إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

$>"<$ دروس تعليمية فى كيفية الكتابة الصحفية $>"<$

ش

شهيد الرومانسية

Guest
11cy0qv9rb7.gif


إخوتى الاعزاء

موضوعنا اليوم
موضوع انطلب كثيرا من الاخوة الاعضاء
والحمد لله عثرت على موقع جيد جدا
لتعليم فنون الكتابة الصحفية
وان شاء الله سأقدم لكم مجموعه من الدروس
والحلقات لانواع الكتابة الصحفية
من التحرير الصحفى وكتابة التحقيقات
وصولا الى كتابة المقالات والتقارير
وأتمنى من الله تعالى أن يفيد بها
من اراد أن يستفيد
ويكون قلمه هو صوت الحق
وقديما قالوا
سطوة القلم أشد من سطوة السيف
أترككم مع الحلقة الاولى

e12107fa6ebz2.gif

الحلقة الأولى :
مقدمه فى فنون التحرير الصحفى
يأتى فن التحرير الصحفى أحد الأركان والفنون المهمة التى إعتمدت عليها صناعة الصحافة أمس واليوم ومستقبلاً على اعتبار أن قوام أى صحيفة أو مجلة يقوم على ثلاثة هياكل رئيسية هى:
(1) القسم الإدارى.
(2) القسم التحريرى.
(3) القسم الفنى.
والقسم الإدارى يقوم بالمهام الإدارية داخل الصحيفة
أو المؤسسة الإعلامية ويشمل رئيس مجلس الإدارة والإدارات التابعة له من إدارة إعلانات، ووحدة شئون عاملين، وإدارة الحسابات والمخازن ، وإدارة السيارات، ووحدة التوزيع والمرتجعات ، وموظفين الأمن والحراسة ، والسعاه وغيرهم.
أما القسم التحريرى فهو يشمل رئيس التحرير
الذى ُيعد وفق القانون المسئول عن كل ما يتم نشره من موضوعات وأخبار على صفحات الجريدة أو المجلة التى يرأس تحريرها، وبالتالى فهو يحاسب عن كل ما يتم نشره فى الصحيفة التى يترأس تحريرها من ناحية، ومعه كاتب الخبر أو الموضوع أو المقال من ناحية أخرى، ويعاون رئيس التحرير جهاز تحريرى كامل يضم نواب رئيس التحرير، ومدير التحرير ورؤساء الأقسام والمحررين الصحفيين بأقسام الصحيفة المختلفة، وهذه المهمة لا علاقة لها بكل ما يتصل بمهام الإدارة داخل الصحيفة أو المؤسسة .
أما القسم الفنى فيتمثل فى السكرتارية الفنية وهم القائمين على إخراج وتنفيذ صفحات الجريدة والاطمئنان على الأفلام قبل إعداد الزنكات ثم عمليتى الطباعة بجانب المصورين ومهندسى الطباعة، حيث يقوم هذا القسم بكل ما هو فنى داخل الصحيفة ولا علاقة له بالنواحى الإدارية أو التحريرية.
ومن هذا التصنيف يتضح أن القسم التحريري يمثل العمود الفقرى فى أى عملية صحفية أو إعلامية ، حيث لا توجد صحيفة دون أن يقوم على إعدادها مجموعة من المحررين الصحفيين فهم يقومون على جمع المادة الصحفية من مصادرها المختلفة ثم تسليمها إلى رئيس القسم التابعين له ، وبعد ذلك يختار منها ما يشاء، ويؤجل منها ما يشاء أيضاً، وبعض الموضوعات قد يتم استبعادها لعدم صلاحيتها للنشر، أو أن مضمونها لا يتفق وسياسة تحرير الصحيفة، أو خبر أو موضوع لا يرتقى إلى النشر حيث يوجد للنشر ما هو أفضل وأحسن. فن التحرير الصحفى:
تشير معاجم اللغة إلى أن "تحرير الشيء" أى كتابته ، ومعنى التحرير أى الكتابة، ويقولون تحرير صحفى يعنى الكتابة فى الصحفية، والمعنى فن الكتابة للصحف، حيث أنه باستطاعة أى إنسان أن يكتب ويحرر موضوعات ، ولكن ليس كل ما تم تحريره أو كتابته يصلح للعمل الصحفى .
ومن هنا يمكن تعريف التحرير الصحفى على أنه: فن نقل الوقائع والأحداث المهمة على صفحات الجريدة ، حيث لا ترصد الصحف إلا كل ما هو مهم ومثير ويترجم الأحداث اليومية بصورة أقرب إلى الموضوعية ، على الرغم من أن الموضوعية ُتعد من القيم النسبية فى الكتابة للصحف والمجلات ، فليست فى تحرير الصحف أخبار أو موضوعات يتم تحريرها بموضوعية كاملة ، دون حذف أو إضافة بعيداً عن تدخلات المحرر الصحفى نفسه ، أو رئيس القسم المباشر التابع له المحرر الصحفى ، أو حتى السياسة التحريرية والتى تمثل مجموعة المبادىء والقيم والقوانين والتشريعات التى تحكم عملية الكتابة لكل العاملين بالصحيفة بما فيهم رئيس التحرير نفسه، وُكتاب المقالات الذين تستعين بهم الصحيفة ضمن أبوابها المختلفة .
وعلى هذا فإن علم التحرير الصحفى يقوم أساساً على فن صناعة الكلمة والقدرة على صياغتها واختيار أفضل الكلمات والألفاظ الأقرب إلى التعبير الصحيح عن الحدث أو الواقعة التى يرصدها المحرر الصحفى .
وبالتالى فإن الكلمة التى نصف بها قطاً غير الكلمة التى نصف بها أسداً، كما أن الكلمة التى تنقل وقائع مباراة لكرة القدم من ملعب رياضى بالقاهرة ، غير الكلمة التى تنقل وقائع حريق قطار ، أو إنهيار عمارة سكنية ، أو غرق سفينة ركاب فى البحر ، أو سقوط طائرة بكل من فيها فى المحيط . ومن هنا فإن الكلمات التى تم توظيفها واستخدامها فى الأخبار والموضوعات التى أعقبت حصول الفريق المصرى لكرة القدم على كأس الأمم الإفريقية بعد فوزه على ساحل العاج فى المباراة النهائية بإستاد القاهرة ، ليست هى بطبيعة الحال مثل الكلمات والعبارات التى عبرت عن غرق العبارة المصرية (السلام 98) وهى على بُعد ساعة من ميناء سفاجا ؛ مع أن الحدثين كانا فى فترة زمنية واحدة، فما تم كتابته عن العبارة المصرية الغارقة بكل من فيها من مواساه وحزن على ضحايا الركاب المفقودين ، وحسرة وألم أهليهم وذويهم ، والعمل على سرعة صرف التعويضات (150 ألف جنيه لكل متوفى) و(15 ألف لكل ناجى) كان يقابل هذا كله أزمة المنتخب القومى مع الفرق الإفريقية ، واستعدادات المنتخب المصرى لساحل العاج ، وأزمة أحمد حسام (ميدو) مع المدرب حسن شحاتة بعد رفضه الخروج من مباراة السنغال ، وربما نسى الناس مأساة العبارة المصرية ومن كانوا عليها وأصبح الحديث عن رد فعل (ميدو) غير اللائق مع المدرب حسن شحاتة.
ومن هنا يمكن القول أن الإعلام عموماً (صحافة – إذاعة – تليفزيون) لعب دوراً مهماً عندما قام بنشر وبث قيماً وموضوعات من شأنها أن تخفف من حجم الكارثة أو الواقعة التى كانت مسيطرة على عقول واهتمامات الشعب بكاملة، وبالتالى فإن الصحف تتنافس فيما بينها بمقدار ما تتميز الصحف عن نظيراتها فى تحرير موادها الصحفية، فليس معنى أن تزداد مبيعات صحيفة وتحقق رواجاً بالسوق أنها أفضل من غيرها ، ولو تم الأخذ بهذا المعيار لقلنا أن جريدة (النبأ) المستقلة كانت تحقق فى يوم ما توزيعاً فاق كل الصحف القومية والحزبية ، كما أن جريدة (الدستور) استطاعت فى أعدادها الأولى بعد عودتها أن تحقق توزيعاً لم يحدث من قبل، إلا أنه وبعد أن أصبحت جريدة يومية هبط توزيعها إلى معدل يجعلها من الصحف التى يقبل عليها القراء بجانب نسب تكاد تكون متفاوته مع صحف أخرى مثل (المصرى اليوم – الوفد - العربى – وصوت الأمة – والأسبوع – والميدان – والجمهورية الأسبوعى – وأخبار اليوم – وأهرام الجمعة).
ورغم أن الخبر هو الخبر، والمعلومة بكل تفاصيلها تتناولها كل الصحف وتضعها ضمن أولويات النشر لديها ، إلا أن صياغة المعلومة ذاتها قد يختلف من صحيفة لأخرى، كما يختلف من محرر لآخر وفى الصحيفة الواحدة ؛ وبالتالى فالقيم التى يحملها الخبر أو المعلومة الجديدة يعاد ترتيب ألفاظها ومضمونها لتتفق مع سياسة تحرير كل صحيفة من الصحف التى فى طريقها لنشر الحدث أو الواقعة أو المعلومة .
كما أن قيم الخبر ذاته قد يختلف من وسيلة لأخرى ، فالإذاعة مثلاً لابد أن يرتكز تفوقها فى عملها ونقلها للأحداث والوقائع على دقة تحرير مادتها الإعلامية قبل إذاعتها، حيث يقوم المذيع قبل الحديث أمام الميكرفون بإعداد النص وتجهيزه والتأكد من مخارج الحروف والألفاظ لديه حتى يتأكد من سلامة النطق الجيد قبل إذاعتها على الجمهور بلا أخطاء.
أما تحرير الخبر التليفزيونى فيكاد يختلف حيث أنه وعلى الرغم من قيمة الحدث أو المعلومة وسرعة نقلها للجمهور فى التو واللحظة ، إلا أن الجانب المصور يصبح هو المهم مع المادة التحريرية المعبرة عن الحدث أو الواقعة، حيث يغلب الجانب المصور على الجانب التحريرى ، وبالتالى فالمذيع التليفزيونى يميل إلى اختيار الكلمات التى تعطى المضمون بسرعة ، حيث يتم اختصار كلمات الحدث ليكون دور الكاميرا هو المهم، فالجمهور الذى عرف بغرق العبارة المصرية بالبحر الأحمر لا يحتاج إلى كلمات تعبيراً عن الحدث بأكثر ما هو فى حاجة إلى رؤية ما يتم من عمليات إنقاذ لركاب العبارة الذين تم انتشالهم قبل أن تلتهمهم الأسماك المتوحشة بالبحر، وذلك وفق الرؤية التى تؤكد أن الصورة قد تعوض القارئ عن الكثير من الكلمات والمعانى ، هذا بالنسبة للصورة الصماء، فما هو الحال لو كانت الصورة متحركة وتدور الكاميرا فى جوانب المكان لتنقل بكل التفاصيل ما يحدث دون حجب للمعلومات المتداولة عن الحدث ذاته. وعلى هذا فإن تحرير المادة الصحفية تكاد تكون مختلفة من وسيلة إعلامية لأخرى، وذلك وفق ما تتسم به كل وسيلة عن أخرياتها من إمكانيات وخصائص حيث تقوم كل وسيلة بإبراز أفضل عناصرها لنقل الأحداث والوقائع للجمهور الذى ينتظر الجديد عن الحدث، وإن كان الكل قد يتفق على أن الحدث نفسه لابد وأن يكون مهماً ومثيراً ويستحوذ على اهتمام الجمهور عند نشره ،أو إذاعته، أو رؤيته تليفزيونياً.
ومن هنا يصبح الخبر هو المعلومة الجديدة التى لن يعرفها القراء أو الجمهور من قبل والرغبة فى الإحاطة الكاملة بكل تفاصيلها، ونظراً لما للكلمات من تأثيرات مختلفة وبما تثيره من معانى ومفاهيم متباينة فإن الأخبار والموضوعات الصحفية ترتبط بثلاثة أنواع من الصحف هى:
(1) الصحف المحافظة:
وهى الصحف التى تلتزم تقريباً بالجدية والاتزان والموضوعية فيما تنشره من أخبار وموضوعات، وفيما تستخدمه من أساليب فنية فى تجهيز وإخراج الصحيفة. (2) الصحف الشعبية:
وهى تلك الصحف التى تميل إلى أن تأخذ بالطابع الجماهيرى، والنزول إلى مستوى القراء، بما فى ذلك القارئ العادى ، وتسعى إلى جذب أكبر عدد من القراء وبالتالى تقوم على نشر كل ما يثير اهتمامات القراء وذلك باستخدام الأساليب الجذابة فى كتابة الموضوعات والأخبار وصياغة العناوين المصاحبة لهما ، وكذلك البهرجة فى الإخراج الفنى للصفحات، وعلى هذا فقد غالت وتمادت بعض الصحف المصرية والعربية فى السير فى هذا الاتجاه ، وعرفت بصحف الفضائح أو الصحافة الصفراء، أو القبرصية ، أو صحافة الإثارة ، أوالصحف الطائفية .
(3) الصحف المعتدلة :
وهى الصحف التى تسعى إلى أن تقف فى ( الوسط ) بين الصحف المحافظة والصحف الشعبية، وتأخذ من الإثنين معاً ؛ حيث تأخذ من الصحف المحافظة بعض ما تلتزم به من جدية واتزان فى اختيار الأخبار والموضوعات وأساليب وطرق الإخراج الفنى للصفحات، وتأخذ كذلك من الصحف الشعبية بعض أساليبها فى جذب أكبر عدد من القراء عن طريق العناوين المثيرة ، والصور الملفتة للنظر ذات الاتساعات الكبيرة، والألوان الجذابة بما يدفع القراء إلى متابعتها ، والحرص على شراء كل عدد يصدر منها.
وبخلاف التقسيم السابق فإن تحرير الخبر فى الدول المتقدمة يختلف بصورة كبيرة عن الأسلوب والطريقة التى يتم بها تحرير الخبر بها فى الدول النامية، حيث ما يزال الفرق شاسعاً، وأن الحرية الصحفية فى الدول المتقدمة تكاد تعكس الصورة الحقيقة لوضع الصحافة فى الدول النامية.
ماهى الصحافــة:
تعرف الصحافة على أنها مطبوع دورى يصدر بصفة منتظمة ، وتحت عنوان ثابت وينشر الأخبار والموضوعات السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية والاقتصادية ويشرحها ويعلق عليها، وهى تختلف بالتالى عن الدورية الصحفية. فالدورية كما عرفتها منظمة اليونسكو (Unisco) هى كل المطبوعات التى تصدر على فترات محددة أو غير محددة ، ولها عنوان واحد ينظم جميع حلقاتها، ويشترك فى تحريرها العديد من الكتاب والمحررين الصحفيين ويقصد بها أن تصدر إلى مالا نهاية. وقد قسمت منظمة اليونسكو الدوريات الصحفية إلى فئتين هما:-
(1) الصحف News paper:
وهى الجرائد ومنها الصحف اليومية ، والصحف غير اليومية (مرتين فى الأسبوع أو أكثر ) ، أو الصحف الأسبوعية، أو حتى النصف شهرية.
(2) المجلات Magazines:
وتنقسم إلى مجلات عامة تهم المثقف العام وتتناول كل مجالات الحياة المختلفة ، وأخرى متخصصة فى علم من العلوم المختلفة كالطب، الرياضة، الأدب، الفن، السينما، الاقتصاد، المرأة، الطفل، الشباب، ....) أما الدوريات العامة فهى تلك الصحف والمجلات التى تصدر فى مواعيد منتظمة تحت عنوان واحد سواء أكانت يومية أو أسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية.
والصحافة بهذا المعنى لا تعمل من فراغ، ولكن تدخل مع بقية النظم والمؤسسات الاجتماعية الأخرى القائمة فى المجتمع فى شبكة محكمة من العلاقات التبادلية فيما بينها.
ومن ناحية أخرى تخضع الصحيفة فى ممارستها لوظائفها وفى كافة عملياتها لطبيعة البناء الاجتماعي والسياسى السائد فى المجتمع، باعتبار أن هذه الطبيعة هى التى تحدد نمط ملكية المؤسسات الصحفية وأساليب إدارتها، ويفرض الخط الفكرى والأيديولوجي الذى تعمل الصحافة فى إطاره، ويحدد الوظائف والمهام التى تؤديها فى المجتمع ومن ناحية أخرى يمثل البناء الاجتماعي والسياسى مصدراً مهماً من مصادر المعلومات التى تستقى منه الصحافة الوقائع والأحداث، ويؤثر بالتالى على نوعية ما يتم طرحه فى الصحافة من أفكار ومفاهيم.
ورغم ما سبق لا يمكن تجاهل الدور الذى تلعبه المؤسسات الصحفية حيث تؤثر على الأنظمة الاجتماعية والسياسية القائمة، فالحدث الذى حمل الإساءة للرسول () من بابا الفاتيكان أو فى الصحافة الدانماركية دفع الصحف المصرية بكل توجهاتها وميولها إلى رد فعل قوى تجاه ما تم نشره من رسوم كاريكاتيرية تسيء إلى الإسلام والإعلان عن مقاطعة البضائع والمنتجات الأوربية، والمطالبة باعتذار رسمى للمسلمين فى كل دول العالم ، وكذلك احتجاج بعض الدول الإسلامية وقامت بسحب سفرائها وبعثاتها الدبلوماسية من دولة الدانمارك وغيرها من الدول التى أعادت نشر هذه الصور فى صحفها، مما يؤكد طبيعة العلاقة القوية بين الصحيفة من ناحية والأنظمة السياسية والإجتماعية القائمة فى المجتمع من ناحية أخرى.
فإذا كانت الصحيفة تتأثر بطبيعة المجتمع التى تعمل فى إطاره فإن قدرة الصحيفة على القيام بمهامها وتحقيق اتصال فعال يتوقف على ما يدور داخل هذه الصحيفة أو المؤسسة التى تصدر منها حيث يحكم عملياتها فى ذلك العديد من القيود والقواعد والتنظيمات فضلاً على ما تفرضه متطلبات العمل والنشر، وملء الصفحات التى تضمها الصحيفة كما أن الصحيفة مطالبة فى نفس الوقت بتقديم إنتاج صحفى متميز بعيداً عن التكرار والتفاصيل البعيدة عن اهتمامات القراء، وهى ضغوط تفرض على العمل داخل المؤسسات الصحفية وتؤثر فى النهاية على المنتج الصحفى، فضلاً عن الضغوط التى تتعلق بعامل الوقت والإمكانات المتاحة، والمنافسة الصحفية، وسياسة الصحيفة وتأثير النظام السياسى للدولة على الأنظمة الإعلامية التى تعمل فى إطاره بما يدفع إلى تجنب الاصطدام به، وانتقاء المواد الصحفية قبل نشرها لتفادى ما سبق الإشارة إليه.
هذا فضلاً عن أن كل صحيفة شخصية تميزها عن غيرها من الصحف تحريرياً وإخراجياً، كما أن لكل فرد شخصيته المتميزة والمتفردة، ولكل أمة شخصيتها القومية وهويتها الخاصة.
وعلى هذا فإن شخصية الصحيفة تحددها سياستها التحريرية من ناحية وجمهور القراء الذى تخاطبه من ناحية ثانية وأسلوبها التحريرى والإخراجى من ناحية ثالثة، فقد يجد المحرر الصحفى والجهاز التحريرى نفسه سيل من التساؤلات التى لا حدود لها حول المفيد وغير المفيد، والصالح وغير الصالح من الأخبار حيث يحسم الأمر فى النهاية القناعات الذاتية للعاملين بكل صحيفة ومدى فهمهم للواقع الحضارى والاحتياجات الأساسية للمجتمع الذى ينتمون إليه، حيث أن هذه القناعة وهذا الفهم لا يتأثر من فراغ وإنما هو وليد سياق اجتماعي وثقافى ومؤسسى معين يحدد رؤى العاملين بكل صحيفة ويوجه عملية انتقاء ونشر الأخبار بحيث تأتى فى النهاية تعبيراً عن هذا السياق وإفرازاً له .

المحاضر : د. مجدى الداغر
مدرس الاعلام والصحافة بكلية الاداب بجامعة المنصورة

الى اللقاء فى الحلقة القادمة ان شاء الله
 
الحلقة الثانية
العوامل المؤثرة على فنون التحرير الصحفى:
إذا كانت عملية إنتاج الصحيفة تبدأ من تحرير المواد الصحفية من أخبار وتحقيقات وحوارات ومقالات، وتقارير وغيرها وتنتهى بعملية الطباعة، فإن هناك العديد من العوامل التى تؤثر بالسلب أو بالإيجاب على كفاءة عملية التحرير الصحفى ومن هذه العوامل
الآتى:
(1) سياسة الصحيفة وتوجهها الفكرى والأيديولوجي.
(2) طبيعة النظام السياسى والاجتماعي السائد فى المجتمع.
(3) الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى المجتمع.
(4) المحررين الصحفيين داخل الأقسام الصحفية بالجريدة.
(5) المصادر الصحفية وطبيعة الحصول على القصة الخبرية.
أولاً : سياسة الصحيفة:
الثابت أن سياسة الصحيفة يتم وضعها قبل صدورها، وبالتحديد عند تأسيسها حيث يتم تحديد الخط الفكرى والسياسى الذى تقوم عليه الصحيفة، ثم يتم الحفاظ على هذه السياسة لسنوات طويلة، حيث تتم عملية انتقاء الأخبار والموضوعات وفق الرؤية التى تتضمن سياسة الصحيفة.
وقد يتم تعديل السياسة التحريرية للصحيفة بعد مدة زمنية طويلة من خلال اجتماعات دورية بين الإدارة والمحررين الصحفيين العاملين بالصحيفة، ويتم فى نهاية هذه الاجتماعات مناقشة الخطة الجديدة للصحيفة وطبيعة تغطية الأحداث المختلفة والموقف الملائم الذى يجب أن تتخذه الجريدة، وتعبر عنه حيال القضايا المطروحة على الساحة، والوقوف على طبيعة القصور الذى كان فى المرحلة السابقة قبل اتخاذ القرار بتعديل السياسة التحريرية للصحيفة، والتى تخضع هى الأخرى لعدد من المؤثرات هى:
(1) شخصية رئيس التحرير.
(2) الطابع المميز للصحيفة.
(3) احتياجات القراء.
(4) تمويل الصحيفة.
(5) الضغوط الاجتماعية.
(6) القوانين الصحفية.
(7) الولاء الوطنى.
(8) دورية الصحيفة.
(1) شخصية رئيس التحرير:
تؤثر شخصية رئيس التحرير فى طبيعة المادة الصحفية المنشورة بصفحات الجريدة، حيث يتحكم رئيس التحرير فى الأخبار والموضوعات المجازة للنشر من عدمه. وقد يميل رئيس تحرير لصحيفة ما إلى تفضيل الجانب الخبرى عن المواد التفسيرية والتحليلية، وقد يفضل آخر المواد التى تميل إلى السرد والتفاصيل عن المادة الخبرية، حيث أن لكل رئيس تحرير رؤيته فى ذلك، وإن كان هذا التوجه لا يخرج عن السياسة العامة للصحيفة، وبالتالى فقد يحقق جورنال نسبة توزيع أعلى فى فترة رئاسة تحرير شخصية معينة، تهبط هذه النسبة إذا ما تم تبديله برئيس تحرير آخر، بغض النظر عن الصحيفة وهل هى أكثر ميلاً للنظام السياسى للدولة، أم تختلف فى رؤيتها عن رؤية السلطة الحاكمة.
وعلى سبيل المثال فقد أكدت شركات التوزيع مدى ما كان يحققه الأهرام اليومى فترة رئاسة الأستاذ محمد حسنين هيكل له من حيث التوزيع اليومى للنسخ، والهبوط الذى أصابها بعد أن تنحى ن رئاسة تحريرها، فى حين قد لا تتأثر صحيفة بالتغير الذى قد يطرأ على رئاسة التحرير لها مثل جريدة أخبار اليوم بعد أن ترك الأستاذ إبراهيم سعدة رئاسة تحريرها، وتولى الأستاذ ممتاز القط رئاسة تحريرها حيث أن نسبة التوزيع تكاد تكون ثابتة، بجانب أن سياسة الصحيفة لم تتغير بعد خروج رئيس تحرير وتولى آخر مكانه، وهذا ما حدث كذلك بالنسبة لمحمد على إبراهيم عندما تولى رئاسة تحرير جريدة الجمهورية بعد أن ترك سمير رجب رئاسة تحريرها.
كما يؤثر رئيس التحرير كذلك على طبيعة المعالجة الصحفية من حيث الجدية والاتزان، أو من حيث الإثارة ونشر الفضائح، ويلاحظ أن مجلة(روزاليوسف) كانت تحقق نسبة توزيع مرتفعة عن وضعها الحالى وقت أن كان عادل حمودة نائب رئيس التحرير والقائم بعمل رئيس تحريرها مسئولاً عن سياستها، واستمرت فى الهبوط فترة تولى محمد عبد المنعم رئاسة تحريرها، كما لم ينجح مجموعة الشباب الذين تولوا إدارة وتحرير المؤسسة فى إيقاف هذا التراجع مما دفعهم إلى إصدار صحيفة يومية بنفس الاسم (روزاليوسف) تصدر يومياً عدا يوم السبت لتفسح المجال واسعاً أمام مجلة روزاليوسف الأسبوعية التى تصدر يوم السبت بانتظام.
وعلى هذا يمكن القول أن شخصية رئيس التحرير تلعب دوراً مهماً فى طبيعة المادة المنشورة بالصحيفة من ناحية، واتجاه المضمون بالصفحات من ناحية أخرى فى إطار السياسة العامة للصحيفة.
فالدور المهيمن الذى يلعبه رئيس التحرير فى الصحيفة قد يتوقف عليه مدى ما تحققه الصحيفة من عائدات التوزيع الأمر الذى ينعكس بالإيجاب على كل العاملين بالصحيفة.
(2) الطابع المميز:
تتسم كل صحيفة بطابع تحريرى وإخراجى مميز، وينعكس لك على معالجاتها للقضايا والموضوعات المنشورة بصفحاتها فهناك الصحف المحافظة أو الرسمية، وهناك الصحف المعتدلة التى تميل إلى الاتزان فى المدح والنقد، وأخرى تميل إلى الاتجاه الشعبى واللعب على أوتار الغرائز وتعيش على الشائعات والفضائح لكبار السياسيين ونجوم المجتمع، وكل هذه الصحف ترى فى طابعها أنها مميزة عن غيرها، وتلتزم وتتمسك بهذا الميل لفترات زمنية طويلة، فالصحف المصرية على سبيل المثال تتضمن التوجهات المشار إليها سلفاً، حيث أن هناك الصحف المحافظة (كالأهرام –والأخبار – والجمهورية – وروزاليوسف – ورأى الشعب – والسياسى المصرى). أما الصحف المعتدلة فيمثلها (الأسبوع، المصرى اليوم) بينما الصحف الشعبية فالأقرب لهذا النموذج (النبأ – الأنباء الدولية- الميدان – الخميس)، أما الصحف المعارضة التى تميل إلى نقد الحكومة والنظام السياسى كله (العربى الناصرى – الوفد – الأهالى – الدستور – صوت الأمة، والفجر). (3) احتياجات القراء:
ترى كل الصحف أنها تقوم على خدمة القراء، أو قطاع كبير من الجمهور، باعتبار أن القارئ هو المستهلك الأول للصحيفة وبالتالى ترتفع نسبة التوزيع بما يعود على الصحيفة بالربح والفائدة، لذلك تسعى غالبية الصحف إلى إعداد استطلاعات للقراء للوقوف على طبيعة المواد الصحفية التى يرغبون فى متابعتها، ورأيهم فيما يتم تقديمه، ومن هنا فإن جانب كبير من سياسة تحرير الصحيفة يتحدد فى ضوء احتياجات القراء من منطلق أنها صدرت لإشباع احتياجاتهم فى نواحى معينة لا يجدونها فى الصحف الأخرى.
(4) تمويل الصحيفة:
الصحيفة فى الأساس مشروع تجارى الهدف منها تحقيق عائد ربح من شأنه أن يطور من شكل الصحيفة والتوسع فى الصفحات لخدمة توجه معين، وبالتالى فالمشروع إن لم يحقق ربحاً نتيجة عملية التوزيع فإنه قد يتوقف بعض الوقت لمراجعة السياسة التحريرية المعمول بها فى السابق.
وقد لا تتأثر الصحف المملوكة للدولة بذلك نظراً لكون الحكومة تقوم بالإنفاق على هذه الصحف بغض النظر عن العائد الوارد منها وبالتالى فإن الصحف الحزبية والمستقلة إن لم تحقق ربحاً فإنها قد تتوقف وعلى هذا يصبح ولائها لمجموعة من المعلنين وبالتالى فالصحيفة بسياسة تحريرها يتم تطويعها لخدمة أهداف وتوجهات ومصالح الجهة التى تقوم على تمويل الصحيفة. (5) الضغوط الاجتماعية:
يوجد فى كل مجتمع جماعات ذات مصالح متباينة، تتنوع فى ميولها ما بين الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، حيث يتم مراعاة نفوذ هذه الجماعات عند وضع السياسة العامة للصحيفة، فهناك الصفوة السياسية التى تتحكم فى مقاليد الحكم والإدارة فى المجتمع، وكذلك جماعة رجال الأعمال، وأصحاب الاستثمارات الضخمة والاحتكارات الكبرى، والجماعات الدينية وغيرها، حيث تجد الصحيفة نفسها أمام طرح رؤية جماعة معينة باعتبارها صاحبة النفوذ الأقوى، فضلاً عن أن تباين هذه الجماعات من شأنه يفرض معالجات معينة بما يخدم مصالح الجماعة الأقوى. وعلى سبيل المثال فقد اضطرت جريدة الحياة البيروتية إلى الهجرة إلى لندن بعد تزايد الصراع الطائفى فى لبنان، بجانب هجرة العديد من الصحف العربية الأخرى لتعاود الصدور من الخارج بعد تعقب محرريها والاعتداء عليهم وعلى المقرات والمطابع الخاصة بها مثل جريدة (العرب الدولية – والقدس العربى) وهجرة الصحف الكويتية عند اقتحام قوات صدام حسين الكويت والاستيلاء على مقرات الصحف ومطابعها.
(6) القوانين والتشريعات الصحفية:
ينص القانون على فرض عقوبة على رئيس تحرير الصحيفة مع المحرر الصحفى الذى يعمل بذات الصحيفة عند التورط فى نشر خبر أو موضوع يحمل معانى الإساءة والسب والقذف لمسئول أو شخصية عامة، كما ينص على ضرورة البعد عن الموضوعات التى من شأنها إشعال نار الفتنة الطائفية بين طوائف المجتمع، أو نشر الجلسات السرية لمجلس الشعب، أو نشر الأخبار التى تخص الجيش والعتاد الحربى للدولة ما لم يكن هناك إذن من الأمن الحربى فضلاً عن ضرورة البعد عن الموضوعات التى تميل إلى الرذيلة وتهدم القيم والتقاليد التى تعد من أصول المجتمع.
وعلى هذا فإن الهدف من وراء القوانين والتشريعات التى يصدق عليها مجلس الشعب ويتم مناقشتها فى نقابة الصحفيين هو تنظيم الممارسة الصحفية فى ضوء المستجدات التى تطرأ على المجتمع والتى لم تكن مطروحة فى التشريعات والقوانين التى سبق العمل بها. (7) الولاء الوطنى:
تميل كل الصحف إلى أن تقوم بوصف نفسها على أنها صحيفة قومية بغض النظر عن التوجه الفكرى الذى تقوم على أساسه.
بيد أن هناك ثوابت قد تتفق عليها كل الصحف بغض النظر عن توجهها والجهة التى تقوم على تمويلها مثل المناسبات الدينية القومية التى تحتفل بها كل فئات الشعب مثل انتصار أكتوبر ورؤية هلال رمضان، ومساندة النظام السياسى عندما يتعرض للنقد من أنظمة أخرى، أو نشر ما يسيء إلى الوطن عن طريق منظمات أو جماعات خارجية، ولعل ذلك كان ملحوظاً عندما رفضت مصر التوقيع على معاهدة نشر الأسلحة النووية ما لم توقع إسرائيل على هذه المعاهدة، فضلاً عن وقوف الصحف المصرية والعربية بل والتى تصدر فى الخارج ضد الصحف الأوربية التى تسئ إلى الإسلام والنبى محمد ()، حيث حرك هذا السلوك كل الصحف بما فيها اليسارية والعلمانية إلى الدفاع عن رسول الله، والمطالبة بأن تتوقف حدود حرية الرأى والتعبير عن الأديان باعتبارها مقدسات لا يجب المساس بها أو التعرض لها بأى لون من ألوان الإساءة. (8) دورية الصحيفة:
تعد دورية الصحيفة (توقيت صدورها) من العوامل المؤثرة فى عملية التحرير الصحفى لأى صحيفة، وعليه تختلف طبيعة الموضوعات والأخبار المنشورة بالصحيفة ذاتها، حيث توجد الصحف اليومية، وهناك الصحف والمجلات الأسبوعية، وكذلك المجلات الشهرية والربع سنوية، وكل نوعية من هذه الصحف لها طابعها التحريرى المميز، حيث الاختلاف فى المعالجة وطبيعة التناول، أو التغطية التحريرية، حيث تتباين الأشكال أو القوالب المستخدمة، وأسلوب التعبير والألفاظ، إذ أن لكل تعبير ولفظ موقعه وموضعه، فالصحف اليومية يحكمها عامل الوقت والتسابق مع عنصر الزمن حتى تصدر الصحيفة فى ميعادها دون أن تتوقف عن الصدور يوماً واحداً، وعليه تميل هذه النوعية من الصحف إلى الإحاطة الخبرية السريعة بالأحداث المختلفة، وقد تميل إلى السرد ونشر التفاصيل فى صفحات الرأى والأعداد الأسبوعية التى تصدر عن الصحيفة اليومية مرة فى الأسبوع، كما تتجه الصحف الأسبوعية إلى نشر الوقائع والتفاصيل والأخبار التى وقعت على مدار الأسبوع السابق لصدورها، على العكس منهما تماماً تأتى المجلات الشهرية التى تتجه إلى نشر الموضوعات والملفات للموضوعات المطروحة خلال الشهر السابق لصدورها وطرح وجهات النظر المختلفة فيها، وعليه فإن الصحف والمجلات يحكم مضمونها وشكلها الإخراجى طبيعة المادة وتوقيت صدورها، فالصيغة التى تصدر يومياً تختلف عن الصيغة التى تصدر أسبوعياً أو شهرياً، أو نصف سنوياً.
وإجمالاً يمكن القول أن لكل صحيفة سياسية تحريرية تميزها عن غيرها من الصحف التى تصدر معها فى مجتمع واحد، حيث يقصد بها مجموعة المبادئ والقواعد التى تلتزم بها الصحيفة وتسير عليها عند تناولها للأخبار والموضوعات والأحداث المختلفة، بما يعنى إضفاء وجهة نظر الصحيفة فى كل ما ينشر فى صفحاتها من مواد تحريرية، بما فى ذلك أسلوب معالجتها للقضايا والمشكلات التى تحدث فى المجتمع، ومدى ميلها إلى الإثارة أو الاعتدال والتوازن فى العرض والتناول، حيث يصبح على المحرر الصحفى إيذاء هذه السياسة أن يلتزم بما عليها، وبالتالى تكون كل هذه المبادئ والقواعد محل انتباه المحرر الصحفى بالجريدة، وهى فى الغالب غير مكتوبة وتأتى من خلال الممارسة الصحفية وتغطية الأحداث والموضوعات بالصورة التقليدية، عندئذ يتم التوجيه بالطرق غير المباشرة إلى طبيعة الحصول على المادة الصحفية، ونوعية المادة المراد الحصول عليها، وطريقة صياغتها، وأسلوب التعبير الصحيح عن المضمون الذى حصل عليه. ثانياً : طبيعة النظام السياسى والاجتماعى السائد فى المجتمع:
الثابت أن لكل مجتمع من المجتمعات نظامه السياسى، وأهدافه التى يسعى إلى تحقيقها، وتترجم هذه الأهداف إلى مجموعة من السياسات والإجراءات التنفيذية التى تستهدف معالجة ما يواجه المجتمع من قضايا ومشكلات، وتحديات داخلية وخارجية بما يعنى خضوع المؤسسات الصحفية لهذه التوجهات باعتبارها من الوسائل التى يعتمد عليها النظام السياسى فى الترويج لأفكاره، فمن ناحية يحدد النظام السياسى نمط ملكية المؤسسة الصحفية وأساليب إدارتها، ويفرض الأيديولوجية التى تعمل الصحافة فى إطارها، ويحدد لها الوظائف والمهام التى تؤديها فى المجتمع فى الوقت الذى يصبح فيه البناء السياسى والاجتماعى مصدراً مهماً من مصادر المعلومات التى تعتمد عليها الصحافة فى استقاء المعلومات والبيانات وبالتالى فإن هذا البناء يؤثر بصورة مباشرة على نوعية ما يطرح من معالجات بالنسبة لمختلف القضايا والمشكلات التى يتعرض لها المجتمع، فضلاً عن أن العديد من الأنظمة العربية أفسحت مجالاً أوسع لصحفها بأن تتناول القضايا التى كان يحظر تناولها من قبل مثل نقد الحكومات وسلوكيات وتجاوزات المسئولين، بما يعنى المشاركة فى إصلاح النظام السياسى السائد. ثالثاً : الأوضاع السياسية والاقتصادية فى المجتمع: يؤثر الوضع الاقتصادى والاجتماعى لفئات المجتمع على تداول ونقل المعلومات، فالمجتمع الذى يعانى غالبيته من الفقر والأمية من شأنه أن يؤثر سلباً على توزيع الصحف، وعدم الاستفادة الكاملة من المضامين الصحفية المقدمة، بجانب أن العامل الاقتصادى قد يدفع القراء كذلك إلى عدم شراء الصحيفة التى يرغبون فى شرائها، فقلة الدخول، وتزايد البطالة وتدنى الأحوال المعيشية تؤدى بغالبية أفراد المجتمع إلى تفضيل البحث عن قوت يومه عن قراءة صحيفة، أو حتى الانتباه إلى ما يقال من تصريحات بصفحاتها. ومن هنا فالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية تؤثر على إنتاج وتحرير المواد الإعلامية المثارة عبر أجهزة الإعلام كما يلعب الوضع الثقافى والقيم السائدة فى المجتمع دوراً لا يقل أهميته عن الجوانب السابقة حيث قد تقف التقاليد حجر عثرة ضد أى استفادة حقيقية من المضامين الإعلامية المقدمة بل قد يتدافعون لوقف تغلغلها وسط التجمعات السكانية، وبالتالى قد لا يستطيع المحرر الصحفى الحصول على بيانات أو معلومات من هذه التجمعات المغلقة فيلجأ إلى أسلوب التخمين والتكهن بما يمكن أن يقوله هؤلاء الناس لو حقاً تكلموا.
رابعًاً : المحررين الصحفيين:
وهم يمثلون العنصر البشرى فى العملية الصحفية، وهم مجموعة الصحفيين العاملين بالصحيفة، حيث تخضع عملية الحصول على الأخبار وصياغتها إلى ثقافة كلٍ منهم وكفاءتهم المهنية والخلقية الاجتماعية التى أثرت فى توجهاتهم وسلوكياتهم، فهم يقومون على انتقاء قيماً معينة فى القصة الخبرية التى حصلوا عليها وإبرازها دوناً عن القيم الأخرى وقد يحكمه فى عمليتى الانتقاء السياسة التحريرية التى تحكم العمل داخل الصحيفة. كما تأتى الحاجة إلى بيع الصحيفة ورفع معدلات توزيعها سواء للحصول على الربح من خلال التوزيع والإعلان أو للمنافسة فى الأسواق تفرض على المحرر نشر ما يتصور أنه يحظى باهتمام وإقبال الجمهور، وعلى هذا تلجأ غالبية الصحف من التركيز على مضامين خبرية معينة كالفن والرياضة والحوادث وإهمال المضامين الأخرى كالموضوعات الثقافية والسياسية والاقتصادية، وبالتالى يصبح الملاحظ أن هناك تغطية إخبارية مكثفة لأنواع معينة من الأخبار بغض النظر عن القيم الإخبارية الأخرى.
كما تجدر الإشارة هنا إلى أن المحرر الصحفى تصادفه العديد من الضغوط التى تؤثر على صياغة الخبر منها ما هو اقتصادى، ومنها ما هو مهنى وعلاقته بزملائه ورؤسائه بالصحيفة، ومنها ما هو يرتبط بالتوجه العام للصحيفة من الهدوء والاتزان والطابع الرسمى. وعلى هذا فإن الضغوط السابقة تتفاوت حدتها وترتيب أولوياتها من مجتمع إلى آخر، ومن صحيفة إلى أخرى داخل المجتمع الواحد، بيد أن اللافت للنظر أن بعضها لها طابع أخلاقى يتصل بشخصية الصحفى والبعض الآخر له طابع مهنى يتعلق بتكوين الصحفى واستعداده المهنى وهى كلها أمور تؤثر على المعالجة المتزنة للأحداث وتدفع بها فى اتجاهات معينة.
الصفات الواجب توافرها فى المحرر الصحفى: على الرغم من الاتجاهات المتباينة للمحررين الصحفيين فإن هناك مجموعة من الصفات التى يجب أن يتصف بها كل المحررين الصحفيين وهى:
(1) اللغة السليمة:
يرتبط المحرر الصحفى بداية باللغة التى يتكلم بها غالبية المجتمع الذى يعايشه، حيث يشترط فى المحرر الصحفى أن يجيد اللغة التى يخاطب بها جمهوره وبلغة عربية سليمة بما فيها قواعد النحو والصرف والأسلوب الجيد فى التعبير عن الوقائع والأحداث، حيث أن مهارة إتقان اللغة والتحدث بها من شأنها أن تمكنه من تحقيق الاتصال الفعال مع مصادره التى تزوده بالبيانات والمعلومات، والجمهور الذى فى حاجة إلى الإشباع والإحاطة الكاملة بكل ما يحدث داخل وخارج المجتمع.
وعلى هذا فقد يكون من الحكمة أن يتقن المحرر الصحفى بعض اللغات الأجنبية (كالإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية مثلاً) حيث أن طبيعة العمل الصحفى قد تدفع رئيس التحرير إلى إرسال أحد المحررين بالصحيفة للسفر إلى دولة أجنبية لتغطية حدث أو مؤتمر عالمى ثم العودة مرة أخرى إلى الصحيفة، وبالتالى فقد تكون اللغة أحد المعوقات التى تحول بين المحرر الصحفى وبين السفر إلى الخارج لبعض الوقت، وعلى هذا فإن إتقان اللغة فى هذا الشأن قد تدفع المحرر الصحفى إلى التعرف على ثقافة البلد الذى ذهب إليه، ومحاورة ضيوف المؤتمر أو المهرجان أو المسئولين فى الدولة للإحاطة بالخلفية الكاملة لكل ما حدث على أرض بلاده. ومن هنا فإن الاتجاه الجديد فى المؤسسات الصحفية الكبرى فى مصر يقوم على ضرورة أن يكون المحرر الصحفى بارعاً فى علوم الحاسب الآلى كلغة جديدة، بجانب إتقانه للغة أجنبية أو عدد من اللغات تمكنه من التعامل مع كل شبكات المعلومات الدولية من ناحية والإطلاع على علوم وثقافة الدول الأخرى بما يعود على الصحيفة بالجديد والحديث عن الشعوب المختلفة، بجانب لغة بلاده الأصلية التى قد تمكنه قراءته للقرآن الكريم من التعامل مع مخارج الألفاظ والحروف بصورة جيدة.
(2) الذكاء الفطرى:
يشترط فى المحرر الصحفى أن يكون متمتعاً بقوة الملاحظة والقدرة على رصد وتحليل كل ما يراه ويطلع عليه، وتسجيل كل الوقائع والأحداث بالكامل وإعادة انتقاء المضامين المطلوبة منها، والقدرة على استرجاع الأحداث مرة أخرى بكل تفاصيلها. وقد لا يكون الذكاء المهنى موروث أو فطرى، بل أنه يأتى من طول الممارسة الصحفية والتعامل مع المصادر والجمهور فالصحفى الذكى هو ذاك الذى يستطيع أن يتوقع الأحداث قبل حدوثها عبر تحليله لما يراه من وقائع، ومن هنا فقد يسعى المحرر الصحفى إلى صناعة الخبر وسرعة تقديمه للجمهور قبل غيره، أو نشره فى صحيفة أخرى.
(3) الأمانة الصحفية:
وهى من الصفات التى تعنى بالمحافظة على أسرار الآخرين وعدم المساس بها، وأن تكون الموضوعات المنشورة أكثر تركيزاً على الوقائع والحدث موضوع النشر، وبالتالى فقد يكون التجريح وتناول الأعراض من الأمور التى يحاسب عليها القانون ويعاقب المحرر إيذائها بالغرامة والحبس، حيث قد تكون على هامش اللقاءات الصحفية التطرق لموضوعات أخرى تتضمن آراء شخصية عن قضايا ومشكلات جاءت على هامش الموضوع الأصلى يحذر نشرها من باب الأمانة، بجانب أن هناك ألفاظاً ومعانى قد لا يرغب المصدر فى نشرها يجب احترام رغبته وبالتالى لا يجوز نشرها.
(4) حب القراءة والإطلاع:
تؤدى القراءة المستمرة إلى تنمية قدرات المحرر الصحفى عند صياغة الموضوعات المختلفة، وتدعم قدرته على الفهم وتحليل القضايا والمشكلات والتعبير عنها بطريقة منطقية بجانب أن القراءة والإطلاع المستمر على كل ما هو جديد وحديث فى مختلف مجالات الحياة من شأنه أن ينمى قاعدة معلوماتية عند المحرر الصحفى يحتاج إليها عادة فى الكثير من الموضوعات المكلف بتغطيتها ومتابعة كل تطوراتها، فقد لا يكتفى الصحفى بما قرأه قبل الالتحاق بالعمل الصحفى بل يسعى إلى النهم من كل مصادر المعلومات المتاحة أمامه وخاصة بعد أن أصبحت المعلومات متاحة بصورة كبيرة عبر شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) وأصبح التسابق بين الوسائل المختلفة على الأسرع فى الحصول على الخبر وإحاطة القارئ أو المستمع أو المشاهد به قبل الآخر.
(5) معايشة الجمهور والتكيف معه:
تقوم الصحافة على نقل نبض الجماهير إلى المسئولين عن الأزمات والكوارث، وهى أيضاً التى تحمله بالأخبار التى تسعده وتضفى على قلبه البهجة والسرور بالتعيينات وزيادة المرتبات ورفع الضرائب وتوفير المساكن والعيادات الطبية والمستشفيات بالمجان، وعلى هذا يلجأ الصحفى فى المعتاد إلى التقرب من الناس ومعايشة آلامهم وأفراحهم وتطلعاتهم وآمالهم نحو حياة أفضل، وبالتالى فلا يجب أن يكون المحرر الصحفى فى ناحية ومشاكل وقضايا الناس فى ناحية أخرى فنجاح الصحيفة متوقف على مدى تعبير الصحيفة عن مشاكل الناس وأفراحهم وعلى المستوى الآخر قد يتعرض المحرر الصحفى لأزمات ومواقف صعبة من شأنها أن تحول بينه وبين الحصول على الخبر الصحيح من مصدره إذ يصبح من الأمور التى يجب أن يتحلى بها المحرر الصحفى قدرته على التعامل مع المصادر المختلفة، والدقة فى نقل الوقائع والأحداث مهما كلفه ذلك من متاعب وصعوبات، حيث أن من حق الجمهور على المحرر الصحفى أن يأتى إليهم بكل ما هو حقيقى وصادق.
(6) القدرة على التحرير الصحفى:
من الصفات التى يجب أن يتحلى بها المحرر الصحفى عند التحاقه بالعمل فى الصحافة أن يكون دارساً للصحافة، ولديه الدراية الكاملة بكل تفاصيل وصعوبات هذا العمل، إذ يصبح خريجو كليات الإعلام وأقسام الصحافة هم الأقدر على العمل فى مثل هذه المهنة، وخاصة وأن الاشتغال بالصحافة أصبح علماً له أصوله وقواعده التى يتم تدريسها عبر مقررات دراسية لمدة أربع سنوات فكلما أنه لا يجوز لخريجى الإعلام والصحفى الاشتغال بالمحاماة أو الطب أو فتح صيدلية، أو فتح مكتب للاستشارات الهندسية وغيرها، يصبح من المحتم أن يكون هناك قانون يحد من تزايد أصحاب المهن الأخرى من الاشتغال بالصحافة، إذ لا توجد مهنة أخرى لخريجى الإعلام والصحافة العمل بها، وإن كان ذلك لا يعفى خريجى الإعلام من إجادتهم لفنون الكتابة الصحفية الأمر الذى يميزهم عن التخصصات الأخرى الراغبة فى العمل بمهنة الصحافة.
خامساً : مصادر الصحفية وطبيعة الحصول عليها: يلجأ الصحفى عند حصوله على المعلومات المختلفة إلى مصادر عديدة تقوم على تزويده بكافة المعلومات التى يحتاج إليها عند تناول قضية أو موضوع ما من الموضوعات، ورغم تنوع هذه المصادر من (مندوبين – مراسلين – وكالات أنباء – إذاعات أجنبية – قنوات فضائية – مواقع الانترنت المختلفة – شهود عيان – صحف أجنبية... ) إلا أن هذه المصادر تصنف على أنها الجهات أو الأشخاص الذين ساهموا فى إنتاج المادة المقدمة إلى الصحيفة، وبالتالى فإن المصادر الصحفية من العناصر الأساسية اللازمة للمحرر الصحفى حتى يؤدى مهمته الصحفية على الوجه الأكمل، كما تتنوع وتختلف حسب طبيعة العمل الذى تؤديه، فهناك المصادر السياسية والعلمية، والرياضية، والفنية، والاقتصادية وغيرها.
وعلى هذا فهى تنقسم إلى عناصر مهمة هى:
(1) مصادر حية.
(2) مصادر مطبوعة.
(3) مصادر إلكترونية.
أولاً: المصادر الحية:
وهى المصادر التى يشترك فى صنع أخبارها عناصر بشرية حيث يوجد نوعان من المصادر الحية هما:
(1) مصادر داخلية:
وهم المصادر الحية التى تعمل على إعداد المادة الخبرية من مندوبين فى الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية المختلفة، ومراسلين فى المدن والمحافظات داخل إطار الدولة.
(2) مصادر خارجية:
وهى المصادر التى تأتى الأخبار والقصص الخبرية على لسانها وتوجد فى أماكن عملها ويقصدها المحرر الصحفى للحصول على معلومات جديدة، أو تأكيد معلومات وبيانات متداولة أو نفيها.
1- المندوب الصحفى:
وهو من المصادر الحية حيث يقوم بدور مهم فى الحصول على المعلومات الخاصة بجهات معلومة ومكلف من قبل الصحيفة بتغطية كافة الأنشطة التى تقوم بها هذه الهيئات حيث يتم توزيع الصحفيين بالمقر الرئيسى للصحيفة على الوزارات المختلفة، حيث يوجد مندوب وزارة التعليم، وآخر مندوب الداخلية، ومندوب للخارجية، ومندوب لوزارة التموين، ومندوب لوزارة الصحة، وآخر لوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة وينضم إلى هؤلاء مندوب رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ومجلس الشعب والشورى والهيئات القضائية المختلفة.
2- مندوب المحافظات:
يطلق عليه (مراسل المحافظات) وهو فى الأصل مندوب صحفى مكلف بتغطية كافة الأحداث التى تقع فى إطار الإقليم المكلف به بما فى ذلك القرى والنجوع والمدن التابعة للإقليم، وبالتالى فكل مندوب يختص بالمحافظة التى يعمل بها، بحيث لا يتعدى الأول على عمل الآخر المجاور له فى الإقليم، فالمندوب المكلف بتغطية كل الأنشطة بمحافظة مثل الدقهلية لا يجب أن يتعدى نطاق زميله الذى يعمل مندوباً صحفياً لمحافظة الشرقية أو دمياط، فكل مندوب له حدود فى التغطية لا يتعداها، وقد تكتفى الصحيفة بإرسال مندوب لها لتغطية الحدث بأى إقليم بالدولة والعودة بعد تغطية الحدث دون أن يكون لها مندوباً معتمداً للصحيفة بالإقليم، وربما تلجأ بعض الصحف الكبرى من وجود أكثر من مندوب فى الإقليم الواحد، فمحافظة كبيرة مثل الشرقية يقوم على تغطية أخبارها وما يحدث بها من أنشطة عدد من المندوبين.
3- المراسل الصحفى:
وهو المحرر الصحفى المكلف بتغطية أحداث وقعت خارج نطاق الدولة، وقد يكون له صفة الدوام ويسمى المراسل المقيم، وإما أن يكون لتغطية حدث معين ثم العودة إلى مقر عمله بالصحيفة.
(أ) المراسل المقيم:
وهو المكلف من الصحيفة بتغطية ما يحدث فى دولة ما وله صفة الإقامة الدائمة، بمعنى أنه لا يعود إلى مكتبه بالصحيفة بعد انتهاء طبيعة عمله، بل يقيم فى العاصمة الكبرى للدولة يتابع ويرصد ويسجل ثم يصيغ ويرسل الأخبار والموضوعات لمقر الصحيفة، ولكن نظراً للتكلفة المرتفعة فى إقامة صحفى بدولة أخرى، تهتم الصحيفة بأن يكون لها مراسلاً مقيماً فى البؤر الساخنة فى العالم والعواصم الكبرى فالأهرام لها مراسلاً مقيماً فى واشنطن، وآخر فى موسكو وثالث فى باريس، ورابع فى ألمانيا وهكذا يحدث فى جريدة أخبار اليوم، إلا أن الملاحظ أن هؤلاء المراسلين المقيمين هم أنفسهم مراسلو القنوات التليفزيونية المصرية الأرضية والفضائية وبالتالى تتحمل هذه القنوات جزء من التكلفة حيث أن عمل المراسل المقيم موزع بين الصحيفة التى يعمل بها والقنوات الفضائية التى يزودها بالمعلومات عن الدولة المقيم فيها. (ب) المراسل المتجول: وهو الذى يقوم على تغطية أحداث معينة طرأت فى مكان ما فى العالم، ومطلوب من الصحيفة أن تزود قرائها بالمزيد من المعلومات عن الحادث، أو الإحاطة الكاملة به بكافة تفاصيله، وعليه تقوم الصحيفة بإرسال أحد محرريها ممن يجيدون لغة البلد المطلوب تغطية الحدث بها فيقوم بتغطية الحدث ثم إرساله إلى مقر الصحيفة ويعود بعد ذلك إلى مكتبه بقر الصحيفة. وتلجأ الصحف إلى المراسل المتجول فى حالة عدم وجود مراسل مقيم للصحيفة بهذا المكان من ناحية، وأن الحدث جاء بمكان لم يكن متوقعاً حدوث ذلك فيه من ناحية أخرى.
ثانياً: المصادر الإلكترونية:
وهى المصادر التى طرأت فى نقل المعلومات بطريقة آلية دون الحاجة إلى المندوبين والمراسلين الصحفيين مثل متابعة الإذاعات، ووكالات الأنباء، والقنوات الفضائية وشبكة المعلومات الدولية (الانترنت).
ثالثاً: المصادر المطبوعة:
وهى المصادر التى يتم إنتاجها عبر المطابع المختلفة مثل الصحف والمجلات الأجنبية، والمطبوعات، والدوريات، والمطويات، والمنشورات، والتقارير السنوية، والبيانات.
واستناداً على ما تقدم فإن العمل الصحفى يقوم على دعائم ثلاثة تتحدد إجمالاً فى كل من:
(1) فن التحرير الصحفى.
(2) فن الإخراج الصحفى والطباعة.
(3) فن إدارة الصحف.
حيث يمثل التحرير الصحفى العمود الفقرى للصحيفة، وذلك على أساس أنه لا توجد صحيفة أو مطبوع منشور دون مادة تحريرية، وعليه يمكن التأكيد على أن النشاط الصحفى ونجاح الصحيفة فى أداء دورها ورسالتها يتوقف فى المقام الأول على كفاءة الجهاز القائم بالتحرير بأقسامه الفرعية المختلفة، والتى تضم كتاب ومحررى المقالات الافتتاحية والأعمدة الثابتة ومراجعى الأخبار ومَنْ يقومون بإعادة الصياغة (الديسك) والذين يتلقون الأنباء من الخارج ويعدونها للنشر، وكذا مجموعة المحررين والباحثين الذين يتولون كتابة التحقيقات الصحفية، ومَنْ يقومون بتصوير الأحداث والتقاط جميع الصور اللازمة للموضوعات والتحقيقات الصحفية، فضلاً على دور المخرجين الصحفيين فى إعداد التصاميم المختلفة للصفحات بحيث يتم وضع الأخبار والموضوعات فى أماكنها المناسبة على الصفحات بجانب التصور الإخراجى الملائم لمضمون كل صفحة، حيث تأخذ الصفحة الدينية تصور إخراجى معين مختلف بطبيعة الحال عن التصور الإخراجى لصفحات الفن والرياضة والمنوعات وعليه فإن نجاح عملية التحرير الصحفى تتوقف على إيمان إدارة المؤسسة بالرسالة التى تقدمها الصحيفة للقراء، وإدراك الجهاز الإخراجى والطباعى بأهمية وضع هذا المضمون فى الشكل الإخراجى المناسب. إلى اللقاء فى الحلقة الثالثة دكتور مجدى الداغر
 
الحلقة الثالثة
ماذا نعنى بالخبر الصحفى؟؟
تناولت العديد من الكتابات الصحفية وغير الصحفية ماهية الخبر الصحفى كما سعت العديد من الدراسات العلمية إلى تقديم تعريف محدد للخبر الصحفى وانتهت إلى أن تبنى مفهوم مطلق للخبر ينسحب على أى زمان أو أى مجتمع أمر ينطوى على تبسيط مخل أو تجريد يتجاهل حقيقة التباين فى الظروف والتفاصيل، وأنه لا يوجد تعريف واحد للخبر، ذلك أن مفهوم الخبر شئ يختلف من عصر إلى عصر، فالمفهوم السائد فى القرن التاسع عشر، أو حتى القرن العشرين، غير المفهوم السائد فى القرن الحادى والعشرين، بل أن المفهوم السائد فى النصف الأخير من القرن العشرين غير ذلك المفهوم الذى يسود فى الستة سنوات الأولى من القرن الحادى والعشرين، فضلاً عن أن مفهوم الخبر فى الدول الليبرالية لا تتفق مع مفهومه فى الدول التى ما تزال تؤمن بالمبادئ الاشتراكية أو الدول العربية والشرق أوسطية، الأمر الذى أدى إلى تنوع وتعدد التعريفات الواردة فى شأن تحديد مفهوم الخبر الصحفى ولكن صعوبة تقديم تعريف جامع مانع للخبر لا يجب أن يؤدى إلى تجاهل أهمية تحديد هذا التعريف، وإن كانت النتيجة أنه لم يتفق الرأى حول التعريف الأمثل، ولم يجمع على معنى يشتمل على عناصر موحدة للخبر، رغم ما بلغه عدد التعريفات الواردة له من رقم يتعذر حصره.
وقد يأتى مصدر التضارب والخلط فى تحديد فهم مدلول الخبر الصحفى لدى العديد من أساتذة الإعلام وممارسى مهنة الصحافة من عدم التمييز بين لفظ الخبر من ناحية، والخبر ذو القيمة من ناحية أخرى فإذا كان الاتفاق على أن كل معلومة جديدة ومهمة للجمهور تعد خبراً صحفياً، فإن المؤكد أنه ليس شرطاً أن المعلومة الجديدة تهم قطاع كبير من الناس، وبالتالى فليس كل المعلومات الجديدة أخباراً صحفياً وتصلح للنشر بالصحف.
الخبر فى القرآن الكريم:
ورد الخبر فى العديد من الآيات القرآنية بمعنى النبأ، على اعتبار أن الخبر هو النبأ والعكس، فهما مترادفان، ففى المعجم الوسيط يقول نبأ الرجل نبئاً، أى أخبره وأنبأه الخبر، والنبأ هو الخبر، وجمع أخبار أنباء.
ويقال نبأه بالشئ ، أى أخبره به، وفى القرآن الكريم.
 عما يتساءلون عن النبأ العظيم  النبأ – آية (1).
 نحن نقص عليك نبأهم بالحق  سورة الكهف- (13).
 قالت من أنبأك هذا قال نبأنى العليم الخبير سورة التحريم – (3).
 تلك القرى نقص عليك من أنبائها سورة الأعراف – (101).  قل أؤنبئكم بخير من ذلكم  سورة آل عمران – آية (15).
 يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا  الحجرات – (6).
 أحطت بما لم تحط به، وجئتك من سبأ بنبأ يقين  النمل (23، 24).
ومن هنا فإن الآيات القرآنية التى أشارت إلى أن النبأ هو الخبر الصادق الذى لا يحتمل التأويل أو الشك باعتبار أن مصدره الله سبحانه، وبالتالى فكل ما يردعن الله صدق، فى حين أن لفظ الخبر مفرداً دون تحميله على معنى النبأ يعنى المعلومة التى تحتمل الصدق والكذب، بعكس لفظ النبأ الذى لا يطلق إلا على كل ما هو صدق وحقيقى، فالخبر فى اللغة العربية يعنى المعلومة التى تحتمل الصدق والكذب، وفى الصحافة الرواية التى تثير اهتمام القراء.
أما على المستوى المهنى فقد كان "نورث كليف " هو صاحب أول تعريف للخبر عام (1865) عندما قال أن الخبر هو الإثارة والخروج عن المألوف، فالخبر ليس أن يعض الكلب رجلاً أثناء سيره بالشارع ولكن أن يعض الرجل الكلب وهذا هو الخبر، حيث ساد هذا المفهوم الصحافة الأوربية فى القرن التاسع عشر والقرن العشرين، بل لقد ظل هو الدستور الأساسى للصحافة الشعبية فى الولايات المتحدة وأوربا، حيث يسود هذا الاتجاه أساساً فى المجتمعات الليبرالية التى تؤكد على حرية الصحافة والعمل الصحفى، وتعمل فيها المؤسسات الصحفية بوصفها مشروع تجارى يسعى إلى الربح، وتحقيق السبق الصحفى إلى غيرها من الاعتبارات المهنية الفاعلة فى سوق الاستهلاك الصحفى والغاية التى تحكمهم فى ذلك هى زيادة التوزيع، وإبراز المهارة المهنية وتحقيق الرضا الذاتى عن النفس والنجاح فى العمل.
ويميل إلى هذا الاتجاه (جيرالد جونسون، وتوماس بيرى، وفريزر بوند، وجوزيف بولتيزر، وستانلى وويكر، وبيا ألبير).
(1) الاتجاه المهنى:
فالخبر الصحفى كما يراه "جيرالد جونسون" أن الخبر هو وصف أو تقرير لحدث مهم بالنسبة للجمهور، ومهم للصحفى نفسه، فهو الخبر القابل للنشر والمهم للجمهور.
- أما توماس بيرى" فيقول أنه الخبر "أى موضوع قابل للنشر، ويرى رئيس التحرير بأنه مهم لقراء صحيفته".
- بينما يؤكد فريزر بوند بأنه "تقرير وقتى عن أى شئ مثير بالنسبة للإنسان، والخبر الجيد فى رأيه هو الخبر الذى يثير اهتمام أكبر عدد من القراء.
- ويقول تشارلز دانا رئيس تحرير "نيويورك صن" أن الخبر هو أى شئ يجعل الناس تتكلم حول موضوع الحدث. - ويرى ستانلى ووكر وهو صحفى أمريكى شهير أن الخبر هو محصلة (المرأة، والجنس، والجريمة، والمال) أى كل معلومة جديدة عن المرأة أو الجنس أو الجريمة، والفضائح المالية.
- أما نيل ماكنيل مدير تحرير "نيويورك تايمز" فيرى أن الخبر هو جمع الحقائق عن الأحداث الجارية التى تثير اهتمام القراء لكى تطبعها الصحيفة.
- فى حين يؤكد وليم الميرى أن الخبر هو "المادة الأساسية فى الجريدة والتى تلقى قبولاً عند القراء. - أما بيار ألبير فيرى أن الخبر مجرد سلعة، فبجانب ضرورة أن يقدم الجديد والطريف من المعلومات يجب عليه أيضاً أن يمنح القراء ثقافة عامة فى مختلف القضايا والاتجاهات بما يحقق الإشباع الكامل للقراء. - فى حين يرى رائد الصحف الشعبية جوزيف بوليتزر أن الخبر يوجد عندما توجد الجدة والتميز والدراما، والرومانسية والإثارة والتفرد وحب الاستطلاع والطرافة والفكاهة، بشرط أن تكون هذه الأخبار صالحة لأن تثير اهتمامات القراء.
(2) الاتجاه الوظيفى:
ترى إجلال خليفة أن الخبر الصحفى يعنى الأهمية والصدق فى المعلومة، وتؤكد أنه تقرير عن حدث لم يكن يعرف عنه الناس من قبل.
أما محمود أدهم فيرى أنه "وصف موضوعى دقيق تطالع به الصحيفة أو المجلة قراءها فى لغة سهلة واضحة وعبارات قصيرة على الوقائع والتفاصيل والأسباب والنتائج المتاحة والمتتابعة لحدث حالى أو رأى، أو موقف لافت للنظر، أو فكرة أو قضية أو نشاط هام تتصل – جميعها – بمجتمعهم وأفراده وما فيه أو بالمجتمعات الأخرى، كما تساهم فى توعيتهم، وتحقيق الربح المادى لها.
أما كارل وارن فيرى أن الأخبار هى بعض وجوه النشاط الإنسانى الذى يهم الرأى العام ويفيده ويضيف إلى معلوماته جديداً، وعلى هذا فإن الاتجاه الوظيفى فى تعريف الخبر ترى أن الخبر هو كل ما يريد القراء أن يلموا به، وهو كل ما يود الناس قراءته بشرط ألا يخالف ذلك قواعد الذوق وقوانين خدش السمعة.
وبعيداً عن الاتجاهات المتباينة فى تعريف الخبر، فقد أجمعت العديد من التعريفات على أن الخبر الصحفى هو: • الخبر هو كل جديد لم يسمع عنه الناس.
• الخبر هو كل ما يهم الناس فى حياتهم.
• الخبر هو إيراد لحادث وقع تواً ويبعث على اهتمام القراء به.
• الخبر هو إيراد لحادث ترى الصحيفة أنه يعود عليها بالربح.
• الخبر هو كل معلومة جديدة يحتاج إليها غالبية القراء.الخبر هو كل طريف وجديد ومثير للاهتمامات.
• الخبر هو الرواية الأمينة وغير المنحازة للأحداث ذات الأهمية والنفع بالنسبة للجمهور. • الخبر هو كل ما يقع من أحداث فى أى مكان فى العالم.
الخبر الصحفى فى ضوء النظريات الإعلامية: يرى البعض أن تعدد تعريفات الخبر الصحفى يعود مرجعها إلى تعدد النظريات التى تناولت الخبر الصحفى، حيث توجد أربعة نظريات اتخذت من تعريف الخبر سمات تميز كل نظرية عن الأخرى فى صورة قواعد وأسس تتحكم فى أسلوب الحصول على الخبر الصحفى، وإعادة هيكلته من جديد ليتفق مع النظرية التى تنتمى إليها منظومة الإعلام فى المجتمع، والنظريات هى:
(1) نظرية السلطة
(2) النظرية الليبرالية
(3) النظرية الشيوعية
(4) نظرية المسئولية الاجتماعية
(1) الخبر فى نظرية السلطة:
تعد هذه النظرية أقدم نظريات الإعلام، حيث تقوم على أن الحاكم والحكومة هما الدولة والصالح العالم. وأن سعادة ورخاء الشعب تأتى من التسليم المطلق للحاكم والحكومة. وعلى هذا يصبح الخبر الصحفى فى إطار هذه النظرية هو "وقائع وأحداث تقرر الحكومة نشرها حيث ترى أن هذا النشر وسيلة لاستمرار وجودها وتدعيم نفوذها فى حكم الشعب، وعليه فالسلطة هى المصدر الأوحد للحقائق والمعلومات، وبالتالى ليس بإمكان أى صحيفة أن توجه النقد لأى تصرفات أو سلوكيات تقوم بها الحكومة أو أحد أفرادها، أو الحاكم والحاشية المجاورة له.
(2) الخبر والنظرية الليبرالية:
يقوم الخبر الصحفى وفق هذه النظرية على عنصر الإثارة طوال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين حيث كان تعبيراً عن الفلسفة الليبرالية التى سادت الحياة السياسية والاجتماعية فى أوربا والولايات المتحدة.
وتؤكد هذه النظرية على مستواها العام على حرية الفرد فى مجال العمل الاقتصادى دون تدخل من جانب السلطة أو الحكومات.
وفى مجال الإعلام تعنى حق الفرد فى معرفة كل ما يجرى حوله دون قيد أو شرط من منطلق أن الإنسان من حقه أن يتعرف على الحقيقة ولا يمكن لذلك أن يتحقق إلا عندما يتوافر للأفراد الحق فى التعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية تامة.
ومن هنا فإن هذه النظرية تقوم على حرية أجهزة الإعلام فى إمداد الأفراد بالحقائق والمعلومات بجانب التعبير عن الآراء بكل حرية دون قيود مهما كانت درجة اختلافها مع القاعدة العريضة من الشعب، وفى هذا الإطار لا يكون للسلطة أو الحكومات الدور المهم فى العملية الرقابية كما هو فى نظرية السلطة، أو النظرية الشيوعية، على اعتبار أن وسائل الإعلام تعد مشروعات خاصة يملكها الأفراد والجمعيات والهيئات المختلفة، وتمثل بعض وسائل الإعلام الجهات الحكومية أو السلطة الحاكمة مثلها فى ذلك مثل بقية الأفراد، فالكل له الحق فى امتلاك وسائل الإعلام.
وتعد وسائل الإعلام فى جمهورية لبنان، هى أقرب الأمثلة لهذه النظرية دوناً على الدول العربية الأخرى، وإن كان هناك اتجاهاً مماثلاً أصبح ملحوظاً بدول الخليج ولكن فى إطار عدداً من الضوابط التى تحكم عملية نشر الخبر أو بثه بالوسائل الإعلامية الأخرى.
وإجمالاً تقوم هذه النظرية على تحقيق عاملين هما: 1- الربح: حيث يكمن الهدف فى تحقيق السبق بما يعود ذلك على الصحيفة أو المؤسسة الإعلامية بالربح الوفير، اعتماً على الإثارة الصحفية.
2- المهن: ويأتى هذا المعيار من قاعدة التعامل مع الأحداث كما هى دون حذف أو إضافة، وأن الفرد من حقه أن يتم إحاطته بكل المعلومات دون رقابة أو شروط تحكم عملية وصول الخبر إلى القراء أو المشاهدين، وتصبح المشكلة لدى أنصار هذه المدرسة فى استحالة نشر كل ما يحدث من وقائع وأحداث وبالتالى لابد من الانتقاء واختيار قيماً معينة هى التى يتم نشرها دوناً عن العديد من القيم الأخرى، بيد أن الملاحظ من المعيار الأول يقوم على التهويل والمبالغة فى الأحداث وتضخيم الوقائع بإعطائها أحجاماً مخيفة لتحقيق الإثارة التى تستهوى القراء وتدفعهم لشراء الجريدة والإطلاع على موادها الصحفية.
وعلى هذا "الإثارة" هى العنصر الأساسى فى الخبر، والعمود الفقرى الذى يقوم عليه الخبر، فالخبر فى هذه المدرسة تلك المعلومة الجديدة التى تثير اهتمام أكبر عدد من القراء.
(3) الخبر: ونظرية المسئولية الاجتماعية: تقوم هذه النظرية على رفض الفردية المطلقة، وأنه يشترط أن يكون بجانب كل حرية مسئولية، وبالتالى يصبح كل من يتمتع بالحرية عليه التزامات معينة تجاه الناس والمجتمع، حيث يقوم الخبر الصحفى فى إطار هذه النظرية على تقديم المعلومات الجديدة عن الأحداث الجارية بصرف النظر عن وجود عنصر الإثارة فى هذه الأحداث من عدمه، وبجانب عنصر التشويق فى الخبر يجب أن تقدم معلومات جديدة لعدد كبير من الناس. وعلى هذا يصبح العنصر الأساسى فى الخبر فى ضوء هذه النظرية يتحدد فى الجدية والموضوعية والأهمية والفائدة والتشويق، وبالتالى فإن وسائل الإعلام المختلفة تعمل فى إطار مجموعة من المواثيق الأخلاقية التى تقوم على تحقيق مبدأ التوازن بين حرية الفرد من ناحية، ومصالح المجتمع من ناحية أخرى، الأمر الذى أضعف فى الواقع العملى من سيطرة الأخبار المثيرة فى الصحافة، وأفرز ما يعرف بالصحف الصفراء، أو صحافة الجنس والجريمة والفضائح. (4) الخبر فى النظرية الاشتراكية:
تؤمن هذه النظرية بفكر كارل ماركس صاحب ومؤسس النظرية الشيوعية فى الإتحاد السوفيتى السابق، الذى يرى أن كل وسائل ووحدات الإنتاج مملوكة للحكومة ويديرها الحزب الحاكم ويرسم لها سياستها وتوجهاتها والإشراف عليها، وبالتالى لم يكن من حق الأفراد أو الهيئات أو المنظمات أو الجمعيات المختلفة امتلاك وسائل الإعلام، حيث كان الهدف من ذلك استمرارية النظام الاشتراكى وتأكيد سيطرة الحزب، وتعد الصحافة هنا وسيلة أو جهاز مملوك للدولة، وبالتالى لا يحق لها أن تنتقد أهداف الحزب أو المبادئ الاشتراكية. وبشكل عام يلاحظ أن الخبر فى ضوء هذه النظرية يقوم على نشر كل الوقائع والأحداث التى من شأنها حث الأفراد وتوجيه سلوكياتهم فى اتجاه المبادئ التى رسمها الحزب أو الحكومة، وعليه يستخدم الخبر فى الدعاية الأيديولوجية والسياسية وهو ما من شأنه أن يفقد الخبر دقته وموضوعيته، بيد أن هذه المبادئ سقطت مع سقوط الشيوعية فى عام 1990 وتفكك الإتحاد السوفيتى، إلا أن بعض الدول فى الإتحاد السابق ما تزال تؤمن بالمبادئ الماركسية فى الإعلام، وبعض دول أسيا الوسطى وبلاد القوقاز، وشبه جزيرة البلقان والصين وبعض الدول التى ما تزال تعتنق المبادئ الاشتراكية.
إلى اللقاء فى الحلقة الرابعة
 
الحلقة الرابعة
تصنيفات الخبر الصحفى

أجمعت كل المصادر التى تناولت الخبر الصحفى أن هناك عدداً من العناصر يصبح الخبر سليماً من حيث الصياغة إذا ما توفرت فيه هذه التساؤلات:
من Who
ماذا What
لماذا Why
ومع تقليدية هذه التساؤلات، وأن البعض من أساتذة الإعلام يرى أهميتها فى الدراسات الأكاديمية فى الوقت الذى يرى فيه عدداً كبيراً من كبار الممارسين لمهنة العمل الصحفى أن هذه التساؤلات لم يعد لها القيمة التى كانت عليها قديماً حيث أن معايير صياغة الخبر اختلفت، وأن القوالب الصحفية لم تعد هى الأخرى مناسبة للشكل الخبرى الذى عليه المعلومات فى القرن الحادى والعشرين، فالمعلومة إذا اكتملت تصبح الحاجة معدمة بالنسبة لهذه التساؤلات.
وإن كان الباحث يرى ضرورة أن يكون هناك على الأقل إجابة عن أربعة تساؤلات فقط فى المعلومة حتى يكون لها صفة التمام والكمال هذه التساؤلات هى (من – ماذا – متى – أين) عدا ذلك فقد يكون من باب المتابعة الخبرية الكاملة، والبحث عن لماذا كان الحادث أو الواقعة، وكيف حدث؟؟ ومن هنا فإن الخبر الصحفى قد يكتفى بمعلومة يتم نشرها، هى فى الأساس معلومة لا تحتاج إلى متابعة خبرية، وإنما يأتى النشر بنهاية المعلومة، مثل قيام مسئول بالحكومة بافتتاح أحد المصانع أو المواقع الإنتاجية، وأن بيانات الخبر جاءت من أن المسئول جاء لموقع الإنتاج وافتتح المصنع، وأن التكلفة تراوحت حتى افتتاحه عدداً من الملايين وأن المصنع من شأنه أن يوفر أكثر من (1500) فرصة عمل لمهندسين وفنيين وعمال.
عند هذا قد لا يحتاج القارئ إلى معلومات أخرى، إلا فى حالة أن تشتعل النيران فى المصنع بعد انصراف المسئول ومرافقيه عند هذا تصبح متابعة الحدث واجبة والبحث عن لماذا حدث الحريق وكيف ومن المتسبب فى ذلك، وقد ينتهى الخبر بتصريح لمدير المصنع بأن الماس الكهربى كان وراء الحريق، وقد تقوم بعض الصحف فى البحث عن الأسباب الحقيقية للحدث فتلجأ لعدد من التحقيقات الصحفية مع العناصر المشاركة فى الحدث لمعرفة خلفيات الحدث وإحاطة القراء بكل التساؤلات التى قد يحتاج إليها القارئ.
ومن هنا فقد تكون المعلومة بسيطة، وتنتهى مع نهاية الحدث، وقد لا تكون بسيطة وتحتاج إلى متابعة لفنون تحريرية أخرى أوسع من التناول الخبرى، مثل (التحقيقات، والحوارات، والتقارير، والمقالات)، كما أنه ليس ضرورياً عند صياغة الخبر أن يتم عرض التساؤلات السابقة بالترتيب السابق، فقد يكون عنصر المكان (أين) هو أبرز العناصر فى أحد الأخبار، أو يكون هو اسم الشخصية التى يدور حولها الحدث (مَنْ) وقد تكون الواقعة أو الحدث ذاته (ماذا) هو محور الاهتمام، وقد يكون عنصر الوقت والزمن هو المهم (متى) وهكذا.
أنواع الخبر الصحفى:
يأتى تنوع الأخبار الصحفية نتيجة تنوع الأحداث فى مجالات الحياة المختلفة فضلاً عن التطور البشرى فى العلوم والمعارف والإنجازات والاكتشافات على مختلف أشكالها وصورها، وعلى هذا يمكن تقسيم الأخبار الصحفية من خلال النواحى التالية:
(1) من حيث الموقع الجغرافى:
ووفق هذا المعيار يوجد تقسيمات عديدة للخبر الصحفى، حيث يوجد الآتى:
(أ) الأخبار الداخلية:
وهى تلك الأخبار التى تحدث داخل إطار الدولة التى تصدر بها الصحيفة Home news حيث يضفى هنا عامل المكان أهمية على الخبر لما يمثله من أهمية خاصة لقراء الصحيفة.
(ب) الأخبار الخارجية:
وهى على العكس تماماً من الأخبار الداخلية، حيث أن الأخبار الخارجية هى الأخبار التى تقع خارج البلد الذى تصدر منه الصحيفة، حيث لم تعد اهتمامات الناس مرهونة بما يحدث على أرضها وإنما بما يحدث خارج هذه الدائرة كذلك، مثل البورصة، وأسعار البترول، الصراعات المختلفة والحروب والكوارث والأزمات والاغتيالات وحوادث القتل والإرهاب، كل هذه الأحداث من الأمور التى ترتبط بالمصالح العالمية حيث لا تخص دولة بعينها، وتهتم الصحف بإبراز مثل هذه الأخبار بصرف النظر عن الوطن الذى تنتمى إليه الصحيفة أو المجتمع الذى يقع فيه الحدث.
(جـ) الأخبار الإقليمية:
هى الأخبار التى تحدث وتقع داخل أقاليم الدولة التى تصدر منها الصحيفة مثل حوادث القرى والنجوع، وإن كانت تنتمى إلى منظومة الأخبار الداخلية، إلا أنها تتسم بأنها أكثر خصوصية حيث ترصد طبيعة مكان الحدث مهما كان قربه أو بعده عن العاصمة التى تصدر منها الصحيفة.
ورغم أهمية هذا التقسيم إلا أن هناك عدد من الآراء يؤكد على نسبية هذا التقسيم ذلك أن الخبر الذى ينشر عن حدث فى دولة هو خبر داخلى بالنسبة لصحفها لكنه يعد خبراً خارجياً فيما يتعلق بصحف غيرها من الدول، وعليه فإن الصحف عامة تختلف بطبيعة الحال فى درجة اهتمامها بنوعية الأخبار الداخلية والخارجية، ومن المنطقى أن تعطى الأخبار المتعلقة بقضايا ومشكلات الداخل مساحة تحريرية أكبر من تلك التى تحتلها الأخبار الخارجية ارتباطاً بمعيار موطن الخبر ومكان الصحيفة.
وقد لا يدخل عنصر المكان والتوقيت فى تحديد القيمة الإخبارية فقط بل يدخل هذا العنصر أيضاً فى قياس أهمية نشر الخبر وتفضيله على غيره فى جريدة معينة، فإذا كانت الجريدة تتجه فى الأساس لتلبية الاحتياجات الإعلامية للقراء فى المنطقة التى تصدر بها فإن أهمية الأخبار المحلية تفوق فى أهيمتها الأخبار الخارجية إذا ما تساوت الأخبار من حيث العوامل والقيم الإخبارية الأخرى.
(2) الخبر الصحفى من حيث توقيت الحدوث: يوجد نوعان من الأخبار وفق هذا التقسيم فهناك الخبر الذى يتوقعه المحرر الصحفى، وهناك أيضاً الخبر الطارئ، أو الخبر غير المتوقع.
(أ) الخبر المتوقع:
هو ذاك الخبر الذى يعلم بحدوثه المحرر الصحفىويتوقعه حيث أن له ميعاد محدد، ومعروف مقدماً، مثل افتتاح لمسئول لمصنع للحديد والصلب بشمال سيناء الأسبوع المقبل، أو السبت القادم، أو يفتتح غداً، أو يفتتح صباح اليوم. ومن أمثلة هذه الأخبار الاجتماعات والزيارات والمباريات، والمقابلات السياسية، وافتتاح المواقع والمؤسسات الإنتاجية المختلفة.
(ب) الخبر غير المتوقع (الطارئ):
وهو ذاك الخبر غير متوقع الحدوث، ولا يوجد له ترتيب مسبق فهى تقع دون مقدمات، وبالتالى فهى لم تكن متوقعة من الصحفى أو حتى من الصحيفة التى ستقوم بتغطيتها، ومن هنا فإن التسابق بين الصحف يكون فى سرعة نشر التفاصيل غير المعلنة عن الحدث غير المتوقع وأسباب وقوعه بما يحقق السبق الصحفى والانفرادات التى يتطلع إليها القراء.
(3) الخبر الصحفى من حيث مضمونه:
يوجد أيضاً نوعان لهذا التقسيم حيث ينقسم إلى الأخبار البسيطة، وكذلك الأخبار المركبة. (أ) الأخبار البسيطة: وهى نوعية الأخبار التى
تدور حول واقعة واحدة مهما تعددت تفاصيلها، ولا تحتاج إلى تفسيرات من جانب المحرر لكونها بسيطة ومعلومات موجزة، مثل افتتاح وزير الصحة لمستشفى المنصورة الدولى الذى تكلف (15) مليون جنيه، ومجهز بأحدث الأجهزة الطبية والمعملية، وأن المستشفى الجديد يستقبل يومياً مئات الحالات فى تخصصات الطب المختلفة.
(ب) الأخبار المركبة:
وهى الأخبار التى تتضمن أكثر من واقعة فى الخبر الواحد وتسود هذه النوعية فى الأخبار التى ترتبط بالأزمات والكوارث والانقلابات والحروب مثل الذعر الذى أصاب العالم بعد انتشار ما يعرف بـ (أنفلونزا الطيور) حيث قد يحمل الخبر الواحد مضامين عديدة منها انتشاره، ثم وفاة حالة فى الهند من الإصابة بالمرض، ثم ظهور حالات جديدة فى أسبانيا، وتقرير لمركز دراسات أوربى يؤكد خطورة هذا المرض على سكان العالم وأن المتوقع وفاة (15) مليون مواطن خلال العشر سنوات القادمة من خلاله، ثم اتهام تنظيم القاعدة بأنها وراء انتشار هذه الأوبئة الجرثومية فى أوربا.
(4) الخبر الصحفى من حيث القالب::
وفى هذا التقسيم يوجد نوعان من الأخبار، منها ما هو مفسر ولا يحتاج إلى متابعة تقريرية، ومنها ما هو بحت.
(أ) الخبر المجرد:
وهو ذاك الخبر الذى يتم الاكتفاء بنشره دون توضيح أو تفسير أو ذكر تفاصيله أو خلفيات الحدث نفسه. (ب) الخبر المفسر:
وهو ذاك الخبر مكتمل العناصر، ولا يحتاج إلى توضيح أو تفسير، أو حتى إضفاء معلومات أخرى عليه، حيث تؤدى المعلومات الواردة إلى الإحاطة الشاملة بكل ما يمكن أن يثار فى أذهان القراء من تعليقات. وعلى هذا فإن الأخبار البحتة تحتاج إلى متابعات أو تفاصيل لإشباع القراء، وخاصة إذا كانت الأخبار تحظى بأهمية كبيرة يصبح نشر التفاصيل من الأمور المهمة لأى صحيفة، وحق لكل قارئ يطالع الصحيفة، فالصحيفة الناجحة هى التى يتميز محرروها بالنشاط والمهارة وتركز على الأخبار غير المتوقعة والمبدعة، وهذا عمل صعب ويحتاج إلى جهد متواصل ولكنه الشرط اللازم لصنع صحيفة ناجحة. (فاروق – 167).
(5) الخبر الصحفى من حيث موضوعه:
ويرتبط هذا التقسيم بموضوع الخبر، حيث تتعدد أنواعه حيث توجد النوعية الآتية:
الأخبار السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والرياضية، والفنية، والعلمية، والعسكرية، والثقافية، والأدبية، والدينية، والأخبار الشخصية، والفضائية، والأخبار ذات الموضوعات التى ترتبط بالهيئات والوزارات والمحاكم والمرأة، والشباب، والمدارس، والجامعات والنقابات والقطاعات
الإنتاجية، والأحزاب والجمعيات، والمؤسسات الدينية. (6) الخبر الصحفى من حيث المرونة أو التحرك: يوجد نوعان لهذا التقسيم منها ما هو مرن، ومنها ما هو جامد.
(أ) الخبر الجامد:
وهو ذاك الخبر المكتمل فى عناصر ه وبناءه، ولا يحتاج إلى تفاصيل أكثر مما هو متضمن فى جسم الخبر. (ب) الخبر المتحرك:
وهو ذاك الخبر الممتد الذى يتطلب تغطية مستمرة ولم تنته وقائعه مثل الكوارث والحروب والأزمات، مثال ذلك "غريق العبارة المصرية السلام 98" (7) الخبر الصحفى من حيث إنتاجه:
ويوجد فى هذا الإطار نوعان من الأخبار حيث منها ما هو جاهز، ومنها ما هو مبدع كان المحرر الصحفى أساس تكوينه.
(أ) الخبر الجاهز:
هو ذاك الخبر الذى يحصل عليه المحرر الصحفى من خلال المصادر المتاحة دون بذل أى جهد فى الحصول عليه مثل أخبار الهيئات والوزارات والأحكام القضائية والمباريات وجولات وافتتاحات المسئولين للمواقع المختلفة وتأتى غالباً من نشرات ومطبوعات العلاقات العامة بتلك الهيئات، وعليه أن كل الصحفيين يحصلون على نفس الخبر.
(ب) الخبر المبدع:
فهو على العكس تماماً من الدور الذى يقوم به المحرر الصحفى فى الأخبار الجاهزة، حيث تكمن أهمية الخبر المبدع فى طريقة الحصول عليه، وأسلوب صياغته، حيث يقوم المحرر الصحفى بالمتابعة والبحث حتى يصل لحقيقة الخبر الصحفى بعد عناء وجهد شاق، ثم يعيد بعد ذلك صياغته على النحو الذى يراه، فهو الخبر الذى اكتشفه المحرر الصحفى.
أما فى الأخبار الجاهزة فالخبر يحصل عليه المحرر الصحفى مصاغ من جانب مكتب العلاقات العامة، أو المكتب الصحفى الملحق بالمسئول، وبالتالى ليس للصحفى دور فى الحصول عليه، ولا حتى فى صياغته بعكس الخبر الذى يتم إنتاجه من الدور الذى يقوم به المحرر الصحفى.
(8) الخبر الصحفى من حيث وزنه:
يوجد كذلك نوعان لهذا التقسيم حيث يوجد داخل أبواب الصحيفة الموضوعات والأخبار الجادة وكذلك الموضوعات الخفيفة.
(أ) الأخبار الخفيفة:
وهى نوعية الأخبار التى تحمل المضامين الخفيفة التى تؤدى دور مهم فى عملية التسلية والترفيه، والتشغيف، حيث منها ما هو علمى، ومنها ما هو فنى ورياضى وفكاهى وشبابى، وهذه النوعية من الأخبار خفيفة فهى ليست معقدة ولا تحتاج إلى رأى يؤكد أهميتها أو عدم أهميتها مثل أخبار الجرائم ونجوم الفن والمجتمع.
(ب) الاخبار الجادة:
وهى الأخبار التى تهتم بالموضوعات الجادة والمهمة الهدف منها الإحاطة الكاملة بكل القضايا والمشكلات ووجهات النظر المختلفة فى شأنها، ومن هذه الأخبار (الأخبار السياسية، والاقتصادية، والأدبية والثقافية، والدينية، وقضايا الرأى، أخبار التعليم، الشئون العامة، الصحة، الثروات المالية.
(9) الخبر الصحفى من حيث التلون:
يوجد كذلك نوعية أخرى من الأخبار، وهى تلك الأخبار التى تتسم بالموضوعية والحيادية فى النشر وهناك الأخبار الملونة.
(أ) الخبر الموضوعى:
هو الخبر الذى يحمل تفاصيل الواقعة أو الحادثة دون زيادة أو نقصان، ونشر كل التفاصيل الخاصة بها.
(ب) الخبر الملون:
وهو ذاك الخبر الذى يتضمن تفاصيل كثيرة عن الواقعة أو الحادثة دون أن يكون لهذه المعلومات مصادر يمكن أن يتم نسبتها إليهم، فهى معلومات غير محددة فقد يكون الهدف منها جس نبض القراء تجاه قانون، أو قضية ترغب الحكومة فى طرحها، وبالتالى يتم نشرها دون أن يكون المسئول هو مصدرها وتصبح فى هذه الحالة (بالونة الأخبار) وقد يكون الهدف منها تأكيد المعلومة إذا لقت هذه المعلومات ترحيباً عند الجمهور ويخرج التصريح فى اليوم التالى على لسان المسئول وقد لا يلقى الترحيب فيخرج المسئول المسئول كذلك لينفى هذه المعلومات وتحذير الجمهور من خطورة الشائعات التى يطلقها البعض دون أن يكون لها الصفة الرسمية.
(10) الخبر الصحفى من حيث الجهة التى تصدره:
وفى هذا يوجد نوعان من الأخبار أيضاً، فهناك الأخبار ذات الطابع الرسمى (الحكومى) وهناك الأخبار التى تخضع لآراء ووجهات نظر أفراد لا يعملون فى الجهاز الإدارى للدولة.
(أ) الخبر الرسمى:
وهو ذاك الخبر التى يحمل الطابع الرسمى، باعتباره قول أو تصريح، أو تأكيد من جانب مسئول بالجهاز الحكومى لقضية أو معلومة تحظى باهتمامات القراء.
(ب) الخبر غير الرسمى:
وهو ذاك الخبر الذى يبتعد تماماً عن الحكومة والسلطة، فهى ليست جهة إنتاجه، وإنما جاءت عملية إنتاجه عن طريق مسئولين فى هيئات ومنظمات وجمعيات وأحزاب، أو حتى شهود عيان، أو أى عمل وظيفى لا يرتبط صاحبه بمنصب حكومى.
وإجمالاً فإن هذا التقسيم السابق هو تقريباً كل ما يمكن أن يصادف المحرر الصحفى عند التحاقه بالعمل الإعلامى، وعليه فقد يتفق البعض على هذا التقسيم، وقد يرفض البعض الجزء منه، على اعتبار أن كل التفسيرات العملية محل شك وتأويل:
سمات وخصائص الخبر الصحفى:
بداية قد يلاحظ من نوعية الأخبار المتداولة فى غالبية الصحف فى العالم ارتفاع نسبة عناصر الإثارة والشهرة والتشويق والإنسانية والطرافة والغرابة فى الصحف الحزبية والمستقلة وانخفاض نسبة عناصر الأهمية، والمصلحة والتوقيت والتوقيع والضخامة فى الصحف عامة.
(1) الجدة أو الحالية:
وتعنى ضرورة أن يكون الخبر جديداً، معبراً عن الأحداث المهمة، فالخبر هو أسرع مادة قد تتعرض للتلف بمجرد مرور ساعات قليلة على وقوعه. (فاروق، 92). وتعنى الجدية نقل الحدث أو الواقعة فور وقوعها، وفى أسرع وقت ممكن، والخبر يظل متمتعاً بقيمته طالما ظل غير معروف لم يسبق نشره، وعليه تتنافس كل وسائل الإعلام على نشره فور وقوعه لتحقيق ما يعرف بالسبق الصحفى.
(2) الصراع:
تتمثل هذه النوعية فى أخبار الحروب والثورات والكوارث والأزمات والانقلابات والانتخابات السياسية أو النقابية حيث تتعدد الحوادث اليومية حتى فى المنافسات الكروية والعاطفية فهو يمثل نزعة أو غزية بشرية لا يمكن إنكارها، هذه النزعة قد تصبح ترجمة حقيقية نحو تفسير الجرائم الفردية اليومية كالقتل والاغتصاب والسرقة والسطو المسلح. (عبد الفتاح، 65).
(3) الصدق والموضوعية:
ذلك أن الصدق وما ينطوى عليه من صحة الخبر يمثل صفة جوهرية من أهم خصائص الخبر الصحفى، ومن جهة عملية أو واقعية فإن كلاً من صفتى الصدق والموضوعية تثير فكرة المعايير الأخلاقية للمهنة. فالموضوعية تعنى عدم تحريف الخبر بالحذف أو الإضافة، فالخبر الصحفى لا يجب أن يتلون أو يتغير حسب أهواء الصحيفة أو المحرر الصحفى، حيث يكون من الأفضل للصحيفة عند رغبتها فى تلوين الخبر، حذف من على الماكيت وعدم نشره تحسباً لحدوث خلل عند نشره وهو خالٍ من الموضوعية.
(4) الدقة:
وتعنى الدقة فى نشر الخبر ضرورة أن يذكر الخبر الحقيقة الكاملة بكل تفاصيلها، وقد يأتى عدم الدقة غالباً نتيجة عامل السرعة وعدم الاهتمام من التأكد من مصدر الخبر ذاته.
(5) الضخامة:
يرتبط عنصر الضخامة بالأحداث والوقائع الكبرى والتى تهم عدد كبير من الناس، وتستمد الضخامة هنا من مقدار اهتمام الناس بالواقعة بصرف النظر عن موقع حدوثها، فخبر غرق عبارة ركاب تحمل أكثر من (1500) راكب فى البحر الأحمر، لا يتساوى مع خبر صرف (10) مليون جنيه لتجديد ميناء بورسعيد وسفاجا.
(6) الأهمية:
عنصر الأهمية فى الخبر يعنى أنه يحمل فى طياته معانى الضخامة والشهرة، ولعل أهم ما يميزه هو أنه يحمل فى مضمونه معنى جاداً، حيث لا مجال لوصف أى حدث طريف أو غريب بأنه هام وطالما ارتبط الحدث بحياة الناس ومعيشتهم كلما كان بالنسبة لهم خبراً مهماً مثل زيادة الضرائب على العاملين فى الدولة، أو إلغاء الدعم عن السلع التموينية، أو تفعيل قانون المعاش المبكر، أو توظيف الخريجين، أو إلغاء مجانية التعليم بالمدارس والجامعات.
(7) الشهرة:
ويعنى أن يكون الخبر متصلاً بشخصية مهمة وبارزة على المستوى السياسى أو الفكرى أو على المستوى التاريخى، حيث أن أخبار المشاهير فى المجتمع تحظى باهتمامات القراء وحب الفضول فى متابعة تفاصيل الخبر.
حيث أن وفاة فنان كبير أو لاعب كرة شهير قد لا يقارن بوفاة مريض فى مستشفى طوارئ المنصورة، أو مركز الكلى ولعل وسائل الإعلام على مختلف اتجاهاتها تابعت لحظة – بلحظة الحالة الصحية للفنان أحمد زكى حتى وفاته، وكذلك الحالة الصحية للفنانة سعاد نصر ومدى التطور فى حالتها الصحية.
(8) الاهتمامات الإنسانية:
ويعنى تحريك أو مخاطبة عواطف القارئ، وتوجيه هذه العاطفة لتتخذ موقفاً تجاه موضوعاً بذاته، بالسلب أو بالإيجاب.
ويستهدف هذا النوع من الأخبار تحقيق الاستجابة العاطفية للقراء من خلال إضفاء العنصر الإنسانى على طريق عرض المعلومات عن الحدث، مثل:
إنقاذ الطفل محمد الذى نجى من عبارة الموت السلام 98، أو انهيار سور مدرسة على مجموعة من الطلاب أثناء حصة التربية الرياضية.
أو وفاة طفل على يد طبيب بعد حقنه بعقار سام أدى إلى وفاته.
(9) التشويق:
ويعنى هذا العنصر أن يحمل الخبر تفاصيل تدعو إلى المتابعة للخبر والأحداث المنشورة، والرغبة فى متابعة التفاصيل حتى إذا ما استمر النشر لأيام متتالية بشرط أن يكون هناك جديداً فى كل مرة. (10) الغرابة والطرافة:
الخبر الناجح هو الخبر الذى يتضمن كل ما هو طريف أو غريب، وبالتالى فكل ما هو خارج عن المألوف يمثل خبراً جديداً، فالمرأة التى أنجبت بعد سن الخمسين خبراً طريفاً، أو الرجل الذى تخطى المائة عام يتزوج من فتاة فى العشرين من عمرها، فهذه النوعية من الأخبار من شأنها أن تجذب القراء لقراءتها لأنها غريبة وخارجة عن المألوف.
طرق قياس أهمية الخبر:
مع تنوع القيم الإخبارية تأتى أهمية الخبر من حيث قدرته على تحقيق فائدة للقراء، فضلاً عن الترابط والتماسك بين عناصر الخبر. وتتنوع الطرق للآتى: (1) سعة الخبر:
ويعنى قدرته على إحداث تأثير فى المجتمع أو الحياة الاجتماعية بجانب عدد الأشخاص الذين يؤثر فيهم الخبر ويتعلق بشئونهم العامة.
(2) مكان وتوقيت الخبر:
يرتبط القراء بالقضايا والموضوعات الأقرب إليهم دائماً، حيث أن مكان وقوع الحدث يلعب دوراً مهماً فى عملية التأثير على القراء فضلاً عن حالية الخبر، فهو كلما كان نشره سريعاً كلما كان ذلك أفضل عند القراء، وإذا ما تساوت الأخبار من حيث قيمتها كان لنوعية الوقت ومكان الحدث أهمية خاصة.
(3) تنوع القيم الإخبارية:
وعليه فإنه كلما زادت القيم الإخبارية فى الخبر وتنوعت، كلما كان الخبر أكثر أهمية من غيره، فحادث اختطاف سيارة يعد خبراً عادياً ولكن إذا ما كانت هذه السيارة المخطوفة لأحد كبار المسئولين أو نجم من نجوم المجتمع كانت أهمية الخبر أكثر من غيره.

الى اللقاء فى الحلقة الخامسة ان شاء الله
 
الحلقة الخامسة ::
الاسس الفنية لتحرير الخبر الصحفى


تضم هذه الأسس القوالب الفنية التى يقوم عليها صياغة الخبر الصحفى وينقسم الخبر الصحفى بذاته إلى جزئين هما (المقدمة – والمتن) وهما يندرجان تحت العنوان الذى يمثل الدعامة الأساسية عند بناء الخبر الصحفى، وبالتالى فإن عنوان الخبر يحتاج إلى عناية ومهارة فنية فى انتقائه، حيث يشترط فيه عدة أمور منها. (1) انتقاء ألفاظه المعبرة فى قوة وعمق فى مادة الخبر وفحواه.
2) المطابقة التامة بين العنوان والمضمون الذى يشتمل عليه الخبر.(3) جذب الانتباه وإثارة الاهتمام عبر نقل الأحداث بموضوعية دون تهويل أو تزييف لوقائع الحدث.(4) الإيجاز فى اختيار الكلمات المناسبة للعنوان، والحرص على أن يجيب هذا العنوان على أحد عناصر الخبر الستة.أما بالنسبة لمتن الخبر فيجب الالتزام بالقواعد التالية: (1)

البعد عن استخدام الألفاظ الغربية أو اللاتينية، أو التراكيب اللغوية الصعبة التى يصعب على القارئ فهمها.(2) الحرص على ذكر المصدر فى الخبر، حيث لا يوجد خبر دون أن يكون له مصدر سواء أكان هذا المصدر شخص، أو هيئة أو وزارة أو حتى وسيلة إعلامية أخرى، أو وكالات أنباء، أما الأخبار المجهلة غير معروفة المصدر فهى لا تمثل المصداقية الكاملة عند القراء. (3) استخدام الفعل المضارع عند الصياغة حيث أن الفعل المضارع من شأنه أن يضفى طابع الحالية على الخبر المنشور.(4) مراعاة الدقة فى صياغة الفقرات دون تكرار لألفاظ وكلمات أكثر من مرة فى الفقرة الواحدة، وعدم تفعيل المفهوم ضمنياً من الخبر. (5) الميل إلى عدم التطويل فى الجمل، وإبراز المعانى بأقل عدد من الكلمات، ولا داعى للمترادفات.(6) تجنب استخدام المبنى للمجهول حيث يقوم بتعقيد المعنى بدلاً من سهولته.فبدلاً من "شوهد قطار وهو يحترق بالركاب" تقول "شاهدت الجماهير القطار وهو يحترق بالركاب" (7) إذا تضمن الخبر أرقاماً فإن الرقم من (1-10) يكتب بالنسخ (اثنان، ثلاثة – وهكذا) أما بعد ذلك فيمكن أن تكتب الأرقام حسابياً (11، 12، 15، 18، 22). (8) عدم الإفراط فى الوصف، وأن يترك المحرر الصحفى للقارئ تكوين انطباعاته دون استمالته لاتجاه معين، مثل إنسان طويل جداً يبلغ طوله (ثلاثة أمتار)، فوز ساحق ومستحق للأهلى على الزمالك، نجاح منقطع النظير لافتتاح دورة الأمم الإفريقية بالقاهرة. (9) عدم إطلاق الألفاظ بصفة مطلقة مثل : كانت ديانا أجمل امرأة فى القرن العشرين وفى تاريخ البشرية، أو: كان عبد الناصر أشجع زعيم فى منطقة الشرق الأوسط حتى الآن . طرق صياغة الخبر الصحفى: ينقسم جسم الخبر الصحفى إلى ثلاثة أقسام:

(1) عنوان (2) مقدمة (3) متن

(1) بالنسبة للمقدمة: يلزم المقدمة عادة أن تكون جذابة، وتثير اهتمام القراء إلى الخبر وأن تكون مليئة بالمعلومات، وتجيب عن أسئلة الكشف عن المجهول (من، ماذا، متى، أين، لماذا، كيف) فضلاً عن ضرورة أن تكون مختصرة وموجزة ومليئة بالحركة والصراع. أنواع المقدمات الصحفية :

(1) المقدمة الوصفية:

وهى تركز على وصف الوقائع والأحداث، ويتزايد استخدام هذه المقدمة فى الحوادث والجرائم والكوارث الكبرى.(2) المقدمة الحوار: وهى تقوم على محاولة خلق نوعاً من الصراع بين أطراف الخبر، مثل مواطن ومسئول، أو نائب فى البرلمان ووزير مختص.(3) المقدمة المجاز:

وهى تقوم على استخدام المجاز، مثل جريدة الوفد تفتح النار على حوت السكر، والملف الأسود لحكومة شارون.

(4) المقدمة الحكمة:

وهى تعتمد على مثل شعبى أو حكمة مأثورة مثل إذا أفلس التاجر فتش فى دفاتره القديمة هذا هو حال وزارة التموين بعد التعديل الوزارى الأخير.

(5) المقدمة المباغتة:

وهى تتكون من جملة واحدة قصيرة ولكنها تكون مفاجئة تشد الانتباه وتجذب اهتمامات القارئ مثل:· طفل مصرى يقود طائرة من نوع الشبح بالولايات المتحدة الأمريكية. · مرشح يطلق الرصاص على الأهالى عند تأديتهم لواجبهم الانتخابى. (6) المقدمة الظرفية:

وهى تقوم على تصوير الحدث، مثل الوصف التفصيلى للمباريات حيث يقوم المحرر الصحفى بإحاطة القارئ بجو المباراة، وكذلك فى الاحتفالات والسهرات الغنائية.(7) المقدمة الملخصة:

وهى تقوم على تلخيص أهم المعلومات بالقصة الخبرية، حيث تتصدر أهم معلومة فى الخبر المقدمة.(8) المقدمة التناقض:

وهى تقوم على معانى وألفاظ تتصادم مع طبيعة البيئة، مثل وفاة الفنان عادل إمام من عضة قطة، أو شحاذ يموت أمام فندق رمسيس هيلتون ومعه (ثلاثة ) ملايين دولار.(9) المقدمة الغرابة والطرافة:

وهى التى تشتمل على عنصر الطرافة، ويحمل الخبر حدث نادر مثل:امرأة تتزوج (10) رجال فى أسبوع واحد، وأخرى تضع سبع توائم فى أسوان كلهم ذكور. (10) المقدمة المقتبسة:وفيها يقوم المحرر الصحفى باقتباس فقرة، أو جملة من تصريح مسئول مصدر الخبر لتكون هذه الفقرة هى المقدمة للخبر.

(2) متن الخبر الصحفى :

أما بالنسبة لتفاصيل الخبر فالأمر يتلخص فى أن هذا الشق يمثل صميم كتابة وصياغة الخبر، إذ يشتمل على أهم المعلومات التى تتضمنها الأخبار بالتفصيل المناسب، وتسرد هذه المعلومات فى فقرات منفصلة قائمة بذاتها بحيث إذا ما حذفت إحداها لا يختل المعنى، هذا لا ينفى أن يكون لكل خبر أسلوبه المتميز فى الصياغة.. (1) الهرم المقلوب: فالخبر الصحفى عادة ما يتضمن حقائق وأحداث وتصريحات، وأن أفضل أساليب صياغة الخبر طريقة (الهرم المقلوب) وفيه يبدأ المحرر الصحفى بالفكرة الأساسية فى المقدمة ثم التفاصيل بعد ذلك، وفق القاعدة التى تؤكد (الأهم، ثم المهم، فالأقل أهمية). وبعد المقدمة يتم سرد التفاصيل نقطة، نقطة تبدأ بالأكثر أهمية ثم التدرج إلى الأقل فالأقل أهمية، بحيث تأتى أهم معلومة فى الخبر أو أبرز واقعة فى المقدمة، وهى هنا قاعدة الهرم المقلوب أما تفاصيل الخبر فهى تأتى بعد ذلك لتشكل جسم الخبر. (2) الهرم المتدرج:وهو هرم مقلوب ولكن متدرج، حيث يقوم هذا القالب على أساس الهرم المقلوب ولكن يأخذ شكل المستطيلات المتدرجة على شكل هرم مقلوب بحيث يكون للخبر مقدمة تتضمن أهم تصريح فى الخبر ثم يأتى بعدها جسم الخبر فى شكل فقرات متعددة يشرح ويلخص كل منها جانباً من جوانب الخبر، وبين كل فقرة وأخرى يذكر نص تصريح لمصدر الخبر أو الشخصية التى يدور حولها الخبر لنؤكد ما سبق وشرحته الفقرة السابقة وهكذا.). على أن ترتب كل فقرة وما بينها من فقرات مقتبسة من أقوال المصدر حسب أهمية كل منها وفقاً لقاعدة الأهم – فالأهم. وهذا ما يعنى أن الهرم المقلوب المتدرج هو أصلح القوالب الفنية فى كتابة الأخبار القائمة على سرد التصريحات كما هو الحال فى المؤتمرات الصحفية أو البيانات السياسية والندوات. (3) الهرم المعتدل: ويقوم هذا القالب الفنى على ثلاثة أجزاء، مقدمة تحتل قمة الهرم وهى مدخل يمهد لموضوع الخبر وإن كان لا يحتوى على أهم ما فيه، ثم جسم الخبر الذى يحتل جسم الهرم وبه تفاصيل أكثر أهمية فى الحدث وهو فى شكله البنائى يبدأ بالتفاصيل الأقل أهمية، ثم التدرج بعد ذلك لتفاصيل أكثر أهمية حتى نهاية الخبر وفيها أهم قيمة يحملها الخبر، وينتشر ذلك فى الكتابات الروائية والأدبية والحوادث.

الفرق بين الخبر البسيط والمركب:

يتضمن الخبر البسيط فى المعتاد حدث واحد، وقع فى مكان واحد، ولا يحتاج فى تغطيته إلا لمحرر واحد كذلك، أما الخبر المركب فهو الخبر المبنى على سرد الوقائع، والتصريحات والمعلومات، ويدل على أكثر من واقعة وهو يتطلب عند تغطيته أكثر من مندوب، مثل أخبار الانتخابات البرلمانية أو النقابات العمالية والمهنية..



الى اللقاء فى الحلقة السادسة ان شاء الله
 
عودة
أعلى