رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,708
- الإقامة
- مصر
العلاج منها:
هناك أسباب عديدة لتشوه الأجنة، وأن كثيرا من هذه الأسباب يمكن تلافيه، والتوقي منه، أو التخفيف من آثاره، وقد حث الإسلام والطب على منع أسباب المرض، ....وعليه لا بد أن تتخذ احتياطات كافية، فالبنسبة للأشعة مثلا ينبغي للحامل أن لا تتعرض لها، قبل الحمل ولا في بدايته، وأما إذا استخدمته قبل الحمل لضرورة فلا بد لها أن تؤجل الحمل إلى أمد.كأن تكون محتاجة للأشعة لوجود مرض السرطان فينبغي آن ذاك أن يجهض الجنين عند رأي بعض الأطباء والفقهاء، إذا كانت في مرحلة مبكرة من الحمل، أو يمنع الحمل من أساسه، إذا كان ممكنا بان عرف تشخيص المرض قبل حدوث الحمل فيمنع وقوعه والوقاية خير من العلاج...."
ما ذكره الباحث عن وجوب أخذ الاحتياطات عند عمل أى شىء يتعلق بصحة الحامل هو أمر واجب
ثم تحدث عن موضوع البحث الحقيقى فقال :
"المبحث الثالث:موقف الشرع من الجنين المشوه:
تمهيد: السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تلجأ المرأة للإجهاض؟!.
إن المرأة الحامل التي تريد أن تتخلص من جنينها، لابد أن هناك دافع يدفعها لذلك، و إلا اعتبرنها مجنونة، أو سفيهة، من لا يحب الأولاد؟، من لا يحب أن يرى مستقبله بين يديه؟.نعم هناك عوامل عديدة تجعل الحامل ترنو إلى إسقاط جنينها، ومن أهم هذه البواعث:
أن تتخلص منه لأنه ولد سفاح، أو لمرض المرأة الذي لا يسمح لها بمواصلة الحمل، أو خوفا على رضيعها، أو لعدم سلامة الجنين؛إما أن يكون مشوها عقليا أو جسديا، أو أن يكون ناقص الخلقة.فهذا الأخير هو محل الإشكال.
فهل للمرأة حق لإسقاط الحمل المشوه؟."
طرح الباحث الأسئلة هنا ولكنه اجل الاجابة ليبين طرق الاجهاض فقال :
المطلب الأول:أهم طرق الإجهاض:
الفرع الأول:الإجهاض الجراحي
هنالك عدة طرق للإجهاض.يتوقف اختلافها على مرحلة الحبل وعلى حجم الطفل المشرف على الولادة. الدكتور جاك ولكي في كتابه، الإجهاض سؤال وجواب (Hayes Publishing C-. Inc, Cincinnati, 1985) قسم طرق الإجهاض لثلاثة فئات:
الفئة الأولى: ويكون بغرز الرحم ويقتلون الطفل بواسطة آلة تدخل الرحم من عنق الرحم
الفئة الثانية:يقتل الطفل المشرف على الولادة بإدارة عقاقير تسبب طلقات وولادة طفل ميت.
الفئة الثالثة:ويكون بغرز الرحم من المعدة بعملية التمدد في الرحم
الطريقة المستعملة في التمدد هي إدخال سلسلة من الآلات لازدياد حجم عنق الرحم، وتوسيعه لتسهيل عملية الإجهاض، وتستعمل بعض المواد أحيانا مثل:لاميناريا Laminaria - مواد مجففة من أعشاب البحر- لتخفيف العطب في عنق الرحم. وتدخل داخل عنق الرحم يوما قبل موعد الإجهاض، تمتص الماء فتنتفخ تدريجيا وبالتقدم تدفع بفتح عنق الرحم
طرق الإجهاض في أوقات معينة للجنين:
1. الطفل المشرف على الولادة في الأسبوع الثامن إلى العاشر:
في الأسبوع الثامن إلى التاسع يبدأ تكون الجفون ويظهر الشعر.
ومن الأسبوع التاسع إلى العاشر يبدأ الطفل المشرف على الولادة بامتصاص أبهم يده، ويتشقلب، وينط، ويقدر أن ينحرف أقرب خارج النور، ويعبس، ويبلع ويحرك لسانه.
في هذه المرحلة المبكرة من التطور، ينجز الإجهاض الامتصاصي باستعمال أنبوب صغير، وهو بحاجة إلى تمدد صغير في عنق الرحم؛ وهذا يسمى"اقتلاع حيضي" ومع ذلك إذا لم تسحب جميع البقايا الجنينية قد تسبب بالتهاب ويحتاج من بعدها إلى تمدد كامل لعنق الرحم لسحب ما تبقى في الأحشاء
2. إمتصاص ملء النفس:
هذه هي طريقة الإجهاض الأكثر إتباعا خلال 12 الأسابيع الأولى من الحبل، وقد يعطى تخدير عمومي أو موضعي للأم ولعنق رحمها للتمدد السريع، مجرفة مصاصة (أنبوب فارغ مع سكين على الرأس) تدخل داخل الأحشاء عندما توصل هذه الآلة لمكنسة كهربائية من خلال الأنبوب.
قوة هذه المكنسة الكهربائية أكثر ب 29 مرة من المكنسة الكهربائية المستعملة في البيت، تمزق الجنين ومشيمة الجني لقطع صغيرة، التي تسحب من خلال الأنبوب لقنينة ويرمى في النفايات.
3. التمدد والجرف:
هذه الطريقة مشابهة لطريقة الامتصاص مع الزيادة لكلاب (شنجل) سكيني الشكل (مجرفة) التي تقطع الطفل لقطع. وتكشط القطع للخارج من خلال عنق الرحم وترمى في النفايات (ملاحظة: هذا النوع من الإجهاض D&C ليس من المستلزم التشويش بينه وبين علاج D&C لسبب غير الحبل
4. تمدد وتفريغ D&E:
تستعمل هذه الطريقة للأسبوع الثامن عشر من الحبل، وبدل استعمال السكين بشكل الحلقة في إجهاض التمدد والتفريغ، جوز من الكلاب (ملقط، شناجل) يدخل إلى الأحشاء ويمسك قسم من الجنين. أسنان الكلاب تلوي وتمزق عظام الطفل المشرف على الولادة وتعاد هذه العملية حتى تقطع أوصاله وتزال. عادة يجب أن يسحب العمود الفقري وتحطيم الجمجمة لترتيب سحبهم
5. الملح المسمم (Salt P-is-ning Saline Injecti-n):
يستعمل بعد 16 أسبوع من الحبل (أربعة أشهر) عندما تكون قد تجمعت سوائل كافية. تحقن من خلال بطن الأم محقنة ملح قوي منحل في كيس الطفل. ويبلع الطفل السوائل والسم الموجود فيه. ويعمل هذا الملح كتآكل، ويحرق الطبقة الخارجية للجلد. عادة تأخذ نصف ساعة لكي يموت الطفل. وخلال 24 ساعة، عادة سوف تحصل ولادة، وتلد الأم طفل ميت. ( هنالك عدة حالات ولد فيها أطفال أحياء وعادة يتركوا بدون عناية حتى يموتوا. ولكن القليل منهم عاشوا وتبنوا لاحقا)
الفرع الثاني:
الإجهاض الكيماوي (بروستاجلندن Pr-staglandin):
هذا النوع من الإجهاض يستعمل كيماويات طورتها شركة المستحضرات الصيدلية Upj-hn Pharmaceutical C- التي تسبب طلقات شديدة، وتدفع الطفل النامي إلى الخارج. هذه الطلقات عنيفة أكثر من الطلقات الطبيعية. فكثيرا ما يقتل بها الطفل المشرف على الولادة – أحيانا بعضهم ينقطع رأسهم. ومع ذلك كثيرا منهم ولدوا أحياء.
الفرع الثالث:
استئصال الرحم أو الكشف القيصري لاستخراج الجنين:
تستعمل في الدرجة الأولى في الأشهر الثالثة الأولى من الحبل، ويدخل إلى الأحشاء من خلال البطن. الطريقة مشابهة لولادة استئصال الرحم، مع الاستثناء بأن حبل السرة عادة يقطع بينما الطفل لا يزال في الأحشاء، هكذا ينقطع تزويد الأكسيجين على الطفل ويسبب له الخنق. في بعض الأحيان ينتزع الطفل حيا وببساطة يترك في الزاوية يموت من الإهمال أو التعرية"
هنا بين الباحث نقلا عن الكتب الطبية طرق الاجهاض الطبى وهو كلام لا قائدة منه بالنسبة للسائلين عن حكم الاجهاض فهذا الكلام هو للأطباء وليس لعامة الناس
ثم تحدث الباحث عن الاختلاف بين الفقهاء فقال :
المطلب الثاني:أقوال العلماء في إجهاض الجنين قبل نفح الروح مع المناقشة:
إن العلماء اختلفوا إلى وجهات كثيرة بالنسبة إلى إسقاط(إجهاض) الحنين فبل نفخ الروح، أي ما بين 40 يوما إلى 120يوما، فسنورد بعض الآراء
الفرع الأول:
آراء بعض العلماء المتقدمين :
قد اختلف العلماء المتقدمون في إجهاض الجنين إلى أربعة فرق:
الفرقة الأولى: التحريم مطلقا هو ما ذهب إليه مذهب المالكية وهذا قولهم:قال الدريدير:« لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين » وقال الدسوقي:هذا هو المعتمد، وقيل يكره إخراجه قبل الأربعين إذن للمالكية قولان:الكراهية، وعد الجواز وهو كذلك قول الشافعية، ورأي الإمام الغزالي حيث قال: الاستجهاض والوأد جناية على موجود حاصل، فأول مراتب الوجود وضع النطفة في الرحم فيختلط بماء المرأة، فإفسادها جناية، فإن صارت علقة أو مضغة فالجناية أفحش وأغلظ وعلى هذا القول أخذت الحنابلة.
الفرقة الثانية:القول بكراهته؛وهو رأي بعض الحنفية، نقل عن الذخيرة:« لو أرادت [المرأة] الإلقاء قبل مضي زمن نفخ الروح هل يباح لها ذلك أم لا؟؛اختلفوا فيه؛ وكان الفقيه علي بن موسى يقول: إنه يكره، فإن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة، فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم» وعل هذا القول أخذت الظاهرية، وبعض المالكية، وبعض الشافعية
الفرقة الثالثة:القول بالإباحة مطلقا ؛لعذر ولغير عذر، قبل نفخ الروح، وهو ما ذهب إليه بعض الحنفية، جاء في فتح القدير ما نصه « يباح الإسقاط ما لم يتخلق منه شيء أي قبل نفخ الروح، ولا يكون ذلك إلا بعد 120 يوما، وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخلق [الحنفية] نفخ الروح و إلا فهو غلط، لأن التخلق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة»
و بعض المالكية أخذ بهذا القول كذلك ورد من كلام اللخمي حيث أجاز استخراج ما في داخل الرحم من الماء قبل الأربعين يوما، ووافق بهذا الرأي الجماعة وهو قول بعض الحنابلة أيضا؛ وقد أجازوا للمرأة شرب الدواء المباح لإلقاء النطفة لا العلقة، وقال ابن عقيل في تعليله: إن ما لم تحله الروح لا يبعث
الفرقة الرابعة: القول بالإباحة أيضا ولكن بعذر، وهو مذهب أكثر الأحناف، قال ابن وهبان:« فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر أو أنها لا تأثم إثم القتل » وبشأن إسقاط جنين السفاح قال الرملي:« لو كانت النطفة من زنى فقد يتخيل الجواز قبل نفخ الروح»
المناقشة:
هذه الآراء - والله أعلم – متباينة أيما تباين، وأرى أن الاختلاف ناتج عن ظهور تخلق الجنين وعدم تخلقه في الفترة ما قبل 120 يوما، وبنفخ الروح قبل ذلك أو بعده، فمن قال بالحرمة قال أنه وأد لموجود حاصل ؛يعني عندما تلقح البويضة فقد بدأت في التخلق وهي المرحلة الأولى من الخلقة، فهو وأد ظاهر.
ومن قال بالكراهة فقال أن الماء الموجود في الرحم مآله الحياة؛وهذا بعد تلقيحه طبعا ؛حيث أن حياته متيقنة أما الذين قالوا بالإباحة قبل التخلق فهذا القول لا جدال فيه فالكل يقول به، فإذا قصد بالتخلق ظهور بعض الأعضاء فهذا مشاهد في بداية التلقيح ؛وقد ثبت علميا، وأما إذا أراد به نفخ الروح بدون ضرورة تدعو لذلك فهذا فيه شيء من الخطأ، وقتل للنفس الإنسانية بدون مبرر شرعي فهذا كان معتمدا قبل أن يأتي الإسلام إلا وهو الوأد، فكانوا يئدون أولادهم خشية الإملاق، أو من الإملاق؛أي الفقر، أما قتلهم البنات كان خوفا من الفضيحة، فقد قال تعالى: { وإذا بشر أحدهم بالانثى ضل وجهه مسودا وهو كظيم يتوراى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون } ، والوأد في الجاهلية قد حرمه الله تعالى في عدة من الآيات منها قوله تعالى: { وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت } وقال: " ولا تقتلوا أولدكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا"
وقد سئل النبي (ص)«أي الذنب أعظم ؟قال:أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت:[أي الصحابي السائل] ثم أي؟ قال:أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك«
نعم كانت هذه العادة من الوأد، وظهرت من جديد في عالمنا المعاصر باسم جديد – يسمونه بغي اسمه- إلا وهو الإجهاض، وهذا بعد اضمحل الإسلام وبقي سوى عنوانا يتداول بين الأشخاص والقبائل فأم الذين قالوا بالإباحة مع ضرورة شرعية أو مصلحة طبية، فهذا يساير بحثي هذا فربما قصد بالضرورة هنا، إما لحالة الجنين أو لخطر محدق على الأم...الخ فهذا القول قد قال به المتأخرون من الفقهاء فسنراه في الفرع الثاني"
الاختلاف هنا هو اختلاف لا داعى له فالحكم ليس هو الحكم على إباحة الإجهاض فى أى مدة وإنما البحث يجب ان يكون هل يجوز الإجهاض بسبب كذا أم لا وكرر الباحث نفس الكلام فى ذكره آراء بعض العلماء المتأخرين فقال:
"الفرع الثاني:آراء بعض العلماء المتأخرين:
يرى العلماء المعاصرين أن الإجهاض محرم قبل نفخ الروح، كما هو محرم بعده، لأن النطفة إذا استقرت في الرحم صارت إلى التخلق شيئا فشيئا
قال الشيخ بكلي: «ولا يجوز إسقاط الحمل متى تيقن وجوده أو ظن، وإن مضت عليه مدة قصيرة ؛لأن الجنين وإن ظل صغيرا لكنه قابل للنمو، فهو بشر على كل حال»
ويرى البعض جواز الإجهاض قبل الأربعين مطلقا، وتحريمه بعد ذلك، ويقول إن لفظ الجنين إنما يطلق على المضغة منذ أن يبدأ فيها التخلق، وأما قبل ذلك فلا يطلق لفظ الجنين عليه، مستدلا بقول الشافعي الذي نقله المزني في المختصر:« أقل ما يكون به جنينا أن يفارق المضغة والعلقة حتى يتبين شيء من خلق آدمي»
قال محمد سعيد البوطي: «أما ما لم يتخلق فقد بقي حكم إسقاطه على الأصل من الجواز بالإضافة إلى أن هذا الأصل يدعمه القياس على حكم العزل»
وزاد وقال إنما يشترط ذلك فقط رضا الزوجين، لأن: « حق الجنين لا يبدأ بالتسلط إلا بعد أن يجتاز مدة 40 يوما، ذلك لأنه خلال هذه الأيام لا يزيد على كونه نطفة أو دما متجمدا، أو قطعة لحم غير متبينة، فلا يتمتع بالروح، ولا هو مكتسب لشيء من خلقة الأحياء، لا جرم أن حق الأبوين أقدر خلال هذه الفترة على التسلط إذا اتفقا»
نفس الخطأ الذى ارتكبه الفقهاء من قبل وهو ما كرره فى أقوال العلماء في إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فى المطلب التالى:
"المطلب الثالث:أقوال العلماء في إجهاض الجنين بعد نفخ الروح مع المناقشة:
تمهيد: إن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مائة وعشرين يوما، كما ثبت في الحديثين الصحيحين - خلاف لمن قال قبل ذلك -:
الحديث الأول أخرج الشيخان البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله (ص)وهو الصادق المصدوق، قال:«إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح»
الحديث الثاني: أخرج مسلم في صحيحه عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن النبي (ص)قال: « إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله ملكا فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يارب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما يشاء، ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة من يده فلا يزيد على ما أمر به ولا ينقص »
ولا شك أن الجنين يمر بمراحل متعددة أثناء نموه، وتعتبر مرحلة الأربعين مرحلة ذات أهمية بالغة، والتي تمثل تكون الأعضاء المختلفة، بينما تمثل مرحلة 120 يوما (منذ التلقيح) مرحلة أشد أهمية، حيث أظهرت الأبحاث الحديثة أن المناطق المخية العليا تبدأ في السيطرة على المناطق التي تحتها، وتبدأ التشابكات العصبية، ويمكن تسجيل رسم الدماغ (تخطيط المخ) من الجنين في هذه الفترة..
ولهذا فإن للجنين مستويين هامين: الأول عند بلوغه الأربعين، وفيها يتم تكون الأعضاء الأساسية، وجذع الدماغ، والثاني عند بلوغه 120يوما، وفيها يتم تكون الدماغ، وارتباط قشرة المخ بما تحتها، وتبدأ بالتالي عملها، وهو المستوى الإنساني الرفيع، حيث يظهر الإحساس، والشعور، وما يتبعه بعد ذلك من إدراك وفهم وذكاء.. إلخ.
لذا فإن الفقهاء مجمعون على حرمة قتل الجنين بعد مرور 120 يوما (بعد التلقيح)، وجميع المذاهب الإسلامية على ذلك، بما فيهم الاثني عشرية (الجعفرية، الإمامية) والزيدية، والأباضية، ولا يسمح بالإجهاض إلا إذا كان الحمل يشكل خطرا جسيما على حياة الحامل، فتقدم آنذاك حياتها على حياته، وهذا ما أخذ به كثير من الفقهاء المحدثين من أمثال الشيخ شلتوت والشيخ القرضاوي والمجامع الفقهية
ومن الغريب أن أحد علماء المتقدمين ابن عابدين يحرم إسقاط الجنين مطلقا ما دام الجنين حيا ولو أن الجنين فيه ضرر للأم ؛فقال: « لو كان الجنين حيا ويخشى من حياة الأم من بقائه، فإنه لا يجوز تقطيعه لأن موت الأم به موهوم، فلا يجوز قتل آدمي حي لأمر موهوم»
توجيه: وهذا ربما كان في زمن لم يكن العلم فيه متقدما ومتطورا، حيث لا يتيقنون بحياة الأم، ولكن في هذه السنين الأخيرة ليس العلم كما كان في القديم؛بل الأطباء يقدرون نسبة حياة الأم بالنسبة المئوية؛ وأرى:إن كانت النسبة المئوية تحت الخمسين أو كانت خمسينا فلا يجوز إسقاطه ؛فربما بقيا حيان (الأم والابن)، أما إذا كانت النسبة فوق الخمسين فأرى والله أعلم أن للطبيب أن يغامر مع أخذ المشورة من الأبوين.
محمد شلتوت يذهب إلى جواز إسقاطه إذا ثبت من طريق موثوق به أن بقاءه بعد تحقق حياته يؤدي لا محالة إلى موت الأم، وذلك استدلالا بقواعد العامة التي تأمر بارتكاب أخف الضررين، وأنه لا يجوز أن يضحى بالأم وهي الأصل وقد استقرت حياتها ولها خط مستقل في الحياة ولها حقوق وعليها حقوق في سبيل إنقاذ الجنين وإن كان الجنين مكتمل الخلق لأنه الفرع ولم تستقل حياته ولم يحصل على شيء من الحقوق والواجبات.
ولقد رأت لجنة من الفقهاء أنه إذا كان الفقهاء منعوا هتك حرمة جسد الأم وهي ميتة وضحوا بالجنين الحي؛فإن الحفاظ على حياة الأم إذا كان في بقاء الجنين في بطنها خطر عليها أولى بالاعتبار لأنها الأصل وحياتها ثابتة بيقين، بما أن بقاء الجنين سيترتب عليه موت الأم وموت الجنين أيضا.
وفي الطب الحديث إنه إذا تعذر إجراء عملية قيصرية لإخراج الجنين وإنقاذ الأم فإنه يمكن إجهاضها بواسطة تقطيع أو ثقب رأسه وإنزاله ميتا
حقيقة إن لهذا القول قدرا من الصواب؛ كيف يعقل ترك الجنين الذي هو خطر على أمه وهي الأصل وخطر على نفسه الذي يعتبر الفرع، فلا بد من إنقاذ أحدهما و الأولى هو الأصل أي الأم؛ إلا إذا كان حياة الأم غير متيقن منها مع أن الجنين متيقن من حياته ففي هذه الحالة أستطيع أن أقول:أن يضحى بالأم ويحافظ على الجنين
فقد توصلت إلى ما يلي:
فهذه شروط أراها لا بد منها فإذا توفرت جاز إسقاط الجنين، سواء أكان قبل نفخ الروح أو بعده:
أولا: يحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل أتمت مائة وعشرين يوما من حين العلوق، إلا لإنقاذ حياتها من خطر محقق من الحمل
ثانيا: يجوز الإجهاض برضا الزوجين إن لم يكن تم للحمل أربعون يوما من حين العلوق، مع وجود ضرورة شرعية أو مصلحة طبية ملحة.
ثالثا: إذا تجاوز الجنين مائة وعشرين يوما لا يجوز الإجهاض إلا في الحالتين الآتيتين:
( أ ) إذا كان بقاء الحمل يضر بصحة الأم ضررا جسيما لا يمكن احتماله، أو يدوم بعد الولادة لمدة طويلة لا يعلم حدها.
( ب ) إذا ثبت أن الجنين سيولد مصابا على نحو جسيم، بتشوه بدني، أو قصور عقلي لا يرجى البرء منهما، ، أما إذا كان مما يرجى برؤه فلا. أو أنه سيموت بعد فترة بنسبة متوقعة.
ولا تجرى عملية الإجهاض فيما بعد الأربعين يوما إلا بقرار من لجنة طبية، مشكلة من ثلاثة أطباء متخصصين ثقات، أحدهم على الأقل متخصص في أمراض النساء والتوليد، على أن يوافق على القرار اثنان من الأطباء المسلمين ظاهري العدالة
وخلاف ذلك يعتبر قتلا لنفس بريئة حرمها الله تعالى، ومن قتلها فكأنما قتل نفسا وهو متعمد، { ومن يقتل مومنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما }النساء، آية/93."
كل المناقشات التى جرت وتجرى هى فى المدة التى يباح فيها الاجهاض وهى مناقشات بنيت على أمر خطأ وهو المدة بينما البحث واجب فى السبب الذى ينبغى الإجهاض لأجله وهو :
السبب الأول وهو الحفاظ على حياة الأم فالإجهاض المباح وهو ما توصل له القوم بعد كل تلك المناقشات هو للحفاظ على حياة الأم لسبب ما كتسمم الحمل أو تسبب الحمل فى فساد أعضاء مريضة بها كالقلب مما يؤدى لموتها وموت الجنين بالتالى
السبب الثانى الحمل الناتج عن جريمة الاغتصاب فهذا الحمل يجب اجهاضه حفاظا على نفسية المغتصبة وحفاظا على سمعتها وسمعة أسرتها وحفاظا على حقها فى الزواج فيما بعد إن كانت عذراء وبحكم قضائى يقوم الأطباء بعمل غشاء بكارة أخر دون أن يرى وجه المرأة وأما إن كانت متزوجة فحفاظا على رباط الزوجية حتى لا ينسب ولد لغير والده وكل هذا يتم دون الكشف عن شخصية المغتصبة من جانب القضاء والشرطة فإن خرج الخبر وجب عقاب من نشره لأنه يتسبب فى مشاكل لا يعرف مداها إلا الله وساعتها على القاضى أن ينقل الأسرة بكاملها إلى بلدة أخيرة بعيدة لا يعرفها حتى الأقارب مع ايجاد الوظائف والمسكن وغيره حتى تتاح للمرأة غير المتزوجة أن تتزوج وحتى لا ينشأ أفراد الأسرة فى جو من النظرات المشفقة أو النظرات المحرمة
وخير ما قيل فى منع اجهاض الجنين المشوه هو قول إحدى لجان الفتوى:
"وفي ولادة هؤلاء المشوهين عظة للمعافين، وفيه معرفة لقدرة الله عز وجل حيث يرى خلقه مظاهر قدرته، وعجائب صنعه سبحانه، كما أن قتلهم وإجهاضهم نظرة مادية صرفة لم تعر الأمور المعنوية أية نظرة، ولعل في وجود هذا التشويه ما يجعل الإنسان أكثر ذلة ومسكنة لربه، وصبره عليها احتسابا منه للأجر الكبير
والتشوهات الخلقية قدر أراده الله لبعض عباده، فمن صبر فقد ظفر، وهي أمور تحدث وحدثت على مر التاريخ، ...وعلى المرأة المسلمة، وعلى الأسرة المسلمة، أن تصبر على ما أصابها، وأن تحتسب ذلك عند الله"
هناك أسباب عديدة لتشوه الأجنة، وأن كثيرا من هذه الأسباب يمكن تلافيه، والتوقي منه، أو التخفيف من آثاره، وقد حث الإسلام والطب على منع أسباب المرض، ....وعليه لا بد أن تتخذ احتياطات كافية، فالبنسبة للأشعة مثلا ينبغي للحامل أن لا تتعرض لها، قبل الحمل ولا في بدايته، وأما إذا استخدمته قبل الحمل لضرورة فلا بد لها أن تؤجل الحمل إلى أمد.كأن تكون محتاجة للأشعة لوجود مرض السرطان فينبغي آن ذاك أن يجهض الجنين عند رأي بعض الأطباء والفقهاء، إذا كانت في مرحلة مبكرة من الحمل، أو يمنع الحمل من أساسه، إذا كان ممكنا بان عرف تشخيص المرض قبل حدوث الحمل فيمنع وقوعه والوقاية خير من العلاج...."
ما ذكره الباحث عن وجوب أخذ الاحتياطات عند عمل أى شىء يتعلق بصحة الحامل هو أمر واجب
ثم تحدث عن موضوع البحث الحقيقى فقال :
"المبحث الثالث:موقف الشرع من الجنين المشوه:
تمهيد: السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تلجأ المرأة للإجهاض؟!.
إن المرأة الحامل التي تريد أن تتخلص من جنينها، لابد أن هناك دافع يدفعها لذلك، و إلا اعتبرنها مجنونة، أو سفيهة، من لا يحب الأولاد؟، من لا يحب أن يرى مستقبله بين يديه؟.نعم هناك عوامل عديدة تجعل الحامل ترنو إلى إسقاط جنينها، ومن أهم هذه البواعث:
أن تتخلص منه لأنه ولد سفاح، أو لمرض المرأة الذي لا يسمح لها بمواصلة الحمل، أو خوفا على رضيعها، أو لعدم سلامة الجنين؛إما أن يكون مشوها عقليا أو جسديا، أو أن يكون ناقص الخلقة.فهذا الأخير هو محل الإشكال.
فهل للمرأة حق لإسقاط الحمل المشوه؟."
طرح الباحث الأسئلة هنا ولكنه اجل الاجابة ليبين طرق الاجهاض فقال :
المطلب الأول:أهم طرق الإجهاض:
الفرع الأول:الإجهاض الجراحي
هنالك عدة طرق للإجهاض.يتوقف اختلافها على مرحلة الحبل وعلى حجم الطفل المشرف على الولادة. الدكتور جاك ولكي في كتابه، الإجهاض سؤال وجواب (Hayes Publishing C-. Inc, Cincinnati, 1985) قسم طرق الإجهاض لثلاثة فئات:
الفئة الأولى: ويكون بغرز الرحم ويقتلون الطفل بواسطة آلة تدخل الرحم من عنق الرحم
الفئة الثانية:يقتل الطفل المشرف على الولادة بإدارة عقاقير تسبب طلقات وولادة طفل ميت.
الفئة الثالثة:ويكون بغرز الرحم من المعدة بعملية التمدد في الرحم
الطريقة المستعملة في التمدد هي إدخال سلسلة من الآلات لازدياد حجم عنق الرحم، وتوسيعه لتسهيل عملية الإجهاض، وتستعمل بعض المواد أحيانا مثل:لاميناريا Laminaria - مواد مجففة من أعشاب البحر- لتخفيف العطب في عنق الرحم. وتدخل داخل عنق الرحم يوما قبل موعد الإجهاض، تمتص الماء فتنتفخ تدريجيا وبالتقدم تدفع بفتح عنق الرحم
طرق الإجهاض في أوقات معينة للجنين:
1. الطفل المشرف على الولادة في الأسبوع الثامن إلى العاشر:
في الأسبوع الثامن إلى التاسع يبدأ تكون الجفون ويظهر الشعر.
ومن الأسبوع التاسع إلى العاشر يبدأ الطفل المشرف على الولادة بامتصاص أبهم يده، ويتشقلب، وينط، ويقدر أن ينحرف أقرب خارج النور، ويعبس، ويبلع ويحرك لسانه.
في هذه المرحلة المبكرة من التطور، ينجز الإجهاض الامتصاصي باستعمال أنبوب صغير، وهو بحاجة إلى تمدد صغير في عنق الرحم؛ وهذا يسمى"اقتلاع حيضي" ومع ذلك إذا لم تسحب جميع البقايا الجنينية قد تسبب بالتهاب ويحتاج من بعدها إلى تمدد كامل لعنق الرحم لسحب ما تبقى في الأحشاء
2. إمتصاص ملء النفس:
هذه هي طريقة الإجهاض الأكثر إتباعا خلال 12 الأسابيع الأولى من الحبل، وقد يعطى تخدير عمومي أو موضعي للأم ولعنق رحمها للتمدد السريع، مجرفة مصاصة (أنبوب فارغ مع سكين على الرأس) تدخل داخل الأحشاء عندما توصل هذه الآلة لمكنسة كهربائية من خلال الأنبوب.
قوة هذه المكنسة الكهربائية أكثر ب 29 مرة من المكنسة الكهربائية المستعملة في البيت، تمزق الجنين ومشيمة الجني لقطع صغيرة، التي تسحب من خلال الأنبوب لقنينة ويرمى في النفايات.
3. التمدد والجرف:
هذه الطريقة مشابهة لطريقة الامتصاص مع الزيادة لكلاب (شنجل) سكيني الشكل (مجرفة) التي تقطع الطفل لقطع. وتكشط القطع للخارج من خلال عنق الرحم وترمى في النفايات (ملاحظة: هذا النوع من الإجهاض D&C ليس من المستلزم التشويش بينه وبين علاج D&C لسبب غير الحبل
4. تمدد وتفريغ D&E:
تستعمل هذه الطريقة للأسبوع الثامن عشر من الحبل، وبدل استعمال السكين بشكل الحلقة في إجهاض التمدد والتفريغ، جوز من الكلاب (ملقط، شناجل) يدخل إلى الأحشاء ويمسك قسم من الجنين. أسنان الكلاب تلوي وتمزق عظام الطفل المشرف على الولادة وتعاد هذه العملية حتى تقطع أوصاله وتزال. عادة يجب أن يسحب العمود الفقري وتحطيم الجمجمة لترتيب سحبهم
5. الملح المسمم (Salt P-is-ning Saline Injecti-n):
يستعمل بعد 16 أسبوع من الحبل (أربعة أشهر) عندما تكون قد تجمعت سوائل كافية. تحقن من خلال بطن الأم محقنة ملح قوي منحل في كيس الطفل. ويبلع الطفل السوائل والسم الموجود فيه. ويعمل هذا الملح كتآكل، ويحرق الطبقة الخارجية للجلد. عادة تأخذ نصف ساعة لكي يموت الطفل. وخلال 24 ساعة، عادة سوف تحصل ولادة، وتلد الأم طفل ميت. ( هنالك عدة حالات ولد فيها أطفال أحياء وعادة يتركوا بدون عناية حتى يموتوا. ولكن القليل منهم عاشوا وتبنوا لاحقا)
الفرع الثاني:
الإجهاض الكيماوي (بروستاجلندن Pr-staglandin):
هذا النوع من الإجهاض يستعمل كيماويات طورتها شركة المستحضرات الصيدلية Upj-hn Pharmaceutical C- التي تسبب طلقات شديدة، وتدفع الطفل النامي إلى الخارج. هذه الطلقات عنيفة أكثر من الطلقات الطبيعية. فكثيرا ما يقتل بها الطفل المشرف على الولادة – أحيانا بعضهم ينقطع رأسهم. ومع ذلك كثيرا منهم ولدوا أحياء.
الفرع الثالث:
استئصال الرحم أو الكشف القيصري لاستخراج الجنين:
تستعمل في الدرجة الأولى في الأشهر الثالثة الأولى من الحبل، ويدخل إلى الأحشاء من خلال البطن. الطريقة مشابهة لولادة استئصال الرحم، مع الاستثناء بأن حبل السرة عادة يقطع بينما الطفل لا يزال في الأحشاء، هكذا ينقطع تزويد الأكسيجين على الطفل ويسبب له الخنق. في بعض الأحيان ينتزع الطفل حيا وببساطة يترك في الزاوية يموت من الإهمال أو التعرية"
هنا بين الباحث نقلا عن الكتب الطبية طرق الاجهاض الطبى وهو كلام لا قائدة منه بالنسبة للسائلين عن حكم الاجهاض فهذا الكلام هو للأطباء وليس لعامة الناس
ثم تحدث الباحث عن الاختلاف بين الفقهاء فقال :
المطلب الثاني:أقوال العلماء في إجهاض الجنين قبل نفح الروح مع المناقشة:
إن العلماء اختلفوا إلى وجهات كثيرة بالنسبة إلى إسقاط(إجهاض) الحنين فبل نفخ الروح، أي ما بين 40 يوما إلى 120يوما، فسنورد بعض الآراء
الفرع الأول:
آراء بعض العلماء المتقدمين :
قد اختلف العلماء المتقدمون في إجهاض الجنين إلى أربعة فرق:
الفرقة الأولى: التحريم مطلقا هو ما ذهب إليه مذهب المالكية وهذا قولهم:قال الدريدير:« لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين » وقال الدسوقي:هذا هو المعتمد، وقيل يكره إخراجه قبل الأربعين إذن للمالكية قولان:الكراهية، وعد الجواز وهو كذلك قول الشافعية، ورأي الإمام الغزالي حيث قال: الاستجهاض والوأد جناية على موجود حاصل، فأول مراتب الوجود وضع النطفة في الرحم فيختلط بماء المرأة، فإفسادها جناية، فإن صارت علقة أو مضغة فالجناية أفحش وأغلظ وعلى هذا القول أخذت الحنابلة.
الفرقة الثانية:القول بكراهته؛وهو رأي بعض الحنفية، نقل عن الذخيرة:« لو أرادت [المرأة] الإلقاء قبل مضي زمن نفخ الروح هل يباح لها ذلك أم لا؟؛اختلفوا فيه؛ وكان الفقيه علي بن موسى يقول: إنه يكره، فإن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة، فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم» وعل هذا القول أخذت الظاهرية، وبعض المالكية، وبعض الشافعية
الفرقة الثالثة:القول بالإباحة مطلقا ؛لعذر ولغير عذر، قبل نفخ الروح، وهو ما ذهب إليه بعض الحنفية، جاء في فتح القدير ما نصه « يباح الإسقاط ما لم يتخلق منه شيء أي قبل نفخ الروح، ولا يكون ذلك إلا بعد 120 يوما، وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخلق [الحنفية] نفخ الروح و إلا فهو غلط، لأن التخلق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة»
و بعض المالكية أخذ بهذا القول كذلك ورد من كلام اللخمي حيث أجاز استخراج ما في داخل الرحم من الماء قبل الأربعين يوما، ووافق بهذا الرأي الجماعة وهو قول بعض الحنابلة أيضا؛ وقد أجازوا للمرأة شرب الدواء المباح لإلقاء النطفة لا العلقة، وقال ابن عقيل في تعليله: إن ما لم تحله الروح لا يبعث
الفرقة الرابعة: القول بالإباحة أيضا ولكن بعذر، وهو مذهب أكثر الأحناف، قال ابن وهبان:« فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر أو أنها لا تأثم إثم القتل » وبشأن إسقاط جنين السفاح قال الرملي:« لو كانت النطفة من زنى فقد يتخيل الجواز قبل نفخ الروح»
المناقشة:
هذه الآراء - والله أعلم – متباينة أيما تباين، وأرى أن الاختلاف ناتج عن ظهور تخلق الجنين وعدم تخلقه في الفترة ما قبل 120 يوما، وبنفخ الروح قبل ذلك أو بعده، فمن قال بالحرمة قال أنه وأد لموجود حاصل ؛يعني عندما تلقح البويضة فقد بدأت في التخلق وهي المرحلة الأولى من الخلقة، فهو وأد ظاهر.
ومن قال بالكراهة فقال أن الماء الموجود في الرحم مآله الحياة؛وهذا بعد تلقيحه طبعا ؛حيث أن حياته متيقنة أما الذين قالوا بالإباحة قبل التخلق فهذا القول لا جدال فيه فالكل يقول به، فإذا قصد بالتخلق ظهور بعض الأعضاء فهذا مشاهد في بداية التلقيح ؛وقد ثبت علميا، وأما إذا أراد به نفخ الروح بدون ضرورة تدعو لذلك فهذا فيه شيء من الخطأ، وقتل للنفس الإنسانية بدون مبرر شرعي فهذا كان معتمدا قبل أن يأتي الإسلام إلا وهو الوأد، فكانوا يئدون أولادهم خشية الإملاق، أو من الإملاق؛أي الفقر، أما قتلهم البنات كان خوفا من الفضيحة، فقد قال تعالى: { وإذا بشر أحدهم بالانثى ضل وجهه مسودا وهو كظيم يتوراى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون } ، والوأد في الجاهلية قد حرمه الله تعالى في عدة من الآيات منها قوله تعالى: { وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت } وقال: " ولا تقتلوا أولدكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا"
وقد سئل النبي (ص)«أي الذنب أعظم ؟قال:أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت:[أي الصحابي السائل] ثم أي؟ قال:أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك«
نعم كانت هذه العادة من الوأد، وظهرت من جديد في عالمنا المعاصر باسم جديد – يسمونه بغي اسمه- إلا وهو الإجهاض، وهذا بعد اضمحل الإسلام وبقي سوى عنوانا يتداول بين الأشخاص والقبائل فأم الذين قالوا بالإباحة مع ضرورة شرعية أو مصلحة طبية، فهذا يساير بحثي هذا فربما قصد بالضرورة هنا، إما لحالة الجنين أو لخطر محدق على الأم...الخ فهذا القول قد قال به المتأخرون من الفقهاء فسنراه في الفرع الثاني"
الاختلاف هنا هو اختلاف لا داعى له فالحكم ليس هو الحكم على إباحة الإجهاض فى أى مدة وإنما البحث يجب ان يكون هل يجوز الإجهاض بسبب كذا أم لا وكرر الباحث نفس الكلام فى ذكره آراء بعض العلماء المتأخرين فقال:
"الفرع الثاني:آراء بعض العلماء المتأخرين:
يرى العلماء المعاصرين أن الإجهاض محرم قبل نفخ الروح، كما هو محرم بعده، لأن النطفة إذا استقرت في الرحم صارت إلى التخلق شيئا فشيئا
قال الشيخ بكلي: «ولا يجوز إسقاط الحمل متى تيقن وجوده أو ظن، وإن مضت عليه مدة قصيرة ؛لأن الجنين وإن ظل صغيرا لكنه قابل للنمو، فهو بشر على كل حال»
ويرى البعض جواز الإجهاض قبل الأربعين مطلقا، وتحريمه بعد ذلك، ويقول إن لفظ الجنين إنما يطلق على المضغة منذ أن يبدأ فيها التخلق، وأما قبل ذلك فلا يطلق لفظ الجنين عليه، مستدلا بقول الشافعي الذي نقله المزني في المختصر:« أقل ما يكون به جنينا أن يفارق المضغة والعلقة حتى يتبين شيء من خلق آدمي»
قال محمد سعيد البوطي: «أما ما لم يتخلق فقد بقي حكم إسقاطه على الأصل من الجواز بالإضافة إلى أن هذا الأصل يدعمه القياس على حكم العزل»
وزاد وقال إنما يشترط ذلك فقط رضا الزوجين، لأن: « حق الجنين لا يبدأ بالتسلط إلا بعد أن يجتاز مدة 40 يوما، ذلك لأنه خلال هذه الأيام لا يزيد على كونه نطفة أو دما متجمدا، أو قطعة لحم غير متبينة، فلا يتمتع بالروح، ولا هو مكتسب لشيء من خلقة الأحياء، لا جرم أن حق الأبوين أقدر خلال هذه الفترة على التسلط إذا اتفقا»
نفس الخطأ الذى ارتكبه الفقهاء من قبل وهو ما كرره فى أقوال العلماء في إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فى المطلب التالى:
"المطلب الثالث:أقوال العلماء في إجهاض الجنين بعد نفخ الروح مع المناقشة:
تمهيد: إن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مائة وعشرين يوما، كما ثبت في الحديثين الصحيحين - خلاف لمن قال قبل ذلك -:
الحديث الأول أخرج الشيخان البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله (ص)وهو الصادق المصدوق، قال:«إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح»
الحديث الثاني: أخرج مسلم في صحيحه عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن النبي (ص)قال: « إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله ملكا فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يارب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما يشاء، ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة من يده فلا يزيد على ما أمر به ولا ينقص »
ولا شك أن الجنين يمر بمراحل متعددة أثناء نموه، وتعتبر مرحلة الأربعين مرحلة ذات أهمية بالغة، والتي تمثل تكون الأعضاء المختلفة، بينما تمثل مرحلة 120 يوما (منذ التلقيح) مرحلة أشد أهمية، حيث أظهرت الأبحاث الحديثة أن المناطق المخية العليا تبدأ في السيطرة على المناطق التي تحتها، وتبدأ التشابكات العصبية، ويمكن تسجيل رسم الدماغ (تخطيط المخ) من الجنين في هذه الفترة..
ولهذا فإن للجنين مستويين هامين: الأول عند بلوغه الأربعين، وفيها يتم تكون الأعضاء الأساسية، وجذع الدماغ، والثاني عند بلوغه 120يوما، وفيها يتم تكون الدماغ، وارتباط قشرة المخ بما تحتها، وتبدأ بالتالي عملها، وهو المستوى الإنساني الرفيع، حيث يظهر الإحساس، والشعور، وما يتبعه بعد ذلك من إدراك وفهم وذكاء.. إلخ.
لذا فإن الفقهاء مجمعون على حرمة قتل الجنين بعد مرور 120 يوما (بعد التلقيح)، وجميع المذاهب الإسلامية على ذلك، بما فيهم الاثني عشرية (الجعفرية، الإمامية) والزيدية، والأباضية، ولا يسمح بالإجهاض إلا إذا كان الحمل يشكل خطرا جسيما على حياة الحامل، فتقدم آنذاك حياتها على حياته، وهذا ما أخذ به كثير من الفقهاء المحدثين من أمثال الشيخ شلتوت والشيخ القرضاوي والمجامع الفقهية
ومن الغريب أن أحد علماء المتقدمين ابن عابدين يحرم إسقاط الجنين مطلقا ما دام الجنين حيا ولو أن الجنين فيه ضرر للأم ؛فقال: « لو كان الجنين حيا ويخشى من حياة الأم من بقائه، فإنه لا يجوز تقطيعه لأن موت الأم به موهوم، فلا يجوز قتل آدمي حي لأمر موهوم»
توجيه: وهذا ربما كان في زمن لم يكن العلم فيه متقدما ومتطورا، حيث لا يتيقنون بحياة الأم، ولكن في هذه السنين الأخيرة ليس العلم كما كان في القديم؛بل الأطباء يقدرون نسبة حياة الأم بالنسبة المئوية؛ وأرى:إن كانت النسبة المئوية تحت الخمسين أو كانت خمسينا فلا يجوز إسقاطه ؛فربما بقيا حيان (الأم والابن)، أما إذا كانت النسبة فوق الخمسين فأرى والله أعلم أن للطبيب أن يغامر مع أخذ المشورة من الأبوين.
محمد شلتوت يذهب إلى جواز إسقاطه إذا ثبت من طريق موثوق به أن بقاءه بعد تحقق حياته يؤدي لا محالة إلى موت الأم، وذلك استدلالا بقواعد العامة التي تأمر بارتكاب أخف الضررين، وأنه لا يجوز أن يضحى بالأم وهي الأصل وقد استقرت حياتها ولها خط مستقل في الحياة ولها حقوق وعليها حقوق في سبيل إنقاذ الجنين وإن كان الجنين مكتمل الخلق لأنه الفرع ولم تستقل حياته ولم يحصل على شيء من الحقوق والواجبات.
ولقد رأت لجنة من الفقهاء أنه إذا كان الفقهاء منعوا هتك حرمة جسد الأم وهي ميتة وضحوا بالجنين الحي؛فإن الحفاظ على حياة الأم إذا كان في بقاء الجنين في بطنها خطر عليها أولى بالاعتبار لأنها الأصل وحياتها ثابتة بيقين، بما أن بقاء الجنين سيترتب عليه موت الأم وموت الجنين أيضا.
وفي الطب الحديث إنه إذا تعذر إجراء عملية قيصرية لإخراج الجنين وإنقاذ الأم فإنه يمكن إجهاضها بواسطة تقطيع أو ثقب رأسه وإنزاله ميتا
حقيقة إن لهذا القول قدرا من الصواب؛ كيف يعقل ترك الجنين الذي هو خطر على أمه وهي الأصل وخطر على نفسه الذي يعتبر الفرع، فلا بد من إنقاذ أحدهما و الأولى هو الأصل أي الأم؛ إلا إذا كان حياة الأم غير متيقن منها مع أن الجنين متيقن من حياته ففي هذه الحالة أستطيع أن أقول:أن يضحى بالأم ويحافظ على الجنين
فقد توصلت إلى ما يلي:
فهذه شروط أراها لا بد منها فإذا توفرت جاز إسقاط الجنين، سواء أكان قبل نفخ الروح أو بعده:
أولا: يحظر على الطبيب إجهاض امرأة حامل أتمت مائة وعشرين يوما من حين العلوق، إلا لإنقاذ حياتها من خطر محقق من الحمل
ثانيا: يجوز الإجهاض برضا الزوجين إن لم يكن تم للحمل أربعون يوما من حين العلوق، مع وجود ضرورة شرعية أو مصلحة طبية ملحة.
ثالثا: إذا تجاوز الجنين مائة وعشرين يوما لا يجوز الإجهاض إلا في الحالتين الآتيتين:
( أ ) إذا كان بقاء الحمل يضر بصحة الأم ضررا جسيما لا يمكن احتماله، أو يدوم بعد الولادة لمدة طويلة لا يعلم حدها.
( ب ) إذا ثبت أن الجنين سيولد مصابا على نحو جسيم، بتشوه بدني، أو قصور عقلي لا يرجى البرء منهما، ، أما إذا كان مما يرجى برؤه فلا. أو أنه سيموت بعد فترة بنسبة متوقعة.
ولا تجرى عملية الإجهاض فيما بعد الأربعين يوما إلا بقرار من لجنة طبية، مشكلة من ثلاثة أطباء متخصصين ثقات، أحدهم على الأقل متخصص في أمراض النساء والتوليد، على أن يوافق على القرار اثنان من الأطباء المسلمين ظاهري العدالة
وخلاف ذلك يعتبر قتلا لنفس بريئة حرمها الله تعالى، ومن قتلها فكأنما قتل نفسا وهو متعمد، { ومن يقتل مومنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما }النساء، آية/93."
كل المناقشات التى جرت وتجرى هى فى المدة التى يباح فيها الاجهاض وهى مناقشات بنيت على أمر خطأ وهو المدة بينما البحث واجب فى السبب الذى ينبغى الإجهاض لأجله وهو :
السبب الأول وهو الحفاظ على حياة الأم فالإجهاض المباح وهو ما توصل له القوم بعد كل تلك المناقشات هو للحفاظ على حياة الأم لسبب ما كتسمم الحمل أو تسبب الحمل فى فساد أعضاء مريضة بها كالقلب مما يؤدى لموتها وموت الجنين بالتالى
السبب الثانى الحمل الناتج عن جريمة الاغتصاب فهذا الحمل يجب اجهاضه حفاظا على نفسية المغتصبة وحفاظا على سمعتها وسمعة أسرتها وحفاظا على حقها فى الزواج فيما بعد إن كانت عذراء وبحكم قضائى يقوم الأطباء بعمل غشاء بكارة أخر دون أن يرى وجه المرأة وأما إن كانت متزوجة فحفاظا على رباط الزوجية حتى لا ينسب ولد لغير والده وكل هذا يتم دون الكشف عن شخصية المغتصبة من جانب القضاء والشرطة فإن خرج الخبر وجب عقاب من نشره لأنه يتسبب فى مشاكل لا يعرف مداها إلا الله وساعتها على القاضى أن ينقل الأسرة بكاملها إلى بلدة أخيرة بعيدة لا يعرفها حتى الأقارب مع ايجاد الوظائف والمسكن وغيره حتى تتاح للمرأة غير المتزوجة أن تتزوج وحتى لا ينشأ أفراد الأسرة فى جو من النظرات المشفقة أو النظرات المحرمة
وخير ما قيل فى منع اجهاض الجنين المشوه هو قول إحدى لجان الفتوى:
"وفي ولادة هؤلاء المشوهين عظة للمعافين، وفيه معرفة لقدرة الله عز وجل حيث يرى خلقه مظاهر قدرته، وعجائب صنعه سبحانه، كما أن قتلهم وإجهاضهم نظرة مادية صرفة لم تعر الأمور المعنوية أية نظرة، ولعل في وجود هذا التشويه ما يجعل الإنسان أكثر ذلة ومسكنة لربه، وصبره عليها احتسابا منه للأجر الكبير
والتشوهات الخلقية قدر أراده الله لبعض عباده، فمن صبر فقد ظفر، وهي أمور تحدث وحدثت على مر التاريخ، ...وعلى المرأة المسلمة، وعلى الأسرة المسلمة، أن تصبر على ما أصابها، وأن تحتسب ذلك عند الله"