رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب سبب وضع علم العربية
الكتاب من جمع أو تأليف السيوطى وموضوعه كما قال :
"فهذا جزء جمعت فيه الأخبار المروية في سبب وضع علم العربية "
وكعادة السيوطى فى معظم ما نسب له من كتب هو جامع للروايات أو للمعلومات من غير نقد ولكنه يذكرها فقط سواء كانت بترتيب معين أو من غير ترتيب كما فى هذا الكتاب وسوف أعيد هنا ترتيب بعض الروايات لبيان ما بينها من تناقضات فى الأخبار
ونبدأ بالروايات أن السبب اللحن فى قوله ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) وهى:
"قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في أماليه حدثني بعض أصحابنا قال قال أبو عبد الله محمد بن يحيى القطعي حدثني محمد بن عيسى بن يزيد حدثني أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي حدثنا عيسى بن يونس عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال قدم أعرابي في زمان عمر فقال من يقرئني مما انزل الله على محمد فأقرأه رجل سورة براءة فقال ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) بالجر فقال الأعرابي أو قد برىء الله من رسوله إن يكن الله قد برىء من رسوله فأنا أبرأ منه فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه فقال يا أعرابي أتبرأ من رسول الله قال يا أمير المؤمنين إني قدمت المشركين ولا علم لي بلأ فسألت من يقرئني فأقرأني هذا سورة براءة فقال ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) فقلت أو قد برىء الله من رسوله إن يكن الله قد برىء من رسوله فأنا أبرأ منه فقال عمر ليس هكذا يا أعرابي قال فكيف هي يا أمير المؤمنين فقال ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) فقال الأعرابي وأنا والله أبرأ مما برىء الله ورسوله منه فأمر عمر بن الخطاب ألا يقرىء القرآن الا عالم باللغة وأمر أبا الأسود فوضع النحو أخرجه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق "
هنا الحكاية المزعومة حدثت فى عهد عمر بن الخطاب وعمر من أمر بوضع النحو وهو ما يناقض كونها حدثت عمدا فى عهد معاوية ليجبر أبو الأسود على وضع النحو فى الرواية التالية:
وقال ابن الأنباري حدثني أبي حدثني أبو عكرمة قال قال العتبي كتب معاوية إلى زياد يطلب عبيد الله ابنه فلما قدم عليه كلمه فوجده يلحن فرده إلى زياد وكتب إليه كتابا يلومه فيه ويقول أمثل عبيد الله يضيع فبعث زياد إلى أبي الأسود فقال له يا أبا الأسود إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله فأبى ذلك أبو الأسود فوجه زياد رجلا وقال له اقعد في طريق أبي الأسود فإذا مر بك فاقرأ شيئا من القرآن وتعمد اللحن فيه ففعل ذلك فلما مر به أبو الأسود رفع الرجل صوته فقرأ ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) بالجر فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال عز وجه الله أن يبرأ من رسوله ثم رجع من فوره إلى زياد فقال يا هذا قد أجبتك إلى ما سألت ورأيت أن ابدأ بإعراب القرآن فابعث إلي ثلاثين رجلا فأحضرهم زياد فاختار منهم أبو الأسود عشرة ثم لم يزل يختارهم حتى اختار منهم رجلا من عبد القيس فقال خذ المصحف وصبغا يخالف لون المداد فإذا فتحت شفتي فانقط واحدة فوق الحرف وإذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف فإذا كسرتها فاجعل النقطة من أسفل الحرف فإن أتبعت شيئا من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين فابتدأ بالمصحف حتى أتى على آخره ثم وضع المختصر المنسوب إليه بعد ذلك "
وما سبق يناقض أن الحكاية حدثت دون تحديد فى عهد من وقعت فى الرواية التالية:
"وقال ابن الأنباري حدثنا يموت حدثنا السجستاني وهو أبو حاتم سمعت محمد بن عباد المهلبي عن أبيه قال سمع أبو الأسود الدؤلي ( أن الله بريء من المشركين ورسوله ) بالجر فقال لا تطمئن نفسي إلا أن أضع شيئا أصلح به لحن هذا أو كلاما هذا معناه"
والروايات تناقض كون اللحن وقع فى عهد على بن أبى طالب فى الرواية التالية:
"وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي النحوي في أماليه حدثنا أبو جعفر محمد بن رستم الطبري قال حدثنا أبو حاتم السجستاني حدثني يعقوب بن إسحاق الحضرمي حدثنا سعيد بن سلم الباهلي حدثنا أبي عن جدي عن أبي الأسود الدؤلي قال دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فرأيته مطرقا متفكرا فقلت فيم تفكر يا أمير المؤمنين قال إني سمعت ببلدكم هذا لحنا فأردت أن أصنع كتابا في أصول العربية فقلت إن فعلت هذا أحييتنا وبقيت فينا هذه اللغة ثم أتيته بعد ثلاث فألقى إلي صحيفة فيها بسم الله الرحمن الرحيم الكلام كله اسم وفعل وحرف فالاسم ما أنبأ عن المسمى والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ثم قال لي تتبعه وزد فيه ما وقع لك واعلم يا أبا الأسود أن الأسماء ثلاثة ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر وإنما تتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر قال أبو الأسود فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت منها إن وأن وليت ولعل وكأن ولم أذكر لكن فقال لي لم تركتها فقلت لم أحسبها منها فقال بل هي منها فزدها فيها "
وروايات اللحن فى القرآن كسبب يناقضها روايات لحن بنت أبى الأسود وهى :
" وقال أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني أخبرنا أبو جعفر بن رستم الطبري النحوي عن أبي عثمان المازني عن أبي عمر الجرمي عن أبي الحسن الأخفش عن سيبويه عن الخليل بن أحمد عن عيسى بن عمر عن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي عن عنبسة الفيل وميمون الأقرن عن يحيى بن يعمر الليثي أن أبا الأسود الدؤلي دخل إلى ابنته بالبصرة فقالت له يا أبت ما أشد الحر رفعت أشد فظنها تسأله وتستفهم منه أي زمان الحر أشد فقال لها شهر ناجر يريد شهر صفر الجاهلية كانت تسمي شهور السنة بهذه الأسماء فقالت يا أبت إنما أخبرتك ولم أسألك فأتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال يا أمير المؤمنين ذهبت لغة العرب لما خالطت العجم وأوشك إن تطاول عليها زمان أن تضمحل فقال له وما ذلك فأخبره خبر ابنته فأمره فاشترى صحفا بدرهم وأملى عليه الكلام كله لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى وهذا القول أول كتاب سيبويه ثم رسم أصول النحو كلها فنقلها النحويون وفرعوها "
فى الرواية السابقة الابنة لحنت فى قولها يا أبت ما أشد الحر وهو ما يناقض كونها لحنت فى قول يا أبت ما أحسن السماء فى رواية:
"قال ابن عساكر في تاريخه ويقال إن ابنته قالت له يوما يا أبت ما أحسن السماء فقال أي بنية نجومها قالت إني لم أرد أي شيء منها أحسن إنما تعجبت من حسنها قال إذن فقولي ما أحسن السماء فحينئذ وضع كتابا"
وما سبق من أسباب يناقض كون الدؤلى سبب وضعه النحو هو مخالطته للعجم ولحنهم وأنه هو من طلب من زياد أن يضع علم النحو فى الرواية التالية:
"وقال أبو الفرج أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثني عبد الله بن محمد عن عبد الله بن شاكر العنبري عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود قال أول من وضع العربية هو الأسود الدؤلي جاء إلى زياد بالبصرة فقال له أصلح الله الأمير إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وتغيرت ألسنتهم أفتأذن لي أن أضع لهم علما يقيمون به كلامهم قال لا قال ثم جاء زيادا رجل فقال مات أبانا وخلف بنون فقال زياد مات أبانا وخلف بنون ردوا إلي أبا الأسود الدؤلي فرد إليه فقال ضع للناس ما نهيتك عنه فوضع لهم النحو أخرجه ابن عساكر ""قال أبو الفرج وقد روى هذا الحديث عن أبي بكر بن عياش يزيد بن مهران فذكر أن هذه القصة كانت بين أبي الأسود وبين عبيد الله بن زياد فلن أخرجه من هذا الطريق السيرافي في طبقات النحاة "
وهو ما يناقض رواية سابقة تقول أن الدؤلى رفض وضع علم النحو عندما طلبه زياد وأنه وضع بعد افتعال لحن فى طريقه ونذكر هنا جزء من تلك الرواية :
" وقال ابن الأنباري حدثني أبي حدثني أبو عكرمة قال قال العتبي كتب معاوية إلى زياد يطلب عبيد الله ابنه فلما قدم عليه كلمه فوجده يلحن فرده إلى زياد وكتب إليه كتابا يلومه فيه ويقول أمثل عبيد الله يضيع فبعث زياد إلى أبي الأسود فقال له يا أبا الأسود إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله فأبى ذلك أبو الأسود فوجه زياد رجلا وقال له اقعد في طريق أبي الأسود فإذا مر بك فاقرأ شيئا من القرآن وتعمد اللحن فيه ففعل ذلك فلما مر به أبو الأسود رفع الرجل صوته فقرأ ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) بالجر فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال عز وجه الله أن يبرأ من رسوله ثم رجع من فوره إلى زياد فقال يا هذا قد أجبتك إلى ما سألت ورأيت أن ابدأ بإعراب القرآن "
وروى سبب أخر وهو لحن أعجمى فى قوله إن فرسي ضالع بدلا من ضائع وذلك فى الرواية التالية:
"قال السيرافي ويقال إن السبب في ذلك أنه مر بأبي الأسود سعد الفارسي وكان رجلا فارسيا من أهل بوزنجان كان قدم البصرة مع جماعة من أهله فدنوا من قدامة بن مظعون الجمحي فادعوا أنهم اسلموا على يديه وأنهم بذاك من مواليه فمر سعد هذا بأبي الأسود وهو يقود فرسه فقال له ما لك لا تركب فقال إن فرسي ضالع فضحك به بعض من حضره فقال أبو الأسود هؤلاء الموالي قد رغبوا في الإسلام ودخلوا فيه فصاروا لنا إخوة فلو علمناهم الكلام فوضع باب الفاعل والمفعول به ولم يزد عليه "
وزاد السيوطى روايات فى موضوع أخر وهو أول من وضع النحو فقال :
قال وروى محبوب البكري عن خالد الحذاء قال أول من وضع العربية نصر بن عاصم وروى ابن لهيعة عن أبي النضر قال كان عبد الرحمن بن هرمز أول من وضع العربية انتهى ما أورده السيرافي "
فهنا أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز وهو ما يناقض الروايات التى تقول أنه الدؤلى وهى :
"وقال محمد بن سلام الجمحي وكان أول من أسس العربية وفتح بابها وأنهج سبيلها ووضع قياسها أبو الأسود الدؤلي وإنما فعل ذلك حين اضطرب كلام العرب "
"وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى أول من وضع العربية أبو الأسود الدؤلي ثم ميمون الأقرن ثم عنبسة الفيل ثم عبد الله بن أبي إسحاق "
ثم روى الرواية السابقة فيمن وضع النحو بعد الدؤلى فقال فيها ميمون الأقرن وهو ما يناقض كون يحيى بن يعمر الليثى فى الرواية التالية:
"وقال أيضا ويقال إن أبا الأسود لما وضع باب الفاعل والمفعول به زاد في ذلك الكتاب رجل من بني ليث أبوابا ثم نظر فإذا في كلام العرب ما لا يدخل فيه فأقصر عنه ولعل هذا الرجل يحيى بن يعمر "
وذكر من أتى بعد الثوانى فقال :
"قال أبو الفرج الأصبهاني هذا حفظته عن أبي جعفر وأنا حديث السن فكتبته من حفظي واللفظ يزيد وينقص وهذا معناه وقال أبو الفرج الأصبهاني أخبرني عيسى بن الحسين قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن المدائني قال أمر زياد أبا الأسود الدؤلي أن ينقط المصاحف فنقطها ورسم من النحو رسوما ثم جاء بعده ميمون الأقرن فزاد عليه في حدود العربية ثم زاد فيها بعده عنبسة بن معدان المهري ثم جاء عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي وأبو عمرو بن العلاء رحمهما الله فزادا فيه ثم جاء الخليل بن أحمد الأزدي فلحب الطريق ونجم علي بن حمزة الكسائي مولى بني كاهل من أسد فرسم للكوفيين رسوما والآن يعملون عليها "
ثم ذكر أن الدؤلى اعترف بأنه أخذ علم النحو من على بن أبى طالب فى الرواية التالية:
"وقال أبو الفرج أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال حدثنا التوزي والمهري قالا حدثنا كيسان بن المعرف الهجيمي أبو سليمان عن أبي سفيان بن العلاء عن جعفر بن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه قال قيل لأبي الأسود من أين لك هذا العلم يعنون النحو قال أخذت حدوده عن علي بن أبي طالب "
وذكر الرجل أن أول باب وضعه الدؤلى فى النحو التعجب فى الرواية التالية:
"قال أبو الفرج الأصبهاني أخبرني أحمد بن العباس قال حدثنا العنزي عن أبي عثمان المازني عن الأخفش عن الخليل بن أحمد عن عيسى بن عمر عن عبد الله بن أبي إسحاق عن أبي حرب بن أبي الأسود قال أول باب وضعه أبي من النحو باب التعجب "
ثم ذكر علم التصريف فنسب لمعاذ بن جبل وعندما تم التحقيق فى الموضوع تم نسبته لمعاذ بن مسلم الهراء فى الفصل التالى:
"فصل
وأما التصريف فقد ذكر شيخنا العلامة محيي الكافيجي في أول كتابه شرح القواعد
"أن أول من وضعه معاذ بن جبل ولم تطمئن النفس إلى ذلك وسألته عنه لما قرأته عليه وما مستنده في ذلك فلم يجبني بشيء ولم أقف على سند لشيخنا في ذلك ثم رأيت في ترجمة معاذ الهراء أن أبا مسلم مؤدب عبد الملك بن مروان كان نظر في النحو ثم لما أحدث الناس التصريف جلس إلى معاذ الهراء فسمعه يقول لرجل كيف تبني من تؤزهم أزا مثل يا فاعل افعل فأنكره أبو مسلم وقال ( قد كان أخذهم في النحو يعجبني ... حتى تعاطوا كلام الزنج والروم ) في أبيات أخر وأجابه معاذ الهراء بأبيات أوردتها في طبقات النحاة فوضح بهذا أن واضع التصريف معاذ بن مسلم الهراء تعالى وأنه تخرج على شيخنا معاذ بن جبل وكانت وفاة معاذ هذا سنة سبع وثمانين ببغداد "
والكتاب لا أهمية له فالنحو هو أحد أسباب نكبة الناس فى عدم فهم القرآن بسبب اختلاف النحاة فى إعراب القرآن اختلافا عظيما وهو علم جنونى تم وضعه من قبل الكفار وليس من قبل المسلمين لإحداث الخلاف مثل علم الروايات فى فهم القرآن فالقرآن نزل من عند الله له فهم واحد بينه الرسول (ص) للناس ولكن الكفار طبقوا فيما بعد ما قاله الآباء الكفار فى عهد النبى(ص) :
"والغوا فيه لعلكم تغلبون "
وقد نجحوا فيما فعلوا بدليل انقسام الناس لفرق مختلفة فى فهم القرآن والكل يتحارب بتلك الخرافات النحو والقواميس والمعاجم وعلوم اللغة الأخرى
الكتاب من جمع أو تأليف السيوطى وموضوعه كما قال :
"فهذا جزء جمعت فيه الأخبار المروية في سبب وضع علم العربية "
وكعادة السيوطى فى معظم ما نسب له من كتب هو جامع للروايات أو للمعلومات من غير نقد ولكنه يذكرها فقط سواء كانت بترتيب معين أو من غير ترتيب كما فى هذا الكتاب وسوف أعيد هنا ترتيب بعض الروايات لبيان ما بينها من تناقضات فى الأخبار
ونبدأ بالروايات أن السبب اللحن فى قوله ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) وهى:
"قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في أماليه حدثني بعض أصحابنا قال قال أبو عبد الله محمد بن يحيى القطعي حدثني محمد بن عيسى بن يزيد حدثني أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي حدثنا عيسى بن يونس عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال قدم أعرابي في زمان عمر فقال من يقرئني مما انزل الله على محمد فأقرأه رجل سورة براءة فقال ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) بالجر فقال الأعرابي أو قد برىء الله من رسوله إن يكن الله قد برىء من رسوله فأنا أبرأ منه فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه فقال يا أعرابي أتبرأ من رسول الله قال يا أمير المؤمنين إني قدمت المشركين ولا علم لي بلأ فسألت من يقرئني فأقرأني هذا سورة براءة فقال ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) فقلت أو قد برىء الله من رسوله إن يكن الله قد برىء من رسوله فأنا أبرأ منه فقال عمر ليس هكذا يا أعرابي قال فكيف هي يا أمير المؤمنين فقال ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) فقال الأعرابي وأنا والله أبرأ مما برىء الله ورسوله منه فأمر عمر بن الخطاب ألا يقرىء القرآن الا عالم باللغة وأمر أبا الأسود فوضع النحو أخرجه الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق "
هنا الحكاية المزعومة حدثت فى عهد عمر بن الخطاب وعمر من أمر بوضع النحو وهو ما يناقض كونها حدثت عمدا فى عهد معاوية ليجبر أبو الأسود على وضع النحو فى الرواية التالية:
وقال ابن الأنباري حدثني أبي حدثني أبو عكرمة قال قال العتبي كتب معاوية إلى زياد يطلب عبيد الله ابنه فلما قدم عليه كلمه فوجده يلحن فرده إلى زياد وكتب إليه كتابا يلومه فيه ويقول أمثل عبيد الله يضيع فبعث زياد إلى أبي الأسود فقال له يا أبا الأسود إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله فأبى ذلك أبو الأسود فوجه زياد رجلا وقال له اقعد في طريق أبي الأسود فإذا مر بك فاقرأ شيئا من القرآن وتعمد اللحن فيه ففعل ذلك فلما مر به أبو الأسود رفع الرجل صوته فقرأ ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) بالجر فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال عز وجه الله أن يبرأ من رسوله ثم رجع من فوره إلى زياد فقال يا هذا قد أجبتك إلى ما سألت ورأيت أن ابدأ بإعراب القرآن فابعث إلي ثلاثين رجلا فأحضرهم زياد فاختار منهم أبو الأسود عشرة ثم لم يزل يختارهم حتى اختار منهم رجلا من عبد القيس فقال خذ المصحف وصبغا يخالف لون المداد فإذا فتحت شفتي فانقط واحدة فوق الحرف وإذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف فإذا كسرتها فاجعل النقطة من أسفل الحرف فإن أتبعت شيئا من هذه الحركات غنة فانقط نقطتين فابتدأ بالمصحف حتى أتى على آخره ثم وضع المختصر المنسوب إليه بعد ذلك "
وما سبق يناقض أن الحكاية حدثت دون تحديد فى عهد من وقعت فى الرواية التالية:
"وقال ابن الأنباري حدثنا يموت حدثنا السجستاني وهو أبو حاتم سمعت محمد بن عباد المهلبي عن أبيه قال سمع أبو الأسود الدؤلي ( أن الله بريء من المشركين ورسوله ) بالجر فقال لا تطمئن نفسي إلا أن أضع شيئا أصلح به لحن هذا أو كلاما هذا معناه"
والروايات تناقض كون اللحن وقع فى عهد على بن أبى طالب فى الرواية التالية:
"وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي النحوي في أماليه حدثنا أبو جعفر محمد بن رستم الطبري قال حدثنا أبو حاتم السجستاني حدثني يعقوب بن إسحاق الحضرمي حدثنا سعيد بن سلم الباهلي حدثنا أبي عن جدي عن أبي الأسود الدؤلي قال دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فرأيته مطرقا متفكرا فقلت فيم تفكر يا أمير المؤمنين قال إني سمعت ببلدكم هذا لحنا فأردت أن أصنع كتابا في أصول العربية فقلت إن فعلت هذا أحييتنا وبقيت فينا هذه اللغة ثم أتيته بعد ثلاث فألقى إلي صحيفة فيها بسم الله الرحمن الرحيم الكلام كله اسم وفعل وحرف فالاسم ما أنبأ عن المسمى والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل ثم قال لي تتبعه وزد فيه ما وقع لك واعلم يا أبا الأسود أن الأسماء ثلاثة ظاهر ومضمر وشيء ليس بظاهر ولا مضمر وإنما تتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر قال أبو الأسود فجمعت منه أشياء وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت منها إن وأن وليت ولعل وكأن ولم أذكر لكن فقال لي لم تركتها فقلت لم أحسبها منها فقال بل هي منها فزدها فيها "
وروايات اللحن فى القرآن كسبب يناقضها روايات لحن بنت أبى الأسود وهى :
" وقال أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني أخبرنا أبو جعفر بن رستم الطبري النحوي عن أبي عثمان المازني عن أبي عمر الجرمي عن أبي الحسن الأخفش عن سيبويه عن الخليل بن أحمد عن عيسى بن عمر عن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي عن عنبسة الفيل وميمون الأقرن عن يحيى بن يعمر الليثي أن أبا الأسود الدؤلي دخل إلى ابنته بالبصرة فقالت له يا أبت ما أشد الحر رفعت أشد فظنها تسأله وتستفهم منه أي زمان الحر أشد فقال لها شهر ناجر يريد شهر صفر الجاهلية كانت تسمي شهور السنة بهذه الأسماء فقالت يا أبت إنما أخبرتك ولم أسألك فأتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال يا أمير المؤمنين ذهبت لغة العرب لما خالطت العجم وأوشك إن تطاول عليها زمان أن تضمحل فقال له وما ذلك فأخبره خبر ابنته فأمره فاشترى صحفا بدرهم وأملى عليه الكلام كله لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى وهذا القول أول كتاب سيبويه ثم رسم أصول النحو كلها فنقلها النحويون وفرعوها "
فى الرواية السابقة الابنة لحنت فى قولها يا أبت ما أشد الحر وهو ما يناقض كونها لحنت فى قول يا أبت ما أحسن السماء فى رواية:
"قال ابن عساكر في تاريخه ويقال إن ابنته قالت له يوما يا أبت ما أحسن السماء فقال أي بنية نجومها قالت إني لم أرد أي شيء منها أحسن إنما تعجبت من حسنها قال إذن فقولي ما أحسن السماء فحينئذ وضع كتابا"
وما سبق من أسباب يناقض كون الدؤلى سبب وضعه النحو هو مخالطته للعجم ولحنهم وأنه هو من طلب من زياد أن يضع علم النحو فى الرواية التالية:
"وقال أبو الفرج أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثني عبد الله بن محمد عن عبد الله بن شاكر العنبري عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود قال أول من وضع العربية هو الأسود الدؤلي جاء إلى زياد بالبصرة فقال له أصلح الله الأمير إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وتغيرت ألسنتهم أفتأذن لي أن أضع لهم علما يقيمون به كلامهم قال لا قال ثم جاء زيادا رجل فقال مات أبانا وخلف بنون فقال زياد مات أبانا وخلف بنون ردوا إلي أبا الأسود الدؤلي فرد إليه فقال ضع للناس ما نهيتك عنه فوضع لهم النحو أخرجه ابن عساكر ""قال أبو الفرج وقد روى هذا الحديث عن أبي بكر بن عياش يزيد بن مهران فذكر أن هذه القصة كانت بين أبي الأسود وبين عبيد الله بن زياد فلن أخرجه من هذا الطريق السيرافي في طبقات النحاة "
وهو ما يناقض رواية سابقة تقول أن الدؤلى رفض وضع علم النحو عندما طلبه زياد وأنه وضع بعد افتعال لحن فى طريقه ونذكر هنا جزء من تلك الرواية :
" وقال ابن الأنباري حدثني أبي حدثني أبو عكرمة قال قال العتبي كتب معاوية إلى زياد يطلب عبيد الله ابنه فلما قدم عليه كلمه فوجده يلحن فرده إلى زياد وكتب إليه كتابا يلومه فيه ويقول أمثل عبيد الله يضيع فبعث زياد إلى أبي الأسود فقال له يا أبا الأسود إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من ألسن العرب فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم ويعربون به كتاب الله فأبى ذلك أبو الأسود فوجه زياد رجلا وقال له اقعد في طريق أبي الأسود فإذا مر بك فاقرأ شيئا من القرآن وتعمد اللحن فيه ففعل ذلك فلما مر به أبو الأسود رفع الرجل صوته فقرأ ( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) بالجر فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال عز وجه الله أن يبرأ من رسوله ثم رجع من فوره إلى زياد فقال يا هذا قد أجبتك إلى ما سألت ورأيت أن ابدأ بإعراب القرآن "
وروى سبب أخر وهو لحن أعجمى فى قوله إن فرسي ضالع بدلا من ضائع وذلك فى الرواية التالية:
"قال السيرافي ويقال إن السبب في ذلك أنه مر بأبي الأسود سعد الفارسي وكان رجلا فارسيا من أهل بوزنجان كان قدم البصرة مع جماعة من أهله فدنوا من قدامة بن مظعون الجمحي فادعوا أنهم اسلموا على يديه وأنهم بذاك من مواليه فمر سعد هذا بأبي الأسود وهو يقود فرسه فقال له ما لك لا تركب فقال إن فرسي ضالع فضحك به بعض من حضره فقال أبو الأسود هؤلاء الموالي قد رغبوا في الإسلام ودخلوا فيه فصاروا لنا إخوة فلو علمناهم الكلام فوضع باب الفاعل والمفعول به ولم يزد عليه "
وزاد السيوطى روايات فى موضوع أخر وهو أول من وضع النحو فقال :
قال وروى محبوب البكري عن خالد الحذاء قال أول من وضع العربية نصر بن عاصم وروى ابن لهيعة عن أبي النضر قال كان عبد الرحمن بن هرمز أول من وضع العربية انتهى ما أورده السيرافي "
فهنا أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز وهو ما يناقض الروايات التى تقول أنه الدؤلى وهى :
"وقال محمد بن سلام الجمحي وكان أول من أسس العربية وفتح بابها وأنهج سبيلها ووضع قياسها أبو الأسود الدؤلي وإنما فعل ذلك حين اضطرب كلام العرب "
"وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى أول من وضع العربية أبو الأسود الدؤلي ثم ميمون الأقرن ثم عنبسة الفيل ثم عبد الله بن أبي إسحاق "
ثم روى الرواية السابقة فيمن وضع النحو بعد الدؤلى فقال فيها ميمون الأقرن وهو ما يناقض كون يحيى بن يعمر الليثى فى الرواية التالية:
"وقال أيضا ويقال إن أبا الأسود لما وضع باب الفاعل والمفعول به زاد في ذلك الكتاب رجل من بني ليث أبوابا ثم نظر فإذا في كلام العرب ما لا يدخل فيه فأقصر عنه ولعل هذا الرجل يحيى بن يعمر "
وذكر من أتى بعد الثوانى فقال :
"قال أبو الفرج الأصبهاني هذا حفظته عن أبي جعفر وأنا حديث السن فكتبته من حفظي واللفظ يزيد وينقص وهذا معناه وقال أبو الفرج الأصبهاني أخبرني عيسى بن الحسين قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن المدائني قال أمر زياد أبا الأسود الدؤلي أن ينقط المصاحف فنقطها ورسم من النحو رسوما ثم جاء بعده ميمون الأقرن فزاد عليه في حدود العربية ثم زاد فيها بعده عنبسة بن معدان المهري ثم جاء عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي وأبو عمرو بن العلاء رحمهما الله فزادا فيه ثم جاء الخليل بن أحمد الأزدي فلحب الطريق ونجم علي بن حمزة الكسائي مولى بني كاهل من أسد فرسم للكوفيين رسوما والآن يعملون عليها "
ثم ذكر أن الدؤلى اعترف بأنه أخذ علم النحو من على بن أبى طالب فى الرواية التالية:
"وقال أبو الفرج أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال حدثنا التوزي والمهري قالا حدثنا كيسان بن المعرف الهجيمي أبو سليمان عن أبي سفيان بن العلاء عن جعفر بن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه قال قيل لأبي الأسود من أين لك هذا العلم يعنون النحو قال أخذت حدوده عن علي بن أبي طالب "
وذكر الرجل أن أول باب وضعه الدؤلى فى النحو التعجب فى الرواية التالية:
"قال أبو الفرج الأصبهاني أخبرني أحمد بن العباس قال حدثنا العنزي عن أبي عثمان المازني عن الأخفش عن الخليل بن أحمد عن عيسى بن عمر عن عبد الله بن أبي إسحاق عن أبي حرب بن أبي الأسود قال أول باب وضعه أبي من النحو باب التعجب "
ثم ذكر علم التصريف فنسب لمعاذ بن جبل وعندما تم التحقيق فى الموضوع تم نسبته لمعاذ بن مسلم الهراء فى الفصل التالى:
"فصل
وأما التصريف فقد ذكر شيخنا العلامة محيي الكافيجي في أول كتابه شرح القواعد
"أن أول من وضعه معاذ بن جبل ولم تطمئن النفس إلى ذلك وسألته عنه لما قرأته عليه وما مستنده في ذلك فلم يجبني بشيء ولم أقف على سند لشيخنا في ذلك ثم رأيت في ترجمة معاذ الهراء أن أبا مسلم مؤدب عبد الملك بن مروان كان نظر في النحو ثم لما أحدث الناس التصريف جلس إلى معاذ الهراء فسمعه يقول لرجل كيف تبني من تؤزهم أزا مثل يا فاعل افعل فأنكره أبو مسلم وقال ( قد كان أخذهم في النحو يعجبني ... حتى تعاطوا كلام الزنج والروم ) في أبيات أخر وأجابه معاذ الهراء بأبيات أوردتها في طبقات النحاة فوضح بهذا أن واضع التصريف معاذ بن مسلم الهراء تعالى وأنه تخرج على شيخنا معاذ بن جبل وكانت وفاة معاذ هذا سنة سبع وثمانين ببغداد "
والكتاب لا أهمية له فالنحو هو أحد أسباب نكبة الناس فى عدم فهم القرآن بسبب اختلاف النحاة فى إعراب القرآن اختلافا عظيما وهو علم جنونى تم وضعه من قبل الكفار وليس من قبل المسلمين لإحداث الخلاف مثل علم الروايات فى فهم القرآن فالقرآن نزل من عند الله له فهم واحد بينه الرسول (ص) للناس ولكن الكفار طبقوا فيما بعد ما قاله الآباء الكفار فى عهد النبى(ص) :
"والغوا فيه لعلكم تغلبون "
وقد نجحوا فيما فعلوا بدليل انقسام الناس لفرق مختلفة فى فهم القرآن والكل يتحارب بتلك الخرافات النحو والقواميس والمعاجم وعلوم اللغة الأخرى