رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة فى مقال إذا الصحف أحرقت لخميس العدوي
المسألة التى يتناولها المقال تشبه مبصر يرى الشىء حقا وصدقا بعينيه ومع هذا يصطنع العمى ويكذب ما رأته عينيه
تشبه المسألة حكاية يرونها عن المسيح(ص) فى الصحيحيين وهى :
"رأى عيسى بن مريم (ص)رجلا يسرق فقال له أسرقت قال كلا والله الذي لا إله إلا هو ، فقال عيسى عليه السلام : آمنت بالله وكذّبت عيني"
الرجل فى الحكاية شاهد السرقة بعينيه ومع هذا كذب عينيه لأجل حلف الرجل على أنه لم يسرق
العلماء والفقهاء وعلى أثرهم العامة فى مسألة حرق المصاحف فى عهد عثمان كما تزعم الروايات صدقوا الروايات ومن قبل صدقوا روايات أن أبا بكر جمع القرآن
لقد كذب القوم كتاب الله فى عشرات الآيات منها :
قوله تعالى :
"لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه "
هنا الله جامع القرآن
وقوله تعالى :
"بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ "
هنا الكتاب موجود مجموع فى لوح محفوظ
وقوله تعالى :
"إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون "
هنا القرآن موجود فى كتاب مكنون أى محفوظ
وقوله تعالى :
"كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره فى صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدى سفرة كرام بررة"
هنا الكتاب موجود كامل بيد السفرة وهم الحجاج والعمار فى بيت الله
وقوله تعالى :
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
هنا الله من حفظ القرآن أى جمعه
وقوله تعالى :
" وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد "
هنا الكتاب لا يمكن تحريفه لكونه مجموع من الله فى مكان لا يقدر أحد على أن يحرفه فيه
مع كل هذه النصوص ومنها النص الأول الصريح فى كون الله هو جامع القرآن صدق الناس الروايات وكأن كتاب الله غير موجود
مقال خميس العدوى وهو من أهل العصر حاول أن يوجد حلا لمشكلة حرق المصاحف المزعوم فى عهد عثمان فوصل لحل مشابه لحلول القوم وهو أن بشرى هو من جمع القرآن وهو النبى(ص) وبهذا وقع فى المصيبة الجامعة تكذيب كلام الله من أجل تصديق روايات أو تصديق استنباطات من روايات
بدأ الرجل مقاله بالقول:
"قد يستغرب القاريء الكريم عنوان المقال، وربما لا يروق له إمضاء قسط من وقته الثمين في استحضار قضية تاريخية كالتي نحن بصدها!،
هذا المقال يتحدث حول قضية تاريخية خطيرة جدا، أثرت مباشرة، أو بشكل غير مباشر، على مسار الأحداث في تاريخ الأمة الإسلامية، إنها حادثة جمع خليفة المسلمين عثمان بن عفان للمصاحف وإحراقها، والتي كانت من أهم المطاعن الموجهة ضد الخليفة من قبول خصومه السياسيين وخطورة التهمة تنبع من مركبات التهمة الثلاثة، وهي التهمة والمتهم والمتهم فالتهمة: وهي جمع المصاحف المنتشرة في أقاليم الدولة الإسلام وآفاقها، وإحراق تلك المصاحف المنتشرة، وإلزام الناس بالنسخة التي بيد الخليفة، تنطوي على استتباعات شرعية خطيرة جدا، أهمها هدم خاصية النقل المتواتر للقرآن الكريم، مما يسمح لفرضيات البتر والتحريف لآيات القرآن وسوره بالظهور والانتشار، وهو ما حدث فعلا كما سنراه في سياق هذا البحث والمتهم: هو خليفة المسلمين الثالث، وهو أحد كبار الصحابة السابقين الأولين من المهاجرين، وهو صهر رسول الله (ص)، وزوج ابنتين من بناته العفيفات الطاهرات، وفي زمانه قامت رحى الفتنة الكبرى بين المسلمين، وبمقتله بدأت الحرب الطاحنة بين الصحابة والتابعين، ومن بعدهم إلى يوم الدين والمتهم: هم خصوم الخليفة السياسيون، المعاصرون له كالثوار الذين أطاحوا به، وعلى يدهم كان اغتياله، ومن جاء بعدهم من خصوم الدولة الأموية، التي استمدت شرعيتها من مظلومية الخليفة وحادثة اغتياله، فاعتبر خلفاء بنو أمية أنفسهم امتدادا لعثمان بن عفان"
خذا أصل الحكاية كما قال العدوى وقد بين الحلول التى اقترحها القوم فقال :
"وقد تعاطت المدارس الإسلامية المختلفة مع هذه القضية وفق معايير مختلفة، فهناك أطراف تنزع إلى ربط القضية بمسألة جمع القرآن الكريم، وبالتالي التشكيك في مصداقية الجمع القائم على الاحتكار والمصادرة والحرق، وهناك أطراف تنزع إلى فصل القضية عن مسألة جمع القرآن؛ مع إقرارها بأن هناك اتصالا موضوعيا بين الحادثتين، باعتبار أن جمع القرآن الكريم تم في عهد أبي بكر وعمر، وأن المصاحف التي أحرقها عثمان إنما كتبت بلهجات غير تلك التي تتحدث بها قريش، وهناك طرف آخر نظر للأمور بشكل أكثر عمقا واتزانا، مبعدا فيه القرآن الكريم عن كونه طرف في صراع سياسي، يجعل منه عرضة للاتهام بالتحريف والزيادة والنقص"
بعد هذا ذكر العدوى أصل الحكاية المزعومة وهو رواية وردت فى كتب الحديث فقال:
"تبدأ فصول قصة إحراق المصاحف –كما ترويها المصادر الحديثية– حين قدم حذيفة بن اليمان على عثمان، "وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بكل ما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق"
وتعرض العدوى للرواية بالنقد والتحليل فقال :
"وهذه الرواية على طولها أهملت ذكر تفاصيل كثيرة ومهمة، فهي لم تذكر طبيعة الاختلاف في القراءة الذي أقلق حذيفة بن اليمان، كما أنها لم تتعرض لموقف كبار الصحابة من هذه الحادثة، كما أن أمر الخليفة للقرشيين الثلاثة بتقديم رأيهم على رأي زيد بن ثابت الأنصاري الذي تجمع المصادر الروائية لأهل الحديث بأنه هو من قام بجمع القرآن بأمر من أبي بكر وعمر ، بل أنها تشير إلى أن المصحف الذي بين يدي حفصة، والذي أراد عثمان نسخه وتوزيعه في الآفاق هو نفس المصحف الذي جمعه زيد بن ثابت ، يثير الكثير من الشكوك حول صحة مزاعم أهل الحديث؛ أن القرآن الكريم إنما جمع في عهد أبي بكر وعمر، وأن الذي قام بعملية الجمع تلك هو زيد بن ثابت الأنصاري؟ كل هذه الإشكالات التي تثيرها روايات أهل الحديث حول قضية إحراق الصحف؛ إنما هي امتداد طولي لمسألة خطيرة جدا، وهي مسألة الخلاف حول عملية جمع وترتيب القرآن الكريم ونحن نرى أن الإجابة على التهمة الموجهة لعثمان بإحراق الصحف، وتعريض القرآن الكريم لاحتمالات التحريف، إنما تتعلق بمعالجة مسألة الخلاف الحاصل بين مدارس الأمة حول من قام بجمع القرآن؟"
ثم ذكر العدوى وهو إباضى أن أهل كل مذهب قدموا حلا للمسألة فقال :
"حيث ذهب الإباضية إلى أن الذي جمع القرآن الكريم هو النبي (ص)
وذهب أتباع مدارس أهل السنة إلى أن الذي جمع القرآن هما أبو بكر وعمر وأما الشيعة فقد قالوا: إن الذي جمع القرآن هو علي بن أبي طالب "
والرجل ككثير من أهل المذاهب ينصر مذهبه محتكما هو الأخر للروايات والاستنباطات منها والغريب هو اتفاق الكل على نبذ كتاب الله فى المسألة ومن ثم بين الرجل أدلة المذهب الإباضى على صحة رأيه فى المسألة فقال :
"وقد استدل الإباضية لرأيهم بالكثير من الحجج لخصها عبدالله بن محمد بن بركة (ت 362هـ) في الآتي:
1- لا يعقل أن يترك النبي (ص) "القرآن الكريم الذي هو حجته على أمته، والذي تقوم به دعوته، والفرائض التي جاء بها من عند الله، وبه يصح الذي بعثه الله داعيا إليه، مفرقا في قطع الحرف الذي لم يجمعه، ولم يضمه، ولم يحصه، ولم يحكم الأمر في قراءته، وما يجوز من الاختلاف، وما لا يجوز، وفي إعرابه، ومقداره، وتأليف (ترتيب) سوره، وهذا لا يتوهم على رجل من عامة المسلمين، فكيف برسول رب العالمين (ص) "
2- أن القرآن الكريم نزل "على رسوله (ص) في ثلاث وعشرين سنة، كلما أنزلت آية وسورة؛ قرأها على أصحابه في صلاته، وحضور جملة المهاجرين، وخيار الأنصار، والذين يلونهم في الأقدار، وكانوا أهل عناية وتعظيم له، وحرص عليه، يدرسونه نهارهم، ويصلون به في ليلهم، ويتفقهون فيه، ويتفهمون معانيه، ويقريء بعضهم بعضا في مسجد رسول الله (ص)، وفي غيره من مساجدهم ومشاهدهم، وكان النبي (ص) مع ذلك يحثهم على التعليم، ويرغبهم فيه، وإذا كان الأمر كما ذكرنا لم يخف على من كان على هذه الصفة، وسار على هذه السيرة؛ ناسخ ومنسوخ، ومكي ومدني، وتقديم وتأخير، وكيف وهم شهود للقصة، حضور للتنزيل"
3- جعل النبي (ص) كتابا "يكتبون الوحي لا يدفع ذلك صاحب خبر ولا حامل أثر، وكان منهم ابن أبي سرح وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان، فإن لم يكن القرآن مجموعا مكتوبا في زمان رسول الله (ص) فأي شيء كان يكتب هؤلاء؟!" ، يقول أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة: "بلغني أن رسول الله (ص) كان إذا نزلت آية قال: اجلعوها في سورة كذا وكذا وما توفي رسول الله (ص) إلا والقرآن مجموع متلو"
4- أن "العرب مخصوصون بشدة الحفظ وحسن البيان" ، فهم أصحاب الشعر والمعلقات، وقد حفظ الصحابة "من سنن رسول الله (ص) وأحكامه وأحاديثه وأخلاقه وسيره ودلالاته قبل مبعثه أضعاف ما بين دفتي المصحف، يعلم ذلك جميع الفقهاء، ويخبرك به جميع العلماء" ، ونحن نرى أن أطفال المسلمين اليوم في مشارق الأرض ومغاربها من عرب وعجم يحفظون القرآن كاملا، فتوهم عدم حفظ الصحابة وأبنائهم للقرآن وهم أرباب الفصاحة البيان وعليهم نزل القرآن؛ لهو مما يزري بهم ويحط من قدرهم
5- ومن الدلائل التي تدل على حفظهم وعنايتهم بالقرآن؛ أنهم كانوا علماء لنظم السور وتأليف الآي، وأنهم لم يقدموا فيه ولم يأخروا، مع علمهم أن أول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}العلق: 1، إلا أنهم لم يقدموها على البقرة ولا سورة براءة التي هي آخر ما نزل من القرآن، ولا يعقل أن يكون هذا الترتيب المحكم لسور القرآن الكريم وآياته إلا بتوجيه من النبي (ص) وهداية من الوحي، وصدق الحق تعالى حين قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}الحجر: 9
6- أن الصحابة كانوا يعرفون من جمع القرآن من الأنصار، فقد روي عن أنس بن مالك أنه قال: "ما جمع القرآن على عهد رسول الله (ص) إلا ستة نفر كلهم من الأنصار، أبي ومعاذ وزيد وأبو زيد وأبو أيوب وعثمان" ، و"من حفظه من المهاجرين، ومن بقيت عليه السورة والسورتان" ، ولو لم يكن القرآن مؤلفا بأمر رسول الله (ص) كيف كان يجمعه هؤلاء الستة وغيرهم
7- روى الربيع بن حبيب عن أبي عبيدة قال: "بلغني أن رسول الله (ص) كان إذا أنزلت عليه آية قال: (اجعلوها في سورة كذا) وما توفي رسول الله إلا والقرآن مجموع متلو" "
كل هذه الأدلة الواهية تنقضها آيات فى الوحى منها :
-قوله تعالى " سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله" لو أجريناها على تفسير القوم فهنا النبى(ص) ينسى بعض القرآن فكيف يكون قد حفظه وهو ينسى بعضه ؟
-قوله تعالى" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها" فهنا بعض القرآن منسى بأمر الله فكيف إذن يجمع القرآن بشر وقد انساهم الله بعضه ؟
إذا الجمع البشرى محال طبقا لكلام الله
-قوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم " فكيف يكون الدين تام والقرآن غير مجموع فى كتاب واحد ؟
بالقطع الدين اكتمل بوجود كتاب القرآن وكتاب الذكر أى البيان وهو تفسير أى تفصيل القرآن كما قال تعالى "إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه "
وقال مسميا القرآن المنزل وتفسيره المبين الذكر " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"
وقد ذكر الله أن كتاب الذكر وهو البيان أى تفسير القرآن أكبر من القرآن فقال " ولذكر الله أكبر"
ثم بين أراء المذاهب الأخرى منتقدا إياها من خلال روايات أخرى فقال :
"في المقابل فقد روى أهل الحديث أن زيد بن ثابت رفض بداية اقتراح أبي بكر وعمر له بجمع القرآن وقال: "كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله (ص)؟" وقال ابن حجر في شرح ذلك: "كان القرآن كله كتب عهد النبي (ص) لكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور" ، ورووا أيضا أن الزبير بن العوام قال: "أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة، فقال: أشهد أني سمعتها من رسول الله (ص) ووعيتها فقال عمر: وأنا أشهد، لقد سمعتها ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة، فانظروا آخر سورة من القرآن، فألحقوها في آخرها قال ابن حجر: ظاهر هذا أنهم كانوا يؤلفون آيات السور باجتهادهم" أما ترتيب سور القرآن فقد ذهب جمهورهم إلى أنه اجتهاد من الصحابة! حيث يقول السيوطي: "وأما ترتيب السور: فهل هو توقيفي أيضا، أو هو باجتهاد من الصحابة؟ خلاف فجمهور العلماء على الثاني"
وفي هذا نسبة التقصير إلى النبي (ص) أنه لم يحفل بالكتاب الذي هو دستور الأمة، فلم يجمعه، ولم يعهد إلى الصحابة بجمعه، ولم يبين كيفية ترتيب آيات القرآن ولا سوره!، بل إن أهل الحديث قد فتحوا بابا للطعن في القرآن الكريم حين رووا في قصة جمع زيد بن ثابت القرآن قول زيد: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم}التوبة: 128، حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه" وفي رواية أخرى أن الآية التي فقدها كانت من سورة الأحزاب !، وفي رواية ثالثة أن الآية المفقودة هي قوله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}الأحزاب: 23
فالقرآن حسب أهل الحديث جمعه شخص واحد، وأن بعض آياته لم توجد إلا عند رجل واحد، وأن المصحف أودع عند رجل واحد، وورثه عنه رجل واحد، ثم ورثته عنه امرأة!، فانتفى عن القرآن صفة التواتر، وسقطت حجيته، وانتهز أعداء الإسلام الفرصة ليطعنوا في القرآن وآياته، ويشككوا في عصمته عن التحريف والتغيير والتبديل
والرأي الذي قال به الشيعة أضعف وأوهن مما حكاه أهل الحديث، حيث زعم الشيعة أن علي بن أبي طالب جمع القرآن وحده ، الأمر الذي دفع بغلاة الشيعة إلى القول بتحريف القرآن الكريم !
ويعلق ابن بركة على كل هذه الروايات بقوله: (وقد روى أصحاب الحديث الذين لا يبالون ما رووا على أصحابهم، أن القرآن كان مفرقا حتى جمعه أبو بكر الصديق، وروى آخرون أن الذي جمعه عثمان، وأنهم أخذوا آية من هاهنا، وأخرى من هناك، وأن الرجل كان يجئ بالآية ويسأل عنها الشهود ثم يكتب، وأن زيد بن ثابت لما أمره عثمان بن عفان أن يكتبه في المصحف فقد آيتين؛ حتى وجدهما عند رجلين من الأنصار، وأن زيد وغيره تولوا تأليف (=ترتيب) السور والآيات
وهذه أخبار مطعون عليها، ويقال: إن الزنادقة قد دسوا الزيادات والأحاديث في أحاديث الأمة، بل الأدلة قد قامت من طريق العقل أن السور كانت معروفة مؤلفة (=مرتبة) في زمان رسول الله (ص)، وأن القرآن قد فرغ من جمعه) "
إلى هنا انتهى العدوى من تسفيه رأى السنة والشيعة فى المسألة قم بين أن رأى مذهبه هو الأصح وهو إما جاهل بكتاب الله وإما متعمد إغفال كتاب الله فى قوله بنهاية المقال :
"فإذا أدركنا أن جمع القرآن تم بتكليف من النبي (ص)، وأن العملية تمت تحت سمعه وبصره، علمنا أن ما أحرقه عثمان بن عفان لا يمكن أن يكون هو القرآن الذي أنزله الله على نبيه (ص)، وتلقاه الصحابة كتابة وحفظا، فقد روي عن أم المؤمنين عائشة أنها أمرت أبا يونس مولاها أن يكتب لها مصحفا، فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}البقرة: 238 فلما بلغها آذنها، فأملت عليه (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانيتين) فقالت: هكذا سمعتها من رسول الله (ص) " فهذه الرواية توضح أن الصحابة كانوا يكتبون تفسيرهم للقرآن الكريم في نفس المصحف الذي لديهم، خاصة أن الحروف في ذلك الزمان لم تكن منقطة، وفكرة الأقواس والحواشي وغيرها لم تكن قد ظهرت، وشح الأوراق ووسائل التدوين دفع الناس إلى كتابة القرآن وتفسيره في نفس المكان، والظاهر أن عثمان توجس من هذا الأمر، ورأى أن تلك التفسيرات ربما يظنها الذين يأتون من بعد جزءا من القرآن، فقرر إتلافها والاحتفاظ بالنص القرآني المكتوب خالصا من كل زيادة تفسير أو تأويل، ربما تؤدي يوما ما إلى الاختلاف في القرآن الكريم وآياته، فهذا يجب أن يحسبه المنصف منقبة لعثمان، لا مطعنا فيه، يقول الإمام محمد بن عبدالله الخليلي: (وأما ما نقل عن عثمان فقد نقل، ولا يفعل عثمان ذلك وقصده الإهانة، فلعله تخوف أن لو دفنها أن تحفر، ورأى ذلك أحسم للمادة وأقطع لأمر الخلاف والتخالف بين المسلمين) "
الرجل هنا يدافع عن عثمان وكأن المسألة وقعت فعلا وهو كلام طبقا للقرآن محال وهو هنا يتهم الصحابة المؤمنون والصحابيات المسلمات بأن كل منهم كان له تفسيره أى بيانه للقرآن وهو كلام يناقض كون البيان هو بيان الله كما قال "إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه "
والصحابة المؤمنون والمؤمنات لا يمكن أن يكون لهم تفسيرات وإلا فقد كفروا جميعا لأن المسلم أو المسلمة يقر بتفسير وهو قضاء الله وحده كما قال تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"
فطبقا للروايات اختلف القوم فى التفاسير فتفسير عائشة هناك تفسير مخالف له فهناك تفسير صلاة العصر وتفسير صلاة الظهر فكيف نصدق التفسيرات المختلفة والله لم يقصد سوى تفسير واحد ؟
التفسير هو تفسير كتاب الله وكما قلنا المسألة ككثير من المسائل التى اختلف الناس حولها لا اصل لها فى كتاب الله وكل ما ألف فيها هو روايات ألفها الكفرة ليظل الناس فى اختلافهم وحيرتهم ويظن كل منهم أنه على الحق مع أن الحق فى كتاب الله وحده كما قال تعالى :
"وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله "
المسألة التى يتناولها المقال تشبه مبصر يرى الشىء حقا وصدقا بعينيه ومع هذا يصطنع العمى ويكذب ما رأته عينيه
تشبه المسألة حكاية يرونها عن المسيح(ص) فى الصحيحيين وهى :
"رأى عيسى بن مريم (ص)رجلا يسرق فقال له أسرقت قال كلا والله الذي لا إله إلا هو ، فقال عيسى عليه السلام : آمنت بالله وكذّبت عيني"
الرجل فى الحكاية شاهد السرقة بعينيه ومع هذا كذب عينيه لأجل حلف الرجل على أنه لم يسرق
العلماء والفقهاء وعلى أثرهم العامة فى مسألة حرق المصاحف فى عهد عثمان كما تزعم الروايات صدقوا الروايات ومن قبل صدقوا روايات أن أبا بكر جمع القرآن
لقد كذب القوم كتاب الله فى عشرات الآيات منها :
قوله تعالى :
"لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه "
هنا الله جامع القرآن
وقوله تعالى :
"بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ "
هنا الكتاب موجود مجموع فى لوح محفوظ
وقوله تعالى :
"إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون "
هنا القرآن موجود فى كتاب مكنون أى محفوظ
وقوله تعالى :
"كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره فى صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدى سفرة كرام بررة"
هنا الكتاب موجود كامل بيد السفرة وهم الحجاج والعمار فى بيت الله
وقوله تعالى :
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
هنا الله من حفظ القرآن أى جمعه
وقوله تعالى :
" وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد "
هنا الكتاب لا يمكن تحريفه لكونه مجموع من الله فى مكان لا يقدر أحد على أن يحرفه فيه
مع كل هذه النصوص ومنها النص الأول الصريح فى كون الله هو جامع القرآن صدق الناس الروايات وكأن كتاب الله غير موجود
مقال خميس العدوى وهو من أهل العصر حاول أن يوجد حلا لمشكلة حرق المصاحف المزعوم فى عهد عثمان فوصل لحل مشابه لحلول القوم وهو أن بشرى هو من جمع القرآن وهو النبى(ص) وبهذا وقع فى المصيبة الجامعة تكذيب كلام الله من أجل تصديق روايات أو تصديق استنباطات من روايات
بدأ الرجل مقاله بالقول:
"قد يستغرب القاريء الكريم عنوان المقال، وربما لا يروق له إمضاء قسط من وقته الثمين في استحضار قضية تاريخية كالتي نحن بصدها!،
هذا المقال يتحدث حول قضية تاريخية خطيرة جدا، أثرت مباشرة، أو بشكل غير مباشر، على مسار الأحداث في تاريخ الأمة الإسلامية، إنها حادثة جمع خليفة المسلمين عثمان بن عفان للمصاحف وإحراقها، والتي كانت من أهم المطاعن الموجهة ضد الخليفة من قبول خصومه السياسيين وخطورة التهمة تنبع من مركبات التهمة الثلاثة، وهي التهمة والمتهم والمتهم فالتهمة: وهي جمع المصاحف المنتشرة في أقاليم الدولة الإسلام وآفاقها، وإحراق تلك المصاحف المنتشرة، وإلزام الناس بالنسخة التي بيد الخليفة، تنطوي على استتباعات شرعية خطيرة جدا، أهمها هدم خاصية النقل المتواتر للقرآن الكريم، مما يسمح لفرضيات البتر والتحريف لآيات القرآن وسوره بالظهور والانتشار، وهو ما حدث فعلا كما سنراه في سياق هذا البحث والمتهم: هو خليفة المسلمين الثالث، وهو أحد كبار الصحابة السابقين الأولين من المهاجرين، وهو صهر رسول الله (ص)، وزوج ابنتين من بناته العفيفات الطاهرات، وفي زمانه قامت رحى الفتنة الكبرى بين المسلمين، وبمقتله بدأت الحرب الطاحنة بين الصحابة والتابعين، ومن بعدهم إلى يوم الدين والمتهم: هم خصوم الخليفة السياسيون، المعاصرون له كالثوار الذين أطاحوا به، وعلى يدهم كان اغتياله، ومن جاء بعدهم من خصوم الدولة الأموية، التي استمدت شرعيتها من مظلومية الخليفة وحادثة اغتياله، فاعتبر خلفاء بنو أمية أنفسهم امتدادا لعثمان بن عفان"
خذا أصل الحكاية كما قال العدوى وقد بين الحلول التى اقترحها القوم فقال :
"وقد تعاطت المدارس الإسلامية المختلفة مع هذه القضية وفق معايير مختلفة، فهناك أطراف تنزع إلى ربط القضية بمسألة جمع القرآن الكريم، وبالتالي التشكيك في مصداقية الجمع القائم على الاحتكار والمصادرة والحرق، وهناك أطراف تنزع إلى فصل القضية عن مسألة جمع القرآن؛ مع إقرارها بأن هناك اتصالا موضوعيا بين الحادثتين، باعتبار أن جمع القرآن الكريم تم في عهد أبي بكر وعمر، وأن المصاحف التي أحرقها عثمان إنما كتبت بلهجات غير تلك التي تتحدث بها قريش، وهناك طرف آخر نظر للأمور بشكل أكثر عمقا واتزانا، مبعدا فيه القرآن الكريم عن كونه طرف في صراع سياسي، يجعل منه عرضة للاتهام بالتحريف والزيادة والنقص"
بعد هذا ذكر العدوى أصل الحكاية المزعومة وهو رواية وردت فى كتب الحديث فقال:
"تبدأ فصول قصة إحراق المصاحف –كما ترويها المصادر الحديثية– حين قدم حذيفة بن اليمان على عثمان، "وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بكل ما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق"
وتعرض العدوى للرواية بالنقد والتحليل فقال :
"وهذه الرواية على طولها أهملت ذكر تفاصيل كثيرة ومهمة، فهي لم تذكر طبيعة الاختلاف في القراءة الذي أقلق حذيفة بن اليمان، كما أنها لم تتعرض لموقف كبار الصحابة من هذه الحادثة، كما أن أمر الخليفة للقرشيين الثلاثة بتقديم رأيهم على رأي زيد بن ثابت الأنصاري الذي تجمع المصادر الروائية لأهل الحديث بأنه هو من قام بجمع القرآن بأمر من أبي بكر وعمر ، بل أنها تشير إلى أن المصحف الذي بين يدي حفصة، والذي أراد عثمان نسخه وتوزيعه في الآفاق هو نفس المصحف الذي جمعه زيد بن ثابت ، يثير الكثير من الشكوك حول صحة مزاعم أهل الحديث؛ أن القرآن الكريم إنما جمع في عهد أبي بكر وعمر، وأن الذي قام بعملية الجمع تلك هو زيد بن ثابت الأنصاري؟ كل هذه الإشكالات التي تثيرها روايات أهل الحديث حول قضية إحراق الصحف؛ إنما هي امتداد طولي لمسألة خطيرة جدا، وهي مسألة الخلاف حول عملية جمع وترتيب القرآن الكريم ونحن نرى أن الإجابة على التهمة الموجهة لعثمان بإحراق الصحف، وتعريض القرآن الكريم لاحتمالات التحريف، إنما تتعلق بمعالجة مسألة الخلاف الحاصل بين مدارس الأمة حول من قام بجمع القرآن؟"
ثم ذكر العدوى وهو إباضى أن أهل كل مذهب قدموا حلا للمسألة فقال :
"حيث ذهب الإباضية إلى أن الذي جمع القرآن الكريم هو النبي (ص)
وذهب أتباع مدارس أهل السنة إلى أن الذي جمع القرآن هما أبو بكر وعمر وأما الشيعة فقد قالوا: إن الذي جمع القرآن هو علي بن أبي طالب "
والرجل ككثير من أهل المذاهب ينصر مذهبه محتكما هو الأخر للروايات والاستنباطات منها والغريب هو اتفاق الكل على نبذ كتاب الله فى المسألة ومن ثم بين الرجل أدلة المذهب الإباضى على صحة رأيه فى المسألة فقال :
"وقد استدل الإباضية لرأيهم بالكثير من الحجج لخصها عبدالله بن محمد بن بركة (ت 362هـ) في الآتي:
1- لا يعقل أن يترك النبي (ص) "القرآن الكريم الذي هو حجته على أمته، والذي تقوم به دعوته، والفرائض التي جاء بها من عند الله، وبه يصح الذي بعثه الله داعيا إليه، مفرقا في قطع الحرف الذي لم يجمعه، ولم يضمه، ولم يحصه، ولم يحكم الأمر في قراءته، وما يجوز من الاختلاف، وما لا يجوز، وفي إعرابه، ومقداره، وتأليف (ترتيب) سوره، وهذا لا يتوهم على رجل من عامة المسلمين، فكيف برسول رب العالمين (ص) "
2- أن القرآن الكريم نزل "على رسوله (ص) في ثلاث وعشرين سنة، كلما أنزلت آية وسورة؛ قرأها على أصحابه في صلاته، وحضور جملة المهاجرين، وخيار الأنصار، والذين يلونهم في الأقدار، وكانوا أهل عناية وتعظيم له، وحرص عليه، يدرسونه نهارهم، ويصلون به في ليلهم، ويتفقهون فيه، ويتفهمون معانيه، ويقريء بعضهم بعضا في مسجد رسول الله (ص)، وفي غيره من مساجدهم ومشاهدهم، وكان النبي (ص) مع ذلك يحثهم على التعليم، ويرغبهم فيه، وإذا كان الأمر كما ذكرنا لم يخف على من كان على هذه الصفة، وسار على هذه السيرة؛ ناسخ ومنسوخ، ومكي ومدني، وتقديم وتأخير، وكيف وهم شهود للقصة، حضور للتنزيل"
3- جعل النبي (ص) كتابا "يكتبون الوحي لا يدفع ذلك صاحب خبر ولا حامل أثر، وكان منهم ابن أبي سرح وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان، فإن لم يكن القرآن مجموعا مكتوبا في زمان رسول الله (ص) فأي شيء كان يكتب هؤلاء؟!" ، يقول أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة: "بلغني أن رسول الله (ص) كان إذا نزلت آية قال: اجلعوها في سورة كذا وكذا وما توفي رسول الله (ص) إلا والقرآن مجموع متلو"
4- أن "العرب مخصوصون بشدة الحفظ وحسن البيان" ، فهم أصحاب الشعر والمعلقات، وقد حفظ الصحابة "من سنن رسول الله (ص) وأحكامه وأحاديثه وأخلاقه وسيره ودلالاته قبل مبعثه أضعاف ما بين دفتي المصحف، يعلم ذلك جميع الفقهاء، ويخبرك به جميع العلماء" ، ونحن نرى أن أطفال المسلمين اليوم في مشارق الأرض ومغاربها من عرب وعجم يحفظون القرآن كاملا، فتوهم عدم حفظ الصحابة وأبنائهم للقرآن وهم أرباب الفصاحة البيان وعليهم نزل القرآن؛ لهو مما يزري بهم ويحط من قدرهم
5- ومن الدلائل التي تدل على حفظهم وعنايتهم بالقرآن؛ أنهم كانوا علماء لنظم السور وتأليف الآي، وأنهم لم يقدموا فيه ولم يأخروا، مع علمهم أن أول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}العلق: 1، إلا أنهم لم يقدموها على البقرة ولا سورة براءة التي هي آخر ما نزل من القرآن، ولا يعقل أن يكون هذا الترتيب المحكم لسور القرآن الكريم وآياته إلا بتوجيه من النبي (ص) وهداية من الوحي، وصدق الحق تعالى حين قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}الحجر: 9
6- أن الصحابة كانوا يعرفون من جمع القرآن من الأنصار، فقد روي عن أنس بن مالك أنه قال: "ما جمع القرآن على عهد رسول الله (ص) إلا ستة نفر كلهم من الأنصار، أبي ومعاذ وزيد وأبو زيد وأبو أيوب وعثمان" ، و"من حفظه من المهاجرين، ومن بقيت عليه السورة والسورتان" ، ولو لم يكن القرآن مؤلفا بأمر رسول الله (ص) كيف كان يجمعه هؤلاء الستة وغيرهم
7- روى الربيع بن حبيب عن أبي عبيدة قال: "بلغني أن رسول الله (ص) كان إذا أنزلت عليه آية قال: (اجعلوها في سورة كذا) وما توفي رسول الله إلا والقرآن مجموع متلو" "
كل هذه الأدلة الواهية تنقضها آيات فى الوحى منها :
-قوله تعالى " سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله" لو أجريناها على تفسير القوم فهنا النبى(ص) ينسى بعض القرآن فكيف يكون قد حفظه وهو ينسى بعضه ؟
-قوله تعالى" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها" فهنا بعض القرآن منسى بأمر الله فكيف إذن يجمع القرآن بشر وقد انساهم الله بعضه ؟
إذا الجمع البشرى محال طبقا لكلام الله
-قوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم " فكيف يكون الدين تام والقرآن غير مجموع فى كتاب واحد ؟
بالقطع الدين اكتمل بوجود كتاب القرآن وكتاب الذكر أى البيان وهو تفسير أى تفصيل القرآن كما قال تعالى "إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه "
وقال مسميا القرآن المنزل وتفسيره المبين الذكر " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"
وقد ذكر الله أن كتاب الذكر وهو البيان أى تفسير القرآن أكبر من القرآن فقال " ولذكر الله أكبر"
ثم بين أراء المذاهب الأخرى منتقدا إياها من خلال روايات أخرى فقال :
"في المقابل فقد روى أهل الحديث أن زيد بن ثابت رفض بداية اقتراح أبي بكر وعمر له بجمع القرآن وقال: "كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله (ص)؟" وقال ابن حجر في شرح ذلك: "كان القرآن كله كتب عهد النبي (ص) لكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور" ، ورووا أيضا أن الزبير بن العوام قال: "أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة، فقال: أشهد أني سمعتها من رسول الله (ص) ووعيتها فقال عمر: وأنا أشهد، لقد سمعتها ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة، فانظروا آخر سورة من القرآن، فألحقوها في آخرها قال ابن حجر: ظاهر هذا أنهم كانوا يؤلفون آيات السور باجتهادهم" أما ترتيب سور القرآن فقد ذهب جمهورهم إلى أنه اجتهاد من الصحابة! حيث يقول السيوطي: "وأما ترتيب السور: فهل هو توقيفي أيضا، أو هو باجتهاد من الصحابة؟ خلاف فجمهور العلماء على الثاني"
وفي هذا نسبة التقصير إلى النبي (ص) أنه لم يحفل بالكتاب الذي هو دستور الأمة، فلم يجمعه، ولم يعهد إلى الصحابة بجمعه، ولم يبين كيفية ترتيب آيات القرآن ولا سوره!، بل إن أهل الحديث قد فتحوا بابا للطعن في القرآن الكريم حين رووا في قصة جمع زيد بن ثابت القرآن قول زيد: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم}التوبة: 128، حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه" وفي رواية أخرى أن الآية التي فقدها كانت من سورة الأحزاب !، وفي رواية ثالثة أن الآية المفقودة هي قوله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}الأحزاب: 23
فالقرآن حسب أهل الحديث جمعه شخص واحد، وأن بعض آياته لم توجد إلا عند رجل واحد، وأن المصحف أودع عند رجل واحد، وورثه عنه رجل واحد، ثم ورثته عنه امرأة!، فانتفى عن القرآن صفة التواتر، وسقطت حجيته، وانتهز أعداء الإسلام الفرصة ليطعنوا في القرآن وآياته، ويشككوا في عصمته عن التحريف والتغيير والتبديل
والرأي الذي قال به الشيعة أضعف وأوهن مما حكاه أهل الحديث، حيث زعم الشيعة أن علي بن أبي طالب جمع القرآن وحده ، الأمر الذي دفع بغلاة الشيعة إلى القول بتحريف القرآن الكريم !
ويعلق ابن بركة على كل هذه الروايات بقوله: (وقد روى أصحاب الحديث الذين لا يبالون ما رووا على أصحابهم، أن القرآن كان مفرقا حتى جمعه أبو بكر الصديق، وروى آخرون أن الذي جمعه عثمان، وأنهم أخذوا آية من هاهنا، وأخرى من هناك، وأن الرجل كان يجئ بالآية ويسأل عنها الشهود ثم يكتب، وأن زيد بن ثابت لما أمره عثمان بن عفان أن يكتبه في المصحف فقد آيتين؛ حتى وجدهما عند رجلين من الأنصار، وأن زيد وغيره تولوا تأليف (=ترتيب) السور والآيات
وهذه أخبار مطعون عليها، ويقال: إن الزنادقة قد دسوا الزيادات والأحاديث في أحاديث الأمة، بل الأدلة قد قامت من طريق العقل أن السور كانت معروفة مؤلفة (=مرتبة) في زمان رسول الله (ص)، وأن القرآن قد فرغ من جمعه) "
إلى هنا انتهى العدوى من تسفيه رأى السنة والشيعة فى المسألة قم بين أن رأى مذهبه هو الأصح وهو إما جاهل بكتاب الله وإما متعمد إغفال كتاب الله فى قوله بنهاية المقال :
"فإذا أدركنا أن جمع القرآن تم بتكليف من النبي (ص)، وأن العملية تمت تحت سمعه وبصره، علمنا أن ما أحرقه عثمان بن عفان لا يمكن أن يكون هو القرآن الذي أنزله الله على نبيه (ص)، وتلقاه الصحابة كتابة وحفظا، فقد روي عن أم المؤمنين عائشة أنها أمرت أبا يونس مولاها أن يكتب لها مصحفا، فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}البقرة: 238 فلما بلغها آذنها، فأملت عليه (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانيتين) فقالت: هكذا سمعتها من رسول الله (ص) " فهذه الرواية توضح أن الصحابة كانوا يكتبون تفسيرهم للقرآن الكريم في نفس المصحف الذي لديهم، خاصة أن الحروف في ذلك الزمان لم تكن منقطة، وفكرة الأقواس والحواشي وغيرها لم تكن قد ظهرت، وشح الأوراق ووسائل التدوين دفع الناس إلى كتابة القرآن وتفسيره في نفس المكان، والظاهر أن عثمان توجس من هذا الأمر، ورأى أن تلك التفسيرات ربما يظنها الذين يأتون من بعد جزءا من القرآن، فقرر إتلافها والاحتفاظ بالنص القرآني المكتوب خالصا من كل زيادة تفسير أو تأويل، ربما تؤدي يوما ما إلى الاختلاف في القرآن الكريم وآياته، فهذا يجب أن يحسبه المنصف منقبة لعثمان، لا مطعنا فيه، يقول الإمام محمد بن عبدالله الخليلي: (وأما ما نقل عن عثمان فقد نقل، ولا يفعل عثمان ذلك وقصده الإهانة، فلعله تخوف أن لو دفنها أن تحفر، ورأى ذلك أحسم للمادة وأقطع لأمر الخلاف والتخالف بين المسلمين) "
الرجل هنا يدافع عن عثمان وكأن المسألة وقعت فعلا وهو كلام طبقا للقرآن محال وهو هنا يتهم الصحابة المؤمنون والصحابيات المسلمات بأن كل منهم كان له تفسيره أى بيانه للقرآن وهو كلام يناقض كون البيان هو بيان الله كما قال "إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه "
والصحابة المؤمنون والمؤمنات لا يمكن أن يكون لهم تفسيرات وإلا فقد كفروا جميعا لأن المسلم أو المسلمة يقر بتفسير وهو قضاء الله وحده كما قال تعالى :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"
فطبقا للروايات اختلف القوم فى التفاسير فتفسير عائشة هناك تفسير مخالف له فهناك تفسير صلاة العصر وتفسير صلاة الظهر فكيف نصدق التفسيرات المختلفة والله لم يقصد سوى تفسير واحد ؟
التفسير هو تفسير كتاب الله وكما قلنا المسألة ككثير من المسائل التى اختلف الناس حولها لا اصل لها فى كتاب الله وكل ما ألف فيها هو روايات ألفها الكفرة ليظل الناس فى اختلافهم وحيرتهم ويظن كل منهم أنه على الحق مع أن الحق فى كتاب الله وحده كما قال تعالى :
"وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله "