- المشاركات
- 82,633
- الإقامة
- قطر-الأردن
مع أن حركة العملات مملة للبعض، لكن الأسواق مضطربة جداً
أظهرت البيانات الاقتصادية التي صدرت اليوم صعوبة مهمّة صانعي القرار في الدول الأوروبية للسيطرة على متغيرات الاقتصاد. بالرغم من نجاح صانعي القرار في البنك المركزي الأوروبي و البنك البريطاني في سحب اقتصادياتها خارج الركود الأسوأ منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن المهمّة تبدو أصعب مما هي عليه. البيانات التي صدرت اليوم فتحت أوراق مهمة جداً غابت عن أذهان الكثير من المتابعين لأداء الاقتصاديات الأوروبية لتظهر استمرار الضعف داخل هذه الاقتصاديات مثبتةً أن كل ما قامت به الدول حتى الآن قد لا يكون أكثر من نقل مشكلة حالية إلى المستقبل !
انخفض الفائض في الميزان التجاري الألماني بشكل واضح جداً و بعكس التوقعات، اكتفى الميزان الجاري خلال شهر كانون الثاني الماضي في ألماني بتحقيق فائض مقداره 8.0 مليار يورو فيما انخفض الفائض في الحساب الجاري إلى 3.6 مليار يورو فقط. نرى بأن الواردات ارتفعت بشكل ملحوظ و حققت نمواً مقداره 6.0% فيما انخفضت الصادرات بشكل حاد جداً و على غير المتوقع، انكمشت الصادرات الألمانية بمقدار 6.3% خلال شهر كانون الثاني الماضي. بيانات اختلطت بين إيجابية تحسّن الطلب المحلي و انخفاض الطلب العالمي على السلع الألمانية مما يعطي العديد من المتابعين حقّا لأن يشكّوا في أن ما تفعله الحكومة الألمانية من خطط تحفيز هي السبب وراء التحسّن الاقتصادي و أن الاقتصاد لم يظهر ملامح تحسّن حقيقي. نضيف على هذا بأن ألمانيا فشلت في أن تحقق أي نمو خلال الربع الرابع الماضي.
ارتفع مستوى التضخم في ألمانيا خلال شهر شباط الماضي بمقدار 0.4% و بالتالي ارتفع مستوى التضخم للسنة المنتهية في 28-شباط-2010 إلى 0.6%. تبدو هذه المستويات من التضخم منخفضة، لكن لو نظرنا إلى القفزة التي حصلت خلال شهر شباط لوحده يجب أن نقلق من أن يكون التضخم عائقاً جديداً أمام الحكومة الألمانية و البنك المركزي الأوروبي خلال الفترة القادمة.
عاد الاقتصاد الإيطالي للركود مرّة أخرى، انكمش الاقتصاد الإيطالي بمقدار 0.3% خلال الربع الرابع الماضي، من جهة أخرى نرى بأن التحسّن الذي ساد الاقتصاديات الأوروبية خلال الربع الأول الجاري لم يكن في المستوى المطلوب بحسب البيانات التي صدرت حتى الآن. هذا كله يضيف سلبية كبيرة من قبل المستثمرين الذين لم ينسوا أزمة اليونان التي تعكّر صفو الأسواق المالية الأوروبية و تقلق المتداولين بالرغم من التأكيدات على أن هذه الأزمة ممكنة الحل و أنها قد لا تؤثر على ترابط الاقتصاد الأوروبي للاتحاد بالشكل الذي يراه المتداولين.
كل هذه الأسباب أبقت على الضغوط السلبية على اليورو هذا اليوم، بشكل إجمالي نرى بأن اليورو ما زال يتداول بسلبية مقابل الدولار الأمريكي منخفضاً من الأعلى عند مستوى 1.3612 و قد حقق الأدنى عند مستوى 1.3540 مع ساعات صباح هذا اليوم.ما زال سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي يتداول ما دون مستوى المقاومة عند سعر 1.3610 دولار لليورو الواحد و هذا ما قد يبقي على الضغوط السلبية على اليورو و التي قد تدفعه لاختبار مستوى الداعم الأقرب 1.3525 دولار لليورو الواحد.
إلى جانب كل الضغوطات الاقتصادية و السياسية التي تعاني منها المملكة المتحدّة، أظهرت بيانات اليوم عودة قطاع الصناعة للانكماش. مؤشر الإنتاج الصناعي أظهر انكماش الإنتاج بمقدار 0.4% خلال شهر كانون الثاني الماضي فيما انكمش كذلك قطاع التصنيع بمقدار 0.9% و هذا ما أعطى تأكيدات على أن البلاد ما زالت تشهد مشاكل اقتصادية حقيقية لم تنتهي و أضافت لبيانات المنازل التي صدرت سابقاً مزيداً من التشاؤم لنرى أن كل من قطاع الصناعة و التصنيع إلى جانب قطاع المنازل ما زالت كلها تشهد ضغوطاً سلبية مما قد يجبر البنك المركزي البريطاني على أن لا يتخلّى عن سياساته المالية الحالية. في النقيض تماماً لا يجب أن ننسى بيانات التضخم من المملكة المتحدة و التي أظهرت بداية ضغوط تضخمية قد تكون عائقاً أمام البنك المركزي البريطاني.
انخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي هذا اليوم بشكل حاد جداً لينخفض من مستوى 1.5014 نحو مستوى 1.4882 و ما زالت التداولات لزوج الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي متركّزة قريباً من مستويات الزوج الأدنى لهذا اليوم. بكسر مستوى الدعم 1.4900 قد نرى الزوج يستمر في الانخفاض نحو مستوى الدعم التالي 1.4850 بل قد نرى وصولاً لمستوى الدعم 1.4795 دولار للجنيه الواحد و هذا الاحتمال يبقى قائماً بثبات التداولات ما دون مستوى 1.4990 ، مستوى المقاومة المحوري لتداولات هذا اليوم اللحظية.
ننتقل الآن من أوروبا إلى آسيا، و تحديداً إلى اليابان. بالرغم من انخفاض مؤشر نيكاي هذا اليوم بمقدار 0.04% إلا أن إجمالي تداولات آسيا كانت إيجابية إلى حد ما. كذلك الأمر شهدنا ارتفاعا في أسعار العديد من السلع و في نفس الوقت ارتفع سعر صرف الدولار مقابل سلّة العملات الأجنبية.
من الصين، صدرت بيانات أشارت إلى أن الصادرات الصينية ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاث سنوات و هذا ما أعطى تفاؤلاً كبيراً لتداولات الفترة الآسيوية هذا اليوم مما دفع الين الياباني نحو الأسفل مقابل العديد من العملات الأجنبية. ما زال الين الياباني يعتبر عملة نقدية لتزويد تجارة العائد، من المتوقع أن يبقي البنك المركزي الياباني على سعر الفائدة المتدني الحالي بل من المتوقع أن يقوم البنك الياباني بتمديد سياساته المالية و التسهيلات الائتمانية لوضح حد لمخاطر انكماش التضخم الذي تعاني منه المنطقة.
انخفض سعر صرف الين الياباني هذا اليوم مقابل الدولار الأمريكي من المستوى الأعلى للين الياباني عند 89.82 ين للدولار الأمريكي الواحد نحو مستوى الدولار الأعلى عند سعر 90.47 ين للدولار الأمريكي. فنياً، تختلط التداولات كثيراً بين مستوى الدعم 89.65 و مستوى المقاومة 90.60 لكن بما أن التداولات فوق مستوى 90.15 فقد نرى اختباراً لمستويات المقاومة المذكورة، لكن لو عاد الزوج للانخفاض و استطاع التمركز ما دون مستوى 90.15 فقد نرى العزم الصاعد للين الياباني مرّة أخرى لمحاولة جديدة لوصول الهدف الهابط الفني عند سعر 89.35.
ما زال اليوم في أوله، و التداولات قد تبدو مملة للبعض ! لكن كما تم الإشارة إليه في هذا التقرير، لا تخلو الأسواق المالية من الاضطراب الكبير الذي قد يستمر بل قد يزداد خلال الفترة الأمريكية هذا اليوم رغم عدم وجود بيانات هامة هذا اليوم لكن بما أن هنالك بيانات خاصة في مخزون النفط ، فقد نرى تجاوب الأسواق مع هذه البيانات من مطلق وضع الطلب الاستهلاكي في أكبر اقتصاد في العالم.