رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب لا تغضب
الكتاب من تأليف محمد بن أحمد العماري وهو من المعاصرين وقد بين أن موضوعه الغضب وهو فى المقدمة يذم الغضب كله مع أنه قسمه لمحمود ومذموم داخل الكتاب فقال:
:أما بعد: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ولا ينال العلا من طبعه الغضب لقد تأملت الغضب فإذا هو عدو للإنسان؛ يمرض منه القلب واللسان فلا يبقي له صديقا، ولا يدع له رفيقا، يورده السجن والألم، والحزن والندميدعوه لظلم الأشخاص، وينسيه الاقتصاص، يأمره بالقتل، وينسيه المثل، يوقعه في الطلاق، وينسيه ألم الفراقفوجدته به على شفا جرف هار، وسائقا له إلى النار، فراعني ذلك، فقمت هنالكمنذرا من الغضب، وداعيا من غضب، أن يدفعه بما يجب، وقد قيل: الدفع أسهل من الرفعواجتناب السبب أهون من قهر الغضب، ومن عرف العدو احترس من العدو، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ولا يطأ على جمرتين
فهذا كتاب لا تغضب، لكل من يغضب، من قرأه وتأمله قهر غضبه؛ لأنه يذكر بالغضب ونكايته، وضرره ونهايته؛ فهو أشد الأعداء كما قال الحكماء وقد قيل:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام"
وبالقطع نحن لا نصدق حكماء العمارى وإنما نصدق كلام الله وفى الفصل الأول نقل من بطون الكتب أقوال الناس فى الغضب فقال:
"الفصل الأول: لا تغضب:
قال أبوحاتم : الغضب أشد نكاية في العاقل من النار في يبس العوسج
ولم أر في الأعداء حين اختبرتهم عذدوا لعقل المرء أعدى من الغضب
وقال بعض الحكماء: الغضب أشد الأعداء؛ لأنه أبلغ نكاية وأشد فتكا وأعجل حتفا
وقد قيل: الغضبان يقول مالا يعلم، ويعمل بما يندم
قال أبو حاتم : الغضب بذر الندم ، وتركه أسهل من إصلاح ما يفسده وسرعة الغضب من شيم الحمقى وقال بعض العقلاء: إياك والغضب؛ فإنه يصيرك إلى ذل الاعتذار وقد قيل: الشيطان أقدر ما يكون على الإنسان إذا كان غضبان، يقوده إلى الشطط، ويوقعه في الغلط قال بعض العلماء: من كثر غضبه، كثر غلطه، وزاد شططه وقال بعض النصحاء: من أطاع غضبه قاده إلى النار وقال الحسن: يا بن آدم كلما غضبت وثبت يوشك أن تثب وثبة فتقع في النار وقد قيل: أقرب ما يكون الإنسان؟ من غضب الرحمن إذا كان غضبان
عن عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله: ماذا يباعدني من غضب الله؟ قال: (لا تغضب) رواه أحمد
وعن جندب أن رسول الله (ص)حدث: أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك أو كما قال رواه مسلم قال أبو هريرة فوالذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) رواه ابن حبان وبن المبارك
قلت: والسبب هو الغضب قال عطاء ابن أبي رباح : ما أبكى العالم كغضبة غضبها أحبطت عليه عمل خمسين سنة وعن أبي هريرة أن رجلا قال: للنبي (ص)أوصني قال: (لا تغضب) فردد مرارا قال: (لا تغضب) رواه البخاري
وعنه أن جابرا قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: علمني شيئا يا رسول الله: أدخل به الجنة ولا تكثر علي لعلي أعقل قال: (لا تغضب) رواه الترمذي , وأحمد , والحاكم , وصححه , وسكت عنه الذهبي
قال ابن رجب رحمه الله: فأوصاه النبي (ص)بترك الغضب؛ لأنه جماع الشر، وتركه جماع الخير وعن حميد بن عبد الرحمن: أن رجلا من أصحاب النبي (ص)قال: قلت: يا رسول الله أوصني قال: (لا تغضب) قال: الرجل؟ ففكرت حين قال: النبي (ص)ما قال: فإذا الغضب يجمع الشر كله رواه أحمد وقال: جعفر بن محمد: الغضب مفتاح كل شر قلت: صدق جعفر؛ فالغضب مفتاح للقتل, والطلاق , والظلم بجميع أنواعه؛ ظلم الزوجة ,والبنين، وعقوق الوالدين، وظلم الموظفين والمراجعين، وكل ما هو مضر بالدنيا والدين قلت: من كان سريعا في غضبه؛ كان سيئا في خلقه"
المفترض فى هذا الفصل هو أن يقوم العمارى فيه بتعريف الغضب وليس نقل أقوال كلها ذم للغضب والرواية عن النبى(ص) لا تغضب دون أن تحديد لنوع الغضب رواية مفتراة عليه فالوحى لا يحرم سوى الغضب المحرم وأما الغضب لله بمعنى الانتقام لتخطى حدود الله مطلوب
الغضب هو شعور برغبة فى الانتقام نتيجة فعل أو قول ما والغضب المباح فى الإسلام هو الغضب بسبب المنكر وهو أى ذنب سواء ارتكبه الأعداء أو غيرهم
وفى الفصل الصانى ذكر ما سماه أسباب الغضب فقال:
الفصل الثاني: أسباب الغضب:
السبب الأول: رؤية ما يكره فإذا رأى ما يكرهه الإنسان داهمه الغضب في نفس المكان فليمسك اليد واللسان
عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله (ص)شيئا قط بيده؛ ولا امرأة ولا خادما؛ إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه؛ إلا أن ينتهك شيء من محارم الله؛ فينتقم لله عز وجل رواه مسلم
السبب الثاني: سماع ما يكره فإذا سمع ما يكرهه الإنسان داهمه الغضب في نفس المكان فليمسك اليد واللسان
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري ومسلم
السبب الثالث: العلم بما يكره فإذا علم بما يكره داهمه الغضب في نفس المكان فليمسك اليد واللسان عن ابن مسعود عن النبي (ص)قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟) قلنا: الذي لا يصرعه الرجال قال: (ليس ذلك) ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب)رواه مسلم "
إذا الغضب المباح حسب ما قاله العمارى هو الغضب لانتهاك محارم الله وهى أحكام الله والمطلوب من المسلم مسك نفسه عند الغضب حتى يعرف ما هو الحكم الذى أمر الله به عند انتهاك المحرم فيفعله فيكون الفعل إزالة للغضب
وفى الفصل الثالث أخبرنا بمعنى لا تغضب فقال:
"الفصل الثالث: معنى لا تغضب؟:
أي لا تنفذ غضبك إذا أحد أغضبك لأن الغضب عمل قلبي لا يملك الإنسان دفعه؛ وإنما يملك اجتناب أسباب الغضب، وتنفيذه إذا غضب فليس العيب أن يغضب الإنسان؛ وإنما العيب استخدام اليد, واللسان
عن أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله (ص)يقول: (اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر) رواه مسلم
وعن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله (ص)شيئا قط بيده؛ ولا امرأة ولاخادما؛ إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه؛ إلا أن ينتهك شيء من محارم الله؛ فينتقم لله عز وجل رواه مسلم
فمن لم ينفذ غضبه، إذا أحد أغضبه؛ دعاه الله حتى من الحور يخيره
عن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن النبي (ص)قال: (من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء) رواه أبو داود , والترمذي , وابن ماجة, وأحمد
وقال سلمان لرجل: (لا تغضب فقال: لا أملك فقال: إذا غضبت فامسك يدك ولسانك) رواه ابن أبي الدنيا قلت: وتنفيذ الغضب ضعف؛ إذ لا يستطيع ليده ولسانه أن يكف
عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله (ص)(يا أبا ذر إني أراك ضعيفا, وإني أحب لك ما أحب لنفسي فلا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم) رواه مسلم ومن رأى تصرفات الغضبان؛ علم أنه أضعف إنسان قلت: وترك تنفيذ الغضب شدة وقوه؛ لأنه يدل على الحلم والمروءه
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري ومسلم
وعن ابن مسعود عن النبي (ص)قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟) قلنا: الذي لا يصرعه الرجال قال: (ليس ذلك) ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب)رواه مسلم وكان النبي (ص)من أقوى الناس عند الغضب؛ إذ لا ينفذه إذا غضب
وعن أنس قال: خدمت النبي: (ص)عشر سنين فما قال: لشيء فعلته لما فعلته ولا لشيء تركته لما تركته) رواه البخاري ومسلم
وكان يقول فإذا عاتبني بعض أهله قال: (دعوه فلو قدر الله شيئا لكان)
وكان من دعائه (ص)(أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا) "
لم يبين العمارة هنا معنى العضل وإنما بين معنى النهى عن الغضب وهو عدم تنفيذه والملاحظ أنه يكرر الكثير من الروايات وبعضها لا علاقة به بالموضوع مثل:
"يا أبا ذر إني أراك ضعيفا, وإني أحب لك ما أحب لنفسي فلا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم" ومثل" خدمت النبي: (ص)عشر سنين فما قال: لشيء فعلته لما فعلته ولا لشيء تركته لما تركته
فلا ذكر فيهما للغضب ولا لشىء له علاقة بالغضب
كما أن رواية الحور العين بكاظمى الغيظ تتناقض مع أن الحور العين لكل المسلمين بأعمالهم الصالحة للكل وليس لفاعل فعل معين وفى هذا قال تعالى "وزوجناهم بحور عين" فالحور العين هن الزوجات المسلمات وليس شىء أخر
وفى الفصل الرابع ذكر دوافع استمرار الغضب فقال:
الفصل الرابع: الدوافع على استمرار الغضب:
الدافع الأول: الظن بأنه قوة؛ وليس كذلك بل هو ضعف؛ فلا أضعف من إنسان لا يملك اليد, واللسان
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(ليس الشديد بالصرعة , وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري ومسلم فمن لم يملك اللسان, واليد؛ فهو أضعف عبد فضل من يملك نفسه الغضب
عن ابن مسعود عن النبي (ص)قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟) قلنا: الذي لا يصرعه الرجال قال: (ليس ذلك) ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه مسلم
الدافع الثاني: مجالسة من هو كثير الغضب؛ المفاخر بالغضب, الذي يقول: أنا لا أعفو عن خطا، ولا أتجاوز عمن هفى، وآخذ بالصغير، وأطالب بالقطمير؛ فيظن السامع أن هذه منقبة ومفخرة؛ فيحاول أن يقلده وقد قيل: أسرع العدوى سوء الخلق"
ودوافع استمرار الغضب عند المسلم تختلف عن دوافعه عند الكافر فالمسلم يستمر غضبه بسبب تكرار انتهاك أحكام الله بالعصيان وأما الكافر فتتنوع أسباب غضبه حسب دينه فإن كان دينه يحل الزنى ورفضت امرأة الزنى يغضب بسبب رفضها ومثلا قد يغضب لعدم وجود الخمر لأته مدمن عليها
وفى الفصل الخامس كلمنا الرجل عن مسكنات الغضب فقال:
"الفصل الخامس: مسكنات الغضب:
المسكن الأول: السكوت عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص)(إذا غضب أحدكم فليسكت) قالها ثلاثا رواه أحمد وصححه الألباني
فلا تنصح وأنت غضبان ولاتعلم وأنت غضبان ولا تعاقب وأنت غضبان ولاتحكم وأنت غضبان فإذا سكن الغضب فقل ماشئت قال مؤرق العجلي رحمه الله: ما تكلمت في الغضب بكلمة ندمت عليها في الرضا وقال يزيد بن أبي حبيب: إنما غضبي في نعلي؛ فإذا سمعت ما أكره أخذتهما ومشيت وقال عمر بن الخطاب إذا سمعت الكلمة تؤذيك؛ فطأطىء لها رأسك؛ حتى تتخطاك وقد قيل:
تخالهم في الناس صما عن الخنا وخرسا عن الفحشاء عند التهاجر
ومرضى إذا لوقوا حياء وعفة وعند الحفاظ كالليوث الخوادر
كأن لهم وصما يخافون عاره وما ذاك إلا لاتقاء المعاير
وقال الشافعي رحمه الله :
إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت
المسكن الثاني: أن يمسك الغضبان اليد واللسان
عن ابن مسعود عن النبي (ص)قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟) قلنا: الذي لا يصرعه الرجال قال: (ليس ذلك) ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه مسلم وقيل لبعض العقلاء: ما أملك فلانا لنفسه! فقال: إذا لا تذله شهوة ولا يصرعه هوى ولا يغلبه غضب
المسكن الثالث: الاستعاذة بالله من الشيطان قال تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم}
سميع لمن جهل عليك , عالم بما يذهب الغضب عنك
وعن سليمان ابن صرد قال: استب رجلان عند النبي (ص)ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه, فقال: النبي (ص)(إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي (ص)قال: إني لست بمجنون رواه البخاري , ومسلم
المسكن الرابع: من كان قائما فليجلس؛ فإن ذهب الغضب وإلا فليضطجع
عن أبي ذر قال: قال رسول الله (ص)(إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) رواه أحمد , وأبو داود , وصححه الألباني قال ابن رجب: فالقائم متهيئ للشر، والقاعد دونه، والمضطجع أبعد
المسكن الخامس: الوضوء
عن عروة بن محمد السعدي عن أبيه عن جده عطية: عن النبي (ص)قال: (إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار , وإنما تطفأ النار بالماء , فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) رواه أبو داود , وضعفه الألباني
المسكن السادس: تذكر قدرة الله عليه عند قدرته على غيره
قال تعالى: {إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت} قال عكرمة: إذا غضبت
وقال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون قال ابن عباس الطائف هو الغضب وعن أبي مسعود الأنصاري قال: كنت أضرب غلاما لي بسوط , فسمعت من خلفي صوتا:
اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود فلم أفهم الصوت من شدة الغضب, فلما دنا التفت فإذا هو رسول الله (ص)فسقط السوط من يدي من هيبته (ص)فقال: (اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك على هذا الغلام) فقلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله فقال: (أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار) رواه مسلم قال أبو مسعود فقلت: لا أضرب مملوكا بعده أبدا)رواه مسلم
وقال بعض الحكماء: من تذكر قدرة الله؛ لم يستعمل قدرته في ظلم عباد الله
أغضب رجل الخليفة عمر بن عبد العزيز فقال له: أردت أن يستفزني الشيطان؛ بعزة السلطان؛ فأنال منك اليوم؛ ما تناله مني غدا انصرف رحمك الله قلت: فينبغي لصاحب السلطان؛ أن لا يستفزه الشيطان؛ فينال بسلطانه اليوم ما يؤخذ منه غدا؛ فمن نال بسلطان الزوجية من زوجته شيئا في الدنيا نالته منه في الأخرى، ومن نال بسلطان الأبوة من أولاده في الدنيا نالوه منه في الأخرى قال معاوية: إني لأحسب لظلم من لا ناصر له إلا الله وقال الحسن ابن وهب:
ما أحسن العفو من القادر لاسيما عن غير ذي ناصر
وقال عبد الله بن مسلم ابن محارب: لهارون الرشيد
أسألك بالذي أنت بين يديه؛ أذل مني بين يديك، وبالذي هو أقدر على عقابك؛ منك على عقابي؛ أن تعفو عني فعفى عنه
وقال بعض العلماء: الغضب على من لا تملك عجز , وعلى من تملك لؤم
المسكن السابع: تذكر ثواب العفو عند المقدرة من العزة والمغفرة
قال تعالى {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا) رواه مسلم وتفرد به وقد قيل: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه، قلت: وقد يشتد الغضب والحماقة فيعذب من ليس له به طاقه؛ كالمرأة والطفل وهذا نقص في العقل؛ لأن الذي يغضب للاقتصاص لا يحسب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (ص)(لتؤدن الحقوق يوم القيامة إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) تفرد به مسلم
والجلحاء التي لا قرن لها؛ فهي لا تستطيع أن تدفع عن نفسها؛ فكل من لا يستطيع دفعك في الدنيا؛ اقتص منك في الأخرى،
أما والله إن الظلم شؤم ومازال المسيء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في المعاد إذا التقينا غدا عند المليك من الظلوم"
ما ذكره الرجل من المسكنات ليس كله مسكنات فالسكوت ليس مسكنا فالساكت قد يظل الغضب بداخله مشتعلا ويؤدى هذا إلى لمرضه أو موته وكذلك حالة السكون وهو كف اللسان واليد وكذلك تغيير الوضع الحركى للجسم ولذا يبقى الغضب فى الصدور كما قال تعالى " ويشف صدور قوم مؤمنين"
المسكن الحق هو الانتقام لله فى حالة الأعداء كما قال تعالى "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم"
وأما فى حالة المرتكبين للذنوب منا فالمسكن هو تطبيق عقوبة الله فى الدنيا عليهم
وأما المسكنات كالاستعاذة والوضوء والعلم بقدرة الله فربما تجعل الإنسان يهدأ ولكن الهدوء لا يعنى ذهاب الغيظ وهو الغضب من القلب وهو الصدر
وفى الفصل السادس تحدث عن مانعات الغضب فقال:
"الفصل السادس: موانع الغضب:
المانع الأول: العلم بأن عز النفس في ذلها، فمن نصرها أذلها، ومن أذلها أعزها عن عائشة أن النبي (ص)(ما نيل منه شيء فانتقم لنفسه) رواه مسلم قلت: فقد نالوه بالأقوال والأفعال؛ فلم تزده إلا صبرا واحتمالا؛ فكان (ص)كعود زاده الإحراق طيباقال الحسن البصري رحمه الله: ما أعز الإنسان نفسه بمثل ذلها وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (ص)(ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا) رواه مسلم وتفرد به قلت: وفي العفو إذلالها، وبه إعزازها،وقال عثمان بن عفان:وكانت على الأيام نفسي عزيزة فلما رأت صبري على الذل ذلت
المانع الثاني: الحلم
سئل الأحنف بن قيس عن الحلم فقال: هو الذل يا بن أخي أتصبر عليه
وقال لقمان الحكيم: ثلاثة لا تعرفهم إلا في ثلاثة؛ لا تعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا عند الحرب، ولا أخاك إلا إذا احتجت إليه
وقد قيل:من يدعى الحلم أغضبه لتعرفه لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب
وقال الحسن البصري: المؤمن حليم لا يجهل وإن جهل عليه وتلا قوله تعالى {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} وقال على بن أبي طالب أول عوض للحليم على حلمه؛ أن الناس أنصاره
المانع الثالث: التحلم بمخالطة من كان حليما ليتعلم
قيل: للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم قال: من قيس بن عاصم المنقري، رأيته قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل سيفه يحدث قومه حتى أتي برجل مكتوف , ورجل مقتول فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك فو الله ما حل حبوته , ولا قطع كلامه , ثم التفت إلى ابن أخيه وقال: يابن أخي أثمت بربك, ورميت نفسك بسهمك , وقتلت ابن عمك ثم قال لابن له آخر: قم فوار أخاك، وحل كتاف ابن عمك، وسق إلى أمه مئة ناقة فإنها غريبة وقال الأحنف: لست حليما؛ ولكني أتحالم وقال بعض الحكماء: إذا لم تكن حليما فتحلم فقلما تشبه رجل بقوم إلا كان منهم
المانع الرابع: تذكر كراهة الناس له
قلت: فما استجلب البغض والكراهة؛ بمثل الغضب والحماقة؛ فالغضبان أبغض إنسان؛ لأنه يظلم من خالطه، ويتعدى على من هو دونه، ويتطاول على من هو فوقه، ويتكلم بغير تمييز، كثير الكلام، سريع الجواب، ينهى عن الشيء ويأتيه، ويفخر بما ليس فيه، لا يصفح عن الزلات، ولا يعفو عن الهفوات، يبغضه الأقرباء قبل البعداء، من خالطه لعنه، ومن سمع به أبغضه؛ فلو تصور الإنسان ذالك لترك الغضب هنالك، فأتعس إنسان معاشر الغضبان؛ لأن الغضبان كالنار تحرق من بالجوار؛ فما فرحت الزوجة من سييء الأخلاق بمثل الطلاق طلق رجل زوجته فقال: كنت ثم بنت، فقالت: والله ما فرحنا يوم كنا، ولا ندمنا يوم بنا، فندم وأكثرت امرأة الغضب على زوجها؛ فأخرج عقد النكاح؛ فأخذ يبحث فيه، فقالت: عن أي شيء تبحث؟ قال: عن تاريخ الانتهاء والولد يفرح بالبلوغ والرشد، ليخرج من القيد والشد، والموظف يفرح بفصله ونقله، ليرتاح من شره، بخلاف من لا يغضب؛ فالكل فيه يرغب؛ فالزوجة إن مات أو طلق بقيت عليه تحلق، والولد يرشد وعنه لا يصد، والموظف في راحه ما دام موجودا صراحه؛ وما ذاك إلا لترك الغضب هناك؛ فإن عاتب عاتب في لين إن لم يعف ويستر، وإن عاقب كان على قدر الذنب إن لم يغفر
كتب عمر بن عبد العزيز: إلى أحد عماله؛ لا تعاقب وأنت غضبان؛ ولكن احبسه حتى يذهب الغضب؛ ثم عاقبه على قدر ذنبه
المانع الخامس: تذكر نهاية الغضب؛ من القتل والسجن، والندم والحزن
فإن طلق؛ ندم كالفرزق ندمت ندامة الكسعي لما غدت مني مطلقة نوار
وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار
وإن ضرب الأشخاص؛ ندم من الاقتصاص قال تعالى {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} (المائدة45)فإن سلم في الدنيا؛ قد لا يسلم في الأخرى
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(لتؤدن الحقوق يوم القيامة إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) تفرد به مسلم
وإن قتل ندم من المثل قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} (ومن سلم في الدنيا قد لا يسلم في الأخرى قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}
المانع السادس: تذكر آثار الغضب
آثار الغضب الظاهرة: تغير اللون، شدة رعدة الأطراف، خروج الأفعال عن الترتيب والنظام، اضطراب الحركة والكلام، خروج الزبد من شدقيه، انتفاخ الأوداج، احمرار الوجه، وتقلب المناخر؛ فلو رأى الغضبان نفسه؛ لسكن غضبه حياء من قبح صورته، وتغير خلقته
آثار الغضب الباطنة: فالظاهر عنوان الباطن؛ فقبح الظاهر يدل على قبح الباطن
آثار الغضب على القلب: الحقد، والحسد، والحزن، وإضمار السوء للمغضوب عليه
آثار الغضب على اللسان: السب، والشتم، والفحش في القول، والشماتة، والتعيير،والاستهزاء، والغيبة، وإفشاء السر، وهتك الستر عن المغضوب عليه
آثار الغضب على الجوارح : الضرب، والقتل إن أمسكه وقدر عليه؛ فإن فاته، أو عجز عنه؛ رجع الغضب على صاحبه؛ فيضرب نفسه، ويلطم خده، ويشق جيبه، ويعض يده، ويضرب الأرض، ويعدو بدون شعور؛ وقد يرجع الغضب على من لا ذنب له؛ ممن هو دونه، و قريب منه، ويقدر عليه؛ كالزوجة والبنت، والولد والدابة، والجماد؛ كالأواني؛ فربما كسر الصحفة، وربما تكلم مع الدابة؛ فإذا رفسته رفسها، وربما سقط مغشيا عليه؛ فهذا حال من سلم لغضبه القيادة؛ فإنه سيقوده للإبادة"
موانع الغضب التى ذكرها العمارى هنا ليست موانع فالمانع للنفس من أى شىء هى مشيئتها وهذه المشيئة تمنع نفسها من الشىء إن علمت أنه يضرها وتبيحه إن كان ينفعها ولكن المشيئة قد تخالف الضرر والنفع إن ظنت أن هذا يقلل من شأنها أى يتسبب فى هوانها وذلها أو غن ظنت أن الانتقام يعلى من شأنها وبجلب لها الفوائد
وفرق العمارى بين الغضب والحزن فقال:
"الفصل السابع: الفرق بين الغضب والحزن:
الغضب يتحرك من داخل الجسد إلى خارجه؛ لأنه بارز وظاهر؛ فهو سطوة وانتقام سببه هجوم ما تكرهه النفس؛ ممن هو دونها والحزن يتحرك من خارج الجسد إلى داخله؛ لأنه كامن فهو مرض وأسقام سببه هجوم ما تكرهه النفس؛ ممن هو فوقها؛ فلذلك قتل الحزن وأفضى بصاحبه إلى الموت لكمونه ولم يقتل الغضب لبروزه"
هذا الفرق ليس صحيحا بدليل أن الغضب وهو الغيظ يظل داخل النفس وهى الصدر كما قال تعالى "والكاظمين الغيظ"
ثم تناول العمارى الغضب المحرم فقال:
"الفصل الثامن: الغضب المذموم:
وهو ما كان للخلق؛ لا للحق؛ وهو أنواع
النوع الأول: الغضب للنفس
فلا يسمح الغضبان أن يناله إنسان بقول , أو فعل؛ وإن كان أما أو أبا , أو زوجة أو أخا فكيف بالغير؛ وخير الهدي هدي البشير (ص)عن عائشة قالت (ما انتقم رسول الله (ص)لنفسه) رواه مسلم
النوع الثاني: الغضب للعصبية
فالتعصب للخلق؛ لا للحق فيه من الجور،و الظلم، ونصرة الظالم ، ومنع الحق، وإحقاق الباطل، و إواء المحدث، وتعظيم
الأشخاص، والتمسك بالتقاليد والعادات، ورد السنة والآيات؛ ما يدل على أنه مذموم قبيح، وخطره واضح صريح عن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: (من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة , أو يدعو إلى عصبة , أو ينصر عصبة فقتل , فقتلة جاهلية) رواه مسلم
النوع الثالث: الغضب للحمية
فالحمية للخلق؛ لا للحق؛ رد للحق، ومحاربة له ولأهله، وتمسك بالباطل ونصرة له ولأهله قال تعالى: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما} فبالحمية الجاهلية؛ ردوا الرسالة الر بانية، وحاربوا نبيه
وعن أبي ذر أنه قال: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي: (ص)يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية رواه البخاري ومسلم وفي لفظ (إن فيك لحمية)
النوع الرابع: الغضب للدين بما يخالف الوحيين
عن جندب أن رسول الله (ص)حدث أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان فقال الله : من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان أشهدكم أني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك) رواه مسلم
قلت: فكان غضبه على الرجل لله؛ لما لم يترك معصية الله؛ فأغضب المولى؛ لأنه تعدى؛ فحكم على الله بلا علم قال أبو هريرة: قال ,كلمة أوبقت دنياه وآخرته
وقال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: ما أبكى العالم كغضبة؛ غضبها أحبطت عليه عمل خمسين سنة قلت: وقد يستحل بعض الغاضبين لله من الكفار والعصاه ما حرمه الله ؛ وحجة الغضبان؛ أنه غضب للرحمن قلت: فالغضب من أجل الله لا يحل ما حرم الله؛ من الأنفس والأموال، والأعراض والأقوال، والأعمال والأفعال فقد غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولم يخرج عن وحي الله
عن ابن عباس قال: كانت امرأة تظهر في الإسلام السوء فقال النبي: (ص)(لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه) رواه البخاري قلت: فغضب من فعلها، ولم يتجاوز الوحي في أمرها
النوع الخامس: الغضب غيرة للرحمن بما يخالف السنة والقرآن
قلت: فالغضب غيرة على حرمات الله؛ لا يحل ما حرم الله؛ من الأنفس والأموال، والأعراض والأقوال والأعمال والأفعال فقد غضب رسول الله (ص)ولم يخرج عن وحي الله عن ابن عباس قال: كانت امرأة تظهر في الإسلام السوء فقال النبي: (ص)(لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه) رواه البخاري قلت: فغار من فعلها، ولم يتجاوز الوحي في أمرها قلت: فالغيرة لا تحرم حلالا، ولا تحل حراما؛ ومن جعلها مبررا، فالأمر أمرا منكرا فتأمل حديث النبي (ص)(لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه) واعلم أن النبي (ص)لم يعذر صاحب الغيره؛ في كسر صحفة غيره
عن أنس قال: كان النبي (ص)عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام , فضربت التي النبي (ص)في بيتها يد الخادم, فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي (ص)فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: (غارت أمكم) ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت) رواه البخاري فبالوحي اضبط غيرتك حتى لا تهلكك
قلت: وإنك لتعجب ممن يستحل بغضبه ما حرم الله ؛ بحجة أن غضبه غيرة لله
النوع السادس: الغضب للعاطفة العاطفة عاصفة؛ إن لم يكن لها من الوحي كاشفة عن جندب بن عبد الله البجلي: أن النبي (ص)أخبر: (بأن أسامة بن زيد قتل مشركا من المشركين في المعركة بعد أن قال: لا إله إلا الله , فدعاه فسأله لما قتله, قال: يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلانا وفلانا وسمى له نفرا , وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله قال رسول الله (ص)أقتلته؟ قال: نعم قال: (فما تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟) قال: يا رسول الله استغفر لي قال: (وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة) قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: (وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة) قال: يا رسول الله استغفر لي قال: (وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟) قال أسامة: فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ) رواه البخاري ومسلم واللفظ له فالصحابة لما كانت العاطفة للوحي موافقة (قاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله)
وغيرهم: لما كانت العاطفة للوحي مخالفة (قاتلوا لتكون فتنة ويكون الدين لغير الله)عن نافع عن ابن عمر أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير, فقالا إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي (ص), فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي, فقالا: ألم يقل الله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله, وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله رواه البخاري"
الغضب المذموم هو الغضب المخالف لأحكام الله تعالى والغضب المحمود وهو ما تناوله العمارى فى الفصل التالى فهو الغضب لله أى نصرة أى طاعة لأحكام الله وقد قال العمارة فيه:
"الفصل التاسع: الغضب المحمود:
الغضب المحمود ما كان للرحمن وضبط بالقرآن, فلا يسكت على المنكر، وبغير الوحي لا ينكرقلت: لأن النبي (ص)غضب للرحمن ، ولم يخرجه عن القرآن؛ لأنه خلقه؛ فهو يطبقه
وكان من دعائه (ص)(أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا)
ولم يكن إذا غضب لله بذيا ولا فاحشا
وبعض الناس يخرج عن السنة والقرآن؛ بحجة أنه غضب للرحمن؛ فيستحل بغضبه لله ما حرم الله؛ من الأنفس والأموال، والأعراض والأقوال فإذا قيل: له اتق الله, قال: إنما غضبت لله فيالله العجب, متى كان الغضب مصدرا للتحليل والتحريم؟ ومتى نسخ السنة والقرآن الكريم؟
فالغضب المحمود هو ما كان للحق, لا للخلق؛ وهو أنواع:
النوع الأول: الغضب لحماية الدين بشرط أن يضبط بالوحيين؛ فيحل ما أحل فيهما ويحرم ما حرم فيهما قال تعالى: {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم } وعن سعيد بن زيد قال: سمعت النبي (ص)يقول: (من قتل دون دينه فهو شهيد) رواه أبو داود والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن صحيح
وعن عائشة تقول: (ما ضرب رسول الله (ص)بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله) رواه البخاري و مسلمولمسلم عن عائشة - رضي الله عنها - (وما انتقم رسول الله (ص)لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم)
النوع الثاني: الغضب لسماع ما يكره الرحمن؛ إذا ضبط بالسنة والقرآن؛ فيبين حكمه بما فيهما ولا يتجاوزهما إلى السب والشتم ، والتعيير والوصم والقول بلا علم عن عمران بن حصين قال: بينما رسول الله (ص)في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها, فسمع ذلك رسول الله (ص)فقال: (خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة) رواه مسلم قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد وعن جابر أن رجلا من الأنصار قال: لناضحه: سر لعنك الله فقال (ص)(انزل عنه لا تصحبنا بملعون) رواه مسلم
النوع الثالث: الغضب لرؤية ما يكره الرحمن
إذا ضبط بالسنة والقرآن فيبين حكمه بما فيهما ولا يتجاوزهما إلى السب والشتم ، والتعيير والوصم ، والقول بلا علم عن عائشة قالت: دخل علي النبي صلى (ص)وفي البيت قرام فيه صور, فتلون وجهه, ثم تناول الستر فهتكه, وقال: (إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور) رواه البخاري ومسلم
النوع الرابع: الغضب عند العلم بما يغضب الرحمن إذا ضبط بالسنة والقرآن؛ فيبين حكمه بما فيهما؛ ولا يتجاوزهما؛ إلى السب والشتم ، والتعيير والوصم ، والقول بلا علم
عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى النبي (ص)فقال: (إني لأ تأخر عن صلاة الصبح من أجل ما يطيل بنا فلان فما رأيت النبي (ص)غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ, فقال: أيها الناس إن منكم منفرين فأ يكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة) رواه البخاري ومسلم فانظر كيف غضب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلم يخرج عن الوحي؛ فبين الحكم؛ وبه عم؛ فبين حكم الفعل، وترك الفاعل
النوع الخامس: غضب لحماية النفس؟
من القتل والمال من الغصب، والعرض من الانتهاك عن سعيد بن زيد قال: سمعت النبي (ص)يقول: (من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد) رواه أبو داود والترمذي"
كما قلت كل ما هو فى طاعة الله فهو حلال محمود والملاحظ أن الروايات التى استشهد بها العمارى فيها عيوب ومخالفات لوحى الله كرواية لعن الناقة ومن ثم تحريم مشيها مع المسلمين حتى تركها صاحبها ومشى بدونها حتى يسير مع المسلمين وهو كلام لا يقوله النبى(ص) لأنه تفريط فى المال كما أن النبى(ص) يعلم أن اللعنة هى لكفار الإنس والجن وأما بقية الأنواع فمسلمة مجبرة ومن ثم فلعنها لا يغير من كونها مسلمة مسبحة لله
الكتاب من تأليف محمد بن أحمد العماري وهو من المعاصرين وقد بين أن موضوعه الغضب وهو فى المقدمة يذم الغضب كله مع أنه قسمه لمحمود ومذموم داخل الكتاب فقال:
:أما بعد: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ولا ينال العلا من طبعه الغضب لقد تأملت الغضب فإذا هو عدو للإنسان؛ يمرض منه القلب واللسان فلا يبقي له صديقا، ولا يدع له رفيقا، يورده السجن والألم، والحزن والندميدعوه لظلم الأشخاص، وينسيه الاقتصاص، يأمره بالقتل، وينسيه المثل، يوقعه في الطلاق، وينسيه ألم الفراقفوجدته به على شفا جرف هار، وسائقا له إلى النار، فراعني ذلك، فقمت هنالكمنذرا من الغضب، وداعيا من غضب، أن يدفعه بما يجب، وقد قيل: الدفع أسهل من الرفعواجتناب السبب أهون من قهر الغضب، ومن عرف العدو احترس من العدو، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ولا يطأ على جمرتين
فهذا كتاب لا تغضب، لكل من يغضب، من قرأه وتأمله قهر غضبه؛ لأنه يذكر بالغضب ونكايته، وضرره ونهايته؛ فهو أشد الأعداء كما قال الحكماء وقد قيل:
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام"
وبالقطع نحن لا نصدق حكماء العمارى وإنما نصدق كلام الله وفى الفصل الأول نقل من بطون الكتب أقوال الناس فى الغضب فقال:
"الفصل الأول: لا تغضب:
قال أبوحاتم : الغضب أشد نكاية في العاقل من النار في يبس العوسج
ولم أر في الأعداء حين اختبرتهم عذدوا لعقل المرء أعدى من الغضب
وقال بعض الحكماء: الغضب أشد الأعداء؛ لأنه أبلغ نكاية وأشد فتكا وأعجل حتفا
وقد قيل: الغضبان يقول مالا يعلم، ويعمل بما يندم
قال أبو حاتم : الغضب بذر الندم ، وتركه أسهل من إصلاح ما يفسده وسرعة الغضب من شيم الحمقى وقال بعض العقلاء: إياك والغضب؛ فإنه يصيرك إلى ذل الاعتذار وقد قيل: الشيطان أقدر ما يكون على الإنسان إذا كان غضبان، يقوده إلى الشطط، ويوقعه في الغلط قال بعض العلماء: من كثر غضبه، كثر غلطه، وزاد شططه وقال بعض النصحاء: من أطاع غضبه قاده إلى النار وقال الحسن: يا بن آدم كلما غضبت وثبت يوشك أن تثب وثبة فتقع في النار وقد قيل: أقرب ما يكون الإنسان؟ من غضب الرحمن إذا كان غضبان
عن عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله: ماذا يباعدني من غضب الله؟ قال: (لا تغضب) رواه أحمد
وعن جندب أن رسول الله (ص)حدث: أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك أو كما قال رواه مسلم قال أبو هريرة فوالذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) رواه ابن حبان وبن المبارك
قلت: والسبب هو الغضب قال عطاء ابن أبي رباح : ما أبكى العالم كغضبة غضبها أحبطت عليه عمل خمسين سنة وعن أبي هريرة أن رجلا قال: للنبي (ص)أوصني قال: (لا تغضب) فردد مرارا قال: (لا تغضب) رواه البخاري
وعنه أن جابرا قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: علمني شيئا يا رسول الله: أدخل به الجنة ولا تكثر علي لعلي أعقل قال: (لا تغضب) رواه الترمذي , وأحمد , والحاكم , وصححه , وسكت عنه الذهبي
قال ابن رجب رحمه الله: فأوصاه النبي (ص)بترك الغضب؛ لأنه جماع الشر، وتركه جماع الخير وعن حميد بن عبد الرحمن: أن رجلا من أصحاب النبي (ص)قال: قلت: يا رسول الله أوصني قال: (لا تغضب) قال: الرجل؟ ففكرت حين قال: النبي (ص)ما قال: فإذا الغضب يجمع الشر كله رواه أحمد وقال: جعفر بن محمد: الغضب مفتاح كل شر قلت: صدق جعفر؛ فالغضب مفتاح للقتل, والطلاق , والظلم بجميع أنواعه؛ ظلم الزوجة ,والبنين، وعقوق الوالدين، وظلم الموظفين والمراجعين، وكل ما هو مضر بالدنيا والدين قلت: من كان سريعا في غضبه؛ كان سيئا في خلقه"
المفترض فى هذا الفصل هو أن يقوم العمارى فيه بتعريف الغضب وليس نقل أقوال كلها ذم للغضب والرواية عن النبى(ص) لا تغضب دون أن تحديد لنوع الغضب رواية مفتراة عليه فالوحى لا يحرم سوى الغضب المحرم وأما الغضب لله بمعنى الانتقام لتخطى حدود الله مطلوب
الغضب هو شعور برغبة فى الانتقام نتيجة فعل أو قول ما والغضب المباح فى الإسلام هو الغضب بسبب المنكر وهو أى ذنب سواء ارتكبه الأعداء أو غيرهم
وفى الفصل الصانى ذكر ما سماه أسباب الغضب فقال:
الفصل الثاني: أسباب الغضب:
السبب الأول: رؤية ما يكره فإذا رأى ما يكرهه الإنسان داهمه الغضب في نفس المكان فليمسك اليد واللسان
عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله (ص)شيئا قط بيده؛ ولا امرأة ولا خادما؛ إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه؛ إلا أن ينتهك شيء من محارم الله؛ فينتقم لله عز وجل رواه مسلم
السبب الثاني: سماع ما يكره فإذا سمع ما يكرهه الإنسان داهمه الغضب في نفس المكان فليمسك اليد واللسان
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري ومسلم
السبب الثالث: العلم بما يكره فإذا علم بما يكره داهمه الغضب في نفس المكان فليمسك اليد واللسان عن ابن مسعود عن النبي (ص)قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟) قلنا: الذي لا يصرعه الرجال قال: (ليس ذلك) ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب)رواه مسلم "
إذا الغضب المباح حسب ما قاله العمارى هو الغضب لانتهاك محارم الله وهى أحكام الله والمطلوب من المسلم مسك نفسه عند الغضب حتى يعرف ما هو الحكم الذى أمر الله به عند انتهاك المحرم فيفعله فيكون الفعل إزالة للغضب
وفى الفصل الثالث أخبرنا بمعنى لا تغضب فقال:
"الفصل الثالث: معنى لا تغضب؟:
أي لا تنفذ غضبك إذا أحد أغضبك لأن الغضب عمل قلبي لا يملك الإنسان دفعه؛ وإنما يملك اجتناب أسباب الغضب، وتنفيذه إذا غضب فليس العيب أن يغضب الإنسان؛ وإنما العيب استخدام اليد, واللسان
عن أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله (ص)يقول: (اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر) رواه مسلم
وعن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله (ص)شيئا قط بيده؛ ولا امرأة ولاخادما؛ إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه؛ إلا أن ينتهك شيء من محارم الله؛ فينتقم لله عز وجل رواه مسلم
فمن لم ينفذ غضبه، إذا أحد أغضبه؛ دعاه الله حتى من الحور يخيره
عن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن النبي (ص)قال: (من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء) رواه أبو داود , والترمذي , وابن ماجة, وأحمد
وقال سلمان لرجل: (لا تغضب فقال: لا أملك فقال: إذا غضبت فامسك يدك ولسانك) رواه ابن أبي الدنيا قلت: وتنفيذ الغضب ضعف؛ إذ لا يستطيع ليده ولسانه أن يكف
عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله (ص)(يا أبا ذر إني أراك ضعيفا, وإني أحب لك ما أحب لنفسي فلا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم) رواه مسلم ومن رأى تصرفات الغضبان؛ علم أنه أضعف إنسان قلت: وترك تنفيذ الغضب شدة وقوه؛ لأنه يدل على الحلم والمروءه
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري ومسلم
وعن ابن مسعود عن النبي (ص)قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟) قلنا: الذي لا يصرعه الرجال قال: (ليس ذلك) ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب)رواه مسلم وكان النبي (ص)من أقوى الناس عند الغضب؛ إذ لا ينفذه إذا غضب
وعن أنس قال: خدمت النبي: (ص)عشر سنين فما قال: لشيء فعلته لما فعلته ولا لشيء تركته لما تركته) رواه البخاري ومسلم
وكان يقول فإذا عاتبني بعض أهله قال: (دعوه فلو قدر الله شيئا لكان)
وكان من دعائه (ص)(أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا) "
لم يبين العمارة هنا معنى العضل وإنما بين معنى النهى عن الغضب وهو عدم تنفيذه والملاحظ أنه يكرر الكثير من الروايات وبعضها لا علاقة به بالموضوع مثل:
"يا أبا ذر إني أراك ضعيفا, وإني أحب لك ما أحب لنفسي فلا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم" ومثل" خدمت النبي: (ص)عشر سنين فما قال: لشيء فعلته لما فعلته ولا لشيء تركته لما تركته
فلا ذكر فيهما للغضب ولا لشىء له علاقة بالغضب
كما أن رواية الحور العين بكاظمى الغيظ تتناقض مع أن الحور العين لكل المسلمين بأعمالهم الصالحة للكل وليس لفاعل فعل معين وفى هذا قال تعالى "وزوجناهم بحور عين" فالحور العين هن الزوجات المسلمات وليس شىء أخر
وفى الفصل الرابع ذكر دوافع استمرار الغضب فقال:
الفصل الرابع: الدوافع على استمرار الغضب:
الدافع الأول: الظن بأنه قوة؛ وليس كذلك بل هو ضعف؛ فلا أضعف من إنسان لا يملك اليد, واللسان
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(ليس الشديد بالصرعة , وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري ومسلم فمن لم يملك اللسان, واليد؛ فهو أضعف عبد فضل من يملك نفسه الغضب
عن ابن مسعود عن النبي (ص)قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟) قلنا: الذي لا يصرعه الرجال قال: (ليس ذلك) ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه مسلم
الدافع الثاني: مجالسة من هو كثير الغضب؛ المفاخر بالغضب, الذي يقول: أنا لا أعفو عن خطا، ولا أتجاوز عمن هفى، وآخذ بالصغير، وأطالب بالقطمير؛ فيظن السامع أن هذه منقبة ومفخرة؛ فيحاول أن يقلده وقد قيل: أسرع العدوى سوء الخلق"
ودوافع استمرار الغضب عند المسلم تختلف عن دوافعه عند الكافر فالمسلم يستمر غضبه بسبب تكرار انتهاك أحكام الله بالعصيان وأما الكافر فتتنوع أسباب غضبه حسب دينه فإن كان دينه يحل الزنى ورفضت امرأة الزنى يغضب بسبب رفضها ومثلا قد يغضب لعدم وجود الخمر لأته مدمن عليها
وفى الفصل الخامس كلمنا الرجل عن مسكنات الغضب فقال:
"الفصل الخامس: مسكنات الغضب:
المسكن الأول: السكوت عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص)(إذا غضب أحدكم فليسكت) قالها ثلاثا رواه أحمد وصححه الألباني
فلا تنصح وأنت غضبان ولاتعلم وأنت غضبان ولا تعاقب وأنت غضبان ولاتحكم وأنت غضبان فإذا سكن الغضب فقل ماشئت قال مؤرق العجلي رحمه الله: ما تكلمت في الغضب بكلمة ندمت عليها في الرضا وقال يزيد بن أبي حبيب: إنما غضبي في نعلي؛ فإذا سمعت ما أكره أخذتهما ومشيت وقال عمر بن الخطاب إذا سمعت الكلمة تؤذيك؛ فطأطىء لها رأسك؛ حتى تتخطاك وقد قيل:
تخالهم في الناس صما عن الخنا وخرسا عن الفحشاء عند التهاجر
ومرضى إذا لوقوا حياء وعفة وعند الحفاظ كالليوث الخوادر
كأن لهم وصما يخافون عاره وما ذاك إلا لاتقاء المعاير
وقال الشافعي رحمه الله :
إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت
المسكن الثاني: أن يمسك الغضبان اليد واللسان
عن ابن مسعود عن النبي (ص)قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟) قلنا: الذي لا يصرعه الرجال قال: (ليس ذلك) ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب) رواه مسلم وقيل لبعض العقلاء: ما أملك فلانا لنفسه! فقال: إذا لا تذله شهوة ولا يصرعه هوى ولا يغلبه غضب
المسكن الثالث: الاستعاذة بالله من الشيطان قال تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم}
سميع لمن جهل عليك , عالم بما يذهب الغضب عنك
وعن سليمان ابن صرد قال: استب رجلان عند النبي (ص)ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه, فقال: النبي (ص)(إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي (ص)قال: إني لست بمجنون رواه البخاري , ومسلم
المسكن الرابع: من كان قائما فليجلس؛ فإن ذهب الغضب وإلا فليضطجع
عن أبي ذر قال: قال رسول الله (ص)(إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) رواه أحمد , وأبو داود , وصححه الألباني قال ابن رجب: فالقائم متهيئ للشر، والقاعد دونه، والمضطجع أبعد
المسكن الخامس: الوضوء
عن عروة بن محمد السعدي عن أبيه عن جده عطية: عن النبي (ص)قال: (إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار , وإنما تطفأ النار بالماء , فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) رواه أبو داود , وضعفه الألباني
المسكن السادس: تذكر قدرة الله عليه عند قدرته على غيره
قال تعالى: {إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت} قال عكرمة: إذا غضبت
وقال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون قال ابن عباس الطائف هو الغضب وعن أبي مسعود الأنصاري قال: كنت أضرب غلاما لي بسوط , فسمعت من خلفي صوتا:
اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود فلم أفهم الصوت من شدة الغضب, فلما دنا التفت فإذا هو رسول الله (ص)فسقط السوط من يدي من هيبته (ص)فقال: (اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك على هذا الغلام) فقلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله فقال: (أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار) رواه مسلم قال أبو مسعود فقلت: لا أضرب مملوكا بعده أبدا)رواه مسلم
وقال بعض الحكماء: من تذكر قدرة الله؛ لم يستعمل قدرته في ظلم عباد الله
أغضب رجل الخليفة عمر بن عبد العزيز فقال له: أردت أن يستفزني الشيطان؛ بعزة السلطان؛ فأنال منك اليوم؛ ما تناله مني غدا انصرف رحمك الله قلت: فينبغي لصاحب السلطان؛ أن لا يستفزه الشيطان؛ فينال بسلطانه اليوم ما يؤخذ منه غدا؛ فمن نال بسلطان الزوجية من زوجته شيئا في الدنيا نالته منه في الأخرى، ومن نال بسلطان الأبوة من أولاده في الدنيا نالوه منه في الأخرى قال معاوية: إني لأحسب لظلم من لا ناصر له إلا الله وقال الحسن ابن وهب:
ما أحسن العفو من القادر لاسيما عن غير ذي ناصر
وقال عبد الله بن مسلم ابن محارب: لهارون الرشيد
أسألك بالذي أنت بين يديه؛ أذل مني بين يديك، وبالذي هو أقدر على عقابك؛ منك على عقابي؛ أن تعفو عني فعفى عنه
وقال بعض العلماء: الغضب على من لا تملك عجز , وعلى من تملك لؤم
المسكن السابع: تذكر ثواب العفو عند المقدرة من العزة والمغفرة
قال تعالى {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا) رواه مسلم وتفرد به وقد قيل: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه، قلت: وقد يشتد الغضب والحماقة فيعذب من ليس له به طاقه؛ كالمرأة والطفل وهذا نقص في العقل؛ لأن الذي يغضب للاقتصاص لا يحسب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (ص)(لتؤدن الحقوق يوم القيامة إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) تفرد به مسلم
والجلحاء التي لا قرن لها؛ فهي لا تستطيع أن تدفع عن نفسها؛ فكل من لا يستطيع دفعك في الدنيا؛ اقتص منك في الأخرى،
أما والله إن الظلم شؤم ومازال المسيء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في المعاد إذا التقينا غدا عند المليك من الظلوم"
ما ذكره الرجل من المسكنات ليس كله مسكنات فالسكوت ليس مسكنا فالساكت قد يظل الغضب بداخله مشتعلا ويؤدى هذا إلى لمرضه أو موته وكذلك حالة السكون وهو كف اللسان واليد وكذلك تغيير الوضع الحركى للجسم ولذا يبقى الغضب فى الصدور كما قال تعالى " ويشف صدور قوم مؤمنين"
المسكن الحق هو الانتقام لله فى حالة الأعداء كما قال تعالى "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم"
وأما فى حالة المرتكبين للذنوب منا فالمسكن هو تطبيق عقوبة الله فى الدنيا عليهم
وأما المسكنات كالاستعاذة والوضوء والعلم بقدرة الله فربما تجعل الإنسان يهدأ ولكن الهدوء لا يعنى ذهاب الغيظ وهو الغضب من القلب وهو الصدر
وفى الفصل السادس تحدث عن مانعات الغضب فقال:
"الفصل السادس: موانع الغضب:
المانع الأول: العلم بأن عز النفس في ذلها، فمن نصرها أذلها، ومن أذلها أعزها عن عائشة أن النبي (ص)(ما نيل منه شيء فانتقم لنفسه) رواه مسلم قلت: فقد نالوه بالأقوال والأفعال؛ فلم تزده إلا صبرا واحتمالا؛ فكان (ص)كعود زاده الإحراق طيباقال الحسن البصري رحمه الله: ما أعز الإنسان نفسه بمثل ذلها وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (ص)(ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا) رواه مسلم وتفرد به قلت: وفي العفو إذلالها، وبه إعزازها،وقال عثمان بن عفان:وكانت على الأيام نفسي عزيزة فلما رأت صبري على الذل ذلت
المانع الثاني: الحلم
سئل الأحنف بن قيس عن الحلم فقال: هو الذل يا بن أخي أتصبر عليه
وقال لقمان الحكيم: ثلاثة لا تعرفهم إلا في ثلاثة؛ لا تعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا عند الحرب، ولا أخاك إلا إذا احتجت إليه
وقد قيل:من يدعى الحلم أغضبه لتعرفه لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب
وقال الحسن البصري: المؤمن حليم لا يجهل وإن جهل عليه وتلا قوله تعالى {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} وقال على بن أبي طالب أول عوض للحليم على حلمه؛ أن الناس أنصاره
المانع الثالث: التحلم بمخالطة من كان حليما ليتعلم
قيل: للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم قال: من قيس بن عاصم المنقري، رأيته قاعدا بفناء داره محتبيا بحمائل سيفه يحدث قومه حتى أتي برجل مكتوف , ورجل مقتول فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك فو الله ما حل حبوته , ولا قطع كلامه , ثم التفت إلى ابن أخيه وقال: يابن أخي أثمت بربك, ورميت نفسك بسهمك , وقتلت ابن عمك ثم قال لابن له آخر: قم فوار أخاك، وحل كتاف ابن عمك، وسق إلى أمه مئة ناقة فإنها غريبة وقال الأحنف: لست حليما؛ ولكني أتحالم وقال بعض الحكماء: إذا لم تكن حليما فتحلم فقلما تشبه رجل بقوم إلا كان منهم
المانع الرابع: تذكر كراهة الناس له
قلت: فما استجلب البغض والكراهة؛ بمثل الغضب والحماقة؛ فالغضبان أبغض إنسان؛ لأنه يظلم من خالطه، ويتعدى على من هو دونه، ويتطاول على من هو فوقه، ويتكلم بغير تمييز، كثير الكلام، سريع الجواب، ينهى عن الشيء ويأتيه، ويفخر بما ليس فيه، لا يصفح عن الزلات، ولا يعفو عن الهفوات، يبغضه الأقرباء قبل البعداء، من خالطه لعنه، ومن سمع به أبغضه؛ فلو تصور الإنسان ذالك لترك الغضب هنالك، فأتعس إنسان معاشر الغضبان؛ لأن الغضبان كالنار تحرق من بالجوار؛ فما فرحت الزوجة من سييء الأخلاق بمثل الطلاق طلق رجل زوجته فقال: كنت ثم بنت، فقالت: والله ما فرحنا يوم كنا، ولا ندمنا يوم بنا، فندم وأكثرت امرأة الغضب على زوجها؛ فأخرج عقد النكاح؛ فأخذ يبحث فيه، فقالت: عن أي شيء تبحث؟ قال: عن تاريخ الانتهاء والولد يفرح بالبلوغ والرشد، ليخرج من القيد والشد، والموظف يفرح بفصله ونقله، ليرتاح من شره، بخلاف من لا يغضب؛ فالكل فيه يرغب؛ فالزوجة إن مات أو طلق بقيت عليه تحلق، والولد يرشد وعنه لا يصد، والموظف في راحه ما دام موجودا صراحه؛ وما ذاك إلا لترك الغضب هناك؛ فإن عاتب عاتب في لين إن لم يعف ويستر، وإن عاقب كان على قدر الذنب إن لم يغفر
كتب عمر بن عبد العزيز: إلى أحد عماله؛ لا تعاقب وأنت غضبان؛ ولكن احبسه حتى يذهب الغضب؛ ثم عاقبه على قدر ذنبه
المانع الخامس: تذكر نهاية الغضب؛ من القتل والسجن، والندم والحزن
فإن طلق؛ ندم كالفرزق ندمت ندامة الكسعي لما غدت مني مطلقة نوار
وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار
وإن ضرب الأشخاص؛ ندم من الاقتصاص قال تعالى {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} (المائدة45)فإن سلم في الدنيا؛ قد لا يسلم في الأخرى
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)(لتؤدن الحقوق يوم القيامة إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء) تفرد به مسلم
وإن قتل ندم من المثل قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} (ومن سلم في الدنيا قد لا يسلم في الأخرى قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}
المانع السادس: تذكر آثار الغضب
آثار الغضب الظاهرة: تغير اللون، شدة رعدة الأطراف، خروج الأفعال عن الترتيب والنظام، اضطراب الحركة والكلام، خروج الزبد من شدقيه، انتفاخ الأوداج، احمرار الوجه، وتقلب المناخر؛ فلو رأى الغضبان نفسه؛ لسكن غضبه حياء من قبح صورته، وتغير خلقته
آثار الغضب الباطنة: فالظاهر عنوان الباطن؛ فقبح الظاهر يدل على قبح الباطن
آثار الغضب على القلب: الحقد، والحسد، والحزن، وإضمار السوء للمغضوب عليه
آثار الغضب على اللسان: السب، والشتم، والفحش في القول، والشماتة، والتعيير،والاستهزاء، والغيبة، وإفشاء السر، وهتك الستر عن المغضوب عليه
آثار الغضب على الجوارح : الضرب، والقتل إن أمسكه وقدر عليه؛ فإن فاته، أو عجز عنه؛ رجع الغضب على صاحبه؛ فيضرب نفسه، ويلطم خده، ويشق جيبه، ويعض يده، ويضرب الأرض، ويعدو بدون شعور؛ وقد يرجع الغضب على من لا ذنب له؛ ممن هو دونه، و قريب منه، ويقدر عليه؛ كالزوجة والبنت، والولد والدابة، والجماد؛ كالأواني؛ فربما كسر الصحفة، وربما تكلم مع الدابة؛ فإذا رفسته رفسها، وربما سقط مغشيا عليه؛ فهذا حال من سلم لغضبه القيادة؛ فإنه سيقوده للإبادة"
موانع الغضب التى ذكرها العمارى هنا ليست موانع فالمانع للنفس من أى شىء هى مشيئتها وهذه المشيئة تمنع نفسها من الشىء إن علمت أنه يضرها وتبيحه إن كان ينفعها ولكن المشيئة قد تخالف الضرر والنفع إن ظنت أن هذا يقلل من شأنها أى يتسبب فى هوانها وذلها أو غن ظنت أن الانتقام يعلى من شأنها وبجلب لها الفوائد
وفرق العمارى بين الغضب والحزن فقال:
"الفصل السابع: الفرق بين الغضب والحزن:
الغضب يتحرك من داخل الجسد إلى خارجه؛ لأنه بارز وظاهر؛ فهو سطوة وانتقام سببه هجوم ما تكرهه النفس؛ ممن هو دونها والحزن يتحرك من خارج الجسد إلى داخله؛ لأنه كامن فهو مرض وأسقام سببه هجوم ما تكرهه النفس؛ ممن هو فوقها؛ فلذلك قتل الحزن وأفضى بصاحبه إلى الموت لكمونه ولم يقتل الغضب لبروزه"
هذا الفرق ليس صحيحا بدليل أن الغضب وهو الغيظ يظل داخل النفس وهى الصدر كما قال تعالى "والكاظمين الغيظ"
ثم تناول العمارى الغضب المحرم فقال:
"الفصل الثامن: الغضب المذموم:
وهو ما كان للخلق؛ لا للحق؛ وهو أنواع
النوع الأول: الغضب للنفس
فلا يسمح الغضبان أن يناله إنسان بقول , أو فعل؛ وإن كان أما أو أبا , أو زوجة أو أخا فكيف بالغير؛ وخير الهدي هدي البشير (ص)عن عائشة قالت (ما انتقم رسول الله (ص)لنفسه) رواه مسلم
النوع الثاني: الغضب للعصبية
فالتعصب للخلق؛ لا للحق فيه من الجور،و الظلم، ونصرة الظالم ، ومنع الحق، وإحقاق الباطل، و إواء المحدث، وتعظيم
الأشخاص، والتمسك بالتقاليد والعادات، ورد السنة والآيات؛ ما يدل على أنه مذموم قبيح، وخطره واضح صريح عن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: (من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة , أو يدعو إلى عصبة , أو ينصر عصبة فقتل , فقتلة جاهلية) رواه مسلم
النوع الثالث: الغضب للحمية
فالحمية للخلق؛ لا للحق؛ رد للحق، ومحاربة له ولأهله، وتمسك بالباطل ونصرة له ولأهله قال تعالى: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما} فبالحمية الجاهلية؛ ردوا الرسالة الر بانية، وحاربوا نبيه
وعن أبي ذر أنه قال: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي: (ص)يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية رواه البخاري ومسلم وفي لفظ (إن فيك لحمية)
النوع الرابع: الغضب للدين بما يخالف الوحيين
عن جندب أن رسول الله (ص)حدث أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان فقال الله : من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان أشهدكم أني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك) رواه مسلم
قلت: فكان غضبه على الرجل لله؛ لما لم يترك معصية الله؛ فأغضب المولى؛ لأنه تعدى؛ فحكم على الله بلا علم قال أبو هريرة: قال ,كلمة أوبقت دنياه وآخرته
وقال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: ما أبكى العالم كغضبة؛ غضبها أحبطت عليه عمل خمسين سنة قلت: وقد يستحل بعض الغاضبين لله من الكفار والعصاه ما حرمه الله ؛ وحجة الغضبان؛ أنه غضب للرحمن قلت: فالغضب من أجل الله لا يحل ما حرم الله؛ من الأنفس والأموال، والأعراض والأقوال، والأعمال والأفعال فقد غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولم يخرج عن وحي الله
عن ابن عباس قال: كانت امرأة تظهر في الإسلام السوء فقال النبي: (ص)(لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه) رواه البخاري قلت: فغضب من فعلها، ولم يتجاوز الوحي في أمرها
النوع الخامس: الغضب غيرة للرحمن بما يخالف السنة والقرآن
قلت: فالغضب غيرة على حرمات الله؛ لا يحل ما حرم الله؛ من الأنفس والأموال، والأعراض والأقوال والأعمال والأفعال فقد غضب رسول الله (ص)ولم يخرج عن وحي الله عن ابن عباس قال: كانت امرأة تظهر في الإسلام السوء فقال النبي: (ص)(لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه) رواه البخاري قلت: فغار من فعلها، ولم يتجاوز الوحي في أمرها قلت: فالغيرة لا تحرم حلالا، ولا تحل حراما؛ ومن جعلها مبررا، فالأمر أمرا منكرا فتأمل حديث النبي (ص)(لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه) واعلم أن النبي (ص)لم يعذر صاحب الغيره؛ في كسر صحفة غيره
عن أنس قال: كان النبي (ص)عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام , فضربت التي النبي (ص)في بيتها يد الخادم, فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي (ص)فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: (غارت أمكم) ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت) رواه البخاري فبالوحي اضبط غيرتك حتى لا تهلكك
قلت: وإنك لتعجب ممن يستحل بغضبه ما حرم الله ؛ بحجة أن غضبه غيرة لله
النوع السادس: الغضب للعاطفة العاطفة عاصفة؛ إن لم يكن لها من الوحي كاشفة عن جندب بن عبد الله البجلي: أن النبي (ص)أخبر: (بأن أسامة بن زيد قتل مشركا من المشركين في المعركة بعد أن قال: لا إله إلا الله , فدعاه فسأله لما قتله, قال: يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلانا وفلانا وسمى له نفرا , وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله قال رسول الله (ص)أقتلته؟ قال: نعم قال: (فما تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟) قال: يا رسول الله استغفر لي قال: (وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة) قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: (وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة) قال: يا رسول الله استغفر لي قال: (وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟) قال أسامة: فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ) رواه البخاري ومسلم واللفظ له فالصحابة لما كانت العاطفة للوحي موافقة (قاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله)
وغيرهم: لما كانت العاطفة للوحي مخالفة (قاتلوا لتكون فتنة ويكون الدين لغير الله)عن نافع عن ابن عمر أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير, فقالا إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي (ص), فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي, فقالا: ألم يقل الله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله, وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله رواه البخاري"
الغضب المذموم هو الغضب المخالف لأحكام الله تعالى والغضب المحمود وهو ما تناوله العمارى فى الفصل التالى فهو الغضب لله أى نصرة أى طاعة لأحكام الله وقد قال العمارة فيه:
"الفصل التاسع: الغضب المحمود:
الغضب المحمود ما كان للرحمن وضبط بالقرآن, فلا يسكت على المنكر، وبغير الوحي لا ينكرقلت: لأن النبي (ص)غضب للرحمن ، ولم يخرجه عن القرآن؛ لأنه خلقه؛ فهو يطبقه
وكان من دعائه (ص)(أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا)
ولم يكن إذا غضب لله بذيا ولا فاحشا
وبعض الناس يخرج عن السنة والقرآن؛ بحجة أنه غضب للرحمن؛ فيستحل بغضبه لله ما حرم الله؛ من الأنفس والأموال، والأعراض والأقوال فإذا قيل: له اتق الله, قال: إنما غضبت لله فيالله العجب, متى كان الغضب مصدرا للتحليل والتحريم؟ ومتى نسخ السنة والقرآن الكريم؟
فالغضب المحمود هو ما كان للحق, لا للخلق؛ وهو أنواع:
النوع الأول: الغضب لحماية الدين بشرط أن يضبط بالوحيين؛ فيحل ما أحل فيهما ويحرم ما حرم فيهما قال تعالى: {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم } وعن سعيد بن زيد قال: سمعت النبي (ص)يقول: (من قتل دون دينه فهو شهيد) رواه أبو داود والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن صحيح
وعن عائشة تقول: (ما ضرب رسول الله (ص)بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله) رواه البخاري و مسلمولمسلم عن عائشة - رضي الله عنها - (وما انتقم رسول الله (ص)لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم)
النوع الثاني: الغضب لسماع ما يكره الرحمن؛ إذا ضبط بالسنة والقرآن؛ فيبين حكمه بما فيهما ولا يتجاوزهما إلى السب والشتم ، والتعيير والوصم والقول بلا علم عن عمران بن حصين قال: بينما رسول الله (ص)في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها, فسمع ذلك رسول الله (ص)فقال: (خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة) رواه مسلم قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد وعن جابر أن رجلا من الأنصار قال: لناضحه: سر لعنك الله فقال (ص)(انزل عنه لا تصحبنا بملعون) رواه مسلم
النوع الثالث: الغضب لرؤية ما يكره الرحمن
إذا ضبط بالسنة والقرآن فيبين حكمه بما فيهما ولا يتجاوزهما إلى السب والشتم ، والتعيير والوصم ، والقول بلا علم عن عائشة قالت: دخل علي النبي صلى (ص)وفي البيت قرام فيه صور, فتلون وجهه, ثم تناول الستر فهتكه, وقال: (إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور) رواه البخاري ومسلم
النوع الرابع: الغضب عند العلم بما يغضب الرحمن إذا ضبط بالسنة والقرآن؛ فيبين حكمه بما فيهما؛ ولا يتجاوزهما؛ إلى السب والشتم ، والتعيير والوصم ، والقول بلا علم
عن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى النبي (ص)فقال: (إني لأ تأخر عن صلاة الصبح من أجل ما يطيل بنا فلان فما رأيت النبي (ص)غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ, فقال: أيها الناس إن منكم منفرين فأ يكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة) رواه البخاري ومسلم فانظر كيف غضب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلم يخرج عن الوحي؛ فبين الحكم؛ وبه عم؛ فبين حكم الفعل، وترك الفاعل
النوع الخامس: غضب لحماية النفس؟
من القتل والمال من الغصب، والعرض من الانتهاك عن سعيد بن زيد قال: سمعت النبي (ص)يقول: (من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد) رواه أبو داود والترمذي"
كما قلت كل ما هو فى طاعة الله فهو حلال محمود والملاحظ أن الروايات التى استشهد بها العمارى فيها عيوب ومخالفات لوحى الله كرواية لعن الناقة ومن ثم تحريم مشيها مع المسلمين حتى تركها صاحبها ومشى بدونها حتى يسير مع المسلمين وهو كلام لا يقوله النبى(ص) لأنه تفريط فى المال كما أن النبى(ص) يعلم أن اللعنة هى لكفار الإنس والجن وأما بقية الأنواع فمسلمة مجبرة ومن ثم فلعنها لا يغير من كونها مسلمة مسبحة لله