رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,708
- الإقامة
- مصر
قراءة فى مقال في البحث عن الحقيقة
صاحب المقال كمال غزال وهو يدور حول بحث بعض الناس عن الحقائق فى مختلف المجالات وقد استهله بالقول أن الإنسان يظل باحثا عن اجابات عن أسئلته الكونية فقال :
"كان البحث عن الحقيقة ولا يزال الشغل الشاغل للإنسان منذ لحظة وجوده على هذه الأرض ولعل هذا ما يميزه عن سائر المخلوقات فهو نشأ ليسأل ويفهم كل ما حوله بفضل عقله الذي بلغ أرقى درجات التطور على هذه الأرض، تجسد هذا البحث في سعيه الدائم للحصول على إجابات عن ظواهر الكون ونفسه ذاتها، وإن لم ينجح في اكتشاف القوانين التي تسير وفقها ظاهرة ما فقد صاغ على الأقل نظريات وفرضيات تقدم إجابات محتملة (وإن لم تكن نهائية) قد تقترب من حقيقة الظاهرة المحيرة والمدروسة."
وتعميم غزال لبحث الإنسان عن الحقيقة خاطىء فالباحثون عن الحقائق قلة لأن بقية الناس يعيشون مريحين أنفسهم من التفكير فهمهم فى الحياة الأكل والشرب والنكاح أى التمتع بملذات الحياة كما قال تعالى :
"والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام "
والكفار هم كثرة البشر كما قال تعالى :
" فأبى أكثر الناس إلا كفورا"
وتحدث عن أن الدين والفلسفة قاموا بتقديم إجابات عن أسئلة الإنسان فقال:
"ورغم أن الدين والفلسفة حاولا تقديم إجابات عن تساؤلات الإنسان الكونية الكبرى (من صنعني؟ ولماذا؟ وكيف يتم التحكم بقدري؟ إلى أين يتجه مصيري بعد الموت؟، ... الخ) إلا أنه ما تزال هناك أمور مجهولة تبدو غيبية (كيانات، أرواح، جن، ملائكة، شياطين، أشباح، مخلوقات قادمة من الفضاء الخارجي .. الخ) يتشكك أو يعتقد أن لها القدرة على التأثير في عقله أو نفسه أو حتى مسار حياته. إضافة إلى ظواهر أخرى تتعلق بقدرات ذهنية أو حواس غير عادية تقع في نطاق الباراسيكولوجي كالرؤى التنبؤية أو التخاطر أو تحريك الأشياء بقوة العقل.
ولهذا كان للأساطير والمعتقدات قديماً وللموروث الشعبي والديني والطب النفسي والعلوم الراهنة حديثاً دور في تحليل وتقديم إجابات سعياً وراء " الحقيقة "المفقودة والتي تكون نسبية أصلاً تبعاً للتباين الثقافي والعلمي بين الجماعات والأفراد والتيارات الفكرية والدينية المختلفة. في الواقع لا تعتبر مهمة البحث عن الحقيقة أمراً سهل المنال وهذا ليس عائد فقط لقلة أو عدم دقة المعلومات التي جمعناها عن الظاهرة أو من تقارير الشهود وإنما عائد أيضاً إلى إرتكابنا لأخطاء في التفكير لا يتنبه لها الكثير من الباحثين والمحققين في الأحداث المختلفة خاصة تلك التي تتخطى نطاق التفسير الفيزيائي بحسب معارفنا الحالية."
قطعا الفلسفة ليست مذاهبها سوى أديان من ضمن الأديان وكل دين قدم إجابات مختلفة عن الدين ألأخر فى الغالب لأنهم لو اتفقوا فسيكون هناك دين واحد
بالقطع الحقيقة خاصة الظواهر الكونية الكبرى لا يمكن الحصول على إجاباتها بالتجارب ولا حتى بالبحث المزعوم لأن وسائل دراستها محالة فكل ما فى السموات محال دراسته لاستحالة الوصول له ودراسته هناك
وأما الممكن فهو التجارب على الطبقة الأولى من الأرض ولذا لا يمكن الوصول لتلك الحقيقة إلا عن طريق خالق الكون وهو أنزل الوحى لاعلام البشر بذلك
يحدثنا غزال عن أن أحد الباحثين الغربيين أجرى دراسة عن أخطاء التفكير ولا يمكن للتفكير أن يكون خاطىء لأن التفكير يقدم الصواب وإلا ما طلبه الله من الإنسان فال :
" أفلا تتفكرون"
وإنما الدراسة عن أخطاء الإنسان فى دراسة الموضوعات
قال الرجل :
"رصد توماس إي. كيدا وهو بروفسور في معهد إيزنبرغ للإدارة من جامعة ماساتشوستس الأمريكية 6 من تلك الأخطاء الأساسية التي يرتكبها الباحثون في كتابه الذي حمل عنوان " لا تصدق كل ما تظنه: الأخطاء الستة الأساسية في التفكير " Don't Believe Everything You Think: The 6 Basic Mistakes We Make in Thinking والتي سنذكر موجزاً عنها في هذا المقال. ويعد هذا الكتاب مقدمة جيدة في التفكير النقدي ويركز على بعض الأخطاء الشائعة في تفكير الناس ويشرح أيضاً كيفية حدوثها وما تبدو عليه وكيفية تجنبها كما يدعو إلى المزيد من الوضوح في التفكير والمحاكمة المنطقية والمناقشة.
لا تصدق كل ما تظنه
يقول (كيدا) في كتابه: " إن كنت تهتم للحقيقة فعلاً فعليك أن تكون مهتماً في قدرتك على التمييز بشكل موثوق بين الحقيقة والزيف رغم أنه ليس من السهل القيام بذلك دائماً حيث تبرز المشكلة الرئيسية في أن عادات التفكير التي تخدمنا على ما يبدو في شؤوننا اليومية لا تصلح لأمور تتصل بقضايا أكثر تعقيداً، وللأسف لم تبذل في ثقافتنا المعاصرة إلا جهوداَ ضئيلة لكي تحث الناس على القيام بهذه المهمة على نحو أفضل وهذا يضر بنا جميعاً "."
واستعرض غزال ما قاله كيدا عن الأخطاء الستة فقال :
"الأخطاء الست الشائعة:
على الرغم من إمكانية تطوير أفضل المهارات من خلال دورات في المنطق الصوري والفلسفة إلا أنها ببساطة غير مجدية لمعظم الناس فهي إما أن تكون غير متوفرة أو صعبة جداً. ولحسن الحظ لا يحتاج معظم الناس إلى هذا المستوى من المهارة بل يحتاجون إلى صقلها فقط لتكون أفضل مما هي عليه حالياً ويمكن تحقيق ذلك إذا كان الشخص على استعداد لاستثمار بعض الوقت والجهد في دراسة بعض النصوص الأساسية ومن ثم يكون تطبيقها "عادة " بالنسبة إليه يستفيد منها في الحياة الحقيقية. ويمكن أن يكون هذا أمر صعب على نحو خاص ولكن على الأقل هناك العديد من الكتب الجيدة التي يمكن للناس استخدامها لتنطلق جهودهم منها.
ركز كتاب (كيدا) على 6 من الأخطاء الشائعة في التفكير في مجالات متنوعة وواسعة من القضايا مع أنه لا يدعي انها الأخطاء الوحيدة لكنها اخطاء يراها في معظم الأحيان ويعتقد انها تؤدي الى معظم المشاكل.
الخطأ الأول
نحن نفضل القصص على ما تقوله الإحصاءات إلى درجة أن قصة سيئة يكون لها أفضلية كبرى على دراسة إحصائية عظيمة الأهمية وهذا لا ينبغي أن يكون مفاجئاً فنحن حيوانات إجتماعية، لذلك سيبدو لنا تأثير التواصل مع الآخريين أهم بكثير من أرقام جامدة وغير شخصية مما يؤدي بنا إلى إتخاذ قرارات تستند إلى قصة مفردة قد لا تمثل توجهات أعم وأشمل وفي نفس الوقت نتجاهل الإحصاءات التي تخبرنا أموراً عن تلك التوجهات."
وهذا الخطأ مشاهد ومسموع ومعروف حيث يعانى دعاة الحقيقة من سيطرة أصحاب الحكايات على نفوس البشر فالناس يعجبهم الحكايات الغريبة التى تضحك عليهم وتخدعهم
وقال فى الخطأ الثانى :
"الخطأ الثاني
يكون سعينا على الدوام باتجاه التأكيد على أفكارنا عوضاً أن تكون تلك الأفكار موضع تساؤلنا أو شكنا فالجميع لديهم رغبة في أن يكونوا على صواب ولا أحد يريد أن يكون على خطأ وهذا من شأنه أن يولد قوة أساسية تدفعنا خلف حقيقة مفادها أنه: " حينما ينظر الناس إلى الأدلة المحايدة التي أمامهم يركزون غالباً على ما يبدو أنه جاء مؤكداً لما اعتقدوا به مسبقاً متجاهلين كل ما قد يعارض معتقداتهم " .."
هذا الخطأ منتشر بين الكتاب والباحثين فالكل يريد أن يثبت رأيه ويعتبر نفسه هو العاقل وبقية الناس جهلاء والباحث عن الحقيقة يرد الأمر إلى الوحى الإلهى كما قال تعالى :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
فكل باحث حقا يجب أن يستغنى عن رأيه ويلجأ إلى حكم الله
وتحدث عن الخطأ الثالث وهو الاعتماد على الصدف فقال :
"الخطأ الثالث
نادراً ما نولي الحظ والمصادفة أهمية في صياغة الأحداث، تستند فرصة الحدوث في قانون الاحتمالات على اختيار عشوائي لا يملك الشخص فيه فكرة عن كيفية تأثير تلك الفرص أو الصدف أو الأمور العشوائية على حياته، فيظن الناس أن الأحداث الغير متوقعة مرجحة الوقوع جداً بينما تكون الأحداث الأكثر توقعاً غير مرجحة الوقوع للغاية.
على سبيل المثال فالحادثة التي تملك فرصة حدوث مساوية إلى 1 من مليون فرصة مقابلها ستقع مرة من أصل مليون مرة مما قد يعني إمكانية وقوع عدد من الحوادث من هذا القبيل في مدينة نيويورك مثلاً بشكل يومي."
وما قاله كيدا خطأ فادح فالباحث الحقيقى يعتمد على تكرار الأمور كثيرا لاثبات الحقيقة وليس على الصدفة كما قال تعالى :
الذى خلق سبع سموات طباقا ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير"
وتناول الخطأ الرابع هو عدم الدقة فى النظر للأمور المختلفة بنفس المستوى من التركيز فى المعتقد فقال :
"الخطأ الرابع
نرتكب خطأ في بعض الأحيان في تصورنا إلى العالم المحيط بنا فبكل بساطة لا ننظر إلى الأشياء التي بجوارنا بنفس الدرجة من الدقة التي نعتقد بها وبدلاً من ذلك نرى أموراً ليس لها وجود هناك فنفشل في رؤية الأشياء كما هي فعلاً. بل يحدث أسوأ من ذلك عندما لا يؤشر مستوى ثقتنا في الامور التي نتصورها إلى ما نرجح أنه جادة الصواب."
وتناول الخطأ الخامس وهو فى اعتقاده تبسيط الأمور فقال :
"الخطأ الخامس
نميل إلى تبسيط تفكيرنا مع أن الحقيقة بكل عناصرها أكثر تعقيداً مما نتصوره، في الواقع إنها اكثر تعقيداً مما يمكن تناوله مع كل تحليل نقوم به حول ما يجري والذي ينبغي فيه استبعاد العديد من العوامل المؤثرة، وإذا لم نتمكن من التبسيط فإننا لن نصل إلى أي نتيجة في تفكيرنا، ولسوء الحظ غالباً ما نقوم بتبسيط الأمور بشكل مفرط نفقد معه الكثير من الأمور الأخرى التي ينبغي أن تأخذ في الحسبان."
والدعوة إلى عدم التبسيط خطأ فادح فالعلم واضح مفهوم وليس كعقد كما يذكر كيدا فلو كان معقد ما جعل الله آياته للبشر جميعا كأدلة فقال :
" سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"
وتناول الخطأ السادس وهو الذاكرة ألإنسانية وعدم دقتها فقال :
"الخطأ السادس
غالباً ما تكون ذاكرتنا غير دقيقة ولكي نكون منصفين لا يعتبر هذا خطأ لأنه ليس بوسعنا أن نناقض حقيقة مفادها أنه لا يمكن أن نعول على ذاكرتنا. لكن الخطأ الحقيقي يكمن في عدم إدراك هذه الحقيقة أو في عدم فهم الطرق التي تضلل فيها ذكرياتنا ومن ثم فشلها في القيام بما وسعها للتعويض عن هذه الحقيقة. "
والاعتماد على الذاكرة فى اثبات حقيقة ما خطأ فلابد من اجراء التجارب أو المشاهدات وسؤال الغير وغير ذلك لأن الذاكرة الإنسانية قد لا تذكر الأمر كما هو بالضبط
وتحدث غزال عن أن الأخطاء الستة ليست هى الأخطاء الوحيدة لأن هناك أخطاء أخرى فى البحث فقال :
"مرة أخرى نكرر أن الأخطاء المذكورة ليست الأخطاء الوحيدة التي يرتكبها الأشخاص لكن إذا كان بوسعك أن يصبح لديك عادة في ملاحظتها وتجنبها ستكون في مقدمة معظم الأشخاص الباحثين عن الحقيقة وستنجز مهمة البحث على نحو أفضل بكثير مما كنت عليه من قبل. لا يمكنك التركيز فقط على هذه الجملة من الاخطاء وإنما أيضاً عليك أن تضع في الاعتبار أن تكون أكثر تشككاً ونقداً في تفكيرك وبالتالي تحافظ باستمرار على الفصل بين الأمور المرجحة أكثر لتكون صواباً وتلك الأمور التي لا تستحق وقتنا."
وتمنى غزال أن يبتعد الباحثون فى منطقتنا عن الوقوع فى تلك الأخطاء فقال :
"وأخيراً .. أتمنى أن يسير الباحثون عن الحقيقة في العالم العربي على منوال التفكير النقدي فيتجنبون الوقوع في الأخطاء قدر الإمكان لتكون تحليلاتهم أكثر عمقاً وأكثر دقة سواء أكانوا محققين في الظواهر الغامضة أو غيرها من الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية.
كما أرجو أن يتجنبوا أخطاء الحوار فيما بينهم والتي رصدتها في مقال نقد العقل العربي لتكون الحقيقة هدفهم الاول وليس تبديلاً للحقائق لمصلحة أو غاية ما كما يسير عليه نهج الكثير من كتاب نظريات المؤامرة الذين يبدأون باعتقاد أو فكرة مسبقة ثم يتخذون أسلوب الإقناع بإن يذكروا كل ما يوحي للقارئ أنه يتماشى مع تلك الفكرة في الأحداث أو في الإشارات والتلميحات والتخمينات التي قد تبدو ظاهرياً تسلسل منطقي أو علوم زائف تفتقر إلى أدلة ومن ثم القفز إلى استنتاج "الفكرة الأولية (الهدف) " مع إغفالهم المتعمد لكل ما لا يسير وفقها أو يناقضها، هؤلاء فضلوا أن يروا ظواهر الحياة كما يحبوا أن يروها لأهدافهم الخاصة (المال والشهرة والدعوة إلى انتماء فكري أو ديني) وليس كما هي حقاً."
وحكاية الحيادية أن البعد عن المعتقد هو كلام فارغ فلا يمكن لأحد كائنا من كان أن يغفل معتقد وهو دينه فى بحثه وكل البحوث الغربية مشبعة بعدم الحيادية فالدين موجود فيها سواء كان دينا معروفا كالنصرانية أو اليهودية أو الإلحادية أو الرأسمالية .... إلخ
المطلوب كما بين الله هو العدل حيث قال :
" وإذا قلتم فاعدلوا"
فالعدالة لا تتحيز إلى أى شىء سوى الحكم الحق
وليس الحيادية المزعومة
صاحب المقال كمال غزال وهو يدور حول بحث بعض الناس عن الحقائق فى مختلف المجالات وقد استهله بالقول أن الإنسان يظل باحثا عن اجابات عن أسئلته الكونية فقال :
"كان البحث عن الحقيقة ولا يزال الشغل الشاغل للإنسان منذ لحظة وجوده على هذه الأرض ولعل هذا ما يميزه عن سائر المخلوقات فهو نشأ ليسأل ويفهم كل ما حوله بفضل عقله الذي بلغ أرقى درجات التطور على هذه الأرض، تجسد هذا البحث في سعيه الدائم للحصول على إجابات عن ظواهر الكون ونفسه ذاتها، وإن لم ينجح في اكتشاف القوانين التي تسير وفقها ظاهرة ما فقد صاغ على الأقل نظريات وفرضيات تقدم إجابات محتملة (وإن لم تكن نهائية) قد تقترب من حقيقة الظاهرة المحيرة والمدروسة."
وتعميم غزال لبحث الإنسان عن الحقيقة خاطىء فالباحثون عن الحقائق قلة لأن بقية الناس يعيشون مريحين أنفسهم من التفكير فهمهم فى الحياة الأكل والشرب والنكاح أى التمتع بملذات الحياة كما قال تعالى :
"والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام "
والكفار هم كثرة البشر كما قال تعالى :
" فأبى أكثر الناس إلا كفورا"
وتحدث عن أن الدين والفلسفة قاموا بتقديم إجابات عن أسئلة الإنسان فقال:
"ورغم أن الدين والفلسفة حاولا تقديم إجابات عن تساؤلات الإنسان الكونية الكبرى (من صنعني؟ ولماذا؟ وكيف يتم التحكم بقدري؟ إلى أين يتجه مصيري بعد الموت؟، ... الخ) إلا أنه ما تزال هناك أمور مجهولة تبدو غيبية (كيانات، أرواح، جن، ملائكة، شياطين، أشباح، مخلوقات قادمة من الفضاء الخارجي .. الخ) يتشكك أو يعتقد أن لها القدرة على التأثير في عقله أو نفسه أو حتى مسار حياته. إضافة إلى ظواهر أخرى تتعلق بقدرات ذهنية أو حواس غير عادية تقع في نطاق الباراسيكولوجي كالرؤى التنبؤية أو التخاطر أو تحريك الأشياء بقوة العقل.
ولهذا كان للأساطير والمعتقدات قديماً وللموروث الشعبي والديني والطب النفسي والعلوم الراهنة حديثاً دور في تحليل وتقديم إجابات سعياً وراء " الحقيقة "المفقودة والتي تكون نسبية أصلاً تبعاً للتباين الثقافي والعلمي بين الجماعات والأفراد والتيارات الفكرية والدينية المختلفة. في الواقع لا تعتبر مهمة البحث عن الحقيقة أمراً سهل المنال وهذا ليس عائد فقط لقلة أو عدم دقة المعلومات التي جمعناها عن الظاهرة أو من تقارير الشهود وإنما عائد أيضاً إلى إرتكابنا لأخطاء في التفكير لا يتنبه لها الكثير من الباحثين والمحققين في الأحداث المختلفة خاصة تلك التي تتخطى نطاق التفسير الفيزيائي بحسب معارفنا الحالية."
قطعا الفلسفة ليست مذاهبها سوى أديان من ضمن الأديان وكل دين قدم إجابات مختلفة عن الدين ألأخر فى الغالب لأنهم لو اتفقوا فسيكون هناك دين واحد
بالقطع الحقيقة خاصة الظواهر الكونية الكبرى لا يمكن الحصول على إجاباتها بالتجارب ولا حتى بالبحث المزعوم لأن وسائل دراستها محالة فكل ما فى السموات محال دراسته لاستحالة الوصول له ودراسته هناك
وأما الممكن فهو التجارب على الطبقة الأولى من الأرض ولذا لا يمكن الوصول لتلك الحقيقة إلا عن طريق خالق الكون وهو أنزل الوحى لاعلام البشر بذلك
يحدثنا غزال عن أن أحد الباحثين الغربيين أجرى دراسة عن أخطاء التفكير ولا يمكن للتفكير أن يكون خاطىء لأن التفكير يقدم الصواب وإلا ما طلبه الله من الإنسان فال :
" أفلا تتفكرون"
وإنما الدراسة عن أخطاء الإنسان فى دراسة الموضوعات
قال الرجل :
"رصد توماس إي. كيدا وهو بروفسور في معهد إيزنبرغ للإدارة من جامعة ماساتشوستس الأمريكية 6 من تلك الأخطاء الأساسية التي يرتكبها الباحثون في كتابه الذي حمل عنوان " لا تصدق كل ما تظنه: الأخطاء الستة الأساسية في التفكير " Don't Believe Everything You Think: The 6 Basic Mistakes We Make in Thinking والتي سنذكر موجزاً عنها في هذا المقال. ويعد هذا الكتاب مقدمة جيدة في التفكير النقدي ويركز على بعض الأخطاء الشائعة في تفكير الناس ويشرح أيضاً كيفية حدوثها وما تبدو عليه وكيفية تجنبها كما يدعو إلى المزيد من الوضوح في التفكير والمحاكمة المنطقية والمناقشة.
لا تصدق كل ما تظنه
يقول (كيدا) في كتابه: " إن كنت تهتم للحقيقة فعلاً فعليك أن تكون مهتماً في قدرتك على التمييز بشكل موثوق بين الحقيقة والزيف رغم أنه ليس من السهل القيام بذلك دائماً حيث تبرز المشكلة الرئيسية في أن عادات التفكير التي تخدمنا على ما يبدو في شؤوننا اليومية لا تصلح لأمور تتصل بقضايا أكثر تعقيداً، وللأسف لم تبذل في ثقافتنا المعاصرة إلا جهوداَ ضئيلة لكي تحث الناس على القيام بهذه المهمة على نحو أفضل وهذا يضر بنا جميعاً "."
واستعرض غزال ما قاله كيدا عن الأخطاء الستة فقال :
"الأخطاء الست الشائعة:
على الرغم من إمكانية تطوير أفضل المهارات من خلال دورات في المنطق الصوري والفلسفة إلا أنها ببساطة غير مجدية لمعظم الناس فهي إما أن تكون غير متوفرة أو صعبة جداً. ولحسن الحظ لا يحتاج معظم الناس إلى هذا المستوى من المهارة بل يحتاجون إلى صقلها فقط لتكون أفضل مما هي عليه حالياً ويمكن تحقيق ذلك إذا كان الشخص على استعداد لاستثمار بعض الوقت والجهد في دراسة بعض النصوص الأساسية ومن ثم يكون تطبيقها "عادة " بالنسبة إليه يستفيد منها في الحياة الحقيقية. ويمكن أن يكون هذا أمر صعب على نحو خاص ولكن على الأقل هناك العديد من الكتب الجيدة التي يمكن للناس استخدامها لتنطلق جهودهم منها.
ركز كتاب (كيدا) على 6 من الأخطاء الشائعة في التفكير في مجالات متنوعة وواسعة من القضايا مع أنه لا يدعي انها الأخطاء الوحيدة لكنها اخطاء يراها في معظم الأحيان ويعتقد انها تؤدي الى معظم المشاكل.
الخطأ الأول
نحن نفضل القصص على ما تقوله الإحصاءات إلى درجة أن قصة سيئة يكون لها أفضلية كبرى على دراسة إحصائية عظيمة الأهمية وهذا لا ينبغي أن يكون مفاجئاً فنحن حيوانات إجتماعية، لذلك سيبدو لنا تأثير التواصل مع الآخريين أهم بكثير من أرقام جامدة وغير شخصية مما يؤدي بنا إلى إتخاذ قرارات تستند إلى قصة مفردة قد لا تمثل توجهات أعم وأشمل وفي نفس الوقت نتجاهل الإحصاءات التي تخبرنا أموراً عن تلك التوجهات."
وهذا الخطأ مشاهد ومسموع ومعروف حيث يعانى دعاة الحقيقة من سيطرة أصحاب الحكايات على نفوس البشر فالناس يعجبهم الحكايات الغريبة التى تضحك عليهم وتخدعهم
وقال فى الخطأ الثانى :
"الخطأ الثاني
يكون سعينا على الدوام باتجاه التأكيد على أفكارنا عوضاً أن تكون تلك الأفكار موضع تساؤلنا أو شكنا فالجميع لديهم رغبة في أن يكونوا على صواب ولا أحد يريد أن يكون على خطأ وهذا من شأنه أن يولد قوة أساسية تدفعنا خلف حقيقة مفادها أنه: " حينما ينظر الناس إلى الأدلة المحايدة التي أمامهم يركزون غالباً على ما يبدو أنه جاء مؤكداً لما اعتقدوا به مسبقاً متجاهلين كل ما قد يعارض معتقداتهم " .."
هذا الخطأ منتشر بين الكتاب والباحثين فالكل يريد أن يثبت رأيه ويعتبر نفسه هو العاقل وبقية الناس جهلاء والباحث عن الحقيقة يرد الأمر إلى الوحى الإلهى كما قال تعالى :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
فكل باحث حقا يجب أن يستغنى عن رأيه ويلجأ إلى حكم الله
وتحدث عن الخطأ الثالث وهو الاعتماد على الصدف فقال :
"الخطأ الثالث
نادراً ما نولي الحظ والمصادفة أهمية في صياغة الأحداث، تستند فرصة الحدوث في قانون الاحتمالات على اختيار عشوائي لا يملك الشخص فيه فكرة عن كيفية تأثير تلك الفرص أو الصدف أو الأمور العشوائية على حياته، فيظن الناس أن الأحداث الغير متوقعة مرجحة الوقوع جداً بينما تكون الأحداث الأكثر توقعاً غير مرجحة الوقوع للغاية.
على سبيل المثال فالحادثة التي تملك فرصة حدوث مساوية إلى 1 من مليون فرصة مقابلها ستقع مرة من أصل مليون مرة مما قد يعني إمكانية وقوع عدد من الحوادث من هذا القبيل في مدينة نيويورك مثلاً بشكل يومي."
وما قاله كيدا خطأ فادح فالباحث الحقيقى يعتمد على تكرار الأمور كثيرا لاثبات الحقيقة وليس على الصدفة كما قال تعالى :
الذى خلق سبع سموات طباقا ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير"
وتناول الخطأ الرابع هو عدم الدقة فى النظر للأمور المختلفة بنفس المستوى من التركيز فى المعتقد فقال :
"الخطأ الرابع
نرتكب خطأ في بعض الأحيان في تصورنا إلى العالم المحيط بنا فبكل بساطة لا ننظر إلى الأشياء التي بجوارنا بنفس الدرجة من الدقة التي نعتقد بها وبدلاً من ذلك نرى أموراً ليس لها وجود هناك فنفشل في رؤية الأشياء كما هي فعلاً. بل يحدث أسوأ من ذلك عندما لا يؤشر مستوى ثقتنا في الامور التي نتصورها إلى ما نرجح أنه جادة الصواب."
وتناول الخطأ الخامس وهو فى اعتقاده تبسيط الأمور فقال :
"الخطأ الخامس
نميل إلى تبسيط تفكيرنا مع أن الحقيقة بكل عناصرها أكثر تعقيداً مما نتصوره، في الواقع إنها اكثر تعقيداً مما يمكن تناوله مع كل تحليل نقوم به حول ما يجري والذي ينبغي فيه استبعاد العديد من العوامل المؤثرة، وإذا لم نتمكن من التبسيط فإننا لن نصل إلى أي نتيجة في تفكيرنا، ولسوء الحظ غالباً ما نقوم بتبسيط الأمور بشكل مفرط نفقد معه الكثير من الأمور الأخرى التي ينبغي أن تأخذ في الحسبان."
والدعوة إلى عدم التبسيط خطأ فادح فالعلم واضح مفهوم وليس كعقد كما يذكر كيدا فلو كان معقد ما جعل الله آياته للبشر جميعا كأدلة فقال :
" سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"
وتناول الخطأ السادس وهو الذاكرة ألإنسانية وعدم دقتها فقال :
"الخطأ السادس
غالباً ما تكون ذاكرتنا غير دقيقة ولكي نكون منصفين لا يعتبر هذا خطأ لأنه ليس بوسعنا أن نناقض حقيقة مفادها أنه لا يمكن أن نعول على ذاكرتنا. لكن الخطأ الحقيقي يكمن في عدم إدراك هذه الحقيقة أو في عدم فهم الطرق التي تضلل فيها ذكرياتنا ومن ثم فشلها في القيام بما وسعها للتعويض عن هذه الحقيقة. "
والاعتماد على الذاكرة فى اثبات حقيقة ما خطأ فلابد من اجراء التجارب أو المشاهدات وسؤال الغير وغير ذلك لأن الذاكرة الإنسانية قد لا تذكر الأمر كما هو بالضبط
وتحدث غزال عن أن الأخطاء الستة ليست هى الأخطاء الوحيدة لأن هناك أخطاء أخرى فى البحث فقال :
"مرة أخرى نكرر أن الأخطاء المذكورة ليست الأخطاء الوحيدة التي يرتكبها الأشخاص لكن إذا كان بوسعك أن يصبح لديك عادة في ملاحظتها وتجنبها ستكون في مقدمة معظم الأشخاص الباحثين عن الحقيقة وستنجز مهمة البحث على نحو أفضل بكثير مما كنت عليه من قبل. لا يمكنك التركيز فقط على هذه الجملة من الاخطاء وإنما أيضاً عليك أن تضع في الاعتبار أن تكون أكثر تشككاً ونقداً في تفكيرك وبالتالي تحافظ باستمرار على الفصل بين الأمور المرجحة أكثر لتكون صواباً وتلك الأمور التي لا تستحق وقتنا."
وتمنى غزال أن يبتعد الباحثون فى منطقتنا عن الوقوع فى تلك الأخطاء فقال :
"وأخيراً .. أتمنى أن يسير الباحثون عن الحقيقة في العالم العربي على منوال التفكير النقدي فيتجنبون الوقوع في الأخطاء قدر الإمكان لتكون تحليلاتهم أكثر عمقاً وأكثر دقة سواء أكانوا محققين في الظواهر الغامضة أو غيرها من الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية.
كما أرجو أن يتجنبوا أخطاء الحوار فيما بينهم والتي رصدتها في مقال نقد العقل العربي لتكون الحقيقة هدفهم الاول وليس تبديلاً للحقائق لمصلحة أو غاية ما كما يسير عليه نهج الكثير من كتاب نظريات المؤامرة الذين يبدأون باعتقاد أو فكرة مسبقة ثم يتخذون أسلوب الإقناع بإن يذكروا كل ما يوحي للقارئ أنه يتماشى مع تلك الفكرة في الأحداث أو في الإشارات والتلميحات والتخمينات التي قد تبدو ظاهرياً تسلسل منطقي أو علوم زائف تفتقر إلى أدلة ومن ثم القفز إلى استنتاج "الفكرة الأولية (الهدف) " مع إغفالهم المتعمد لكل ما لا يسير وفقها أو يناقضها، هؤلاء فضلوا أن يروا ظواهر الحياة كما يحبوا أن يروها لأهدافهم الخاصة (المال والشهرة والدعوة إلى انتماء فكري أو ديني) وليس كما هي حقاً."
وحكاية الحيادية أن البعد عن المعتقد هو كلام فارغ فلا يمكن لأحد كائنا من كان أن يغفل معتقد وهو دينه فى بحثه وكل البحوث الغربية مشبعة بعدم الحيادية فالدين موجود فيها سواء كان دينا معروفا كالنصرانية أو اليهودية أو الإلحادية أو الرأسمالية .... إلخ
المطلوب كما بين الله هو العدل حيث قال :
" وإذا قلتم فاعدلوا"
فالعدالة لا تتحيز إلى أى شىء سوى الحكم الحق
وليس الحيادية المزعومة