رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب الحكم الشرعي لاستقطاع الأعضاء وزرعها تبرعا أو بيعا
الكتاب تأليف أمين محمد سلام البطوش وهو يدور حول التبرع بالأعضاء وبيعها ومن ثم زرعها فى أجسام الآخرين وفى هذا قال الباحث فى المقدمة:
"إن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الإنسان وكرمه على خلقه ورباه على عينه، فهو الذي يقول في محكم تنزيله مبرهنا على هذه الحقيقة التي لا مراء فيها: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} ويقول سبحانه وتعالى: {والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير} فلما تقدم الإنسان في العلوم ومن بينها علم الطب والجراحة اختلف الناس في استقطاع الأعضاء وزرعها بين مبيح ومانع، وما كان لشيء أن يجد أو يستجد إلا وله حكم في كتاب الله تعالى لقوله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} نتيجة لذلك فإن هذا البحث يقدم محاولة لبيان ما في هذا الأمر من حكم شرعي."
فى المبحث الأول بين البطوش أدلة حرمة جسم الإنسان فقال:
"المبحث الأول: أدلة حرمة جسم الإنسان:
إن الله تعالى لما خلق الإنسان خلقه بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وطرد إبليس من أجله لعصيانه أن يسجد لآدم، وأسكن آدم الجنة، وعلمه الأسماء كلها، وجعله خليفته في الأرض، فإن كان الإنسان لربه مطيعا مخبتا كان أفضل من الملائكة، وإن عصاه كان أدنى من البهائم، كل هذا دليل على التكريم، فهل تراه يسلمه ويذله ويخزيه ما دام يسير طبقا لخط السير الذي رسمه له ربه، كلا وحاشا أن يكون ذلك.
فها هو سبحانه يقول في حقه: {ولقد كرمنا بني آدم} ويخلقه في أحسن صورة: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} وتتجلى فيه عظمته سبحانه فيقول: {فتبارك الله أحسن الخالقين}."
الخطاء فى الفقرة هى :
الأول أن الإنسان إن كان لربه مطيعا مخبتا كان أفضل من الملائكة، وإن عصاه كان أدنى من البهائم وهو ما يخالف أنه لا يوجد نص فى تلك الأفضلية لأن الملائكة من الجن هم كالبشر فى المكانة واما البهائم فقد اعتبر الله الكفار كالأنعام أو اضل سبيلا فقال "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا"
الثانى أن عظمة الله تتجلى فى الإنسان بينما عظمته تتجلى فى كل شىء وقد اعتبر الله أن عظمته تتجلى فى خلق السموات والأرض أكثر من خلق الناس فقال "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس"
ثم قال:
"من أجل ذلك فقد تولاه ربه، وأوصى باحترامه في شرائعه، وحرم قتله بغير حق قال تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} وهذه قاعدة تحرم مساسه بغير حق ورسول الله (ص) قد بين في سنته أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، كما توعد الله قاتله بالعذاب يوم القيامة قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} هذا في الآخرة بالإضافة إلى عقوبة القصاص في الدنيا والحرمان من الميراث إن كان القاتل من ورثة المقتول."
الخطأ هنا أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء والروايات متناقضة فى أول ما يقضى أى ما يحاسب عليه الإنسان وكل الروايات تخالف أن القضاء يكون مرة واحدة فالحكم يعرف من تسلم الكتاب باليمين أو بالشمال وليس هناك أحكام جزئية تحاسب على كل عمل بمفرده كما قال تعالى "فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية" وقال "وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه"
ثم قال :
"فإذا كان قتل المسلم بغير حق لا يحتمل الإباحة، فكذلك فإن قطع عضو من أعضائه لا يحل ولو كان بإذن المجني عليه كما يرى ابن قدامة في المغني ((بينما يرى الحنفية أن أعضاء الإنسان كالمال بالنسبة لصاحبها)) وليس للإنسان أن يقتل نفسه قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} أو يتلف أعضاء جسمه قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}لأن الحق في سلامة البدن حق مشترك بين العبد وبين ربه وقد بلغت حرمة جسد الإنسان في نظر فقهاء الإسلام حدا جعلهم يرون دفن ما يسقط منه كشعر أو ظفر
قال القرافي في الفروق ما نصه: "إن حق الله تعالى لا يتمكن العباد من إسقاطه والإبراء منه بل إن ذلك يرجع إلى صاحب الشرع"
ويضيف القرافي: "حرم الله القتل والجرح صونا لمهجة العبد وأعضائه ومنافعها عليه ولو رضي العبد بإسقاط حقه في ذلك لم يعتبر رضاه ولم ينفذ إسقاطه"
الخطأ هنا هو قياس قطع العضو على القتل وهو أمر مختلف لأن العقوبة مختلفة فالقتل عقابه القتل وقطع العضو هو جرح ليس عقابه القتل وإنما قطع عضو مثله لقوله تعالى "والجروح قصاص"
كما أن قطع العضو من قبل اإنسان نفسه يختلف فى النية عن القتل لأن نية المتبرع أو البائع هى افادة الغير أو افادة الغير والنفس بينما القتل هدفه الإضرار بالمقتول
ثم قال :
"والإنسان منذ بداية تكوينه وهو جنين في بطن أمه أدركته حماية الشرع، فالقرآن يؤرخ له ويقول: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا} وألزم الشرع الإسلامي من جنى على امرأة حامل فأسقطت جنينها بغرة عبد كغرامة دنيوية هذا إن سقط ميتا، أما إن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة. حتى أن الأم لو تسببت بإسقاط جنينها بواسطة غيرها لزمتها دية الجنين كذلك، ولم يسلم من أعان على هذا الأمر من تبعة مغبته."
والخطأ هنا هو أن الشرع الإسلامي من جنى على امرأة حامل فأسقطت جنينها بغرة عبد كغرامة دنيوية هذا إن سقط ميتا، أما إن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة ولا يوجد فى عقوبات القتل غرة عبد وإنما هى القتل او العفو مع الدية أو العفو بلا دية كما قال تعالى "يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شىء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم"
ثم قال:
"أضف إلى ذلك أن المرأة الحامل لو كان عليها القصاص أو الحد فإنه لا يجوز التنفيذ حتى تتم حملها وتضعه وترضع وليدها وتربيه إلى الوقت الذي يستغني بنفسه عنها سواء كان الحد بالنفس أو الأطراف ويجوز في الشرع الإسلامي شق بطن الأم الميتة لاستخراج ولدها من رحمها، لأن مصلحة حفظ حياته أعظم من مفسدة انتهاك حرمة بدنها الميت."
قياس قطع العضو من الحى على استخراج الجنين من الأم الميتة قياس خاطىء لكون الإنسان حى وكون الإنسانة ميتة كما ا، العضو حى والجنين يظن أنه حى
ثم قال :
"وقد أجمعت المذاهب الإسلامية على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح إلا لعذر، أما قبل نفخ الروح فإن العلماء قد اختلفت أقوالهم بين الإباحة والكراهة والتحريم ولكن إن ثبت بطريق موثوق أن الجنين يؤدي إلى وفاة أمه فيجب إسقاطه تطبيقا لقاعدة ارتكاب أخف الضررين، وهذا يعتبر تضحية بالجزء (الفرع) في سبيل إنقاذ الكل (الأصل) "
قاعدة أخف الضررين هنا تتماثل فى حادثة اسقاط الجنين ابقاء لحياة الأم وحادثة التبرع بالعضو لأنها تراعى إنقاذ واحد مع بقاء الأخر والتبرع هنا هنا يخالف أنه يبقى اثنين على قيد الحياة بينما اسقاط الجنين يبقى وقد ثبت طبيا امكانية تخلى الإنسان عن كلية أو جزء من كبد مع عدم إضرار المتبرع
ثم قال:
"وأما بعد الموت فقد تولى الشرع الإسلامي حفظ الإنسان وحمى جثته من عبث العابثين، فالرسول (ص) يقول: ((كسر عظم الميت ككسره حيا)) وفي رواية: ((كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم)) ومن أراد المزيد من هذه الأدلة فعليه بالرجوع إلى المذاهب الفقهية وما كتب في أبواب الجنائز، فسيتبين له الأمر بجلاء ووضوح عظيم الحرمة في مساس الأجساد الميتة."
حرمة جثمان الميت صحيحة هنا ثم تحدث عن إباحة التطبيب والجراحة
فقال:
"المبحث الثاني: إباحة التطبيب والجراحة:
بالرغم مما تقدم بيانه من تعظيم الشرع لحرمة جسم الإنسان، فإن ضرورة العلاج أو الحاجة إليه تفسح المجال وتبرر المحظور الشرعي فالتداوي أمر مأمور به شرعا حفظا لهذا الإنسان، فإن رسول الله (ص) يقول: ((تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم)) وتعلم الطب في الإسلام فرض من فروض الكفاية التي يتعين على طائفة من الأمة القيام به وإلا أثمت الأمة جميعا وهذا العمل وإن كان من فروض الكفاية فإنه يحتاج إلى شروط إليك بعضها:
1 - أن يباشر العمل الطبي مختص فيه مع كون الحاجة ملحة لنتجنب من لا يحذق هذا الفن، فلابد من كونه حاذقا بصيرا عارفا فإن كان غير ذلك فما يحصل من أضرار على يديه كان فيها ضامنا لقوله (ص): ((من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن)).
2 - أن يكون القصد العلاج والرعاية للمصالح المشروعة مع المعرفة بأن الطبيب لا يهدف من عمله غرضا خاصا ولا البحث عن الكشف العلمي، بل جل هدفه علاج المريض ومنفعته.
3 - أن يمارس عمله الطبي وفقا لأصول صنعة الطب وإلا كان ضامنا خشية أن يتولد ما هو أعظم.
4 - إن كان المريض قاصرا، يشترط الإذن من وليه"
قطعا مما لاشك فيه أن التداوى مطلوب وأن من يمارس الطب لابد أن يكون طبيبا متدربا سمح له من قبل الأطباء الكبار بممارسته للطب بعد اجتيازه امتحانات الطب
ثم حدثنا عن فائدة علم التشريح فقال:
"المبحث الثالث: أهمية علم التشريح:
إن للتشريح أهمية كبيرة إذ بدونه لا يعرف الطبيب مكان العضو ولا كيفية اتصاله بالبدن، كما أن للتشريح أهمية أخرى وذلك في الكشف عن السبب الحقيقي للموت في قضايا الجنايات، هذه الأهميات تقف أمام نظرة الناس إلى الجثة الآدمية نظرة ملؤها التقديس والحرمة، ولقد قام علماء من المسلمين القدامى بتشريح الجسم الإنساني وإن كانوا لم يقولوا صراحة بجواز التشريح كابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى وابن الهيثم الذي قام بتشريح العين ولقد استشهد الفقهاء في مواقف عديدة على تصحيح آرائهم على نتائج علم التشريح في زمانهم. أما قبله فكأنها إباحة غير صريحة لهذا العلم وإليك أقوال المذاهب في هذا الموضوع:
الحنفية: ((حامل ماتت وولدها حي يضطرب، يشق بطنها من الأيسر ويخرج ولدها... ولو مات الولد في بطنها وهي حية وخيف على الأم قطع وأخرج بخلاف ما لو كان حيا)).
وكذلك لو بلع مال غيره ولا مال له هل يشق ؟ قولان، الأول: نعم وإن كانت حرمة الآدمي أعلى من صيانة حرمة المال، إلا أنه أزال حرمته بتعديه وجاء في الأشباه والنظائر لابن نجيم تحت قاعدة (الأشد يزال بالأخف) أنه يجوز شق بطن الميتة لإخراج الولد إن كانت ترجى حياته بخلاف ما إذا ابتلع لؤلؤة فمات فإنه لا يشق بطنه لأن حرمة الآدمي أعظم من حرمة المال
المالكية: اختلفوا في شق بطن المرأة، وقيده البعض بأن يكون في السابع أو التاسع أو العاشر
الشافعية: إذا ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي يشق جوفها لأنه استبقاء حي بإتلاف جزء من الميت فأشبه ما إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت، واشترطوا لذلك حياة الطفل بأن يكون له ستة شهور فصاعدا
الحنابلة: إذا ماتت امرأة حامل شق جوفها، فإن احتملت حياته وتعذر إخراجه بالطريق المعتاد قال البعض يشق، والمذهب لا، لا تدفن حتى يموت
الظاهرية: إن ماتت امرأة حامل والولد يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فإنه يشق بطنها طولا ويخرج الولد، ويبرر شق البطن في هذه الحالة بأنه ارتكاب لأخف الضررين وأدعى لتحقيق المصلحة.
فمن أقوال الأئمة المتقدمة يتبين لنا جواز شق بطن الميت من أجل إنقاذ الحي فمصلحة إنقاذ الحي مقدمة على مفسدة هتك حرمة الميت، ولكن مما تقدم رأينا أن بين الحي والميت تعلقا وارتباطا لا يسهل انفكاكه، فهل بالإمكان أن نعدي هذا الجواز إلى ما هو أبعد من ذلك ؟ هذا ما سنصل إليه إن شاء الله ولكن بشروط منها: موافقة ذوي الشأن، ووجود ضرورة تتطلب التشريح وعدم التمثيل في الجثة"
كل ما قاله البطوش هنا لا يتعدى اخراج الجنين الحى من بطن أمه الميتة وأما تشريح الجثث فيكون فى أضيق الحدود وهى القضايا التى يتم فيها الشك فى وجود جريمة قتل عن طريق السم أو الإشعاع أو حقنة خاطئة أو تناول كمية زائدة من الخمر التى تسمى مخدرات وما شابه
ثم حدثنا عن حكم التشريح فقال:
"المبحث الرابع: مدى شرعية التشريح:
لما كانت شريعة الإسلام تنزيلا من حكيم حميد عليم بما كان وما سيكون، أنزلها على خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، فقد جعلها سبحانه قواعد كلية، ومقاصد سامية شاملة، فكانت تشريعا عاما خالدا صالحا لجميع طبقات الخلق في كل زمان ومكان.
إن كثيرا من الجزئيات والوقائع التي حدثت لا نجدها منصوصا عليها نفسها في الكتاب أو السنة، وربما لم تكن وقعت من قبل فلا يعرف لسلفنا الصالح فيها حكم، لكن من البحث العلمي يتضح أنها مندرجة في قاعدة شرعية عامة، ومن ثم يعرف حكمها."
قول البطوش عن عدم وجود نصوص فى بعض المسائل فى الفقرة وهو "إن كثيرا من الجزئيات والوقائع التي حدثت لا نجدها منصوصا عليها نفسها في الكتاب" يناقض وجود نصوص فى كل القضايا فى الكتاب فى قوله فى المقدمة "وما كان لشيء أن يجد أو يستجد إلا وله حكم في كتاب الله تعالى لقوله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}"
ثم كلمنا عن عدم وجود نص فى مسألة التشريح فقال :
"ومسألة التشريح لجثث موتى بني آدم لا تعدو أن تكون جزئية من هذه الجزئيات التي لم ينص عليها في نص خاص، فشأنها شأن الوقائع التي جدت، لابد أن تكون مشمولة بقاعدة كلية من قواعد الشريعة وشمولها وصلاحيتها لجميع الخلق، قال تعالى: {وما كان ربك نسيا} وقال تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما} وقال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}
إن من قواعد الشريعة الكلية ومقاصدها العامة أنه إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديا لأشدهما، ومسألة التشريح داخلة في هذه القاعدة على كل حال، فإن مصلحة حرمة الميت – مسلما كان أو ذميا – تعارضت مع مصلحة أولياء الميت والأمة فالمتهم عند الاشتباه مثلا يطلب تشريح جثة المجني عليه لإثبات الجناية أو نفيها وفي هذا حفظ للحق وإعانة لولي الأمر على ضبط الأمن والتحقق من المجرمين لردع من تسول له نفسه ارتكاب جريمة يظن أنها تخفى على الناس. كما أن الشخص قد يموت موتا طبيعيا وفي التشريح تبرئة للمتهم، أضف أنه يمكن الكشف على الأمراض السارية بواسطة التشريح، وبذلك تحفظ الأمة من الأوبئة والأمراض السارية الخطيرة. من هذا تبرز أهمية علم التشريح، وما دام أنه جزء من علم الطب فالعلم به إذن من فروض الكفاية التي لابد لجماعة من المسلمين معرفته والتدرب عليه. ولذلك فإن التدرب على الجثث الحقيقية يعرف الطبيب بمكان العضو المصاب وأوصافه، خلافا لمن رأى التدرب على الجثث غير الآدمية لاختلاف الأوصاف وعدم التمكن من الوصول إلى الحق في هذا الموضوع."
وفى الفقرة السابقة أباح الرجل التشريح من أجل معرفة حق القتيل وحق المتهم بقتله ومن أجل حماية الأمة من الأوبئة ولكنه لم يذكر تصوصا وإنما اعتمد قاعدة فقهية ألفها الفقهاء وهى:
إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديا لأشدهما وهى قاعدة تخالف كتاب الله فقد فرض الله القتال وفيه مفاسد من نواحى متعددة كالقتل والجرح والتخريب فقال " كتب عليكم القتال وهو كره لكم"ومع تلك المفاسد الكثيرة فيه خير وهو حفظ دولى المسلمين وعدم اعتداء أحد عليهم نتيجة رد العدوان
وطبقا للقاعدة فالأولى عدم الحرب لأن مفاسدها ظاهرة وكثيرة وهو ما يعارض فريضة الله
وكذلك الحكم بحلق الرأس فى الحج بسبب الأذى فالحلق منع لمضرة جسدية ولكنه مقابله مضرة مالية هى الصدقة او النسك او جسدية وهى الصوم ومع هذا أباح منع الأذى مع أن المضرتين لا يعرف الإنسان من منهما الأكبر
ثم قال :
"المبحث الخامس: قواعد الطب الإسلامي:
قواعد الطب الإسلامي تؤخذ من القواعد الكلية في الفقه الإسلامي.
أولا - قواعد التصرف في الحق لسلامة الحياة والجسد:
أ - حق الله تعالى وحق العبد في نفس هذا الأخير يوكلان لمن ينسبان إليه ثبوتا وإسقاطا.
ب - لا يجوز لإنسان أن يتصرف في حق الغير إلا بإذنه.
ج - قتل الإنسان أو فصل عضو من أعضائه لا يحتمل الإباحة بغير حق.
د - لا يملك الإنسان إسقاط حقه، فيما اجتمع فيه حق الله تعالى، لعدم جواز تصرفه في حق الله تعالى.
هـ - يقدم ما كان فيه حق الله وحق العبد على ما كان فيه حق العبد وحده
و- حق الله مبني على التسهيل بخلاف حق الآدمي فإنه مبني على التشديد إلا عند الضرورة
ثانيا: قواعد المفاضلة بين المصالح والمفاسد:
1 - جواز ارتكاب أخف الضررين دفعا لأعظمهما، فالواجب تحصيل أعلى المصلحتين، فإن تعذر رخص في التقديم والتأخير بينهما، ومثاله من صال على نفسين مسلمتين فلم نتمكن من دفعه عنهما فإننا ندفع عن أي واحدة منهما
أ – إذا اجتمعت المفاسد في عمل واحد فإنه لا تفاضل بينها لأن الواجب درء الجميع، فإن تعذر ذلك درأنا الأفسد فالأفسد
ب – إذا اجتمعت المصالح والمفاسد، فالمطلوب تحصيل المصالح ودرء المفاسد جميعا إن أمكن، فإن تعذر ذلك وكانت المفسدة أعظم من المصلحة أو مساوية لها درأنا المفسدة وفوتنا المصلحة لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح أما إن كانت المفسدة أعظم من المصلحة التي تقابلها فتقدم المصلحة من ذلك مثلا أن مصلحة إنقاذ الحي أولى بالرعاية من مفسدة انتهاك حرمة الموتى بشرط أن تكون المصلحة راجحة على المفسدة وأعظم منها.
ج – يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام
2- الضرورات تبيح المحظورات:
أ – تقدر الضرورة بقدرها
ب – يجب أن تكون المصلحة التي تقتضيها الضرورة أعظم من مفسدة المحظور.
ج – الضرر لا يزال بمثله، فلا يجوز مثلا لشخص قتل غيره ليدفع الضرر عن نفسه وذلك بأخذ علاجه أو غذائه الذي هو بحاجة إليه بمثل حاجته هو.
د – الحاجة تنزل منزلة الضرورة سواء كانت الحاجة عامة أو خاصة.
هـ - الاضطرار لا يبطل حق الغير
ثالثا: قواعد مزاولة العمل الطبي والجراحي:
1 - حق التطبيب والجراحة لأن الشرع أجاز التداوي، فهذا يتضمن جواز ممارسة الطب.
2 - جواز ممارسة الطبيب للجراحة لا تعطيه حق تشريح أجساد الآخرين إلا بالرضا من المريض باستثناء حالات الاستعجال والضرورة.
3 - مراعاة أصول العلاج في حفظ الصحة الموجودة للمريض ورد المفقودة بقدر الإمكان وإزالة العلة أو تقليلها بقدر الإمكان.
4 - استعمال طرق العلاج الأسهل فالأسهل.
5 - لا مسئولية على الطبيب فيما يجوز له فعله.
6 - لا يتقيد عمل الطبيب بشرط السلامة، لأن المطلوب منه القيام بالمعتاد ما دام رضي المريض أو وليه بذلك."
البطوش هنا تكلم بكلام عام والمفترض هو لإظهار النصوص ولكنه بنى معظم كلامه على قواعد الفقهاء التى كثيرا ما تتعارض مع نصوص الوحى كقاعدة أخف الضررين ودرأ المفسدة مقدم على جلب المصلحة فمثلا أخف الضررين تتناقضات مع حادثة حرق العجل الذهبى ونسفه فكان أخف الضررين إذابة العجل واستخدام الذهب فى صناعة حلى ومع هذا فعل موسى(ص) الضرر الأكبر وهو الحرق والنسف ومثلا جادثة تكسير الأصنام كان أخف الأضرار ألا يكسرها إبراهيم(ص)كلها وإنما يكسر واحد ولكنه كسرها كلها عدا واحد وعرض نفسه للضرر وهو حرقه
وقاعدة درأ المفسدة مقدمة على جلب المصلحة تتعارض مع حادثة تقديم يوسف(ص) المصلحة العامة لأهله باعادتهم للحق عن طريق ارتكاب مفسدة أخذ أخيه بتهمة السرقة وهى بمشئية لقوله تعالى" أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله "
كما نجدها فى حادثة الفتح حيث قدم الله مصلحة المؤمنين الذين كانوا يخفون إيمانهم فى مكة حيث أبقاهم على قيد الحياة بكف أيدى الفريقين عن القتالبدلا من المفسدة وهى قتلهم على يد إخوانهم المسلمين الذين لا يعلمون بايمانهم فقال"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا"هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله فى رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما"
ومن ثم حدثنا عما قال أنه بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة
فقال:
"المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة
الإسلام بطبيعته يشجع البحث العلمي ويدعو إليه فالله تعالى يقول: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}. إلا أن للبحث العلمي في بعض الأحيان هفواته التي لا تغتفر، وشطحاته التي لا تصيب الهدف، وعلى ذلك لابد من تمحيص النتائج على ضوء القواعد التي وضعها صاحب الشرع سبحانه وتعالى، العليم بأحوال عباده فإنه كما قال: {وفوق كل ذي علم عليم}
قطع الأعضاء البشرية لغرض الزرع:
لما كان مما يجوز للطبيب أن يعمل مبضعه في جسم المريض من أجل علاجه وإبعاد الأذى عنه، فهل له مثل ذلك ولكن في جسم سليم ليخلص جسما آخر هو بحاجة إلى العلاج ؟ أي هل يجوز أن يكون علاج المريض جزءا أو قطعة أو عضوا من جسم سليم ؟ فيكون الأول معطيا والآخر آخذا أو متلقيا.
بالنسبة لزرع عضو في جسم المريض من أجل إنقاذه لا إشكال عليه في الشريعة الإسلامية، فإنه علاج مباح ما دام حصل إذن الشرع بالعلاج وإذن المريض بالتداوي وتقبله ولكن الصعوبة كل الصعوبة في قطع العضو من الحي أو الميت.
فلنتكلم أولا على استقطاع عضو حي لإنقاذ حي بحاجة إلى ذلك العضو:
أول ما نلجأ إليه في مثل هذا الأمر هو البحث في الشريعة الإسلامية قبل غيرها، فإن أجازت هذا العمل ترتب عليه الجواز من الناحية الطبية وإلا فلا، والحقيقة أنه لا نص على هذه القضية بصراحة في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة، بل هي قضية تندرج تحت غيرها من القواعد الكلية كما أسلفت فيما سبق، والقواعد الفقهية تراعي ثلاثة أمور في الغالب هي:
دينية: تتصل بمدى حرمة الانتفاع بأجزاء الآدمي حيا أو ميتا.
فقهية أو قانونية: تتعلق بالوسيلة الفنية التي يمكن بواسطتها بلورة هذا الانتفاع.
تزاحم المصالح: أي المفاضلة بين المصالح المتزاحمة.
نجد أن الفقهاء أجازوا الانتفاع بلبن الظئر، وذلك بتأجيرها أو استئجارها، فقد اختلفوا في الناحيتين الأولى والثانية، ولكن هذا الاختلاف دل على سعة الأفق والتوقعات المستقبلية لما يجد ويستحدث، مما يحفز المختص في أن يبحث مدى شرعية استقطاع الأعضاء من جسم حي أو ميت لغرض الزرع، وعليه فلابد من الموازنة والترجيح بين أدلة الإباحة وأدلة الحظر:
هل جسم الإنسان من الأموال وهل هو ملك لصاحبه ؟
والصحيح أن جسم الإنسان ليس مالا له ولا يجوز بيعه.
فلا الشرع ولا الطبع ولا العقل يجيز بيع الأجزاء الآدمية، لأن الله كرمه وميزه عن غيره، والأصل في المبيعات أن تكون أشياء خارجة عن الإنسان، وأعضاؤه ليست خارجة عنه وإذا أراد الناس أن يقولوا: ولكن الإنسان تضمن قيمته إذا قتل، قلنا: إن هذا استدلال فاسد لأن الأصل في الضمان في الفقه الإسلامي يتمثل في القضاء الكامل للمضمون صورة ومعنى وإن جاز في بعض الحالات فإنه على سبيل الاستثناء وهو قول الجماهير من أهل العلم.
وعند الحنفيه: أن أطراف الإنسان تعتبر من قبيل الأموال بالنسبة لصاحبها، ومعنى الأطراف هنا ينسحب على أي عضو أو جزء من الأجزاء الإنسانية معزولا عن باقي الأعضاء التي لا يجوز التصرف بمجموعها.
ولكن الإنسان يستطيع أن يضحي بجزء من أجزاء بدنه لإنقاذ حياته فهي كالمال خلق وقاية للنفس ونجد أن الحنفية أنفسهم أجازوا العقد على منافع الأشياء – بالإجارة – بالرغم من أن المنافع ليست من الأموال عندهم، وهو استحسان تبرره الضرورة
هل أجزاء الإنسان المنفصلة عنه طاهرة ؟
إن من شروط صحة العقد أن يكون محل العقد طاهرا منتفعا به طبعا وشرعا فلا يصح العقد على نجس أو محرم لم يتفق الفقهاء على طهارة الجزء المنفصل، فعند الحنفية أن ما انفصل عن جسم حي وكان فيه دم فهو نجس لا يجوز الانتفاع به ونص أيضا على أنه لا يجوز التداوي بعظم الآدمي أو أي جزء منه لعدم الطهارة أو الكرامة الإنسانية
أما المذاهب الأخرى فالراجح فيها أن أجزاء الآدمي المنفصلة طاهرة كجملته كما ذهب نفر إلى جواز بيع أجزاء الإنسان إذا كان يستفاد منها
أما بالنسبة لجثة الإنسان فالراجح في المذاهب الفقهية أنها طاهرة خلافا لبقية الميتات لقوله (ص): ((لا تنجسوا أمواتكم فإن المؤمن لا ينجس حيا أو ميتا)) ولكن منع النووي من الانتفاع بأي جزء من أجزائه بعد الموت لحرمته وكرامته ويتعين دفنه.
ويحسن بنا أن نفهم أن حرمة استعمال الدواء النجس إنما تكون عند عدم وجود الطاهر، فإن لم يوجد الطاهر جاز استعمال النجس للضرورة وليس في هذا مخالفة لقول النبي (ص): ((إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها)) أو ((لا شفاء في نجس)) ويجوز للإنسان أن ينتفع بجزء من أجزائه للتداوي بشرط أن تكون المصلحة في ذلك أعظم من ترك الجزء، وتطبيقا لذلك يجوز لصق ما انفصل من الجسد في موضعه كما ويجوز ترقيع الجلد المحروق من مكان آخر سليم.
ومعلوم في الفقه الإسلامي أنه لا يجوز بيع الأجزاء الآدمية لأنها ليست ملكا للشخص بل هي بمجموعها مسخرة للإنسان ليقوم بطاعة ربه وقضاء حوائجه، ولكن إذا كان بالهبة وبدون مقابل فما الذي يمنع ذلك بشرط أن تكون القضية بوسيلة جائزة ومشروعة.
وقد أجاز الفقهاء إجارة الظئر كما قدمنا فهو بيع لأجزاء آدمية بشرط الرضاء الصحيح المحل المبين، والسبب المشروع فلبنها مال متقوم يجوز بيعه عند الشافعية والحنابلة في رواية، وعند المالكية والله تعالى يقول: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن}"
قطعا فى الفقرات السابقة عدم أمور :
الأول عدم اعتبار الإنسان مال بينما هناك باب شهير اسمه ملك اليمين فيه يباع الإنسان ويشترى وهو باب فى الإسلام عالجه الإسلام للقضاء عليه ولكنه إثبات لوجود الإنسان كسلعة أحيانا
الثانى أن قطع الأعضاء فيه حكم واجب بالقطع وهو بتر الأعضاء بسبب قاهر وهو منع فساد باقى الجسد كما فى حالة الغرغرينا تطبيقا لثوله تعالى " وما جعل عليكم فى الدين من حرج " أى ضرر أى أذى وأيضا قطع الأعضاء بسبب أحكام القضاء فى السرقة وحد الحرابة
الثالث أثبت الرجل جواز بيع أشياء من الجسد مقابل أجر وهو لبن المرضعة غير الأمة بقوله تعالى " فسترضع له أخرى" وايضا إرضاع الأم المطلقة باجر فى قوله" فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن"
الرابع الاستقطاع المتحدث عنه يكون إما بالتبرع وإما بالشراء فأما بيع العضة بمقابل فغير جائز وأما التبرع شرط عدم وجود ضرر على المتبرع فجائز إن لم يوجد حل طبى أخر من باب قوله تعالى "ويؤثرون على أنفسهم "
ثم تناول حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي في حالات الاضطرار فقال:
"المبحث السابع: حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي في حالات الاضطرار
لقد أباح الشرع الإسلامي أكل المحرمات، وورد ذلك في القرآن الكريم كقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} ومن هذه الآية المباركة خرج الفقهاء بقاعدة كلية تقول: ((الضرورات تبيح المحظورات وأن الضرورة تقدر بقدرها)). والذي يتضح لي في هذا الموضوع أن الله تعالى الذي أباح أكل الميتة لتبقى الحياة لا يمنع من إباحة الاستدواء بها، فإن ضرورة الدواء كضرورة الغذاء تبيح المحظورات، ويزيد هذا القول قوة أن إباحة الأكل جازت خوفا من الهلاك ومثله العلاج نستعمله خوفا من الهلاك."
البطوش هنا يبيح التداوى بأعضاء الموتى مستشهدا بأية فى محرمات الطعام وهو كلام لا ينفع وهو لا ينفع أيضا كقياس لاختلاف الموضوعين والنتائج والأسباب فى الكثير من الأمور فمثلا المتداوى لن يموت على الفور إن لم يأخذ العضو بينما الجائع سيموت إن كان مضى على جوعه مدة طويلة
ثم قال:
"والفقهاء القدامى منعوا من الانتفاع بلحم الإنسان على بني جنسه في أبواب الضرورة لا أبواب الأطعمة والضرورة في رأي الفقهاء تبيح التداوي بالمحرم إذا لم يوجد غيره من المباحات يقوم مقامه، وعليه فهل الضرورة تبيح استقطاع أجزاء من جسم الإنسان أو جثة كوسيلة لعلاج إنسان آخر ؟
يذهب الحنفية: إلى عدم جواز التداوي بعظم الآدمي أو أي جزء من أجزائه بينما خالف في ذلك السرخسي وأجاز المداواة في العظم
ويذهب المالكية: إلى أن الضرورة لا تبرر الانتفاع بأجزاء آدمي غيره ولو كان ميتا، وهذا يشمل عندهم غير معصوم الدم كالمرتد، لكرامة الإنسان التي تتعلق بإنسانيته بصرف النظر عن صفته، وهناك سبب آخر وهو الخوف من هلاك الحي بسبب ذلك كما أن بعضهم يرى أن السبب تعبدي لا تدرك حكمته.
وأما الظاهرية: لا يجيزون الانتفاع بأجزاء الآدمي إلا اللبن وحده لوجود نص بإباحته.
وأما الحنابلة: فهم لا يجيزون حتى للمضطر الانتفاع بأجزاء الآدمي ولو ميتا متى كان معصوم الدم قبل موته ومن تقدم يحرم هذا العمل حتى للضرورة ومن جانب آخر، يجيز الشافعية للمضطر أن ينتفع بأجزاء الآدمي سواء كان معصوم الدم أو مهدور الدم وفقا للتفصيل التالي:
يجوز للمضطر أن يستعمل جسم إنسان مهدور الدم كالحربي والزاني المحصن أو جثته في الغذاء ولا يجوز عندهم أن يقطع جزءا للغذاء، ولا أن يقدم جزءا للمضطر لأن الضرر لا يزال بمثله. ويجوز للمضطر، عند الشافعية أن يقطع جزءا من جسمه ليأكله إن لم يجد غيره، لأنه إحياء للنفس بإتلاف عضو فجاز، وهذا من باب استيفاء الكل بزوال الجزء وعللوا الجواز قياسا على قطع العضو الذي أصابته الأكلة (الغرغرينا) لإحياء النفس
ومؤدى هذا أنه يجوز عندهم استقطاع جزء من جسمه لمصلحته العلاجية، وهو جواز مشروط بما يلي:
1 - ألا يجد المضطر غيره، ولو مغلظ الحرمة كلحم الخنزير.
2 - أن يكون المضطر معصوما، فلو كان مهدور الدم لم يجيزوا له الانتفاع بلحم الآدمي الميت.
3 - ألا يكون المضطر ذميا أو معاهدا أو مستأمنا إذا كانت أجزاء الميتة لمسلم.
4 - أن يكون الضرر المترتب على عدم الانتفاع أعظم من الضرر المترتب على عدم مراعاة المحظور (أي المصلحة أعظم من المفسدة).
وكل هذا في أجزاء الميت خلافا لأجزاء الحي.
ونتيجة لما تقدم من الحظر والإباحة بشروط كل منهما، فهل إذا توافرت شروط الضرورة ورضاء الإنسان بأن يعطي عضوا من جسده، إذا كان الهدف من ذلك لا يتعارض مع الكرامة الإنسانية، والمصلحة أعظم من المفسدة، فهل تنقلب الضرورة إلى إباحة أم لا ؟
أمام هذا الجواب عقبتان:
الأولى: دينية تتجسد في حرمة الآدمي وكرامته من ناحية وفي الضرر الذي يعود عليه من ناحية أخرى.
والثانية: تتجسد في الطابع الفقهي لأنها تتصل بالوسيلة (العقود) التي يمكن بها نقل الانتفاع بأجزاء الآدمي إلى آخر غيره.
فالعقبة الثانية لا تستوقفنا كثيرا لأن قضايا العقود تختلف من وقت لآخر، بينما في العقبة الدينية لابد لنا من وقفة، فإنه لما كان جسم الإنسان يتعلق فيه حقان: الأول: حق الله تعالى، والثاني: حق الآدمي، ولابد من معرفة إذن الشرع وإذن الآدمي كي نرتب عليهما جوابا نهائيا لهذه المسألة.
فالله تعالى يقول: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} ففي هذه الآية الكريمة الدليل الواضح لحفظ المصالح الاجتماعية.
ويقول تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} فالتضحية من أجل الغير لها حدود تتقيد بها بشرط أن لا تؤدي إلى الهلاك أو الضرر. والسنة النبوية قد عبرت عن الوحدة الإنسانية ومدى ارتباط المؤمن بأخيه، فقال (ص): ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)). فمن هذا الحديث الشريف يمكن أن نقول بصراحة: إن أجزاء المسلمين إذا نقلت إلى بعضها البعض دون ضرر للمعطي فإنها مباحة وليست من تغيير خلق الله؛ لأن المسلمين جسد واحد. والأحكام الشرعية إنما جعلت لمصالح العباد، فقد ترى الشيء لا مصلحة فيه فيمنع منه الشرع، فإذا وجدت المصلحة فيه جاز
وإن صدور عدة فتاوى بإباحة نقل القرنية من إنسان لآخر منها فتوى دار الإفتاء المصرية الواردة في السجل رقم 88 مسلسل 512 ص93، وفتوى رقم 73/1966 المسجلة رقم 500/100 متنوع[84].
شروط إباحة الاستقطاع من الجثة:
1 - أن تكون حالة الضرورة واضحة بينة.
2 - التحقق من موت الشخص المستقطع منه.
3 - أن يكون قد أذن بذلك بدون مقابل في أثناء حياته أو رضي وليه بعد مماته.
4 - أن تكون من مسلم إلى مسلم بناء على الحديث المتقدم.
5 - أن يكون المعطي إنسانا بالغا عاقلا راشدا، وله حق الرجوع متى شاء.
6 - أن لا يتجاوز حالة الضرورة للقواعد الشرعية.
المبحث الثامن: فتاوى العلماء في هذه المسألة
انعقدت الدورة التاسعة لمجلس هيئة كبار العلماء في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في شهر شعبان عام 1396هـ، وكانت قد تقدمت سفارة ماليزيا بجدة بمذكرة تستفسر فيها عن حكم إجراء عملية جراحية على ميت مسلم لأغراض مصالح الخدمات الطبية، كما جرى استعراض البحث المقدم في ذلك من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وتبين أن الموضوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: التشريح لغرض التحقق عن دعوى جنائية.
الثاني: التشريح لغرض التحقق عن أمراض وبائية لتتخذ على ضوئه الاحتياطات الكفيلة للوقاية منها.
الثالث: التشريح للغرض العلمي تعلما وتعليما.
وبعد تداول الرأي والمناقشة ودراسة البحث المقدم من اللجنة المشار إليه أعلاه قرر المجلس ما يلي:
بالنسبة للقسمين – الأول والثاني – فإن المجلس يرى أن في إجازتهما تحقيقا لمصالح كثيرة في مجالات الأمن والعدل ووقاية المجتمع من الأمراض الوبائية، ومفسدة انتهاك حرمة الجثة المشرحة مغمورة في جنب المصالح الكثيرة والعامة المتحققة بذلك، وأن المجلس لهذا يقرر بالإجماع إجازة التشريح لهذين الغرضين سواء كانت الجثة المشرحة جثة معصوم أم لا.
وأما بالنسبة للقسم الثالث وهو التشريح للغرض التعليمي فنظرا إلى أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، وبارتكاب أدنى الضررين لتفويت أشدهما، وأنه إذا تعارضت المصالح أخذ بأرجحها، وحيث إن تشريح غير الإنسان من الحيوانات لا يغني عن تشريح الإنسان، وحيث إن في التشريح مصالح كثيرة ظهرت في التقدم العلمي في مجالات الطب المختلفة، فإن المجلس يرى جواز تشريح جثة الآدمي في الجملة، إلا أنه نظر إلى عناية الشريعة الإسلامية بكرامة المسلم ميتا كعنايتها بكرامته حيا وذلك لما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص) قال: ((كسر عظم الميت ككسره حيا)) ونظرا إلى أن التشريح فيه امتهان لكرامته وحيث إن الضرورة إلى ذلك منتفية بتيسير الحصول على جثث أموات غير معصومة. فإن المجلس يرى الاكتفاء بتشريح مثل هذه الجثث وعدم التعرض لجثث أموات معصومين والحال ما ذكر.
والله الموفق،"
الرجل أباح هنا نقل الأعضاء بين الأحياء ما لم يكن هناك ضرر ومن الأموات للأحياء وأباح التشريح بكل أنواعه ومن ضمنه الصنف الثالث للضرورة
قبل كل هذا لابد من القول :
أنه لا يجوز النقل إلا بعد استنفاد كل وسائل التداوى المعروفة
لا يجوز بيع الأعضاء لأن البائعين يبيعونها بسبب فقرهم
يجوز التبرع بالأعضاء بالرضا فى الحياة أو بعد الموت
أن النقل من الأموات يكون أولا لعدم وجود ضرر على الأموات من نقل الأعضاء وأما النقل من الأحياء فيكون أخر ما يتم اللجوء إليه إذا تعذر وجود العضو بين الموتى
النقل بين الأحياء يجب ان يستفتى كثرة من الأطباء عشرة مثلا فإن اجتمعوا على رأى فبها حسنت وإن لم يجتمعوا فيأخذ بقول الأغلبية
الكتاب تأليف أمين محمد سلام البطوش وهو يدور حول التبرع بالأعضاء وبيعها ومن ثم زرعها فى أجسام الآخرين وفى هذا قال الباحث فى المقدمة:
"إن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الإنسان وكرمه على خلقه ورباه على عينه، فهو الذي يقول في محكم تنزيله مبرهنا على هذه الحقيقة التي لا مراء فيها: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} ويقول سبحانه وتعالى: {والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير} فلما تقدم الإنسان في العلوم ومن بينها علم الطب والجراحة اختلف الناس في استقطاع الأعضاء وزرعها بين مبيح ومانع، وما كان لشيء أن يجد أو يستجد إلا وله حكم في كتاب الله تعالى لقوله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} نتيجة لذلك فإن هذا البحث يقدم محاولة لبيان ما في هذا الأمر من حكم شرعي."
فى المبحث الأول بين البطوش أدلة حرمة جسم الإنسان فقال:
"المبحث الأول: أدلة حرمة جسم الإنسان:
إن الله تعالى لما خلق الإنسان خلقه بيديه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وطرد إبليس من أجله لعصيانه أن يسجد لآدم، وأسكن آدم الجنة، وعلمه الأسماء كلها، وجعله خليفته في الأرض، فإن كان الإنسان لربه مطيعا مخبتا كان أفضل من الملائكة، وإن عصاه كان أدنى من البهائم، كل هذا دليل على التكريم، فهل تراه يسلمه ويذله ويخزيه ما دام يسير طبقا لخط السير الذي رسمه له ربه، كلا وحاشا أن يكون ذلك.
فها هو سبحانه يقول في حقه: {ولقد كرمنا بني آدم} ويخلقه في أحسن صورة: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} وتتجلى فيه عظمته سبحانه فيقول: {فتبارك الله أحسن الخالقين}."
الخطاء فى الفقرة هى :
الأول أن الإنسان إن كان لربه مطيعا مخبتا كان أفضل من الملائكة، وإن عصاه كان أدنى من البهائم وهو ما يخالف أنه لا يوجد نص فى تلك الأفضلية لأن الملائكة من الجن هم كالبشر فى المكانة واما البهائم فقد اعتبر الله الكفار كالأنعام أو اضل سبيلا فقال "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا"
الثانى أن عظمة الله تتجلى فى الإنسان بينما عظمته تتجلى فى كل شىء وقد اعتبر الله أن عظمته تتجلى فى خلق السموات والأرض أكثر من خلق الناس فقال "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس"
ثم قال:
"من أجل ذلك فقد تولاه ربه، وأوصى باحترامه في شرائعه، وحرم قتله بغير حق قال تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} وهذه قاعدة تحرم مساسه بغير حق ورسول الله (ص) قد بين في سنته أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، كما توعد الله قاتله بالعذاب يوم القيامة قال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} هذا في الآخرة بالإضافة إلى عقوبة القصاص في الدنيا والحرمان من الميراث إن كان القاتل من ورثة المقتول."
الخطأ هنا أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء والروايات متناقضة فى أول ما يقضى أى ما يحاسب عليه الإنسان وكل الروايات تخالف أن القضاء يكون مرة واحدة فالحكم يعرف من تسلم الكتاب باليمين أو بالشمال وليس هناك أحكام جزئية تحاسب على كل عمل بمفرده كما قال تعالى "فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية" وقال "وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عنى ماليه هلك عنى سلطانيه خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه"
ثم قال :
"فإذا كان قتل المسلم بغير حق لا يحتمل الإباحة، فكذلك فإن قطع عضو من أعضائه لا يحل ولو كان بإذن المجني عليه كما يرى ابن قدامة في المغني ((بينما يرى الحنفية أن أعضاء الإنسان كالمال بالنسبة لصاحبها)) وليس للإنسان أن يقتل نفسه قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} أو يتلف أعضاء جسمه قال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}لأن الحق في سلامة البدن حق مشترك بين العبد وبين ربه وقد بلغت حرمة جسد الإنسان في نظر فقهاء الإسلام حدا جعلهم يرون دفن ما يسقط منه كشعر أو ظفر
قال القرافي في الفروق ما نصه: "إن حق الله تعالى لا يتمكن العباد من إسقاطه والإبراء منه بل إن ذلك يرجع إلى صاحب الشرع"
ويضيف القرافي: "حرم الله القتل والجرح صونا لمهجة العبد وأعضائه ومنافعها عليه ولو رضي العبد بإسقاط حقه في ذلك لم يعتبر رضاه ولم ينفذ إسقاطه"
الخطأ هنا هو قياس قطع العضو على القتل وهو أمر مختلف لأن العقوبة مختلفة فالقتل عقابه القتل وقطع العضو هو جرح ليس عقابه القتل وإنما قطع عضو مثله لقوله تعالى "والجروح قصاص"
كما أن قطع العضو من قبل اإنسان نفسه يختلف فى النية عن القتل لأن نية المتبرع أو البائع هى افادة الغير أو افادة الغير والنفس بينما القتل هدفه الإضرار بالمقتول
ثم قال :
"والإنسان منذ بداية تكوينه وهو جنين في بطن أمه أدركته حماية الشرع، فالقرآن يؤرخ له ويقول: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا} وألزم الشرع الإسلامي من جنى على امرأة حامل فأسقطت جنينها بغرة عبد كغرامة دنيوية هذا إن سقط ميتا، أما إن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة. حتى أن الأم لو تسببت بإسقاط جنينها بواسطة غيرها لزمتها دية الجنين كذلك، ولم يسلم من أعان على هذا الأمر من تبعة مغبته."
والخطأ هنا هو أن الشرع الإسلامي من جنى على امرأة حامل فأسقطت جنينها بغرة عبد كغرامة دنيوية هذا إن سقط ميتا، أما إن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة ولا يوجد فى عقوبات القتل غرة عبد وإنما هى القتل او العفو مع الدية أو العفو بلا دية كما قال تعالى "يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شىء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم"
ثم قال:
"أضف إلى ذلك أن المرأة الحامل لو كان عليها القصاص أو الحد فإنه لا يجوز التنفيذ حتى تتم حملها وتضعه وترضع وليدها وتربيه إلى الوقت الذي يستغني بنفسه عنها سواء كان الحد بالنفس أو الأطراف ويجوز في الشرع الإسلامي شق بطن الأم الميتة لاستخراج ولدها من رحمها، لأن مصلحة حفظ حياته أعظم من مفسدة انتهاك حرمة بدنها الميت."
قياس قطع العضو من الحى على استخراج الجنين من الأم الميتة قياس خاطىء لكون الإنسان حى وكون الإنسانة ميتة كما ا، العضو حى والجنين يظن أنه حى
ثم قال :
"وقد أجمعت المذاهب الإسلامية على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح إلا لعذر، أما قبل نفخ الروح فإن العلماء قد اختلفت أقوالهم بين الإباحة والكراهة والتحريم ولكن إن ثبت بطريق موثوق أن الجنين يؤدي إلى وفاة أمه فيجب إسقاطه تطبيقا لقاعدة ارتكاب أخف الضررين، وهذا يعتبر تضحية بالجزء (الفرع) في سبيل إنقاذ الكل (الأصل) "
قاعدة أخف الضررين هنا تتماثل فى حادثة اسقاط الجنين ابقاء لحياة الأم وحادثة التبرع بالعضو لأنها تراعى إنقاذ واحد مع بقاء الأخر والتبرع هنا هنا يخالف أنه يبقى اثنين على قيد الحياة بينما اسقاط الجنين يبقى وقد ثبت طبيا امكانية تخلى الإنسان عن كلية أو جزء من كبد مع عدم إضرار المتبرع
ثم قال:
"وأما بعد الموت فقد تولى الشرع الإسلامي حفظ الإنسان وحمى جثته من عبث العابثين، فالرسول (ص) يقول: ((كسر عظم الميت ككسره حيا)) وفي رواية: ((كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم)) ومن أراد المزيد من هذه الأدلة فعليه بالرجوع إلى المذاهب الفقهية وما كتب في أبواب الجنائز، فسيتبين له الأمر بجلاء ووضوح عظيم الحرمة في مساس الأجساد الميتة."
حرمة جثمان الميت صحيحة هنا ثم تحدث عن إباحة التطبيب والجراحة
فقال:
"المبحث الثاني: إباحة التطبيب والجراحة:
بالرغم مما تقدم بيانه من تعظيم الشرع لحرمة جسم الإنسان، فإن ضرورة العلاج أو الحاجة إليه تفسح المجال وتبرر المحظور الشرعي فالتداوي أمر مأمور به شرعا حفظا لهذا الإنسان، فإن رسول الله (ص) يقول: ((تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم)) وتعلم الطب في الإسلام فرض من فروض الكفاية التي يتعين على طائفة من الأمة القيام به وإلا أثمت الأمة جميعا وهذا العمل وإن كان من فروض الكفاية فإنه يحتاج إلى شروط إليك بعضها:
1 - أن يباشر العمل الطبي مختص فيه مع كون الحاجة ملحة لنتجنب من لا يحذق هذا الفن، فلابد من كونه حاذقا بصيرا عارفا فإن كان غير ذلك فما يحصل من أضرار على يديه كان فيها ضامنا لقوله (ص): ((من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن)).
2 - أن يكون القصد العلاج والرعاية للمصالح المشروعة مع المعرفة بأن الطبيب لا يهدف من عمله غرضا خاصا ولا البحث عن الكشف العلمي، بل جل هدفه علاج المريض ومنفعته.
3 - أن يمارس عمله الطبي وفقا لأصول صنعة الطب وإلا كان ضامنا خشية أن يتولد ما هو أعظم.
4 - إن كان المريض قاصرا، يشترط الإذن من وليه"
قطعا مما لاشك فيه أن التداوى مطلوب وأن من يمارس الطب لابد أن يكون طبيبا متدربا سمح له من قبل الأطباء الكبار بممارسته للطب بعد اجتيازه امتحانات الطب
ثم حدثنا عن فائدة علم التشريح فقال:
"المبحث الثالث: أهمية علم التشريح:
إن للتشريح أهمية كبيرة إذ بدونه لا يعرف الطبيب مكان العضو ولا كيفية اتصاله بالبدن، كما أن للتشريح أهمية أخرى وذلك في الكشف عن السبب الحقيقي للموت في قضايا الجنايات، هذه الأهميات تقف أمام نظرة الناس إلى الجثة الآدمية نظرة ملؤها التقديس والحرمة، ولقد قام علماء من المسلمين القدامى بتشريح الجسم الإنساني وإن كانوا لم يقولوا صراحة بجواز التشريح كابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى وابن الهيثم الذي قام بتشريح العين ولقد استشهد الفقهاء في مواقف عديدة على تصحيح آرائهم على نتائج علم التشريح في زمانهم. أما قبله فكأنها إباحة غير صريحة لهذا العلم وإليك أقوال المذاهب في هذا الموضوع:
الحنفية: ((حامل ماتت وولدها حي يضطرب، يشق بطنها من الأيسر ويخرج ولدها... ولو مات الولد في بطنها وهي حية وخيف على الأم قطع وأخرج بخلاف ما لو كان حيا)).
وكذلك لو بلع مال غيره ولا مال له هل يشق ؟ قولان، الأول: نعم وإن كانت حرمة الآدمي أعلى من صيانة حرمة المال، إلا أنه أزال حرمته بتعديه وجاء في الأشباه والنظائر لابن نجيم تحت قاعدة (الأشد يزال بالأخف) أنه يجوز شق بطن الميتة لإخراج الولد إن كانت ترجى حياته بخلاف ما إذا ابتلع لؤلؤة فمات فإنه لا يشق بطنه لأن حرمة الآدمي أعظم من حرمة المال
المالكية: اختلفوا في شق بطن المرأة، وقيده البعض بأن يكون في السابع أو التاسع أو العاشر
الشافعية: إذا ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي يشق جوفها لأنه استبقاء حي بإتلاف جزء من الميت فأشبه ما إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت، واشترطوا لذلك حياة الطفل بأن يكون له ستة شهور فصاعدا
الحنابلة: إذا ماتت امرأة حامل شق جوفها، فإن احتملت حياته وتعذر إخراجه بالطريق المعتاد قال البعض يشق، والمذهب لا، لا تدفن حتى يموت
الظاهرية: إن ماتت امرأة حامل والولد يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فإنه يشق بطنها طولا ويخرج الولد، ويبرر شق البطن في هذه الحالة بأنه ارتكاب لأخف الضررين وأدعى لتحقيق المصلحة.
فمن أقوال الأئمة المتقدمة يتبين لنا جواز شق بطن الميت من أجل إنقاذ الحي فمصلحة إنقاذ الحي مقدمة على مفسدة هتك حرمة الميت، ولكن مما تقدم رأينا أن بين الحي والميت تعلقا وارتباطا لا يسهل انفكاكه، فهل بالإمكان أن نعدي هذا الجواز إلى ما هو أبعد من ذلك ؟ هذا ما سنصل إليه إن شاء الله ولكن بشروط منها: موافقة ذوي الشأن، ووجود ضرورة تتطلب التشريح وعدم التمثيل في الجثة"
كل ما قاله البطوش هنا لا يتعدى اخراج الجنين الحى من بطن أمه الميتة وأما تشريح الجثث فيكون فى أضيق الحدود وهى القضايا التى يتم فيها الشك فى وجود جريمة قتل عن طريق السم أو الإشعاع أو حقنة خاطئة أو تناول كمية زائدة من الخمر التى تسمى مخدرات وما شابه
ثم حدثنا عن حكم التشريح فقال:
"المبحث الرابع: مدى شرعية التشريح:
لما كانت شريعة الإسلام تنزيلا من حكيم حميد عليم بما كان وما سيكون، أنزلها على خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، فقد جعلها سبحانه قواعد كلية، ومقاصد سامية شاملة، فكانت تشريعا عاما خالدا صالحا لجميع طبقات الخلق في كل زمان ومكان.
إن كثيرا من الجزئيات والوقائع التي حدثت لا نجدها منصوصا عليها نفسها في الكتاب أو السنة، وربما لم تكن وقعت من قبل فلا يعرف لسلفنا الصالح فيها حكم، لكن من البحث العلمي يتضح أنها مندرجة في قاعدة شرعية عامة، ومن ثم يعرف حكمها."
قول البطوش عن عدم وجود نصوص فى بعض المسائل فى الفقرة وهو "إن كثيرا من الجزئيات والوقائع التي حدثت لا نجدها منصوصا عليها نفسها في الكتاب" يناقض وجود نصوص فى كل القضايا فى الكتاب فى قوله فى المقدمة "وما كان لشيء أن يجد أو يستجد إلا وله حكم في كتاب الله تعالى لقوله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء}"
ثم كلمنا عن عدم وجود نص فى مسألة التشريح فقال :
"ومسألة التشريح لجثث موتى بني آدم لا تعدو أن تكون جزئية من هذه الجزئيات التي لم ينص عليها في نص خاص، فشأنها شأن الوقائع التي جدت، لابد أن تكون مشمولة بقاعدة كلية من قواعد الشريعة وشمولها وصلاحيتها لجميع الخلق، قال تعالى: {وما كان ربك نسيا} وقال تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما} وقال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}
إن من قواعد الشريعة الكلية ومقاصدها العامة أنه إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديا لأشدهما، ومسألة التشريح داخلة في هذه القاعدة على كل حال، فإن مصلحة حرمة الميت – مسلما كان أو ذميا – تعارضت مع مصلحة أولياء الميت والأمة فالمتهم عند الاشتباه مثلا يطلب تشريح جثة المجني عليه لإثبات الجناية أو نفيها وفي هذا حفظ للحق وإعانة لولي الأمر على ضبط الأمن والتحقق من المجرمين لردع من تسول له نفسه ارتكاب جريمة يظن أنها تخفى على الناس. كما أن الشخص قد يموت موتا طبيعيا وفي التشريح تبرئة للمتهم، أضف أنه يمكن الكشف على الأمراض السارية بواسطة التشريح، وبذلك تحفظ الأمة من الأوبئة والأمراض السارية الخطيرة. من هذا تبرز أهمية علم التشريح، وما دام أنه جزء من علم الطب فالعلم به إذن من فروض الكفاية التي لابد لجماعة من المسلمين معرفته والتدرب عليه. ولذلك فإن التدرب على الجثث الحقيقية يعرف الطبيب بمكان العضو المصاب وأوصافه، خلافا لمن رأى التدرب على الجثث غير الآدمية لاختلاف الأوصاف وعدم التمكن من الوصول إلى الحق في هذا الموضوع."
وفى الفقرة السابقة أباح الرجل التشريح من أجل معرفة حق القتيل وحق المتهم بقتله ومن أجل حماية الأمة من الأوبئة ولكنه لم يذكر تصوصا وإنما اعتمد قاعدة فقهية ألفها الفقهاء وهى:
إذا تعارضت مصلحتان قدم أقواهما، وإذا تعارضت مفسدتان ارتكب أخفهما تفاديا لأشدهما وهى قاعدة تخالف كتاب الله فقد فرض الله القتال وفيه مفاسد من نواحى متعددة كالقتل والجرح والتخريب فقال " كتب عليكم القتال وهو كره لكم"ومع تلك المفاسد الكثيرة فيه خير وهو حفظ دولى المسلمين وعدم اعتداء أحد عليهم نتيجة رد العدوان
وطبقا للقاعدة فالأولى عدم الحرب لأن مفاسدها ظاهرة وكثيرة وهو ما يعارض فريضة الله
وكذلك الحكم بحلق الرأس فى الحج بسبب الأذى فالحلق منع لمضرة جسدية ولكنه مقابله مضرة مالية هى الصدقة او النسك او جسدية وهى الصوم ومع هذا أباح منع الأذى مع أن المضرتين لا يعرف الإنسان من منهما الأكبر
ثم قال :
"المبحث الخامس: قواعد الطب الإسلامي:
قواعد الطب الإسلامي تؤخذ من القواعد الكلية في الفقه الإسلامي.
أولا - قواعد التصرف في الحق لسلامة الحياة والجسد:
أ - حق الله تعالى وحق العبد في نفس هذا الأخير يوكلان لمن ينسبان إليه ثبوتا وإسقاطا.
ب - لا يجوز لإنسان أن يتصرف في حق الغير إلا بإذنه.
ج - قتل الإنسان أو فصل عضو من أعضائه لا يحتمل الإباحة بغير حق.
د - لا يملك الإنسان إسقاط حقه، فيما اجتمع فيه حق الله تعالى، لعدم جواز تصرفه في حق الله تعالى.
هـ - يقدم ما كان فيه حق الله وحق العبد على ما كان فيه حق العبد وحده
و- حق الله مبني على التسهيل بخلاف حق الآدمي فإنه مبني على التشديد إلا عند الضرورة
ثانيا: قواعد المفاضلة بين المصالح والمفاسد:
1 - جواز ارتكاب أخف الضررين دفعا لأعظمهما، فالواجب تحصيل أعلى المصلحتين، فإن تعذر رخص في التقديم والتأخير بينهما، ومثاله من صال على نفسين مسلمتين فلم نتمكن من دفعه عنهما فإننا ندفع عن أي واحدة منهما
أ – إذا اجتمعت المفاسد في عمل واحد فإنه لا تفاضل بينها لأن الواجب درء الجميع، فإن تعذر ذلك درأنا الأفسد فالأفسد
ب – إذا اجتمعت المصالح والمفاسد، فالمطلوب تحصيل المصالح ودرء المفاسد جميعا إن أمكن، فإن تعذر ذلك وكانت المفسدة أعظم من المصلحة أو مساوية لها درأنا المفسدة وفوتنا المصلحة لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح أما إن كانت المفسدة أعظم من المصلحة التي تقابلها فتقدم المصلحة من ذلك مثلا أن مصلحة إنقاذ الحي أولى بالرعاية من مفسدة انتهاك حرمة الموتى بشرط أن تكون المصلحة راجحة على المفسدة وأعظم منها.
ج – يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام
2- الضرورات تبيح المحظورات:
أ – تقدر الضرورة بقدرها
ب – يجب أن تكون المصلحة التي تقتضيها الضرورة أعظم من مفسدة المحظور.
ج – الضرر لا يزال بمثله، فلا يجوز مثلا لشخص قتل غيره ليدفع الضرر عن نفسه وذلك بأخذ علاجه أو غذائه الذي هو بحاجة إليه بمثل حاجته هو.
د – الحاجة تنزل منزلة الضرورة سواء كانت الحاجة عامة أو خاصة.
هـ - الاضطرار لا يبطل حق الغير
ثالثا: قواعد مزاولة العمل الطبي والجراحي:
1 - حق التطبيب والجراحة لأن الشرع أجاز التداوي، فهذا يتضمن جواز ممارسة الطب.
2 - جواز ممارسة الطبيب للجراحة لا تعطيه حق تشريح أجساد الآخرين إلا بالرضا من المريض باستثناء حالات الاستعجال والضرورة.
3 - مراعاة أصول العلاج في حفظ الصحة الموجودة للمريض ورد المفقودة بقدر الإمكان وإزالة العلة أو تقليلها بقدر الإمكان.
4 - استعمال طرق العلاج الأسهل فالأسهل.
5 - لا مسئولية على الطبيب فيما يجوز له فعله.
6 - لا يتقيد عمل الطبيب بشرط السلامة، لأن المطلوب منه القيام بالمعتاد ما دام رضي المريض أو وليه بذلك."
البطوش هنا تكلم بكلام عام والمفترض هو لإظهار النصوص ولكنه بنى معظم كلامه على قواعد الفقهاء التى كثيرا ما تتعارض مع نصوص الوحى كقاعدة أخف الضررين ودرأ المفسدة مقدم على جلب المصلحة فمثلا أخف الضررين تتناقضات مع حادثة حرق العجل الذهبى ونسفه فكان أخف الضررين إذابة العجل واستخدام الذهب فى صناعة حلى ومع هذا فعل موسى(ص) الضرر الأكبر وهو الحرق والنسف ومثلا جادثة تكسير الأصنام كان أخف الأضرار ألا يكسرها إبراهيم(ص)كلها وإنما يكسر واحد ولكنه كسرها كلها عدا واحد وعرض نفسه للضرر وهو حرقه
وقاعدة درأ المفسدة مقدمة على جلب المصلحة تتعارض مع حادثة تقديم يوسف(ص) المصلحة العامة لأهله باعادتهم للحق عن طريق ارتكاب مفسدة أخذ أخيه بتهمة السرقة وهى بمشئية لقوله تعالى" أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله "
كما نجدها فى حادثة الفتح حيث قدم الله مصلحة المؤمنين الذين كانوا يخفون إيمانهم فى مكة حيث أبقاهم على قيد الحياة بكف أيدى الفريقين عن القتالبدلا من المفسدة وهى قتلهم على يد إخوانهم المسلمين الذين لا يعلمون بايمانهم فقال"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا"هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله فى رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما"
ومن ثم حدثنا عما قال أنه بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة
فقال:
"المبحث السادس: حكم الشرع في بعض الأعمال المستحدثة في الطب والجراحة
الإسلام بطبيعته يشجع البحث العلمي ويدعو إليه فالله تعالى يقول: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}. إلا أن للبحث العلمي في بعض الأحيان هفواته التي لا تغتفر، وشطحاته التي لا تصيب الهدف، وعلى ذلك لابد من تمحيص النتائج على ضوء القواعد التي وضعها صاحب الشرع سبحانه وتعالى، العليم بأحوال عباده فإنه كما قال: {وفوق كل ذي علم عليم}
قطع الأعضاء البشرية لغرض الزرع:
لما كان مما يجوز للطبيب أن يعمل مبضعه في جسم المريض من أجل علاجه وإبعاد الأذى عنه، فهل له مثل ذلك ولكن في جسم سليم ليخلص جسما آخر هو بحاجة إلى العلاج ؟ أي هل يجوز أن يكون علاج المريض جزءا أو قطعة أو عضوا من جسم سليم ؟ فيكون الأول معطيا والآخر آخذا أو متلقيا.
بالنسبة لزرع عضو في جسم المريض من أجل إنقاذه لا إشكال عليه في الشريعة الإسلامية، فإنه علاج مباح ما دام حصل إذن الشرع بالعلاج وإذن المريض بالتداوي وتقبله ولكن الصعوبة كل الصعوبة في قطع العضو من الحي أو الميت.
فلنتكلم أولا على استقطاع عضو حي لإنقاذ حي بحاجة إلى ذلك العضو:
أول ما نلجأ إليه في مثل هذا الأمر هو البحث في الشريعة الإسلامية قبل غيرها، فإن أجازت هذا العمل ترتب عليه الجواز من الناحية الطبية وإلا فلا، والحقيقة أنه لا نص على هذه القضية بصراحة في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة، بل هي قضية تندرج تحت غيرها من القواعد الكلية كما أسلفت فيما سبق، والقواعد الفقهية تراعي ثلاثة أمور في الغالب هي:
دينية: تتصل بمدى حرمة الانتفاع بأجزاء الآدمي حيا أو ميتا.
فقهية أو قانونية: تتعلق بالوسيلة الفنية التي يمكن بواسطتها بلورة هذا الانتفاع.
تزاحم المصالح: أي المفاضلة بين المصالح المتزاحمة.
نجد أن الفقهاء أجازوا الانتفاع بلبن الظئر، وذلك بتأجيرها أو استئجارها، فقد اختلفوا في الناحيتين الأولى والثانية، ولكن هذا الاختلاف دل على سعة الأفق والتوقعات المستقبلية لما يجد ويستحدث، مما يحفز المختص في أن يبحث مدى شرعية استقطاع الأعضاء من جسم حي أو ميت لغرض الزرع، وعليه فلابد من الموازنة والترجيح بين أدلة الإباحة وأدلة الحظر:
هل جسم الإنسان من الأموال وهل هو ملك لصاحبه ؟
والصحيح أن جسم الإنسان ليس مالا له ولا يجوز بيعه.
فلا الشرع ولا الطبع ولا العقل يجيز بيع الأجزاء الآدمية، لأن الله كرمه وميزه عن غيره، والأصل في المبيعات أن تكون أشياء خارجة عن الإنسان، وأعضاؤه ليست خارجة عنه وإذا أراد الناس أن يقولوا: ولكن الإنسان تضمن قيمته إذا قتل، قلنا: إن هذا استدلال فاسد لأن الأصل في الضمان في الفقه الإسلامي يتمثل في القضاء الكامل للمضمون صورة ومعنى وإن جاز في بعض الحالات فإنه على سبيل الاستثناء وهو قول الجماهير من أهل العلم.
وعند الحنفيه: أن أطراف الإنسان تعتبر من قبيل الأموال بالنسبة لصاحبها، ومعنى الأطراف هنا ينسحب على أي عضو أو جزء من الأجزاء الإنسانية معزولا عن باقي الأعضاء التي لا يجوز التصرف بمجموعها.
ولكن الإنسان يستطيع أن يضحي بجزء من أجزاء بدنه لإنقاذ حياته فهي كالمال خلق وقاية للنفس ونجد أن الحنفية أنفسهم أجازوا العقد على منافع الأشياء – بالإجارة – بالرغم من أن المنافع ليست من الأموال عندهم، وهو استحسان تبرره الضرورة
هل أجزاء الإنسان المنفصلة عنه طاهرة ؟
إن من شروط صحة العقد أن يكون محل العقد طاهرا منتفعا به طبعا وشرعا فلا يصح العقد على نجس أو محرم لم يتفق الفقهاء على طهارة الجزء المنفصل، فعند الحنفية أن ما انفصل عن جسم حي وكان فيه دم فهو نجس لا يجوز الانتفاع به ونص أيضا على أنه لا يجوز التداوي بعظم الآدمي أو أي جزء منه لعدم الطهارة أو الكرامة الإنسانية
أما المذاهب الأخرى فالراجح فيها أن أجزاء الآدمي المنفصلة طاهرة كجملته كما ذهب نفر إلى جواز بيع أجزاء الإنسان إذا كان يستفاد منها
أما بالنسبة لجثة الإنسان فالراجح في المذاهب الفقهية أنها طاهرة خلافا لبقية الميتات لقوله (ص): ((لا تنجسوا أمواتكم فإن المؤمن لا ينجس حيا أو ميتا)) ولكن منع النووي من الانتفاع بأي جزء من أجزائه بعد الموت لحرمته وكرامته ويتعين دفنه.
ويحسن بنا أن نفهم أن حرمة استعمال الدواء النجس إنما تكون عند عدم وجود الطاهر، فإن لم يوجد الطاهر جاز استعمال النجس للضرورة وليس في هذا مخالفة لقول النبي (ص): ((إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها)) أو ((لا شفاء في نجس)) ويجوز للإنسان أن ينتفع بجزء من أجزائه للتداوي بشرط أن تكون المصلحة في ذلك أعظم من ترك الجزء، وتطبيقا لذلك يجوز لصق ما انفصل من الجسد في موضعه كما ويجوز ترقيع الجلد المحروق من مكان آخر سليم.
ومعلوم في الفقه الإسلامي أنه لا يجوز بيع الأجزاء الآدمية لأنها ليست ملكا للشخص بل هي بمجموعها مسخرة للإنسان ليقوم بطاعة ربه وقضاء حوائجه، ولكن إذا كان بالهبة وبدون مقابل فما الذي يمنع ذلك بشرط أن تكون القضية بوسيلة جائزة ومشروعة.
وقد أجاز الفقهاء إجارة الظئر كما قدمنا فهو بيع لأجزاء آدمية بشرط الرضاء الصحيح المحل المبين، والسبب المشروع فلبنها مال متقوم يجوز بيعه عند الشافعية والحنابلة في رواية، وعند المالكية والله تعالى يقول: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن}"
قطعا فى الفقرات السابقة عدم أمور :
الأول عدم اعتبار الإنسان مال بينما هناك باب شهير اسمه ملك اليمين فيه يباع الإنسان ويشترى وهو باب فى الإسلام عالجه الإسلام للقضاء عليه ولكنه إثبات لوجود الإنسان كسلعة أحيانا
الثانى أن قطع الأعضاء فيه حكم واجب بالقطع وهو بتر الأعضاء بسبب قاهر وهو منع فساد باقى الجسد كما فى حالة الغرغرينا تطبيقا لثوله تعالى " وما جعل عليكم فى الدين من حرج " أى ضرر أى أذى وأيضا قطع الأعضاء بسبب أحكام القضاء فى السرقة وحد الحرابة
الثالث أثبت الرجل جواز بيع أشياء من الجسد مقابل أجر وهو لبن المرضعة غير الأمة بقوله تعالى " فسترضع له أخرى" وايضا إرضاع الأم المطلقة باجر فى قوله" فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن"
الرابع الاستقطاع المتحدث عنه يكون إما بالتبرع وإما بالشراء فأما بيع العضة بمقابل فغير جائز وأما التبرع شرط عدم وجود ضرر على المتبرع فجائز إن لم يوجد حل طبى أخر من باب قوله تعالى "ويؤثرون على أنفسهم "
ثم تناول حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي في حالات الاضطرار فقال:
"المبحث السابع: حكم الانتفاع بأجزاء الآدمي في حالات الاضطرار
لقد أباح الشرع الإسلامي أكل المحرمات، وورد ذلك في القرآن الكريم كقوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} ومن هذه الآية المباركة خرج الفقهاء بقاعدة كلية تقول: ((الضرورات تبيح المحظورات وأن الضرورة تقدر بقدرها)). والذي يتضح لي في هذا الموضوع أن الله تعالى الذي أباح أكل الميتة لتبقى الحياة لا يمنع من إباحة الاستدواء بها، فإن ضرورة الدواء كضرورة الغذاء تبيح المحظورات، ويزيد هذا القول قوة أن إباحة الأكل جازت خوفا من الهلاك ومثله العلاج نستعمله خوفا من الهلاك."
البطوش هنا يبيح التداوى بأعضاء الموتى مستشهدا بأية فى محرمات الطعام وهو كلام لا ينفع وهو لا ينفع أيضا كقياس لاختلاف الموضوعين والنتائج والأسباب فى الكثير من الأمور فمثلا المتداوى لن يموت على الفور إن لم يأخذ العضو بينما الجائع سيموت إن كان مضى على جوعه مدة طويلة
ثم قال:
"والفقهاء القدامى منعوا من الانتفاع بلحم الإنسان على بني جنسه في أبواب الضرورة لا أبواب الأطعمة والضرورة في رأي الفقهاء تبيح التداوي بالمحرم إذا لم يوجد غيره من المباحات يقوم مقامه، وعليه فهل الضرورة تبيح استقطاع أجزاء من جسم الإنسان أو جثة كوسيلة لعلاج إنسان آخر ؟
يذهب الحنفية: إلى عدم جواز التداوي بعظم الآدمي أو أي جزء من أجزائه بينما خالف في ذلك السرخسي وأجاز المداواة في العظم
ويذهب المالكية: إلى أن الضرورة لا تبرر الانتفاع بأجزاء آدمي غيره ولو كان ميتا، وهذا يشمل عندهم غير معصوم الدم كالمرتد، لكرامة الإنسان التي تتعلق بإنسانيته بصرف النظر عن صفته، وهناك سبب آخر وهو الخوف من هلاك الحي بسبب ذلك كما أن بعضهم يرى أن السبب تعبدي لا تدرك حكمته.
وأما الظاهرية: لا يجيزون الانتفاع بأجزاء الآدمي إلا اللبن وحده لوجود نص بإباحته.
وأما الحنابلة: فهم لا يجيزون حتى للمضطر الانتفاع بأجزاء الآدمي ولو ميتا متى كان معصوم الدم قبل موته ومن تقدم يحرم هذا العمل حتى للضرورة ومن جانب آخر، يجيز الشافعية للمضطر أن ينتفع بأجزاء الآدمي سواء كان معصوم الدم أو مهدور الدم وفقا للتفصيل التالي:
يجوز للمضطر أن يستعمل جسم إنسان مهدور الدم كالحربي والزاني المحصن أو جثته في الغذاء ولا يجوز عندهم أن يقطع جزءا للغذاء، ولا أن يقدم جزءا للمضطر لأن الضرر لا يزال بمثله. ويجوز للمضطر، عند الشافعية أن يقطع جزءا من جسمه ليأكله إن لم يجد غيره، لأنه إحياء للنفس بإتلاف عضو فجاز، وهذا من باب استيفاء الكل بزوال الجزء وعللوا الجواز قياسا على قطع العضو الذي أصابته الأكلة (الغرغرينا) لإحياء النفس
ومؤدى هذا أنه يجوز عندهم استقطاع جزء من جسمه لمصلحته العلاجية، وهو جواز مشروط بما يلي:
1 - ألا يجد المضطر غيره، ولو مغلظ الحرمة كلحم الخنزير.
2 - أن يكون المضطر معصوما، فلو كان مهدور الدم لم يجيزوا له الانتفاع بلحم الآدمي الميت.
3 - ألا يكون المضطر ذميا أو معاهدا أو مستأمنا إذا كانت أجزاء الميتة لمسلم.
4 - أن يكون الضرر المترتب على عدم الانتفاع أعظم من الضرر المترتب على عدم مراعاة المحظور (أي المصلحة أعظم من المفسدة).
وكل هذا في أجزاء الميت خلافا لأجزاء الحي.
ونتيجة لما تقدم من الحظر والإباحة بشروط كل منهما، فهل إذا توافرت شروط الضرورة ورضاء الإنسان بأن يعطي عضوا من جسده، إذا كان الهدف من ذلك لا يتعارض مع الكرامة الإنسانية، والمصلحة أعظم من المفسدة، فهل تنقلب الضرورة إلى إباحة أم لا ؟
أمام هذا الجواب عقبتان:
الأولى: دينية تتجسد في حرمة الآدمي وكرامته من ناحية وفي الضرر الذي يعود عليه من ناحية أخرى.
والثانية: تتجسد في الطابع الفقهي لأنها تتصل بالوسيلة (العقود) التي يمكن بها نقل الانتفاع بأجزاء الآدمي إلى آخر غيره.
فالعقبة الثانية لا تستوقفنا كثيرا لأن قضايا العقود تختلف من وقت لآخر، بينما في العقبة الدينية لابد لنا من وقفة، فإنه لما كان جسم الإنسان يتعلق فيه حقان: الأول: حق الله تعالى، والثاني: حق الآدمي، ولابد من معرفة إذن الشرع وإذن الآدمي كي نرتب عليهما جوابا نهائيا لهذه المسألة.
فالله تعالى يقول: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا} ففي هذه الآية الكريمة الدليل الواضح لحفظ المصالح الاجتماعية.
ويقول تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} فالتضحية من أجل الغير لها حدود تتقيد بها بشرط أن لا تؤدي إلى الهلاك أو الضرر. والسنة النبوية قد عبرت عن الوحدة الإنسانية ومدى ارتباط المؤمن بأخيه، فقال (ص): ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)). فمن هذا الحديث الشريف يمكن أن نقول بصراحة: إن أجزاء المسلمين إذا نقلت إلى بعضها البعض دون ضرر للمعطي فإنها مباحة وليست من تغيير خلق الله؛ لأن المسلمين جسد واحد. والأحكام الشرعية إنما جعلت لمصالح العباد، فقد ترى الشيء لا مصلحة فيه فيمنع منه الشرع، فإذا وجدت المصلحة فيه جاز
وإن صدور عدة فتاوى بإباحة نقل القرنية من إنسان لآخر منها فتوى دار الإفتاء المصرية الواردة في السجل رقم 88 مسلسل 512 ص93، وفتوى رقم 73/1966 المسجلة رقم 500/100 متنوع[84].
شروط إباحة الاستقطاع من الجثة:
1 - أن تكون حالة الضرورة واضحة بينة.
2 - التحقق من موت الشخص المستقطع منه.
3 - أن يكون قد أذن بذلك بدون مقابل في أثناء حياته أو رضي وليه بعد مماته.
4 - أن تكون من مسلم إلى مسلم بناء على الحديث المتقدم.
5 - أن يكون المعطي إنسانا بالغا عاقلا راشدا، وله حق الرجوع متى شاء.
6 - أن لا يتجاوز حالة الضرورة للقواعد الشرعية.
المبحث الثامن: فتاوى العلماء في هذه المسألة
انعقدت الدورة التاسعة لمجلس هيئة كبار العلماء في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في شهر شعبان عام 1396هـ، وكانت قد تقدمت سفارة ماليزيا بجدة بمذكرة تستفسر فيها عن حكم إجراء عملية جراحية على ميت مسلم لأغراض مصالح الخدمات الطبية، كما جرى استعراض البحث المقدم في ذلك من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وتبين أن الموضوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: التشريح لغرض التحقق عن دعوى جنائية.
الثاني: التشريح لغرض التحقق عن أمراض وبائية لتتخذ على ضوئه الاحتياطات الكفيلة للوقاية منها.
الثالث: التشريح للغرض العلمي تعلما وتعليما.
وبعد تداول الرأي والمناقشة ودراسة البحث المقدم من اللجنة المشار إليه أعلاه قرر المجلس ما يلي:
بالنسبة للقسمين – الأول والثاني – فإن المجلس يرى أن في إجازتهما تحقيقا لمصالح كثيرة في مجالات الأمن والعدل ووقاية المجتمع من الأمراض الوبائية، ومفسدة انتهاك حرمة الجثة المشرحة مغمورة في جنب المصالح الكثيرة والعامة المتحققة بذلك، وأن المجلس لهذا يقرر بالإجماع إجازة التشريح لهذين الغرضين سواء كانت الجثة المشرحة جثة معصوم أم لا.
وأما بالنسبة للقسم الثالث وهو التشريح للغرض التعليمي فنظرا إلى أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، وبارتكاب أدنى الضررين لتفويت أشدهما، وأنه إذا تعارضت المصالح أخذ بأرجحها، وحيث إن تشريح غير الإنسان من الحيوانات لا يغني عن تشريح الإنسان، وحيث إن في التشريح مصالح كثيرة ظهرت في التقدم العلمي في مجالات الطب المختلفة، فإن المجلس يرى جواز تشريح جثة الآدمي في الجملة، إلا أنه نظر إلى عناية الشريعة الإسلامية بكرامة المسلم ميتا كعنايتها بكرامته حيا وذلك لما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص) قال: ((كسر عظم الميت ككسره حيا)) ونظرا إلى أن التشريح فيه امتهان لكرامته وحيث إن الضرورة إلى ذلك منتفية بتيسير الحصول على جثث أموات غير معصومة. فإن المجلس يرى الاكتفاء بتشريح مثل هذه الجثث وعدم التعرض لجثث أموات معصومين والحال ما ذكر.
والله الموفق،"
الرجل أباح هنا نقل الأعضاء بين الأحياء ما لم يكن هناك ضرر ومن الأموات للأحياء وأباح التشريح بكل أنواعه ومن ضمنه الصنف الثالث للضرورة
قبل كل هذا لابد من القول :
أنه لا يجوز النقل إلا بعد استنفاد كل وسائل التداوى المعروفة
لا يجوز بيع الأعضاء لأن البائعين يبيعونها بسبب فقرهم
يجوز التبرع بالأعضاء بالرضا فى الحياة أو بعد الموت
أن النقل من الأموات يكون أولا لعدم وجود ضرر على الأموات من نقل الأعضاء وأما النقل من الأحياء فيكون أخر ما يتم اللجوء إليه إذا تعذر وجود العضو بين الموتى
النقل بين الأحياء يجب ان يستفتى كثرة من الأطباء عشرة مثلا فإن اجتمعوا على رأى فبها حسنت وإن لم يجتمعوا فيأخذ بقول الأغلبية