معركة الرسوم الجمركية تحتدم بين الثقة والقلق.. ماذا بعد؟

jawad ali

عضو نشيط
المشاركات
1,030
الإقامة
Turkey
kRcxplX2sx_1746490277.jpg

صعد سكوت بيسنت إلى المنصة في أكبر تجمع منذ شهور للمدافعين عن التجارة العالمية في وول ستريت، ساعياً لتفسير الأسباب التي تدفع الرئيس دونالد ترمب إلى وضع عراقيل أمام حركة التجارة.

وبينما شبّك أصابعه وأدار نظره في القاعة، قال وزير الخزانة أمام حشد هادئ إن الرسوم الجمركية، والتخفيضات الضريبية، وتحرير الاقتصاد، كلها "أجزاء مترابطة من محرّك" يهدف إلى تعزيز النفوذ الأميركي، مشدداً على أن ذلك كله مصمَّم بعناية. ثم توقف لحظة وقال: "آمل أن تكون الصورة الكبيرة قد اتضحت لكم الآن".


في المقابل، جاء الرد سريعاً، حيث اصطف عمالقة الاستثمار وقادة المال في مؤتمر "معهد ميلكن" في بيفرلي هيلز ليقولوا إن بإمكانهم التعايش مع الرسوم الجمركية وإعادة تشكيل العلاقات التجارية، لكن على الإدارة تسوية الأمور قريباً.

من بين من أبدوا هذا الموقف كل من هنري كرافيس المؤسس الشريك لشركة "كيه آر آر"، والرئيسة التنفيذية لبنك "سيتي غروب" جين فريزر، وهارفي شوارتز من مجموعة "كارلايل"، محذرين جميعاً من أن قادة الشركات يشعرون بالارتباك ويعيشون حالة من الترقب، في انتظار مآل المحادثات التجارية، وهو ما قد يُلحق ضرراً بالاقتصاد.

في إشارة إلى نوايا ترمب، قال مارك روان، الرئيس التنفيذي لشركة "أبولو غلوبال مانجمنت"، والذي كان في وقتٍ ما مرشحاً بارزاً لمنصب وزير الخزانة، خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" بالمؤتمر: "ما تسعى إليه الإدارة ليس خطأ".

لكن روان أضاف أن فوضى الأسابيع الأخيرة تُضر بسمعة الولايات المتحدة كدولة "مستقرة، وواضحة، ومنتظمة"، وتابع: "أرى أننا ننتقل مما كان يُعتبر استثنائية مفرطة إلى استثنائية فحسب".

الثقة والقلق من العناوين الرئيسية

في بعض لحظات المؤتمر، بدا وكأن هناك شاشتين متزامنتين: واحدة تعكس الثقة، وأخرى القلق. فمن جهة، شدد بيسنت على أن الولايات المتحدة في موقع تفاوضي قوي، ولا تزال "الوجهة الأولى" لرأس المال الدولي، وأنها ستصبح بيئة أكثر جذباً "لمستثمرين مثلكم".

لكن العديد من قادة وول ستريت رسموا صورة واضحة عن حالة عدم اليقين السائدة بين كبار المسؤولين التنفيذيين.

قالت جين فريزر من "سيتي غروب" إن العملاء من الشركات يقومون بتدعيم ميزانياتهم، وتسريع وتيرة التخزين، وتأجيل الإنفاق أو الاستثمارات في أعمالهم.

وأضافت أن التنفيذيين يخوضون محادثات مكثفة مع المصرفيين، ويرسمون سيناريوهات متعددة. وتتوقع أن تتحول هذه المناقشات إلى قرارات عملية في وقت لاحق من هذا العام.

قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن الاقتصاد العالمي قد يدفع ثمناً "ليس بسيطاً". وأضافت: "لقد تراكمت اختلالات التجارة على مدى سنوات، وها هي تصل إلى ذروتها بطريقة يصعب التنبؤ بها".

وتابعت: "نحن ننتقل الآن من نظام تجاري قابل للتنبؤ إلى ما سيكون حالة توازن جديدة". وأضافت: "الطريق من هنا إلى هناك مليء بالغموض".

هذا الغموض يخلق احتمالية لركود اقتصادي، لكنه قد يؤدي في النهاية إلى نمو أقوى، وفقاً لما قاله مايكل غوساي، الرئيس التنفيذي للاستثمار في أدوات الدخل الثابت لدى "برينسبال أسيت مانجمنت"، في مقابلة خلال مؤتمر "ميلكن".

وقال: "إذا مررنا بهذه المرحلة دون احتكاكات كبيرة، فنعتقد أننا قد نشهد تسارعاً في النمو في الجزء الأخير من العام وحتى عام 2026".

رأس المال طويل الأجل

شدد عدد من مديري الأموال على أن رأس المال طويل الأجل يمكن أن يدفع بأهداف الحكومة في إحياء القاعدة الصناعية الأميركية، وتمويل البنية التحتية لمنح الولايات المتحدة ميزة في سباق التسلح العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأشار الحاضرون إلى أن من شأن الإدارة الأميركية، التي تقول إنها منخرطة بعمق في مفاوضات مع مجموعة من الشركاء التجاريين الرئيسيين، أن تعلن على الأقل عن بعض الاتفاقات لمنح قادة الأعمال فكرة عما ينتظرهم.

وقالت جيني جونسون، الرئيسة التنفيذية لشركة "فرانكلين تمبلتون": "ذلك سيؤكد أيضاً أن الولايات المتحدة تنوي أن تكون شريكاً فاعلاً في اللعبة".

من جهته، اعتبر جورج روبرتس، المؤسس الشريك في "كيه آر آر" لجمهور آخر، مستعيراً العبارة الشهيرة من البريطانيين: "ابقوا هادئين وواصلوا العمل"، وأضاف: "الاتفاقات التجارية ستُنجز لأنها لا بد أن تُنجز، والإدارة بدأت تتراجع بالفعل عن بعض 'أفكارها الجديدة' التي طرحتها".

وفي حين دعا معظم الحاضرين إلى حل سريع، طرح مدير صندوق التحوط بيل آكمان اقتراحاً مختلفاً بعض الشيء لمعسكر ترمب.

ففي الشهر الماضي، حصل الملياردير على ما يريد حين أعلن الرئيس عن تجميد لمدة 90 يوماً لمعظم الرسوم الجمركية المتبادلة من أجل التفاوض مع دول العالم.

وقال آكمان: "الطريقة التي يتبعها الرئيس، كما رأينا، هي نوع من الصدمة والرعب، وهو ما يُخيف الناس". وأضاف: "لكنه في النهاية صانع صفقات. هو يحب إبرام الصفقات".

ومع ذلك، قال آكمان إن على ترمب الآن أن يُجمّد الرسوم على الصين لمدة 180 يوماً.
 
عودة
أعلى