رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب زوال (إسرائيل): حتمية قرآنية
المؤلف أبو الوليد الأنصاري وفى مقدمته تحدث الرجل عن آراء الناس فى مشكلة وجود اليهود فى أرض فلسطين وأنهم منقسمون ما بين من يريد التعامل مع اليهود كأمر واقع وما بين من يريد اقتلاعهم من الأرض وما بين من يريد السلام حاليا والحرب مستقبلا وفى هذا قال :
"أما بعد: ففي الوقت الذي عظمت فيه محنة أهل الإسلام، وكادت عراه أن تنتقض، ووشيه أن يندرس، بكيد أعداء هذا الدين، ومكر الليل والنهار: حتى اشتد الخطب، وتداعى الكرب، وصار الواحد من المسلمين يجهد في إقناع نفسه بصواب المقلوب من الحقائق فصار الشرك بالله تعالى توحيدا ودينا، والتزلف إلى أعداء الله حنكة ودهاء، والقعود عن نصرة المستضعفين والذب عن أعراض المسلمين حكمة وعقلا، وفي الجملة صار الحق باطلا والباطل حقا.. أقول في هذا الوقت العصيب، والأمة أحوج ما تكون إلى الصادق الأمين من أهل العلم وحملة الدين، الناصح لله ولرسوله ولعامة المسلمين وخاصتهم، قعد أدعياء العلم المنتسبون إليه عن بيان الحق ودعوة الناس إليه، بل راحوا يزينون الباطل، ويخلعون عليه أوصاف الديانة ويسمونه بمياسم الشريعة، تبريرا لقعودهم مع الخوالف، ورضا بالدني من الحياة الدنيا، فاتخذهم الجهلة الرعاع وصنائعهم حجة لترك الخروج وترك إعداد العدة له. إن قلت: «قال الله، قال رسوله قال الصحابة سادة الأجيال» سيقول: «شيخي قال لي عن شيخه، والشيخ عندي عمدة الأقوال» وكان من أثر هذا الداء العضال الذي أصيبت به أمة الإسلام -ولعمر الله إنه منها لبمقتل- إقبال الناس ورضاهم بما قام به الحكام المرتدون في زماننا هذا من عقد معاهدة سلام دائم مع اليهود ومن لم يرض منهم بذلك اغتر بتلبيسات أولئك الخوالف وقالتهم السوء إذ قالوا «إن وجود اليهود على أرض فلسطين أضحى واقعا مفروضا على الأمة قبوله، وعليها أن تهيئ نفسها للتعامل معه». ومنهم المغلوب على أمره الذي لا يجد قوت يومه، وظن في هذه المعاهدة الملعونة خلاصا له مما هو فيه، وأحسن القوم حالا من راح ينعق فيقول: «الأرض مقابل السلام»"
وتحدث عن أول البقية وهم أهل العقول الذين يزنون ألمور بميزان وحى الله فقال :
"إلا أولو بقية ينهون عن السوء والفساد في الأرض، لولاهم لخسف الله الأرض ومن عليها: ولولا همو كادت تميد بأهلها * ولكن رواسيها وأوتادها همو ولولا همو كانت ظلاما بأهلها * ولكن همو فيها بدور وأنجم وأغفل أولئك الأبعدون أن الأمر أمر إيمان وكفر، توحيد وإسلام، وامتحان يمتحن الله به العباد، ليميز الخبيث من الطيب، ويفرق بين الحق والباطل، ولينزل نصره على من نصر دينه من عباده، وأدى حق الله عليه، وجاهد في الله حق جهاده كما قال تعالى: {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة، والله خبير بما تعملون..} [التوبة: 16] وقال تعالى، {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب} [البقرة: 214] وغير ذلك من الآيات، فهذا الذي يريده الله تبارك وتعالى بعباده من الابتلاء والامتحان، وهو سبحانه قد كتب لدينه ولرسله وللمؤمنين النصر والغلبة والعزة والظهور،"
إذا الرجل يرى النصر قادم على كل أعداء المسلمين ومنهم اليهود وهو فى سبيل إثبات ذلك كتب التالى :
" أما الكفر والباطل فمهما عظمت دولته، وامتد سلطانه فهو زائل لا محالة، فما ظنك بدولة اليهود المغضوب عليهم، قتلة الأنبياء وأعداء الرسل، وزوالها قد نطق به كتاب ربنا سبحانه، وبين فيه مقوماته وأسبابه، وبه بشر نبينا وإمامنا وقدوتنا (ص)فديناه بأرواحنا وآبائنا وأمهاتنا. وأنا في هذا المقام أستعين الله تعالى في بيان ما دل على هذا الذي ذكرته من الكتاب والسنة بشارة لعباد الله المؤمنين، وإيقاظا للغافلين، وشوكة في حلوق أعداء هذا الدين وأذنابهم من الخوالف أراحنا الله والمسلمين من شرهم آمين.. آمين اليهود والإفساد في الأرض"
ثم ذكر براهينه على حتمية زوال دولة اليهود من أرض المسلمين فقال :
" فأقول وبالله تعالى التوفيق: أما الكتاب فقال ربنا سبحانه وتعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا * إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا * عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا} [الإسراء: 4-8]. فهذه الآيات قد ذكر فيها سبحانه وتعالى عصيان بني إسرائيل ومخالفتهم أمر الله تعالى وأنهم يستكبرون استكبارا شديدا بعلوهم وجراءتهم على الله تعالى. قلت / وقد أطال المفسرون في بيان المرتين المشار إليهما وذكر من سلط عليهم فيهما، وغالبهم ذكر أن المرتين قد سبقتا، فأول المرتين قتل زكريا (ص)والآخرة قتل يحيى بن زكريا. وأضاف الزمخشري في الثانية: «وقصد قتل عيسى بن مريم»، وكذا ذكره ابن جرير وابن عطية وابن حبان الأندلسيان والقرطبي وابن كثير وغيرهم رحمهم الله. وفي هذا الذي قالوه بحث ونظر، فإن عمدتهم في ذلك كما قال العلامة الشنقيطي في «الأضواء» أخبار إسرائيلية مشهورة في كتب التاريخ والتفسير، والعلم عند الله تعالى. ومع ذلك فإن موضع الدلالة على ما سقناه لأجله لا إشكال فيه بحمد الله تعالى، وهو أن الله تعالى لما بين أن إفسادهم في الأرض وعلوهم فيها سبب لبعث من يسومهم سوء العذاب توعدهم تعالى بأنهم كلما عادوا إلى معصيته وخلاف أمره وقتل رسله وتكذيبهم عاد عليهم بالقتل والسبي وإحلال الذلة والصغار بهم. وعن ابن عباس قال: قال الله تبارك وتعالى بعد الأولى والآخرة: {عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا} قال: فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين. ونحوه روي عن قتادة . رواه عنهما ابن جرير ، قال العلامة الشنقيطي «قوله {وإن عدتم عدنا} لما بين جل وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما: بعث عليهم عبادا له أولي بأس شديد فاحتلوا بلادهم وعذبوهم. وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة: بعث عليهم قوما ليسوءوا وجوههم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرا، وبين أيضا أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة فإنه جل وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم، وذلك في قوله {وإن عدتم عدنا} ولم يبين هنا: هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أو لا..؟ ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول (ص)، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة. فعاد الله جل وعلا للانتقام منهم تصديقا لقوله {وإن عدتم عدنا} فسلط عليهم نبيه (ص) والمسلمين، فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء، وضرب الجزية على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة، فمن الآيات الدالة على أنهم عادوا للإفساد قوله تعالى {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين * بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين} [البقرة: 89-90] وقوله {أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم...} [البقرة: 100] الآية، وقوله {ولا تزال تطلع على خائنة منهم.. } [المائدة: 13] الآية ونحو ذلك من الآيات. ومن الآيات الدالة على أنه تعالى عاد للانتقام منهم قوله تعالى {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا. وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار، ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار. ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب} [البقرة: 59] وقوله تعالى {وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا. وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها...} [الأحزاب: 26] الآية وغير ذلك من الآيات.» إنتهى كلامه . عاقبة الإفساد في الأرض قلت / وهو مبني على ما ذكره المفسرون في شأن العلوين المذكورين في الآيات، وأيا كان الأمر فإن وعد الله تعالى قائم لعباده المؤمنين بأن يسلط عليهم بسبب فسادهم -كلما عادوا إليه- من يسومهم سوء العذاب، وها هم اليوم قد علوا في الأرض فأهلكوا الحرث والنسل، وأفسدوا في البلاد، وإنا لنسأله تعالى أن يعجل لهم ما توعدهم به وأن يجعل ذلك على أيدي الصالحين من عباده بمنه وفضله سبحانه،"
الرجل هنا خرج من إشكالية زمن المرتين بأن هناك دليل واضح على تكرار فساد اليهود بعد المرتين وتكرار هزيمتهم وهو جملة:
" وإن عدتم عدنا"
وهو استدلال صحيح فالمرتين مضوا منذ زمن طويل وتكرر نفس الأمر مرات عدة بعدها وهاهو يتكرر فى عصرنا وأما النصر فالله أعلم متى يأتى عليهم
وذكر الرجل آية أخرى فقال :
" فقد قال تعالى في كتابه الكريم {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [الأعراف: 167]. قال مقيده ، وهذه والله بشارة ثانية لأهل الإسلام، وقد قال العلامة ابن كثير في تفسيرها بعد أن ذكر ما قيل من أن موسى (ص)ضرب عليهم الخراج، ثم قهر الملوك لهم من اليونانيين والكشدانيين وغيرهم، ثم قهر النصارى لهم وإذلالهم إياهم، ثم جاء الإسلام ومحمد (ص) فكانوا تحت قهره وذمته يؤدون الخراج والجزية، قال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال: هي المسكنة وأخذ الجزية منهم، وقال علي بن أبي طلحة عنه: هي الجزية، والذي يسومهم سوء العذاب محمد رسول الله (ص) وأمته إلى يوم القيامة، وكذا قال سعيد بن جبير وابن جريج والسدي وقتادة»
والخطأ فى الفقرة السابقة أن الاية فى هزائم اليهود الدنيوية وهو ما يناقض مضمون ألاية حيث تتكلم عن عذاب البرزخ بقولها ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب " لأن فترات انتصار اليهود كالفترة الحالية ليس فيها عذاب لهم وإنما سعادة وفرح لهم
وتحدث عما جاء فى الروايات الكاذبة فقال :
" قلت / ووعد الله تعالى قائم بذلك لهذه الأمة حتى يقاتلهم المسلمون مع عيسى بن مريم (ص)وهم مع الدجال لعنه الله كما بشر به رسول الله (ص) كما سأذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى. وإلى نحو ذلك أشار ابن كثير في تفسيرها فقال: «ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصارا للدجال فيقتلهم المسلمون مع عيسى بن مريم (ص)وذلك آخر الزمان»"
ولا وجود لعيسى(ص* فى المستقبل ولا للدجال المزعوم فهذا غيب لا يعلمه محمد(ص) ولا غيره كما قال تعالى :
"إنما الغيب لله"
وقال على لسان رسوله(ص):
" ولا أعلم الغيب"
وعيسى (ص) لن يعود للحياة الدنيوية مرة أخرى لقوله " وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"
فالبعث حيا هو بعثه فى القيامة مثله مثل يحيى (ص* فى قوله تعالى " والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"
فلو كان هناك عودة للدنيا لعاد يحيى(ص) ولكنها عودتنا جميعا يوم البعث
ثم قال:
"وقال تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين} [المائدة: 64]. فبين سبحانه ما هم عليه من الكفر والإعراض عن الدين والحسد العظيم الدافع لهم إلى الكيد بالمؤمنين، ثم بين سبحانه أنه يدفع عن عباده المؤمنين ذلك ويرد كيدهم بأمرين: الأول: أنه سبحانه ألقى بينهم العداوة والبغضاء فلا تجتمع قلوبهم، بل العداوة واقعة بينهم دائما، لا يجتمعون على حق، ما داموا مخالفين مكذبين لرسول الله (ص). قلت: ومثل هذه الآية قوله تعالى {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} [الحشر: 14]. الثاني: أنه سبحانه توعدهم بإطفاء كل نار للحرب يوقدونها فكلما عقدوا أسبابا يكيدون بها رسول الله (ص) والمسلمين، وكلما أبرموا أمرا يحاربون به دين الله تعالى، أبطله الله ورد كيدهم عليهم وحاق مكرهم السيئ بهم. ثم بين سبحانه أنه لهم بالمرصاد لما جبلوا عليه من حب الإفساد في الأرض حتى صار صفة لهم والله لا يحب من هذه صفته. الأدلة من القرآن الكريم وقال القرطبي في قوله تعالى {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله} «كلما» ظرف، أي كلماجمعوا وأعدوا شتت الله جمعهم». ثم ذكر في الآية قولا آخر وهو أن المعنى «كلما أوقدوا نار الغضب في نفوسهم وتجمعوا بأبدانهم وقوة النفوس منهم باحتدام نار الغضب أطفأها حتى يضعفوا، وذلك بما جعله من الرعب نصرة بين يدي نبيه (ص)». قلت: والصواب إن شاء الله تعالى أن هذه الخاصية -وهي النصر بالرعب- باقية في الأمة متى استقامت على دين الله تعالى وشريعته تكرمة لنبيه (ص) ولهذه الأمة التي جعلها خير أمة أخرجت للناس، وبسط الدليل على هذا الموضع في غير هذا المحل والله أعلم. ثم -إعلم- أرشدك الله تعالى- أن الله عز وجل قد ذكر من أوصاف اليهود في كتابه ما هو من مقومات زوالهم وذلتهم وخذلانهم ما تضيق عنه هذه الورقات إلا أننا نذكر هنا بعضه: - فمن ذلك أن الله تعالى قد لعنهم وغضب عليهم، وقد اتفق أئمة التفسير على أن المراد بقوله عز وجل {غير المغضوب عليهم} هم اليهود، ويؤيد هذا قوله تعالى: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله، من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [المائدة: 60]. ومن ذلك أن الله تعالى جعلهم أهل ذلة ومسكنة وصغار كما قال سبحانه {ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} [آل عمران: 112]. وقوله تعالى هنا {أين ما ثقفوا} شرطية، وما زائدة، وثقفوا في موضع جزم، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، ومن أجاز تقديم جواب الشرط قال: ضربت هو الجواب، ويلزم على هذا أن يكون ضرب الذلة مستقبلا، وعلى الوجه الأول هو ماض يدل على المستقبل، أي ضربت عليهم الذلة،وحيثما ظفر بهم ووجدوا تضرب عليهم، وهذا المعنى يؤيد قول من جعل الاستثناء في قوله {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} منقطعا، لأن الذلة لا تفارقهم أينما كانوا، وهو معنى أين ما ثقفوا، فإنه عام في الأمكنة. ونقل ابن حبان القول بذلك -أعني بانقطاع الاستثناء عن الفراء والزجاج- قال: وهو اختيار ابن عطية الأندلسي، وقيل: بل هو متصل والمعنى ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس. كذا ذكره الزمخشري. وقد قال ابن عباس : {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} أي بعهد من الله وعهد من الناس. ونحوه عن مجاهد وعكرمة والضحاك وعطاء وقتادة والحسن والسدي والربيع بن أنس، كما رواه عنهم ابن جرير . قلت: والظاهر من الآية أن الخلاف في أمر الاستثناء وارد على الذلة، أما المسكنة وهي كما قال ابن عطية «...التذلل والضعة، وهي حالة الطواف للمتلمس للقمة واللقمتين المضارع المفارق لحالة التعفف والتعزز به، فليس أحد من اليهود -وإن كان غنيا- إلا وهو بهذه الحالة». فالظاهر أنها لازمة لهم في جميع الأحوال، قال ابن كثير {وضربت عليهم المسكنة} أي ألزموها قدرا وشرعا
. - ومنها أنهم أهل جبن وهلع وخور كما قال تعالى {لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد} [الحشر: 14] وقال عنهم: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} [آل عمران: 111]. - ومنها وهو كالسبب لما قبله حرصهم على الحياة ولو كانت حياة خسة ومهانة كما قال تعالى عنهم {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة...} [البقرة: 96]. قلت: لفظ «حياة» هنا نكرة في سياق الإثبات، وهي ربما أفادت العموم بمجرد دلالة السياق كما في قوله تعالى {علمت نفس ما قدمت وأخرت} [المائدة: 82]، وكما في قول
القائل يوما ترى مرضعة خلوجا
وكل أنثى حملت خدوجا
وكل صاح ثملا مروجا
فإنه أراد كل مرضعة بدليل ما بعده، وكذا قوله تعالى هنا على «حياة» فإنها نكرة لإفادة معنى حرصهم على أي مرتبة من مراتب الحياة الدنيا وإن كانت حياة الذلة والهوان، قاتلهم الله أنى يؤفكون. - ومنها ما ذكره سبحانه عنهم من الفرقة والخلاف وشدة العداوة والبغضاء كما دل عليه قوله تعالى {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} [المائدة: 64] وقوله تعالى: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى}... وفي هذا من النفع العظيم لأهل الإسلام بتفريق صفوفهم وتمزيق جموعهم وضرب بعضهم ببعض الشيء الكثير مما هو من مكائد الحرب والقتال والحمد لله، وقد سبق الكلام على الآيتين بما يغني عن الإعادة ولله الحمد."
والكلام السابق كله ليس عن انتصارات اليهود ولا النصارى وإنما عن أن الله يفسد مساعيهم لاشعال الحروب وجعلهم يتحابون فيما بينهم
وتحدث عما قصصهم فى القرآن والروايات فقال:
" وأنت لو تتبعت ما قصه تبارك وتعالى عنهم في كتابه كما في سورة البقرة والأعراف وغيرهما لرأيت من أحوالهم مع أنبيائهم وتكذيبهم لهم وصدهم عن سبيل الله عجبا، ولذلك لم تلعن أمة في كتاب الله تعالى كما لعن اليهود؛ ولم يسخط الله عز وجل ويغضب على أمة ما سخط وغضب عليهم نعوذ بالله تعالى من ذلك، فقل لي بربك ماذا بقي لهم بعد ذلك كله من مقومات الحياة والبقاء إلا ما يسخره الله تعالى لهم من أسباب يديل لهم بها دولة يعلون بها مفسدين في الأرض، ثم يبعث عليهم من عباده من يزيل ملكهم ويسلبهم ما هم فيه. الأدلة من السنة المطهرة أقول: وأما البشارة النبوية التي أخبر بها الصادق المصدوق (ص)فقد روى البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده والترمذي في السنن من حديث ابن عمر أن النبي (ص) قال: «تقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبدالله، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي رواية عند البخاري أخرجها في كتاب المناقب: «تقاتلكم اليهود، فتسلطون عليهم، ثم
يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهود ورائي فاقتله». وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله (ص) قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي هذه الأحاديث تأكيد الأمر بوقوع قتال اليهود وقتلهم لا محالة، وظاهر قوله في الحديث «لا تقوم الساعة» وقوع القتال قبل ذلك وأنه ليس مقيدا بكونه من أشراطها، وقوله فيه «تقاتلون» الخطاب فيه للصحابة والمراد من يأتي بعدهم، لكن روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عمر مرفوعا «ينزل الدجال هذه السبخة -أي خارج المدينة- ثم يسلط الله عليه المسلمين فيقتلون شيعته، حتى أن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة والحجر فيقول الحجر والشجرة للمسلم: هذا يهودي فاقتله». قال الحافظ ابن حجر : "وعلى هذا فالمراد بقتال اليهود وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى، وكما وقع صريحا في حديث أبي أمامة في قصة خروج الدجال ونزول عيسى، وفيه «وراء الدجال سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى. فيدركه عيسى عند «باب لد» فيقتله وينهزم اليهود، فلا يبقى شيء مما يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء فقال: يا عبدالله -للمسلم- هذا يهودي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجرهم». أخرجه ابن ماجة مطولا وأصله عند أبي داود، ونحوه من حديث سمرة عند أحمد بإسناد حسن وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان من حديث حذيفة بإسناد صحيح". إنتهى كلام الحافظ "
والأحاديث السابقة باطلة لأنها تذكر حدوث معجزات وهى آيات كحديث الأحجار وهو ما منعه الله بقوله:
" وما منعنا أن نرسل بالا]ات إلا أن كذب بها ألولون"
كما أن تلك ألأحاديث تحرم العمل بالأسباب وهو اعداد القوة لحرب ألعداء كما قال تعالى " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
اعتمادا على خبر الأحجار المتحدثة
والخطأ اعتبار نبات الغرقد يهودى بينما كل المخلوقات مسلمة عدا كفار الناس كما قال تعالى :
" وله أسلم من فى السموات والأرض"
وكرر الرجل كلامه عن تصديق اأحاديث الكاذبة فقال :
"قال مقيده : وهل يحتمل وقوع هذه البشارة المذكورة بقتالهم مرتين الأولى على ما في حديث الصحيحين والثانية عند نزول عيسى (ص)فيقاتل الدجال ويستأصل اليهود الذين هم أتباعه؟ فيه بحث والله تبارك وتعالى أعلم، وعلى كل حال ففي هذا الحديث بشارة عظيمة لهذه الأمة ببقاء دين الإسلام إلى نزول عيسى بن مريم (ص)وبقاء الطائفة المنصورة التي تقاتل إلى وقت نزوله كما رواه أحمد في مسنده وأبو داود في السنة من حديث عمران بن حصين مرفوعا «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال». وأحاديث الطائفة المنصورة كثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرهما، وفي قوله (ص) هنا لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق مع قوله حتى يقاتل آخرهم إشارة إلى بقاء القتال مستمرا بين أهل الإسلام وغيرهم ومنهم اليهود، وقد ورد وصف هذه الطائفة بأنها قائمة بأمر الله وأنها ظاهرة وأنها منصورة في حديث أبي هريرة والمغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان وثوبان رضي الله عنهم أجمعين. وفي هذا كله دلالة على أن هذه الأمة موعودة بالنصر والتمكين متى أخذت بأسباب ذلك من إعداد العدة والقتال في سبيل الله عز وجل، وما لليهود ودولتهم بعد ذلك من بقاء، عجل الله تعالى بزوال ملكهم وجعلنا من جنده الذين قال فيهم في كتابه الكريم سبحانه مبينا وعده لأنبيائه ولهم {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون} [الصافات: 171-173]. "
وما ذكره الرجل من كلام الروايات تغنى عنه الآيات التى ذكرها أخيرا وهى أن الله ينصر المؤمنين عندما ينصرون دينه على كل الأعداء
المؤلف أبو الوليد الأنصاري وفى مقدمته تحدث الرجل عن آراء الناس فى مشكلة وجود اليهود فى أرض فلسطين وأنهم منقسمون ما بين من يريد التعامل مع اليهود كأمر واقع وما بين من يريد اقتلاعهم من الأرض وما بين من يريد السلام حاليا والحرب مستقبلا وفى هذا قال :
"أما بعد: ففي الوقت الذي عظمت فيه محنة أهل الإسلام، وكادت عراه أن تنتقض، ووشيه أن يندرس، بكيد أعداء هذا الدين، ومكر الليل والنهار: حتى اشتد الخطب، وتداعى الكرب، وصار الواحد من المسلمين يجهد في إقناع نفسه بصواب المقلوب من الحقائق فصار الشرك بالله تعالى توحيدا ودينا، والتزلف إلى أعداء الله حنكة ودهاء، والقعود عن نصرة المستضعفين والذب عن أعراض المسلمين حكمة وعقلا، وفي الجملة صار الحق باطلا والباطل حقا.. أقول في هذا الوقت العصيب، والأمة أحوج ما تكون إلى الصادق الأمين من أهل العلم وحملة الدين، الناصح لله ولرسوله ولعامة المسلمين وخاصتهم، قعد أدعياء العلم المنتسبون إليه عن بيان الحق ودعوة الناس إليه، بل راحوا يزينون الباطل، ويخلعون عليه أوصاف الديانة ويسمونه بمياسم الشريعة، تبريرا لقعودهم مع الخوالف، ورضا بالدني من الحياة الدنيا، فاتخذهم الجهلة الرعاع وصنائعهم حجة لترك الخروج وترك إعداد العدة له. إن قلت: «قال الله، قال رسوله قال الصحابة سادة الأجيال» سيقول: «شيخي قال لي عن شيخه، والشيخ عندي عمدة الأقوال» وكان من أثر هذا الداء العضال الذي أصيبت به أمة الإسلام -ولعمر الله إنه منها لبمقتل- إقبال الناس ورضاهم بما قام به الحكام المرتدون في زماننا هذا من عقد معاهدة سلام دائم مع اليهود ومن لم يرض منهم بذلك اغتر بتلبيسات أولئك الخوالف وقالتهم السوء إذ قالوا «إن وجود اليهود على أرض فلسطين أضحى واقعا مفروضا على الأمة قبوله، وعليها أن تهيئ نفسها للتعامل معه». ومنهم المغلوب على أمره الذي لا يجد قوت يومه، وظن في هذه المعاهدة الملعونة خلاصا له مما هو فيه، وأحسن القوم حالا من راح ينعق فيقول: «الأرض مقابل السلام»"
وتحدث عن أول البقية وهم أهل العقول الذين يزنون ألمور بميزان وحى الله فقال :
"إلا أولو بقية ينهون عن السوء والفساد في الأرض، لولاهم لخسف الله الأرض ومن عليها: ولولا همو كادت تميد بأهلها * ولكن رواسيها وأوتادها همو ولولا همو كانت ظلاما بأهلها * ولكن همو فيها بدور وأنجم وأغفل أولئك الأبعدون أن الأمر أمر إيمان وكفر، توحيد وإسلام، وامتحان يمتحن الله به العباد، ليميز الخبيث من الطيب، ويفرق بين الحق والباطل، ولينزل نصره على من نصر دينه من عباده، وأدى حق الله عليه، وجاهد في الله حق جهاده كما قال تعالى: {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة، والله خبير بما تعملون..} [التوبة: 16] وقال تعالى، {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب} [البقرة: 214] وغير ذلك من الآيات، فهذا الذي يريده الله تبارك وتعالى بعباده من الابتلاء والامتحان، وهو سبحانه قد كتب لدينه ولرسله وللمؤمنين النصر والغلبة والعزة والظهور،"
إذا الرجل يرى النصر قادم على كل أعداء المسلمين ومنهم اليهود وهو فى سبيل إثبات ذلك كتب التالى :
" أما الكفر والباطل فمهما عظمت دولته، وامتد سلطانه فهو زائل لا محالة، فما ظنك بدولة اليهود المغضوب عليهم، قتلة الأنبياء وأعداء الرسل، وزوالها قد نطق به كتاب ربنا سبحانه، وبين فيه مقوماته وأسبابه، وبه بشر نبينا وإمامنا وقدوتنا (ص)فديناه بأرواحنا وآبائنا وأمهاتنا. وأنا في هذا المقام أستعين الله تعالى في بيان ما دل على هذا الذي ذكرته من الكتاب والسنة بشارة لعباد الله المؤمنين، وإيقاظا للغافلين، وشوكة في حلوق أعداء هذا الدين وأذنابهم من الخوالف أراحنا الله والمسلمين من شرهم آمين.. آمين اليهود والإفساد في الأرض"
ثم ذكر براهينه على حتمية زوال دولة اليهود من أرض المسلمين فقال :
" فأقول وبالله تعالى التوفيق: أما الكتاب فقال ربنا سبحانه وتعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا * إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا * عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا} [الإسراء: 4-8]. فهذه الآيات قد ذكر فيها سبحانه وتعالى عصيان بني إسرائيل ومخالفتهم أمر الله تعالى وأنهم يستكبرون استكبارا شديدا بعلوهم وجراءتهم على الله تعالى. قلت / وقد أطال المفسرون في بيان المرتين المشار إليهما وذكر من سلط عليهم فيهما، وغالبهم ذكر أن المرتين قد سبقتا، فأول المرتين قتل زكريا (ص)والآخرة قتل يحيى بن زكريا. وأضاف الزمخشري في الثانية: «وقصد قتل عيسى بن مريم»، وكذا ذكره ابن جرير وابن عطية وابن حبان الأندلسيان والقرطبي وابن كثير وغيرهم رحمهم الله. وفي هذا الذي قالوه بحث ونظر، فإن عمدتهم في ذلك كما قال العلامة الشنقيطي في «الأضواء» أخبار إسرائيلية مشهورة في كتب التاريخ والتفسير، والعلم عند الله تعالى. ومع ذلك فإن موضع الدلالة على ما سقناه لأجله لا إشكال فيه بحمد الله تعالى، وهو أن الله تعالى لما بين أن إفسادهم في الأرض وعلوهم فيها سبب لبعث من يسومهم سوء العذاب توعدهم تعالى بأنهم كلما عادوا إلى معصيته وخلاف أمره وقتل رسله وتكذيبهم عاد عليهم بالقتل والسبي وإحلال الذلة والصغار بهم. وعن ابن عباس قال: قال الله تبارك وتعالى بعد الأولى والآخرة: {عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا} قال: فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين. ونحوه روي عن قتادة . رواه عنهما ابن جرير ، قال العلامة الشنقيطي «قوله {وإن عدتم عدنا} لما بين جل وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما: بعث عليهم عبادا له أولي بأس شديد فاحتلوا بلادهم وعذبوهم. وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة: بعث عليهم قوما ليسوءوا وجوههم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرا، وبين أيضا أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة فإنه جل وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم، وذلك في قوله {وإن عدتم عدنا} ولم يبين هنا: هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أو لا..؟ ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول (ص)، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة. فعاد الله جل وعلا للانتقام منهم تصديقا لقوله {وإن عدتم عدنا} فسلط عليهم نبيه (ص) والمسلمين، فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء، وضرب الجزية على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة، فمن الآيات الدالة على أنهم عادوا للإفساد قوله تعالى {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين * بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين} [البقرة: 89-90] وقوله {أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم...} [البقرة: 100] الآية، وقوله {ولا تزال تطلع على خائنة منهم.. } [المائدة: 13] الآية ونحو ذلك من الآيات. ومن الآيات الدالة على أنه تعالى عاد للانتقام منهم قوله تعالى {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا. وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار، ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار. ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب} [البقرة: 59] وقوله تعالى {وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا. وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها...} [الأحزاب: 26] الآية وغير ذلك من الآيات.» إنتهى كلامه . عاقبة الإفساد في الأرض قلت / وهو مبني على ما ذكره المفسرون في شأن العلوين المذكورين في الآيات، وأيا كان الأمر فإن وعد الله تعالى قائم لعباده المؤمنين بأن يسلط عليهم بسبب فسادهم -كلما عادوا إليه- من يسومهم سوء العذاب، وها هم اليوم قد علوا في الأرض فأهلكوا الحرث والنسل، وأفسدوا في البلاد، وإنا لنسأله تعالى أن يعجل لهم ما توعدهم به وأن يجعل ذلك على أيدي الصالحين من عباده بمنه وفضله سبحانه،"
الرجل هنا خرج من إشكالية زمن المرتين بأن هناك دليل واضح على تكرار فساد اليهود بعد المرتين وتكرار هزيمتهم وهو جملة:
" وإن عدتم عدنا"
وهو استدلال صحيح فالمرتين مضوا منذ زمن طويل وتكرر نفس الأمر مرات عدة بعدها وهاهو يتكرر فى عصرنا وأما النصر فالله أعلم متى يأتى عليهم
وذكر الرجل آية أخرى فقال :
" فقد قال تعالى في كتابه الكريم {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} [الأعراف: 167]. قال مقيده ، وهذه والله بشارة ثانية لأهل الإسلام، وقد قال العلامة ابن كثير في تفسيرها بعد أن ذكر ما قيل من أن موسى (ص)ضرب عليهم الخراج، ثم قهر الملوك لهم من اليونانيين والكشدانيين وغيرهم، ثم قهر النصارى لهم وإذلالهم إياهم، ثم جاء الإسلام ومحمد (ص) فكانوا تحت قهره وذمته يؤدون الخراج والجزية، قال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال: هي المسكنة وأخذ الجزية منهم، وقال علي بن أبي طلحة عنه: هي الجزية، والذي يسومهم سوء العذاب محمد رسول الله (ص) وأمته إلى يوم القيامة، وكذا قال سعيد بن جبير وابن جريج والسدي وقتادة»
والخطأ فى الفقرة السابقة أن الاية فى هزائم اليهود الدنيوية وهو ما يناقض مضمون ألاية حيث تتكلم عن عذاب البرزخ بقولها ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب " لأن فترات انتصار اليهود كالفترة الحالية ليس فيها عذاب لهم وإنما سعادة وفرح لهم
وتحدث عما جاء فى الروايات الكاذبة فقال :
" قلت / ووعد الله تعالى قائم بذلك لهذه الأمة حتى يقاتلهم المسلمون مع عيسى بن مريم (ص)وهم مع الدجال لعنه الله كما بشر به رسول الله (ص) كما سأذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى. وإلى نحو ذلك أشار ابن كثير في تفسيرها فقال: «ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصارا للدجال فيقتلهم المسلمون مع عيسى بن مريم (ص)وذلك آخر الزمان»"
ولا وجود لعيسى(ص* فى المستقبل ولا للدجال المزعوم فهذا غيب لا يعلمه محمد(ص) ولا غيره كما قال تعالى :
"إنما الغيب لله"
وقال على لسان رسوله(ص):
" ولا أعلم الغيب"
وعيسى (ص) لن يعود للحياة الدنيوية مرة أخرى لقوله " وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"
فالبعث حيا هو بعثه فى القيامة مثله مثل يحيى (ص* فى قوله تعالى " والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"
فلو كان هناك عودة للدنيا لعاد يحيى(ص) ولكنها عودتنا جميعا يوم البعث
ثم قال:
"وقال تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين} [المائدة: 64]. فبين سبحانه ما هم عليه من الكفر والإعراض عن الدين والحسد العظيم الدافع لهم إلى الكيد بالمؤمنين، ثم بين سبحانه أنه يدفع عن عباده المؤمنين ذلك ويرد كيدهم بأمرين: الأول: أنه سبحانه ألقى بينهم العداوة والبغضاء فلا تجتمع قلوبهم، بل العداوة واقعة بينهم دائما، لا يجتمعون على حق، ما داموا مخالفين مكذبين لرسول الله (ص). قلت: ومثل هذه الآية قوله تعالى {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى} [الحشر: 14]. الثاني: أنه سبحانه توعدهم بإطفاء كل نار للحرب يوقدونها فكلما عقدوا أسبابا يكيدون بها رسول الله (ص) والمسلمين، وكلما أبرموا أمرا يحاربون به دين الله تعالى، أبطله الله ورد كيدهم عليهم وحاق مكرهم السيئ بهم. ثم بين سبحانه أنه لهم بالمرصاد لما جبلوا عليه من حب الإفساد في الأرض حتى صار صفة لهم والله لا يحب من هذه صفته. الأدلة من القرآن الكريم وقال القرطبي في قوله تعالى {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله} «كلما» ظرف، أي كلماجمعوا وأعدوا شتت الله جمعهم». ثم ذكر في الآية قولا آخر وهو أن المعنى «كلما أوقدوا نار الغضب في نفوسهم وتجمعوا بأبدانهم وقوة النفوس منهم باحتدام نار الغضب أطفأها حتى يضعفوا، وذلك بما جعله من الرعب نصرة بين يدي نبيه (ص)». قلت: والصواب إن شاء الله تعالى أن هذه الخاصية -وهي النصر بالرعب- باقية في الأمة متى استقامت على دين الله تعالى وشريعته تكرمة لنبيه (ص) ولهذه الأمة التي جعلها خير أمة أخرجت للناس، وبسط الدليل على هذا الموضع في غير هذا المحل والله أعلم. ثم -إعلم- أرشدك الله تعالى- أن الله عز وجل قد ذكر من أوصاف اليهود في كتابه ما هو من مقومات زوالهم وذلتهم وخذلانهم ما تضيق عنه هذه الورقات إلا أننا نذكر هنا بعضه: - فمن ذلك أن الله تعالى قد لعنهم وغضب عليهم، وقد اتفق أئمة التفسير على أن المراد بقوله عز وجل {غير المغضوب عليهم} هم اليهود، ويؤيد هذا قوله تعالى: {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله، من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [المائدة: 60]. ومن ذلك أن الله تعالى جعلهم أهل ذلة ومسكنة وصغار كما قال سبحانه {ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} [آل عمران: 112]. وقوله تعالى هنا {أين ما ثقفوا} شرطية، وما زائدة، وثقفوا في موضع جزم، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، ومن أجاز تقديم جواب الشرط قال: ضربت هو الجواب، ويلزم على هذا أن يكون ضرب الذلة مستقبلا، وعلى الوجه الأول هو ماض يدل على المستقبل، أي ضربت عليهم الذلة،وحيثما ظفر بهم ووجدوا تضرب عليهم، وهذا المعنى يؤيد قول من جعل الاستثناء في قوله {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} منقطعا، لأن الذلة لا تفارقهم أينما كانوا، وهو معنى أين ما ثقفوا، فإنه عام في الأمكنة. ونقل ابن حبان القول بذلك -أعني بانقطاع الاستثناء عن الفراء والزجاج- قال: وهو اختيار ابن عطية الأندلسي، وقيل: بل هو متصل والمعنى ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس. كذا ذكره الزمخشري. وقد قال ابن عباس : {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} أي بعهد من الله وعهد من الناس. ونحوه عن مجاهد وعكرمة والضحاك وعطاء وقتادة والحسن والسدي والربيع بن أنس، كما رواه عنهم ابن جرير . قلت: والظاهر من الآية أن الخلاف في أمر الاستثناء وارد على الذلة، أما المسكنة وهي كما قال ابن عطية «...التذلل والضعة، وهي حالة الطواف للمتلمس للقمة واللقمتين المضارع المفارق لحالة التعفف والتعزز به، فليس أحد من اليهود -وإن كان غنيا- إلا وهو بهذه الحالة». فالظاهر أنها لازمة لهم في جميع الأحوال، قال ابن كثير {وضربت عليهم المسكنة} أي ألزموها قدرا وشرعا
. - ومنها أنهم أهل جبن وهلع وخور كما قال تعالى {لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد} [الحشر: 14] وقال عنهم: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} [آل عمران: 111]. - ومنها وهو كالسبب لما قبله حرصهم على الحياة ولو كانت حياة خسة ومهانة كما قال تعالى عنهم {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة...} [البقرة: 96]. قلت: لفظ «حياة» هنا نكرة في سياق الإثبات، وهي ربما أفادت العموم بمجرد دلالة السياق كما في قوله تعالى {علمت نفس ما قدمت وأخرت} [المائدة: 82]، وكما في قول
القائل يوما ترى مرضعة خلوجا
وكل أنثى حملت خدوجا
وكل صاح ثملا مروجا
فإنه أراد كل مرضعة بدليل ما بعده، وكذا قوله تعالى هنا على «حياة» فإنها نكرة لإفادة معنى حرصهم على أي مرتبة من مراتب الحياة الدنيا وإن كانت حياة الذلة والهوان، قاتلهم الله أنى يؤفكون. - ومنها ما ذكره سبحانه عنهم من الفرقة والخلاف وشدة العداوة والبغضاء كما دل عليه قوله تعالى {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} [المائدة: 64] وقوله تعالى: {تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى}... وفي هذا من النفع العظيم لأهل الإسلام بتفريق صفوفهم وتمزيق جموعهم وضرب بعضهم ببعض الشيء الكثير مما هو من مكائد الحرب والقتال والحمد لله، وقد سبق الكلام على الآيتين بما يغني عن الإعادة ولله الحمد."
والكلام السابق كله ليس عن انتصارات اليهود ولا النصارى وإنما عن أن الله يفسد مساعيهم لاشعال الحروب وجعلهم يتحابون فيما بينهم
وتحدث عما قصصهم فى القرآن والروايات فقال:
" وأنت لو تتبعت ما قصه تبارك وتعالى عنهم في كتابه كما في سورة البقرة والأعراف وغيرهما لرأيت من أحوالهم مع أنبيائهم وتكذيبهم لهم وصدهم عن سبيل الله عجبا، ولذلك لم تلعن أمة في كتاب الله تعالى كما لعن اليهود؛ ولم يسخط الله عز وجل ويغضب على أمة ما سخط وغضب عليهم نعوذ بالله تعالى من ذلك، فقل لي بربك ماذا بقي لهم بعد ذلك كله من مقومات الحياة والبقاء إلا ما يسخره الله تعالى لهم من أسباب يديل لهم بها دولة يعلون بها مفسدين في الأرض، ثم يبعث عليهم من عباده من يزيل ملكهم ويسلبهم ما هم فيه. الأدلة من السنة المطهرة أقول: وأما البشارة النبوية التي أخبر بها الصادق المصدوق (ص)فقد روى البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده والترمذي في السنن من حديث ابن عمر أن النبي (ص) قال: «تقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبدالله، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي رواية عند البخاري أخرجها في كتاب المناقب: «تقاتلكم اليهود، فتسلطون عليهم، ثم
يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهود ورائي فاقتله». وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله (ص) قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله». وفي هذه الأحاديث تأكيد الأمر بوقوع قتال اليهود وقتلهم لا محالة، وظاهر قوله في الحديث «لا تقوم الساعة» وقوع القتال قبل ذلك وأنه ليس مقيدا بكونه من أشراطها، وقوله فيه «تقاتلون» الخطاب فيه للصحابة والمراد من يأتي بعدهم، لكن روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عمر مرفوعا «ينزل الدجال هذه السبخة -أي خارج المدينة- ثم يسلط الله عليه المسلمين فيقتلون شيعته، حتى أن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة والحجر فيقول الحجر والشجرة للمسلم: هذا يهودي فاقتله». قال الحافظ ابن حجر : "وعلى هذا فالمراد بقتال اليهود وقوع ذلك إذا خرج الدجال ونزل عيسى، وكما وقع صريحا في حديث أبي أمامة في قصة خروج الدجال ونزول عيسى، وفيه «وراء الدجال سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى. فيدركه عيسى عند «باب لد» فيقتله وينهزم اليهود، فلا يبقى شيء مما يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء فقال: يا عبدالله -للمسلم- هذا يهودي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجرهم». أخرجه ابن ماجة مطولا وأصله عند أبي داود، ونحوه من حديث سمرة عند أحمد بإسناد حسن وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان من حديث حذيفة بإسناد صحيح". إنتهى كلام الحافظ "
والأحاديث السابقة باطلة لأنها تذكر حدوث معجزات وهى آيات كحديث الأحجار وهو ما منعه الله بقوله:
" وما منعنا أن نرسل بالا]ات إلا أن كذب بها ألولون"
كما أن تلك ألأحاديث تحرم العمل بالأسباب وهو اعداد القوة لحرب ألعداء كما قال تعالى " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
اعتمادا على خبر الأحجار المتحدثة
والخطأ اعتبار نبات الغرقد يهودى بينما كل المخلوقات مسلمة عدا كفار الناس كما قال تعالى :
" وله أسلم من فى السموات والأرض"
وكرر الرجل كلامه عن تصديق اأحاديث الكاذبة فقال :
"قال مقيده : وهل يحتمل وقوع هذه البشارة المذكورة بقتالهم مرتين الأولى على ما في حديث الصحيحين والثانية عند نزول عيسى (ص)فيقاتل الدجال ويستأصل اليهود الذين هم أتباعه؟ فيه بحث والله تبارك وتعالى أعلم، وعلى كل حال ففي هذا الحديث بشارة عظيمة لهذه الأمة ببقاء دين الإسلام إلى نزول عيسى بن مريم (ص)وبقاء الطائفة المنصورة التي تقاتل إلى وقت نزوله كما رواه أحمد في مسنده وأبو داود في السنة من حديث عمران بن حصين مرفوعا «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال». وأحاديث الطائفة المنصورة كثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرهما، وفي قوله (ص) هنا لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق مع قوله حتى يقاتل آخرهم إشارة إلى بقاء القتال مستمرا بين أهل الإسلام وغيرهم ومنهم اليهود، وقد ورد وصف هذه الطائفة بأنها قائمة بأمر الله وأنها ظاهرة وأنها منصورة في حديث أبي هريرة والمغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان وثوبان رضي الله عنهم أجمعين. وفي هذا كله دلالة على أن هذه الأمة موعودة بالنصر والتمكين متى أخذت بأسباب ذلك من إعداد العدة والقتال في سبيل الله عز وجل، وما لليهود ودولتهم بعد ذلك من بقاء، عجل الله تعالى بزوال ملكهم وجعلنا من جنده الذين قال فيهم في كتابه الكريم سبحانه مبينا وعده لأنبيائه ولهم {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون} [الصافات: 171-173]. "
وما ذكره الرجل من كلام الروايات تغنى عنه الآيات التى ذكرها أخيرا وهى أن الله ينصر المؤمنين عندما ينصرون دينه على كل الأعداء