رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب آداب المؤمن أثناء الفتن
المؤلف حسين حسين شحاته وهو يدور حول الفتن بالمعنى الشائع بين الناس وفى تمهيده قال :
" تمهيد
الفتن من سنن الله الجارية إلى يوم القيامة ، وهي متعددة وكثيرة ، فمنها فتنة الشيطان ، وفتنة النفس الأمارة بالسوء ، وفتنة النساء ، وفتنة المال ، وفتنة الأولاد وفتنة الاضطهاد والظلم ، وفتنة السجون ، وفتنة المرض والموت ، وغير ذلك من أنواع الفتن .
ولله سبحانه وتعالى فيها حكم عظيمة ، فكيف يكون آداب وسلوك المؤمن المبتلى نحوها حتى ينجو منها سالما ظافرا بالأجر العظيم من الله ، هذا ما سوف نتناوله في الفقرات التالية ."
واستهل شحاته كلامه بتعريف الفتن فقال :
" المقصود بالفتن
كلمة الفتنة مشتقة من الفعل فتن ، وتعني : صهر ونقى الشيء ، مثل قوله : فتن الذهب أي صهره ، لفصل الردئ عن الجيد ، وجمع فتنة : فتن وهي النوازل التي تنزل بالإنسان لصقله وبيان حقيقة إيمانه وصبره وثباته .
ويعرف العلماء والفقهاء والدعاء الفتن بأنها المحن التي تنزل بالإنسان بهدف الإمتحان والاختبار والتمييز ، ومن مرادفاتها في المعنى والمدلول : البلايا والمصائب والرزايا ، وهذا المعنى هو الذي نقصده في هذا المقام "
وهذا المعنى مخالف لمعنى الفتن فى القرآن وهو الامتحان بالخير والشر كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
فالفتن ليست قاصرة على المحن وهو الضرر أى الشر كما قال شحاته
وقسم المؤلف الفتن بفتن بالمكروه والمحبوب عائدا للمعنى القرآنى الصحيح فقال :
" أنواع الفتن
تقسم الفتن بصفة عامة إلى نوعين رئيسيين هما :-
(1) - فتن بما يكره الإنسان : - مثل فتنة الفقر والظلم والاضطهاد والإيذاء والسجن والنفي والمرض والموت ...... ونحو ذلك مما يحسبها المسلم شرا وقد تكون خيرا .
(2) - فتن بما يحب الإنسان :- مثل فتنة الغنى والعافية والمنصب والجاه والأولاد والنساء ..... ونحو ذلك ، مما يحسبه المسلم خيرا لأنها تتعلق بزهرة الحياة الدنيا ، وهو لا يدري ربما تكون شرا له .
وهذا التقسيم مستنبط من قول الله تبارك وتعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون } ، وقوله عز وجل : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون }
وأشار لواجب المسلم تجاه الفتن وهو الشكر فى السراء والصبر فى الضراء فقال:
"ويجب على المؤمن في حالة الفتن بالسراء أن يشكر الله سبحانه وتعالى ، وفي حالة الفتن بالضراء أن يصبر ويقول الحمد لله على كل حال ، وهذا ما أشار إليه الرسول (ص)في حديثه الشريف : " عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له " (رواه مسلم) ، ويقول العلماء أن مع كل محنة وفتنة نفحة ورحمة وأجر عظيم لمن يصبر ويثبت ويشكر "
والمقصود هو طاعة الله فى الحالين فليس معنى الصبر تحمل الآلام والأضرار وإنما معناه طاعة الله عند الشرور والشكر معناه الطاعة عند النعم وهى الخير وليس مجرد ول الحمد لله او الشكر لله
وتحدث عن سبب سن الله الفتن فقال:
" لماذا سن الله الفتن ؟
يتساءل كثير من الناس ، ما هي الحكمة من أن سن الله على عباده المحن والفتن؟
يقول العلماء أن حكم الله من الفتن كثيرة منها ما نعلمه ومنها ما لا نعلمه ، فهو سبحانه وتعالى الذي يعلم الخير لعباده مصداقا لقوله : { ألا له الخلق والأمر } وقوله عز وجل : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير }، وكل ما يأتي من عند الله هو الخير ، ويقال : " لا يحمد على مكروه سواه " .
ولقد استنبط العلماء والفقهاء من القرآن والسنة حكمة الله من نزول الفتن كما يلي :-
" - التمييز بين الناس في صدق العبودية لله ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } "
- بيان حب الله سبحانه وتعالى لعباده الصابرين الصادقين ، حيث يقول رسول الله (ص)"وإن كان أحدكم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء"(رواه بن ماجه) ، ويقول رسول الله (ص)" إذا أحب الله قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " (رواه الترمذي)."
والخطأ فى الحديث الأول فرح المؤمن بالبلاء فالمسلم لا يفرح بالضرر الذى يصيبه ولا يفرح بالرخاء وإنما يطيع الله فى الحالين لكراهية الله للفرحين وهو العصاة لله كما قال :
"إن الله لا يحب الفرحين"
والخطأ فى الحديث الثانى أن الله إذا أحب قوما ابتلاهم وهو ما يخالف أن حياة المسلم والكافر كلها ابتلاءات كما قال تعالى:
" الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا"
ومن ثم يكون الله بذلك محبا للكفار لأنه ابتلاهم كما قال:
"وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون"
وحدثنا عن سبب ثالث فقال :
" - رفع الدرجات وبلوغ المنزلة الرفيعة لعباده الصابرين المحتسبين ، فعن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله (ص)قال : " صداع المؤمن حتى الشوكة يشاكها أو أي شيء يؤذيه ، يرفعه الله بها يوم القيامة درجة ، ويكفر عنه ذنوبه " (رواه أحمد)."
والحديث لا يصح كسابقيه فالدرجات حسب الحديث كثيرة درجة مقابل كل صداع أو شوكة أو أى أذى أخر وهو ما يناقض أن الجنة كلها درجتين واحدة للمجاهدين وواحدة للقاعدين وفى هذا قال تعالى:
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ثم ذكر سبب رابع فقال :
" - تكفير الذنوب والخطايا والسيئات لبعض عباده المذنبين ، حيث يقول رسول الله (ص)" إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة " (أخرجه الترمذي وحسنه) .
الحديث لا يصح فتعجيل العقوبات وإمساكها حتى القيامة يتعارض مع أنه يصيب الكفار فى الدنيا بالعقوبات وهى العذاب الأدنى كإنذارات لهم حتى يرجعون ولكنهم يستمرون فى كفرهم وفى إصابته الكفار بالعقوبات العاجلة كالمسلمين فى الدنيا قال :
"ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون"
ثم ذكر أسبابا أخر فقال :
" - تطهير القلوب ، وإصلاح النفوس : يقول ابن القيم في كتابه شفاء العليل : "لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا "
" - رد الناس إلى الله سبحانه وتعالى والاستقامة على طريقه المستقيم ، يقول الله تبارك وتعالى : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون }
" - اليقين التام بأن الله هو المغيث وهو اللطيف وهو المنجي : ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : { أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض } وقوله تبارك وتعالى أيضا على لسان أيوب (ص): { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين }
" - تقوية صلة المؤمن بالله عز وجل وتحسين عمله ، يقول الله تبارك وتعالى : { تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور } ، كما يلجأ المؤمن المبتلى إلى الله - عز وجل - ، يقول الله تبارك وتعالى : { أم من هو قانت آناء الليل ساجدا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } وقوله تبارك وتعالى : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا }
" - التذكير بنعم الله العديدة التي لا تظهر إلا في حالات المحن والفتن ، يقول الله تبارك وتعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون }
" - تربية النفس على الصبر والثبات والمرابطة لتنال الأجر والمثوبة من الله عز وجل : يقول الله تبارك وتعالى : { لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور } ، ويقول رسول الله (ص)" عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له " (رواه مسلم) ، ومن وصايا رسول الله (ص)" ... واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا " (رواه أحمد).
وإذا تدبرنا هذه الحكم من المحن والفتن والبلايا نجدها كلها خير للمؤمن الذي يصبر ويحتسب ما أصابه من بأساء وضراء ، فسوف يوفيه الله سبحانه وتعالى أجره العظيم مصداقا لقوله تبارك وتعالى : { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} وقوله تبارك وتعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } "
وكل ما سبق يخالف القرآن فى كون سببى البلاء هما :
تمييز المسلم من الكافر وهم العلم بمن المسلم ومن الكافر كما قال ناقلا فى أول سبب فوله تعالى:
" ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"
وثانى سبب هو :
أن يرجع الكفار عن كفرهم من خلال الابتلاء بالعذابات وهى العقوبات أى ألضرار كما قال تعالى:
"وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون"
وتحدث عن آداب المؤمن أثناء الفتن وقد سبق أن أشار لها بالشكر فى السراء والصبر فى الضراء فقال :
"كيف تكون آداب المؤمن أثناء الفتن ؟
يجب على المؤمن أثناء المحن والفتن أن يكون سلوكه وفقا لما يرضي الله عز وجل ورسوله (ص)، وأن يتحلى بالآداب التي يقرها الشرع حتى ينجو وهو معتصم بالله ، ومن هذه الآداب ما يلي :-
" - الإيمان الصادق بقدر الله سبحانه وتعالى ، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، مصداقا لقول الله تبارك وتعالى : { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ، ويقول رسول الله (ص)" واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك " (متفق عليه).
" - الرضا التام بما أراده الله حتى يرضى الله سبحانه وتعالى عليه ، ودليل ذلك قول رسول الله (ص)" إذا أحب الله قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " (رواه الترمذي).
" - الصبر الجميل على ما يكره لعل فيه الخير الكثير وهو لا يعلم ، يقول الله تبارك وتعالى : " { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }
" - الثبات وتجنب الهرج والمرج والتحلي بالحلم والأناة : يقول الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون }
" - الأخذ بالأسباب للنجاة من عواقب الفتنة ، فعلى سبيل المثال في حالة المرض يجب التداوى مصداقا لقول رسول الله (ص)" ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" (رواه البخاري) ، وفي حالة الموت يلجأ إلى الله بالدعاء بأن يخلفه في مصيبته.
" - الاستعانة بأهل العلم والصلاح والبر والإحسان والخير لتقديم العون للنجاة من المحنة والفتنة ، يقول الله تبارك وتعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ويقول رسول الله (ص)" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " (البخاري ومسلم) .
" - التوبة والاستغفار لتكفير الذنوب ، حتى يلقى المؤمن ربه وليس عليه خطيئة ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين } ويقول رسول الله (ص)" إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " (رواه مسلم) .
" - التضرع إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء الخالص للنجاة من الكرب والهم وكشف الضر والسوء ، ورفع البلاء ، وزيادة الأجر ، ودليل ذلك قول الله تعالى : { أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون } وقول رسول الله (ص)" الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء " (الترمذي) ، كما أوصانا رسول الله (ص)بالدعاء الآتي عند وقوع البلاء : " بسم الله الرحمن الرحيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم " ، فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء " (رواه ابن السني) ."
وكل ما قاله الرجل هو تكرار لنفس المعنى فالايمان من ضمنه الرضا وهو نفسه الثبات ومن ضمنه الصبر ومن ثم واجب المسلم عند أى ابتلاء شىء واحد وهو :
طاعة حكم الله فى كل حال
ثم ذكر شحاته بعض فتن الدنيا فقال:
" من فتن الحياة الدنيا :
لقد استنبط الفقهاء والعلماء من القرآن والسنة ومن سير الأنبياء والرسل والدعاة إلى الله نماذج من المحن والفتن ، من أهمها ما يلي :-
- فتنة الشيطان الرجيم لغواية الإنسان عن الطريق المستقيم ليقع في الذنوب والخطايا .
- فتنة النفس الأمارة بالسوء التي تزين لصاحبها الوقوع في الخطايا والمفاسد والمعاصي.
- فتنة النساء التي توقع الرجال في الفاحشة والرذيلة .
- فتنة المال التي تجعل الإنسان يطغى ويفسد في الأرض .
- فتنة الأولاد التي قد تصيب الإنسان بالتفاخر أو تعوقه عن الدعوة في سبيل الله .
- فتنة الجاه والمنصب التي تصيب الإنسان بأمراض العجب والغرور والتعالى على الآخرين ، وربما تقوده إلى الكفر والشرك بالله .
- فتنة الخيلاء والتكبر على عباد الله استعلاء في الأرض .
- فتنة الاضطهاد والإيذاء والظلم التي يتعرض لها الدعاه إلى الله سبحانه وتعالى .
- فتنة السجون التي يلقى فيها الدعاة إلى الله ظلما وعدوانا .
- فتنة المرض الذي يتعرض له الإنسان .
- فتنة الموت أو مصيبة الموت التي هي من آيات الله سبحانه وتعالى للاختبار.
وهذه الفتن وغيرها توجب على المسلم أن يتدبرها ويدرس سير الرسل والأنبياء وغيرهم ممن ساروا على نهجهم ليعرف السبيل للنجاة منها "
وهذا الكلام يتعارض مع أن كل لحظة فى حياتنا هى ابتلاء بشىء سواء كان خيرا أو شرا ولكننا لا نضع هذا فى حسابتا فالهواء الذى نشمه بلاء إن كان هواء ملوثا أو هواء ممزوج برواح المخدرات أو بروائح طيبة والماء الذى نشربه أو نستعمله فى حياتنا هو ابتلاء من حيث السرف والشح والاعتدال وحتى التبول والتبرز ابتلاء
وكرر الرجل ما طرحه فى الاجابة على سؤال ما هى آداب المؤمن فى الفتن بسؤال بألفاظ أخرى وهو:
" كيف السبيل للنجاة من الفتن ؟
أمل المؤمن المبتلى بمحنة أو بفتنة أن ينجو منها دون أن يسلك سلوكا لا يرضي الله ورسوله ، بمعنى كيف يحصن المؤمن نفسه من السخط والغضب والضجر والتجهم ، أو أن يصيح ويتلفظ بألفاظ تعبر عن سخطه ، فعلى سبيل المثال عندما يصاب المؤمن بفتنة موت حبيب أو عزيز ماذا يكون سلوكه ، فإذا صبر واحتسب وقال ما يرضي الله ورسوله (إنا لله وإنا إليه راجعون) فقد نجا من الفتنة وأخذ الثواب من الله ، أما إذا دعا بدعوى الجاهلية ولطم الخدود وشق الجيوب أو صرخ وتلفظ بكلمات فيها اعتراض على قدر الله ، فقد أذنب وتحمل الوزر وحرم من الثواب .
ويحتاج المؤمن إلى معرفة كيف السبيل أو السبل للعصمة والنجاة من أن يسلك سلوكا لا يرضى الله ورسوله عند المحن والفتن "
فالسبيل للنجاة واحد وهو طاعة حكم الله
المؤلف حسين حسين شحاته وهو يدور حول الفتن بالمعنى الشائع بين الناس وفى تمهيده قال :
" تمهيد
الفتن من سنن الله الجارية إلى يوم القيامة ، وهي متعددة وكثيرة ، فمنها فتنة الشيطان ، وفتنة النفس الأمارة بالسوء ، وفتنة النساء ، وفتنة المال ، وفتنة الأولاد وفتنة الاضطهاد والظلم ، وفتنة السجون ، وفتنة المرض والموت ، وغير ذلك من أنواع الفتن .
ولله سبحانه وتعالى فيها حكم عظيمة ، فكيف يكون آداب وسلوك المؤمن المبتلى نحوها حتى ينجو منها سالما ظافرا بالأجر العظيم من الله ، هذا ما سوف نتناوله في الفقرات التالية ."
واستهل شحاته كلامه بتعريف الفتن فقال :
" المقصود بالفتن
كلمة الفتنة مشتقة من الفعل فتن ، وتعني : صهر ونقى الشيء ، مثل قوله : فتن الذهب أي صهره ، لفصل الردئ عن الجيد ، وجمع فتنة : فتن وهي النوازل التي تنزل بالإنسان لصقله وبيان حقيقة إيمانه وصبره وثباته .
ويعرف العلماء والفقهاء والدعاء الفتن بأنها المحن التي تنزل بالإنسان بهدف الإمتحان والاختبار والتمييز ، ومن مرادفاتها في المعنى والمدلول : البلايا والمصائب والرزايا ، وهذا المعنى هو الذي نقصده في هذا المقام "
وهذا المعنى مخالف لمعنى الفتن فى القرآن وهو الامتحان بالخير والشر كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
فالفتن ليست قاصرة على المحن وهو الضرر أى الشر كما قال شحاته
وقسم المؤلف الفتن بفتن بالمكروه والمحبوب عائدا للمعنى القرآنى الصحيح فقال :
" أنواع الفتن
تقسم الفتن بصفة عامة إلى نوعين رئيسيين هما :-
(1) - فتن بما يكره الإنسان : - مثل فتنة الفقر والظلم والاضطهاد والإيذاء والسجن والنفي والمرض والموت ...... ونحو ذلك مما يحسبها المسلم شرا وقد تكون خيرا .
(2) - فتن بما يحب الإنسان :- مثل فتنة الغنى والعافية والمنصب والجاه والأولاد والنساء ..... ونحو ذلك ، مما يحسبه المسلم خيرا لأنها تتعلق بزهرة الحياة الدنيا ، وهو لا يدري ربما تكون شرا له .
وهذا التقسيم مستنبط من قول الله تبارك وتعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون } ، وقوله عز وجل : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون }
وأشار لواجب المسلم تجاه الفتن وهو الشكر فى السراء والصبر فى الضراء فقال:
"ويجب على المؤمن في حالة الفتن بالسراء أن يشكر الله سبحانه وتعالى ، وفي حالة الفتن بالضراء أن يصبر ويقول الحمد لله على كل حال ، وهذا ما أشار إليه الرسول (ص)في حديثه الشريف : " عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له " (رواه مسلم) ، ويقول العلماء أن مع كل محنة وفتنة نفحة ورحمة وأجر عظيم لمن يصبر ويثبت ويشكر "
والمقصود هو طاعة الله فى الحالين فليس معنى الصبر تحمل الآلام والأضرار وإنما معناه طاعة الله عند الشرور والشكر معناه الطاعة عند النعم وهى الخير وليس مجرد ول الحمد لله او الشكر لله
وتحدث عن سبب سن الله الفتن فقال:
" لماذا سن الله الفتن ؟
يتساءل كثير من الناس ، ما هي الحكمة من أن سن الله على عباده المحن والفتن؟
يقول العلماء أن حكم الله من الفتن كثيرة منها ما نعلمه ومنها ما لا نعلمه ، فهو سبحانه وتعالى الذي يعلم الخير لعباده مصداقا لقوله : { ألا له الخلق والأمر } وقوله عز وجل : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير }، وكل ما يأتي من عند الله هو الخير ، ويقال : " لا يحمد على مكروه سواه " .
ولقد استنبط العلماء والفقهاء من القرآن والسنة حكمة الله من نزول الفتن كما يلي :-
" - التمييز بين الناس في صدق العبودية لله ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } "
- بيان حب الله سبحانه وتعالى لعباده الصابرين الصادقين ، حيث يقول رسول الله (ص)"وإن كان أحدكم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء"(رواه بن ماجه) ، ويقول رسول الله (ص)" إذا أحب الله قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " (رواه الترمذي)."
والخطأ فى الحديث الأول فرح المؤمن بالبلاء فالمسلم لا يفرح بالضرر الذى يصيبه ولا يفرح بالرخاء وإنما يطيع الله فى الحالين لكراهية الله للفرحين وهو العصاة لله كما قال :
"إن الله لا يحب الفرحين"
والخطأ فى الحديث الثانى أن الله إذا أحب قوما ابتلاهم وهو ما يخالف أن حياة المسلم والكافر كلها ابتلاءات كما قال تعالى:
" الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا"
ومن ثم يكون الله بذلك محبا للكفار لأنه ابتلاهم كما قال:
"وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون"
وحدثنا عن سبب ثالث فقال :
" - رفع الدرجات وبلوغ المنزلة الرفيعة لعباده الصابرين المحتسبين ، فعن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله (ص)قال : " صداع المؤمن حتى الشوكة يشاكها أو أي شيء يؤذيه ، يرفعه الله بها يوم القيامة درجة ، ويكفر عنه ذنوبه " (رواه أحمد)."
والحديث لا يصح كسابقيه فالدرجات حسب الحديث كثيرة درجة مقابل كل صداع أو شوكة أو أى أذى أخر وهو ما يناقض أن الجنة كلها درجتين واحدة للمجاهدين وواحدة للقاعدين وفى هذا قال تعالى:
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
ثم ذكر سبب رابع فقال :
" - تكفير الذنوب والخطايا والسيئات لبعض عباده المذنبين ، حيث يقول رسول الله (ص)" إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة " (أخرجه الترمذي وحسنه) .
الحديث لا يصح فتعجيل العقوبات وإمساكها حتى القيامة يتعارض مع أنه يصيب الكفار فى الدنيا بالعقوبات وهى العذاب الأدنى كإنذارات لهم حتى يرجعون ولكنهم يستمرون فى كفرهم وفى إصابته الكفار بالعقوبات العاجلة كالمسلمين فى الدنيا قال :
"ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون"
ثم ذكر أسبابا أخر فقال :
" - تطهير القلوب ، وإصلاح النفوس : يقول ابن القيم في كتابه شفاء العليل : "لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا "
" - رد الناس إلى الله سبحانه وتعالى والاستقامة على طريقه المستقيم ، يقول الله تبارك وتعالى : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون }
" - اليقين التام بأن الله هو المغيث وهو اللطيف وهو المنجي : ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : { أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض } وقوله تبارك وتعالى أيضا على لسان أيوب (ص): { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين }
" - تقوية صلة المؤمن بالله عز وجل وتحسين عمله ، يقول الله تبارك وتعالى : { تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور } ، كما يلجأ المؤمن المبتلى إلى الله - عز وجل - ، يقول الله تبارك وتعالى : { أم من هو قانت آناء الليل ساجدا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه } وقوله تبارك وتعالى : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا }
" - التذكير بنعم الله العديدة التي لا تظهر إلا في حالات المحن والفتن ، يقول الله تبارك وتعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون }
" - تربية النفس على الصبر والثبات والمرابطة لتنال الأجر والمثوبة من الله عز وجل : يقول الله تبارك وتعالى : { لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور } ، ويقول رسول الله (ص)" عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله خير ، وليس لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له " (رواه مسلم) ، ومن وصايا رسول الله (ص)" ... واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا " (رواه أحمد).
وإذا تدبرنا هذه الحكم من المحن والفتن والبلايا نجدها كلها خير للمؤمن الذي يصبر ويحتسب ما أصابه من بأساء وضراء ، فسوف يوفيه الله سبحانه وتعالى أجره العظيم مصداقا لقوله تبارك وتعالى : { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} وقوله تبارك وتعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } "
وكل ما سبق يخالف القرآن فى كون سببى البلاء هما :
تمييز المسلم من الكافر وهم العلم بمن المسلم ومن الكافر كما قال ناقلا فى أول سبب فوله تعالى:
" ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"
وثانى سبب هو :
أن يرجع الكفار عن كفرهم من خلال الابتلاء بالعذابات وهى العقوبات أى ألضرار كما قال تعالى:
"وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون"
وتحدث عن آداب المؤمن أثناء الفتن وقد سبق أن أشار لها بالشكر فى السراء والصبر فى الضراء فقال :
"كيف تكون آداب المؤمن أثناء الفتن ؟
يجب على المؤمن أثناء المحن والفتن أن يكون سلوكه وفقا لما يرضي الله عز وجل ورسوله (ص)، وأن يتحلى بالآداب التي يقرها الشرع حتى ينجو وهو معتصم بالله ، ومن هذه الآداب ما يلي :-
" - الإيمان الصادق بقدر الله سبحانه وتعالى ، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، مصداقا لقول الله تبارك وتعالى : { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ، ويقول رسول الله (ص)" واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك " (متفق عليه).
" - الرضا التام بما أراده الله حتى يرضى الله سبحانه وتعالى عليه ، ودليل ذلك قول رسول الله (ص)" إذا أحب الله قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط " (رواه الترمذي).
" - الصبر الجميل على ما يكره لعل فيه الخير الكثير وهو لا يعلم ، يقول الله تبارك وتعالى : " { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }
" - الثبات وتجنب الهرج والمرج والتحلي بالحلم والأناة : يقول الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون }
" - الأخذ بالأسباب للنجاة من عواقب الفتنة ، فعلى سبيل المثال في حالة المرض يجب التداوى مصداقا لقول رسول الله (ص)" ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" (رواه البخاري) ، وفي حالة الموت يلجأ إلى الله بالدعاء بأن يخلفه في مصيبته.
" - الاستعانة بأهل العلم والصلاح والبر والإحسان والخير لتقديم العون للنجاة من المحنة والفتنة ، يقول الله تبارك وتعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ويقول رسول الله (ص)" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " (البخاري ومسلم) .
" - التوبة والاستغفار لتكفير الذنوب ، حتى يلقى المؤمن ربه وليس عليه خطيئة ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين } ويقول رسول الله (ص)" إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " (رواه مسلم) .
" - التضرع إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء الخالص للنجاة من الكرب والهم وكشف الضر والسوء ، ورفع البلاء ، وزيادة الأجر ، ودليل ذلك قول الله تعالى : { أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون } وقول رسول الله (ص)" الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، فعليكم عباد الله بالدعاء " (الترمذي) ، كما أوصانا رسول الله (ص)بالدعاء الآتي عند وقوع البلاء : " بسم الله الرحمن الرحيم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم " ، فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء " (رواه ابن السني) ."
وكل ما قاله الرجل هو تكرار لنفس المعنى فالايمان من ضمنه الرضا وهو نفسه الثبات ومن ضمنه الصبر ومن ثم واجب المسلم عند أى ابتلاء شىء واحد وهو :
طاعة حكم الله فى كل حال
ثم ذكر شحاته بعض فتن الدنيا فقال:
" من فتن الحياة الدنيا :
لقد استنبط الفقهاء والعلماء من القرآن والسنة ومن سير الأنبياء والرسل والدعاة إلى الله نماذج من المحن والفتن ، من أهمها ما يلي :-
- فتنة الشيطان الرجيم لغواية الإنسان عن الطريق المستقيم ليقع في الذنوب والخطايا .
- فتنة النفس الأمارة بالسوء التي تزين لصاحبها الوقوع في الخطايا والمفاسد والمعاصي.
- فتنة النساء التي توقع الرجال في الفاحشة والرذيلة .
- فتنة المال التي تجعل الإنسان يطغى ويفسد في الأرض .
- فتنة الأولاد التي قد تصيب الإنسان بالتفاخر أو تعوقه عن الدعوة في سبيل الله .
- فتنة الجاه والمنصب التي تصيب الإنسان بأمراض العجب والغرور والتعالى على الآخرين ، وربما تقوده إلى الكفر والشرك بالله .
- فتنة الخيلاء والتكبر على عباد الله استعلاء في الأرض .
- فتنة الاضطهاد والإيذاء والظلم التي يتعرض لها الدعاه إلى الله سبحانه وتعالى .
- فتنة السجون التي يلقى فيها الدعاة إلى الله ظلما وعدوانا .
- فتنة المرض الذي يتعرض له الإنسان .
- فتنة الموت أو مصيبة الموت التي هي من آيات الله سبحانه وتعالى للاختبار.
وهذه الفتن وغيرها توجب على المسلم أن يتدبرها ويدرس سير الرسل والأنبياء وغيرهم ممن ساروا على نهجهم ليعرف السبيل للنجاة منها "
وهذا الكلام يتعارض مع أن كل لحظة فى حياتنا هى ابتلاء بشىء سواء كان خيرا أو شرا ولكننا لا نضع هذا فى حسابتا فالهواء الذى نشمه بلاء إن كان هواء ملوثا أو هواء ممزوج برواح المخدرات أو بروائح طيبة والماء الذى نشربه أو نستعمله فى حياتنا هو ابتلاء من حيث السرف والشح والاعتدال وحتى التبول والتبرز ابتلاء
وكرر الرجل ما طرحه فى الاجابة على سؤال ما هى آداب المؤمن فى الفتن بسؤال بألفاظ أخرى وهو:
" كيف السبيل للنجاة من الفتن ؟
أمل المؤمن المبتلى بمحنة أو بفتنة أن ينجو منها دون أن يسلك سلوكا لا يرضي الله ورسوله ، بمعنى كيف يحصن المؤمن نفسه من السخط والغضب والضجر والتجهم ، أو أن يصيح ويتلفظ بألفاظ تعبر عن سخطه ، فعلى سبيل المثال عندما يصاب المؤمن بفتنة موت حبيب أو عزيز ماذا يكون سلوكه ، فإذا صبر واحتسب وقال ما يرضي الله ورسوله (إنا لله وإنا إليه راجعون) فقد نجا من الفتنة وأخذ الثواب من الله ، أما إذا دعا بدعوى الجاهلية ولطم الخدود وشق الجيوب أو صرخ وتلفظ بكلمات فيها اعتراض على قدر الله ، فقد أذنب وتحمل الوزر وحرم من الثواب .
ويحتاج المؤمن إلى معرفة كيف السبيل أو السبل للعصمة والنجاة من أن يسلك سلوكا لا يرضى الله ورسوله عند المحن والفتن "
فالسبيل للنجاة واحد وهو طاعة حكم الله