إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

قراءة فى كتاب الحلم وتأويله

رضا البطاوى

عضو فعال
المشاركات
2,708
الإقامة
مصر
قراءة فى كتاب الحلم وتأويله
الكتاب تأليف سيجموند فرويد وهو من ترجمة جورج طرابيشى ويبدأ الكتاب بمقولة من مقولات التخلف وهى تقسيم العصور لما قبل العلم وما بعد العلم مع أن أول إنسان كان هو أعلم الناس كما قال تعالى " وعلم آدم الأسماء كلها" وتقول مقولة فرويد المتخلفة:
"ما كان للبشرية أن تحمل نفسها مشقة تأويل أحلامها فى العصر القابل للوصف بأنه عصر ما قبل العلم فالأحلام التى تبقى فى الذاكرة عند اليقظة كانت تعد تجليا نافعا أو ضارا للقوة العليا من آلهة أو أبالسة ومع تفتح الروح العلمى أخلت كل تلك الميثولوجيا الأريبة الساح لعلم النفس ويجمع العلماء اليوم قاطبة عدا نزر يسير منهم على عزو الحلم إلى النشاط النفسى للنائم بالذات ص5
ويتساءل فرويد فيقول:
"إن المعضلة التى تحظى باهتمامنا الأول معضلة دلالة الحلم لهى ذات وجهين فمن جهة أولى نبحث عما يعنيه الحلم من وجهة نظر سيكولوجية وعن مكانته فى منظومة الظاهرات النفسية ونريد من الجهة الثانية أن نعرف هل الحلم قابل للتأويل وهل ينطوى مضمون الحلم مثله مثل أى نتاج نفسى أخر قد نميل إلى مماثلته به على معنى "ص6
ويخبرنا فرويد أن عامة الناس يعتقدون أن الحلم هو تعبير عما يحدث فى المستقبل فيقول:
"ويتشبث الحس الشعبى أخيرا بمعتقده القديم.. أن للحلم فى نظره معنى وهذا المعنى ينطوى على نبوءة وحتى نستخلص هذه النبوءة من مضمون الحلم الذى غالبا ما يكون مبهما ملغزا فلابد من اللجوء إلى بعض الطرائق فى التفسير وهذه الطرائق لا تعدو أن تكون بوجه عام استبدالا لمضمون الحلم كما انطبع فى الذاكرة بمضمون أخر ومن الممكن ان يتم هذا استبدال تفصيلا بواسطة مفتاح لا يجوز أن يتبدل ومن الممكن استبدال الموضوع الأساسى للحلم دفعة واحدة بموضوع أخر لا يعدو الأول أن يكون رمزا له وأهل الجد يبتسمون لهذه الصبيانيات ولسان حالهم جميعا التعبير الشائع إنها أضغاث أحلام"ص7
وهو يبدو هنا ساخرا من معتقد مبنى على الوحى فكل الأحلام التى ذكرت فى الوحى القرآنى هى عبارة عن إحداث حدثت فيما بعد وحتى ما يرويه العهد القديم من أحلام وهو دين فرويد الأصلى يؤكد نفس الفكرة
الكتاب من بدايته حتى نهايته وهو عبارة عن82 صفحة يدور حول مقولة خاطئة وهى أن الأحلام ليست أحداث تحدث فى المستقبل وإنما هى ذكريات حدثت فى الماضى القريب على الأغلب أى نفس نهار الحلم واستخدم الرجل فى إثبات هذا حلم حلمه هو أولا وحاول تحليله وانتهى فى تأويل وهو تفسير الحلم إلى أن كل ما فى الحلم هو أحداث حدثت فى نفس نهار الحلم أو قبله أى أنه تعبير عن ذكريات فيها رغبات مكبوتة وفى هذا قال:
"لنتوقف هنا ولنلق نظرة سريعة على النتائج التى توصلنا إليها حتى الآن عن طريق تحليل ذلك الحلم لقد بدأت بأن عزلت جميع تفاصيله قاطعا بذلك الروابط التى كانت تربطها بعضها ببعض ثم تتبعت اطلاقا من هذه التفاصيل تداعيات الأفكار التى تواردت فى ذهنى وحصلت بتلك الطريفة على جملة من افكار وذكريات نعرفت بينها عددا لا باس به من العناصر الأساسية بالنسبة إلى حياتى الداخلية وقد اتضح أن هذه المادة بعد تسليط الضوء عليها عن طريق تحليل الحلم ذات صلة وثيقة بالحلم نفسه وهذا أمر ما كنت لاكتشفه لو اكتفيت بمجرد فحص بسيط لمضمون الحلم لقد كان الحلم مفككا فير قابل للفهم ومجردا من كل عنصر وجدانى وبالمقابل يتحسس المرء فى الأفكار التى استخلصها من خلفيته شحنة وجدانية مكثفة لها ما يفسرها ويعللها وهذه الأفكار تترابط فى تلك التداعيات أكثر من غيرها أيضا إن بعضا من هذه الأفكار الأساسية لم يظهر فى مضمون الحلم الذى اقترحناه كمثال التعارض بين المغرض والمتجرد وفكرة الدين وأخيرا فكرة الهبة المجانية وكان فى مستطاعى لو وددت أن ابين جميع خيوط تلك الحزمة من الأفكار التى تكشفت لى بطريق التحليل تفضى إلى عقدة واحدة فيما لو شددت عليها بقوة أكبر لكن هناك إلى جانب مصالح العلم مصالح خاصة تنهانى نهيا قاطعا عن نشر بحث كهذا إذ أن مثل هذا العمل كان يقتضينى أن أميط اللثام عن بعض مشاعرى الحميمية التى كشفها لى التحليل لكن الذى لا يحلو لى أن اعترف بها أمام نفسى فخير لى أن ألزم الصمت وإذا سألنى سائل لماذا لم يقع اختيارى على حلم استطيع ان أبوح بتحليله بلا ص14
ويكرر كلامه نفس الكلام مسميا ما يفعله فى الكتاب بالتحليل أى تحليل الحلم فيقول:
إ"ننى أقيم مقابلة فى الحلم بين الحلم كما ألقاه فى ذاكرتى وبين المادة التى سيقدمها لى التحليل فيما بعد وأنا أطلق على الأول اسم المضمون الظاهر للحلم وأطلق على المادة بدون اى تمييز أخر اسم المضمون الكامن للحلم وها أنا ذا أواجه مشكلتين جديديتين لم أقم بصياغتهما حتى الآن:
1-ما العملية النفسية التى انقلب بها المضمون الكامن للحلم إلى ذلك المضمون الظاهر الذى ألقاه فى ذاكرتى عند استيقاظى
2-ما الأسباب التى جعلت من هذا الانقلاب ضروريا
إننى سأطلق على عملية تحول الحلم الكامن إلى حلم ظاهر اسم عمل الحلم وسأطلق على العمل المناقض له العمل الذى ينتج عنه تحول بالاتجاه المعاكس اسم عمل التحليل أما باقى المشكلات المتعلقة بطبيعة التحريض على الحلم وبأصل مادة الحلم وبمعناه المحتمل وبوظيفته وبالحوافظ التى تجعل نسيانه أمرا بالغ اليسر فلن أوليها اهتمامى إلا فيما بعد حين سأنتقل من مسألة الحلم الظاهر إلى مسألة مضمونه الكامن ص16
ويقسم فرويد الأحلام لثلاث أنواع فيقول:
"ونظرا إلى العلاقات القائمة بين مضمون الحلم الكامن ومضمونه الظاهر يمكن تقسيم الأحلام إلى ثلاث فئات فى الفئة الأولى نضع الأحلام الواضحة المعقولة التى تبدو مستعارة بصورة مباشرة من حياتنا النفسية الواعية وهذه الأحلام متواترة الحدوث وهى مقتضبة لا تكاد تستأهل اهتمامنا لأنه ليس فيها ما يدهش وليس فيها ما يثير الخيال ص17
"وفى الفئة الثانية نضع الأحلام المعقولة التى لا يكف معناها بالرغم من وضوحه التام عن ادهاشنا لأن ما من شىء فيها يبرر نظير تلك الاهتمامات ...ونضع فى الفئة الثالثة أخيرا الأحلام التى تفتقر إلى المعنى والوضوح معا الأحلام المتفككة الغامضة العبثية وذلك هو بالأصل الشكل الذى تتحلى فى غالب الأحيان ولهذا يرفض الأطباء الذين لا يعزون إلى الأحلام غير أهمية ضئيلة أن يروا فيها سوى نتاج نشاط نفسى مختزل ولنقل فضلا عن ذلك أنه من النادر بوجه عام ألا تتضمن الأحلام الطويلة بعض الشىء والمتماسكة منطقيا ولو أثرا خفيفا من التفكك وعدم الترابط "ص17
وكرر هذا الكلام بألفاظ أخرى فقال :
"إلى ثلاث فئات فلدينا أولا الحلم الذى يمثل بلا تنكر رغبة غير مكبوتة ...ولدينا ثانيا الحلم الذى يمثل رغبة مكبوتة فى إهاب تنكرى وغالبية أحلامنا تنتمى لهذا النمط ويأتى ثالثا وأخيرا الحلم الذى يعبر عن رغبة مكبوتة ولكن من دون أن ينكرها أو لا ينكرها إلى بأدنى الحدود وهذا الحلم الأخير يرافقه دوما إحساس بالحصر يرغمه على التوقف ص59
وهذا التقسيم إلى أحلام واضحة لا تحتاج لتأويل أى تفسير وأحلام واضحة أيضا ثم أحلام مفككة وهو تقسيم خاطىء فالأول والثانى يعتبران واحد ولا يوجد حلم واضح وضوحا تاما أى يحدث كما فى الحلم
الأحلام تنقسم إلى أحلام مخيفة تسمى الكوابيس كما يعرف الناس وأحلام سعيدة وهى الأحلام الشهوانية والتى تنتهى غالبا بالقذف والأحلام العادية والكل يحتاج لتفسير فى النهاية
ويعود فرويد لتأكيد مقولته الخاطئة وهى أن أحلام الأطفال تعبير عن رغبات النهار الفائت فيقول:
"ليس من العسير علينا أن نتبين أن جميع أحلام الأطفال هذه متشابهة فى نقطة معينة فهى جميعها تحقق الرغائب التى ولدها فيهم النهار ولم يشبعها بصراحة ووضوح وبلا لف أو دوران رغائب متحققة"ص20
ويكرر الكلام فيقول:
"وحتى عندما يتعقد الحلم الطفلى وينزع على الرهافة يظل فى الميسور إرجاعه على الدوام إلى إشباع رغبة" ص21
ويكرر نفس الكلام عن أحلام الراشد فيقول:
"ولدى الراشد أيضا نلاقى الكثير من الأمثلة على هذه الأحلام من النمط الطفلى لكنها مقتضبة جدا على الدوام تقريبا كما ذكرنا آنفا هكذا نرى الكثير من الناس يحلمون بأنهم يشربون إذا ما ظمئوا أثناء النوم وبعد تنحية الرغبة آنيا على هذا النحو يجدون سيرا إلى متابعة النوم هذه الأحلام التى نستطيع أن نسميها أحلام ترفيه إذا شئنا ليست نادرة وغالبا ما تحدث قبيل اليقظة حين يحدس النائم بأنه لم يعد هناك بد من الاستيقاظ فيطفق بأنه واقف على قدميه "ص21
ويكرر كلامه أن احداث الحلم ليست سوى ما حدث فى الليلة السابقة أو النهار الفائت فيقول:
"وعندما نستنتج فى هذا الحال بالتحليل نتبين أن جميع الأحلام بلا استثناء يكمن جذرها فى انطباع تم تلاقيه فى العشية أو بالأحرى أثناء النهار السابق للحلم هذا الاتطباع الذى يمكن أن يسمى بالمحرض على الحلم يكون احيانا قويا.. وفى هذه الحال نقول بصواب أن حلم الليل إن هو إلا استمرار لمشاغل النهار ص34
ويكرر الكلام بأن ما نهتم به فى اليوم السابق هو ما نجده فى الحلم فيقول:
"إن الأشياء التى لا تثير الاهتمام أثناء النهار لا تصبح مثيرة للإهتمام بالنسبة إلى الحلم وأن الترهات التى لا تؤثر فينا فى حالة اليقظة يستحيل أن تلاحقنا أثناء رقادناص35
ويكرر نفس المعنى عن كون الأحلام عبارة عن ذكريات الماضى فيقول:
"وبذلك يسعنا أن نقول أن جميع المواقف تقريبا التى تعرضها علينا أحلامنا ليست شيئا أخر سوى نسخ مزيدة ومعاد فيها النظر على نطاق واسع عن بعض من تلك الذكريات المؤثرة فى النفس" ص39
ويكرر نفس المعنى فيقول أن الأحلام المعقولة والشهوانية هى تعبير مباشر عن رفبة لم تتحقق فى اليوم الفائت فيقول:
نحن نعلم أن الأحلام الليبيدية والمعقولة هى تحقيق غير متنكر لرغبة من الرغبات وبعبارة أخرى نعلم أن الرغبة التى تبين لنا هذه الأحلام تحقيقها العينى هى رغبة يقر بها الوعى لم تجد تلبية فى الحياة اليومية لكنها جديرة لكل اهتمام ...فأساس هذه الأحلام هو بدوره رغبة متحققة رغبة تكشفها لنا من الجهة المقابلة الأفكار الكامنة والفارق الوحيد أن تمثيل هذه الرغبة لا يزال غامضا معتما" ص58
ويبلغ جنون فرويد مبلغه عندما يقول ان الحلم هو صناعة الإنسان المشوهة لرغباته أى الى تجعلها غامضة فيقول:
"إذا سلمنا بأن مضمون الحلم يمثل رغبة متحققة وإذا كان غموض مضمونه من صنيع الرقابة التى تحور وتنكر المواد المكبوتة يغدو من اليسير علينا ان نحدد وظيفة الحلم فبخلاف ما هو شائع لدى سواد الناس من رأى يرى فى الحلم منغصا للنوم نصل إلى هذا الاستنتاج الغريب وهو أن الحلم بمثابة حارس للنوم ص64
ويقرر أن الحلم هو رغبة مكبوتة من الماضى فيقول:
"إن الحلم ضرب من تفريغ نفسى لرغبة فى حالة الكبت" ص66
ويكرر نفس الكلام فى موضع أخر مقررا أن الأحلام هى تعبير عن رغبات مكبوتة من الماضى القريب فيقول:
"إذا سلمنا بأن العلة الرئيسية لتحريف الحلم أو تشويهه تكمن فى مقتضيات الرقابة فلن يدهشنا البتة إن وجدنا جميع أحلام الراشدين تقريبا ترتد عند التحليل إلى رغبة شهوانية إننا لا نتكلم هنا عن الأحلام المشار إليها عادة باسم الأحلام الجنسية والمتضمنة صورا جنسية لا يحجبها أى برقع فكل من حلمها يعرفها ص69
ونلاحظ أن الرجل يناقض نفسه فيقول أن الرقابة النفسية تكون كاملة فتحور وتنكر أى تخفى الشىء فى شىء أخر وهو قوله :
"إذا سلمنا بأن مضمون الحلم يمثل رغبة متحققة وإذا كان غموض مضمونه من صنيع الرقابة التى تحور وتنكر المواد المكبوتة يغدو من اليسير علينا ان نحدد وظيفة الحلم فبخلاف ما هو شائع لدى سواد الناس من رأى يرى فى الحلم منغصا للنوم نصل إلى هذا الاستنتاج الغريب وهو أن الحلم بمثابة حارس للنوم "ص64
ويعود فيعارض قوله فيقول أن تلك الرقابة غير موجودة فى الأحلام الجنسية أى بألفاظه والمتضمنة صورا جنسية لا يحجبها أى برقع وهو ما تعبر عنه الفقرة التالية:
"إذا سلمنا بأن العلة الرئيسية لتحريف الحلم أو تشويهه تكمن فى مقتضيات الرقابة فلن يدهشنا البتة إن وجدنا جميع أحلام الراشدين تقريبا ترتد عند التحليل إلى رغبة شهوانية إننا لا نتكلم هنا عن الأحلام المشار إليها عادة باسم الأحلام الجنسية والمتضمنة صورا جنسية لا يحجبها أى برقع فكل من حلمها يعرفها ص69
ويتحدث فرويد عن أن الأحلام الغامضة المفككة تتضمن أحداث اليوم الماضى المختلفة فيقول:
"إن مادة الحلم الكامنة هى التى تحدد المضمون الظاهر حتى فى أدق تفاصيله تقريبا وكل تفصيل من هذه التفاصيل لا يشتق من فكرة منعزلة وإنما من عدة أفكار مقتبسة من تلك المادة الأساسية وغير مترابطة فيما بينها بالضرورة بل من الممكن أن تكون منتمية إلى أشد ميادين الأفكار الكامنة اختلافا إن كل تفصيل من تفاصيل الحلم هو بكل معنى الكلمة تمثيل فى مضمون الحلم لزمرة من زمر الأفكار المتنافرة تلك ص30
ويكرر الكلام مرة أخرى بألفاظ أخرى قائلا:
"إن ما نلحظه فى الأحلام المعقدة والمشوشة التى نهتم بها الآن من تنافر بين مضمون الحلم الظاهر ومضمونه الكامن لا يمكن أن يعزى إلى ضرورة التكثيف والإخراج الدرامى وحدها بل ثمة مؤشرات معينة فى الإشارة إليها فائدة تشهد على وجود عامل ثالث ص32
ويكرر المعنى مرة ثالثة بألفاظ أخرى مبينا أن عملية الاهتمام وهى الشدة النفسية تحول الأحداث فى الحلم إلى غموض فيقول:
"أثناء قيامه الحلم بعمله تنتقل الشدة النفسية للأفكار والتصورات التى هى موضوع عمل الحلم لتتلبس أفكارا وتصورات أخرى هى بالضبط تلك التى ما كنا نتوقع البتة أن نراها تأخذ مثل تلك الحدة والكثافة إن انتقال الشدة النفسية هذا هو الذى يسهم بأوفر قسط فى تعتيم معنى الحلم وفى الحيلولة دون تعرف العلاقات بين الحلم الظاهر والحلم الكامن أثناء تلك العملية التى أسميها بالنقل فى الحلم أرى أيضا الشدة النفسية أو الوجدانية للفكرة الكامنة تتحول إلى بلبلة مادية وفى الوقت الذى أجد نفسى مدفوعا بأكثر من اغراء إلى ان اعتبر الأكثر وضوحا وجلاء هو الأساسى والجوهرى أتبين انه ينبغى البحث على العكس فى تفصيل غامض مبهم عن بديل فكرة الحلم الأساسية ص33
وكل ما قاله هنا وفى الكتاب هو مخالف للوحى الإلهى فى كون الأحلام هى أحداث عن المستقبل وأنها صنع قوة خارجية هى الله فالإنسان لا يحلم من نفسه بسبب اهتماماته ورغباته المكبوتة فى اليوم السابق فالأحلام ليست ذكريات من الماضى كما يزعم
والغريب أن الرجل يعترف فى الثلث الأخير من الكتاب بكون الحلم تعبير عن المستقبل كما يريده الله وإنما كما يريده الإنسان فيقول:
"ولنلاحظ فضلا عن ذلك وهذا أمر مثير للإهتمام أن الحكمة الشعبية تصيب حين تقول ان الأحلام تتكهن بالمستقبل فالبفعل إن ما يظهره لنا الحلم هو المستقبل لا كما سيتحقق وإنما كما نتمنى أن نراه متحققا "ص59
وهو كلام مجنون تماما فكم من بشر حلم أنه قتل عدة مرات ومع هذا هو حى فهل يريد أى يتمنى الإنسان قتل نفسه فعلا أم أن القتل أو الموت مرات عدة هو تعبير عن شىء أخر غير القتل أو الموت
ويقسم الرجل كما هو معروف فى نظريته الفكر لفكر واعى وفكر لا واعى فيقول:
طإننا نسلم بوجود وظيفتين خلاقتين للفكر فى جهازنا النفسى وتتمتع ثانية هاتين الوظيفتين بامتياز محدد وهو أن جميع منتجاتها تصبح للحال جزء من الوعى بينما يبقى نشاط الأولى لا واعيا أو لا يدلف إلى الوعى إلا بواسطة الثانية" ص61
وهى مقولة خاطئة فلا يوجد شىء اسمه اللاوعى لأن هذه المقولة الغرض منها هو رفع المسئولية التى وضعها الله على الإنسان كى يحاسبه وعندما يعمل الإنسان حسب اللاوعى كما يقول فرويد فإنه يقلت بهذا من عقاب الله وهى مقولة مجنونى فلا أحد يفلت من العقاب الإلخى لكونه عادل
واللاوعى هى مقولة إما اخترعوها للتهرب من الحساب وإما أنهم لم يفهموا مبدأ العادة فالإنسان يفكر فى الشىء فى المرة الأولى أو عدة مرات بعدها وعندما يوقن أنه صحيح فإنه يكرره دون تفكير لأنه يصير عادة ومن ثم يظن البعض كفرويد أنه هذا لا وعى ولكنه وعى لأنه فكر فيه فى المرة الأولى أو مرات بعدها وعندما اقتنع بالشىء بدأ يكرره
ويخبرنا فرويد بخبل أخر وهو أن وظائف الأحلام هى قطع النوم أو اليقظة من النوم فيقول:
"لكن ينبغى أن نستنتج من ذلك فقط أن الحلم يؤدى وظيفتين مهمة ثانيتهما قطع النوم عندما تدعو الحاجة والحلم يشبه فى ذلك الحارس الليلى الحى الضمير المكلف أولا بوأد جميع الأصوات التى قد توقظ السكان ولكن من دون أن يتردد بالمقابل فى أداء الواجب المعاكس فيوقظ جميع الناس حين تصبح الأصوات باعثة على القلق ولا يعود فى مستطاعه وحده أن يتغلب عليها ص67
وطبقا لكلام الوحى فإن الأحلام كما قلنا وظيفتها إخبار عن المستقبل ولكنه إخبار يحتاج فى تفسيره ليس لطبيب نفسى أو مفسر أحلام وإنما لنبى يعطيه الله تأويل الأحاديث وهى الأحلام كما فى حالة يوسف(ص)
ولو اردنا أن نقول الوظائف الحقيقية فسنقول إنها اسعاد الحالم حتى لا يفشل أو احزانه حتى يفشل كما قال تعالى فى حلم يوم بدر عن عدد محاربى الكفار "إذ يريكهم الله فى منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فى الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور"
ويهبرنا الرجل عن علم الرموز زاعما أن العالم به يقدر على تفسير الأحلام ويزعم أنه هناك رموز وحيدة المعنى ورموز متعددة المعانى فيقول:
"فمن المتعارف عليه أنه ليس أسهل على من تتوافر لديه معرفة عميقة بعلم الرموز ذلك أن يفهم معنى الحلم معنى جميع تفاصيله ومعنى بعض من أقسامه ..وبالرغم من أن الاختصاصيين فى علم رموز الحلم لم يخلصوا إلى نتيجة نهائية بعد ... هناك رموز ليس لها سوى تأويل واحد من قبيل ذلك الإمبراطورة الملك والملكة وهى تعنى الأب والأم ..ص71 ويقول:
"وبعض الرموز عامة الاستخدام وهى تلاحظ لدى جميع الحالمين الذين يجمع بينهم لسان واحد وتكوين فكرى واحد وبالمقابل ثمة رموز أخرى محدودة الاستخدام يبتكرها الفرد بحسب حاجاته ... ويتبقى فى المقام الثانى أم نميز الرموز التى يبدو أن صلتها بالأشياء الجنسية تعود إلى الأزمنة البدائية وهى صلة لا يمكن ان تولد إلا فى أظلم المناطق من شعورنا ..ص72
ويبين أن الأحلام كلها ليست رموزا ففيها أشياء ليست غامضة فيقول :
"وما نعرفه بثقة ويقين هو أن المواد ليست جميعها رموزا فمعرفة الرموز تستطيع أن تهدينا إلى سواء السبيل إلى حد كبير عبر ما يبقى غامضا فى مضمون الحلم الظاهر ص73
ويبين الرجل أنه استمد معرفته فى الحلم من الجهلة بالطب فقال:
"كم كانت دهشتى عظيمة حين تبينت ذات يوم أن اصدق تصور للحلم لا ينبغى البحث عنها لدى الأطباء وإنما لدى الجهلة بالطب ممن يبقى لديهم ذلك التصور مختلطا بالخرافة والتطير" ص8
 
عودة
أعلى