لجنة الأخبار
مشرف
- المشاركات
- 7,533
- الإقامة
- عرب فوركس
عندما تشتري شركة طيران مكسيكية طائرات برازيلية، فمن المحتمل أن تمول عملية الشراء بقرض بالدولار الأمريكي تحصل عليه من بنك غير أمريكي، هذا مجرد مثال واحد على دور الدولار الضخم في المعاملات المالية الدولية بين المؤسسات غير الأمريكية.
فما الذي يحدث إذا وجدت البنوك غير الأمريكية أنها أمام نقص مفاجئ في الدولار؟ هذا هو ما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية في الفترة 2007-2008، حين أحجمت الشركات المالية الأمريكية عن تقديم قروض دولارية لنظرائها الأجانب، بحسب تحليل نشره صندوق النقد الدولي.
ولمنع انهيار النظام المالي العالمي، قدم بنك الاحتياطي الفيدرالي قروضا طارئة تتجاوز قيمتها 500 مليار دولار إلى البنوك المركزية في الخارج، بحيث تستطيع إقراضها بدورها للبنوك التي تعاني من نقص الدولارات في بلدها الأم.
وتُواصل البنوك غير الأمريكية القيام بدور رئيسي في الإقراض بالدولار لمختلف دول العالم، وارتفعت أصولها الدولارية بالفعل إلى 12.4 تريليون دولار مع منتصف عام 2018 بعد أن كانت 9.7 تريليون دولار في 2012، ولا تزال قريبة من مستويات ما قبل الأزمة كنسبة من مجموع أصولها.
وبالرغم من أن الإصلاحات التي أُجريت بعد الأزمة المالية عززت قوة النظم المصرفية حول العالم، فإنه من الواضح أن البنوك غير الأمريكية لا تزال معرضة لنقص إمدادات الدولار مما قد ينقل الصدمات إلى اقتصاداتها المحلية وإلى الدول التي تقترض منها.
ويوضح صندوق النقد فيما يلي مجموعة من المؤشرات لمساعدة صناع السياسات على قياس المشكلة كما يجب.
إذن كيف تحصل البنوك غير الأمريكية على الدولارات التي تحتاجها لتمويل أصول كالقروض التي تقدم لمشترين المكسيكيين للطائرات البرازيلية؟ على خلاف البنوك الأمريكية، لا يتوافر لهذه البنوك إلا حيز محدود للوصول إلى قاعدة مستقرة من الودائع الدولارية.
ومن ثم، فإنها تضطر للاعتماد بشكل كبير على مصادر التمويل قصيرة الأجل وربما الأكثر تقلباً، كالأوراق التجارية والقروض المستمدة من بنوك أخرى.
وإذا كانت هذه المصادر غير كافية، تتحول البنوك غير الأمريكية إلى أدوات تُعرَف باسم مقايضة العملات الأجنبية وهى أكثر تكلفة وقد لا يمكن الاعتماد عليها في أوقات الضغوط.
واستخدم صندوق النقد ثلاثة مقاييس لتحليل تعرض البنوك غير الأمريكية لمخاطر التمويل الدولاري وتعرضها لاحتمال نقص إمدادات الدولار.
ويوضح أحد المقاييس أن الفجوة بين الأصول والخصوم المقومة بالدولار اتسعت إلى نحو 1.4 تريليون دولار، أو 13بالمائة من الأصول، بعد أن كان مقدارها 1 تريليون دولار، أو 10 بالمائة من الأصول في منتصف 2008.
وهذه الفجوة التي تسمى بفجوة التمويل عبر العملات تعكس مقدار التمويل الذي يتعين إيجاده من خلال أدوات مثل مقايضات العملات الأجنبية، مما يجعل البنوك أكثر تعرضاً للخطر.
وأما المقياس الثاني الذي يركز على الأصول الدولارية عالية السيولة، التي يمكن بيعها بسرعة في أوقات الضغوط لتعويض الانسحاب المفاجئ للتمويل بالدولار.
ويوضح هذا المقياس أن السيولة الدولارية تحسنت منذ الأزمة، لكنها لا تزال أدنى من السيولة الكلية في الميزانيات العمومية للبنوك.
وهناك مقياس ثالث يعكس قدرة البنوك على تمويل أصولها الدولارية على مدار فترة زمنية طويلة باستخدام مصادر مستقرة، وهذا المقياس، الذي يُطلق عليه نسبة التمويل المستقر بالدولار الأمريكي، لم يتحسن إلا بدرجة محدودة منذ عام 2008.
وكما أوضحت الأزمة، فإن زيادة تكاليف التمويل الدولاري يمكن أن تنتقل تداعياتها عبر النظام المالي العالمي.
وارتفاع التكاليف يزيد من احتمالات تخلف البنوك عن السداد في الاقتصاديات المحلية بالنسبة للبنوك غير الأمريكية التي تعتمد على التمويل الدولاري.
والأكثر من ذلك، أنها تزيد من الضغوط في البلدان التي تتلقى قروضاً من البنوك غير الأمريكية، مع تعرض مقترضي الأسواق الناشئة لأكبر المخاطر نظراً لعدم استطاعتهم إيجاد مصادر تمويل بديلة بسهولة.
كما أن ضعف التمويل بالدولار يمكن أن تعمل كأداة لتضخيم الآثار، لأن هذه الآثار السلبية تظهر خاصةً كلما ارتفع مستوى التعرض على أي من المقاييس الثلاثة سالفة الذكر.
وعلى الجانب الإيجابي، فإن هناك عدة عوامل، بعضها مرتبط بالسياسة مباشرة، يمكنها العمل كأدوات مخففة للمخاطر، مما يتيح لصناع السياسات سبلا لحماية اقتصاداتهم في حالة نقص إمدادات الدولار.
ويعد ضمان السلامة الكلية للنظام المصرفي، مع وجود بنوك تتمتع بمستوى أعلى من الربحية ورأس المال، من الوسائل الممكنة لتوفير هامش وقائي.
ويمكن أن تكون زيادة حيازات البنوك من الاحتياطيات وسيلة أيضاً لسد الفجوة إذا قلت السيولة الدولارية.
وأخيراً، يمكن لترتيبات مبادلة العملات بين البنوك المركزية التي تتيح الحصول على دولارات أمريكية أثناء فترات الضغوط أن تساهم بدور مهم أيضاً في هذا الشأن، مثلما فعلت أثناء الأزمة المالية.