضل مصر:
فأما ما ذكره الله عز وجل في كتابه مما اختصرناه من ذكر مصر فقول الله تعالى: " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة " وما ذكره الله عز وجل حكاية عن قول يوسف: " ادخلوا مصر إن شاء الله أمنين " وقال عز وجل: " اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم " وقال تعالى: " وجعلنا ابن مريم وأمه أيةً وأوينهما إلى ربوةٍ ذات قرار ومعين " قال بعض المفسرين: هي مصر وقال بعض علماء مصر: هي البهنسا وقبط مصر مجمعون على أن المسيح عيسى بن مريم وأمه (ص)كانا بالبهنسا وانتقلا عنها إلى القدس
وقال بعض المفسرين: الربوة دمشق، والله أعلم
وقال تعالى: " وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه " "
هنا ذكر الآيات التى وردت فيها كلمة مصر صراحة:
"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتا : يونس87ً " هنا يطلب الله من موسى(ص) وهارون(ص)أن يتخذوا مساكن لهم فى مصر بعيدا عن قوم فرعون فليس هنا مدح ولا ذم وإنما أمر بالسكن
و " وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ.. يوسف21 " هنا وصف للرجل الذى اشترى يوسف(ص) بأنه من سكان البلدة المسماة مصر فلا مدح ولا ذم لمصر
و" وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ : يوسف99" هنا أمر من يوسف(ص) لأهله بدخول مصر مطمئنين فلا مدح ولا ذم وهو قول خاص بأهله وهم مسلمون وليسوا مصريين وليس خاص بكل من يسكن مصر
و" وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ.. 51 الزخرف " هنا مقولة جبار مصر فرعون حيث يدعى ملكية مصر فلا مدح ولا ذم
وفي قوله تعالي في قصة موسي قال : " اهْبِطُوا مِصْرًا.. البقرة 61" هنا مقولة موسى (ص) لقومه بنى إسرائيل وليس المصريين بالذهاب لمصر إذا كانت أرض التيه حيث الطعام الواحد لا يعجبهم وقال العديد من المفسرين أن مصرا هنا لا تعنى البلدة المسماة مصر
إذا كل الآيات التى تتحدث عن مصر صراحة ليس بها ذم ولا مدح
قم ذكر الرجل التى ذكرت فيها ضمنا فقال :
"وقال تعالى: " وقال نسوة في المدينة أمرأت العزيز تراود فتها عن نفسه " والمدينة: منف، والعزيز ملك مصر حينئذ وقال تعالى: ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها " هي منف، مدينة فرعون وقال تعالى: " وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى " هي منف أيضاً
وقال تعالى حكاية عن إخوة يوسف: " يأيها العزيز " وقال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: " وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو " فجعل الشام بدوا، وقال تعالى حكاية عن فرعون وافتخاره بمصر: " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتي " وقال تعالى حين وصف مصر وما كان فيه آل فرعون من النعمة والملك بما لم يصف به مشرقا ولا مغربا، ولا سهلا ولا جبلا، ولا برا ولا بحرا: " كم تركوا من جناتٍ وعيونٍ وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين " فهل يعلم أن بلداً من البلدان في جميع أقطار الأرض أثنى عليه الكتاب بمثل هذا الثناء، أو وصفه بمثل هذا الوصف، أو شهد له بالكرم غير مصر؟ "
لا يوجد آية فيه مدح للبلد فأى مدح لامرأة تطلب الزنى فى أول الآيات الضمنية ؟ وأى مدح فى دخول البلد وأهلها غائبون وأى فى مجىء رجل من أخر البلد وأى مدح لبلد فيها سجن نبى لله وأى مدح فى قول كافر ادعى الألوهية وأى مدح فى ذكر أمور تتواجد فى كثير من البلاد
كلها أى آيات لا تدل على فضل وإنما هى آيات تصف أحداثا ثم ذكر الروايات التى ذكر فيها اسم مصر فقال :
"وروى عن النبي (ص) أنه قال: " ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا، فإن لكم منهم صهرا وذمة " وروى أبو ذر عن النبي (ص) أنه قال: " ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما " فأما الرحم، فإن هاجر أم إسماعيل بن إبراهيم الخليل (ص)من القبط من قرية نحو الفرما يقال لها: أم العرب وأما الذمة: فإن النبي(ص)، تسرى من القبط مارية أم إبراهيم ابن رسول الله (ص)، وهي من قرية نحو الصعيد، يقال لها حفن من كورة أنصنا، فالعرب والمسلمون كافة لهم نسب بمصر من جهة أمهم مارية أم إبراهيم ابن رسول الله (ص)؛ لأن أزواج النبي (ص) أمهات المؤمنين، والقبط أخوالهم وصارت العرب كافة من مصر، بأمهم هاجر؛ لأنها أم إسماعيل (ص)، وهو أبو العرب وروى عن النبي (ص) أنه قال: " ستكونون أجنادا، وخير أجنادكم الجند الغربي، فاتقوا الله في القبط: لا تأكلوهم اكل الخضر " وروى عن عمر عن النبي (ص) أنه قال: " إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض " قال أبو رضي الله عنه: ولم ذلك يا رسول؟ قال: " لأنهم في رباط إلى يوم القيامة "
كلام ليس فيه أى مدح فى روايات الصهر والذمة وهو ينطبق على كل زوجات الرسول (ص) التى منهن المكية والخيبيرية والمصطلقية فإن كانت الرحم والصهر والذمة فى واحدة فهى فى الباقيات ومن ثم لا يوجد فضل
ورواية اتخاذ الجند الكثيف من مصر هى رواية منكرة عند أهل الحديث رواه العجلونى فى كشف الخفاء ومزيل الالباس عما اشتهر من الاحاديث علي ألسنه الناس وذكر أنه لا سند له وهو ما هرب منه المؤلف بعدم ذكر الأسانيد
بعد ذلك استعرض الرجل ما سماه أدعية ألأنبياء (ص) لمصر فقال:
" دعاء الأنبياء لمصر وأهلها:
وكتب رسول الله (ص) إلى جماعة من الملوك منهم هرقل، فما أجابه أحد منهم، وكتب إلى المقوقس صاحب مصر فأجابه عن كتابه جواباً جميلا، وأهدى إليه ثياباً وكراعاً وجارتين من القبط؛ مارية وأختها وأهدى إليه عسلا فقبل هديته، وتسرى مارية، فأولدها ابنة إبراهيم، وأهدى أختها لحسان ابن ثابت فأولدها عبد الرحمن بن حسان
وسأل (ص) عن العسل الذي أهدى إليه، فقال من أين هذا؟ فقيل له من قرية بمصر يقال لها بنها، فقال: " اللهم بارك في بنها وفي عسلها " فعسلها إلى يومنا هذا خير عسل مصر وروى عن عبد الله بن عباس أنه قال: دعا نوح (ص)ربه، لولده وولد ولده: مصر بن بيصر بن حام بن نوح، وبه سميت مصر، وهو أبو القبط فقال: اللهم بارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أم البلاد وغوث العباد، ونهرها أفضل أنهار الدنيا واجعل فيها أفضل البركات، وسخر له ولولده الروض، وذللها لهم، وقوهم عليها والكعبة: البيت الحرام، وهو بيت هاجر وابنها إسماعيل (ص)اللذين كانا يسكنانه، وروى أن البيت هدم في الجاهلية فولت قريش بناءه رجلا من القبط يقال له: بقوم، فأدركه الإسلام وهو على ذلك البناء"
أولا لا يوجد دعاء سوى دعاء بنها ويبدو أنه موضوع من قبل تجار العسل من باب حديث الحلبة وغيرها أو من باب تضليل الناس وهو الحق وأما كون نوح(ص) له ابن يسمى مصر فهو من ضمن الخبل المنتشر بين الناس فنوح (ص) لم يكن أولاد بنين سوى الولد الهالك لقوله "إن ابنى من أهلى "ولأن بنو إسرائيل نسل نوح(ص) المزعوم من سام لا وجود لهم لنه من نسب من آمنوا به كما قال تعالى :
"وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا"
ثم ذكر من تزوج من الأنبياء من مصر فقال :
"من صاهر القبط من الأنبياء:
وصاهر القبط من الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، بتسريه هاجر أم إسماعيل (ص)ويوسف بتزوجه بنت صاحب عين شمس التي ذكرها الله في كتابه، فقال تعالى: " وغلقت الأبواب وقالت هيت لك " ومحمد (ص) بتسريه مارية "
وهو كلام جنونى فلا يمكن أن يتزوج يوسف(ص) امرأة أرادت أن تزنى معه وتحرشت له وسجنته طبقا لقوله تعالى :
"الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك"
كما أن الحكايات الهاجرية وحكاية مارية مجرد روايات لم يثبتها الوحى
ثم ذكر الرجل من سماهم المصريون المذكورين فى القرآنفقال:
"من ذكرهم الله تعالى في كتابه من أهل مصر:
وممن ذكرهم الله تعالى في كتابه من أهل مصر، رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه قال تعالى: " وقال رجل مؤمن من أل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم "
ومنهم قارون، وكان ابن عم موسى: قال الله تعالى: " وأتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة " وقال عز وجل: " فخرج على قومه في زينته "وكان قارون أيسر أهل الدنيا ومنهم: هامان، قال تعالى: " وقال فرعون يأيها الملأ ما علمت لكم من إلهٍ غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً " ومنهم فيما يقال: الخضر ، وروى بعض أهل العلم أنه ابن فرعون موسى لصلبه، وكان آمن بموسى، وجاز البحر معه، وكان مقدما عنده، وكان نبياً ومنهم: وزراء فرعون وجلساؤه، ذكر الله تعالى عنهم في كتابه حسن المحضر ورجاحة العقل، قال تعالى حكاية عن فرعون: " قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحارٍ عليم " فهل في الدنيا جلساء ملك أرجح عقلا واحسن محضرا منهم؟ حيث أنصفوا، وأمروا أن يمتحن بمثل ما وقع لهم أنه يشبه ما جاء به، ولم يكونوا في المنزلة وقبح المحضر كوزراء نمرود، حين شاورهم في إبراهيم (ص)قال تعالى حكاية عنهم: " قالوا حرقوه وانصروا ألهتكم إن كنتم فاعلين "
ذكر الله عز وجل ذلك عنهم في كتابه العزيز ومنهم: السحرة الذين تجمعوا لموسى حين رأوا آيات موسى لم يصروا على الكفر، ولم يلبثوا أن آمنوا وسجدوا لله عز وجل
قال تعالى في كتابه: فألقى السحرة ساجدين قالوا أمنا برب العالمين رب موسى وهارون وفي آيات كثيرة كرر ذكرهم وأثنى عليهم
" فاقض ما أنت قاضٍ إنما تقضى هذه الحياة الدنيا "
وروى ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة السبئي، وبكر بن عمر والخولاني، ويزيد بن أبي حبيب، قالوا: كان عدد السحرة اثنى عشر ساحراً تحت يدي كل ساحر منهم عشرون عريفا تحت يدي كل عريف منهم ألف من السحرة فكان جميع السحرة مائتي ألف وأربعين ألفا ومائتين واثنين وخمسين إنسانا بالرؤساء والعرفاء وأجمعت الرواة على أنه لا يعلم جماعة أسلمت في ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط، وروى أنه لم يفتتن رجل واحد منهم كما افتتن بنو إسرائيل بعبادة العجل
وروى أن عبد الله بن عمر وقال: القبط أكرم الأعاجم محتداً، وأسمحهم يداً، وأفضلهم عنصراً، وأقربهم رحماً بالعرب كافة، وبقريش خاصة
وروى أبو هريرة أن رسول الله (ص) قال: " مصر أطيب الأرضين ترابا، وعجمها أكرم العجم أنسابا " وقال بعض أهل العلم: لم يبق من العجم أمة إلا وقد اختلطت بغيرها إلا قبط مصر وروى عن النبي (ص) أنه قال حين مات ابنه إبراهيم: " لو عاش كان صديقا نبيا، وإن له لمرضعتين في الجنة، ولو عاش لعتقت القبط وما استرق أحد منهم أبدا "
الخطأ الأول أن قارون ابن عم موسى(ص) وهو غسرائيلى وليس من مثر كما قال تعالى "إن قارون كان من قوم موسى" ولم يذكر الله قرابته لموسى(ص) وإنما ذكر كونه من بنى إسرائيل
والخطأ الثانى وجود من يسمى الخضر وهو لم يذكر فى القرآن وقد لقاه موسى(ص) باعتباره العبد الصالح(ص)- تجاوزا- فى مجمع البحرين وليس فى مصر
والخطأ كون اعداد السحرة حوالى ربع مليون فرد وهو كلام جنونى لأن السحرة اجتمعوا فى يوم الزينة فأى ميدان فى ذلك الوقت يتسع لهم فضلا عن الجماهير التى حضرت فعلى الأقل لابد أن يكون عددها فوق المليون أو اثنين
ثم ذكر حكماء مصر فقال:
"ذكر من أظهرته مصر من الحكماء:
منهم: نيروز أبو بختنصر من أهل قرية يقال لها: سيسرو من كورة أرمنت وكان رجلا من أهل العلم فنظر في علمه فإذا به يخرج من صلبه رجل يخرب مصر فأعطى الله عز وجل موثقا أنه لا ينكح امرأة أبداً وخرج إلى الشام ثم إلى العراق، فأقام بفارس بقرية يقال لها نفر وكان لملك تلك القرية ابنة بها لمم، فوصف المصري لها دواء لعلاجها
فلما رآها شاهد حسنا بارعا وخطبها من أبيها فدخل عليها فجرت بينهما أسباب حتى حملت منه، فوضعت بختنصر فجرى خراب الدنيا على يديه
ومنهم: الإسكندر ذو القرنين، من أهل قرية نحو الإسكندرية يقال لها لوبية، ملك الأرض بأسرها، وذكره الله في كتابه العزيز باسمه، فقال تعالى: " ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً إنا مكنا له في الأرض وأتيناه من شيءٍ سببا فأتبع سبباً حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ ووجد عندها قوماً قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا " وبنى سد يأجوج ومأجوج، قال الله تبارك وتعالى: " قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوةٍ أجعل بينكم وبينهم ردماً أتوني زبر الحديد " وبنى الإسكندرية ويروى أنها: " إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد "
وبنى الإسكندرية ببلاد الخزر وبنى مدينة سمرقند وبنى الأبراج والمناظر ببلد البسكس على بحيرة طابس في آخر العمارة التي بالشمال، وفعل بالعراق الأفاعيل العجيبة، غضباً لما فعل بختنصر بمصر، فقتل دارا بن دارا، وخرب العراق وكتب إلى معلمه بمصر أرسطاطاليس يشاوره في قتل من بقي منهم فكتب إليه: لا تفعل، ولكن ول كل رئيس منهم ناحية من بلده، فإنهم يتنافسون في الرياسة، ولا يجمعهم ملك أبداً، ففعل فلبثوا على ذلك زماناً طويلاً، فلما قام أردشير واجتمعوا عليه، بعد تعب عظيم وحروب ومشقة قال: إن كلمة فرقتنا أربعمائة سنة لكلمة مشئومة
ومنهم: هرمس، المثلث بالنعمة: نبي، وملك، وحكيم، وهو الذي صير الرصاص ذهباً بصاصا ومنهم أغاثيمون، وفيثاغورس، تلميذا هرمس من أصحاب الصابئة، ولهما من العلوم صنعة الكيمياء والنجوم والسحر وعلم الروحانيات والطلسمات والبرابي وأسرار الطبيعة وقد أودعت البرابي ذلك ومنهم أوسيلا وسيزوارس وبندقليس أصحاب الكهانة والزجر ومنهم سقراط صاحب الكلام على البارئ عز وجل، والحكمة والبلاغة
ومنهم أفلاطون صاحب السياسة والنواميس والكلام على المدن والملوك
ومنهم أرسطاطاليس صاحب النطق والآثار العلوية، والحس والمحسوس والكون والفساد، والسماء والعالم، وسمع الكيان والسماع الطبيعي، ورسالة نبت الذهب، ورسالة الغراء فيما بعد الطبيعة حتى إن يعقوب بن إسحاق الكندي فيلسوف العرب له أكثر من ألف كتاب في كل معنى، كلها فصول من كتب أرسطاطاليس ومنهم بطلميوس القلوذى صاحب الرصد والحساب، وهو صاحب كتاب المجسطى في تركيب الأفلاك وحركة الشمس والقمر والكواكب المتحركة والثابتة وصورة فلك البروج، وكتاب جغرافيا في مساحة الأرض وأقاليمها، والجبال والبحار وألوانها، والأنهار والعيون وابتدائها وانتهائها، وصفة الأمم الذين يعمرون الأرض، وكتاب الثمرة في أحكام النجوم، وكتاب تسطيح الكرة
ومنهم أراطس صاحب البيضة ذات الثمانية والأربعين صورة في تشكيل صورة الفلك والألف كوكب، واثنين وعشرين كوكباً من الكواكب الثابتة، والزيج العلوي ومنهم إبرخس صاحب الرصد والالة المعروفة بذات الحلق ومنهم ثاون صاحب الزيج المنسوب إليه ومنهم دامانيوس، وواليس، وأصطفن أصحاب كتب أحكام النجوم
ومنهم إيرن، وله الهندسة والمقادير، وكتاب جر الأثقال، والحيل الروحانية وعمل البنكامات والآلات لقياس الساعات
ومنهم فيلون البرنطي، وله عمل الدواليب والأرحية والحركات بالحيل اللطيفة
ومنهم أرشميدس، صاحب الحيل والهندسة، والمرايا، والمرايا المحرقة، وعمل المجانيق ورمي الحصون، والحيل على الجيوش والعساكر براً وبحراً
ومنهم مارية وقلبطرة، ولهم الطلسمات، والخواص للطبائع
ومنهم أبلونيوس، وله كتاب المخروطات، وكتاب قطع الخطوط
ومنهم تابوشيش، وله كتاب الأكر، ومنهم ذيوفنطس، وله كتاب الحساب ومنهم أوطوقيوس، وله كتاب الكرة والأسطوانة
ودخلها جالينوس، وديسقوريدس صاحب الحشائش، وديوجانس، وأركاغانس، وأوريباسيوس، وفريقونوس، وروفس ولهم الطب اليوناني
فكل هؤلاء سكنوا مصر في الدهور الخالية والأيام السالفة، فما غيرت ذهن واحد منهم ولا أضرت بعقله "
الرجل هنا يذكر اليونان والمقدونيين والفرس على أنهم مصريون وحسب التاريخ المعروف فغن بعضهم لا علاقة له بمصر على الإطلاق ولم يزرها والبعض الأخر تعلم فى مصر ثم رحل لبلاد الإغريق كأرشميدس
ثم ذكر الأنبياء الذين هاشوا فى مصر فترة ما فقال:
"من كان بمصر من الأنبياء:
وأما من كان بها من الأنبياء عليهم السلام، فإبراهيم الخليل، وإسماعيل ويعقوب، ويوسف واثنا عشر نبياً من ولد يعقوب وهم الأسباط وموسى وهارون ويوشع بن نون، وعيسى بن مريم، ودانيال، عليهم الصلاة والسلام فهذا ما ذكر: من كان بها قبل الإسلام"
وهذا ليس دليل فضل فما يحكيه التاريخ هو أن الشام سكنها أكبر عدد من الأنبياءومن ثم فالشام طبقا لهذا أفضل من مصر
ثم ذكر من سكن مصر من المؤمنين فى عهد النبى(ص) فقال:
"من كان بمصر في الإسلام من الصحابة:
وأما من كان بها في الإسلام من الصحابة والفقهاء والعلماء والأحبار والزهاد ومن دخلها من الملوك والخلفاء وأهل العلم والشعر والنحو والخطابة، وكل من برع على أهل زمانه، أو نجم على أهل عصره، فيتسع ذلك علينا، ولكن نختصر من ذلك على المشهورين
ذكر أهل العلم والمعرفة والرواية أنه دخل مصر في فتحها ممن صحب رسول الله (ص) مائة رجل ونيف وقال يزيد بن أبي حبيب: وقف على إقامة قبلة المسجد الجامع ثمانون رجلا من أصحاب رسول الله (ص) منهم الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وفضالة بن عبيد، وعقبة بن عامر وأبو ذر ومحمية بن جزء ونبيه بن صؤاب، ورافع بن مالك، وربيعة بن شرحبيل بن حسنة، وسعد بن أبي وقاص وعمرو ابن علقمة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وخارجة بن حذافة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأبو رافع مولى رسول الله (ص)، ومحمد بن مسلمة، ومسلمة بن مخلد، وأبو أيوب ورويفع بن ثابت، وهبيب بن مغفل، وكعب بن ضنة، ومعاوية بن حديج، وعمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم "
وهو كلام لا يصلح كدليل على فضل مصر لأن الصحابة توزعوا فى مختلف البلاد كالشام واليمن والعراق وفارس وأفريقية وكانوا فى بعض البلاد أكثر مما كانوا فى مصر
ثم ذكر ما كان بها من علماء حتى عصره فقال:
"من كان بمصر من الفقهاء والعلماء:
وأما من كان بها من الفقهاء والعلماء، فمنهم: يزيد بن أبي حبيب، والليث بن سعد، وله مذهب انفرد به وهو الذي أخرج الرشيد من يمينه التي عجز عنها فقهاء الدنيا، ومنهم عبد الله بن وهب يفوق بتصنيفه جماعة من الفقهاء المصنفين، وله من تصنيفه نحو مائة جزء، ومنهم عبد الله بن لهيعة، له منزلة في الفقه والحديث والأخبار، ومنهم أشهب، وابن القاسم وعبد الله بن عبد الحكم، وأسد بن موسى، ومحمد بن عبد الحكم، والمزنى، والربيع المؤذن، وأحمد بن سلامة الطحاوي، وكل واحد منهم قد برع في مذهبه، ونجم على أهل عصره، ولكل واحد منهم من الكتب المصنفة ما يعجز عن نظيرها أهل النيا ومنهم سعيد بن عفير، ويحيى بن عثمان، وابن قديد، ومحمد بن يوسف الكندي، والميسرى، وابن أبي خيثمة، وكل واحد منهم قد فاق أهل عصره وبرز عليهم في الفقه والعلم والأخبار وأيام الناس والافتنان في سائر العلوم "
وهذا كلام ليس دليل على الفضل فهناك بلاد اخرجت علماء أكثر مما أخرجت مصر كما أن من ذكرهم ليسوا من مصر وإنما كانوا من الجزيرة غالبتهم
ثم ذكر ما كان بها من الزهاد حتى عصره فقال:
"من كان بمصر من الزهاد:
وكان بها من الزهاد، حيوة بن شريح، وسليم بن عتر، وسليمان بن القاسم، وأبو الربيع الزبدي، وسعيد الأدم، وإدريس الخولاني وذو النون المصري وغير من ذكرناهم، ونشأ بينهم هانئ ابن المنذر وشاعرهم: حبيب بن أوس الطائي وفارسهم: مالك بن ناعمة، فارس الشقر ومتكلمهم: غيلان أبو مروان، رئيس الغيلانية"
ثم ذكر ما كان بها من ولد بمصر من الخلفاء حتى عصره فقال:
"من ولد بمصر من الخلفاء:
وولد بها من الخلفاء، عمر بن عبد العزيز، وجعفر المتوكل على الله "
ثم ذكر ما كان بها من من دخل مصر من الفقهاء حتى عصره فقال:
"من دخل مصر من الفقهاء وغيرهم:
وأما من دخلها من الفقهاء وغيرهم، فالشعبي وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومحمد بن إسماعيل بن علية، والشافعي، وحفص الفرد وإبراهيم بن أدهم، ومنصور بن عمار المتكلم"
ثم ذكر ما كان بها من من دخل مصر من الخلفاء حتى عصره فقال:
"من دخل مصر من الخلفاء:
ودخلها من الخلفاء معاوية، ومروان بن الحكم، وعبد الله بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، ومروان بن محمد، والسفاح، والمنصور، والمأمون، والمعتصم، والواثق "
ثم ذكر ما كان بها من من دخل مصر من الشعراء حتى عصره فقال:
"من دخل مصر من الشعراء:
ودخلها من الشعراء، نصيب، وجميل بثينة، وكثير عزة، وعبيد الله بن قيس الرقيات، والأحوص وعبد الله بن الزبير، وأبو ذؤيب، ومعلى الطائي، وأبو نواس، ودعبل بن علي الخزاعي، والغيداق، وزبدة، وأبو صعصعة، وأبو حجلة وأبو نجاد، وابن حذار، والحسين الجمل، وغير من ذكرناهم
ثم عاد مرة أخرى لنقل أقوال أناس عن الفضل المزعوم فقال:
"ذكر مصر وفضلها على غيرها من الأمصار:
وأما ذكر مصر وفضلها على غيرها من الأمصار وما خصت به وأوثرت به على غيرها، فروى أبو بصرة الغفاري قال: مصر خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها، قال الله تعالى على لسان يوسف (ص)
" قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " ولم تكن تلك الخزائن بغير مصر، فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض وجعلها الله تعالى متوسطة الدنيا، وهي في الإقليم الثالث والرابع، فسلمت من حر الإقليم الأول والثاني، ومن برد الإقليم الخامس والسادس والسابع، فطاب هواؤها، ونقي جوها وضعف حرها، وخف بردها، وسلم أهلها من مشاتي الجبال، ومصائف عمان، وصواعق تهامة، ودماميل الجزيرة، وجرب اليمن، وطواعين الشام، وغيلان العراق، وعقارب عسكر مكرم، وطلب البحرين، وحمى خيبر، وأمنوا من غارات الترك، وجيوش الروم وطوائف العرب، ومكائد الديلم، وسرايا القرامطة، وبثوق الأنهار، وقحط الأمطار، وقد اكتنفها معادن رزقها؛ وقرب تصرفها، فكثر خصبها، ورغد عيشها، ورخص سعرها
وقال سعيد بن أبي هلال: مصر أم البلاد، وغوث العباد وذكر أن مصر مصورة في كتب الأوائل، وسائر المدن مادة أيديها إليها تستطعمها
وقال عمرو بن العاص: ولاية مصر جامعة، تعدل الخلافة
وأجمع أهل المعرفة: أن أهل الدنيا مضطرون إلى مصر يسافرون إليها، ويطلبون الرزق بها، وأهلها لا يطلبون الرزق في غيرها، ولا يسافرون إلى بلد سواها، حتى لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا لغني أهلها بما فيها عن سائر بلاد الدنيا
ورى عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، حديث، يرفعه إلى الله عز وجل يقول يوم القيامة لساكني مصر فيما يعدد عليهم من نعمته ألم أسكنكم مصر، فكنتم تشبعون من خبزها وتروون من مائها، أمسكوا على أفواهكم
وقال يحيى بن سعيد: جلت البلاد فما رأيت الورع ببلد من البلدان أعرفه إلا بالمدينة وبمصر وقال خالد بن يزيد: كان كعب الأحبار يقول: لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر؛ فقيل: ولم ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: إني لأحب مصر وأهلها؛ لأنها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه
وروى عن شفي بن عبيد الأصبحي، أنه قال: مصر بلدة معافاة من الفتن لا يريدهم أحد بسوء إلا صرعه الله، ولا يريد أحد هلكهم إلا أهلكه الله
وذكر أهل العلم أنه مكتوب في التوراة: بلد مصر خزانة الله، فمن أرادها بسوء قصمه الله
وقال أبو الربيع السائح: نعم البلد مصر، يحج منها بدينارين، ويغزى منها بدرهمين يريد الحج في بحر القلزم، والغزو إلى الإسكندرية وسائر سواحل مصر
وذكر يحيى بن عثمان، عن أحمد بن عبد الكريم، قال: جلت الدنيا، ورأيت أهلها، ورأيت آثار الأنبياء والملوك والحكماء، ورأيت بناء كسرى وقيصر وغيرهما من ملوك الأرض، ورأيت آثار سليمان بن داود (ص)ببيت المقدس وتدمر، والأردن، وما بنته الشياطين بتدبير النبوة، فلم أر مثل برابي مصر على حكمتها، ولا مثل الآثار التي بها، والأبنية التي لملوكها وحكمائها "
الأخطاء عدة فى الفقرة السابقة أولها كونها خزائن الأرض فقط دون غيرها وهو ما يناقض وجود الخزائن فى الأرض كلها والسماء كما قال تعالى :
"ولله خزائن السموات والأرض"
وثانيها معافاة مصر من الفتن وهو كلام جنونى فبما نصف غرق فرعون وقومه وبما نصف نزول الجراد والضفادع والقمل والدم فيها وبما نصف السبع العجاف ؟
الكتاب تأليف ابن الكندي وفى سبب تأليفه أو جمعه للكتاب قال :
"هذا كتاب أمر بجمعه وحض على تأليفه أبو المسك كافور، يذكر فيه مصر وما خصها الله به من الفضل والبركات والخيرات، على سائر البلدان"
وأما المصادر التى جمع منها مادة الكتاب فقد قال فيها:
"فجمعت ما أمر به من كتب شيوخ المصريين وغيرهم من أهل العلم والخبرة، والبحث والذكاء والفطنة، والتفتيش والرحلة والطلب
فمن مشهوريهم: يزيد بن أبي حبيب، وعبيد الله بن أبي جعفر وبعدهما: الليث بن سعد، وعبد الله بن لهيعة وبعدهما: سعيد بن كثير بن عفير، وعثمان بن صالح السهمي وبعدهما: خلف بن ربيعة، وعبد الرحمن بن ميسرة، وأحمد بن يحيى بن الوزير، وأبو خيثمة علي بن عمرو بن خالد
وبعد هذه الطبقة: يحيى بن عثمان بن صالح، وعبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير وبعدهما: علي بن الحسن بن خلف بن قديد، ومحمد بن الربيع ابن سليمان الجيزي وبعدهما: أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي، وأبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى فأعلمت نفسي فيما تأدى إلى من الأخبار لمن ذكرتهم ورواياتهم، وألفته واختصرت المتون، وأسقطت الأسانيد؛ لتتسق أخباره، ويسهل استماعه، وتقرب فائدته"
أول فصول الكتاب هو فضل مصر على غيرها:
وفيه قال :
"فأقول: فضل الله مصر على سائر البلدان، كما فضل بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضل على ضربين: في دين أو دنيا، أو فيهما جميعا، وقد فضل الله مصر وشهد لها في كتابه بالكرم وعظم المنزلة وذكرها باسمها وخصها دون غيرها، وكرر ذكرها، وأبان فضلها في آيات من القرآن العظيم، تنبئ عن مصر وأحوالها، وأحوال الأنبياء بها، والأمم الخالية والملوك الماضية، والآيات البينات، يشهد لها بذلك القرآن، وكفى به شهيداً، ومع ذلك روى عن النبي (ص) في مصر وفي عجمها خاصة وذكره لقرابته ورحمهم ومباركته عليهم وعلى بلدهم وحثه على برهم ما لم يرو عنه في قوم من العجم غيرهم، وسنذكر ذلك إن شاء الله في موضعه مع ما خصها الله به من الخصب والفضل وما أنزل فيها من البركات وأخرج منها من الأنبياء والعلماء والحكماء والخواص والملوك والعجائب بما لم يخصص الله به بلداً غيرها، ولا أرضا سواها، فإن ثرب علينا مثرب بذكر الحرمين، أو شنع مشنع، فللحرمين فضلهما الذي لا يدفع، وما خصهما الله به مما لا ينكر من موضع بيته الحرام، وقبر نبيه (ص)، وليس ما فضلهما الله به بباخس فضل مصر ولا بناقص منزلتها، وإن منافعها في الحرمين لبينة لأنها تميرهما بطعامها وخصبها وكسوتها وسائر مرافقها، فلها بذلك فضل كبير، ومع ذلك فإنها تطعم أهل الدنيا ممن يرد إليها من الحاج طول مقامهم يأكلون ويتزودون من طعامها من أقصى جنوب الأرض وشمالها ممن كان من المسلمين في بلاد الهند والأندلس وما بينهما، لا ينكر هذا منكر، ولا يدفعه دافع، وكفى بذلك فضلا وبركة في دين ودنيا "
وفى الفقرة نجد الرجل يناقض نفسه فبعد أن فضل مصر على سائر بلاد الدنيا فقال :
" فضل الله مصر على سائر البلدان، كما فضل بعض الناس على بعض"
عاد فقال ان بلاد الحرمين عليها لا يمكن إنكاره فقال:
"فللحرمين فضلهما الذي لا يدفع، وما خصهما الله به مما لا ينكر من موضع بيته الحرام، وقبر نبيه (ص)، وليس ما فضلهما الله به بباخس فضل مصر ولا بناقص منزلتها "
ومنهج المؤلف أن كثرة ذكر البلد تعنى فضلها على غيرها وهو منهج خاطىء فقد ذكرت مدين اكثر مما ذكرت مصر فى القرآن ومع هذا لم نجد من ذكر أنها الأفضل
ثم ذكر الرجل ما ورد فى فضل مصر المزعوم فقال:
"ذكر ما ورد في فضل مصر:
فأما ما ذكره الله عز وجل في كتابه مما اختصرناه من ذكر مصر فقول الله تعالى: " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة " وما ذكره الله عز وجل حكاية عن قول يوسف: " ادخلوا مصر إن شاء الله أمنين " وقال عز وجل: " اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم " وقال تعالى: " وجعلنا ابن مريم وأمه أيةً وأوينهما إلى ربوةٍ ذات قرار ومعين " قال بعض المفسرين: هي مصر وقال بعض علماء مصر: هي البهنسا وقبط مصر مجمعون على أن المسيح عيسى بن مريم وأمه (ص)كانا بالبهنسا وانتقلا عنها إلى القدس
وقال بعض المفسرين: الربوة دمشق، والله أعلم
وقال تعالى: " وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه " "
هنا ذكر الآيات التى وردت فيها كلمة مصر صراحة:
"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتا : يونس87ً " هنا يطلب الله من موسى(ص) وهارون(ص)أن يتخذوا مساكن لهم فى مصر بعيدا عن قوم فرعون فليس هنا مدح ولا ذم وإنما أمر بالسكن
و " وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ.. يوسف21 " هنا وصف للرجل الذى اشترى يوسف(ص) بأنه من سكان البلدة المسماة مصر فلا مدح ولا ذم لمصر
و" وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ : يوسف99" هنا أمر من يوسف(ص) لأهله بدخول مصر مطمئنين فلا مدح ولا ذم وهو قول خاص بأهله وهم مسلمون وليسوا مصريين وليس خاص بكل من يسكن مصر
و" وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ.. 51 الزخرف " هنا مقولة جبار مصر فرعون حيث يدعى ملكية مصر فلا مدح ولا ذم
وفي قوله تعالي في قصة موسي قال : " اهْبِطُوا مِصْرًا.. البقرة 61" هنا مقولة موسى (ص) لقومه بنى إسرائيل وليس المصريين بالذهاب لمصر إذا كانت أرض التيه حيث الطعام الواحد لا يعجبهم وقال العديد من المفسرين أن مصرا هنا لا تعنى البلدة المسماة مصر
إذا كل الآيات التى تتحدث عن مصر صراحة ليس بها ذم ولا مدح
قم ذكر الرجل التى ذكرت فيها ضمنا فقال :
"وقال تعالى: " وقال نسوة في المدينة أمرأت العزيز تراود فتها عن نفسه " والمدينة: منف، والعزيز ملك مصر حينئذ وقال تعالى: ودخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها " هي منف، مدينة فرعون وقال تعالى: " وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى " هي منف أيضاً
وقال تعالى حكاية عن إخوة يوسف: " يأيها العزيز " وقال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: " وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو " فجعل الشام بدوا، وقال تعالى حكاية عن فرعون وافتخاره بمصر: " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتي " وقال تعالى حين وصف مصر وما كان فيه آل فرعون من النعمة والملك بما لم يصف به مشرقا ولا مغربا، ولا سهلا ولا جبلا، ولا برا ولا بحرا: " كم تركوا من جناتٍ وعيونٍ وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين " فهل يعلم أن بلداً من البلدان في جميع أقطار الأرض أثنى عليه الكتاب بمثل هذا الثناء، أو وصفه بمثل هذا الوصف، أو شهد له بالكرم غير مصر؟ "
لا يوجد آية فيه مدح للبلد فأى مدح لامرأة تطلب الزنى فى أول الآيات الضمنية ؟ وأى مدح فى دخول البلد وأهلها غائبون وأى فى مجىء رجل من أخر البلد وأى مدح لبلد فيها سجن نبى لله وأى مدح فى قول كافر ادعى الألوهية وأى مدح فى ذكر أمور تتواجد فى كثير من البلاد
كلها أى آيات لا تدل على فضل وإنما هى آيات تصف أحداثا ثم ذكر الروايات التى ذكر فيها اسم مصر فقال :
"وروى عن النبي (ص) أنه قال: " ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا، فإن لكم منهم صهرا وذمة " وروى أبو ذر عن النبي (ص) أنه قال: " ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما " فأما الرحم، فإن هاجر أم إسماعيل بن إبراهيم الخليل (ص)من القبط من قرية نحو الفرما يقال لها: أم العرب وأما الذمة: فإن النبي(ص)، تسرى من القبط مارية أم إبراهيم ابن رسول الله (ص)، وهي من قرية نحو الصعيد، يقال لها حفن من كورة أنصنا، فالعرب والمسلمون كافة لهم نسب بمصر من جهة أمهم مارية أم إبراهيم ابن رسول الله (ص)؛ لأن أزواج النبي (ص) أمهات المؤمنين، والقبط أخوالهم وصارت العرب كافة من مصر، بأمهم هاجر؛ لأنها أم إسماعيل (ص)، وهو أبو العرب وروى عن النبي (ص) أنه قال: " ستكونون أجنادا، وخير أجنادكم الجند الغربي، فاتقوا الله في القبط: لا تأكلوهم اكل الخضر " وروى عن عمر عن النبي (ص) أنه قال: " إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض " قال أبو رضي الله عنه: ولم ذلك يا رسول؟ قال: " لأنهم في رباط إلى يوم القيامة "
كلام ليس فيه أى مدح فى روايات الصهر والذمة وهو ينطبق على كل زوجات الرسول (ص) التى منهن المكية والخيبيرية والمصطلقية فإن كانت الرحم والصهر والذمة فى واحدة فهى فى الباقيات ومن ثم لا يوجد فضل
ورواية اتخاذ الجند الكثيف من مصر هى رواية منكرة عند أهل الحديث رواه العجلونى فى كشف الخفاء ومزيل الالباس عما اشتهر من الاحاديث علي ألسنه الناس وذكر أنه لا سند له وهو ما هرب منه المؤلف بعدم ذكر الأسانيد
بعد ذلك استعرض الرجل ما سماه أدعية ألأنبياء (ص) لمصر فقال:
" دعاء الأنبياء لمصر وأهلها:
وكتب رسول الله (ص) إلى جماعة من الملوك منهم هرقل، فما أجابه أحد منهم، وكتب إلى المقوقس صاحب مصر فأجابه عن كتابه جواباً جميلا، وأهدى إليه ثياباً وكراعاً وجارتين من القبط؛ مارية وأختها وأهدى إليه عسلا فقبل هديته، وتسرى مارية، فأولدها ابنة إبراهيم، وأهدى أختها لحسان ابن ثابت فأولدها عبد الرحمن بن حسان
وسأل (ص) عن العسل الذي أهدى إليه، فقال من أين هذا؟ فقيل له من قرية بمصر يقال لها بنها، فقال: " اللهم بارك في بنها وفي عسلها " فعسلها إلى يومنا هذا خير عسل مصر وروى عن عبد الله بن عباس أنه قال: دعا نوح (ص)ربه، لولده وولد ولده: مصر بن بيصر بن حام بن نوح، وبه سميت مصر، وهو أبو القبط فقال: اللهم بارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض المباركة التي هي أم البلاد وغوث العباد، ونهرها أفضل أنهار الدنيا واجعل فيها أفضل البركات، وسخر له ولولده الروض، وذللها لهم، وقوهم عليها والكعبة: البيت الحرام، وهو بيت هاجر وابنها إسماعيل (ص)اللذين كانا يسكنانه، وروى أن البيت هدم في الجاهلية فولت قريش بناءه رجلا من القبط يقال له: بقوم، فأدركه الإسلام وهو على ذلك البناء"
أولا لا يوجد دعاء سوى دعاء بنها ويبدو أنه موضوع من قبل تجار العسل من باب حديث الحلبة وغيرها أو من باب تضليل الناس وهو الحق وأما كون نوح(ص) له ابن يسمى مصر فهو من ضمن الخبل المنتشر بين الناس فنوح (ص) لم يكن أولاد بنين سوى الولد الهالك لقوله "إن ابنى من أهلى "ولأن بنو إسرائيل نسل نوح(ص) المزعوم من سام لا وجود لهم لنه من نسب من آمنوا به كما قال تعالى :
"وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا"
ثم ذكر من تزوج من الأنبياء من مصر فقال :
"من صاهر القبط من الأنبياء:
وصاهر القبط من الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، بتسريه هاجر أم إسماعيل (ص)ويوسف بتزوجه بنت صاحب عين شمس التي ذكرها الله في كتابه، فقال تعالى: " وغلقت الأبواب وقالت هيت لك " ومحمد (ص) بتسريه مارية "
وهو كلام جنونى فلا يمكن أن يتزوج يوسف(ص) امرأة أرادت أن تزنى معه وتحرشت له وسجنته طبقا لقوله تعالى :
"الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك"
كما أن الحكايات الهاجرية وحكاية مارية مجرد روايات لم يثبتها الوحى
ثم ذكر الرجل من سماهم المصريون المذكورين فى القرآنفقال:
"من ذكرهم الله تعالى في كتابه من أهل مصر:
وممن ذكرهم الله تعالى في كتابه من أهل مصر، رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه قال تعالى: " وقال رجل مؤمن من أل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم "
ومنهم قارون، وكان ابن عم موسى: قال الله تعالى: " وأتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولى القوة " وقال عز وجل: " فخرج على قومه في زينته "وكان قارون أيسر أهل الدنيا ومنهم: هامان، قال تعالى: " وقال فرعون يأيها الملأ ما علمت لكم من إلهٍ غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً " ومنهم فيما يقال: الخضر ، وروى بعض أهل العلم أنه ابن فرعون موسى لصلبه، وكان آمن بموسى، وجاز البحر معه، وكان مقدما عنده، وكان نبياً ومنهم: وزراء فرعون وجلساؤه، ذكر الله تعالى عنهم في كتابه حسن المحضر ورجاحة العقل، قال تعالى حكاية عن فرعون: " قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحارٍ عليم " فهل في الدنيا جلساء ملك أرجح عقلا واحسن محضرا منهم؟ حيث أنصفوا، وأمروا أن يمتحن بمثل ما وقع لهم أنه يشبه ما جاء به، ولم يكونوا في المنزلة وقبح المحضر كوزراء نمرود، حين شاورهم في إبراهيم (ص)قال تعالى حكاية عنهم: " قالوا حرقوه وانصروا ألهتكم إن كنتم فاعلين "
ذكر الله عز وجل ذلك عنهم في كتابه العزيز ومنهم: السحرة الذين تجمعوا لموسى حين رأوا آيات موسى لم يصروا على الكفر، ولم يلبثوا أن آمنوا وسجدوا لله عز وجل
قال تعالى في كتابه: فألقى السحرة ساجدين قالوا أمنا برب العالمين رب موسى وهارون وفي آيات كثيرة كرر ذكرهم وأثنى عليهم
" فاقض ما أنت قاضٍ إنما تقضى هذه الحياة الدنيا "
وروى ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة السبئي، وبكر بن عمر والخولاني، ويزيد بن أبي حبيب، قالوا: كان عدد السحرة اثنى عشر ساحراً تحت يدي كل ساحر منهم عشرون عريفا تحت يدي كل عريف منهم ألف من السحرة فكان جميع السحرة مائتي ألف وأربعين ألفا ومائتين واثنين وخمسين إنسانا بالرؤساء والعرفاء وأجمعت الرواة على أنه لا يعلم جماعة أسلمت في ساعة واحدة أكثر من جماعة القبط، وروى أنه لم يفتتن رجل واحد منهم كما افتتن بنو إسرائيل بعبادة العجل
وروى أن عبد الله بن عمر وقال: القبط أكرم الأعاجم محتداً، وأسمحهم يداً، وأفضلهم عنصراً، وأقربهم رحماً بالعرب كافة، وبقريش خاصة
وروى أبو هريرة أن رسول الله (ص) قال: " مصر أطيب الأرضين ترابا، وعجمها أكرم العجم أنسابا " وقال بعض أهل العلم: لم يبق من العجم أمة إلا وقد اختلطت بغيرها إلا قبط مصر وروى عن النبي (ص) أنه قال حين مات ابنه إبراهيم: " لو عاش كان صديقا نبيا، وإن له لمرضعتين في الجنة، ولو عاش لعتقت القبط وما استرق أحد منهم أبدا "
الخطأ الأول أن قارون ابن عم موسى(ص) وهو غسرائيلى وليس من مثر كما قال تعالى "إن قارون كان من قوم موسى" ولم يذكر الله قرابته لموسى(ص) وإنما ذكر كونه من بنى إسرائيل
والخطأ الثانى وجود من يسمى الخضر وهو لم يذكر فى القرآن وقد لقاه موسى(ص) باعتباره العبد الصالح(ص)- تجاوزا- فى مجمع البحرين وليس فى مصر
والخطأ كون اعداد السحرة حوالى ربع مليون فرد وهو كلام جنونى لأن السحرة اجتمعوا فى يوم الزينة فأى ميدان فى ذلك الوقت يتسع لهم فضلا عن الجماهير التى حضرت فعلى الأقل لابد أن يكون عددها فوق المليون أو اثنين
ثم ذكر حكماء مصر فقال:
"ذكر من أظهرته مصر من الحكماء:
منهم: نيروز أبو بختنصر من أهل قرية يقال لها: سيسرو من كورة أرمنت وكان رجلا من أهل العلم فنظر في علمه فإذا به يخرج من صلبه رجل يخرب مصر فأعطى الله عز وجل موثقا أنه لا ينكح امرأة أبداً وخرج إلى الشام ثم إلى العراق، فأقام بفارس بقرية يقال لها نفر وكان لملك تلك القرية ابنة بها لمم، فوصف المصري لها دواء لعلاجها
فلما رآها شاهد حسنا بارعا وخطبها من أبيها فدخل عليها فجرت بينهما أسباب حتى حملت منه، فوضعت بختنصر فجرى خراب الدنيا على يديه
ومنهم: الإسكندر ذو القرنين، من أهل قرية نحو الإسكندرية يقال لها لوبية، ملك الأرض بأسرها، وذكره الله في كتابه العزيز باسمه، فقال تعالى: " ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً إنا مكنا له في الأرض وأتيناه من شيءٍ سببا فأتبع سبباً حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ ووجد عندها قوماً قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا " وبنى سد يأجوج ومأجوج، قال الله تبارك وتعالى: " قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوةٍ أجعل بينكم وبينهم ردماً أتوني زبر الحديد " وبنى الإسكندرية ويروى أنها: " إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد "
وبنى الإسكندرية ببلاد الخزر وبنى مدينة سمرقند وبنى الأبراج والمناظر ببلد البسكس على بحيرة طابس في آخر العمارة التي بالشمال، وفعل بالعراق الأفاعيل العجيبة، غضباً لما فعل بختنصر بمصر، فقتل دارا بن دارا، وخرب العراق وكتب إلى معلمه بمصر أرسطاطاليس يشاوره في قتل من بقي منهم فكتب إليه: لا تفعل، ولكن ول كل رئيس منهم ناحية من بلده، فإنهم يتنافسون في الرياسة، ولا يجمعهم ملك أبداً، ففعل فلبثوا على ذلك زماناً طويلاً، فلما قام أردشير واجتمعوا عليه، بعد تعب عظيم وحروب ومشقة قال: إن كلمة فرقتنا أربعمائة سنة لكلمة مشئومة
ومنهم: هرمس، المثلث بالنعمة: نبي، وملك، وحكيم، وهو الذي صير الرصاص ذهباً بصاصا ومنهم أغاثيمون، وفيثاغورس، تلميذا هرمس من أصحاب الصابئة، ولهما من العلوم صنعة الكيمياء والنجوم والسحر وعلم الروحانيات والطلسمات والبرابي وأسرار الطبيعة وقد أودعت البرابي ذلك ومنهم أوسيلا وسيزوارس وبندقليس أصحاب الكهانة والزجر ومنهم سقراط صاحب الكلام على البارئ عز وجل، والحكمة والبلاغة
ومنهم أفلاطون صاحب السياسة والنواميس والكلام على المدن والملوك
ومنهم أرسطاطاليس صاحب النطق والآثار العلوية، والحس والمحسوس والكون والفساد، والسماء والعالم، وسمع الكيان والسماع الطبيعي، ورسالة نبت الذهب، ورسالة الغراء فيما بعد الطبيعة حتى إن يعقوب بن إسحاق الكندي فيلسوف العرب له أكثر من ألف كتاب في كل معنى، كلها فصول من كتب أرسطاطاليس ومنهم بطلميوس القلوذى صاحب الرصد والحساب، وهو صاحب كتاب المجسطى في تركيب الأفلاك وحركة الشمس والقمر والكواكب المتحركة والثابتة وصورة فلك البروج، وكتاب جغرافيا في مساحة الأرض وأقاليمها، والجبال والبحار وألوانها، والأنهار والعيون وابتدائها وانتهائها، وصفة الأمم الذين يعمرون الأرض، وكتاب الثمرة في أحكام النجوم، وكتاب تسطيح الكرة
ومنهم أراطس صاحب البيضة ذات الثمانية والأربعين صورة في تشكيل صورة الفلك والألف كوكب، واثنين وعشرين كوكباً من الكواكب الثابتة، والزيج العلوي ومنهم إبرخس صاحب الرصد والالة المعروفة بذات الحلق ومنهم ثاون صاحب الزيج المنسوب إليه ومنهم دامانيوس، وواليس، وأصطفن أصحاب كتب أحكام النجوم
ومنهم إيرن، وله الهندسة والمقادير، وكتاب جر الأثقال، والحيل الروحانية وعمل البنكامات والآلات لقياس الساعات
ومنهم فيلون البرنطي، وله عمل الدواليب والأرحية والحركات بالحيل اللطيفة
ومنهم أرشميدس، صاحب الحيل والهندسة، والمرايا، والمرايا المحرقة، وعمل المجانيق ورمي الحصون، والحيل على الجيوش والعساكر براً وبحراً
ومنهم مارية وقلبطرة، ولهم الطلسمات، والخواص للطبائع
ومنهم أبلونيوس، وله كتاب المخروطات، وكتاب قطع الخطوط
ومنهم تابوشيش، وله كتاب الأكر، ومنهم ذيوفنطس، وله كتاب الحساب ومنهم أوطوقيوس، وله كتاب الكرة والأسطوانة
ودخلها جالينوس، وديسقوريدس صاحب الحشائش، وديوجانس، وأركاغانس، وأوريباسيوس، وفريقونوس، وروفس ولهم الطب اليوناني
فكل هؤلاء سكنوا مصر في الدهور الخالية والأيام السالفة، فما غيرت ذهن واحد منهم ولا أضرت بعقله "
الرجل هنا يذكر اليونان والمقدونيين والفرس على أنهم مصريون وحسب التاريخ المعروف فغن بعضهم لا علاقة له بمصر على الإطلاق ولم يزرها والبعض الأخر تعلم فى مصر ثم رحل لبلاد الإغريق كأرشميدس
ثم ذكر الأنبياء الذين هاشوا فى مصر فترة ما فقال:
"من كان بمصر من الأنبياء:
وأما من كان بها من الأنبياء عليهم السلام، فإبراهيم الخليل، وإسماعيل ويعقوب، ويوسف واثنا عشر نبياً من ولد يعقوب وهم الأسباط وموسى وهارون ويوشع بن نون، وعيسى بن مريم، ودانيال، عليهم الصلاة والسلام فهذا ما ذكر: من كان بها قبل الإسلام"
وهذا ليس دليل فضل فما يحكيه التاريخ هو أن الشام سكنها أكبر عدد من الأنبياءومن ثم فالشام طبقا لهذا أفضل من مصر
ثم ذكر من سكن مصر من المؤمنين فى عهد النبى(ص) فقال:
"من كان بمصر في الإسلام من الصحابة:
وأما من كان بها في الإسلام من الصحابة والفقهاء والعلماء والأحبار والزهاد ومن دخلها من الملوك والخلفاء وأهل العلم والشعر والنحو والخطابة، وكل من برع على أهل زمانه، أو نجم على أهل عصره، فيتسع ذلك علينا، ولكن نختصر من ذلك على المشهورين
ذكر أهل العلم والمعرفة والرواية أنه دخل مصر في فتحها ممن صحب رسول الله (ص) مائة رجل ونيف وقال يزيد بن أبي حبيب: وقف على إقامة قبلة المسجد الجامع ثمانون رجلا من أصحاب رسول الله (ص) منهم الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وفضالة بن عبيد، وعقبة بن عامر وأبو ذر ومحمية بن جزء ونبيه بن صؤاب، ورافع بن مالك، وربيعة بن شرحبيل بن حسنة، وسعد بن أبي وقاص وعمرو ابن علقمة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وخارجة بن حذافة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأبو رافع مولى رسول الله (ص)، ومحمد بن مسلمة، ومسلمة بن مخلد، وأبو أيوب ورويفع بن ثابت، وهبيب بن مغفل، وكعب بن ضنة، ومعاوية بن حديج، وعمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم "
وهو كلام لا يصلح كدليل على فضل مصر لأن الصحابة توزعوا فى مختلف البلاد كالشام واليمن والعراق وفارس وأفريقية وكانوا فى بعض البلاد أكثر مما كانوا فى مصر
ثم ذكر ما كان بها من علماء حتى عصره فقال:
"من كان بمصر من الفقهاء والعلماء:
وأما من كان بها من الفقهاء والعلماء، فمنهم: يزيد بن أبي حبيب، والليث بن سعد، وله مذهب انفرد به وهو الذي أخرج الرشيد من يمينه التي عجز عنها فقهاء الدنيا، ومنهم عبد الله بن وهب يفوق بتصنيفه جماعة من الفقهاء المصنفين، وله من تصنيفه نحو مائة جزء، ومنهم عبد الله بن لهيعة، له منزلة في الفقه والحديث والأخبار، ومنهم أشهب، وابن القاسم وعبد الله بن عبد الحكم، وأسد بن موسى، ومحمد بن عبد الحكم، والمزنى، والربيع المؤذن، وأحمد بن سلامة الطحاوي، وكل واحد منهم قد برع في مذهبه، ونجم على أهل عصره، ولكل واحد منهم من الكتب المصنفة ما يعجز عن نظيرها أهل النيا ومنهم سعيد بن عفير، ويحيى بن عثمان، وابن قديد، ومحمد بن يوسف الكندي، والميسرى، وابن أبي خيثمة، وكل واحد منهم قد فاق أهل عصره وبرز عليهم في الفقه والعلم والأخبار وأيام الناس والافتنان في سائر العلوم "
وهذا كلام ليس دليل على الفضل فهناك بلاد اخرجت علماء أكثر مما أخرجت مصر كما أن من ذكرهم ليسوا من مصر وإنما كانوا من الجزيرة غالبتهم
ثم ذكر ما كان بها من الزهاد حتى عصره فقال:
"من كان بمصر من الزهاد:
وكان بها من الزهاد، حيوة بن شريح، وسليم بن عتر، وسليمان بن القاسم، وأبو الربيع الزبدي، وسعيد الأدم، وإدريس الخولاني وذو النون المصري وغير من ذكرناهم، ونشأ بينهم هانئ ابن المنذر وشاعرهم: حبيب بن أوس الطائي وفارسهم: مالك بن ناعمة، فارس الشقر ومتكلمهم: غيلان أبو مروان، رئيس الغيلانية"
ثم ذكر ما كان بها من ولد بمصر من الخلفاء حتى عصره فقال:
"من ولد بمصر من الخلفاء:
وولد بها من الخلفاء، عمر بن عبد العزيز، وجعفر المتوكل على الله "
ثم ذكر ما كان بها من من دخل مصر من الفقهاء حتى عصره فقال:
"من دخل مصر من الفقهاء وغيرهم:
وأما من دخلها من الفقهاء وغيرهم، فالشعبي وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومحمد بن إسماعيل بن علية، والشافعي، وحفص الفرد وإبراهيم بن أدهم، ومنصور بن عمار المتكلم"
ثم ذكر ما كان بها من من دخل مصر من الخلفاء حتى عصره فقال:
"من دخل مصر من الخلفاء:
ودخلها من الخلفاء معاوية، ومروان بن الحكم، وعبد الله بن الزبير، وعبد الملك بن مروان، ومروان بن محمد، والسفاح، والمنصور، والمأمون، والمعتصم، والواثق "
ثم ذكر ما كان بها من من دخل مصر من الشعراء حتى عصره فقال:
"من دخل مصر من الشعراء:
ودخلها من الشعراء، نصيب، وجميل بثينة، وكثير عزة، وعبيد الله بن قيس الرقيات، والأحوص وعبد الله بن الزبير، وأبو ذؤيب، ومعلى الطائي، وأبو نواس، ودعبل بن علي الخزاعي، والغيداق، وزبدة، وأبو صعصعة، وأبو حجلة وأبو نجاد، وابن حذار، والحسين الجمل، وغير من ذكرناهم
ثم عاد مرة أخرى لنقل أقوال أناس عن الفضل المزعوم فقال:
"ذكر مصر وفضلها على غيرها من الأمصار:
وأما ذكر مصر وفضلها على غيرها من الأمصار وما خصت به وأوثرت به على غيرها، فروى أبو بصرة الغفاري قال: مصر خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها، قال الله تعالى على لسان يوسف (ص)
" قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " ولم تكن تلك الخزائن بغير مصر، فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض وجعلها الله تعالى متوسطة الدنيا، وهي في الإقليم الثالث والرابع، فسلمت من حر الإقليم الأول والثاني، ومن برد الإقليم الخامس والسادس والسابع، فطاب هواؤها، ونقي جوها وضعف حرها، وخف بردها، وسلم أهلها من مشاتي الجبال، ومصائف عمان، وصواعق تهامة، ودماميل الجزيرة، وجرب اليمن، وطواعين الشام، وغيلان العراق، وعقارب عسكر مكرم، وطلب البحرين، وحمى خيبر، وأمنوا من غارات الترك، وجيوش الروم وطوائف العرب، ومكائد الديلم، وسرايا القرامطة، وبثوق الأنهار، وقحط الأمطار، وقد اكتنفها معادن رزقها؛ وقرب تصرفها، فكثر خصبها، ورغد عيشها، ورخص سعرها
وقال سعيد بن أبي هلال: مصر أم البلاد، وغوث العباد وذكر أن مصر مصورة في كتب الأوائل، وسائر المدن مادة أيديها إليها تستطعمها
وقال عمرو بن العاص: ولاية مصر جامعة، تعدل الخلافة
وأجمع أهل المعرفة: أن أهل الدنيا مضطرون إلى مصر يسافرون إليها، ويطلبون الرزق بها، وأهلها لا يطلبون الرزق في غيرها، ولا يسافرون إلى بلد سواها، حتى لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا لغني أهلها بما فيها عن سائر بلاد الدنيا
ورى عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، حديث، يرفعه إلى الله عز وجل يقول يوم القيامة لساكني مصر فيما يعدد عليهم من نعمته ألم أسكنكم مصر، فكنتم تشبعون من خبزها وتروون من مائها، أمسكوا على أفواهكم
وقال يحيى بن سعيد: جلت البلاد فما رأيت الورع ببلد من البلدان أعرفه إلا بالمدينة وبمصر وقال خالد بن يزيد: كان كعب الأحبار يقول: لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر؛ فقيل: ولم ذلك يا أبا إسحاق؟ قال: إني لأحب مصر وأهلها؛ لأنها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه
وروى عن شفي بن عبيد الأصبحي، أنه قال: مصر بلدة معافاة من الفتن لا يريدهم أحد بسوء إلا صرعه الله، ولا يريد أحد هلكهم إلا أهلكه الله
وذكر أهل العلم أنه مكتوب في التوراة: بلد مصر خزانة الله، فمن أرادها بسوء قصمه الله
وقال أبو الربيع السائح: نعم البلد مصر، يحج منها بدينارين، ويغزى منها بدرهمين يريد الحج في بحر القلزم، والغزو إلى الإسكندرية وسائر سواحل مصر
وذكر يحيى بن عثمان، عن أحمد بن عبد الكريم، قال: جلت الدنيا، ورأيت أهلها، ورأيت آثار الأنبياء والملوك والحكماء، ورأيت بناء كسرى وقيصر وغيرهما من ملوك الأرض، ورأيت آثار سليمان بن داود (ص)ببيت المقدس وتدمر، والأردن، وما بنته الشياطين بتدبير النبوة، فلم أر مثل برابي مصر على حكمتها، ولا مثل الآثار التي بها، والأبنية التي لملوكها وحكمائها "
الأخطاء عدة فى الفقرة السابقة أولها كونها خزائن الأرض فقط دون غيرها وهو ما يناقض وجود الخزائن فى الأرض كلها والسماء كما قال تعالى :
"ولله خزائن السموات والأرض"
وثانيها معافاة مصر من الفتن وهو كلام جنونى فبما نصف غرق فرعون وقومه وبما نصف نزول الجراد والضفادع والقمل والدم فيها وبما نصف السبع العجاف ؟