رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
نظرات فى بحث في أسرى المرتدين
المؤلف هو عبد الوهاب الحيده وهو يدور حول حكم قتل المرتدين بعد أسرهم وفى مقدمته تحدث عما يدور فى نفوس المقاتلين فقال :
"وبعد:
فإنه قد أنتشر بين المجاهدين مقولة وجوب قتل المرتدين بعد أسرهم حتما قولا واحداً، وأنه لا خلاف في ذلك البتة، ومهما كانت الظروف، وأن ذلك لا يدخل في السياسة الشرعية التي هي موضع اجتهاد ولي الأمر، وفي هذا البحث المتواضع سأبين بتوفيق الله تعالى جوانب من هذه المسألة من فعل رسول الله (ص) وفعل أصحابه من بعده رضوان الله عليهم أجمعين وجملة من أقوال أهل العلم المعتبرين السابقين والمعاصرين إظهاراً للحق ودرء للشبهات التي يثيرها البعض ممن قل علمه وكثر جدله واشتغل بما لا يعنيه."
وقد أن يستهل بحثه عرف الحيدة ألسير المرتد فقال :
"ملاحظة:
المقصود بالأسير المرتد في هذا البحث من يقع منهم في أيدي المجاهدين خلال القتال في ساحة المعركة وفي غيرها، وهل يجب قتله حتما حال وقوعه في الأسر من قبل المجاهدين حتى لو أظهر رجوعه عن ردته أو قبل دعوته إلى الإسلام وإقامة الحجة عليه - أي تحقق الشروط وانتفاء الموانع بحقه - لا أن يترك علي ردته بعد القدرة عليه، فتنبه"
وتحدث الحيدة عن وجوب قتل المرتد بعد استتابته فقال :
"من العلوم أن المرتد المقدور عليه، أنه يستتاب، فان تاب وإلا قتل لقول رسول الله (ص): ((من بدل دينه فاقتلوه)) ولا يصلح في حقه أمان ولا ذمه، ومن كان من غير المقدور عليهم إذا تاب عن ردته والتزم شرائع الإسلام، كان ذلك عاصما له من القتل، وله أخوه الإسلام.
أما المقدور عليه منهم من المحاربين قبل توبته ورجوعه ألي الإسلام فلا عصمة له.
صحيح إن الأصل في المرتد محارباً كان أو غير محارب، ذكراً كان أم أُنثى ليس أمامه إلا التوبة والرجوع إلى الإسلام أو القتل إذا أصر على ردته، إذ لا مصلحة في تركه على ردته، هذا هو الأصل كما ذكرت"
ونص الرواية المذكورة يتعارض مع ما ذهب إليه الحيدة وغيره من وجوب استتابة المرتد فليس فيها ذكر للاستتابة وإنما قتل لمن بدل الدين
والرواية لو أخذت بنصها الظاهرى لكان معناها :
قتل كل من يغير دينه سواء كان الإسلام أو غيره
ومن ثم فتلك الرواية لا تصلح ببناء عليها كحكم فى المراد عن دينه وإنما ما يصلح هو :
قتال المرتد حتى يقتل أو يتقى والمراد ينتهى عن الكفر فيتوب بالعودة للإسلام وهو نص قوله تعالى :
"وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا فى دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم يتقون"
وتحدث الحيده عن أن حكم المرتد يعود لما سماه السياسة الشرعية لولى للأمر وهو كلام بلا أساس فقال :
"وأما القول بوجوب قتل كل مرتد - سواء كان محارباً أو كان غير محارب - حتماً مهما كانت الأحوال، وان ولي الأمر من أمير أو سلطان أو حاكم ليس له إلا ذلك، لم أجد هذا القول في أقوال من اطلعت عليه من أهل العلم بل العكس صحيح، من عمل رسول الله (ص) وأصحابه من بعده، ومن أقوال أهل العلم السابقين والمعاصرين، إذ إن هذه المسالة تنضوي تحت السياسة الشرعية التي يراعي فيها ولي الأمر تحقيق المصلحة، ودرء المفسدة عن الأمة بحسب الإمكان، وانه مخير فيه على ما يصل أليه اجتهاده، وكان هذا شأن رسول الله (ص) مع أمته."
وبالقطع لا وجود لتلك السياسة لأنها ليست شرعية وإنما خروج على الشرع فالمرتد كما سبق القول يقاتل بعد رفض الاستتابة أو يتوب ولو اعتبر أسيرا فحكم الأسير معروف وهو إطلاق سراحه بلا قتل بمال أو بدون مال كما قال تعالى :
"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
ومن قم ولى الأمر ليس حكم المرتد فى يده حتى يتركه بدون قتل
ونقل الحيده كلاما معتمدا على بطون الكتب فى الأمر فقال :
"يقول ابن القيم (وكان هديه في الأسرى: يمن على بعضهم، ويقتل بعضهم ويفادي بعضهم بالمال، وبعضهم بأسرى المسلمين، وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة) [زاد المعاد ج3/ 99 طبعه مؤسسه الرسالة].
وقال عن قتل اليهودية لبشر بن البراء بالسم: (فإن قيل فهلا قتلت بنقض العهد قيل هذا حجة من قال أن الأمام مخير في ناقض العهد كالأسير) [زاد المعاد 3/ 311] ... إلى أن قال: (وعلى هذا فهذه المرأة لما سمت الشاة صارت بذلك محاربة وكان قتلها مخيراً فيه) [زاد المعاد 3/ 311].
ولم يكن يفعل ذلك (ص) مع الكفار الأصليين خاصة بل ترك قتل بعض المرتدين كذلك.
يقول صفي الرحمن المباركفوري: (وأهدر رسول الله (ص) يومئذٍ - أي بعد فتح مكة - دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين، وأمر بقتلهم وان وجدوا تحت أستار الكعبة، وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سرح ... )، إلى أن قال: (فأما ابن أبى سرح، فجاء به عثمان إلى النبي (ص)وشفع فيه فحقن دمه، وقبل إسلامه بعد أن امسك عنه، رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله، وكان قد اسلم قبل ذلك وهاجر، ثم ارتد ورجع إلى مكة) [الرحيق المختوم/406 طبعه مؤسسه الرسالة]. فتجد أخي في الله أن النبي (ص) ترك قتل عبد الله بن بي سرح وهو مرتد، بشفاعة عثمان رضي الله عنه ولو كان قتل المرتد حداً لا رخصه في تركه لما تركه، لان الحدود لا تقبل فيها الشفاعة فهي من حق الله، ولكن لما كان ذلك من السياسة الشرعية كان النبي (ص) مخيراً فيها، كما هو الشأن في التعازي التي ترجع إلى نظر الأمام والتي نص العلماء على قبول الشفاعة فيها.
إن أمور الحرب وما يتعلق بها من أحكام ومنها قتل الأسير المرتد أو عدم قتله هي من الأمور المتعلقة بمنصب الامامة لا بمنصب الرسالة والنبوة.
يقول ابن القيم بعد أن ذكر ما يصدر من رسول الله (ص)أن منها ما يصدر بمنصب النبوة والرسالة ومنها ما يصدر بمنصب الفتوى ومنها ما يصدر بمنصب الامامه والحكم وفصل في ذلك وأورد الامثله - وقال بعد ذلك كله: (وقد يقول - أي النبي (ص) - بمنصب الإمامة، فيكون مصلحة للامة في ذلك الوقت، وذلك المكان، وعلى تلك الحال، فيلزم من بعده من الأئمة مراعاة ذلك حسب المصلحة التي راعها النبي (ص) زماناً، ومكاناً، وحالاً) [زاد المعاد: ج3/ 430].
ويوضح الأمام ابن القيم هذا الأمر في موضع آخر فيقول: (واخذ الأحكام المتعلقة بالحرب، ومصالح الإسلام وأهله، وأمره، وأمور السياسة الشرعية، من سير رسول الله (ص) ومغازيه أولى من أخذها من آراء الرجال، فهذا لون، وتلك لون، وبالله التوفيق) [زاد المعاد ج3/ 129].
فتأمل - هداك الله - إلى قوله (أولى) ولم يقل (يجب) وقارن ذلك بقوله السابق يتبين لك أن هذه الأحكام من مسائل السياسات الشرعية التي توافق الشرع وتحقق مصالحه ومصالح المسلمين، وان لم ينص عليها الشرع.
يقول ابن القيم (وقال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وابعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول، ولا نزل به وحي، فان أردت بقولك؛ "إلا ما وافق الشرع"؛ أي لم يخالف ما نطق به الشرع، فصحيح، وإن أردت؛ "لا سياسة إلا ما نطق به الشرع"، فغلط وتغليط للصحابة) [الطرق الحكميه/33].
ومن ذلك تجد غلط من يطالب بالنص الشرعي الذي يدل على ما يقرره الأمير من أمور السياسة الشرعية التي هي من واجباته التي يستعين بها بمشاورة أهل الحل والعقد من آهل الدين ممن لهم خبره في أمور الدنيا. يقول شيخ الإسلام ابن تيميه (الواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح، الذين لهم الخبرة بما عليه أهل الدنيا، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين، فلا يؤخذ برأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا) [الاختيارات الفقهية/311. نقلاً عن مصدر آخر]."
واستنتج الرجل من تلك الكتب أن ولى الأمر مخير فى المرتدين يجوز أن يقتل ويجوز ألا يقتل حسب مصلحة فقال :
" ذلك يتبين أن قتل أسرى المرتدين يجوز ولا يجب، وأمر ذلك يعود لولي الأمر بحسب ما يترجح له من مصلحة."
وأصر الحيدة على نفس الرأى وأورد نقولا أخرى من بطون الكتب فقال :
"قال ابو يعلى: (ويجوز قتل أسرى أهل الحرب والمرتدين) [الأحكام السلطانية/55، نقلاً عن كتاب أماطه اللثام/175].
وبعد مراجعة كتاب الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الحنبلي وجدت ما نصه: (ومن اسر منهم - الكلام على المرتدين - قتل صبرا إن لم يتب) [الأحكام السلطانية ص 62 ط دار الفكر سنه 2000].
قال الإمام أبو الحسن على بن محمد ألماوردى في باب أحكام الردة: (ومن أسر منهم جاز قتله صبرا إن لم يتب) [الأحكام السلطانية للما وردى ص/93 ط المكتب الإسلامي 1996].
فللأمير أن يمن على أسرى المرتدين، وله أن يفاديهم بالمال، أو بأسرى المسلمين، كما له أن يقتلهم، يفعل ذلك بحسب ما يرجو من مصلحة العمل الإسلامي والجماعة المجاهدة.
فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لم يقتل أسرى المرتدين من أهل (دبا)، وهم ثلاثمائة مقاتل، بعد أن طلب منه ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بل حبسهم حتى توفي، ثم أطلقهم عمر رضي الله عنه قائلاً لهم: (انطلقوا إلى أي البلاد شئتم، فانتم أحرار) [راجع مختصر سيرة الرسول (ص) للإمام محمد بن عبد الوهاب/295].
وكما فعل خالد بن الوليد رضي الله عنه مع المرتدين من بني حنيفة، صالحهم ولم يقتلهم، للأسباب التي ذكرها بقوله: (إني والله ما ابتغيت في ذلك إلا الذي هو خير، رأيت أهل السابقة وأهل القرآن قد قتلوا ... إلى آخر مقولته) بعد إن اعترض عليه أصحابه لمخالفته أمر الخليفة أبي بكر رضي الله عنه، ثم اقره بعد ذلك رغم كرهته لفعله، ورد إعتراض عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقول أبي بكر الصديق لعمر: (دع عنك هذا)، فقال عمر: (سمعا وطاعة) رضي الله عن الجميع [راجع المصدر السابق/283 - 284]. فانظر - هداك الله - إلى قول المخالفين الذين يصرون ويجادلون من غير علم ولا فقه ولا تثبت ولا رجوع إلى أهل العلم."
ويصر الرجل على أن الأمر موكول إلى رأى ولى الأمر وليس إلى النص الإلهى فينقل كلاما أخر فيقول:
"إن من المهم في هذا الأمر وغيره من أمور السياسة الشرعية مراعاة أحوال المسلمين اليوم من ضعفهم، وقوة عدوهم في قضية التعامل مع المرتدين وسائر الكفرة في صراعهم لأجل عودة دولتهم وعزهم لأن ما لم يكن فيه مصلحة في زمن قوة المسلمين وتمكنهم وضعف المرتدين وقدرة المسلمين حين ذاك من القضاء عليهم دون عناء ومن غير مفسدة يكون اليوم بخلاف ذلك لتغير حال المسمين في مواجهة المرتدين.
يقول رفاعي احمد طه: (قلت: إن منع العلماء من مهادنة المرتدين أو موادعتهم كان مرده مصلحة المسلمين ونصرة الدين، حيث كان بالمسلمين قوة، وحال المرتدين قي حينه مهما بلغت قوتهم ودولتهم، فهم مجرد طائفة أو بلد تحيزت في دار، أما المسلمون فكانت لهم قوتهم ودولتهم التي تفوق قوة المرتدين، ولذلك لم يكن من المصلحة مهادنتهم أو موادعتهم، أما اليوم والله اعلم، فإنه تجوز مهادنة المرتدين وموادعتهم، وعقد الاتفاقيات معهم، ما ضمن المسلمون وجود مصلحة شرعية في ذلك) [كتاب إماطة اللثام عن بعض الأحكام ذروة سنام الإسلام، المرصد الإعلامي الإسلامي، ص 189 الحاشية].
وقال في نفس الكتاب - بعد أن قرر أن لا عقد ذمة لنصارى مصر -: (لذلك لا نرى مصلحة شرعية تحتم على الطوائف المسلمة المجاهدة في مصر، قتال نصارى مصر أو قتلهم، ولكن يرد عدوانهم قدر الإمكان) [ص 258].
ومما يجدر للمجاهدين معرفته إن تقرير المصلحة والمفسدة، وترجيح أحدهما على الآخر يكون للأمراء، وأهل الحل والعقد في الجماعة ولا يجوز للاتباع مخالفتهم فيما يتوصلون إليه، حفاظاً على وحدة الجماعة وتماسكها ومنعا للتفرق والتناحر والشقاق، حتى لو كان للأتباع رأي مخالف.
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه (وعلى الأتباع إتباع من ولي أمرهم من الأمراء والعلماء، فيما ساغ له إتباعه، وأمر فيه بإتباع اجتهاده) [المجموع 19/ 69 الطبعة الجديدة].
... يقول عبد القادر بن عبد العزيز: (ولا ينبغي لآحاد الرعية أن يطالب الأمير وقال أيضا: (ولا يجوز لآحاد من الرعية مخالفة الأمير في هذا - أي المفضول - تورعاً فيعمل بالأمر الأفضل) [ص 378].
وقال عن عدم السمع والطاعة للأمير وعصيانه: (ج: وهناك من يدخل في الجماعة ثم يأنف من السمع والطاعة وهذا من مسائل الجاهلية) [ص 383].
وقال أيضا: (د: وهناك من يتظاهر بالطاعة ويبيت العصيان والإفساد وهذا من النفاق) [ص 384] أعاذنا الله من النفاق"
الرجل هنا يصر على طاعة ولى الأمر بدلا من أن يصر على طاعة الله فليس لأحد أميرا أو مأمورا أن يتخلف عن طاعة النص الإلهى كما قال تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا "
فطيقا للآية ولى الأمر أو أى مسلم لا يعمل إلا بقول الله وليس برأيه الذى يسمونه مصلحة فحكم المرتد واضح وهو :
قتال المرتد حتى يقتل أو يتقى أى يتوب كما قال تعالى :
"وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا فى دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم يتقون"
ومن ثم فولى الأمر ليس مخيرا فى القتل حسب رأيه لأن القتل واجب فى حق كل من لم يتب والعفو واجب فى حق من تاب
والروايات التى ذكرت فيما نقل معظمها يقول بأن المعفو عنهم تابوا أعلنوا عودتهم للإسلام وأما البحث عن أن توبتهم حقيقية أم لا فهذا فى مجال لمعرفته لأنه علم خاص بالله المطلع على نوايا القلوب كما قال تعالى :
" ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"
ومن ثم لا مجال لحياة الطاعنين فى الإسلام فى المجتمع المسلم طالما أصروا على كفرهم بعد إسلامهم
وكرر الحيدة نفس الكلام فى ختاك الكتاب عن أن ولى الأمر مخير فى حكم المرتد المأسور فقال :
".. من كل ذلك فإنه يجوز قتل الاسير المرتد كما يجوز المنُّ عليهِ، أو مفاداته للأسباب التي ذكرتها، وذلك راجع الى رأي الأمير بما يراه يحقق المصلحة ويعين على تحقيق الهدف المشروع، وبما يؤديه إليه اجتهاده."
والغرض من الكتاب ليس بيان حكم الأسير المرتد ولكن بيان اعطاء ولى الأمر سلطات ليست له وهدف الجماعات من ذلك هو أن يظل المجاهدين وبقية الناس يطيعون بلا اعتراض وهو نفس مقولة الأنظمة الحاكمة التى يحاربونها فى الظاهر لأن معظم تلك الجماعات تحارب الله فالتمكين لولى الأمر بالطاعة المطلقة الغرض منه ألا يكتشف المجاهدون الحقيقيون حقيقة أولياء أمرهم وهم قيادات الجماعات الذين فى الحقيقة إما ضباط مخابرات وإما عملاء للمخابرات التى تقود تلك الجماعات إلى أعمال الهدف منها تشويه الإسلام وتكريه الشعوب فى الإسلام
لا وجود فى الإسلام لسلطة لولى الأمر طالما خالف حكم الله ولذلك أباح للمسلمين الاختلاف مع ولى الأمر والتنازع معهم طالما خالفوا حكم الله فقال :
"يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر"
فولى الأمر بشر يخطىء ويحاكم على الخطأ مثله مثل أى مسلم أخر وجماعة المسلمين لا تسير بولى أمير وإنما يسيرها النص الإلهى فليس الجيش ولا الشرطة ولا القضاء ولا أى شىء تحت أمره وإنما الكل خاضع للوحى الإلهى فإن عصى الله حوكم وعوقب وخلع من منصبه على يد الكل المناط به المحاكمة وليس العكس أن يناصره من فى يده السلاح
المؤلف هو عبد الوهاب الحيده وهو يدور حول حكم قتل المرتدين بعد أسرهم وفى مقدمته تحدث عما يدور فى نفوس المقاتلين فقال :
"وبعد:
فإنه قد أنتشر بين المجاهدين مقولة وجوب قتل المرتدين بعد أسرهم حتما قولا واحداً، وأنه لا خلاف في ذلك البتة، ومهما كانت الظروف، وأن ذلك لا يدخل في السياسة الشرعية التي هي موضع اجتهاد ولي الأمر، وفي هذا البحث المتواضع سأبين بتوفيق الله تعالى جوانب من هذه المسألة من فعل رسول الله (ص) وفعل أصحابه من بعده رضوان الله عليهم أجمعين وجملة من أقوال أهل العلم المعتبرين السابقين والمعاصرين إظهاراً للحق ودرء للشبهات التي يثيرها البعض ممن قل علمه وكثر جدله واشتغل بما لا يعنيه."
وقد أن يستهل بحثه عرف الحيدة ألسير المرتد فقال :
"ملاحظة:
المقصود بالأسير المرتد في هذا البحث من يقع منهم في أيدي المجاهدين خلال القتال في ساحة المعركة وفي غيرها، وهل يجب قتله حتما حال وقوعه في الأسر من قبل المجاهدين حتى لو أظهر رجوعه عن ردته أو قبل دعوته إلى الإسلام وإقامة الحجة عليه - أي تحقق الشروط وانتفاء الموانع بحقه - لا أن يترك علي ردته بعد القدرة عليه، فتنبه"
وتحدث الحيدة عن وجوب قتل المرتد بعد استتابته فقال :
"من العلوم أن المرتد المقدور عليه، أنه يستتاب، فان تاب وإلا قتل لقول رسول الله (ص): ((من بدل دينه فاقتلوه)) ولا يصلح في حقه أمان ولا ذمه، ومن كان من غير المقدور عليهم إذا تاب عن ردته والتزم شرائع الإسلام، كان ذلك عاصما له من القتل، وله أخوه الإسلام.
أما المقدور عليه منهم من المحاربين قبل توبته ورجوعه ألي الإسلام فلا عصمة له.
صحيح إن الأصل في المرتد محارباً كان أو غير محارب، ذكراً كان أم أُنثى ليس أمامه إلا التوبة والرجوع إلى الإسلام أو القتل إذا أصر على ردته، إذ لا مصلحة في تركه على ردته، هذا هو الأصل كما ذكرت"
ونص الرواية المذكورة يتعارض مع ما ذهب إليه الحيدة وغيره من وجوب استتابة المرتد فليس فيها ذكر للاستتابة وإنما قتل لمن بدل الدين
والرواية لو أخذت بنصها الظاهرى لكان معناها :
قتل كل من يغير دينه سواء كان الإسلام أو غيره
ومن ثم فتلك الرواية لا تصلح ببناء عليها كحكم فى المراد عن دينه وإنما ما يصلح هو :
قتال المرتد حتى يقتل أو يتقى والمراد ينتهى عن الكفر فيتوب بالعودة للإسلام وهو نص قوله تعالى :
"وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا فى دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم يتقون"
وتحدث الحيده عن أن حكم المرتد يعود لما سماه السياسة الشرعية لولى للأمر وهو كلام بلا أساس فقال :
"وأما القول بوجوب قتل كل مرتد - سواء كان محارباً أو كان غير محارب - حتماً مهما كانت الأحوال، وان ولي الأمر من أمير أو سلطان أو حاكم ليس له إلا ذلك، لم أجد هذا القول في أقوال من اطلعت عليه من أهل العلم بل العكس صحيح، من عمل رسول الله (ص) وأصحابه من بعده، ومن أقوال أهل العلم السابقين والمعاصرين، إذ إن هذه المسالة تنضوي تحت السياسة الشرعية التي يراعي فيها ولي الأمر تحقيق المصلحة، ودرء المفسدة عن الأمة بحسب الإمكان، وانه مخير فيه على ما يصل أليه اجتهاده، وكان هذا شأن رسول الله (ص) مع أمته."
وبالقطع لا وجود لتلك السياسة لأنها ليست شرعية وإنما خروج على الشرع فالمرتد كما سبق القول يقاتل بعد رفض الاستتابة أو يتوب ولو اعتبر أسيرا فحكم الأسير معروف وهو إطلاق سراحه بلا قتل بمال أو بدون مال كما قال تعالى :
"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
ومن قم ولى الأمر ليس حكم المرتد فى يده حتى يتركه بدون قتل
ونقل الحيده كلاما معتمدا على بطون الكتب فى الأمر فقال :
"يقول ابن القيم (وكان هديه في الأسرى: يمن على بعضهم، ويقتل بعضهم ويفادي بعضهم بالمال، وبعضهم بأسرى المسلمين، وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة) [زاد المعاد ج3/ 99 طبعه مؤسسه الرسالة].
وقال عن قتل اليهودية لبشر بن البراء بالسم: (فإن قيل فهلا قتلت بنقض العهد قيل هذا حجة من قال أن الأمام مخير في ناقض العهد كالأسير) [زاد المعاد 3/ 311] ... إلى أن قال: (وعلى هذا فهذه المرأة لما سمت الشاة صارت بذلك محاربة وكان قتلها مخيراً فيه) [زاد المعاد 3/ 311].
ولم يكن يفعل ذلك (ص) مع الكفار الأصليين خاصة بل ترك قتل بعض المرتدين كذلك.
يقول صفي الرحمن المباركفوري: (وأهدر رسول الله (ص) يومئذٍ - أي بعد فتح مكة - دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين، وأمر بقتلهم وان وجدوا تحت أستار الكعبة، وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سرح ... )، إلى أن قال: (فأما ابن أبى سرح، فجاء به عثمان إلى النبي (ص)وشفع فيه فحقن دمه، وقبل إسلامه بعد أن امسك عنه، رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله، وكان قد اسلم قبل ذلك وهاجر، ثم ارتد ورجع إلى مكة) [الرحيق المختوم/406 طبعه مؤسسه الرسالة]. فتجد أخي في الله أن النبي (ص) ترك قتل عبد الله بن بي سرح وهو مرتد، بشفاعة عثمان رضي الله عنه ولو كان قتل المرتد حداً لا رخصه في تركه لما تركه، لان الحدود لا تقبل فيها الشفاعة فهي من حق الله، ولكن لما كان ذلك من السياسة الشرعية كان النبي (ص) مخيراً فيها، كما هو الشأن في التعازي التي ترجع إلى نظر الأمام والتي نص العلماء على قبول الشفاعة فيها.
إن أمور الحرب وما يتعلق بها من أحكام ومنها قتل الأسير المرتد أو عدم قتله هي من الأمور المتعلقة بمنصب الامامة لا بمنصب الرسالة والنبوة.
يقول ابن القيم بعد أن ذكر ما يصدر من رسول الله (ص)أن منها ما يصدر بمنصب النبوة والرسالة ومنها ما يصدر بمنصب الفتوى ومنها ما يصدر بمنصب الامامه والحكم وفصل في ذلك وأورد الامثله - وقال بعد ذلك كله: (وقد يقول - أي النبي (ص) - بمنصب الإمامة، فيكون مصلحة للامة في ذلك الوقت، وذلك المكان، وعلى تلك الحال، فيلزم من بعده من الأئمة مراعاة ذلك حسب المصلحة التي راعها النبي (ص) زماناً، ومكاناً، وحالاً) [زاد المعاد: ج3/ 430].
ويوضح الأمام ابن القيم هذا الأمر في موضع آخر فيقول: (واخذ الأحكام المتعلقة بالحرب، ومصالح الإسلام وأهله، وأمره، وأمور السياسة الشرعية، من سير رسول الله (ص) ومغازيه أولى من أخذها من آراء الرجال، فهذا لون، وتلك لون، وبالله التوفيق) [زاد المعاد ج3/ 129].
فتأمل - هداك الله - إلى قوله (أولى) ولم يقل (يجب) وقارن ذلك بقوله السابق يتبين لك أن هذه الأحكام من مسائل السياسات الشرعية التي توافق الشرع وتحقق مصالحه ومصالح المسلمين، وان لم ينص عليها الشرع.
يقول ابن القيم (وقال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وابعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول، ولا نزل به وحي، فان أردت بقولك؛ "إلا ما وافق الشرع"؛ أي لم يخالف ما نطق به الشرع، فصحيح، وإن أردت؛ "لا سياسة إلا ما نطق به الشرع"، فغلط وتغليط للصحابة) [الطرق الحكميه/33].
ومن ذلك تجد غلط من يطالب بالنص الشرعي الذي يدل على ما يقرره الأمير من أمور السياسة الشرعية التي هي من واجباته التي يستعين بها بمشاورة أهل الحل والعقد من آهل الدين ممن لهم خبره في أمور الدنيا. يقول شيخ الإسلام ابن تيميه (الواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح، الذين لهم الخبرة بما عليه أهل الدنيا، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين، فلا يؤخذ برأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا) [الاختيارات الفقهية/311. نقلاً عن مصدر آخر]."
واستنتج الرجل من تلك الكتب أن ولى الأمر مخير فى المرتدين يجوز أن يقتل ويجوز ألا يقتل حسب مصلحة فقال :
" ذلك يتبين أن قتل أسرى المرتدين يجوز ولا يجب، وأمر ذلك يعود لولي الأمر بحسب ما يترجح له من مصلحة."
وأصر الحيدة على نفس الرأى وأورد نقولا أخرى من بطون الكتب فقال :
"قال ابو يعلى: (ويجوز قتل أسرى أهل الحرب والمرتدين) [الأحكام السلطانية/55، نقلاً عن كتاب أماطه اللثام/175].
وبعد مراجعة كتاب الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الحنبلي وجدت ما نصه: (ومن اسر منهم - الكلام على المرتدين - قتل صبرا إن لم يتب) [الأحكام السلطانية ص 62 ط دار الفكر سنه 2000].
قال الإمام أبو الحسن على بن محمد ألماوردى في باب أحكام الردة: (ومن أسر منهم جاز قتله صبرا إن لم يتب) [الأحكام السلطانية للما وردى ص/93 ط المكتب الإسلامي 1996].
فللأمير أن يمن على أسرى المرتدين، وله أن يفاديهم بالمال، أو بأسرى المسلمين، كما له أن يقتلهم، يفعل ذلك بحسب ما يرجو من مصلحة العمل الإسلامي والجماعة المجاهدة.
فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لم يقتل أسرى المرتدين من أهل (دبا)، وهم ثلاثمائة مقاتل، بعد أن طلب منه ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بل حبسهم حتى توفي، ثم أطلقهم عمر رضي الله عنه قائلاً لهم: (انطلقوا إلى أي البلاد شئتم، فانتم أحرار) [راجع مختصر سيرة الرسول (ص) للإمام محمد بن عبد الوهاب/295].
وكما فعل خالد بن الوليد رضي الله عنه مع المرتدين من بني حنيفة، صالحهم ولم يقتلهم، للأسباب التي ذكرها بقوله: (إني والله ما ابتغيت في ذلك إلا الذي هو خير، رأيت أهل السابقة وأهل القرآن قد قتلوا ... إلى آخر مقولته) بعد إن اعترض عليه أصحابه لمخالفته أمر الخليفة أبي بكر رضي الله عنه، ثم اقره بعد ذلك رغم كرهته لفعله، ورد إعتراض عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقول أبي بكر الصديق لعمر: (دع عنك هذا)، فقال عمر: (سمعا وطاعة) رضي الله عن الجميع [راجع المصدر السابق/283 - 284]. فانظر - هداك الله - إلى قول المخالفين الذين يصرون ويجادلون من غير علم ولا فقه ولا تثبت ولا رجوع إلى أهل العلم."
ويصر الرجل على أن الأمر موكول إلى رأى ولى الأمر وليس إلى النص الإلهى فينقل كلاما أخر فيقول:
"إن من المهم في هذا الأمر وغيره من أمور السياسة الشرعية مراعاة أحوال المسلمين اليوم من ضعفهم، وقوة عدوهم في قضية التعامل مع المرتدين وسائر الكفرة في صراعهم لأجل عودة دولتهم وعزهم لأن ما لم يكن فيه مصلحة في زمن قوة المسلمين وتمكنهم وضعف المرتدين وقدرة المسلمين حين ذاك من القضاء عليهم دون عناء ومن غير مفسدة يكون اليوم بخلاف ذلك لتغير حال المسمين في مواجهة المرتدين.
يقول رفاعي احمد طه: (قلت: إن منع العلماء من مهادنة المرتدين أو موادعتهم كان مرده مصلحة المسلمين ونصرة الدين، حيث كان بالمسلمين قوة، وحال المرتدين قي حينه مهما بلغت قوتهم ودولتهم، فهم مجرد طائفة أو بلد تحيزت في دار، أما المسلمون فكانت لهم قوتهم ودولتهم التي تفوق قوة المرتدين، ولذلك لم يكن من المصلحة مهادنتهم أو موادعتهم، أما اليوم والله اعلم، فإنه تجوز مهادنة المرتدين وموادعتهم، وعقد الاتفاقيات معهم، ما ضمن المسلمون وجود مصلحة شرعية في ذلك) [كتاب إماطة اللثام عن بعض الأحكام ذروة سنام الإسلام، المرصد الإعلامي الإسلامي، ص 189 الحاشية].
وقال في نفس الكتاب - بعد أن قرر أن لا عقد ذمة لنصارى مصر -: (لذلك لا نرى مصلحة شرعية تحتم على الطوائف المسلمة المجاهدة في مصر، قتال نصارى مصر أو قتلهم، ولكن يرد عدوانهم قدر الإمكان) [ص 258].
ومما يجدر للمجاهدين معرفته إن تقرير المصلحة والمفسدة، وترجيح أحدهما على الآخر يكون للأمراء، وأهل الحل والعقد في الجماعة ولا يجوز للاتباع مخالفتهم فيما يتوصلون إليه، حفاظاً على وحدة الجماعة وتماسكها ومنعا للتفرق والتناحر والشقاق، حتى لو كان للأتباع رأي مخالف.
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه (وعلى الأتباع إتباع من ولي أمرهم من الأمراء والعلماء، فيما ساغ له إتباعه، وأمر فيه بإتباع اجتهاده) [المجموع 19/ 69 الطبعة الجديدة].
... يقول عبد القادر بن عبد العزيز: (ولا ينبغي لآحاد الرعية أن يطالب الأمير وقال أيضا: (ولا يجوز لآحاد من الرعية مخالفة الأمير في هذا - أي المفضول - تورعاً فيعمل بالأمر الأفضل) [ص 378].
وقال عن عدم السمع والطاعة للأمير وعصيانه: (ج: وهناك من يدخل في الجماعة ثم يأنف من السمع والطاعة وهذا من مسائل الجاهلية) [ص 383].
وقال أيضا: (د: وهناك من يتظاهر بالطاعة ويبيت العصيان والإفساد وهذا من النفاق) [ص 384] أعاذنا الله من النفاق"
الرجل هنا يصر على طاعة ولى الأمر بدلا من أن يصر على طاعة الله فليس لأحد أميرا أو مأمورا أن يتخلف عن طاعة النص الإلهى كما قال تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا "
فطيقا للآية ولى الأمر أو أى مسلم لا يعمل إلا بقول الله وليس برأيه الذى يسمونه مصلحة فحكم المرتد واضح وهو :
قتال المرتد حتى يقتل أو يتقى أى يتوب كما قال تعالى :
"وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا فى دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم يتقون"
ومن ثم فولى الأمر ليس مخيرا فى القتل حسب رأيه لأن القتل واجب فى حق كل من لم يتب والعفو واجب فى حق من تاب
والروايات التى ذكرت فيما نقل معظمها يقول بأن المعفو عنهم تابوا أعلنوا عودتهم للإسلام وأما البحث عن أن توبتهم حقيقية أم لا فهذا فى مجال لمعرفته لأنه علم خاص بالله المطلع على نوايا القلوب كما قال تعالى :
" ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"
ومن ثم لا مجال لحياة الطاعنين فى الإسلام فى المجتمع المسلم طالما أصروا على كفرهم بعد إسلامهم
وكرر الحيدة نفس الكلام فى ختاك الكتاب عن أن ولى الأمر مخير فى حكم المرتد المأسور فقال :
".. من كل ذلك فإنه يجوز قتل الاسير المرتد كما يجوز المنُّ عليهِ، أو مفاداته للأسباب التي ذكرتها، وذلك راجع الى رأي الأمير بما يراه يحقق المصلحة ويعين على تحقيق الهدف المشروع، وبما يؤديه إليه اجتهاده."
والغرض من الكتاب ليس بيان حكم الأسير المرتد ولكن بيان اعطاء ولى الأمر سلطات ليست له وهدف الجماعات من ذلك هو أن يظل المجاهدين وبقية الناس يطيعون بلا اعتراض وهو نفس مقولة الأنظمة الحاكمة التى يحاربونها فى الظاهر لأن معظم تلك الجماعات تحارب الله فالتمكين لولى الأمر بالطاعة المطلقة الغرض منه ألا يكتشف المجاهدون الحقيقيون حقيقة أولياء أمرهم وهم قيادات الجماعات الذين فى الحقيقة إما ضباط مخابرات وإما عملاء للمخابرات التى تقود تلك الجماعات إلى أعمال الهدف منها تشويه الإسلام وتكريه الشعوب فى الإسلام
لا وجود فى الإسلام لسلطة لولى الأمر طالما خالف حكم الله ولذلك أباح للمسلمين الاختلاف مع ولى الأمر والتنازع معهم طالما خالفوا حكم الله فقال :
"يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر"
فولى الأمر بشر يخطىء ويحاكم على الخطأ مثله مثل أى مسلم أخر وجماعة المسلمين لا تسير بولى أمير وإنما يسيرها النص الإلهى فليس الجيش ولا الشرطة ولا القضاء ولا أى شىء تحت أمره وإنما الكل خاضع للوحى الإلهى فإن عصى الله حوكم وعوقب وخلع من منصبه على يد الكل المناط به المحاكمة وليس العكس أن يناصره من فى يده السلاح