إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

كم بقي من سنوات الحرب الطاحنة في سوريا؟*

mohammad-k

مسؤول العملاء في تركيا
طاقم الإدارة
المشاركات
19,998
الإقامة
تركيا
أمس تحدثت إلى أحد الذين اشتغلوا على الأرض عسكرياً لثلاث سنوات، وهو ضابط محترف أصبح مجرد لاجئ في دولة عربية ينتظر "كوبون" مفوضية الأمم المتحدة ليطعم أطفاله الصغار.

سألني متى تنتهي الحرب، قلت إنني لا أملك إجابة إلا من تجارب الآخرين، فجميع الصراعات التي شهدتها دول الشرق الأوسط التي تحاكي ملامحها الوضع في سوريا أمضت وقتا طويلاً حتى تشفى، ولأن الوضع مختلف في سوريا كان علي أن أسرد بعض النماذج ثم اصل إلى استخلاص بأن الحال لدينا هي أصعب بكثير.

عدت إلى ما شهده لبنان في الحرب الأهلية، ولن أدخل هنا في مناكفة حول توصيف ما يجري في سوريا، فقناعتي أن هناك ثورة حقيقة، وتوازيها قناعة بأن إرادة بعض الأطراف جعلت جزءاً كبيراً من الحالة السورية حرباً أهلية، وجزءاً آخر حرباً دينية عقائدية.

أمضى لبنان نحو 14 عاماً بين 1975 و1989 من الحرب بين المكونات الدينية والعقائدية، وتركت الحرب تأثيراتها لسنوات، كما أن المرحلة التي سبقتها بسنوات أيضاً لم تشهد استقراراً حقيقياً، وانتهت المسألة عند اتفاق الطائف، والمحاصصة المقيتة التي صعدت بأمراء الحرب ليكونوا رموز الطبقة السياسية.

وشهد الجزائر العشرية السوداء، "سنوات الجمر"، بين 1992 و2002 والتي أودت بحياة عشرات الآلاف وانتهت باستقالة اليمين زروال وتعيين عبد العزيز بوتفليقة.

في اليمن والسودان والصومال، حروب انتهت ولم تنته بعد، نتائجها تراوحت بين التقسيم وإعادة الدمج والدولة الفاشلة.

لماذا لا يريد السوريون رؤية المشهد على حقيقته، إذ تدخل في بنية الصراع والرب في سوريا عوامل إضافية أكثر تعقيداً، بينها بروز التنظيمات الإسلامية الدموية، وحالة التفتت الاجتماعي نتيجة القتل والتدمير بشكلٍ يفوق ما شهدته كل الصراعات منذ انتهاء الحربين العالميتين، أضف إلى عامل التدخل الخارجي، ووجود ملفات عالقة بدءاً من صراع الطاقة والغاز، مروراً بالدرع الصاروخية، وليس انتهاءً بجعا سوريا جزءاً من منة لتصدير الثورة الإسلامية في إيران.

لم يبلغ مجموع عدد قتلى حروب الشرق الأوسط وصراعاتها الداخلية ما وصل إليه في سوريا، ولم تسجل خسائر في البنية التحتية لتلك الدول كما هو الحال في سوريا، كما لم تسجل حالة نزوح بهذا الحجم والنسبة (نصف السكان).

عندما يخرج بعض الدبلوماسيين أو حتى المحليين بعبارة سوريا على شفير الهاوية، كأنني أسمع رثاء أمّ أصابها الجنون في ولد ميت، تكاد تعتقد وهي تحاوره بأنه سيدخل من الباب بعد قليل.

نهاية الحرب في سوريا ترتبط بكل الأسباب، الداخلي، والخارجي، والعقدي الديني، والاجتماعي، والاقتصادي، وقبل كل هذا عليهم أن يدركوا أن تشريح الحقيقة ليست خيانة للثورة، وأن الثورة تمتلك من الحرارة ما يمكنها من إخراج الشوائب من الذهب، لذلك فمسارها صعب وطويل.

عندما خرج مسؤولون قريبون من دوائر الاستخبارات الغربية ليبشروا بأن "داعش" قد لا تنتهي بعشر أو عشرين سنة، فإن المقصود هو أن العالم فيه من الملفات والصراعات السياسية ما يضمن تزويد النار بالوقود كل تلك الفترة.

وعندما تقول إيران ومخالبها إنها تدافع عن وجودها ومشروعها داخل سوريا، فإن هذا يعني أن سوريا هي مكان إنهاء مرحلة الحرب بشعار المقاومة الملتبس مع إسرائيل.

وعندما ينظم الروس سمفونيات لجيشهم بمناسبة الانتصار على النازي، فإن 71 سنة على انتهاء تلك الحرب وضعت كلّها في معادل ما يحصل على الأرض السورية، وهذا لا يعني انتصاراً ـ بالضرورة ـ للروس، لكنه مؤشر على حجم الطّحن السياسي بين الغرب وموسكو.

وفي النهاية .. عندما يكون هناك سوري يقول بالروح بالدم نفديك يا بشار، فإنه اختار أن يضع دم مئات الآلاف معادلاً لدم بشار، وأنه سيبقى يسهم في النزيف السوري حتى يفنى.

لست متفائلاً.. وأكتب مقال "قلم ناشف" بشكل صريح هذه المرة، أمام السوريين سنوات، أقلها حتى 2020 إذا ما قسنا بتجارب المنطقة الأقل تعقيداً، لكن إرادة السوري ستنتصر في النهاية.
 
عودة
أعلى