رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب الحرية في الإسلام
المؤلف صادق الحسيني الشيرازي وقد استهله بآية عدم أفكراه فى الدين فقال :
قال الله تعالي في كتابه الكريم: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم" "
ثم حدثنا عن معنى الطاغوت فقال :
"معني الطاغوت
الطاغوت من الطغيان وهو التجاوز عن الحد؛ قال الله تعالي: "إنا لما طغي الماء حملناكم في الجارية"
ويستعمل الطغيان في الفكر أيضا، ويراد به عادة المناهج المنحرفة عن سبيل الله تعالي، ومن هنا تطلق كلمة الطاغوت علي من كان في قمة الفكر المنحرف"
والخطأ هو اطلاق الطاغوت علي من كان في قمة الفكر المنحرف فهى تطلق على أى فاعل لذنب حتى يتوب منه أو يموت عليه ولذا قال تعالى :
" كلا إن الإنسان ليطغى"
ثم حدثنا عن العورة الوثقى فقال :
"العروة الوثقي
يقول الله سبحانه وتعالي: "فمن يكفر بالطاغوت" بأي أشكال الطاغوت "ويؤمن بالله فقد اسمتسك بالعروة الوثقي" أي الشديدة الإحكام، ثم وصفها بأنها: "لا انفصام لها" أي أنها ليست ضعيفة فتنقطع بل لا انقطاع لها أبدا، لأنها عروة حقيقية وصادقة وليست بكاذبة ومزيفة فإنه لا انقطاع ولا انفصام في الحق والصدق، خلافا للكذب، فحبله كما قيل قصير سرعان ما يقطع بصاحبه
مثال: فلو أنك أردت شراء دار وسألت عنها صاحبها، فأخبرك أنها صالحة وليس فيها عيوب أو مشاكل، وكان صادقا في إخباره، فإنك سوف تبادر إلي شرائها دون أن تعترض عليه أو ينقطع تصديقك به أما إذا كان كاذبا، فإنك قد تصدقه حين الشراء، ولكن هذه الحالة ستزول عندما تكتشف أن الأمر لم يكن كذلك أي سيحدث انفصام وانقطاع في تصديقك به
أما دين الله تعالي فلا انفصام فيه فعندما يخبر الله تعالي الإنسان ويعده أنه سيسعده إذا ما اتبع سبيله، فإن المسلم الحقيقي لاشك سينعم بالسعادة ما حيي، خلافا لبقية المبادئ التي تعد الناس ولا تفي ثم يظهر كذبها عاجلا أم آجلا"
والعروة الوثقى معنى عدم انفصامها هو عدم ضياعها لأن الله محافظ على دينه كما قال :
" لا مبدل لكلماته"
وقال:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
وحدثنا عن خرية اختيار الفرد لدينه فقال :
"حرية اختيار الدين في الإسلام
من أصول الإسلام المسلمة والمؤكدة مسألة حرية اختيار الدين؛ قال تعالي: "لا إكراه في الدين" بل ليكن معلوما قبل كل شيء أن الإسلام وحده هو دين الحرية فحتي المدارس والمبادئ الأخري التي ظهرت منذ قرون وما زالت ترفع شعار الحرية لا واقع للحرية فيها سوي الاسم أما الإسلام فهو دين الحريات مبدأ وشعارا، وقولا وعملا وهذا موضوع طويل يتطلب من الباحث أن يطالع الفقه الإسلامي بتعمق من أوله إلي آخره لكي يعرف كيف أن الإسلام التزم بمبدأ "لا إكراه في الدين" في مختلف مجالات الحياة"
حرية اختيار الدين يتكلم عنها القوم كالشيرازى كلاما عاما دوما تفصيل فتلك الحرية من معانيها أن أطفال المسلمين يربون على الإسلام ولكنهم عند سن الرشد يخيرون بينه وبين غيره من الأديان وغالبا سيختارون الإسلام دينا وأما القلة النادرة منهم التى تختار الكفر فلا حاجة للمسلمين بهم لأنهم سيكونون عبء ومصدر للنفاق وهدم الدولة إن استمروا على إسلام ظاهر وكفر باطن ومن ثم فالأفضل أن يعلنوا كفرهم لأخذ الحذر منهم ولذا قال تعالى :
"إن من أولادكم وأزواجكم عدو لكم"
فهنا تخيير الأولاد بين الإسلام والكفر
وتحدث عن تطبيق الرسول(ص) للحرية فقال :
"رسول الله القدوة في تطبيق المبدأ
لقد شن أهل مكة حربا ظالمة علي رسول الله (ص)قل نظيرها في التاريخ فلقد عرف (ص)بينهم بالصدق والأمانة حتي لقبوه بالصادق الأمين، ولكنهم مع ذلك حاربوه إلا قليلا منهم عسكريا واجتماعيا واقتصاديا ونفسيا، حتي بلغ الأمر بهم أنهم كانوا لا يردون تحيته إذا حياهم
فكان الشخص منهم وهو مشرك يخشي إذا رد تحية النبي (ص)أن يراه الرائي من المشركين فلا يتبايعون معه بعد ذلك ولا يزوجونه ولا يتزوجون منه
وطردوا رسول الله (ص)ومن معه إلي أطراف مكة، وحاصروهم في شعب أبي طالب وفرضوا العزلة عليهم، فكان لا يحق لهم دخول مكة، وإذا دخلها أحدهم فدمه يهدر واستمرت الحالة هذه مدة ثلاث سنين
وبعدما هاجر النبي (ص)إلي المدينة شن عليه مشركو مكة عشرات الحروب ساندهم فيها اليهود والمنافقون ودامت الحالة عشرين سنة بمختلف أساليب الحروب حتي أذن الله له بالفتح وجاء (ص)مكة فاتحا وأصبحت مكة في قبضته وتحت سلطته
ورغم كل ما فعله المشركون من أهل مكة مع رسول الله (ص)إلا أن التاريخ لم يحدثنا أنه (ص)أجبر ولو شخصا واحدا علي الإسلام، ولو أنه (ص)أراد أن يجبر أهل مكة علي الإسلام لأسلموا كلهم تحت وطأة السيف، لكنه (ص)لم يفعل ذلك ولم يجبر أحدا علي الإسلام أما دعوي إسلام أبي سفيان فكان بتحريض وتخويف من العباس بن عبد المطلب (عم النبي) وليس من النبي (ص)نفسه، فالعباس هو الذي طلب من أبي سفيان أن يسلم حفاظا علي دمه لئلا يقتله النبي (ص)وكلام العباس ليس حجة ولا تشريعا، بل كان من عند نفسه ولو أن أبا سفيان لم يسلم لما أجبره رسول الله (ص)علي الإسلام فكثيرون من أمثال أبي سفيان كانوا موجودين في مكة ولم يقتل النبي (ص)أحدا منهم بسبب عدم إسلامه، ولا أجبر أحدا علي الإسلام، بل تركهم علي دينهم مع أنه باطل وخرافي لكيلا يسلبهم حرية الفكر والدين"
حكاية إسلام أبو سفيان نوع من حكايات التاريخ والتحريض ليس إجبارا وإنما هو نوع من بيان الفائدة والمصلحة ومن يختار فى النهاية هو الفرد وليس المحرض
وكرر الشيرازى كلامه عن سلوك النبى(ص) فى الموضوع فقال:
"هكذا روي التاريخ عن سلوك نبينا (ص) يحاربه قومه مع ما يعرفونه من صدقه وأمانته ونبله وكرم أخلاقه، بمختلف أنواع الحروب القاسية ويطردونه من موطنه ومسقط رأسه، ثم يتركهم أحرارا وما يختارون من دين وطريقة حياة؟! لقد كان رسول الله (ص)يهديهم وينصحهم ويوضح لهم طريق الرشد ويميزه عن طريق الغي ثم يترك الاختيار لهم "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ، "قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي" ، "وهديناه النجدين" ، "إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا" هذا هو أسلوب الإسلام، لا ضغط ولا إكراه فيه"
وبعد أن تحدث عن دعوة الرسول(ص) للمشركين تحدث عن تعامله مع أهل الكتاب فقال :
"وهكذا الحال في سيرة رسول الله (ص)مع اليهود والنصاري فلقد رد (ص)عشرات الحروب والاعتداءات التي شنها أهل الكتاب دون أن يجبر أحدا منهم علي الإسلام لم يسجل التاريخ ولو حالة واحدة يكون فيها رسول الله (ص)قد أجبر ذميا علي اعتناق الإسلام، والتاريخ حافل بسيرة النبي المصطفي (ص)وسجل وحفظ الدقائق عن حياته فالعلامة المجلسي وحده خصص في موسوعته (بحار الأنوار) عشرة مجلدات الواحد منها في أربعمئة صفحة أي ما مجموعه أربعة آلاف صفحة أو أكثر كلها عن رسول الله (ص)وحروبه وأخلاقه وسيرته مع المسلمين ومع المشركين وأهل الكتاب لا تجدون فيها موقفا واحدا أجبر فيه رسول الله (ص)نصرانيا أو يهوديا علي اعتناق الإسلام، بل تجدون أنه (ص)كان له صديق نصراني أو جار يهودي دون أن يجبره علي اعتناق الإسلام مع أنه كان الحاكم الأعلي في الجزيرة العربية وكان بيده السيف والمال والقوة الكافية"
بالقطع لم يجبر الرسول(ص) أحد على اعتناق الإسلام مع أنه كان يريد هداية بعضهم كما قص الله علينا فى قوله:
" إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
وتحدث عن تطبيق على بن أبى طالب لنفس المبدأ فقال :
"أمثلة من سيرة أمير المؤمنين:
ولو انتقلنا من رسول الله (ص)إلي أهل بيته لرأينا الحالة نفسها فها هو الإمام أمير المؤمنين قد كان مبتلي بأشخاص ذوي نفسيات وضيعة ترد عليه وتقطع كلامه وتجادله بالباطل بل حتي تتطاول عليه، وهو مع ذلك لا يأمر بقتلهم وسجنهم ونحو ذلك، وهو الحاكم الأعلي الذي بايعته الأمة قاطبة ناهيك عن كونه منصبا من قبل رسول الله (ص)وبأمر من العلي القدير، بل كان يجيبهم ويترك لهم حرية العقيدة ما لم يتآمروا ويلجأوا إلي استعمال القوة والسيف"
وكلام الشيرازى عن مبايعة الأمة كلها لعلى قاطبة خطأ يتعارض مع مصادر التاريخ الشيعى التى تبين رفض معاوية ومن معه لبيعته بدليل تلك الحروب بينهما مع أن تلك الحكايات طبقا للقرآن لم تحدث أبدا
وأكمل الشيرازى كلامه فقال :
"عاش في عصر الإمام شخص يسمي ابن الكوا، وكان مشاغبا وذا مشاكل ومتاعب، يرد علي أمير المؤمنين ويناقشه دائما، حتي والإمام علي المنبر، ومع ذلك تركه الإمام وشأنه يعيش في المجتمع دون أن يفرض عليه شيئا
وهناك جرثومة أخري ومنافق آخر يدعي عمرو بن حريث، من طراز معاوية وأبيه، ومهما يقال فيه من عيوب النفس ودناءة الخلق فقليل بحقه، كان ممن يحضر المسجد ويستمع إلي خطب أمير المؤمنين ثم يقطع حديثه متهكما وإذا أخبر أمير المؤمنين عن أمور غير ظاهرة أي غيبية ترك ابن حريث أعماله وجري خلف ما أخبر به أمير المؤمنين يزعم أنه يريد أن يكشف للناس كذب أبي تراب!! وظلت هذه الحسرة في نفس ابن حريث تنغص عليه حياته حتي ذهب إلي قبره هما ونكدا دون أن يفلح في كشف ولو كذبة حسب ما يزعم لأبي تراب؛ وكأنه قد غفل حاله حال المنافقين أنه لا يتردد علي لسان أبي تراب سوي الصدق والواقع عاش هذا المنافق في ظل علي وبعده، والإمام علي لم يصنع معه أي شيء، ولم يقل له يوما تخل عما أنت عليه وإلا ضربت عنقك! لأنه إمام الإسلام؛ دين حرية الفكر والعقيدة"
بالقطع هذا الكلام عن عمرو بن حريث والغيبيات يتناقض مع أنه لا يوجد مخلوق يعلم الغيب كما قال تعالى :
" وما كان الله ليطلعكم على الغيب"
ومن ثم فعلى لم يكن يعرف الغيب لأن الوحى انقطع بعد وفاة النبى(ص)
وتحدث عن عدم الإكراه فقال :
"إن من عرف الحق ولم يترك الباطل فإن مصيره يوم القيامة إلي جهنم وبئس المصير أما في الدنيا ف "لا إكراه في الدين" ليتم الامتحان ويعرف الطالح من الصالح، ويميز الخبيث من الطيب فإن ابن حريث هذا امتد به العمر حتي كان من الشهود ضد ميثم التمار حينما أراد الطغاة الطغام من بني أمية قتله، فقال في حقه ليدلي بشهادته ضده لكونه من أصحاب علي الحق ومواليه: «هذا الكذاب مولي الكذاب» يعني الإمام علي بن أبي طالب مولي الصادقين وإمام المتقين
أرأيت نفسية هذا المنافق؟! إن رجلا مثل هذا عاش مع أمير المؤمنين ثلاثين سنة وكان رئيسا وحاكما بيده القوة، ومع ذلك لم ينل منه!
فهل يوجد في تاريخ العالم رئيس كعلي؟! وهل رأيتم سماحة كسماحة الإسلام؟ وهل رأيتم حرية كقوله تعالي: "لا إكراه في الدين"؟!"
بالقطع هذا الكلام هو كلام طائفى ولا يحق لفرد أن يقول فلان أحسن من فلان لقوله تعالى :
"هو أعلم بمن اتقى"
ومن ثم لم يقل الله أن على أفضل من غيره أو حتى محمد(ص) نفسه أفضل من بقية الرسل(ص) وإنما عقيدة المسلم أن يقول كما قص القرآن:
" لا نفرق بين أحد من رسله"
وحكى الرجل حكاية أخرى فقال :
"عن ابن عباس قال:
مر أمير المؤمنين بالحسن البصري وهو يتوضأ فقال: يا حسن أسبغ الوضوء فقال: يا أمير المؤمنين لقد قتلت بالأمس أناسا يشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، يصلون الخمس ويسبغون الوضوء
فقال له أمير المؤمنين: «قد كان ما رأيت فما منعك أن تعين علينا عدونا؟» فقال: والله لأصدقنك يا أمير المؤمنين، لقد خرجت في أول يوم فاغتسلت وتحنطت وصببت علي سلاحي، وأنا لا أشك في أن التخلف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر، فلما انتهيت إلي موضع من الخريبة ناداني مناد: يا حسن إلي أين؟ ارجع فإن القاتل والمقتول في النار! فرجعت ذعرا وجلست في بيتي فلما كان في اليوم الثاني لم أشك أن التخلف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر، فتحنطت وصببت علي سلاحي وخرجت إلي القتال حتي انتهيت إلي موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفي: يا حسن إلي أين؟ مرة بعد أخري، فإن القاتل والمقتول في النار!
قال علي: «صدقك أفتدري من ذلك المنادي؟» قال: لا
قال: «ذلك أخوك إبليس، وصدقك إن القاتل والمقتول منهم في النار»
فقال الحسن البصري: الآن عرفت يا أمير المؤمنين أن القوم هلكي»
حقا هل يجرؤ أحد من الرعية أن يكلم رئيسا بهذا الكلام والإمام مع ذلك يلاطفه ويحاوره حتي في عصرنا هذا؛ حيث يمضي علي صدر الإسلام أربعة عشر قرنا، وتطور العالم حتي صار يسمي عصرنا بعصر الحريات؟!"
هذه الحكاية بالقطع لم تحدث لأن الأحداث التى ترويها من قتال عائشة لعلى تتعارض مع القرآن وتتعارض مع قوله تعالى :
" وقرن فى بيوتكن"
فعائشة لم تخرج من بيتها لقتال على أو غيره وإنما هو الكذب على الله والناس ولأن المسلمين لا يمكن أن يقاتلوا بعضهم البعض ويهدموا دولتهم بأيديهم ولم يمر على وفاة النبى(ص) عقدين أو أقل أو أكثر وإنما تتفتت الدولة وتهدم فى العهد الخلف وهم على أقل تقدير قرن من بداية الدولة وأما أن تتفتت بعد ثلاثين سنة أو أقل فهذا يتعارض مع قوله تعالى :
" فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات"
وتحدث عما حدث فى عهد السوفييت من الاكراه على الشيوعية وكذلك غيرهم فقال :
"لقد قتل وشرد «لينين» رئيس جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وأمين سر الحزب الشيوعي السوفيتي وحده في عصر الحرية والتقدم خمسة ملايين إنسان من أجل تطبيق مادة قانونية واحدة من قانون المزارع الجماعية في الاتحاد السوفياتي السابق!!
وفي العراق الذي حكمه أمير المؤمنين بحرية بلا نظير كان أحد الرؤساء يوما ما يخطب فانبري أحد المواطنين ليرد عليه ويناقشه، فقام الجلاوزة باعتقاله وسجنه وتعذيبه وقتله، لأنه قال كلمة ينتقد فيها رئيسا في القرن العشرين!!
وحدثت قصة شبيهة لهذه القصة في بلد آخر كما طالعتنا الصحف حينها – وحل به المصير نفسه!! كل ذلك ونحن في ما يسمي بعصر الحريات فهل هذه هي الحرية حقا أم الحرية الموجودة في ظل الإسلام؟!"
وأعاد الشيرازى الكلام عن بيعة على وهو موضوع خارج عن موضوع الكتاب فقال :
"لقد أقصي الإمام أمير المؤمنين خمسا وعشرين سنة ثم توجهت إليه الأمة وتزاحمت علي بابه للبيعة حتي لقد وطئ الحسنان ومع ذلك ذكر المؤرخون سنة وشيعة أن الإمام بعدما بويع، ارتقي المنبر في مسجد رسول الله (ص)وكان المسجد مكتظا بالناس الذين حضروا لاستماع أول خطبة لابن عم رسول الله ووصيه وخليفته الحقيقي الذي أبعد عن قيادة المسلمين خمسا وعشرين سنة، بعد أن آل إليه الحكم الظاهري، ثم أمر جماعة من أصحابه علي رأسهم ابنه الإمام الحسن أن يذهبوا إلي الكوفة وينظروا هل فيها من لا يرضي بخلافته فقال الناس بأجمعهم: رضينا بأمير المؤمنين ونطيع أمره ولا نتخلف عن دعوته، والله لو لم يستنصرنا لنصرناه، سمعا وطاعة بل حتي طلحة والزبير لم يتخلفا عن بيعة أمير المؤمنين عندما انعقدت له، ولكنهما نكثا بعد ذلك، ولم يعترض أي أحد في هذا الأمر ولو حصل لما عاقبه الإمام بالقتل أو السجن أو الضرب ولا قال له شيئا من شأنه أن يهينه أو ينال منه، فهل رأيتم أو سمعتم مثل هذا في عصر الديمقراطية الحديثة؟! والتي تعني من جملة ما تعنيه حكم الأكثرية، فلو حصل شخص ما علي واحد وخمسين في المئة من الأصوات فهذا يخوله لأن يصبح رئيسا للبلاد وهذا يعد من أكبر أخطاء الديمقراطية، وبحثه موكول إلي محله أما الإمام علي فقد بايعته الأكثرية المطلقة من الناس ومع ذلك يصعد المنبر ليبحث إن كان هناك معارض له أم لا، وليبحث عن سبب معارضته له! فهل تجدون لهذا نظيرا في التاريخ؟!"
وقول الشيرازى فى الفقرة السابقة " أما الإمام علي فقد بايعته الأكثرية المطلقة من الناس" يناقض قوله فى فقرة سابقة على مبايعة الناس قاطبة له
وحول الشيرازى الكتاب من الحرية إلى حديث للمقارنة بين قادة الشيعة وقادة السنة فزعم قتل صلاح الدين ألأيوبى لمليون إنسان بسبب اختلافه معهم فى الرأى فقال :
"لقد كتب محبو «صلاح الدين الأيوبي» أنه قتل قرابة مليون إنسان في عصر كان سلاحه السيف ليس لشيء إلا لأنهم يختلفون معه في الرأي"
وتحدث عن سيرة النبى(ص) مكررا ما سبق أن قاله فقال :
"فأين هذا من سيرة النبي (ص)الذي حاربه قومه عشرين سنة وأخرجوه من داره، ولكنه عندما عاد إليهم ظافرا بنصر الله وعزته وقدرته لم يجبر أحدا منهم علي اتباع دينه، بل قال: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقي سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ولم يقل من أسلم وشهد الشهادتين فهو آمن، مع أن مهمته (ص)هي تبليغ الشهادتين؛ لأن حرية الرأي في نظام الله وقانون الإسلام لا تقل تقديسا من الشهادتين فالإسلام يسعي لجعل الناس أحرارا قال تعالي: "يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم" "
وكل هذا الكلام كان من المفروض أن يمتنع عن قوله ويتكلم فى مسألة الحرية من جوانبها المختلفة ولكنه تحدث عن شىء واحد وهو عدم الإكراه فى الدين فقط مع أن المسألة متشعبة فلابد أن يتحدث عن أن حرية من يعتنق الإسلام تنتهى باعتناقه واختياره الإسلام وعن حرية المملوك والفرق بين الحر والعبد وتحرير الرقاب
وتحدث عن حدود الحرية فقال :
"أنت حر ما لم تضر
يقول الإسلام: اعمل ما تشاء، فلك حرية العمل شريطة أن لا تضر غيرك؛ فإنه «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» والإسلام يضرب بشدة علي يد الظالم ومن يريد إلحاق الضرر بالآخرين، وبعد ذلك فأنت حر في كل أمورك، في ذهابك ومجيئك وسفرك وعلاقاتك، فلا ضغط ولا جبر ولا إكراه ولا كبت للحرية في الإسلام، ولكن ثمة توجيهات وإرشادات تبين لك السلوك الأحسن، تقول: هذا صحيح وهذا مستحب وهذا مفضل وهذا مكروه"
وحكاية أنت حر ما لم تضر خرافة من الخرافات فالإسلام يقرر وجوب احداث أضرار فى أحوال معينة مثل :
-رد العدوان كما قال تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
- إضرار الثابت فى حقهم ارتكاب جرائك كالسرقة والقتل
- إضرار من يخالفون مخالفات فى إطار التربية كالزوجة والأولاد والبنات بالضرب
وقارن الرجل بين التاريخ الإسلامى وتاريخ الغير فقال :
"فلنقرأ عن الإسلام، ولنقرأ عن غيره أيضا ثم نقارن بينهما ففي القرون الوسطي كان العالم في الغرب يقتل لمجرد إبداء رأيه في قضية ما وإن كانت علمية محضة لا علاقة لها بالدين وتشريعاته!
فقتلوا القائل بكروية الأرض، وكذلك الرجل الذي ترجم الكتاب المسمي عندهم بالمقدس؛ فقد كان هذا الكتاب حكرا علي رجال الكنيسة فقط ولا يعرف لغته غيرهم
هكذا كانت حالة أوربا في القرون الوسطي أي بعد مرور أربعمئة سنة علي الإسلام فهل يصح مقارنتها مع عهد الإمام أمير المؤمنين كلا بالطبع؛ إذ كيف يصح مقارنة الصفر بالكثير بل لابد أن يكون مقابل الكثير عدد لتصح المقارنة"
وعاد مرة أخرى للمقارنة الطائفية وكما سبق القول لم تحدث كل الحكايات المكتوبة فى كتب التاريخ فقال :
" ومن هنا قيل: من فضل عليا علي معاوية فقد كفر، لأن معاوية لا فضل عنده ليكون علي أفضل منه بل لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة ولا من غيرها أحد ، فلقد كانوا صلوات الله عليهم أجمعين يمثلون القرآن"
وتحدث عن عدم العبودية للغير والعبودية للنفس وكلاهما محرم فقال
"التزم بتوجيهات الإسلام ولا تكن عبد غيرك
هناك تهمة وجهها بعض المستشرقين إلي الإسلام ويرددها بعض الشباب الذين لا يعرفون الإسلام حق معرفته فهم يقولون: إن الإسلام كله محرمات وقيود ونواه ونحن نقول لهم: بالعكس تماما فإن الحرية الموجودة في الإسلام لا يوجد لها نظير في أي مكان!
خذوا أكثر بلدان العالم ادعاء للحرية كفرنسا والولايات المتحدة مثلا، تري القيود الكثيرة للسفر منها وإليها، وفي جوانب كثيرة أخري فهذه القيود موجودة في كل دول العالم وإن كانت في بلداننا أشد أما الإسلام فلا يوجد فيه مثل هذا، فلا يقول لك الإسلام: أين تسكن؟ وأين تذهب؟ وكيف تذهب؟ ومتي تذهب؟ بل يقول لك: إن الله خلقك وهو الذي أعطاك الفكر والعقل فلا تكن عبد غيرك، ولا يجب أن تخبر الدولة عن خروجك ودخولك، وإقامتك ورحيلك، وما تستورد وما تصدر غير المحرمات لكن الإسلام يضع لك التوجيهات ويقول لك إن التزمت بها تفلح وإلا تخسر!
الإسلام يهدي ويرسم الطريق، وبعده لا إكراه في الدين، وكل أنواع الإكراه مرفوضة فيه والحريات الموجودة في الإسلام لا نظير لها في التاريخ وكانت تلك نماذج وهناك آلاف النماذج في سيرة النبي وأهل بيته
فمن يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها ومن يتمسك بالطاغوت ويذهب وراء المبادئ الهدامة والطواغيت البشرية والفكرية فإنما يتمسك بعروة منفصمة، حيث سيكتشف بعد مرور عدة أيام أو أعوام أنه كان مخطئا
إذن الحرية التي يمنحها الإسلام في مختلف المجالات ليس لها نظير ولا شيء يقرب منها في تاريخ العالم حتي في هذا اليوم المسمي بعصر الحريات"
والمقارنة بين الإسلام وتشريعات الكفر فى الحرية تقارن بين تشريع عادل وتشريع بشرى ظالم وهذا التشريع العادل من عند الخالق العالم بكل شىء
المؤلف صادق الحسيني الشيرازي وقد استهله بآية عدم أفكراه فى الدين فقال :
قال الله تعالي في كتابه الكريم: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم" "
ثم حدثنا عن معنى الطاغوت فقال :
"معني الطاغوت
الطاغوت من الطغيان وهو التجاوز عن الحد؛ قال الله تعالي: "إنا لما طغي الماء حملناكم في الجارية"
ويستعمل الطغيان في الفكر أيضا، ويراد به عادة المناهج المنحرفة عن سبيل الله تعالي، ومن هنا تطلق كلمة الطاغوت علي من كان في قمة الفكر المنحرف"
والخطأ هو اطلاق الطاغوت علي من كان في قمة الفكر المنحرف فهى تطلق على أى فاعل لذنب حتى يتوب منه أو يموت عليه ولذا قال تعالى :
" كلا إن الإنسان ليطغى"
ثم حدثنا عن العورة الوثقى فقال :
"العروة الوثقي
يقول الله سبحانه وتعالي: "فمن يكفر بالطاغوت" بأي أشكال الطاغوت "ويؤمن بالله فقد اسمتسك بالعروة الوثقي" أي الشديدة الإحكام، ثم وصفها بأنها: "لا انفصام لها" أي أنها ليست ضعيفة فتنقطع بل لا انقطاع لها أبدا، لأنها عروة حقيقية وصادقة وليست بكاذبة ومزيفة فإنه لا انقطاع ولا انفصام في الحق والصدق، خلافا للكذب، فحبله كما قيل قصير سرعان ما يقطع بصاحبه
مثال: فلو أنك أردت شراء دار وسألت عنها صاحبها، فأخبرك أنها صالحة وليس فيها عيوب أو مشاكل، وكان صادقا في إخباره، فإنك سوف تبادر إلي شرائها دون أن تعترض عليه أو ينقطع تصديقك به أما إذا كان كاذبا، فإنك قد تصدقه حين الشراء، ولكن هذه الحالة ستزول عندما تكتشف أن الأمر لم يكن كذلك أي سيحدث انفصام وانقطاع في تصديقك به
أما دين الله تعالي فلا انفصام فيه فعندما يخبر الله تعالي الإنسان ويعده أنه سيسعده إذا ما اتبع سبيله، فإن المسلم الحقيقي لاشك سينعم بالسعادة ما حيي، خلافا لبقية المبادئ التي تعد الناس ولا تفي ثم يظهر كذبها عاجلا أم آجلا"
والعروة الوثقى معنى عدم انفصامها هو عدم ضياعها لأن الله محافظ على دينه كما قال :
" لا مبدل لكلماته"
وقال:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
وحدثنا عن خرية اختيار الفرد لدينه فقال :
"حرية اختيار الدين في الإسلام
من أصول الإسلام المسلمة والمؤكدة مسألة حرية اختيار الدين؛ قال تعالي: "لا إكراه في الدين" بل ليكن معلوما قبل كل شيء أن الإسلام وحده هو دين الحرية فحتي المدارس والمبادئ الأخري التي ظهرت منذ قرون وما زالت ترفع شعار الحرية لا واقع للحرية فيها سوي الاسم أما الإسلام فهو دين الحريات مبدأ وشعارا، وقولا وعملا وهذا موضوع طويل يتطلب من الباحث أن يطالع الفقه الإسلامي بتعمق من أوله إلي آخره لكي يعرف كيف أن الإسلام التزم بمبدأ "لا إكراه في الدين" في مختلف مجالات الحياة"
حرية اختيار الدين يتكلم عنها القوم كالشيرازى كلاما عاما دوما تفصيل فتلك الحرية من معانيها أن أطفال المسلمين يربون على الإسلام ولكنهم عند سن الرشد يخيرون بينه وبين غيره من الأديان وغالبا سيختارون الإسلام دينا وأما القلة النادرة منهم التى تختار الكفر فلا حاجة للمسلمين بهم لأنهم سيكونون عبء ومصدر للنفاق وهدم الدولة إن استمروا على إسلام ظاهر وكفر باطن ومن ثم فالأفضل أن يعلنوا كفرهم لأخذ الحذر منهم ولذا قال تعالى :
"إن من أولادكم وأزواجكم عدو لكم"
فهنا تخيير الأولاد بين الإسلام والكفر
وتحدث عن تطبيق الرسول(ص) للحرية فقال :
"رسول الله القدوة في تطبيق المبدأ
لقد شن أهل مكة حربا ظالمة علي رسول الله (ص)قل نظيرها في التاريخ فلقد عرف (ص)بينهم بالصدق والأمانة حتي لقبوه بالصادق الأمين، ولكنهم مع ذلك حاربوه إلا قليلا منهم عسكريا واجتماعيا واقتصاديا ونفسيا، حتي بلغ الأمر بهم أنهم كانوا لا يردون تحيته إذا حياهم
فكان الشخص منهم وهو مشرك يخشي إذا رد تحية النبي (ص)أن يراه الرائي من المشركين فلا يتبايعون معه بعد ذلك ولا يزوجونه ولا يتزوجون منه
وطردوا رسول الله (ص)ومن معه إلي أطراف مكة، وحاصروهم في شعب أبي طالب وفرضوا العزلة عليهم، فكان لا يحق لهم دخول مكة، وإذا دخلها أحدهم فدمه يهدر واستمرت الحالة هذه مدة ثلاث سنين
وبعدما هاجر النبي (ص)إلي المدينة شن عليه مشركو مكة عشرات الحروب ساندهم فيها اليهود والمنافقون ودامت الحالة عشرين سنة بمختلف أساليب الحروب حتي أذن الله له بالفتح وجاء (ص)مكة فاتحا وأصبحت مكة في قبضته وتحت سلطته
ورغم كل ما فعله المشركون من أهل مكة مع رسول الله (ص)إلا أن التاريخ لم يحدثنا أنه (ص)أجبر ولو شخصا واحدا علي الإسلام، ولو أنه (ص)أراد أن يجبر أهل مكة علي الإسلام لأسلموا كلهم تحت وطأة السيف، لكنه (ص)لم يفعل ذلك ولم يجبر أحدا علي الإسلام أما دعوي إسلام أبي سفيان فكان بتحريض وتخويف من العباس بن عبد المطلب (عم النبي) وليس من النبي (ص)نفسه، فالعباس هو الذي طلب من أبي سفيان أن يسلم حفاظا علي دمه لئلا يقتله النبي (ص)وكلام العباس ليس حجة ولا تشريعا، بل كان من عند نفسه ولو أن أبا سفيان لم يسلم لما أجبره رسول الله (ص)علي الإسلام فكثيرون من أمثال أبي سفيان كانوا موجودين في مكة ولم يقتل النبي (ص)أحدا منهم بسبب عدم إسلامه، ولا أجبر أحدا علي الإسلام، بل تركهم علي دينهم مع أنه باطل وخرافي لكيلا يسلبهم حرية الفكر والدين"
حكاية إسلام أبو سفيان نوع من حكايات التاريخ والتحريض ليس إجبارا وإنما هو نوع من بيان الفائدة والمصلحة ومن يختار فى النهاية هو الفرد وليس المحرض
وكرر الشيرازى كلامه عن سلوك النبى(ص) فى الموضوع فقال:
"هكذا روي التاريخ عن سلوك نبينا (ص) يحاربه قومه مع ما يعرفونه من صدقه وأمانته ونبله وكرم أخلاقه، بمختلف أنواع الحروب القاسية ويطردونه من موطنه ومسقط رأسه، ثم يتركهم أحرارا وما يختارون من دين وطريقة حياة؟! لقد كان رسول الله (ص)يهديهم وينصحهم ويوضح لهم طريق الرشد ويميزه عن طريق الغي ثم يترك الاختيار لهم "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ، "قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي" ، "وهديناه النجدين" ، "إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا" هذا هو أسلوب الإسلام، لا ضغط ولا إكراه فيه"
وبعد أن تحدث عن دعوة الرسول(ص) للمشركين تحدث عن تعامله مع أهل الكتاب فقال :
"وهكذا الحال في سيرة رسول الله (ص)مع اليهود والنصاري فلقد رد (ص)عشرات الحروب والاعتداءات التي شنها أهل الكتاب دون أن يجبر أحدا منهم علي الإسلام لم يسجل التاريخ ولو حالة واحدة يكون فيها رسول الله (ص)قد أجبر ذميا علي اعتناق الإسلام، والتاريخ حافل بسيرة النبي المصطفي (ص)وسجل وحفظ الدقائق عن حياته فالعلامة المجلسي وحده خصص في موسوعته (بحار الأنوار) عشرة مجلدات الواحد منها في أربعمئة صفحة أي ما مجموعه أربعة آلاف صفحة أو أكثر كلها عن رسول الله (ص)وحروبه وأخلاقه وسيرته مع المسلمين ومع المشركين وأهل الكتاب لا تجدون فيها موقفا واحدا أجبر فيه رسول الله (ص)نصرانيا أو يهوديا علي اعتناق الإسلام، بل تجدون أنه (ص)كان له صديق نصراني أو جار يهودي دون أن يجبره علي اعتناق الإسلام مع أنه كان الحاكم الأعلي في الجزيرة العربية وكان بيده السيف والمال والقوة الكافية"
بالقطع لم يجبر الرسول(ص) أحد على اعتناق الإسلام مع أنه كان يريد هداية بعضهم كما قص الله علينا فى قوله:
" إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
وتحدث عن تطبيق على بن أبى طالب لنفس المبدأ فقال :
"أمثلة من سيرة أمير المؤمنين:
ولو انتقلنا من رسول الله (ص)إلي أهل بيته لرأينا الحالة نفسها فها هو الإمام أمير المؤمنين قد كان مبتلي بأشخاص ذوي نفسيات وضيعة ترد عليه وتقطع كلامه وتجادله بالباطل بل حتي تتطاول عليه، وهو مع ذلك لا يأمر بقتلهم وسجنهم ونحو ذلك، وهو الحاكم الأعلي الذي بايعته الأمة قاطبة ناهيك عن كونه منصبا من قبل رسول الله (ص)وبأمر من العلي القدير، بل كان يجيبهم ويترك لهم حرية العقيدة ما لم يتآمروا ويلجأوا إلي استعمال القوة والسيف"
وكلام الشيرازى عن مبايعة الأمة كلها لعلى قاطبة خطأ يتعارض مع مصادر التاريخ الشيعى التى تبين رفض معاوية ومن معه لبيعته بدليل تلك الحروب بينهما مع أن تلك الحكايات طبقا للقرآن لم تحدث أبدا
وأكمل الشيرازى كلامه فقال :
"عاش في عصر الإمام شخص يسمي ابن الكوا، وكان مشاغبا وذا مشاكل ومتاعب، يرد علي أمير المؤمنين ويناقشه دائما، حتي والإمام علي المنبر، ومع ذلك تركه الإمام وشأنه يعيش في المجتمع دون أن يفرض عليه شيئا
وهناك جرثومة أخري ومنافق آخر يدعي عمرو بن حريث، من طراز معاوية وأبيه، ومهما يقال فيه من عيوب النفس ودناءة الخلق فقليل بحقه، كان ممن يحضر المسجد ويستمع إلي خطب أمير المؤمنين ثم يقطع حديثه متهكما وإذا أخبر أمير المؤمنين عن أمور غير ظاهرة أي غيبية ترك ابن حريث أعماله وجري خلف ما أخبر به أمير المؤمنين يزعم أنه يريد أن يكشف للناس كذب أبي تراب!! وظلت هذه الحسرة في نفس ابن حريث تنغص عليه حياته حتي ذهب إلي قبره هما ونكدا دون أن يفلح في كشف ولو كذبة حسب ما يزعم لأبي تراب؛ وكأنه قد غفل حاله حال المنافقين أنه لا يتردد علي لسان أبي تراب سوي الصدق والواقع عاش هذا المنافق في ظل علي وبعده، والإمام علي لم يصنع معه أي شيء، ولم يقل له يوما تخل عما أنت عليه وإلا ضربت عنقك! لأنه إمام الإسلام؛ دين حرية الفكر والعقيدة"
بالقطع هذا الكلام عن عمرو بن حريث والغيبيات يتناقض مع أنه لا يوجد مخلوق يعلم الغيب كما قال تعالى :
" وما كان الله ليطلعكم على الغيب"
ومن ثم فعلى لم يكن يعرف الغيب لأن الوحى انقطع بعد وفاة النبى(ص)
وتحدث عن عدم الإكراه فقال :
"إن من عرف الحق ولم يترك الباطل فإن مصيره يوم القيامة إلي جهنم وبئس المصير أما في الدنيا ف "لا إكراه في الدين" ليتم الامتحان ويعرف الطالح من الصالح، ويميز الخبيث من الطيب فإن ابن حريث هذا امتد به العمر حتي كان من الشهود ضد ميثم التمار حينما أراد الطغاة الطغام من بني أمية قتله، فقال في حقه ليدلي بشهادته ضده لكونه من أصحاب علي الحق ومواليه: «هذا الكذاب مولي الكذاب» يعني الإمام علي بن أبي طالب مولي الصادقين وإمام المتقين
أرأيت نفسية هذا المنافق؟! إن رجلا مثل هذا عاش مع أمير المؤمنين ثلاثين سنة وكان رئيسا وحاكما بيده القوة، ومع ذلك لم ينل منه!
فهل يوجد في تاريخ العالم رئيس كعلي؟! وهل رأيتم سماحة كسماحة الإسلام؟ وهل رأيتم حرية كقوله تعالي: "لا إكراه في الدين"؟!"
بالقطع هذا الكلام هو كلام طائفى ولا يحق لفرد أن يقول فلان أحسن من فلان لقوله تعالى :
"هو أعلم بمن اتقى"
ومن ثم لم يقل الله أن على أفضل من غيره أو حتى محمد(ص) نفسه أفضل من بقية الرسل(ص) وإنما عقيدة المسلم أن يقول كما قص القرآن:
" لا نفرق بين أحد من رسله"
وحكى الرجل حكاية أخرى فقال :
"عن ابن عباس قال:
مر أمير المؤمنين بالحسن البصري وهو يتوضأ فقال: يا حسن أسبغ الوضوء فقال: يا أمير المؤمنين لقد قتلت بالأمس أناسا يشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، يصلون الخمس ويسبغون الوضوء
فقال له أمير المؤمنين: «قد كان ما رأيت فما منعك أن تعين علينا عدونا؟» فقال: والله لأصدقنك يا أمير المؤمنين، لقد خرجت في أول يوم فاغتسلت وتحنطت وصببت علي سلاحي، وأنا لا أشك في أن التخلف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر، فلما انتهيت إلي موضع من الخريبة ناداني مناد: يا حسن إلي أين؟ ارجع فإن القاتل والمقتول في النار! فرجعت ذعرا وجلست في بيتي فلما كان في اليوم الثاني لم أشك أن التخلف عن أم المؤمنين عائشة هو الكفر، فتحنطت وصببت علي سلاحي وخرجت إلي القتال حتي انتهيت إلي موضع من الخريبة فناداني مناد من خلفي: يا حسن إلي أين؟ مرة بعد أخري، فإن القاتل والمقتول في النار!
قال علي: «صدقك أفتدري من ذلك المنادي؟» قال: لا
قال: «ذلك أخوك إبليس، وصدقك إن القاتل والمقتول منهم في النار»
فقال الحسن البصري: الآن عرفت يا أمير المؤمنين أن القوم هلكي»
حقا هل يجرؤ أحد من الرعية أن يكلم رئيسا بهذا الكلام والإمام مع ذلك يلاطفه ويحاوره حتي في عصرنا هذا؛ حيث يمضي علي صدر الإسلام أربعة عشر قرنا، وتطور العالم حتي صار يسمي عصرنا بعصر الحريات؟!"
هذه الحكاية بالقطع لم تحدث لأن الأحداث التى ترويها من قتال عائشة لعلى تتعارض مع القرآن وتتعارض مع قوله تعالى :
" وقرن فى بيوتكن"
فعائشة لم تخرج من بيتها لقتال على أو غيره وإنما هو الكذب على الله والناس ولأن المسلمين لا يمكن أن يقاتلوا بعضهم البعض ويهدموا دولتهم بأيديهم ولم يمر على وفاة النبى(ص) عقدين أو أقل أو أكثر وإنما تتفتت الدولة وتهدم فى العهد الخلف وهم على أقل تقدير قرن من بداية الدولة وأما أن تتفتت بعد ثلاثين سنة أو أقل فهذا يتعارض مع قوله تعالى :
" فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات"
وتحدث عما حدث فى عهد السوفييت من الاكراه على الشيوعية وكذلك غيرهم فقال :
"لقد قتل وشرد «لينين» رئيس جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وأمين سر الحزب الشيوعي السوفيتي وحده في عصر الحرية والتقدم خمسة ملايين إنسان من أجل تطبيق مادة قانونية واحدة من قانون المزارع الجماعية في الاتحاد السوفياتي السابق!!
وفي العراق الذي حكمه أمير المؤمنين بحرية بلا نظير كان أحد الرؤساء يوما ما يخطب فانبري أحد المواطنين ليرد عليه ويناقشه، فقام الجلاوزة باعتقاله وسجنه وتعذيبه وقتله، لأنه قال كلمة ينتقد فيها رئيسا في القرن العشرين!!
وحدثت قصة شبيهة لهذه القصة في بلد آخر كما طالعتنا الصحف حينها – وحل به المصير نفسه!! كل ذلك ونحن في ما يسمي بعصر الحريات فهل هذه هي الحرية حقا أم الحرية الموجودة في ظل الإسلام؟!"
وأعاد الشيرازى الكلام عن بيعة على وهو موضوع خارج عن موضوع الكتاب فقال :
"لقد أقصي الإمام أمير المؤمنين خمسا وعشرين سنة ثم توجهت إليه الأمة وتزاحمت علي بابه للبيعة حتي لقد وطئ الحسنان ومع ذلك ذكر المؤرخون سنة وشيعة أن الإمام بعدما بويع، ارتقي المنبر في مسجد رسول الله (ص)وكان المسجد مكتظا بالناس الذين حضروا لاستماع أول خطبة لابن عم رسول الله ووصيه وخليفته الحقيقي الذي أبعد عن قيادة المسلمين خمسا وعشرين سنة، بعد أن آل إليه الحكم الظاهري، ثم أمر جماعة من أصحابه علي رأسهم ابنه الإمام الحسن أن يذهبوا إلي الكوفة وينظروا هل فيها من لا يرضي بخلافته فقال الناس بأجمعهم: رضينا بأمير المؤمنين ونطيع أمره ولا نتخلف عن دعوته، والله لو لم يستنصرنا لنصرناه، سمعا وطاعة بل حتي طلحة والزبير لم يتخلفا عن بيعة أمير المؤمنين عندما انعقدت له، ولكنهما نكثا بعد ذلك، ولم يعترض أي أحد في هذا الأمر ولو حصل لما عاقبه الإمام بالقتل أو السجن أو الضرب ولا قال له شيئا من شأنه أن يهينه أو ينال منه، فهل رأيتم أو سمعتم مثل هذا في عصر الديمقراطية الحديثة؟! والتي تعني من جملة ما تعنيه حكم الأكثرية، فلو حصل شخص ما علي واحد وخمسين في المئة من الأصوات فهذا يخوله لأن يصبح رئيسا للبلاد وهذا يعد من أكبر أخطاء الديمقراطية، وبحثه موكول إلي محله أما الإمام علي فقد بايعته الأكثرية المطلقة من الناس ومع ذلك يصعد المنبر ليبحث إن كان هناك معارض له أم لا، وليبحث عن سبب معارضته له! فهل تجدون لهذا نظيرا في التاريخ؟!"
وقول الشيرازى فى الفقرة السابقة " أما الإمام علي فقد بايعته الأكثرية المطلقة من الناس" يناقض قوله فى فقرة سابقة على مبايعة الناس قاطبة له
وحول الشيرازى الكتاب من الحرية إلى حديث للمقارنة بين قادة الشيعة وقادة السنة فزعم قتل صلاح الدين ألأيوبى لمليون إنسان بسبب اختلافه معهم فى الرأى فقال :
"لقد كتب محبو «صلاح الدين الأيوبي» أنه قتل قرابة مليون إنسان في عصر كان سلاحه السيف ليس لشيء إلا لأنهم يختلفون معه في الرأي"
وتحدث عن سيرة النبى(ص) مكررا ما سبق أن قاله فقال :
"فأين هذا من سيرة النبي (ص)الذي حاربه قومه عشرين سنة وأخرجوه من داره، ولكنه عندما عاد إليهم ظافرا بنصر الله وعزته وقدرته لم يجبر أحدا منهم علي اتباع دينه، بل قال: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقي سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ولم يقل من أسلم وشهد الشهادتين فهو آمن، مع أن مهمته (ص)هي تبليغ الشهادتين؛ لأن حرية الرأي في نظام الله وقانون الإسلام لا تقل تقديسا من الشهادتين فالإسلام يسعي لجعل الناس أحرارا قال تعالي: "يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم" "
وكل هذا الكلام كان من المفروض أن يمتنع عن قوله ويتكلم فى مسألة الحرية من جوانبها المختلفة ولكنه تحدث عن شىء واحد وهو عدم الإكراه فى الدين فقط مع أن المسألة متشعبة فلابد أن يتحدث عن أن حرية من يعتنق الإسلام تنتهى باعتناقه واختياره الإسلام وعن حرية المملوك والفرق بين الحر والعبد وتحرير الرقاب
وتحدث عن حدود الحرية فقال :
"أنت حر ما لم تضر
يقول الإسلام: اعمل ما تشاء، فلك حرية العمل شريطة أن لا تضر غيرك؛ فإنه «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» والإسلام يضرب بشدة علي يد الظالم ومن يريد إلحاق الضرر بالآخرين، وبعد ذلك فأنت حر في كل أمورك، في ذهابك ومجيئك وسفرك وعلاقاتك، فلا ضغط ولا جبر ولا إكراه ولا كبت للحرية في الإسلام، ولكن ثمة توجيهات وإرشادات تبين لك السلوك الأحسن، تقول: هذا صحيح وهذا مستحب وهذا مفضل وهذا مكروه"
وحكاية أنت حر ما لم تضر خرافة من الخرافات فالإسلام يقرر وجوب احداث أضرار فى أحوال معينة مثل :
-رد العدوان كما قال تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
- إضرار الثابت فى حقهم ارتكاب جرائك كالسرقة والقتل
- إضرار من يخالفون مخالفات فى إطار التربية كالزوجة والأولاد والبنات بالضرب
وقارن الرجل بين التاريخ الإسلامى وتاريخ الغير فقال :
"فلنقرأ عن الإسلام، ولنقرأ عن غيره أيضا ثم نقارن بينهما ففي القرون الوسطي كان العالم في الغرب يقتل لمجرد إبداء رأيه في قضية ما وإن كانت علمية محضة لا علاقة لها بالدين وتشريعاته!
فقتلوا القائل بكروية الأرض، وكذلك الرجل الذي ترجم الكتاب المسمي عندهم بالمقدس؛ فقد كان هذا الكتاب حكرا علي رجال الكنيسة فقط ولا يعرف لغته غيرهم
هكذا كانت حالة أوربا في القرون الوسطي أي بعد مرور أربعمئة سنة علي الإسلام فهل يصح مقارنتها مع عهد الإمام أمير المؤمنين كلا بالطبع؛ إذ كيف يصح مقارنة الصفر بالكثير بل لابد أن يكون مقابل الكثير عدد لتصح المقارنة"
وعاد مرة أخرى للمقارنة الطائفية وكما سبق القول لم تحدث كل الحكايات المكتوبة فى كتب التاريخ فقال :
" ومن هنا قيل: من فضل عليا علي معاوية فقد كفر، لأن معاوية لا فضل عنده ليكون علي أفضل منه بل لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة ولا من غيرها أحد ، فلقد كانوا صلوات الله عليهم أجمعين يمثلون القرآن"
وتحدث عن عدم العبودية للغير والعبودية للنفس وكلاهما محرم فقال
"التزم بتوجيهات الإسلام ولا تكن عبد غيرك
هناك تهمة وجهها بعض المستشرقين إلي الإسلام ويرددها بعض الشباب الذين لا يعرفون الإسلام حق معرفته فهم يقولون: إن الإسلام كله محرمات وقيود ونواه ونحن نقول لهم: بالعكس تماما فإن الحرية الموجودة في الإسلام لا يوجد لها نظير في أي مكان!
خذوا أكثر بلدان العالم ادعاء للحرية كفرنسا والولايات المتحدة مثلا، تري القيود الكثيرة للسفر منها وإليها، وفي جوانب كثيرة أخري فهذه القيود موجودة في كل دول العالم وإن كانت في بلداننا أشد أما الإسلام فلا يوجد فيه مثل هذا، فلا يقول لك الإسلام: أين تسكن؟ وأين تذهب؟ وكيف تذهب؟ ومتي تذهب؟ بل يقول لك: إن الله خلقك وهو الذي أعطاك الفكر والعقل فلا تكن عبد غيرك، ولا يجب أن تخبر الدولة عن خروجك ودخولك، وإقامتك ورحيلك، وما تستورد وما تصدر غير المحرمات لكن الإسلام يضع لك التوجيهات ويقول لك إن التزمت بها تفلح وإلا تخسر!
الإسلام يهدي ويرسم الطريق، وبعده لا إكراه في الدين، وكل أنواع الإكراه مرفوضة فيه والحريات الموجودة في الإسلام لا نظير لها في التاريخ وكانت تلك نماذج وهناك آلاف النماذج في سيرة النبي وأهل بيته
فمن يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها ومن يتمسك بالطاغوت ويذهب وراء المبادئ الهدامة والطواغيت البشرية والفكرية فإنما يتمسك بعروة منفصمة، حيث سيكتشف بعد مرور عدة أيام أو أعوام أنه كان مخطئا
إذن الحرية التي يمنحها الإسلام في مختلف المجالات ليس لها نظير ولا شيء يقرب منها في تاريخ العالم حتي في هذا اليوم المسمي بعصر الحريات"
والمقارنة بين الإسلام وتشريعات الكفر فى الحرية تقارن بين تشريع عادل وتشريع بشرى ظالم وهذا التشريع العادل من عند الخالق العالم بكل شىء