رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
نقد جزء فيه الكلام على حديث إن أولى الناس بي أكثرهم علي صلاة
مؤلف الجزء هو أحمد بن علي بن حجر والجزء عبارة عن بحث فى أسانيد الحديث والمستفاد من معناه وقد استغرق البحث فى أسانيده ثلث الكتاب تقريبا والغرض من كتابة هذا هو مدح أصحاب الحديث من خلال شرح الحديث ولما كان القارىء فى عصرنا لا يهمه تلك الأسانيد وإنما ما يهمه هو صحة الحديث أو بطلانه رأينا أن نقتصر مما ذكره فى الإسناد على ما يهم القارىء خاصة أخطاء ابن حجر وتناقضاته وقد استهل ابن حجر الكتاب بمدح أصحاب الحديث فقال :
"أما بعد:
فإن الحديث النبوي المرفوع الرتبة تحته علوم الدين مدرجة وإن اختلف منها الموضوع، وبقاء سلسلة الإسناد شرف اختصت به هذه الأمة وهو على توالي الليالي غير مقطوع، وقد ورد في شرف أصحاب الحديث ومآثرهم ومناقبهم ومفاخرهم آيات عيونها نواظر، وآثار رياضها نواضر، فهي أشهر من أن تذكر، وأوضح أن تشرح، ومن أعظمها منا، وأيمنها يمنا:
ما أخبرني الشيخ المسند المعدل أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد ابن محمد بن زكريا الزينبي بقراءتي عليه...قال: حدثني عبد الله بن كيسان مولى طلحة، قال: حدثني عبد الله بن شداد هو ابن الهاد، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة))
ورواه خالد بن مخلد، عن موسى بن يعقوب فزاد فيه رجلا."
بالقطع هذا الحديث هو موضوع كتابنا وقد دافع عن صحته الرجل دفاعا مستميتا كى يثبت فضل أهل الحديث فقط مع أنه لو عرضه على القرآن لرمة به واعرض عنه لأنه يخالف عدة آيات من القرآن تقول أن أفضل المسلمين أى أحسنهم أى أولاهم بالله ورسوله(ص) هم من فضلهم الله وهم المجاهدون فى قوله :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وقال :
"وفضل المجاهدين على القاعدين درجات منه ومغفرة"
واعتبر أن أولى الناس بإبراهيم(ص) هم من اتبعوه ومعهم محمد(ص) والمؤمنون به فقال :
"إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبى والذين أمنوا والله ولى المؤمنين"
والآية لم تتحدث عن أفضلية أحد على أحد بسبب ولاية إبراهيم (ص)
والخطأ الثانى هو أن الولاية بإكثار الصلاة على النبى(ص) بينما الولاية بكل الطاعات لله وهى العمل ولذا كان دخول الجنة بمجموع العمل وليس بعمل واحد كما قال تعالى :
" وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
وحدثنا ابن حجر هم علو أسانيد الحديث فقال :
"أخبرناه الإمام العلامة المسند أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد ابن عبد الواحد التنوخي قراءة عليه، قال: أنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب ابن نعمة الصالحي، ...ح وقرأته أعلى من هذه الرواية بدرجتين، ومن التي قبلها بدرجة على أم الحسن بنت المنجا بدمشق، عن سليمان بن حمزة الحاكم: أن محمد بن عماد كتب إليهم عن هبة الله بن الحسين الحاسب، ..ثنا خالد بن مخلد، ثنا موسى بن يعقوب الزمعي، ثنا عبد الله بن كيسان، أخبرني عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله.
رواه الحافظ أبو أحمد بن عدي في الكامل، عن أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز كما أوردناه، فوافقناه فيه بعلو درجتين على طريقه أيضا.
وهكذا رواه الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل في كتاب ((فضل الصلاة)) له، وأبو بشر إسماعيل بن عبد الله الأصبهاني المعروف بسمويه الحافظ في ((فوائده))، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، وأبو عبد الرحمن بقي بن مخلد الأندلسي، والحسن بن سفيان في ((مسانيدهم)) وعبيد بن غنام الكوفي ومحمد بن وضاح الأندلسي كلهم عن أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الكوفي الحافظ به"
وحدثنا الرجل مطولا عن طرق الحديث وقد اختصرناه حرصا على وقت القارىء فقال :
"وهكذا رواه يحيى بن معين وعثمان بن أبي شيبة وأبو كريب محمد بن العلاء وأبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني وأحمد بن مهران الأصبهاني وعمرو بن معمر العمركي، وعباس بن محمد الدوري، وعلي بن داود القنطري، كلهم عن خالد بن مخلد.
أما طريق ابن أبي عاصم؛ فقرأت على عبد الله بن عمر بن علي، ....فذكر مثله.
وأما طريق سمويه؛ فأنبئت عمن سمع الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي ....
وأما طريق أبي يعلى؛ فقرئ على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي وأنا أسمع، ... وزاد في أوله: ((ألا إن أولى الناس .. .. )) والباقي مثله.
وأما طريق بقي بن مخلد؛ فأنبأنا أبو حيان محمد بن حيان بن العلامة أبي حيان محمد بن يوسف الغرناطي ....
وأما طريق الحسن بن سفيان؛ فقرأت على العلامة أبي إسحاق إبراهيم ابن أحمد ابن الحريري، ...قال: أنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة به.
قال ابن حبان: ((في هذا الخبر بيان جلي بأن أقرب الناس من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أصحاب الحديث؛ إذ ليس من الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم)).
وأما طريق عبيد بن غنام؛ فقرأت على عبد الله بن عمر بن علي، أخبركم غلبك بن عبد الله: ...
قال أبو نعيم: ((هذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها؛ لأنا لا نعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما نعرف لهذه العصابة نسخا وذكرا)).
وأما طريق محمد بن وضاح؛ فأنبأنا عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان شفاها، ...
وأما طريق يحيى بن معين؛ فأخبرنا أبو المعالي السعودي ....
وأما طريق عثمان بن أبي شيبة، فأنبئت عن الحافظ أبي الحجاج المزي: ...
وأما طريق أبي كريب؛ فقرأت على مريم بنت أحمد الأسدية، أخبركم يونس بن أبي إسحاق، عن حرمي بن عبد الغني: أن عشير ...
وأما طريق الصغاني، فأنبأنا أبو اليسر أحمد بن عبد الله بن محمد بن محمد الأنصاري شفاها بدمشق...نا خالد بن مخلد به. لكن لم يقل في المتن ((يوم القيامة)).
وأما طريق أحمد بن مهران، فأنبئت عمن سمع الحافظ يوسف بن خليل يقول....
قال أبو جعفر: ((فيه دليل على تفضيل أصحاب الحديث، فإنا لا نعلم أحدا أكثر صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منهم)).
وأما طريق العمركي، فأنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الصائغ مشافهة، عن القاسم بن مظفر بن عساكر، عن علي بن الحسين بن علي بن ..
وأما حديث عباس الدوري؛ فقرأت على عبد الله بن عمر، ...
وأما طريق القنطري؛ فقرأت على عبد الله بن عمر بن علي، .... وقال: ((إن أولى))، ولم يقل: ((يوم القيامة))"
وفيما سبق نجد أن الرجل كا همه أو هم من كتب الكتاب أن يمدح أهل الحديث ففى وسط كلامه عن طرق الحديث ذكر ثلاثة أقوال لا علاثة لها بالأسانيد وإنما كلها علاقتها مدح أهل الحديث وهى :
"قال ابن حبان: ((في هذا الخبر بيان جلي بأن أقرب الناس من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أصحاب الحديث؛ إذ ليس من الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم)).
قال أبو نعيم: ((هذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها؛ لأنا لا نعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما نعرف لهذه العصابة نسخا وذكرا)).
قال أبو جعفر: ((فيه دليل على تفضيل أصحاب الحديث، فإنا لا نعلم أحدا أكثر صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منهم))."
الغريب فى الأقوال الثلاثة أنه لا يوجد ذكر لأهل الحديث إطلاقا وإنما المذكور فى الحديث المكثرين من الصلاة على النبى(ص)
ولو قعدنا نقول من الأكثر صلاة عليه فنحن نضحك على أنفسنا فقد اضعنا حقوق الخالق لأجل مخلوق هو بشر مثلنا كما قال " قل إنما أنا بشر مثلكم"
بالقطع هناك فئة أخرى تعتبر الأكثر استخداما لهذا الضحك على الناس وهم الصوفية فمعظم كلامهم تعظيم للنبى(ص) بدلا من تعظيم الخالق
ومن ثم فمن يحاول أن يمدح نفسه مخطىء لأن الله هو الأعلم بمن اتقى كما قال :
" هو أعلم بمن اتقى"
إن الكتاب قائم على تضليل الأمة فالأمة ليس مطلوبا منها أن تكون عبادتها الصلاة على النبى(ص) وإنما عبادتها طاعة الله فى كل حكم والصلاة على النبى (ص)هى حكم من أكثر من مائة ألف حكم أو يزيد وبدلا من أن يقوم أهل الحديث كابن حجر بمطالبة النبى(ص) نفسه أن يصلى علينا كما قال تعالى " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم " يركز على صلاتنا عليه مع أن الأمرين موجودان فى كتاب الله
وحدثنا المؤلف فعرفنا على رواه الحديث فقال :
"الكلام على هذا الحديث من أوجه:
الأول في التعريف بحال من انفرد بهذا الحديث من رجال السند الأول على سبيل الاختصار:
فصحابيه أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل من بني سعد بن هذيل بن مدركة، يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدركة، أسلم قديما قيل سادس سنة، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد بعدها، وولي الكوفة لعمر وقطنها، ثم تحول إلى المدينة ومات بها على الصحيح سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين، وهو أحد الفقهاء الستة من أكابر الصحابة، روى عنه جماعة من أكابر الصحابة، منهم أبو موسى الأشعري وأبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم والعبادلة وآخرون، ومناقبه وفضائله كثيرة جدا، له في ((الصحيحين)) مائة وعشرون حديثا، اتفقا منها على أربعة وستين، وتفرد البخاري بأحد وعشرين ومسلم بالباقي.
والراوي في طريق خالد بن مخلد: شداد بن الهاد، واسم الهاد أسامة بن عمرو من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة، يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كنانة، له صحبة ورواية، يقال إنه مات في عهد عمر، أخرج له النسائي ثلاثة أحاديث.
وابنه عبد الله ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل عنه، وسمع من عمر بن الخطاب وعلي وطلحة والعباس بن عبد المطلب وغيرهم، وسلمى بنت عميس أخت أم الفضل بنت الحارث زوج العباس، وميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمهما، روى عنه ربعي بن حراش وهو من أقرانه، ومحمد بن كعب القرظي، وطاوس بن كيسان وجماعة.
قال العجلي: ((هو من كبار التابعين وثقاتهم))، ووثقه النسائي وابن سعد وابن حبان، وكان ممن خرج على الحجاج مع القراء فغرق هو وعبد الرحمن بن أبي ليلى بدجيل سنة اثنتين وثمانين، روى له الجماعة.
وعبد الله بن كيسان مولى طلحة بن عبد الله بن عوف بن عبد غوث الزهري، شيخ من طبقة الأعمش، لا نعرف له إلا هذا الحديث الواحد، ولا روى عنه إلا موسى بن يعقوب الزمعي، وذكره البخاري في ((تاريخه)) فلم يذكر فيه جرحا وذلك رسمه في المستورين، وذكره ابن أبي حاتم عن أبيه، ولم ينص على كونه مجهولا، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) على قاعدته فيمن روى عنه ثقة ولم يجرح، ولا جاء بمتن منكر، روى له الترمذي وحده.
وموسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن عبد مناف أبو محمد القرشي الأسدي المدني، من طبقة مالك، وجده وهب أخو سودة أم المؤمنين، روى عن جماعة من أهل المدينة، وعنه ابن أبي فديك، ومعن بن عيسى وغير واحد، وحدث عنه عبد الرحمن بن مهدي، وذلك تعديل منه له؛ إذ من قاعدته أن لا يحدث إلا عن ثقة عنده، وقال عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: ((موسى بن يعقوب ثقة))، وقال الآجري عن أبي داود: ((صالح))، وقال ابن عدي: ((لا بأس به))، وذكره ابن حبان في ((الثقات))، وأخرج له البخاري في كتاب ((الأدب المفرد)) وأصحاب السنن الأربعة، وقال النسائي: ((ليس بالقوي))، وقال ابن سعد: ((مات في آخر خلافة أبي جعفر المنصور)) يعني سنة ست وخمسين ومائة.
ومحمد بن خالد بن عثمة، وعثمة أم محمد، فلذا يقال له محمد بن عثمة أيضا، بصري من طبقة أبي داود الطيالسي، روى عن مالك وسليمان بن بلال وجماعة، روى عنه علي بن المديني وعمرو بن علي الفلاس وجماعة، قال أحمد وأبو زرعة: ((لا بأس به))، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث))، مات بعد المائتين، روى له أصحاب السنن الأربعة.
ورفيقه في رواية هذا الحديث عن الزمعي: خالد بن مخلد البجلي، كوفي روى عن علي بن صالح [بن] حي، ونافع بن أبي نعيم القارئ، وعبد الله بن عمر العمري وغيرهم، روى عنه البخاري وهو من كبار شيوخه، وروى هو والباقون له بواسطة، لكن أبو داود في غير ((السنن))، وثقه العجلي وابن معين وعثمان بن أبي شيبة، وتكلم فيه بسبب التشيع، مات سنة ثمان عشرة ومائتين.
هذا الذي تمس الحاجة إلى معرفته من رجال هذا الإسناد لانفرادهم بروايته على ما أوضحناه، وأما من بعدهم فقد اشتهر الحديث عنهم واستفاض فنحتاج من تعرف بأحوال جمعيهم إلى زمن طويل."
ومما سبق نجد التالى :
فى الروايات أحد المساتير وهم المجهولى الحال وهو قوله:
"موسى بن يعقوب الزمعي، وذكره البخاري في ((تاريخه)) فلم يذكر فيه جرحا وذلك رسمه في المستورين، وذكره ابن أبي حاتم عن أبيه، ولم ينص على كونه مجهولا، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) على قاعدته فيمن روى عنه ثقة ولم يجرح، ولا جاء بمتن منكر، روى له الترمذي وحده."
وكلام الرجال فيه مختلف وهو قوله:
"وقال ابن عدي: ((لا بأس به))، وذكره ابن حبان في ((الثقات))، وأخرج له البخاري في كتاب ((الأدب المفرد)) وأصحاب السنن الأربعة، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) "
وذكر أن أحد الرواة متهم بالتشيع فقال :
"ورفيقه في رواية هذا الحديث عن الزمعي: خالد بن مخلد البجلي وثقه العجلي وابن معين وعثمان بن أبي شيبة، وتكلم فيه بسبب التشيع "
والغريب فى كلام ابن حجر وأهل الحديث أنهم ينسبون بعض الرجال إلى أمهاتهم مثل قوله:
"ومحمد بن خالد بن عثمة، وعثمة أم محمد" وهم بذلك يخالفون قوله تعالى :
" ادعوهم لآباءهم"
فلا يجوز نسبة أحد لأمه حتى لو ثبتت عليها جريمة الزنى لأنه ينسب فى تلك الحالة لأبيه الزانى أو يسمى مولى بنى فلان ما لم يعترف به الزانى
وذكر ابن حجر حكم أهل الحديث فيه فقال :
"الوجه الثاني في الحكم عليه:
وقد رواه البخاري في ((تاريخه الكبير))، وأبو بكر بن أبي عاصم في ((فضل الصلاة)) له كلهم عن أبي موسى محمد بن المثنى العنزي، ورواه أبو يعلى الموصلي في ((مسنده)) عن محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة.
ورواه الترمذي في ((جامعه)) عن أبي بكر محمد بن بشار بندار العبدي، كلاهما عن محمد بن عثمة به؛ وقال الترمذي: ((حسن غريب)).
وقال الدارقطني في ((الأفراد)): ((تفرد به الزمعي عن عبد الله بن كيسان)). وأخرجه ابن حبان في ((صحيحة)) من طريق خالد بن مخلد كما تقدم.
ولا يقال لم لم يحكم الترمذي بصحته كما صنع ابن حبان؛ لأنا نقول: المعروف من حال ابن حبان أنه لا يفرق بين قسمي الصحيح والحسن، بل هما عنده قسم واحد؛ لصلاحية كل منهما للاحتجاج به، ولأن إفراد الحسن من الصحيح يقتضي تقسيم الصحيح إلى أقسام كثيرة؛ لتفاوت مراتبه، فأما الترمذي فحاله في التفرقة بين الحسن والصحيح معروف.
وقد يقال: إن الحكم على هذا الحديث بالصحة أو بالحسن محل نظر؛ لأن موسى بن يعقوب تقدم أنه عدل وجرح، والجرح مقدم على التعديل، فالجواب أن الجرح بعد ثبوت العدالة لا يقبل إلا مبين السبب؛ لاحتمال أن يكون إذا بين غير قادح في عدالة الراوي، وكلام من أطلق قبول الجرح من غير بيان سببه محمول على ما إذا لم يعارضه توثيق، وإذا كان كذلك فقد أثبت عدالة الزمعي أعرف الناس به عبد الرحمن بن مهدي، وكذا قدوة أهل الحديث في معرفة أحوال الرواة يحيى بن معين، فلا يعدل عن هذا التعديل إلا بجرح بين، وعلى هذا عمل أئمة الحديث كصاحبي الصحيح، فقد احتجا في صحيحيهما بجماعة تكلم فيهم غيرهما، وحالهم في الغالب محمول على ما قررناه.
وقد يعل إسناد هذا الحديث بالاضطراب؛ لأن خالد بن مخلد زاد فيه رجلا.
ورواه عباس بن أبي شملة، عن الزمعي فقال: عن ابن كيسان، عن عبد الله بن عتبة، أو عتبة بن عبد الله، عن ابن مسعود، ذكر ذلك البخاري في ((تاريخه)).
ورواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) من طريق أبي القاسم بن أبي الزناد عن الزمعي فقال: عن ابن كيسان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن ابن عتبة عن ابن مسعود.
ويندفع هذا الاعتراض بأن هذا الاختلاف فيه غير قادح أيضا؛ لأن الاضطراب إنما يكون موجبا للضعف إذا تساوت وجوهه وتعذر الترجيح، وليس الأمر هنا كذلك؛ لأن رواية خالد بن مخلد لا تنافي رواية ابن عثمة، لأنه لا يبعد أن يكون عبد الله بن شداد سمعه من أبيه عن ابن مسعود، ثم لقي ابن مسعود فسمعه منه، وإنما قلنا ذلك مع جواز أن يكون روايته عن أبيه هي المتصلة لثبوت لقائه لابن مسعود في غير هذا الحديث، ولأن أئمة الحديث لم يصفوه بالتدليس، وأما رواية ابن أبي شملة فالظاهر أنه وهم في عبد الله بن شداد، ويدل على ذلك شكه هل هو عبد الله بن عتبة، أو عتبة بن عبد الله، وأما رواية ابن أبي الزناد فلا يعول عليها؛ لأنها من طريق محمد بن مسلمة الواسطي وهو متروك الحديث متهم، عن يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف، فظهر أنه لا أثر لهذا الاختلاف في تضعيفه، وإنما قصرنا به عن الوصف بالصحة لتفرد عبد الله بن كيسان به، وليس هو من أهل الضبط والإتقان، بل هو مستور، لم تتحقق أهليته، وورد لمتن حديثه شواهد تعضده، وهذا ضابط أحد قسمي الحسن، فلذا قررنا كونه حسنا، فمن شواهده:
* ما قرئ على الإمام الحبر البحر شيخ الإسلام أبو حفص بن أبي الفتح البلقيني وأنا أسمع، أخبركم أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم ابن الإمام، أن المعين أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي أخبره، قال: أنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري، أنا أبو صادق مرشد بن يحيى، أنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال، نا عبد الرحمن بن عمر، أنا إسماعيل بن يعقوب بن الجراب، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا علي بن عبد الله هو ابن المديني، نا سفيان هو ابن عيينة، عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أتاني آت من ربي فقال: ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشرا))، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، أأجعل نصف دعائي لك؟ قال: ((إن شئت))، قال: لا، أأجعل لك ثلثي دعائي؟ قال: ((إن شئت))، قال: لا، أأجعل دعائي كله لك؟ قال: ((إذن يكفيك الله هم الدنيا وهم الآخرة)).
هذا إسناد صحيح، لكنه مرسل، وفيه نكتة لطيفة وهو أن إسناده مني إلى ابن الجراب مصريون، وقد اعتضد هذا المرسل بشاهد جيد، أخرجه الترمذي من طريق الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: ((قلت: يا رسول الله! إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ .. .. ))، فذكر معناه، وإسناده حسن.
وله شاهد آخر رويناه عن ابن أبي عاصم وقد تقدم الإسناد إليه، قال: نا الحسن بن الصباح البزار، ثنا شبابة هو ابن سوار، نا مغيرة بن مسلم هو السراج، عن أبي إسحاق هو السبيعي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((صلوا علي، فإن الصلاة علي كفارة لكم))، ورجاله رجال الصحيح."
ونجد كلام المؤلف متناقضا فهو يقول بعدم صحة الحديث فى قوله:
"ولا يقال لم لم يحكم الترمذي بصحته كما صنع ابن حبان "
وناقض نفسه بالقول أن الجرح مقدم على التعديل بقوله
"والجرح مقدم على التعديل"
ثم أوجد سببا لرفض تقديم الجرح فقال :
"أن الجرح بعد ثبوت العدالة لا يقبل إلا مبين السبب"
ثم قال أن ألاسناد مضطرب فقال :
" وقد يعل إسناد هذا الحديث بالاضطراب؛ لأن خالد بن مخلد زاد فيه رجلا"
ومع هذا دافع عن اضطرابه بأنه ليس اضطرابا موجبا للضعف فقال:
"لأن الاضطراب إنما يكون موجبا للضعف إذا تساوت وجوهه وتعذر الترجيح "
وتحدث عن الوهم فى السند فقال:
"وأما رواية ابن أبي شملة فالظاهر أنه وهم في عبد الله بن شداد، ويدل على ذلك شكه هل هو عبد الله بن عتبة، أو عتبة بن عبد الله"
ثم رفض رواية فقال :
" وأما رواية ابن أبي الزناد فلا يعول عليها؛ لأنها من طريق محمد بن مسلمة الواسطي وهو متروك الحديث متهم لتفرد عبد الله بن كيسان به، وليس هو من أهل الضبط والإتقان"
وناقض نفسه عندما حكم بصحة رواية ولكنه قال انها مرسلة فقال:
" هذا إسناد صحيح، لكنه مرسل"
وتحدث عن فوائد الحديث فذكر كلاما لغويا فقال :
"الوجه الثالث في فوائده:
الأولى: قوله: ((أولى)) هو أفعل تفضيل من ولي إذا قرب، يقال منه وليه ويليه وليا، والولي القرب والدنو، يقال: تباعدنا بعد ولي، وقال آخر:
وعدت عواد دون وليك يحجب
ومنه: ((كل مما يليك)) أي: مما يقاربك، وقد تجيء بمعنى آخر كما في قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} وقد تجيء محتملة للمعنيين، كما في قوله تعالى: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}.
وقال الأصمعي في قوله: أولى لك معناه: قاربه ما يهلكه، وأنشد:
فعادى بين هاديتين منها ... وأولى أن يزيد على الثلاث
أي: قارب أن يزيد، قال ثعلب: ((لم يقل أحد في (أولى) أحسن مما قال الأصمعي)) انتهى.
ولام الولي ياء، والألف منقلبة عنها؛ لأن فاءه واو، فلم يجعلوا لامه واوا؛ إذ ليس في كلامهم ما فاؤه ولامه واوان إلا واو، قاله أبو البقاء."
وكل ما ذكره هنا لا علاقة له بأى معنى مستفاد
ثم قال :
"الثانية: وقوله: ((يوم القيامة)) قيده بهذا الظرف؛ ليعم من اتصف بعد من جميع الأمة، ولأنه موطن الافتقار إلى الدنو منه لما في تلك المنزلة من الشرف العظيم، وسقطت هذه الجملة من بعض الروايات كما نبهنا عليه، والمطلق فيها محمول على المقيد؛ إذ يبعد أن يكون المراد منه القرب في الدنيا إلا على تأويل."
وهذه الفائدة باطلة لأن المقدم فى الدنيا عند الله هو المقدم فى ألآخرة ومن ثم تعيين يوم القيامة لا يفيد بأى شىء
ثم قال :
"الثالثة: لم يؤكد ((أكثرهم)) باللام كما في قوله تعالى: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه} لاختلاف المقامين؛ إذ مقام الآية إثبات لمجحود، لما كان الخطاب في القصة مع أهل الكتاب، فحسن تكرار التأكيد فيه بالقسم، واكتفى في الحديث بالتأكيد بـ ((إن))، لما كان الإثبات فيه لمعروف."
الكلام هو عما هو غير موجود لا ضرورة له لعهدم وجوده فى الحديث ثم قال :
"الرابعة: قوله في رواية أبي يعلى: ((ألا إن)) ألا حرف استفتاح، ومعناها أفاد التحقيق من جهة تركيبها من الهمزة ومن النفي؛ لأن همزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق، ولهذا لا تكاد تقع الجملة فيه إلا مقدرة بنحو ما يتلى به القسم نحو {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}."
وكلام هذا كلام لغوى لا فائدة منه للقارىء الذى يريد العمل
ثم قال:
"الخامسة: أصل الصلاة في اللغة الدعاء، وسميت الصلاة الشرعية بذلك لاشتمالها على الدعاء على الصحيح، وقيل في اشتقاقها أقاويل كثيرة غير هذا، وقد سمى الله تعالى الصلاة والدعاء إيمانا على ما جزم به أئمة المفسرين في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}، وقال: {قل ما يعبؤوا بكم ربي لولا دعاؤكم}، قال ابن عباس وغيره في الموضعين: ((يعني إيمانكم))، فبين الصلاة والدعاء تلازم.
وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي من العبد دعاء لربه أن يصلي على نبيه، ومن الله الرحمة في قول الأكثرين، وقيل: المغفرة، وقال به جماعة من السلف، وجعل الحليمي المعنى الشرعي في الصلاة راجعا إلى المعنى اللغوي من وجه آخر، فقال: ((المراد بالصلاة في اللسان التعظيم، وقيل لها ذلك لما فيها من انحناء الصلا وهو وسط الظهر؛ لأن انحناء الصغير للكبير تعظيم منه له .. .. إلى أن قال: فإذا قلت: اللهم صل على محمد فإنما تريد: اللهم عظم محمدا في الدنيا والآخرة))، وما قاله حسن، لكن لم أر في كلام أهل اللغة أن أصل الصلاة التعظيم، فكأنه فسره باللازم، وأما قوله: ((إن الصلا وسط الظهر)) فقد صدر به صاحب ((المحكم)) كلامه، ثم حكى قولا ثانيا أن الصلا ما عن يمين الذنب وعن شماله، وهذا هو الذي جزم به الجوهري، وحكى ابن سيده في الصلا قولين آخرين ثم قال: ((وسمي المصلي الذي يجيء بعد السابق في الخيل مصليا؛ لأن رأسه يلي صلا المقدم))، وهذا يؤيد ما جزم به الجوهري."
بالقطع كل هذا الكلام غير مفيد للقارىء فهو ليس له دخل بالخلاف اللغوى وإنما كله دخله ماذا يفعل أو يقول فالصلاة على النبى(ص) هى دعاء بالرحمة والمغفرة
وكرر الرجل كلاما أنهاه بما يريده وهو أن الحديث يدل على ان المقصود منه مدح اهل الحديث فقال :
"سالوجه الرابع في مسائله:
الأولى: لا بد من حمل الفضل الوارد في هذا الحديث على أن المراد بالمتصف به من تقيد بالإتيان بما أمر والكف عما نهي عنه، فلا يكون من أهمل الواجبات وعمل المنكرات ولم يعمل من الأعمال الصالحة شيئا إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم داخلا تحت عموم هذا الفضل، فوجب تخصيص عمومه بما قيدناه.
الثانية: تقييده بيوم القيامة منه، ظاهره أن فضيلة القرب من النبي صلى الله عليه وسلم مختصة بذلك اليوم حتى لا تتناول ما بعد يوم القيامة من منازل الجنة، وهذا هو المعتمد، وفائدة القرب منه في ذلك يظهر في أمن أولئك المقربين من الكروب وتذكيرهم بإخوانهم من أهل الذنوب وغير ذلك.
الثالثة: هل ينال هذه الفضيلة من واظب عليها وأهمل سائر فضائل الأعمال غير الواجبات فيه نظر، وحكى القرطبي عن الزاهد الكبير سهل بن عبد الله التستري أنه قال: ((إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات، قال: لأن الله تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، قال: وسائر العبادات ليست كذلك)) انتهى.
ويقرب منه قول الغزالي: إن الدعاء أفضل العبادات؛ إذ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دعاء وزيادة، والأظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال كما قيل في الجواب عن الأحاديث التي ظاهرها التعارض في أي الأعمال أفضل، إن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، وعلى هذا فيختص بهذه الفضيلة من أكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم حيث شرع ذلك، إما على الوجوب كالنذر أو في أحوال مخصوصة في قول بعض أهل العلم كالتشهد الأخير، وخطبتي الجمعة، وصلاة الجنازة، وكذا في كلما ذكر على قول الطحاوي والحليمي ورجحه جماعة من المتأخرين، وإما على الاستحباب كالتشهد الأول."
وينبغي أن يتأكد في الأماكن التي وردت الأحاديث فيها، وذلك عند الصباح والمساء، وعند القيام من الليل ومن النوم، وعقب الوضوء، وعند سماع الأذان والإقامة، وعند دخول المسجد والخروج منه، وفي ابتداء الدعاء ووسطه وآخره، وعند المرور بالمساجد، وفي ليلة الجملة ويومها، وعند القيام من المجلس، وعند المصافحة المشروعة، وعند استلام الحجر،وعقب التلبية، وعند زيارته صلى الله عليه وسلم ، وعند طنين الأذن، وعند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم في كتب العلوم، وبهذا يظهر اختصاص أصحاب الحديث بهذه الفضيلة لاطلاعهم على ما يخفى على غيرهم من ذلك، ولملازمتهم لها في معظم تصرفاتهم؛ في أحوال مدارستهم ومذاكرتهم ومطالعتهم وقراءتهم وتعليقاتهم وتبيهاتهم، ما من ذلك شيء إلا وذكر النبي صلى الله عليه وسلم قائده وزمامه، وسلكه ونظامه، وبدؤه وختامه، فعليه صلاة الله وسلامه، وحسبنا الله تعالى."
وكما سبق القول لا يوجد فى الحديث ذكر لأهل الحديث وهو حديث باطل الغرض منه تضليل المسلمين
ولم يوجب الله الصلاة على النبى(ص) فى مواضع معينة وإنما أوجب الصلاة عليه إذا عرض ذكره فقط فى حديث ما بين الناس
مؤلف الجزء هو أحمد بن علي بن حجر والجزء عبارة عن بحث فى أسانيد الحديث والمستفاد من معناه وقد استغرق البحث فى أسانيده ثلث الكتاب تقريبا والغرض من كتابة هذا هو مدح أصحاب الحديث من خلال شرح الحديث ولما كان القارىء فى عصرنا لا يهمه تلك الأسانيد وإنما ما يهمه هو صحة الحديث أو بطلانه رأينا أن نقتصر مما ذكره فى الإسناد على ما يهم القارىء خاصة أخطاء ابن حجر وتناقضاته وقد استهل ابن حجر الكتاب بمدح أصحاب الحديث فقال :
"أما بعد:
فإن الحديث النبوي المرفوع الرتبة تحته علوم الدين مدرجة وإن اختلف منها الموضوع، وبقاء سلسلة الإسناد شرف اختصت به هذه الأمة وهو على توالي الليالي غير مقطوع، وقد ورد في شرف أصحاب الحديث ومآثرهم ومناقبهم ومفاخرهم آيات عيونها نواظر، وآثار رياضها نواضر، فهي أشهر من أن تذكر، وأوضح أن تشرح، ومن أعظمها منا، وأيمنها يمنا:
ما أخبرني الشيخ المسند المعدل أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد ابن محمد بن زكريا الزينبي بقراءتي عليه...قال: حدثني عبد الله بن كيسان مولى طلحة، قال: حدثني عبد الله بن شداد هو ابن الهاد، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة))
ورواه خالد بن مخلد، عن موسى بن يعقوب فزاد فيه رجلا."
بالقطع هذا الحديث هو موضوع كتابنا وقد دافع عن صحته الرجل دفاعا مستميتا كى يثبت فضل أهل الحديث فقط مع أنه لو عرضه على القرآن لرمة به واعرض عنه لأنه يخالف عدة آيات من القرآن تقول أن أفضل المسلمين أى أحسنهم أى أولاهم بالله ورسوله(ص) هم من فضلهم الله وهم المجاهدون فى قوله :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وقال :
"وفضل المجاهدين على القاعدين درجات منه ومغفرة"
واعتبر أن أولى الناس بإبراهيم(ص) هم من اتبعوه ومعهم محمد(ص) والمؤمنون به فقال :
"إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبى والذين أمنوا والله ولى المؤمنين"
والآية لم تتحدث عن أفضلية أحد على أحد بسبب ولاية إبراهيم (ص)
والخطأ الثانى هو أن الولاية بإكثار الصلاة على النبى(ص) بينما الولاية بكل الطاعات لله وهى العمل ولذا كان دخول الجنة بمجموع العمل وليس بعمل واحد كما قال تعالى :
" وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون"
وحدثنا ابن حجر هم علو أسانيد الحديث فقال :
"أخبرناه الإمام العلامة المسند أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد ابن عبد الواحد التنوخي قراءة عليه، قال: أنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب ابن نعمة الصالحي، ...ح وقرأته أعلى من هذه الرواية بدرجتين، ومن التي قبلها بدرجة على أم الحسن بنت المنجا بدمشق، عن سليمان بن حمزة الحاكم: أن محمد بن عماد كتب إليهم عن هبة الله بن الحسين الحاسب، ..ثنا خالد بن مخلد، ثنا موسى بن يعقوب الزمعي، ثنا عبد الله بن كيسان، أخبرني عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله.
رواه الحافظ أبو أحمد بن عدي في الكامل، عن أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز كما أوردناه، فوافقناه فيه بعلو درجتين على طريقه أيضا.
وهكذا رواه الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل في كتاب ((فضل الصلاة)) له، وأبو بشر إسماعيل بن عبد الله الأصبهاني المعروف بسمويه الحافظ في ((فوائده))، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، وأبو عبد الرحمن بقي بن مخلد الأندلسي، والحسن بن سفيان في ((مسانيدهم)) وعبيد بن غنام الكوفي ومحمد بن وضاح الأندلسي كلهم عن أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الكوفي الحافظ به"
وحدثنا الرجل مطولا عن طرق الحديث وقد اختصرناه حرصا على وقت القارىء فقال :
"وهكذا رواه يحيى بن معين وعثمان بن أبي شيبة وأبو كريب محمد بن العلاء وأبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني وأحمد بن مهران الأصبهاني وعمرو بن معمر العمركي، وعباس بن محمد الدوري، وعلي بن داود القنطري، كلهم عن خالد بن مخلد.
أما طريق ابن أبي عاصم؛ فقرأت على عبد الله بن عمر بن علي، ....فذكر مثله.
وأما طريق سمويه؛ فأنبئت عمن سمع الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي ....
وأما طريق أبي يعلى؛ فقرئ على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي وأنا أسمع، ... وزاد في أوله: ((ألا إن أولى الناس .. .. )) والباقي مثله.
وأما طريق بقي بن مخلد؛ فأنبأنا أبو حيان محمد بن حيان بن العلامة أبي حيان محمد بن يوسف الغرناطي ....
وأما طريق الحسن بن سفيان؛ فقرأت على العلامة أبي إسحاق إبراهيم ابن أحمد ابن الحريري، ...قال: أنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة به.
قال ابن حبان: ((في هذا الخبر بيان جلي بأن أقرب الناس من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أصحاب الحديث؛ إذ ليس من الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم)).
وأما طريق عبيد بن غنام؛ فقرأت على عبد الله بن عمر بن علي، أخبركم غلبك بن عبد الله: ...
قال أبو نعيم: ((هذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها؛ لأنا لا نعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما نعرف لهذه العصابة نسخا وذكرا)).
وأما طريق محمد بن وضاح؛ فأنبأنا عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان شفاها، ...
وأما طريق يحيى بن معين؛ فأخبرنا أبو المعالي السعودي ....
وأما طريق عثمان بن أبي شيبة، فأنبئت عن الحافظ أبي الحجاج المزي: ...
وأما طريق أبي كريب؛ فقرأت على مريم بنت أحمد الأسدية، أخبركم يونس بن أبي إسحاق، عن حرمي بن عبد الغني: أن عشير ...
وأما طريق الصغاني، فأنبأنا أبو اليسر أحمد بن عبد الله بن محمد بن محمد الأنصاري شفاها بدمشق...نا خالد بن مخلد به. لكن لم يقل في المتن ((يوم القيامة)).
وأما طريق أحمد بن مهران، فأنبئت عمن سمع الحافظ يوسف بن خليل يقول....
قال أبو جعفر: ((فيه دليل على تفضيل أصحاب الحديث، فإنا لا نعلم أحدا أكثر صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منهم)).
وأما طريق العمركي، فأنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الصائغ مشافهة، عن القاسم بن مظفر بن عساكر، عن علي بن الحسين بن علي بن ..
وأما حديث عباس الدوري؛ فقرأت على عبد الله بن عمر، ...
وأما طريق القنطري؛ فقرأت على عبد الله بن عمر بن علي، .... وقال: ((إن أولى))، ولم يقل: ((يوم القيامة))"
وفيما سبق نجد أن الرجل كا همه أو هم من كتب الكتاب أن يمدح أهل الحديث ففى وسط كلامه عن طرق الحديث ذكر ثلاثة أقوال لا علاثة لها بالأسانيد وإنما كلها علاقتها مدح أهل الحديث وهى :
"قال ابن حبان: ((في هذا الخبر بيان جلي بأن أقرب الناس من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أصحاب الحديث؛ إذ ليس من الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم)).
قال أبو نعيم: ((هذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها؛ لأنا لا نعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما نعرف لهذه العصابة نسخا وذكرا)).
قال أبو جعفر: ((فيه دليل على تفضيل أصحاب الحديث، فإنا لا نعلم أحدا أكثر صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منهم))."
الغريب فى الأقوال الثلاثة أنه لا يوجد ذكر لأهل الحديث إطلاقا وإنما المذكور فى الحديث المكثرين من الصلاة على النبى(ص)
ولو قعدنا نقول من الأكثر صلاة عليه فنحن نضحك على أنفسنا فقد اضعنا حقوق الخالق لأجل مخلوق هو بشر مثلنا كما قال " قل إنما أنا بشر مثلكم"
بالقطع هناك فئة أخرى تعتبر الأكثر استخداما لهذا الضحك على الناس وهم الصوفية فمعظم كلامهم تعظيم للنبى(ص) بدلا من تعظيم الخالق
ومن ثم فمن يحاول أن يمدح نفسه مخطىء لأن الله هو الأعلم بمن اتقى كما قال :
" هو أعلم بمن اتقى"
إن الكتاب قائم على تضليل الأمة فالأمة ليس مطلوبا منها أن تكون عبادتها الصلاة على النبى(ص) وإنما عبادتها طاعة الله فى كل حكم والصلاة على النبى (ص)هى حكم من أكثر من مائة ألف حكم أو يزيد وبدلا من أن يقوم أهل الحديث كابن حجر بمطالبة النبى(ص) نفسه أن يصلى علينا كما قال تعالى " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم " يركز على صلاتنا عليه مع أن الأمرين موجودان فى كتاب الله
وحدثنا المؤلف فعرفنا على رواه الحديث فقال :
"الكلام على هذا الحديث من أوجه:
الأول في التعريف بحال من انفرد بهذا الحديث من رجال السند الأول على سبيل الاختصار:
فصحابيه أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل من بني سعد بن هذيل بن مدركة، يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدركة، أسلم قديما قيل سادس سنة، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد بعدها، وولي الكوفة لعمر وقطنها، ثم تحول إلى المدينة ومات بها على الصحيح سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين، وهو أحد الفقهاء الستة من أكابر الصحابة، روى عنه جماعة من أكابر الصحابة، منهم أبو موسى الأشعري وأبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم والعبادلة وآخرون، ومناقبه وفضائله كثيرة جدا، له في ((الصحيحين)) مائة وعشرون حديثا، اتفقا منها على أربعة وستين، وتفرد البخاري بأحد وعشرين ومسلم بالباقي.
والراوي في طريق خالد بن مخلد: شداد بن الهاد، واسم الهاد أسامة بن عمرو من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن علي بن كنانة، يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كنانة، له صحبة ورواية، يقال إنه مات في عهد عمر، أخرج له النسائي ثلاثة أحاديث.
وابنه عبد الله ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل عنه، وسمع من عمر بن الخطاب وعلي وطلحة والعباس بن عبد المطلب وغيرهم، وسلمى بنت عميس أخت أم الفضل بنت الحارث زوج العباس، وميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمهما، روى عنه ربعي بن حراش وهو من أقرانه، ومحمد بن كعب القرظي، وطاوس بن كيسان وجماعة.
قال العجلي: ((هو من كبار التابعين وثقاتهم))، ووثقه النسائي وابن سعد وابن حبان، وكان ممن خرج على الحجاج مع القراء فغرق هو وعبد الرحمن بن أبي ليلى بدجيل سنة اثنتين وثمانين، روى له الجماعة.
وعبد الله بن كيسان مولى طلحة بن عبد الله بن عوف بن عبد غوث الزهري، شيخ من طبقة الأعمش، لا نعرف له إلا هذا الحديث الواحد، ولا روى عنه إلا موسى بن يعقوب الزمعي، وذكره البخاري في ((تاريخه)) فلم يذكر فيه جرحا وذلك رسمه في المستورين، وذكره ابن أبي حاتم عن أبيه، ولم ينص على كونه مجهولا، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) على قاعدته فيمن روى عنه ثقة ولم يجرح، ولا جاء بمتن منكر، روى له الترمذي وحده.
وموسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن عبد مناف أبو محمد القرشي الأسدي المدني، من طبقة مالك، وجده وهب أخو سودة أم المؤمنين، روى عن جماعة من أهل المدينة، وعنه ابن أبي فديك، ومعن بن عيسى وغير واحد، وحدث عنه عبد الرحمن بن مهدي، وذلك تعديل منه له؛ إذ من قاعدته أن لا يحدث إلا عن ثقة عنده، وقال عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: ((موسى بن يعقوب ثقة))، وقال الآجري عن أبي داود: ((صالح))، وقال ابن عدي: ((لا بأس به))، وذكره ابن حبان في ((الثقات))، وأخرج له البخاري في كتاب ((الأدب المفرد)) وأصحاب السنن الأربعة، وقال النسائي: ((ليس بالقوي))، وقال ابن سعد: ((مات في آخر خلافة أبي جعفر المنصور)) يعني سنة ست وخمسين ومائة.
ومحمد بن خالد بن عثمة، وعثمة أم محمد، فلذا يقال له محمد بن عثمة أيضا، بصري من طبقة أبي داود الطيالسي، روى عن مالك وسليمان بن بلال وجماعة، روى عنه علي بن المديني وعمرو بن علي الفلاس وجماعة، قال أحمد وأبو زرعة: ((لا بأس به))، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث))، مات بعد المائتين، روى له أصحاب السنن الأربعة.
ورفيقه في رواية هذا الحديث عن الزمعي: خالد بن مخلد البجلي، كوفي روى عن علي بن صالح [بن] حي، ونافع بن أبي نعيم القارئ، وعبد الله بن عمر العمري وغيرهم، روى عنه البخاري وهو من كبار شيوخه، وروى هو والباقون له بواسطة، لكن أبو داود في غير ((السنن))، وثقه العجلي وابن معين وعثمان بن أبي شيبة، وتكلم فيه بسبب التشيع، مات سنة ثمان عشرة ومائتين.
هذا الذي تمس الحاجة إلى معرفته من رجال هذا الإسناد لانفرادهم بروايته على ما أوضحناه، وأما من بعدهم فقد اشتهر الحديث عنهم واستفاض فنحتاج من تعرف بأحوال جمعيهم إلى زمن طويل."
ومما سبق نجد التالى :
فى الروايات أحد المساتير وهم المجهولى الحال وهو قوله:
"موسى بن يعقوب الزمعي، وذكره البخاري في ((تاريخه)) فلم يذكر فيه جرحا وذلك رسمه في المستورين، وذكره ابن أبي حاتم عن أبيه، ولم ينص على كونه مجهولا، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) على قاعدته فيمن روى عنه ثقة ولم يجرح، ولا جاء بمتن منكر، روى له الترمذي وحده."
وكلام الرجال فيه مختلف وهو قوله:
"وقال ابن عدي: ((لا بأس به))، وذكره ابن حبان في ((الثقات))، وأخرج له البخاري في كتاب ((الأدب المفرد)) وأصحاب السنن الأربعة، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) "
وذكر أن أحد الرواة متهم بالتشيع فقال :
"ورفيقه في رواية هذا الحديث عن الزمعي: خالد بن مخلد البجلي وثقه العجلي وابن معين وعثمان بن أبي شيبة، وتكلم فيه بسبب التشيع "
والغريب فى كلام ابن حجر وأهل الحديث أنهم ينسبون بعض الرجال إلى أمهاتهم مثل قوله:
"ومحمد بن خالد بن عثمة، وعثمة أم محمد" وهم بذلك يخالفون قوله تعالى :
" ادعوهم لآباءهم"
فلا يجوز نسبة أحد لأمه حتى لو ثبتت عليها جريمة الزنى لأنه ينسب فى تلك الحالة لأبيه الزانى أو يسمى مولى بنى فلان ما لم يعترف به الزانى
وذكر ابن حجر حكم أهل الحديث فيه فقال :
"الوجه الثاني في الحكم عليه:
وقد رواه البخاري في ((تاريخه الكبير))، وأبو بكر بن أبي عاصم في ((فضل الصلاة)) له كلهم عن أبي موسى محمد بن المثنى العنزي، ورواه أبو يعلى الموصلي في ((مسنده)) عن محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة.
ورواه الترمذي في ((جامعه)) عن أبي بكر محمد بن بشار بندار العبدي، كلاهما عن محمد بن عثمة به؛ وقال الترمذي: ((حسن غريب)).
وقال الدارقطني في ((الأفراد)): ((تفرد به الزمعي عن عبد الله بن كيسان)). وأخرجه ابن حبان في ((صحيحة)) من طريق خالد بن مخلد كما تقدم.
ولا يقال لم لم يحكم الترمذي بصحته كما صنع ابن حبان؛ لأنا نقول: المعروف من حال ابن حبان أنه لا يفرق بين قسمي الصحيح والحسن، بل هما عنده قسم واحد؛ لصلاحية كل منهما للاحتجاج به، ولأن إفراد الحسن من الصحيح يقتضي تقسيم الصحيح إلى أقسام كثيرة؛ لتفاوت مراتبه، فأما الترمذي فحاله في التفرقة بين الحسن والصحيح معروف.
وقد يقال: إن الحكم على هذا الحديث بالصحة أو بالحسن محل نظر؛ لأن موسى بن يعقوب تقدم أنه عدل وجرح، والجرح مقدم على التعديل، فالجواب أن الجرح بعد ثبوت العدالة لا يقبل إلا مبين السبب؛ لاحتمال أن يكون إذا بين غير قادح في عدالة الراوي، وكلام من أطلق قبول الجرح من غير بيان سببه محمول على ما إذا لم يعارضه توثيق، وإذا كان كذلك فقد أثبت عدالة الزمعي أعرف الناس به عبد الرحمن بن مهدي، وكذا قدوة أهل الحديث في معرفة أحوال الرواة يحيى بن معين، فلا يعدل عن هذا التعديل إلا بجرح بين، وعلى هذا عمل أئمة الحديث كصاحبي الصحيح، فقد احتجا في صحيحيهما بجماعة تكلم فيهم غيرهما، وحالهم في الغالب محمول على ما قررناه.
وقد يعل إسناد هذا الحديث بالاضطراب؛ لأن خالد بن مخلد زاد فيه رجلا.
ورواه عباس بن أبي شملة، عن الزمعي فقال: عن ابن كيسان، عن عبد الله بن عتبة، أو عتبة بن عبد الله، عن ابن مسعود، ذكر ذلك البخاري في ((تاريخه)).
ورواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) من طريق أبي القاسم بن أبي الزناد عن الزمعي فقال: عن ابن كيسان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن ابن عتبة عن ابن مسعود.
ويندفع هذا الاعتراض بأن هذا الاختلاف فيه غير قادح أيضا؛ لأن الاضطراب إنما يكون موجبا للضعف إذا تساوت وجوهه وتعذر الترجيح، وليس الأمر هنا كذلك؛ لأن رواية خالد بن مخلد لا تنافي رواية ابن عثمة، لأنه لا يبعد أن يكون عبد الله بن شداد سمعه من أبيه عن ابن مسعود، ثم لقي ابن مسعود فسمعه منه، وإنما قلنا ذلك مع جواز أن يكون روايته عن أبيه هي المتصلة لثبوت لقائه لابن مسعود في غير هذا الحديث، ولأن أئمة الحديث لم يصفوه بالتدليس، وأما رواية ابن أبي شملة فالظاهر أنه وهم في عبد الله بن شداد، ويدل على ذلك شكه هل هو عبد الله بن عتبة، أو عتبة بن عبد الله، وأما رواية ابن أبي الزناد فلا يعول عليها؛ لأنها من طريق محمد بن مسلمة الواسطي وهو متروك الحديث متهم، عن يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف، فظهر أنه لا أثر لهذا الاختلاف في تضعيفه، وإنما قصرنا به عن الوصف بالصحة لتفرد عبد الله بن كيسان به، وليس هو من أهل الضبط والإتقان، بل هو مستور، لم تتحقق أهليته، وورد لمتن حديثه شواهد تعضده، وهذا ضابط أحد قسمي الحسن، فلذا قررنا كونه حسنا، فمن شواهده:
* ما قرئ على الإمام الحبر البحر شيخ الإسلام أبو حفص بن أبي الفتح البلقيني وأنا أسمع، أخبركم أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم ابن الإمام، أن المعين أحمد بن علي بن يوسف الدمشقي أخبره، قال: أنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري، أنا أبو صادق مرشد بن يحيى، أنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال، نا عبد الرحمن بن عمر، أنا إسماعيل بن يعقوب بن الجراب، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا علي بن عبد الله هو ابن المديني، نا سفيان هو ابن عيينة، عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أتاني آت من ربي فقال: ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشرا))، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، أأجعل نصف دعائي لك؟ قال: ((إن شئت))، قال: لا، أأجعل لك ثلثي دعائي؟ قال: ((إن شئت))، قال: لا، أأجعل دعائي كله لك؟ قال: ((إذن يكفيك الله هم الدنيا وهم الآخرة)).
هذا إسناد صحيح، لكنه مرسل، وفيه نكتة لطيفة وهو أن إسناده مني إلى ابن الجراب مصريون، وقد اعتضد هذا المرسل بشاهد جيد، أخرجه الترمذي من طريق الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه قال: ((قلت: يا رسول الله! إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ .. .. ))، فذكر معناه، وإسناده حسن.
وله شاهد آخر رويناه عن ابن أبي عاصم وقد تقدم الإسناد إليه، قال: نا الحسن بن الصباح البزار، ثنا شبابة هو ابن سوار، نا مغيرة بن مسلم هو السراج، عن أبي إسحاق هو السبيعي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((صلوا علي، فإن الصلاة علي كفارة لكم))، ورجاله رجال الصحيح."
ونجد كلام المؤلف متناقضا فهو يقول بعدم صحة الحديث فى قوله:
"ولا يقال لم لم يحكم الترمذي بصحته كما صنع ابن حبان "
وناقض نفسه بالقول أن الجرح مقدم على التعديل بقوله
"والجرح مقدم على التعديل"
ثم أوجد سببا لرفض تقديم الجرح فقال :
"أن الجرح بعد ثبوت العدالة لا يقبل إلا مبين السبب"
ثم قال أن ألاسناد مضطرب فقال :
" وقد يعل إسناد هذا الحديث بالاضطراب؛ لأن خالد بن مخلد زاد فيه رجلا"
ومع هذا دافع عن اضطرابه بأنه ليس اضطرابا موجبا للضعف فقال:
"لأن الاضطراب إنما يكون موجبا للضعف إذا تساوت وجوهه وتعذر الترجيح "
وتحدث عن الوهم فى السند فقال:
"وأما رواية ابن أبي شملة فالظاهر أنه وهم في عبد الله بن شداد، ويدل على ذلك شكه هل هو عبد الله بن عتبة، أو عتبة بن عبد الله"
ثم رفض رواية فقال :
" وأما رواية ابن أبي الزناد فلا يعول عليها؛ لأنها من طريق محمد بن مسلمة الواسطي وهو متروك الحديث متهم لتفرد عبد الله بن كيسان به، وليس هو من أهل الضبط والإتقان"
وناقض نفسه عندما حكم بصحة رواية ولكنه قال انها مرسلة فقال:
" هذا إسناد صحيح، لكنه مرسل"
وتحدث عن فوائد الحديث فذكر كلاما لغويا فقال :
"الوجه الثالث في فوائده:
الأولى: قوله: ((أولى)) هو أفعل تفضيل من ولي إذا قرب، يقال منه وليه ويليه وليا، والولي القرب والدنو، يقال: تباعدنا بعد ولي، وقال آخر:
وعدت عواد دون وليك يحجب
ومنه: ((كل مما يليك)) أي: مما يقاربك، وقد تجيء بمعنى آخر كما في قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} وقد تجيء محتملة للمعنيين، كما في قوله تعالى: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}.
وقال الأصمعي في قوله: أولى لك معناه: قاربه ما يهلكه، وأنشد:
فعادى بين هاديتين منها ... وأولى أن يزيد على الثلاث
أي: قارب أن يزيد، قال ثعلب: ((لم يقل أحد في (أولى) أحسن مما قال الأصمعي)) انتهى.
ولام الولي ياء، والألف منقلبة عنها؛ لأن فاءه واو، فلم يجعلوا لامه واوا؛ إذ ليس في كلامهم ما فاؤه ولامه واوان إلا واو، قاله أبو البقاء."
وكل ما ذكره هنا لا علاقة له بأى معنى مستفاد
ثم قال :
"الثانية: وقوله: ((يوم القيامة)) قيده بهذا الظرف؛ ليعم من اتصف بعد من جميع الأمة، ولأنه موطن الافتقار إلى الدنو منه لما في تلك المنزلة من الشرف العظيم، وسقطت هذه الجملة من بعض الروايات كما نبهنا عليه، والمطلق فيها محمول على المقيد؛ إذ يبعد أن يكون المراد منه القرب في الدنيا إلا على تأويل."
وهذه الفائدة باطلة لأن المقدم فى الدنيا عند الله هو المقدم فى ألآخرة ومن ثم تعيين يوم القيامة لا يفيد بأى شىء
ثم قال :
"الثالثة: لم يؤكد ((أكثرهم)) باللام كما في قوله تعالى: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه} لاختلاف المقامين؛ إذ مقام الآية إثبات لمجحود، لما كان الخطاب في القصة مع أهل الكتاب، فحسن تكرار التأكيد فيه بالقسم، واكتفى في الحديث بالتأكيد بـ ((إن))، لما كان الإثبات فيه لمعروف."
الكلام هو عما هو غير موجود لا ضرورة له لعهدم وجوده فى الحديث ثم قال :
"الرابعة: قوله في رواية أبي يعلى: ((ألا إن)) ألا حرف استفتاح، ومعناها أفاد التحقيق من جهة تركيبها من الهمزة ومن النفي؛ لأن همزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق، ولهذا لا تكاد تقع الجملة فيه إلا مقدرة بنحو ما يتلى به القسم نحو {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}."
وكلام هذا كلام لغوى لا فائدة منه للقارىء الذى يريد العمل
ثم قال:
"الخامسة: أصل الصلاة في اللغة الدعاء، وسميت الصلاة الشرعية بذلك لاشتمالها على الدعاء على الصحيح، وقيل في اشتقاقها أقاويل كثيرة غير هذا، وقد سمى الله تعالى الصلاة والدعاء إيمانا على ما جزم به أئمة المفسرين في قوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}، وقال: {قل ما يعبؤوا بكم ربي لولا دعاؤكم}، قال ابن عباس وغيره في الموضعين: ((يعني إيمانكم))، فبين الصلاة والدعاء تلازم.
وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي من العبد دعاء لربه أن يصلي على نبيه، ومن الله الرحمة في قول الأكثرين، وقيل: المغفرة، وقال به جماعة من السلف، وجعل الحليمي المعنى الشرعي في الصلاة راجعا إلى المعنى اللغوي من وجه آخر، فقال: ((المراد بالصلاة في اللسان التعظيم، وقيل لها ذلك لما فيها من انحناء الصلا وهو وسط الظهر؛ لأن انحناء الصغير للكبير تعظيم منه له .. .. إلى أن قال: فإذا قلت: اللهم صل على محمد فإنما تريد: اللهم عظم محمدا في الدنيا والآخرة))، وما قاله حسن، لكن لم أر في كلام أهل اللغة أن أصل الصلاة التعظيم، فكأنه فسره باللازم، وأما قوله: ((إن الصلا وسط الظهر)) فقد صدر به صاحب ((المحكم)) كلامه، ثم حكى قولا ثانيا أن الصلا ما عن يمين الذنب وعن شماله، وهذا هو الذي جزم به الجوهري، وحكى ابن سيده في الصلا قولين آخرين ثم قال: ((وسمي المصلي الذي يجيء بعد السابق في الخيل مصليا؛ لأن رأسه يلي صلا المقدم))، وهذا يؤيد ما جزم به الجوهري."
بالقطع كل هذا الكلام غير مفيد للقارىء فهو ليس له دخل بالخلاف اللغوى وإنما كله دخله ماذا يفعل أو يقول فالصلاة على النبى(ص) هى دعاء بالرحمة والمغفرة
وكرر الرجل كلاما أنهاه بما يريده وهو أن الحديث يدل على ان المقصود منه مدح اهل الحديث فقال :
"سالوجه الرابع في مسائله:
الأولى: لا بد من حمل الفضل الوارد في هذا الحديث على أن المراد بالمتصف به من تقيد بالإتيان بما أمر والكف عما نهي عنه، فلا يكون من أهمل الواجبات وعمل المنكرات ولم يعمل من الأعمال الصالحة شيئا إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم داخلا تحت عموم هذا الفضل، فوجب تخصيص عمومه بما قيدناه.
الثانية: تقييده بيوم القيامة منه، ظاهره أن فضيلة القرب من النبي صلى الله عليه وسلم مختصة بذلك اليوم حتى لا تتناول ما بعد يوم القيامة من منازل الجنة، وهذا هو المعتمد، وفائدة القرب منه في ذلك يظهر في أمن أولئك المقربين من الكروب وتذكيرهم بإخوانهم من أهل الذنوب وغير ذلك.
الثالثة: هل ينال هذه الفضيلة من واظب عليها وأهمل سائر فضائل الأعمال غير الواجبات فيه نظر، وحكى القرطبي عن الزاهد الكبير سهل بن عبد الله التستري أنه قال: ((إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات، قال: لأن الله تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، قال: وسائر العبادات ليست كذلك)) انتهى.
ويقرب منه قول الغزالي: إن الدعاء أفضل العبادات؛ إذ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دعاء وزيادة، والأظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال كما قيل في الجواب عن الأحاديث التي ظاهرها التعارض في أي الأعمال أفضل، إن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، وعلى هذا فيختص بهذه الفضيلة من أكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم حيث شرع ذلك، إما على الوجوب كالنذر أو في أحوال مخصوصة في قول بعض أهل العلم كالتشهد الأخير، وخطبتي الجمعة، وصلاة الجنازة، وكذا في كلما ذكر على قول الطحاوي والحليمي ورجحه جماعة من المتأخرين، وإما على الاستحباب كالتشهد الأول."
وينبغي أن يتأكد في الأماكن التي وردت الأحاديث فيها، وذلك عند الصباح والمساء، وعند القيام من الليل ومن النوم، وعقب الوضوء، وعند سماع الأذان والإقامة، وعند دخول المسجد والخروج منه، وفي ابتداء الدعاء ووسطه وآخره، وعند المرور بالمساجد، وفي ليلة الجملة ويومها، وعند القيام من المجلس، وعند المصافحة المشروعة، وعند استلام الحجر،وعقب التلبية، وعند زيارته صلى الله عليه وسلم ، وعند طنين الأذن، وعند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم في كتب العلوم، وبهذا يظهر اختصاص أصحاب الحديث بهذه الفضيلة لاطلاعهم على ما يخفى على غيرهم من ذلك، ولملازمتهم لها في معظم تصرفاتهم؛ في أحوال مدارستهم ومذاكرتهم ومطالعتهم وقراءتهم وتعليقاتهم وتبيهاتهم، ما من ذلك شيء إلا وذكر النبي صلى الله عليه وسلم قائده وزمامه، وسلكه ونظامه، وبدؤه وختامه، فعليه صلاة الله وسلامه، وحسبنا الله تعالى."
وكما سبق القول لا يوجد فى الحديث ذكر لأهل الحديث وهو حديث باطل الغرض منه تضليل المسلمين
ولم يوجب الله الصلاة على النبى(ص) فى مواضع معينة وإنما أوجب الصلاة عليه إذا عرض ذكره فقط فى حديث ما بين الناس