- المشاركات
- 1,797
- الإقامة
- البحيره
يلاحظ المتابع لسوق النفط حالة التذبذب التي يعيشها مؤخرا خصوصا منذ مطلع عام 2020، بسبب أمور اقتصادية وأخرى سياسية، وإن كانت الدواعي السياسية تحاول أن تلبس نفسها عباءة اقتصادية.
وشئنا أم أبينا، النفط سلعة إستراتيجية. ومن سمات السلع الإستراتيجية أن يتم توظيفها سياسيا، فالسلطة قرينة الثروة، والاقتصاد والسياسية وجهان لعملة واحدة، ولقد لاحظنا أداء سوق النفط منذ أغسطس/آب 2021، ومطالبة بايدن "لأوبك بلس" بالعمل على زيادة حصص الإنتاج، وهو ما قوبل بالرفض، وتوقع البعض أن تشهد سوق النفط طفرات تتجاوز 150 دولارا للبرميل، أو قد تصل إلى 300 دولار، وخاصة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.
من يحرك سوق النفط؟
تقدم القراءات السريعة لسوق النفط نظرة حالمة. فمع بداية أبريل/نيسان 2023 واتخاذ الأعضاء الرئيسيين في "أوبك بلس" قرارا بخفض سقف الإنتاج بنحو 1.6 مليون برميل يوميا، بدءا من مايو/أيار القادم وحتى نهاية 2023، ظنّ البعض أنها إشارة البدء لصعود أسعار النفط لتلامس 100 دولار للبرميل أو يزيد.
في حين أن سوق النفط تحكمها عوامل كثيرة، منها ما يتعلق بتلك البيانات التي تصدر عن أداء الاقتصاد العالمي أو الاقتصاد الأميركي، أو أداء قطاع النفط في أميركا تحديدا، وكذلك حالة المخزونات الإستراتيجية للدول الكبرى، وكذلك العوامل السياسية في الدول المنتجة للنفط.
فمثلا، خلال الأيام الماضية، بعد قرار أوبك بلس خفض سقف الإنتاج، صعد النفط ليصل إلى 86 دولارا للبرميل من خام برنت، بعد أن كان بحدود 80 دولارا، وتنبأ البعض بأن الصعود سوف يأخذ اتجاها صعوديا، ولكن بعد ذلك وجدنا بيانات أميركية تفيد بتراجع حركة التوظيف الشهرية لأقل من 10 ملايين وظيفة، وهو مؤشر اعتبره البعض اتجاها لركود سوف يعمّ الاقتصاد الأميركي، وكان لذلك أثره في اتجاه أسعار النفط للهبوط مرة أخرى عند 84 دولارا للبرميل من خام برنت.
في حين أن سوق النفط تحكمها عوامل كثيرة، منها ما يتعلق بتلك البيانات التي تصدر عن أداء الاقتصاد العالمي أو الاقتصاد الأميركي، أو أداء قطاع النفط في أميركا تحديدا، وكذلك حالة المخزونات الإستراتيجية للدول الكبرى، وكذلك العوامل السياسية في الدول المنتجة للنفط.
فمثلا، خلال الأيام الماضية، بعد قرار أوبك بلس خفض سقف الإنتاج، صعد النفط ليصل إلى 86 دولارا للبرميل من خام برنت، بعد أن كان بحدود 80 دولارا، وتنبأ البعض بأن الصعود سوف يأخذ اتجاها صعوديا، ولكن بعد ذلك وجدنا بيانات أميركية تفيد بتراجع حركة التوظيف الشهرية لأقل من 10 ملايين وظيفة، وهو مؤشر اعتبره البعض اتجاها لركود سوف يعمّ الاقتصاد الأميركي، وكان لذلك أثره في اتجاه أسعار النفط للهبوط مرة أخرى عند 84 دولارا للبرميل من خام برنت.
التوظيف السياسي
طرفا سوق النفط من منتجين ومستهلكين، هما في الغالب أعداء في السياسة، وخاصة في السنوات القليلة الماضية. فبعد الحرب الروسية على أوكرانيا، وجدنا روسيا -ومعها بعض الدول التي لديها مشكلات مع أميركا وأوروبا- من صالحها إرهاق أميركا وأوروبا اقتصاديا عبر أسعار النفط.
وهناك دول من صالحها استمرار الصراع الروسي مع أميركا وأوروبا، لأنها صاحبة مصلحة من جهتين: الأولى، أنه أصبح لديها حصص أكبر من المعاملات التجارية والمالية مع روسيا، ومن تلك الدول الصين والهند، ولا يخفى على أحد استفادة الدولتين مما يسمى النفط الرخيص، الذي قد يعتبره البعض نوعا من الابتزاز لروسيا في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
والصين، في الوقت الذي يُنظر إليها أنها ستكون مفتاح الرواج لإنعاش الاقتصاد العالمي وخروجه من حالة الركود، لديها حساباتها في صراعها مع أميركا وأوروبا، ومن مصلحتها أن تحصل على النفط بأسعار منخفضة.
بينما روسيا والسعودية ودول نفطية أخرى، من صالحها أن تستمر أسعار النفط مرتفعة.
بينما أميركا وأوروبا تسعيان بجد لاستمرار أسعار النفط منخفضة، وتأملان في أن تعود أسعار النفط مرة أخرى عند سقف 70 دولارا للبرميل، أو أقل، لكي تعاودا ملء المخزونات الإستراتيجية لديهما.
فضلا عن أن استمرار أسعار النفط عند مستويات منخفضة من شأنه أن يخرج أميركا وأوروبا من مشكلات اقتصادية تعانيان منها منذ انفلات أسعار النفط.
فإذا ما انخفضت أسعار النفط، فسيساعد ذلك بشكل كبير على تراجع معدلات التضخم، وتراجع معدلات التضخم عند المعدلات المرغوبة لأقل من 2% في أوروبا وأميركا من شأنه أن يعدل اتجاهات السياسة النقدية، وخاصة ما يتعلق بخفض سعر الفائدة ليكون عند مستوياته السابقة ما بين صفر و0.50%.
وكلا الطرفين في سوق النفط -من مستهلكين ومنتجين- يدركان أوراق اللعب، ويحاول كل منهما أن يستحوذ على السوق، فإن لم يفلح فتكون مهمته إفساد أوراق الضغط لدى الطرف الآخر.
وهناك دول من صالحها استمرار الصراع الروسي مع أميركا وأوروبا، لأنها صاحبة مصلحة من جهتين: الأولى، أنه أصبح لديها حصص أكبر من المعاملات التجارية والمالية مع روسيا، ومن تلك الدول الصين والهند، ولا يخفى على أحد استفادة الدولتين مما يسمى النفط الرخيص، الذي قد يعتبره البعض نوعا من الابتزاز لروسيا في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
والصين، في الوقت الذي يُنظر إليها أنها ستكون مفتاح الرواج لإنعاش الاقتصاد العالمي وخروجه من حالة الركود، لديها حساباتها في صراعها مع أميركا وأوروبا، ومن مصلحتها أن تحصل على النفط بأسعار منخفضة.
بينما روسيا والسعودية ودول نفطية أخرى، من صالحها أن تستمر أسعار النفط مرتفعة.
بينما أميركا وأوروبا تسعيان بجد لاستمرار أسعار النفط منخفضة، وتأملان في أن تعود أسعار النفط مرة أخرى عند سقف 70 دولارا للبرميل، أو أقل، لكي تعاودا ملء المخزونات الإستراتيجية لديهما.
فضلا عن أن استمرار أسعار النفط عند مستويات منخفضة من شأنه أن يخرج أميركا وأوروبا من مشكلات اقتصادية تعانيان منها منذ انفلات أسعار النفط.
فإذا ما انخفضت أسعار النفط، فسيساعد ذلك بشكل كبير على تراجع معدلات التضخم، وتراجع معدلات التضخم عند المعدلات المرغوبة لأقل من 2% في أوروبا وأميركا من شأنه أن يعدل اتجاهات السياسة النقدية، وخاصة ما يتعلق بخفض سعر الفائدة ليكون عند مستوياته السابقة ما بين صفر و0.50%.
وكلا الطرفين في سوق النفط -من مستهلكين ومنتجين- يدركان أوراق اللعب، ويحاول كل منهما أن يستحوذ على السوق، فإن لم يفلح فتكون مهمته إفساد أوراق الضغط لدى الطرف الآخر.
سعر الأزمة
يبدو أن طرفا الصراع في سوق النفط، لكل منهما رغبة بشأن سعر للنفط في الوقت الحالي يجب ألا يتجاوزه، فالدول المنتجة -ومن بينها روسيا والسعودية ودول نفطية أخرى- لا ترغب في أن يتراجع سعر النفط عن 75 دولارا للبرميل، نظرًا لاعتبارات تتعلق بأوضاعها المالية، فضلًا عن الوضع في روسيا التي تخوض ما يمكن أن نسميه اقتصاد حرب.
كما أن أوروبا وأميركا لديها أيضًا رغبة في ألا يتجاوز سعر النفط 85 دولارا للبرميل، لما يترتب عن الارتفاع على هذا السقف من أعباء تضخمية، وتعقد أوضاع السياسة النقدية الخاصة بسعر الفائدة.
ومن هنا، يتدخل كل من الطرفين في الوقت المناسب، لتفعيل ما لديه من أوراق لتحقيق هدفه بشأن سعر النفط في السوق الدولية، ومن هنا يمكننا أن نسمي الهامش السعري للنفط في السوق الدولي (75 دولارا-85 دولارا للبرميل) بأنه "سعر الأزمة"، لأنه لا يعبر عن آليات العرض والطلب، بقدر ما يعبر عن تفعيل أدوات الصراع السياسي في سوق النفط.
كما أن أوروبا وأميركا لديها أيضًا رغبة في ألا يتجاوز سعر النفط 85 دولارا للبرميل، لما يترتب عن الارتفاع على هذا السقف من أعباء تضخمية، وتعقد أوضاع السياسة النقدية الخاصة بسعر الفائدة.
ومن هنا، يتدخل كل من الطرفين في الوقت المناسب، لتفعيل ما لديه من أوراق لتحقيق هدفه بشأن سعر النفط في السوق الدولية، ومن هنا يمكننا أن نسمي الهامش السعري للنفط في السوق الدولي (75 دولارا-85 دولارا للبرميل) بأنه "سعر الأزمة"، لأنه لا يعبر عن آليات العرض والطلب، بقدر ما يعبر عن تفعيل أدوات الصراع السياسي في سوق النفط.
آفاق المستقبل
تشهد بعض الملفات السياسية في دول نفطية محاولات للتهدئة، مثل التي تمت داخل العراق والوصول لاتفاق بين إقليم كردستان والحكومة العراقية بشأن تصدير النفط، فكل ذلك من شأنه أن يهدئ من الأوضاع الأمنية والسياسية في منطقة الخليج، وهي منطقة منتجة للنفط، ويمكن أن يساعد هذا على تراجع أسعار النفط.
بينما المشكلة الكبرى، وهي تلك التي تتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا، فسيناريوهاتها لا تزال حبيسة الأوضاع العسكرية، وبالتالي سيظل الطرفان في حالة شد وجذب، لرغبة روسيا ومن يساندها في ارتفاع أسعار النفط لاستنزاف أميركا والغرب وتعقد أوضاعهم الاقتصادية الداخلية، بينما أوروبا وأميركا ترغبان في انخفاض أسعار النفط عبر أدوات مختلفة، وقد أثبت الوقت نجاح أميركا والغرب في دفع أسعار النفط للتراجع، ومرور موسم الشتاء دون الخسائر المتوقعة، وإن كانت هناك فاتورة مالية مرتفعة إلى حد ما.
ولكن علينا أن نتذكر أن أوروبا أمكنها التخلص من النفط والغاز الروسيين وتوفير البديل، وإن كان ذلك أدى إلى العودة لإنتاج الطاقة عبر محطات الفحم وتعطيل مشروعات الطاقة الخضراء، أو عودة عمل المحطات النووية لتوليد الطاقة، كما حدث في ألمانيا وغيرها من دول أوروبا.
والعامل الحاسم في تحديد سعر النفط في السوق الدولية خلال الفترة المقبلة، هو الأداء العسكري أو السياسي في الحرب الروسية على أوكرانيا، فإذا ظل الأداء على ما هو عليه الآن، فسيكون سعر الأزمة الذي أشرنا إليه هو المؤشر لأداء السوق، بسبب تفعيل أوراق الضغط لطرفي الأزمة.
أما إذا حدثت أمور حاسمة، مثل هزيمة أو انتصار روسيا في هذه الحرب، فسيكون هناك حديث آخر عن أسعار النفط، تحددها طبيعة النصر أو الهزيمة، لانعكاس ذلك على ترتيب خريطة القوى الدولية، على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
بينما المشكلة الكبرى، وهي تلك التي تتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا، فسيناريوهاتها لا تزال حبيسة الأوضاع العسكرية، وبالتالي سيظل الطرفان في حالة شد وجذب، لرغبة روسيا ومن يساندها في ارتفاع أسعار النفط لاستنزاف أميركا والغرب وتعقد أوضاعهم الاقتصادية الداخلية، بينما أوروبا وأميركا ترغبان في انخفاض أسعار النفط عبر أدوات مختلفة، وقد أثبت الوقت نجاح أميركا والغرب في دفع أسعار النفط للتراجع، ومرور موسم الشتاء دون الخسائر المتوقعة، وإن كانت هناك فاتورة مالية مرتفعة إلى حد ما.
ولكن علينا أن نتذكر أن أوروبا أمكنها التخلص من النفط والغاز الروسيين وتوفير البديل، وإن كان ذلك أدى إلى العودة لإنتاج الطاقة عبر محطات الفحم وتعطيل مشروعات الطاقة الخضراء، أو عودة عمل المحطات النووية لتوليد الطاقة، كما حدث في ألمانيا وغيرها من دول أوروبا.
والعامل الحاسم في تحديد سعر النفط في السوق الدولية خلال الفترة المقبلة، هو الأداء العسكري أو السياسي في الحرب الروسية على أوكرانيا، فإذا ظل الأداء على ما هو عليه الآن، فسيكون سعر الأزمة الذي أشرنا إليه هو المؤشر لأداء السوق، بسبب تفعيل أوراق الضغط لطرفي الأزمة.
أما إذا حدثت أمور حاسمة، مثل هزيمة أو انتصار روسيا في هذه الحرب، فسيكون هناك حديث آخر عن أسعار النفط، تحددها طبيعة النصر أو الهزيمة، لانعكاس ذلك على ترتيب خريطة القوى الدولية، على الصعيدين السياسي والاقتصادي.