رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,708
- الإقامة
- مصر
قراءة في كتاب العمل الجماعي أساس كل حضارة
المؤلف محمد باباعمى وفى المقدمة تحدث عن الفرق بين القدرة والعجز فقال :
"تقديم:
إن الفرق الأساس بين القدرة على الشيء والعجز عنه، هو:
كون القدرة المنتظمة: انتقال من الأدنى إلى الأعلى والعجز المتوالي: تدهور من الأعلى إلى الأسفل.
وكما يقرر علم الفيزياء أن الأول يتطلب طاقة، والثاني لا يحتاج إلى طاقة؛ فكذلك يقرر العارفون بأسباب الحضارة أن الأول يستدعي منهجا، والثاني يتنكر للمنهج."
وهذا الكلام خاطىء فالعجز ليس تدهورا من أعلى لأسفل وإنما العجز على أصناف منها :
1-العجز عن تحقيق الهدف أو الإصلاح مع العمل على تحقيقه فهذا في الحقيقة عمل غير مكتمل وهذا مثل عجز بنى آدم القاتل عن اخفاء وهو دفن جثة أخيه القتيل في البداية كما قال تعالى :
"فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين"
2- العجز عن العمل أيا كان فهنا العاجز لا يفعل شىء ومن ثم لا يمكن أن يكون عدم الفعل تدهورا لأن المشكلة تظل كما هى لا يتغير فيها شىء ومن ثم لا يمكن وصفها بتدهور أى انتقال من سيىء إلى أسوأ ومن ذلك قعود المنافقين عن الجهاد كما قال تعالى :
"فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين"
وتحدث عن العمل الجماعى فقال:
"ومن بين أبرز المناهج التصاقا بقيام الحضارات وسقوطها: العمل الجماعي.
إذ لا حضارة إلا بتراكم في الجهود، وانتظام في المسير؛ ولا تخلف إلا إذا تلاقى الأفراد – مهما كانت إمكاناتهم – على أساس من العلاقة الساذجة، غير المنتظمة."
والعمل الجماعى الذى يتحدث عنه الرجل قد يكون عمل خير وقد يكون عمل شر وكلاهما يؤدى لهدف محدد وهو قيام دولة العدل على الخير ممثل في طاعة الله أو قيام دولة الشر على التعاون على عصيان الله
وبنى الرجل كلامه على التالى :
"التأصيل الشرعي:
من القرآن الكريم.
باستقراء آيات القرآن الكريم نجده بخاطب المسلمين كجماعة تربطها أواصر، وتدفعها غايات، ويجمع بينها منهج في العمل، هو روح العمل الجماعي، ولعلنا نذكر من هذه الآيات، قوله تعالى:
{وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان}
{واضرب لهم مثلا أصحاب القربة إذ جاءها المرسلون، إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما، فعززنا بثالث، فقالوا إنا إليكم مرسلون ... }
دعاء سيدنا موسى عليه السلام إذ:{قال رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا}.
دعاؤنا اليومي في سورة الفاتحة: {إياك نعبد وإياك نستعين}.
من السنة النبوية.
حديث: «المؤمن للمؤمن كالبينان المرصوص، إذ اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم حكم في وضع الحجر الأسود، ودعوته قريشا للنظرة الجماعية للقضية.
بناء مسجد الرسول، والعمل الجماعي بمشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم - ..."
ما قاله باباعمى هو تأسيس للعمل الجماعى على طاعة الله وهو نفس المبدأ الذى تقوم عليه دول الكفر أى الشر فلكى تبنى دولة الطغيان لابد أيضا من عمل جماعى لاقامتها
ونقل الرجل عن مالك بن نبى ما سماه أساسا فلسفيا فقال :
" نماذج من تراثنا:
الأساس الفلسفي:
فكرة التوجيه. هذه الفكرة هي في الأساس من صياغة المفكر الجزائري المسلم الأستاذ مالك بن نبي، ويعرفها على أنها: «قوة في الأساس، وتوافق في السير، ووحدة في الهدف» ثم يقول: «فكم من طاقات وقوى لم تستخدم، لأننا لا نعرف كيف نكتلها وكم من طاقات وقوى ضاعت فلم تحقق هدفها، حين زحمتها قوى أخرى، صادرة عن نفس المصدر، متجهة إلى نفس الهدف، فالتوجيه هو تجنب هذا الإسراف في الجهد وفي الوقت»
ثم يقرر أن هذا الإسراف بالذات هو ما يعاني منه العالم الإسلامي، ولا يعاني نقصا في الطاقات، ولا في السواعد. وهذا الحكم يمكن أن نطلقه ونحن متفائلون على الوضع في ميزاب، ففيه من الطاقات ما يصنفه من حيث النسبة، ضمن مصاف الأمم المتحضرة، ولكنها في حاجة إلى موجه."
لا يمكن أن نصف العالم الإسلامى بهذا الوصف فلا وجود لعالم إسلامى عاجز وإنما هى شراذم متفرقة من المسلمين هم المستضعفون في الأرض لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا
وتحدث عماه سماه الدليل الطبيعى فقال:
فكرة الدليل الطبيعي (الحيوانات المنوية، قبضة اليد...):
الدليل الطبيعي أقوى شاهد على ضرورة العمل الجماعي، والأمثلة لا يحصرها عد، من ذلك مثلا تعاون الحيوانات المنوية من أجل الوصول في آخر المطاف إلى نشأة خلق سوي، هو أنا وأنت، وهو كل إنسان على ظهر الأرض، وليس ثمة أي مبرر علمي ومنطقي لاصطفائه من بين أربع مائة مليون من أمثاله، غير حكمة الله تعالى، التي اقتضت ذلك، سبحانه {فعال لما يريد}.
وهذه اليد التي نبطش بها، ونكسب بها، وندعو خالقنا بها ... هل هي جملة أصابع؟ أم هي بناء متكامل من أصابع لا يشبه الواحد منها الآخر، يحكمها أمر واحد، وتنطلق دوما إلى هدف واحد، في تناسق تام، قد يكون من المضحك لو تصورنا خلافه يوما، إذا لذهب كل إصبع خلاف مذهب الآخر، ولانتهت النتيجة إلى ما لا يحتمل تصوره."
وهذا الدليل الخلقى وليس الطبيعى لأنها كلمة تستعمل للبعد عن وجود خالق ليس صالح للاستدلال به على العمل الجماعى فالحيوانات المنوية في تلك الصورة المرسومة لها من قبل علماء الطب ليست متحدة ولا تتعاون وإنما هى تتنافس مع بعضها على الوصول للهدف فلو كان هناك تعاون لدخلت كل الحيوانات المنوية معا البويضة
وأما اليد فمثال على الخلق المتكامل الذى يعمل معا
وتحدث عن أخلاقيات للعمل الجماعى فقال :
"الأسس الأخلاقية للعمل الجماعي:
ادعاء الحق المطلق.
الحق واحد لا يتعدد، هذا ما يعتقده المسلم، ويؤمن به، وبخاصة في شؤون العقيدة. غير أن فهم الحق، والوصول إليه قد يتعدد، في غير الكليات، وفي غير ما ثبت بدليل قطعي.
غير أن الإنسان مجبول على ادعاء الحق بجانبه، ونسبة الباطل إلى غيره؛ وهذه النزعة في حد ذاتها طبيعية لا عيب فيها، غير أن الخطأ في ادعاء الحق المطلق، وعدم التريث في إسداء الأحكام، والخلق بين المنهج المتبع في الاعتقاد، وما ينتهج في غيره من شؤون العلم والحياة.
ولعل ما يعاني منه المسلمون اليوم هو هذا الادعاء بالذات، فالصراع المذهبي (سواء المذاهب العقدية، أو الفقهية)، والصراع الفكري (في الفكر، والثقافة، والتربية، والسياسة، والاقتصاد)، والصراع العرقي والجنسي ... يبدأ من كوني أنا على حق وغيري على باطل، أنا مظلوم وغير ظالم ... فلو أننا اعتقدنا أن بعضا من الحق معي، وبعضا منه مع غيري، وبعضا من الخطأ معي، وبعضا منه مع صاحبي.
والغريب أن هذا المرض مستشر وانقسمنا شيعا وأحزابا ... وإن كنا لا ننكر هذا التعدد، فما ننكره هو ادعاء الصواب المطلق، ورفض التعاون والتنسيق، من بعض الجهات والجماعات والحركات، دون ذكر للأسماء، ودون تعميم ففي المنطق: كل تعميم خطأ. حتى هذا التعميم."
والحديث عن ادعاء الحق المطلق هو سيرة كل الأديان والمذاهب في العالم ولكن الفيصل في الأمر هو الله ولذا قال تعالى :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
وهذا معناه أن من يقرر من على الحق في الدنيا هو كتاب الله المحتكم إليه
والله هو من يقرر بناء على كتابه مصير كل فرد وبالضرورة كل أمة في الآخرة
ومن ثم فكل من ادعى ان الحق معه في أى مسألة لابد أن يكون معه النص من كتاب على صحة ما قاله
والمبدأ الأخلاقى الثانى الذى قرره المؤلف هو الحرية وقبول رأى المخالف وفيه قال :
"الحرية في التفكير، وقبول الرأي المخالف:
حديثنا دوما عن حرية إسداء الرأي، وقبل ذلك يجب أن نسعى إلى ضمان الحرية في التفكير، لأن الإنسان لا يمكنه أن يؤكد إنسانيته إذا لم يفكر، فمجرد تناول الطعام، وارتداء اللباس، ورفع الرأس إلى السماء، أو خفضه إلى الأرض، بحرية ... لا يعني الحرية بالضرورة، لأن من الحيوانات من يتقن هذه الأفعال أكثر من الإنسان.
بل الإنسان السوي هو الذي يفكر في المصير، ويعتبر بالماضي، ويستفيد من التجارب؛ يؤثر بأفكاره، ويتأثر بأفكار غيره، ويدلي برأيه دون تردد ولا إحجام، ويقبل رأي مخالفه في حدود المنطق.
وهذا الخلق من أساسيات العمل الجماعي، فبدونه تغدو الجماعة قطيعا من الأفراد تحكمها الأنانيات، ويسيرها الادعاء والرفض، فلا تخضر فيها فكرة ولا تورق، ولا يسعد فيها فرد ولا يسمو."
بالقطع الحديث عن حرية التفكير حديث خاطىء لأن التفكير نفسه في كتاب الله يعنى الحق فلا يوجد تفكير سليم وتفكير خاطىء لأنه لو كان هناك تفكير خاطىء ما طلب الله التفكير فقال :
"أفلا تتفكرون"
ومن ثم لا حرية في التفكير لأن الحرية تؤدى لحق أو إلى باطل وساعتها لا تكون تفكير وإنما هى هوى ضال أى انشغال بالشهوات
وأما قبول الرأى المخالف أو حتى الرأى الذى عليه الإنسان لابد أن يرجع فيه الإنسان إلى مصدر الحق وهو الصواب فقد يكون الرأيين خطأ اى باطل والصواب في كتاب الله سواهما وفى هذا قال تعالى :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
والمبدأ الأخلاقى الثالث عند باباعمى هو الاستعداد للتصحيح وفيه قال :
" الاستعداد للتصحيح.
الإنسان الواثق من علمه وفكره هو الذي يستعد دوما لأن يصحح خطأه، ويعتبر ذلك التصحيح إضافة فيه، وإعلاء من فكرته؛ أما الشاك والمتردد، فيخاف التصحيح ويهابه، ويدفع المستمعين دوما إلى التوهم أنه على صواب لا يستدعي النقاش ولا الحوار.
وانظر إلى أخلاقيات رسول الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - حين يقول للكافرين، وهو على الحق الذي لا ريب فيه: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}."
والاستعداد للتصحيح معناه في الإسلام هو التوبة من الباطل بالعودة للحق فالمسلم لا يعاند نفسه ولا يعاند الله وإنما على الفور يبصر الحق فيترك مس وهو طاعة الشيطان وهو شهوات النفس كما قال تعالى :
"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون"
وتحدث عن احترام التخصص فقال :
"احترام التخصص:
سعة العلوم، وضعف الإنسان، وقصر عمره ... كل ذلك يجعل من المستحيل على إنسان واحد إدراك جميع الحقائق في أي علم من العلوم، أو في أي تخصص من التخصصات، ولذلك كان لزاما على المشتغلين بالمعارف أن لا يعتدوا بما عندهم، وأن يحترموا تخصصات غيرهم."
والتخصص يجب احترامه ولكن في الإسلام قد يكون من ليس متخصص في تخصص ما لديه ما يخدم أهل التخصص وهم عجزوا عن رؤيته وعن تجربة مثلا في مرض ابنى لم يأت التشخيص الصحيح من أصحاب التخصص وإنما من معلم في مدرسة فبعد أربعة أشهر من الكشوفات والتحاليل والأشعات عند أطباء عاديين وعند أساتذة يدرسون له في الكلية لم يستطع أى منهم أن يحدد مرضه
بالقطع ليس هذا دعوة للكشف عند المعلم أو غيره ولكن كلمة تصدر من غير متخصص قد تكون هى الحل
وتحدث عن الأسس التقنية للعمل الجماعى فقال :
"الأسس التقنية:
البرمجة المحكمة.
النظام الدقيق.
الانضباط والالتزام.
الحوار ضمان لسيولة الفكرة، والتدوين تأكيد على رسوخها."
وأى عمل جماعى لابد أن يكون هادف ومنظم حسب خطط ومن ينفذونه لابد أن يعملوا بجد وهم يتحاورون عند ظهور أى عقبة تقابلهم
المؤلف محمد باباعمى وفى المقدمة تحدث عن الفرق بين القدرة والعجز فقال :
"تقديم:
إن الفرق الأساس بين القدرة على الشيء والعجز عنه، هو:
كون القدرة المنتظمة: انتقال من الأدنى إلى الأعلى والعجز المتوالي: تدهور من الأعلى إلى الأسفل.
وكما يقرر علم الفيزياء أن الأول يتطلب طاقة، والثاني لا يحتاج إلى طاقة؛ فكذلك يقرر العارفون بأسباب الحضارة أن الأول يستدعي منهجا، والثاني يتنكر للمنهج."
وهذا الكلام خاطىء فالعجز ليس تدهورا من أعلى لأسفل وإنما العجز على أصناف منها :
1-العجز عن تحقيق الهدف أو الإصلاح مع العمل على تحقيقه فهذا في الحقيقة عمل غير مكتمل وهذا مثل عجز بنى آدم القاتل عن اخفاء وهو دفن جثة أخيه القتيل في البداية كما قال تعالى :
"فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين"
2- العجز عن العمل أيا كان فهنا العاجز لا يفعل شىء ومن ثم لا يمكن أن يكون عدم الفعل تدهورا لأن المشكلة تظل كما هى لا يتغير فيها شىء ومن ثم لا يمكن وصفها بتدهور أى انتقال من سيىء إلى أسوأ ومن ذلك قعود المنافقين عن الجهاد كما قال تعالى :
"فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوءة أخى فأصبح من النادمين"
وتحدث عن العمل الجماعى فقال:
"ومن بين أبرز المناهج التصاقا بقيام الحضارات وسقوطها: العمل الجماعي.
إذ لا حضارة إلا بتراكم في الجهود، وانتظام في المسير؛ ولا تخلف إلا إذا تلاقى الأفراد – مهما كانت إمكاناتهم – على أساس من العلاقة الساذجة، غير المنتظمة."
والعمل الجماعى الذى يتحدث عنه الرجل قد يكون عمل خير وقد يكون عمل شر وكلاهما يؤدى لهدف محدد وهو قيام دولة العدل على الخير ممثل في طاعة الله أو قيام دولة الشر على التعاون على عصيان الله
وبنى الرجل كلامه على التالى :
"التأصيل الشرعي:
من القرآن الكريم.
باستقراء آيات القرآن الكريم نجده بخاطب المسلمين كجماعة تربطها أواصر، وتدفعها غايات، ويجمع بينها منهج في العمل، هو روح العمل الجماعي، ولعلنا نذكر من هذه الآيات، قوله تعالى:
{وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الاثم والعدوان}
{واضرب لهم مثلا أصحاب القربة إذ جاءها المرسلون، إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما، فعززنا بثالث، فقالوا إنا إليكم مرسلون ... }
دعاء سيدنا موسى عليه السلام إذ:{قال رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا}.
دعاؤنا اليومي في سورة الفاتحة: {إياك نعبد وإياك نستعين}.
من السنة النبوية.
حديث: «المؤمن للمؤمن كالبينان المرصوص، إذ اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم حكم في وضع الحجر الأسود، ودعوته قريشا للنظرة الجماعية للقضية.
بناء مسجد الرسول، والعمل الجماعي بمشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم - ..."
ما قاله باباعمى هو تأسيس للعمل الجماعى على طاعة الله وهو نفس المبدأ الذى تقوم عليه دول الكفر أى الشر فلكى تبنى دولة الطغيان لابد أيضا من عمل جماعى لاقامتها
ونقل الرجل عن مالك بن نبى ما سماه أساسا فلسفيا فقال :
" نماذج من تراثنا:
الأساس الفلسفي:
فكرة التوجيه. هذه الفكرة هي في الأساس من صياغة المفكر الجزائري المسلم الأستاذ مالك بن نبي، ويعرفها على أنها: «قوة في الأساس، وتوافق في السير، ووحدة في الهدف» ثم يقول: «فكم من طاقات وقوى لم تستخدم، لأننا لا نعرف كيف نكتلها وكم من طاقات وقوى ضاعت فلم تحقق هدفها، حين زحمتها قوى أخرى، صادرة عن نفس المصدر، متجهة إلى نفس الهدف، فالتوجيه هو تجنب هذا الإسراف في الجهد وفي الوقت»
ثم يقرر أن هذا الإسراف بالذات هو ما يعاني منه العالم الإسلامي، ولا يعاني نقصا في الطاقات، ولا في السواعد. وهذا الحكم يمكن أن نطلقه ونحن متفائلون على الوضع في ميزاب، ففيه من الطاقات ما يصنفه من حيث النسبة، ضمن مصاف الأمم المتحضرة، ولكنها في حاجة إلى موجه."
لا يمكن أن نصف العالم الإسلامى بهذا الوصف فلا وجود لعالم إسلامى عاجز وإنما هى شراذم متفرقة من المسلمين هم المستضعفون في الأرض لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا
وتحدث عماه سماه الدليل الطبيعى فقال:
فكرة الدليل الطبيعي (الحيوانات المنوية، قبضة اليد...):
الدليل الطبيعي أقوى شاهد على ضرورة العمل الجماعي، والأمثلة لا يحصرها عد، من ذلك مثلا تعاون الحيوانات المنوية من أجل الوصول في آخر المطاف إلى نشأة خلق سوي، هو أنا وأنت، وهو كل إنسان على ظهر الأرض، وليس ثمة أي مبرر علمي ومنطقي لاصطفائه من بين أربع مائة مليون من أمثاله، غير حكمة الله تعالى، التي اقتضت ذلك، سبحانه {فعال لما يريد}.
وهذه اليد التي نبطش بها، ونكسب بها، وندعو خالقنا بها ... هل هي جملة أصابع؟ أم هي بناء متكامل من أصابع لا يشبه الواحد منها الآخر، يحكمها أمر واحد، وتنطلق دوما إلى هدف واحد، في تناسق تام، قد يكون من المضحك لو تصورنا خلافه يوما، إذا لذهب كل إصبع خلاف مذهب الآخر، ولانتهت النتيجة إلى ما لا يحتمل تصوره."
وهذا الدليل الخلقى وليس الطبيعى لأنها كلمة تستعمل للبعد عن وجود خالق ليس صالح للاستدلال به على العمل الجماعى فالحيوانات المنوية في تلك الصورة المرسومة لها من قبل علماء الطب ليست متحدة ولا تتعاون وإنما هى تتنافس مع بعضها على الوصول للهدف فلو كان هناك تعاون لدخلت كل الحيوانات المنوية معا البويضة
وأما اليد فمثال على الخلق المتكامل الذى يعمل معا
وتحدث عن أخلاقيات للعمل الجماعى فقال :
"الأسس الأخلاقية للعمل الجماعي:
ادعاء الحق المطلق.
الحق واحد لا يتعدد، هذا ما يعتقده المسلم، ويؤمن به، وبخاصة في شؤون العقيدة. غير أن فهم الحق، والوصول إليه قد يتعدد، في غير الكليات، وفي غير ما ثبت بدليل قطعي.
غير أن الإنسان مجبول على ادعاء الحق بجانبه، ونسبة الباطل إلى غيره؛ وهذه النزعة في حد ذاتها طبيعية لا عيب فيها، غير أن الخطأ في ادعاء الحق المطلق، وعدم التريث في إسداء الأحكام، والخلق بين المنهج المتبع في الاعتقاد، وما ينتهج في غيره من شؤون العلم والحياة.
ولعل ما يعاني منه المسلمون اليوم هو هذا الادعاء بالذات، فالصراع المذهبي (سواء المذاهب العقدية، أو الفقهية)، والصراع الفكري (في الفكر، والثقافة، والتربية، والسياسة، والاقتصاد)، والصراع العرقي والجنسي ... يبدأ من كوني أنا على حق وغيري على باطل، أنا مظلوم وغير ظالم ... فلو أننا اعتقدنا أن بعضا من الحق معي، وبعضا منه مع غيري، وبعضا من الخطأ معي، وبعضا منه مع صاحبي.
والغريب أن هذا المرض مستشر وانقسمنا شيعا وأحزابا ... وإن كنا لا ننكر هذا التعدد، فما ننكره هو ادعاء الصواب المطلق، ورفض التعاون والتنسيق، من بعض الجهات والجماعات والحركات، دون ذكر للأسماء، ودون تعميم ففي المنطق: كل تعميم خطأ. حتى هذا التعميم."
والحديث عن ادعاء الحق المطلق هو سيرة كل الأديان والمذاهب في العالم ولكن الفيصل في الأمر هو الله ولذا قال تعالى :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
وهذا معناه أن من يقرر من على الحق في الدنيا هو كتاب الله المحتكم إليه
والله هو من يقرر بناء على كتابه مصير كل فرد وبالضرورة كل أمة في الآخرة
ومن ثم فكل من ادعى ان الحق معه في أى مسألة لابد أن يكون معه النص من كتاب على صحة ما قاله
والمبدأ الأخلاقى الثانى الذى قرره المؤلف هو الحرية وقبول رأى المخالف وفيه قال :
"الحرية في التفكير، وقبول الرأي المخالف:
حديثنا دوما عن حرية إسداء الرأي، وقبل ذلك يجب أن نسعى إلى ضمان الحرية في التفكير، لأن الإنسان لا يمكنه أن يؤكد إنسانيته إذا لم يفكر، فمجرد تناول الطعام، وارتداء اللباس، ورفع الرأس إلى السماء، أو خفضه إلى الأرض، بحرية ... لا يعني الحرية بالضرورة، لأن من الحيوانات من يتقن هذه الأفعال أكثر من الإنسان.
بل الإنسان السوي هو الذي يفكر في المصير، ويعتبر بالماضي، ويستفيد من التجارب؛ يؤثر بأفكاره، ويتأثر بأفكار غيره، ويدلي برأيه دون تردد ولا إحجام، ويقبل رأي مخالفه في حدود المنطق.
وهذا الخلق من أساسيات العمل الجماعي، فبدونه تغدو الجماعة قطيعا من الأفراد تحكمها الأنانيات، ويسيرها الادعاء والرفض، فلا تخضر فيها فكرة ولا تورق، ولا يسعد فيها فرد ولا يسمو."
بالقطع الحديث عن حرية التفكير حديث خاطىء لأن التفكير نفسه في كتاب الله يعنى الحق فلا يوجد تفكير سليم وتفكير خاطىء لأنه لو كان هناك تفكير خاطىء ما طلب الله التفكير فقال :
"أفلا تتفكرون"
ومن ثم لا حرية في التفكير لأن الحرية تؤدى لحق أو إلى باطل وساعتها لا تكون تفكير وإنما هى هوى ضال أى انشغال بالشهوات
وأما قبول الرأى المخالف أو حتى الرأى الذى عليه الإنسان لابد أن يرجع فيه الإنسان إلى مصدر الحق وهو الصواب فقد يكون الرأيين خطأ اى باطل والصواب في كتاب الله سواهما وفى هذا قال تعالى :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
والمبدأ الأخلاقى الثالث عند باباعمى هو الاستعداد للتصحيح وفيه قال :
" الاستعداد للتصحيح.
الإنسان الواثق من علمه وفكره هو الذي يستعد دوما لأن يصحح خطأه، ويعتبر ذلك التصحيح إضافة فيه، وإعلاء من فكرته؛ أما الشاك والمتردد، فيخاف التصحيح ويهابه، ويدفع المستمعين دوما إلى التوهم أنه على صواب لا يستدعي النقاش ولا الحوار.
وانظر إلى أخلاقيات رسول الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - حين يقول للكافرين، وهو على الحق الذي لا ريب فيه: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}."
والاستعداد للتصحيح معناه في الإسلام هو التوبة من الباطل بالعودة للحق فالمسلم لا يعاند نفسه ولا يعاند الله وإنما على الفور يبصر الحق فيترك مس وهو طاعة الشيطان وهو شهوات النفس كما قال تعالى :
"إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون"
وتحدث عن احترام التخصص فقال :
"احترام التخصص:
سعة العلوم، وضعف الإنسان، وقصر عمره ... كل ذلك يجعل من المستحيل على إنسان واحد إدراك جميع الحقائق في أي علم من العلوم، أو في أي تخصص من التخصصات، ولذلك كان لزاما على المشتغلين بالمعارف أن لا يعتدوا بما عندهم، وأن يحترموا تخصصات غيرهم."
والتخصص يجب احترامه ولكن في الإسلام قد يكون من ليس متخصص في تخصص ما لديه ما يخدم أهل التخصص وهم عجزوا عن رؤيته وعن تجربة مثلا في مرض ابنى لم يأت التشخيص الصحيح من أصحاب التخصص وإنما من معلم في مدرسة فبعد أربعة أشهر من الكشوفات والتحاليل والأشعات عند أطباء عاديين وعند أساتذة يدرسون له في الكلية لم يستطع أى منهم أن يحدد مرضه
بالقطع ليس هذا دعوة للكشف عند المعلم أو غيره ولكن كلمة تصدر من غير متخصص قد تكون هى الحل
وتحدث عن الأسس التقنية للعمل الجماعى فقال :
"الأسس التقنية:
البرمجة المحكمة.
النظام الدقيق.
الانضباط والالتزام.
الحوار ضمان لسيولة الفكرة، والتدوين تأكيد على رسوخها."
وأى عمل جماعى لابد أن يكون هادف ومنظم حسب خطط ومن ينفذونه لابد أن يعملوا بجد وهم يتحاورون عند ظهور أى عقبة تقابلهم