رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة في كتاب تحقيق المذهب في حكم زكاة العنب
الكتاب من تأليف: أبي عبد الله محمد بن محمد المصطفى الأنصاري وقد استهل الكتاب بمقدمة من روايات وآيات لا علاقة لها بموضوع الكتاب فقال :
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - القائل: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموت والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) .
قال الله تعالى: - يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا - (سورة النساء: آية 1)، وقال تعالى: - يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما -
(سورة الأحزاب: آيتا 70 - 71).
قال الحسن البصري: (رأس مال المسلم دينه فلا يخلفه في الرحال ولا يأتمن عليه الرجال) . ... وقال سهل بن عبد الله: النجاة في ثلاثة:
1 - أكل الحلال، 2 - أداء الفرائض، 3 - الاقتداء بالنبي -) . ... وقال الزهري: (من الله الرسالة، وعلى رسوله - البلاغ، وعلينا التسليم) ."
واستهل الموضوع بأن ما جاء هو تلخيص لما قاله الفقهاء في زكاة العنب فقال :
"وبعد فهذا تلخيص لأقوال العلماء في حكم زكاة العنب، وسميته بتحقيق المذهب * في حكم زكاة العنب، أسأل الله عز وجل أن يفقهنا في دينه، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه على كل شيء قدير"
وذكر أن للفقهاء ثلاثة مذاهب في الموضوع فقال :
"اختلف العلماء في وجوب زكاة العنب وفي اعتبار بلوغه النصاب: خمسة أوسق: على ثلاثة أقوال.
القول الأول: أن الزكاة فيه واجبة إذا جف وصار زبيبا وبلغ خمسة أوسق وتخرج زكاته من الزبيب: وهو قول أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر، ومعاذ بن جبل، وأبي موسى، ورواية عن ابن عباس، وبه قال: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وأبو عبيد، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح بن حي، وعبد الله بن المبارك، وقول: لإبراهيم النخعي، والشعبي ، وهو مذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، ومحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة .
القول الثاني: تجب الزكاة في العنب إذا جف وصار زبيبا قليلا كان أو كثيرا، خمسة أوسق، أو أقل: وهو رواية عن ابن عباس وقول لزيد بن علي، وإبراهيم النخعي، وهو مذهب أبي حنيفة
القول الثالث: لا تجب الزكاة في العنب سواء كان رطبا أو زبيبا:
وهو قول: شريح، والحكم بن عتبة، ورواية عن الشعبي، ومذهب الظاهرية ."
وبعد أن ذكر الأقوال الثلاثة وهى:
1- فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وهو زبيب2- فيه الزكاة قليلا أو كثيرا وهو زبيب 3- ليس فيه زكاة
والأقوال الثلاثة تتعارض مع قوله تعالى في زكاة النبات:
" وأتوا حقه يوم حصاده"
فكل نبات فيه حق يوم الحصاد والمعروف أن العنب حصاده يكون وهو على العناقيد ناضج حيث يتم جمعه وبيعه يوميا لمدة معينة وفيما بعد يجففه البعض ويحوله لزبيب
ومن ثم فالزكاة متعلقة ببيعه طازج وليس بيعه زبيب
ثم ذكر الأنصارى أدلة كل فريق وهى روايات معظمها ورد في كتب ليست معروف فقال :
"استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
الدليل الأول:
عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد - أن رسول الله - بعثه وأمره أن يخرص العنب كما يخرص النخل وأن يأخذ زكاة العنب زبيبا كما يأخذ زكاة النخل تمرا
الدليل الثاني:
عن أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما حين بعثهما رسول الله - إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم وقال: لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر .
الدليل الثالث:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -، قال: إنما سن رسول الله - الزكاة في هذه الخمسة: في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب والذرة
الدليل الرابع:
عن أبي سعيد الخدري - عن النبي - قال: ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة، ولا في أقل من خمسة من الإبل الذود صدقة، ولا في أقل من خمس أواق من الورق صدقة .
الدليل الخامس:
وفي لفظ: ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق، ولا فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة .
الدليل السادس:
عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - أنه قال: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة
الدليل السابع:
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب .
الدليل الثامن:
قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء فيما علمت أن الزكاة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وقال أيضا: وقد أجمع العلماء على أخذ الزكاة من البر والشعير والتمر والزبيب .
وجه الدلالة:
دلت هذه الأحاديث والإجماعات على وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر، وأن زكاة العنب لا تجب إلا إذا جف وصار زبيبا وأنها تعطى من الزبيب، وأن نصاب الحبوب والتمر وسائر الثمار خمسة أوسق فلا تجب الزكاة في أقل من ذلك .
استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
الدليل الأول:
قال الله تعالى: - أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض - (سورة البقرة آية 267)، قيل المراد بالمكسوب: مال التجارة، والمراد بقوله: - ومما أخرجنا لكم من الأرض -: العشر .
الدليل الثاني:
قال الله تعالى: - وآتوا حقه يوم حصاده - (الأنعام: من الآية141)،
الدليل الثالث:
عن أبان بن أبي عياش عن رجل عن رسول الله - قال: ما أخرجت الأرض ففيه العشر، وفيما سقي بنضح، أو بقرب نصف العشر قليله وكثيره .
الدليل الرابع:
عن عبد الله بن عمر عن النبي - أنه قال: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر)
وجه الدلالة:
دلت هذه الآيات والأحاديث على وجوب العشر فيما سقت السماء وأخرجت الأرض سواء كان قليلا أو كثيرا فدل ذلك على عدم اشتراط تحديد النصاب بخمسة أوسق
استدل أصحاب القول الثالث: بأن العنب لم يثبت فيها شيء يوجب فيها الزكاة، وما ورد لم يثبت، والأصل في الذمة البراءة حتى يثبت النص الدال على الإيجاب، وما ذكر من إجماع لا يصح مع وجود المخالف ."
وبعد أن ذكر ألأدلة حاول ترجيح بعضها على بعض فقال :
"المناقشة والترجيح:
بعد النظر في أدلة أصحاب هذه الأقوال الثلاثة تبين لي ما يأتي:
الأول: أن ما استدل به أصحاب القول الأول صحيح صريح وهو نص في محل النزاع من إيجاب الزكاة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب ويشترط في وجوب زكاتها بلوغ النصاب: خمسة أوسق.
الثاني: أن ما استدل به أصحاب القول الثاني: من عدم اعتبار نصاب خمسة أوسق، قال الشوكاني: ذهب أبو حنيفة ومن معه: إلى العمل بالعام فقالوا تجب الزكاة في القليل والكثير ولا يعتبر النصاب وأجابوا عن حديث الأوساق بأنه لا ينتهض لتخصيص حديث العموم لأنه مشهور وله حكم المعلوم وقالوا: إن دلالة العموم قطعية وأن العمومات القطعية لا تخصص بالظنيات ولكن ذلك لا يجري فيما نحن بصدده فإن العام والخاص ظنيان كلاهما والخاص أرجح دلالة وإسنادا فيقدم على العام تقدم أو تأخر أو قارن على ما هو الحق من أنه يبنى العام على الخاص مطلقا وهكذا يجب البناء إذا جهل التاريخ وقد قيل إن ذلك إجماع والظاهر أن مقام النزاع من هذا القبيل قلت: والأدلة التي استدلوا بها الخاص منها ضعيف لا يثبت بل هو موضوع كما سبق ذلك في تخريج حديث أبي مطيع البلخي، والعام منها: مخصص بأدلة تحديد الخمسة الأوسق، وحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد عند التعارض هو الأولى والأصح إذا لم يعلم التاريخ عند الجمهور.
الثالث: أنما استدل به أصحاب القول الثالث من عدم دليل يدل على وجوب زكاة العنب فالجواب عنه: أن حديث عتاب بن أسيد حسن، وكذلك حديث معاذ بن جبل وأبي موسى صحيح كما تقدم في تخريجهما وهما صريحا الدلالة، وأما حيث عمرو بن شعيب فضعيف السند ولكن معناه صحيح بما في حديث عتاب، ومعاذ، وأبي موسى، وباتفاق من ذكرنا من الصحابة ومن بينهم الخلفاء الراشدون، ولم ينقل عن أحد من الصحابة في ذلك خلاف، فيعتبر بمثابة إجماع من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وهو قول الأئمة الأربعة وأتباعهم رحمهم الله كما تقدم، بل تقدم الإجماع الذي ذكره ابن عبد البر، وابن المنذر ونقله عنهما ابن قدامة في المغني، مع أنه فيه نظر مع وجود المخالف مثل شريح، والحكم بن عتبة، وقول للشعبي، ومذهب الظاهرية كما تقدم! قلت: ولعل مرادهم بالإجماع هنا إجماع الصحابة، والأئمة الأربعة وأتباعهم على وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة المتقدمة، أو لعلهم لم يقفوا على المخالفين لذلك الذين ذكرهم ابن حزم رحمه الله،
وبهذا يتبين لي رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وأن العنب تجب زكاته إذا جف وصار زبيبا، وتخرج زكاته زبيبا، وأنه يشترط لوجوب زكاة سائر الحبوب والثمار بلوغها نصاب خمسة أوسق، وأنه لا زكاة فيما دون ذلك للأدلة التي استدلوا بها، والله تعالى أعلم.
وإلى هنا انتهى ما أردت جمعه من أحكام زكاة العنب ومذاهب العلماء في ذلك وأدلتهم، والذي سميته بتحقيق المذهب في حكم زكاة العنب"
وكل ما سبق حتى الترجيح باطل إلا ما كان من أمر النصاب فالعنب لا تؤدى زكاته زبيبا لقوله يوم حصاده فهو لا يحصد زبيبا وغنما يحصد ناضجا
وأما النصاب فهو ليست خمسة أوسق لأن النصاب هو ما يفوق احتياجات الفلاح وأسرته فإن فاض عنهم شىء وجبت في الزكاة وإن لم يفض عنهم شىء فلا زكاة
مثلا إذا كان العنب المجموع بيع بثمن يكفى احتياجات الأسرة طوال السنة إن كان هو المحصول الوحيد في الأرض ثم تبقى منه شىء بعد تلك الاحتياجات ومنها ثمن رعاية الأرض وخدمتها ففيه الزكاة وإن لم يتبق شىء أو نقص من احتياجات الأسرة فليس فيه زكاة لأن نصاب الزكاة هو الغنى وهو أن يفيض عن المسلم البعض وأما طالما احتاجته الأسرة فلا زكاة
الكتاب من تأليف: أبي عبد الله محمد بن محمد المصطفى الأنصاري وقد استهل الكتاب بمقدمة من روايات وآيات لا علاقة لها بموضوع الكتاب فقال :
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - القائل: (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموت والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) .
قال الله تعالى: - يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا - (سورة النساء: آية 1)، وقال تعالى: - يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما -
(سورة الأحزاب: آيتا 70 - 71).
قال الحسن البصري: (رأس مال المسلم دينه فلا يخلفه في الرحال ولا يأتمن عليه الرجال) . ... وقال سهل بن عبد الله: النجاة في ثلاثة:
1 - أكل الحلال، 2 - أداء الفرائض، 3 - الاقتداء بالنبي -) . ... وقال الزهري: (من الله الرسالة، وعلى رسوله - البلاغ، وعلينا التسليم) ."
واستهل الموضوع بأن ما جاء هو تلخيص لما قاله الفقهاء في زكاة العنب فقال :
"وبعد فهذا تلخيص لأقوال العلماء في حكم زكاة العنب، وسميته بتحقيق المذهب * في حكم زكاة العنب، أسأل الله عز وجل أن يفقهنا في دينه، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه على كل شيء قدير"
وذكر أن للفقهاء ثلاثة مذاهب في الموضوع فقال :
"اختلف العلماء في وجوب زكاة العنب وفي اعتبار بلوغه النصاب: خمسة أوسق: على ثلاثة أقوال.
القول الأول: أن الزكاة فيه واجبة إذا جف وصار زبيبا وبلغ خمسة أوسق وتخرج زكاته من الزبيب: وهو قول أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر، ومعاذ بن جبل، وأبي موسى، ورواية عن ابن عباس، وبه قال: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وأبو عبيد، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح بن حي، وعبد الله بن المبارك، وقول: لإبراهيم النخعي، والشعبي ، وهو مذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، ومحمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة .
القول الثاني: تجب الزكاة في العنب إذا جف وصار زبيبا قليلا كان أو كثيرا، خمسة أوسق، أو أقل: وهو رواية عن ابن عباس وقول لزيد بن علي، وإبراهيم النخعي، وهو مذهب أبي حنيفة
القول الثالث: لا تجب الزكاة في العنب سواء كان رطبا أو زبيبا:
وهو قول: شريح، والحكم بن عتبة، ورواية عن الشعبي، ومذهب الظاهرية ."
وبعد أن ذكر الأقوال الثلاثة وهى:
1- فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وهو زبيب2- فيه الزكاة قليلا أو كثيرا وهو زبيب 3- ليس فيه زكاة
والأقوال الثلاثة تتعارض مع قوله تعالى في زكاة النبات:
" وأتوا حقه يوم حصاده"
فكل نبات فيه حق يوم الحصاد والمعروف أن العنب حصاده يكون وهو على العناقيد ناضج حيث يتم جمعه وبيعه يوميا لمدة معينة وفيما بعد يجففه البعض ويحوله لزبيب
ومن ثم فالزكاة متعلقة ببيعه طازج وليس بيعه زبيب
ثم ذكر الأنصارى أدلة كل فريق وهى روايات معظمها ورد في كتب ليست معروف فقال :
"استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
الدليل الأول:
عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد - أن رسول الله - بعثه وأمره أن يخرص العنب كما يخرص النخل وأن يأخذ زكاة العنب زبيبا كما يأخذ زكاة النخل تمرا
الدليل الثاني:
عن أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما حين بعثهما رسول الله - إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم وقال: لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر .
الدليل الثالث:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -، قال: إنما سن رسول الله - الزكاة في هذه الخمسة: في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب والذرة
الدليل الرابع:
عن أبي سعيد الخدري - عن النبي - قال: ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة، ولا في أقل من خمسة من الإبل الذود صدقة، ولا في أقل من خمس أواق من الورق صدقة .
الدليل الخامس:
وفي لفظ: ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق، ولا فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة .
الدليل السادس:
عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - أنه قال: ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة
الدليل السابع:
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب .
الدليل الثامن:
قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء فيما علمت أن الزكاة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وقال أيضا: وقد أجمع العلماء على أخذ الزكاة من البر والشعير والتمر والزبيب .
وجه الدلالة:
دلت هذه الأحاديث والإجماعات على وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر، وأن زكاة العنب لا تجب إلا إذا جف وصار زبيبا وأنها تعطى من الزبيب، وأن نصاب الحبوب والتمر وسائر الثمار خمسة أوسق فلا تجب الزكاة في أقل من ذلك .
استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
الدليل الأول:
قال الله تعالى: - أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض - (سورة البقرة آية 267)، قيل المراد بالمكسوب: مال التجارة، والمراد بقوله: - ومما أخرجنا لكم من الأرض -: العشر .
الدليل الثاني:
قال الله تعالى: - وآتوا حقه يوم حصاده - (الأنعام: من الآية141)،
الدليل الثالث:
عن أبان بن أبي عياش عن رجل عن رسول الله - قال: ما أخرجت الأرض ففيه العشر، وفيما سقي بنضح، أو بقرب نصف العشر قليله وكثيره .
الدليل الرابع:
عن عبد الله بن عمر عن النبي - أنه قال: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر)
وجه الدلالة:
دلت هذه الآيات والأحاديث على وجوب العشر فيما سقت السماء وأخرجت الأرض سواء كان قليلا أو كثيرا فدل ذلك على عدم اشتراط تحديد النصاب بخمسة أوسق
استدل أصحاب القول الثالث: بأن العنب لم يثبت فيها شيء يوجب فيها الزكاة، وما ورد لم يثبت، والأصل في الذمة البراءة حتى يثبت النص الدال على الإيجاب، وما ذكر من إجماع لا يصح مع وجود المخالف ."
وبعد أن ذكر ألأدلة حاول ترجيح بعضها على بعض فقال :
"المناقشة والترجيح:
بعد النظر في أدلة أصحاب هذه الأقوال الثلاثة تبين لي ما يأتي:
الأول: أن ما استدل به أصحاب القول الأول صحيح صريح وهو نص في محل النزاع من إيجاب الزكاة في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب ويشترط في وجوب زكاتها بلوغ النصاب: خمسة أوسق.
الثاني: أن ما استدل به أصحاب القول الثاني: من عدم اعتبار نصاب خمسة أوسق، قال الشوكاني: ذهب أبو حنيفة ومن معه: إلى العمل بالعام فقالوا تجب الزكاة في القليل والكثير ولا يعتبر النصاب وأجابوا عن حديث الأوساق بأنه لا ينتهض لتخصيص حديث العموم لأنه مشهور وله حكم المعلوم وقالوا: إن دلالة العموم قطعية وأن العمومات القطعية لا تخصص بالظنيات ولكن ذلك لا يجري فيما نحن بصدده فإن العام والخاص ظنيان كلاهما والخاص أرجح دلالة وإسنادا فيقدم على العام تقدم أو تأخر أو قارن على ما هو الحق من أنه يبنى العام على الخاص مطلقا وهكذا يجب البناء إذا جهل التاريخ وقد قيل إن ذلك إجماع والظاهر أن مقام النزاع من هذا القبيل قلت: والأدلة التي استدلوا بها الخاص منها ضعيف لا يثبت بل هو موضوع كما سبق ذلك في تخريج حديث أبي مطيع البلخي، والعام منها: مخصص بأدلة تحديد الخمسة الأوسق، وحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد عند التعارض هو الأولى والأصح إذا لم يعلم التاريخ عند الجمهور.
الثالث: أنما استدل به أصحاب القول الثالث من عدم دليل يدل على وجوب زكاة العنب فالجواب عنه: أن حديث عتاب بن أسيد حسن، وكذلك حديث معاذ بن جبل وأبي موسى صحيح كما تقدم في تخريجهما وهما صريحا الدلالة، وأما حيث عمرو بن شعيب فضعيف السند ولكن معناه صحيح بما في حديث عتاب، ومعاذ، وأبي موسى، وباتفاق من ذكرنا من الصحابة ومن بينهم الخلفاء الراشدون، ولم ينقل عن أحد من الصحابة في ذلك خلاف، فيعتبر بمثابة إجماع من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وهو قول الأئمة الأربعة وأتباعهم رحمهم الله كما تقدم، بل تقدم الإجماع الذي ذكره ابن عبد البر، وابن المنذر ونقله عنهما ابن قدامة في المغني، مع أنه فيه نظر مع وجود المخالف مثل شريح، والحكم بن عتبة، وقول للشعبي، ومذهب الظاهرية كما تقدم! قلت: ولعل مرادهم بالإجماع هنا إجماع الصحابة، والأئمة الأربعة وأتباعهم على وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة المتقدمة، أو لعلهم لم يقفوا على المخالفين لذلك الذين ذكرهم ابن حزم رحمه الله،
وبهذا يتبين لي رجحان ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من وجوب الزكاة في هذه الأصناف الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وأن العنب تجب زكاته إذا جف وصار زبيبا، وتخرج زكاته زبيبا، وأنه يشترط لوجوب زكاة سائر الحبوب والثمار بلوغها نصاب خمسة أوسق، وأنه لا زكاة فيما دون ذلك للأدلة التي استدلوا بها، والله تعالى أعلم.
وإلى هنا انتهى ما أردت جمعه من أحكام زكاة العنب ومذاهب العلماء في ذلك وأدلتهم، والذي سميته بتحقيق المذهب في حكم زكاة العنب"
وكل ما سبق حتى الترجيح باطل إلا ما كان من أمر النصاب فالعنب لا تؤدى زكاته زبيبا لقوله يوم حصاده فهو لا يحصد زبيبا وغنما يحصد ناضجا
وأما النصاب فهو ليست خمسة أوسق لأن النصاب هو ما يفوق احتياجات الفلاح وأسرته فإن فاض عنهم شىء وجبت في الزكاة وإن لم يفض عنهم شىء فلا زكاة
مثلا إذا كان العنب المجموع بيع بثمن يكفى احتياجات الأسرة طوال السنة إن كان هو المحصول الوحيد في الأرض ثم تبقى منه شىء بعد تلك الاحتياجات ومنها ثمن رعاية الأرض وخدمتها ففيه الزكاة وإن لم يتبق شىء أو نقص من احتياجات الأسرة فليس فيه زكاة لأن نصاب الزكاة هو الغنى وهو أن يفيض عن المسلم البعض وأما طالما احتاجته الأسرة فلا زكاة