رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة فى مقال أنصت يحبك الناس
المؤلف محمد النغميش وقد استهل المقال باحصائية لا صحة لها فقال :
"الناس تستغرق 40% من وقتها في الإنصات وكثيرون لا يجيدونه"
وهذه الإحصائية هى من ضمن الخبل المنسوب للعلم لأن المتكلم والمنصت هم الناس ومن ثم لا يمكن أن تكون النتيجة هكذا لوجود بعض الناس يتكلمون كثيرا والبعض يتكلم قليلا ومن المحال احصاء هؤلاء أو أولئك فالله وحده هو من يعلم ألأكثر كلاما ومن الأكثر إنصاتا كما قال تعالى :
" وكان الله بكل شىء عليما"
وقد امتدح المؤلف الإنصات فقال :
"لم أجد أسهل مجهودا ولا أفعل تأثيرا في تملك قلوب الناس من الإنصات إليهم. فعندما تشعر بالضيق من أمر ما أو تكاد تطير فرحا إلى من تتجه؟ بالتأكيد إلى من يحسن الإنصات إليك ، حتى وإن اختلف الفارق السني أو الفكري أو العمري مع من يحسن الإنصات فإنك ستفضله على غيره. تذكر أي تجربة أليمة أو سعيدة جدا .. هل تذكر أنك استغرق وقتا طويلا لمعرفة من تقولها له بالتأكيد لا فاسمه يأتيك ببرهة بنظرة فاحصة على أصدقائنا الذين " نحبهم" نجد أنهم يشتركون في صفة الإنصات إلينا ولذلك نحبهم."
والخطأ هنا أن من نحبهم هم الأكثر إنصاتا لنا فهذا استنتاج ليس صحيحا فالأعداء أيضا ينصتون لنا لمعرفة كيفية الرد على ما نخطط له تجاه أعداء الدين حتى يقدرون على الرد علينا ردودا تهزمنا أو تنكد علينا
ونسب الرجل إلى دراسة علمية نتائج تتعلق بالإنصات والكلام وهى قطعا لا تمت للعلم بصلة عندما نعمم نتيجة بحث أو عشرات البحوث أجريت على شرائح من الناس لا تمثل شيئا يذكر من مجموع البشر الحالى السبعة مليارات فهم لا يتجاوزون مليون منهم وقد قال فى تلك الدراسة:
"دراسة علمية:
أظهرت دراسة علمية على مهارات الاتصال بين الناس أن الناس يستغرقون ما نسبته 75% من يومهم في الإنصات والتحدث فقط ، 40% للإنصات و35% للتحدث ، بينما يقضي 16% من أوقتهم في القراءة و 9% في الكتابة. وهو ما يؤكد أن الإنصات يحتل النصيب الأسد من أنشطتنا اليومية وقد ذكرت الدراسة في كتاب مادلين بورلي آلن في كتابها الاستماع صفحة 2.
وبالرغم من أنه ليس هناك اعتبار يذكر لتدريس مادة الإنصات في دول عديدة كمادة أساسية للتعلم مقارنة بالقراءة والكتابة والتحدث إلا أننا نحظى بعدد لا بأس به من المنصتين في هذه الكرة الأرضية الجميلة ويشترك هؤلاء بمحبتنا لهم لعوامل عديدة."
وكما سبق هذا دجل علمى فالدراسات الإحصائية لا تعرفنا الحقائق لأنها كما سبق القول تجرى على شرائح محددة لا تتجاوز عدة آلاف من البشر وهى قد تكون موجهة نحو وجهة نظر معينة أو تكون مزورة لاثبات رأى خاطىء أى اشاعة خرافة فى المجتمع ويذكرنى ذلك بما يقوله الملحدون أن أكثر العقول العلمية حسب دراسات احصائية علمية تؤمن بعدم وجود إله وكأنهم سألوا كل من يشتغل بالعلم فى كل مكان من العالم عن ذلك
وتساءل عن سبب حب المنصت فقال :
"لماذا يحب المنصت؟
يحب الناس المنصت لأنه المغناطيس الذي يلجأ إليه الناس لتفريغ همومهم وأحزانهم وحتى أفراحهم فهو الذي يشعرهم في كنفه بالاحتضان والتقدير. فما أجمل أن ترى أذنا صاغية بهدوء ووقار لشخص يكاد يضيع بالغضب أو الحزن ذرعا إنها خدمة جليلة يقدمها إلينا من دون مقابل مادي.
ويحب المنصت لقلة أخطاء لسانه. فمقارنة بعشاق التحدث فإنه أقل عرضة لزلة اللسان و أقل تصادما معهم سواء في النقاشات أو المشادات الكلامية وغيرها المنصت يفضل حبس لسان ويرسل أذنيه إلى عالم المتحدثين الصاخب
المنصت لا يعرف من بين الحضور إلا عندما تكتشفه أعين المتحدثين وهو منزوي في هدوء وترقب فتتابعه بحرص ، علما بأنه لم ينطق ببنت شفة وذلك دليل على أن المنصت شخصية لا تقل أهمية في المجالس عن كثيرين الأسئلة والمتحدثين ، فإنصاته يشعرهم بالقبول والمتابعة. كيف ترى مجلسا تتحدث فيه ولا أحد ينصت إليك!
ويزود الإنصات المنصت بمعلومات كثيرة ، فكلما زاد إنصاته زادت معلوماته وبالتالي حاجة الناس إليه والأنس بوجوده
كما يندر أن يجابه دخول المنصت إلى مجلس ما بالاشمئزاز أو التأفف فهو يحمل رصيدا يكاد يكون خاليا من الصدامات أو الأحقاد في المجالس التي يذهب إليها ، لقلة حديثة. وصدق القائل " لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك"
والمنصت ليس كما يتصوره البعض قليل الأصحاب ، فهو معروف بإنصاته لكل ما تأتي به ألسنت جلسائه ، ويكفيه ذلك فخرا"
وحكاية حب المنصت هذه مشكوك فيها فكما سبق القول هناك من ينصت للأذى بمعنى أن يفكر فى الرد بضرر على ما سمعه وهناك من ينصت وهو لا يفهم ما قيل حتى يتساءل كما قال المنافقون كما قص الله علينا:
"ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم"
وتحدث عن عدم الإنصات يتسبب فى مشاكل كثيرة فقال :
"عدم الإنصات والمشاكل:
من أهم أسباب مشاكل الناس هي عدم إحسان الإنصات إليهم فكم من موضوع أسيئ فهمه سواء كان مع أسرنا ، أصدقائنا ، زملائنا في العمل..الخ وأدى إلى قطيعة أو خلاف بدأ صغيرا ثم أصبح كبيرا"
والحق أن الإنصات وهو الصمت والكلام قد يكون كعدمه فى النتيجة كما بين الله للنبى(ص)
" إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون"
ونصحنا المؤلف بنصائح كى نكون منصتين جيدين فقال :
"كيف تكون منصتا جيدا؟
الإنصات بالعينين !
أن تكون منصتا جيدا ليس معناه أن تنصت بأذنيك فقط ، وإنما بعينيك أيضا ! هذه ليست دعابة فقد أثبتت دراسات عديدة أن تتبع المنصتين لأعين المتحدثين يزيد الفئة الأولى تركيزا ومتابعة ويزيد الثانية راحة أكثر في الحديث
في مجتمعاتنا الشرقية يعود أطفالنا على عدم النظر إلى عينين الكبار ، حيث يعتبرونها " إمكاسر" أو نوعا من أنواع عدم الاحترام ، وفي الحقيقة هي نظرية ليست صحيحة"
وهذا الكلام هو تلاعب بالعلم فلا يوجد شىء اسمه الإنصات بالعينين فليس بالضرورة أن يكون الناظر للمتكلم متابع لكلامه بل يكون فى وادى أخرى كما قال تعالى :
"ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون"
وقال مفسرا :
"وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون"
وأما حكاية مجتمعاتنا الشرقية فهو كلام عن عادات وهذه العادات قد تكون صحيحة وقد لا تكون فصحتها وبطلانها مختلف من حالة لأخرى ثم قال :
"المقاطعة
لا تقاطع أبدا بل انتظر لحين انتهاء محدثيك فذلك من شأنه تعويدهم على أسلوبك والذي سيكون سببا في ارتياحهم عند التحدث إليك."
لا يوجد شىء اسمه لا تقاطع المتحدث أبدا فهو كلام يتعارض مع مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فنحن مطالبون بمقاطعة كل من يقول كلاما به كفر سواء بالرد أو بترك المكان كما قال تعالى :
ثم تحدث عما سماه التفاعل والتمثيل فقال :
"التفاعل والتمثيل:
تفاعل مع ما يقال بصدق ومن دون تمثيل ، وتذكر أن هناك أناسا كثيرون لديهم من الفطنة والبداهة ما قد يفوق توقعاتك مرة أخرى ، لا تتصنع المتابعة فرائحتها يسهل على أي شخص التعرف عليها مما قد يفسد عليك جميع محاولاتك"
التفاعل المطلوب من المسلم هو الرد على الكلام إن كان خاطئا أو العمل به إن كان موافقا لكتاب الله
وتحدث عن الوقت والمكان فقال :
"الوقت والمكان:
إن اختيار الوقت والمكان هما في غاية الأهمية فكيف يراد من شخصا ما أن ينصت وهو مستغرق في متابعة برنامج تلفزيوني محبب لديه أو مستغرقا في عمل يدوي ما أو أن يكون على وشكل الخروج من منزله أو مكتبه فمن يريد إنصاتا يرضيه فليختر الوقت والمكان المناسبين"
حكاية تغير وقت ومكان الكلام أو الإنصات ليس صحيحا فى كل الأحوال فهناك من ينصت وهو يعمل شىء أخر ويرد ويتفاعل تفاعلا صادقا فالله خلق الإنسان قادر على عمل عدة أمور فى نفس الوقت فمثلا قد يأكل وهو يسمع وقد يأكل وهو يقرأ وقد يرى التلفاز ويسمع المتحدث ويأكل فى نفس الوقت
وحدثنا عما قاله الغزالى عن الإنصات فقال :
"الغزالي والإنصات
يقول أبو حامد الغزالي في صفات المنصتين الجيدين " أن يكون مصغيا إلى ما يقوله القائل ، حاضر القلب ، قليل الالتفات إلى الجوانب متحرزا عن النظر إلى وجوه المستمعين وما يظهر عليهم من أحوال الوجد ، مشتغلا بنفسه ومراعاة قلبه، ومراقبة ما يفتح الله تعالى له من رحمته في سره ، متحفظا عن حركة تشوش على أصحابه... " "
وما ذكره الغزالى فى قوله" متحرزا عن النظر إلى وجوه المستمعين "يتعارض مع إيجاب المؤلف وجوب نظر المتكلم والمنصت لبعضهم فى قولهم سابقا:
"أن تكون منصتا جيدا ليس معناه أن تنصت بأذنيك فقط ، وإنما بعينيك أيضا "
ويتعارض أيضا مع قول الغزالى فى الفقرة التالية عن اطراق الرأس وهو:
ويضف في كتابه الرائع إحياء علوم الدين المجلد الثاني ص 416 " بل يكون ساكن الظاهر هادئ الأطراف ، متحفظا عن التنحنح والتثاؤب ، ويجلس مطرقا رأسه كجلوسه في فكر ..."
ثم ذكر بقية أقوال الغزالى فى المسألة وهى:
"ويدعو إلى الحذر من " التصنع والتكلف والمراءاة" أثناء الإنصات و أن يكون " ساكتا عن النطق في أثناء القول بكل ما عنه بد ، فإن غلبه الوجد وحركه بغير اختيار فهو فيه معذور غير مذموم" داعيا إياه إلى الرجوع إلى "هدوئه وسكونه" وهو ينصت.
وذكر حكمة كما ظن وهى :
"قال بعض الحكماء:
إذا جالست الجهال فأنصت لهم
وإذا جالست العلماء فأنصت لهم
فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم ، وإن في انصاتك للعلماء زيادة في العلم. ... ... "
وهذا الكلام عن الإنصات للجهال يتعارض مع وجوب الإعراض عنهم كما قال تعالى :
" وأعرض عن الجاهلين"
وقال أيضا:
" وإذا مروا باللغو مروا كراما "
وقال أيضا:
"وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين"
وأنهى كلامه بما سماه إنصات النبى(ص) فقال :
"إنصات النبي صلى الله عليه وسلم
روى الطبراني بإسناد صحيح عن عمر بن العاص رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على شر القوم ، يتألفه بذلك، وكان يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أني خير القوم"
والحديث يتعارض مع أمر الله له بالإعراض عن الكفار وهم الجهلة بقوله:
"وأعرض عن الجاهلين"
وقوله أيضا:
"وأعرض عن المشركين"
المؤلف محمد النغميش وقد استهل المقال باحصائية لا صحة لها فقال :
"الناس تستغرق 40% من وقتها في الإنصات وكثيرون لا يجيدونه"
وهذه الإحصائية هى من ضمن الخبل المنسوب للعلم لأن المتكلم والمنصت هم الناس ومن ثم لا يمكن أن تكون النتيجة هكذا لوجود بعض الناس يتكلمون كثيرا والبعض يتكلم قليلا ومن المحال احصاء هؤلاء أو أولئك فالله وحده هو من يعلم ألأكثر كلاما ومن الأكثر إنصاتا كما قال تعالى :
" وكان الله بكل شىء عليما"
وقد امتدح المؤلف الإنصات فقال :
"لم أجد أسهل مجهودا ولا أفعل تأثيرا في تملك قلوب الناس من الإنصات إليهم. فعندما تشعر بالضيق من أمر ما أو تكاد تطير فرحا إلى من تتجه؟ بالتأكيد إلى من يحسن الإنصات إليك ، حتى وإن اختلف الفارق السني أو الفكري أو العمري مع من يحسن الإنصات فإنك ستفضله على غيره. تذكر أي تجربة أليمة أو سعيدة جدا .. هل تذكر أنك استغرق وقتا طويلا لمعرفة من تقولها له بالتأكيد لا فاسمه يأتيك ببرهة بنظرة فاحصة على أصدقائنا الذين " نحبهم" نجد أنهم يشتركون في صفة الإنصات إلينا ولذلك نحبهم."
والخطأ هنا أن من نحبهم هم الأكثر إنصاتا لنا فهذا استنتاج ليس صحيحا فالأعداء أيضا ينصتون لنا لمعرفة كيفية الرد على ما نخطط له تجاه أعداء الدين حتى يقدرون على الرد علينا ردودا تهزمنا أو تنكد علينا
ونسب الرجل إلى دراسة علمية نتائج تتعلق بالإنصات والكلام وهى قطعا لا تمت للعلم بصلة عندما نعمم نتيجة بحث أو عشرات البحوث أجريت على شرائح من الناس لا تمثل شيئا يذكر من مجموع البشر الحالى السبعة مليارات فهم لا يتجاوزون مليون منهم وقد قال فى تلك الدراسة:
"دراسة علمية:
أظهرت دراسة علمية على مهارات الاتصال بين الناس أن الناس يستغرقون ما نسبته 75% من يومهم في الإنصات والتحدث فقط ، 40% للإنصات و35% للتحدث ، بينما يقضي 16% من أوقتهم في القراءة و 9% في الكتابة. وهو ما يؤكد أن الإنصات يحتل النصيب الأسد من أنشطتنا اليومية وقد ذكرت الدراسة في كتاب مادلين بورلي آلن في كتابها الاستماع صفحة 2.
وبالرغم من أنه ليس هناك اعتبار يذكر لتدريس مادة الإنصات في دول عديدة كمادة أساسية للتعلم مقارنة بالقراءة والكتابة والتحدث إلا أننا نحظى بعدد لا بأس به من المنصتين في هذه الكرة الأرضية الجميلة ويشترك هؤلاء بمحبتنا لهم لعوامل عديدة."
وكما سبق هذا دجل علمى فالدراسات الإحصائية لا تعرفنا الحقائق لأنها كما سبق القول تجرى على شرائح محددة لا تتجاوز عدة آلاف من البشر وهى قد تكون موجهة نحو وجهة نظر معينة أو تكون مزورة لاثبات رأى خاطىء أى اشاعة خرافة فى المجتمع ويذكرنى ذلك بما يقوله الملحدون أن أكثر العقول العلمية حسب دراسات احصائية علمية تؤمن بعدم وجود إله وكأنهم سألوا كل من يشتغل بالعلم فى كل مكان من العالم عن ذلك
وتساءل عن سبب حب المنصت فقال :
"لماذا يحب المنصت؟
يحب الناس المنصت لأنه المغناطيس الذي يلجأ إليه الناس لتفريغ همومهم وأحزانهم وحتى أفراحهم فهو الذي يشعرهم في كنفه بالاحتضان والتقدير. فما أجمل أن ترى أذنا صاغية بهدوء ووقار لشخص يكاد يضيع بالغضب أو الحزن ذرعا إنها خدمة جليلة يقدمها إلينا من دون مقابل مادي.
ويحب المنصت لقلة أخطاء لسانه. فمقارنة بعشاق التحدث فإنه أقل عرضة لزلة اللسان و أقل تصادما معهم سواء في النقاشات أو المشادات الكلامية وغيرها المنصت يفضل حبس لسان ويرسل أذنيه إلى عالم المتحدثين الصاخب
المنصت لا يعرف من بين الحضور إلا عندما تكتشفه أعين المتحدثين وهو منزوي في هدوء وترقب فتتابعه بحرص ، علما بأنه لم ينطق ببنت شفة وذلك دليل على أن المنصت شخصية لا تقل أهمية في المجالس عن كثيرين الأسئلة والمتحدثين ، فإنصاته يشعرهم بالقبول والمتابعة. كيف ترى مجلسا تتحدث فيه ولا أحد ينصت إليك!
ويزود الإنصات المنصت بمعلومات كثيرة ، فكلما زاد إنصاته زادت معلوماته وبالتالي حاجة الناس إليه والأنس بوجوده
كما يندر أن يجابه دخول المنصت إلى مجلس ما بالاشمئزاز أو التأفف فهو يحمل رصيدا يكاد يكون خاليا من الصدامات أو الأحقاد في المجالس التي يذهب إليها ، لقلة حديثة. وصدق القائل " لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك"
والمنصت ليس كما يتصوره البعض قليل الأصحاب ، فهو معروف بإنصاته لكل ما تأتي به ألسنت جلسائه ، ويكفيه ذلك فخرا"
وحكاية حب المنصت هذه مشكوك فيها فكما سبق القول هناك من ينصت للأذى بمعنى أن يفكر فى الرد بضرر على ما سمعه وهناك من ينصت وهو لا يفهم ما قيل حتى يتساءل كما قال المنافقون كما قص الله علينا:
"ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم"
وتحدث عن عدم الإنصات يتسبب فى مشاكل كثيرة فقال :
"عدم الإنصات والمشاكل:
من أهم أسباب مشاكل الناس هي عدم إحسان الإنصات إليهم فكم من موضوع أسيئ فهمه سواء كان مع أسرنا ، أصدقائنا ، زملائنا في العمل..الخ وأدى إلى قطيعة أو خلاف بدأ صغيرا ثم أصبح كبيرا"
والحق أن الإنصات وهو الصمت والكلام قد يكون كعدمه فى النتيجة كما بين الله للنبى(ص)
" إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون"
ونصحنا المؤلف بنصائح كى نكون منصتين جيدين فقال :
"كيف تكون منصتا جيدا؟
الإنصات بالعينين !
أن تكون منصتا جيدا ليس معناه أن تنصت بأذنيك فقط ، وإنما بعينيك أيضا ! هذه ليست دعابة فقد أثبتت دراسات عديدة أن تتبع المنصتين لأعين المتحدثين يزيد الفئة الأولى تركيزا ومتابعة ويزيد الثانية راحة أكثر في الحديث
في مجتمعاتنا الشرقية يعود أطفالنا على عدم النظر إلى عينين الكبار ، حيث يعتبرونها " إمكاسر" أو نوعا من أنواع عدم الاحترام ، وفي الحقيقة هي نظرية ليست صحيحة"
وهذا الكلام هو تلاعب بالعلم فلا يوجد شىء اسمه الإنصات بالعينين فليس بالضرورة أن يكون الناظر للمتكلم متابع لكلامه بل يكون فى وادى أخرى كما قال تعالى :
"ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون"
وقال مفسرا :
"وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون"
وأما حكاية مجتمعاتنا الشرقية فهو كلام عن عادات وهذه العادات قد تكون صحيحة وقد لا تكون فصحتها وبطلانها مختلف من حالة لأخرى ثم قال :
"المقاطعة
لا تقاطع أبدا بل انتظر لحين انتهاء محدثيك فذلك من شأنه تعويدهم على أسلوبك والذي سيكون سببا في ارتياحهم عند التحدث إليك."
لا يوجد شىء اسمه لا تقاطع المتحدث أبدا فهو كلام يتعارض مع مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فنحن مطالبون بمقاطعة كل من يقول كلاما به كفر سواء بالرد أو بترك المكان كما قال تعالى :
ثم تحدث عما سماه التفاعل والتمثيل فقال :
"التفاعل والتمثيل:
تفاعل مع ما يقال بصدق ومن دون تمثيل ، وتذكر أن هناك أناسا كثيرون لديهم من الفطنة والبداهة ما قد يفوق توقعاتك مرة أخرى ، لا تتصنع المتابعة فرائحتها يسهل على أي شخص التعرف عليها مما قد يفسد عليك جميع محاولاتك"
التفاعل المطلوب من المسلم هو الرد على الكلام إن كان خاطئا أو العمل به إن كان موافقا لكتاب الله
وتحدث عن الوقت والمكان فقال :
"الوقت والمكان:
إن اختيار الوقت والمكان هما في غاية الأهمية فكيف يراد من شخصا ما أن ينصت وهو مستغرق في متابعة برنامج تلفزيوني محبب لديه أو مستغرقا في عمل يدوي ما أو أن يكون على وشكل الخروج من منزله أو مكتبه فمن يريد إنصاتا يرضيه فليختر الوقت والمكان المناسبين"
حكاية تغير وقت ومكان الكلام أو الإنصات ليس صحيحا فى كل الأحوال فهناك من ينصت وهو يعمل شىء أخر ويرد ويتفاعل تفاعلا صادقا فالله خلق الإنسان قادر على عمل عدة أمور فى نفس الوقت فمثلا قد يأكل وهو يسمع وقد يأكل وهو يقرأ وقد يرى التلفاز ويسمع المتحدث ويأكل فى نفس الوقت
وحدثنا عما قاله الغزالى عن الإنصات فقال :
"الغزالي والإنصات
يقول أبو حامد الغزالي في صفات المنصتين الجيدين " أن يكون مصغيا إلى ما يقوله القائل ، حاضر القلب ، قليل الالتفات إلى الجوانب متحرزا عن النظر إلى وجوه المستمعين وما يظهر عليهم من أحوال الوجد ، مشتغلا بنفسه ومراعاة قلبه، ومراقبة ما يفتح الله تعالى له من رحمته في سره ، متحفظا عن حركة تشوش على أصحابه... " "
وما ذكره الغزالى فى قوله" متحرزا عن النظر إلى وجوه المستمعين "يتعارض مع إيجاب المؤلف وجوب نظر المتكلم والمنصت لبعضهم فى قولهم سابقا:
"أن تكون منصتا جيدا ليس معناه أن تنصت بأذنيك فقط ، وإنما بعينيك أيضا "
ويتعارض أيضا مع قول الغزالى فى الفقرة التالية عن اطراق الرأس وهو:
ويضف في كتابه الرائع إحياء علوم الدين المجلد الثاني ص 416 " بل يكون ساكن الظاهر هادئ الأطراف ، متحفظا عن التنحنح والتثاؤب ، ويجلس مطرقا رأسه كجلوسه في فكر ..."
ثم ذكر بقية أقوال الغزالى فى المسألة وهى:
"ويدعو إلى الحذر من " التصنع والتكلف والمراءاة" أثناء الإنصات و أن يكون " ساكتا عن النطق في أثناء القول بكل ما عنه بد ، فإن غلبه الوجد وحركه بغير اختيار فهو فيه معذور غير مذموم" داعيا إياه إلى الرجوع إلى "هدوئه وسكونه" وهو ينصت.
وذكر حكمة كما ظن وهى :
"قال بعض الحكماء:
إذا جالست الجهال فأنصت لهم
وإذا جالست العلماء فأنصت لهم
فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم ، وإن في انصاتك للعلماء زيادة في العلم. ... ... "
وهذا الكلام عن الإنصات للجهال يتعارض مع وجوب الإعراض عنهم كما قال تعالى :
" وأعرض عن الجاهلين"
وقال أيضا:
" وإذا مروا باللغو مروا كراما "
وقال أيضا:
"وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين"
وأنهى كلامه بما سماه إنصات النبى(ص) فقال :
"إنصات النبي صلى الله عليه وسلم
روى الطبراني بإسناد صحيح عن عمر بن العاص رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على شر القوم ، يتألفه بذلك، وكان يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أني خير القوم"
والحديث يتعارض مع أمر الله له بالإعراض عن الكفار وهم الجهلة بقوله:
"وأعرض عن الجاهلين"
وقوله أيضا:
"وأعرض عن المشركين"