رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
سورة الشعراء
سميت بهذا الاسم لذكر الشعراء فيها بقوله "والشعراء يتبعهم الغاوون".
"بسم الله الرحمن الرحيم طسم تلك آيات الكتاب المبين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام القرآن الحكيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله الرحمن الرحيم أى أن الرب النافع المفيد اسمه وهو حكمه هو أن طسم تلك آيات الكتاب المبين والمراد أن العدل هو أحكام القرآن وهو الوحى الحكيم مصداق لقوله تعالى بسورة النمل "تلك آيات القرآن"وقوله بسورة يونس"تلك آيات الكتاب المبين "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين "المعنى لعلك محزن نفسك ألا يصبحوا مصدقين إن نرد نعطى لهم من السماء علامة فاستمرت أنفسهم لها خاشعين،يبين الله لنبيه (ص)أنه باخع نفسه أى محزن نفسه والسبب أن الناس ليسوا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله ،ويبين له أنه إن يشأ ينزل عليهم من السماء آية والمراد إن يرد يفعل التالى يعطى لهم من السماء علامة فظلت أعناقهم لها خاضعين والمراد فاستمرت أنفسهم لها خاشعين والمراد أن الله يعطيهم من السماء علامة هى العذاب الذى يجعل أنفسهم خاضعة ذليلة .
"وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون "المعنى وما يجيئهم من وحى من النافع مبلغ إلا كانوا له مكذبين فقد كفروا فسيجيئهم آلام الذى كانوا منه يسخرون،يبين الله أن الناس ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث والمراد ما يبلغ لهم من حكم من الله النافع تبليغا إلا كانوا عنه معرضين أى لاهين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم "وهذا يعنى أنهم مكذبين به ،ويبين أنهم كذبوا به أى كفروا بذكر الله ومن ثم سيأتيهم أنباء ما كانوا يستهزءون والمراد ومن ثم سيحيق بهم وقائع وهو آلام الذى كانوا به يكذبون مصداق لقوله بسورة الأحقاف "وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أو لم ير إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين "المعنى هل لم يعرفوا أن الأرض كم أخرجنا فيها من كل فرد كريم إن فى ذلك لبرهان وما كان معظمهم مصدقين ،يسأل الله أو لم يروا إلى الأرض والمراد هل لم يعرفوا أن الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج أى كم أخرجنا فيها من كل نوع كريم مصداق لقوله بسورة طه"فأخرجنا أزواجا "وقوله بسورة لقمان"فأنبتنا فيها من كل زوج كريم "وهذا يعنى أن الكفار يعلمون بقدرة الله ويبين لنا أن أكثرهم ما كانوا مؤمنين والمراد أن أغلب الناس ما كانوا مصدقين بالله والمراد كافرين مصداق لقوله بسورة النحل"وأكثرهم الكافرون ".
"وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون "المعنى وقد خاطب إلهك موسى (ص)أن اذهب للناس الكافرين شعب فرعون ألا يطيعون الله ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الرب وهو الله نادى أى كلم موسى (ص)فقال ائت القوم الظالمين قوم فرعون والمراد اذهب للشعب المكذبين شعب فرعون مصداق لقوله بسورة الفرقان "اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا "ألا يتقون أى ألا يطيعون حكم الله وهذا يعنى كفرهم والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)ومنه للناس.
"قال رب إنى أخاف أن يكذبون ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى فأرسل إلى هارون ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون "المعنى قال إلهى إنى أخشى أن يكفروا بى ويحزن قلبى ولا ينطق لسانى فابعث معى هارون (ص)ولهم على جرم فأخشى أن يذبحون،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لله :رب أى إلهى :إنى أخاف أن يكذبون أى إنى أخشى أن يكفروا بى وهذا يعنى أن موسى (ص)يخشى من تكذيب الكفار له،وقال ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى أى وتحزن نفسى ولا ينطق فمى،وهذا يعنى أن موسى (ص)يخاف أن تغتم نفسه ولا يستطيع لسانه أن يبين الكلام،وقال فأرسل إلى أى فابعث معى هارون (ص)والمراد اجعله وزيرا لى ،وقال ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون والمراد ولهم عندى حق فأخشى أن يذبحون ،وهذا يعنى أن موسى (ص)علم أن لقوم فرعون ذنب عليه أى حق عليه هو عقابه على قتله لأحدهم ويخشى من أن يطبقوا العقاب عليه فيقتلوه مقابل قتله لأحدهم .
"قال كلا اذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين أن أرسل معنا بنى إسرائيل "المعنى كلا فسافرا بمعجزاتنا إنا معكم سامعون فاذهبا لفرعون فقولا إنا مبعوثا خالق الكل أن ابعث معنا أولاد يعقوب (ص)،يبين الله لنبيه (ص)أن الله قال للرسولين (ص)كلا فاذهبا بآياتنا والمراد لا تخافا أذى،فاذهبا بمعجزاتنا وهى العصا واليد إنا معكم مستمعون والمراد إنا بكم عالمون،فأتيا فرعون والمراد فقابلا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين والمراد إنا مبعوثا خالق الجميع أن أرسل معنا بنى اسرائيل والمراد أن ابعث معنا أولاد يعقوب (ص)هذا يعنى أن الغرض من رسالة موسى (ص)وهارون (ص)أن يترك فرعون بنى إسرائيل يذهبوا معهما إلى حيث يأمرهم الله.
"قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين "المعنى قال ألم نرعاك عندنا رضيعا وبقيت عندنا من حياتك سنوات وصنعت جريمتك التى صنعت وأنت من الكاذبين،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لموسى (ص)ألم نربك فينا وليدا والمراد هل لم نرعاك عندنا رضيعا ولبثت فينا من عمرك سنين أى وبقيت عندنا من حياتك أعواما والغرض من السؤال هو إخبار موسى (ص)بفضل فرعون عليه وهو تربيته سنوات عديدة فى بيته،وقال وفعلت فعلتك التى فعلت والمراد وارتكبت جريمة القتل التى ارتكبت وأنت من الكافرين أى المجرمين والغرض من القول هو تذكير موسى (ص)بفضل فرعون عليه عندما تركه حيا ولم يعاقبه على جريمته وهى قتله لواحد من قوم فرعون
"قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل "المعنى قال عملتها إذا وأنا من الكافرين فهربت منكم لما خشيتكم فأعطى لى خالقى وحيا واختارنى من الأنبياء وتلك منة تفخر بها على مع أنك استعبدت أولاد يعقوب (ص)يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون فعلتها إذا وأنا من الضالين والمراد ارتكبت الجريمة وأنا من المجرمين،وهو هنا يعترف أنه كان كافرا وقت قتله للرجل دون ذنب،وقال ففررت أى فهربت منكم لما خفتكم أى لما خشيت عقابكم فوهب لى ربى حكما والمراد فأنزل على إلهى وحيا عندما أرسلنى لك وفسر هذا فقال وجعلنى من المرسلين أى اختارنى من المبعوثين للناس بوحيه،وتلك نعمة تمنها على والمراد وعدم العقاب منة تفخر بها على أن عبدت بنى إسرائيل والمراد مع أنك سخرت أولاد يعقوب (ص)لخدمتكم والمراد من ذلك هو أن يفهم فرعون أنه إذا كان عفا عنه لجريمة واحدة وهى قتل واحد فهو أى فرعون قد ارتكب جريمة فى حق كل واحد من بنى إسرائيل وهى الاستعباد أى الإذلال ومن ضمنه قتل أولادهم ومن ثم فلا فضل له وإنما الفضل لهم .
"قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين "المعنى قال فرعون وما إله الكل قال خالق السموات والأرض والذى وسطهما إن كنتم مؤمنين،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون سأل موسى (ص)ما رب العالمين أى وما إله الخلق والغرض من سؤاله هو معرفة ماهية الله فقال له رب أى خالق السموات والأرض وما بينهما أى والذى وسطهما وهو الجو إن كنتم موقنين أى مصدقين بوجوده ،وهذا يعنى أن موسى (ص)بين له أفعال الله ولم يبين ماهيته لأن ماهيته غير محددة لاختلافه عن الخلق .
"قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين "المعنى قال لمن معه ألا تنصتون قال خالقكم وخالق آبائكم السابقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لمن حوله وهم المحيطون به ألا تستمعون أى ألا تنصتون والغرض من السؤال هو إخبار القوم أن موسى (ص)لم يجب عن ماهية الإله وإنما راوغ فى الإجابة وعند هذا قال موسى (ص)ربكم ورب آبائكم الأولين والمراد خالقكم وخالق آبائكم السابقين،وهذا يعنى إبلاغه أنه مخلوق بدليل موت آبائه بعد وجودهم وأن الله هو خالق الكل .
"قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون "المعنى قال إن نبيكم الذى بعث إليكم لسفيه،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لقومه :إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون والمراد إن مبعوثكم الذى بعث لكم لسفيه وهذا يعنى أنه يتهم موسى (ص)بالجنون وهو السفه لأنه لم يجب عن ماهية الله بجسم،قال لهم موسى(ص)رب المشرق والمغرب وما بينهما والمراد خالق المنير والمظلم والذى وسطهما إن كنتم تعقلون أى تفهمون ؟والمراد بالمشرق هنا الشمس والمغرب هو القمر الدال على الظلام وما بينهما هو المسافة والوقت الفاصل بينهما .
"قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين "المعنى لئن عبدت ربا سواى لأجعلنك من المحابيس،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لموسى (ص)لئن اتخذت إلها غيرى والمراد لئن عبدت ربا سواى لأجعلنك من المسجونين أى المحابيس،وهذا يعنى أن فرعون هدد موسى (ص)بالسجن إذا عبد رب سوى فرعون .
"قال أو لو جئتك بشىء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين "المعنى قال هل لو أتيتك بدليل عظيم تحبسنى ؟قال فهاته إن كنت من المحقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون :أو لو جئتك بشىء مبين والمراد هل تحبسنى لو أتيتك ببرهان واضح ؟فقال له فرعون كلا فأت به أى فأحضره إن كنت من الصادقين أى المحقين فى قولهم وهذا يعنى أن فرعون طلب الدليل على صدق موسى (ص).
"فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين "المعنى فرمى عصاه فإذا هى حية عظيمة وأخرج كفه فإذا هى منيرة للرائين ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)ألقى عصاه والمراد رمى عصاه فإذا بها تتحول إلى حية كبرى ونزع يده والمراد وأخرج كفه من تحت إبطه فإذا هى بيضاء للناظرين أى منيرة للرائين .
"قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم "المعنى قال للحضور معه إن هذا لمخادع كبير يحب أن يطردكم من بلدكم بخداعه فماذا تقولون قالوا واعده وأخاه وأرسل فى البلاد جامعين يجيئوك بكل مكار خبير ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال للملأ وهم الحضور معه وهم الحاشية :إن هذا لساحر عليم والمراد إن موسى لمخادع كبير ،وهذا اتهام لموسى (ص)بممارسة السحر ،يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره والمراد يحب أن يطردكم من بلادكم بخداعه وهذا يعنى أن هدف موسى(ص)فى رأيه هو طرد القوم من ديارهم عن طريق سحره فماذا تأمرون والمراد فبم تشيرون على فى أمره ؟وهذا السؤال يعنى أن فرعون ليس إلها لأن الإله لا يأخذ مشورة أى أمر من خلقه ،فقالوا له أرجه والمراد واعده على مباراة فى السحر وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين والمراد وأرسل فى البلاد جامعين يأتوك بكل سحار عليم والمراد يحضروا لك كل مخادع كبير وهذا يعنى أنهم أمروه بإقامة مباراة بين موسى (ص)والسحرة الذى يجب عليه إحضارهم بواسطة الجامعين لهم من مختلف البلاد .
"فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين "المعنى فلم المخادعين لموعد يوم محدد وقيل للخلق هل أنتم حاضرون لعلنا نطيع المخادعين إن كانوا هم المنتصرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون جمع السحرة لميقات يوم معلوم والمراد لم المخادعين من أجل المباراة فى موعد يوم معروف هو يوم الزينة وقيل للناس وهم البشر فى مصر :هل أنتم مجتمعون أى حاضرون للمباراة لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين والمراد لعلنا نطيع المخادعين إن كانوا هم الفائزين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن عليهم اتباع السحرة عند انتصارهم ولم يذكروا اتباع موسى(ص)لتأكدهم من انتصار السحرة وحتى لا يتبع الناس موسى(ص)
"فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين "المعنى فلما أتى المخادعون قالوا لفرعون هل لنا مالا إن كنا نحن المنتصرين قال نعم وإنكم لمن الدانين ،يبين الله لنبيه (ص)أن السحرة وهم المخادعون لما جاءوا أى أتوا لمكان فرعون قالوا له:أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين والمراد هل لنا مالا إن كنا نحن القاهرين لموسى ؟والغرض من السؤال هو إخبار فرعون أن هدفهم من الانتصار على موسى(ص)والأجر الذى هو المال والمناصب التى سيعطيها لهم فقال لهم :نعم والمراد إن لكم مالا أى إنكم من المقربين أى المثابين على عملكم
"قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون "المعنى قال لهم موسى (ص)ارموا الذى أنتم رامون فرموا خيوطهم وعصيهم وقالوا بقوة فرعون إنا لنحن القاهرون فرمى موسى (ص)عصاه فإذا هى تبتلع ما يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى(ص)قال للسحرة :ألقوا ما أنتم ملقون والمراد ارموا الذى أنتم رامون والمراد اعرضوا سحركم ،فألقوا حبالهم وعصيهم والمراد فرموا خيوطهم المجدولة وعصيهم وهم يقولون :بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون والمراد بقوة فرعون إنا لنحن المنتصرون وهذا يعنى أنهم يستمدون قوة الغلب من فرعون وهو باطل لأنه لو كان لديه عزة ما استدعاهم ليهزموا موسى (ص)وألقى أى ورمى موسى (ص)عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون والمراد فإذا هى تبتلع ما يصنعون وهذا يعنى أنها تحولت لثعبان يبتلع العصى والحبال .
"فألقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب موسى وهارون "المعنى فأصبح المخادعون مسلمين قالوا صدقنا بخالق موسى (ص)وهارون (ص)،يبين الله لنبيه(ص)أن السحرة وهم الماكرون ألقوا ساجدين والمراد أعلنوا أنفسهم مسلمين فقالوا آمنا والمراد صدقنا بحكم رب وهو خالق موسى(ص)وهارون(ص).
"قال أأمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين "المعنى هل صدقتم به قبل أن أسمح لكم إنه لعظيمكم الذى عرفكم الخداع فلسوف تعرفون لأبترن أيديكم وأقدامكم من تضاد ولأعلقنكم كلكم ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال للسحرة بعد إيمانهم :أأمنتم له قبل أن أذن لكم أى هل أيقنتم برسالته قبل أن آمركم أن تؤمنوا بها ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن لا إيمان بموسى (ص)قبل السماح لهم به من فرعون ،وقال :إنه لكبيركم الذى علمكم السحر والمراد إن موسى لعظيمكم الذى عرفكم الخداع وهذا يعنى أن فرعون أراد تبرير موقفه للناس بخرافة المؤامرة وهى أن موسى (ص)عظيم السحرة أى معلمهم الذى عرفهم السحر واتفق معهم على هذه المباراة حتى يظهره مهزوما وقال فلسوف تعلمون والمراد فسوف تعرفون "أينا أشد عذابا وأبقى "كما قال بسورة طه ،لأقطعن أى لأبترن أيديكم وأرجلكم من خلاف والمراد اليد اليمنى مع الرجل اليسرى أو العكس ولأصلبنكم أجمعين والمراد ولأعلقنكم كلكم على جذوع النخل .
" قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين"المعنى قالوا لا أذى إنا إلى إلهنا عائدون إنا نتمنى أن يمحو لنا إلهنا خطايانا أن كنا أسبق المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن السحرة بعد إيمانهم قالوا لفرعون ردا على تهديده :لا ضير أى لا أذى أى لا خوف من عقابك وهذا يعنى أن عقابه لن يؤلمهم إلا فى الدنيا مصداق لقوله بسورة طه"إنما تقض هذه الحياة الدنيا "إنا إلى ربنا منقلبون والمراد إنا إلى ثواب إلهنا عائدون إنا نطمع أن يغفر لنا خطايانا والمراد إنا نريد أن يترك لنا خالقنا عقاب سيئاتنا أن كنا أول المؤمنين والمراد بسبب أننا كنا أسبق المصدقين بحكمه .
"وأوحينا إلى موسى أن أسرى بعبادى ليلا إنكم متبعون " المعنى وألقينا إلى موسى (ص)أن اخرج بخلقى إنكم ملاحقون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أوحى أى ألقى لموسى (ص)فقال :أسر بعبادى والمراد اخرج ببنى إسرائيل ليلا إنكم متبعون أى ملاحقون أى مطاردون من قبل فرعون وقومه .
"فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون "المعنى فبعث فرعون فى البلاد منادين إن هؤلاء لجماعة قليلة وإنهم لنا لمغضبون وإنا لكل محتاطون ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون أرسل فى المدائن حاشرين والمراد بعث فى البلدات منادين ينادون الناس للتجمع للخروج وراء بنى إسرائيل فقال لهم فى النداء :إن هؤلاء وهم بنى إسرائيل لشرذمة قليلون والمراد لجماعة مجرمة قليلة العدد وإنهم لنا لغائظون أى لنا مغضبون وإنا لجميع حاذرون والمراد وإنا لكل محتاطون وهذا يعنى أنه أخذ احتياطه لكل أمر قد يفعله القوم .
"فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بنى إسرائيل "المعنى فطردناهم من حدائق وأنهار وأموال ومكان حسن هكذا وملكناها أولاد يعقوب(ص)،يبين الله لنبيه (ص) أنه أخرج أى طرد قوم فرعون والمراد أبعدهم بالموت من جنات وهى الحدائق والعيون وهى الأنهار والكنوز وهى الأموال التى كانت معهم والمقام الكريم وهو المسكن الحسن وقد أورث أى ملك بنى إسرائيل هذه الأشياء فى الأرض المقدسة مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها ".
"فأتبعوهم مشرقين فلما ترءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين "المعنى فطاردوهم مصبحين فلما تشاهد الفريقان قال موسى (ص)إنا لملحقون قال لا إن ناصرى خالقى سيرشدنى فألقينا له أن ضع عصاك على الماء فانشق فكان كل شق كالجبل الكبير وقربنا ثم الآخرين وأنقذنا موسى(ص)ومن معه كلهم ثم أهلكنا الآخرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن قوم فرعون أتبعوهم مشرقين والمراد طاردوا بنى إسرائيل مصبحين أى فى النهار فلما ترءا الجمعان والمراد فلما أصبح الفريقان كل منهما أمام بصر الأخر عن بعد قال أصحاب وهم أصدقاء موسى (ص)إنا لمدركون أى لملحقون والمراد إن قوم فرعون واصلون إلينا لا محالة فقال لهم موسى (ص)كلا أى لا لن يصلوا ،إن معى ربى سيهدين والمراد إن ناصرى خالقى سيرشدنى لطريق النجاة منهم فأوحينا لموسى (ص)فألقينا له :اضرب بعصاك البحر والمراد ضع عصاك على ماء البحر فوضع العصا عليه فانفلق أى فانشق الماء إلى فرقين فكان كل فرق أى جانب كالطود العظيم وهو الجبل الكبير وفى وسطهما طريق ممهد وأزلفنا ثم الآخرين والمراد وأمشينا بنى إسرائيل ثم أمشينا قوم فرعون فيه فكانت النتيجة أن أنجينا أى أنقذنا موسى (ص)من معه أجمعين ثم أغرقنا أى أهلكنا قوم فرعون .
"إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم "المعنى إن فى القصة لعظة وما كان معظمهم مصدقين وإن إلهك لهو القوى النافع ،يبين الله لنبيه (ص)أن فى ذلك وهو قصة موسى (ص)مع فرعون آية أى عظة أى عبرة للناس وما كان أكثرهم مؤمنين والمراد وما كان أغلب الناس مصدقين لحكم الله وإن ربك لهو العزيز الرحيم والمراد وإن خالقك لهو القوى النافع .
" واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين "المعنى وأبلغ لهم قصة إبراهيم (ص)حين قال لوالده وشعبه :ما تطيعون ؟قالوا نطيع أوثانا فنستمر لها طائعين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتلو عليهم نبأ والمراد أن يقص عليهم قصة إبراهيم (ص)إذ والمراد وقت قال لأبيه وهو والده وقومه وهم شعبه :ما تعبدون أى ماذا تطيعون؟فأجابوا :نعبد أصناما فنظل لها عاكفين أى نطيع أوثانا فنستمر لها طائعين ،وهذا يعنى أنهم يعبدون آلهة متعددة ولا يتركون عبادتها .
"قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون "المعنى قال هل يجيبونكم حين تطيعون أو يفيدونكم أو يؤذون قالوا لقد لقينا آباءنا هكذا يعملون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يبين للناس أن إبراهيم (ص)قال لقومه :هل يسمعونكم إذ تدعون والمراد هل يعرفون بأمركم حين تطيعونهم أو ينفعونكم أى يفيدونكم أو يضرون أى يؤذون ؟والغرض من السؤال أن الآلهة المزعومة ليس لها علم بهم وليست نافعة أو ضارة ومن ثم فليست بآلهة فقالوا له بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون والمراد لقد لقينا آباءنا هكذا يصنعون ،والغرض من القول إخباره أنهم لم يفكروا فى شىء لما عبدوها وإنما عبدوها تقليدا للأباء .
"قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لى إلا رب العالمين "المعنى قال عرفتم الذى كنتم تطيعون أنتم وآباؤكم السابقون فإنهم مكروه منى إلا خالق الكل ،يبين الله على لسان نبيه (ص)أن إبراهيم(ص)قال لهم :أفرأيتم ما كنتم تعبدون والمراد أعلمتم الذى كنتم تتبعون أنتم وآباؤكم الأقدمون أى السابقون فإنهم عدو أى مكروه عندى إلا رب العالمين أى إلا خالق الكل وهذا يعنى أنه يعلن عداوته للآلهة المزعومة كلها وأن ربه هو الله وحده فهو محبوبه .
"الذى خلقنى فهو يهدين والذى هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت فهو يشقين والذى يميتنى ثم يحيين والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين "المعنى الذى أبدعنى فهو يرشدنى والذى يؤكلنى ويروين وإذا عييت فهو يداوين والذى يتوفانى ثم يبعثنى والذى أريد أن يمحو لى سيئتى يوم الحساب ،يبين الله لنا على لسان نبيه (ص)أن إبراهيم(ص)قال للقوم :الله رب العالمين هو الذى خلقنى فهو يهدين والمراد الذى أنشأنى فهو يرشدنى للحق والذى هو يطعمنى ويسقين والمراد والذى هو يؤكلنى أى يعطينى الأكل ويروين والمراد ويعطينى الشرب وإذا مرضت فهو يشفين والمراد وإذا تعبت فهو يداوين وهذا يعنى أنه مزيل الأمراض وهو الذى يميتنى ثم يحيين والمراد وهو الذى يتوفانى ثم يبعثنى مرة أخرى والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين والمراد والذى أريد أن يترك لى عقاب سيئتى يوم الحساب ،والغرض من القول إخبارنا أن الله هو الخالق الهادى المطعم المسقى الشافى المحيى المميت الغافر للذنب وأما آلهتهم فليس منها من يقدر على كل شىء من هذه الأشياء أو بعضها .
"رب هب لى حكما وألحقنى بالصالحين واجعل لى لسان صدق فى الآخرين واجعلنى من ورثة جنة النعيم واغفر لأبى إنه كان من الضالين ولا تخزنى يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " المعنى إلهى أعطنى وحيا وادخلنى مع المحسنين وابقى لى كلام عدل فى القادمين واجعلنى من ملاك حديقة المتاع واعفو عن والدى إنه كان من الكافرين ولا تذلنى يوم يرجعون يوم لا يفيد ملك ولا صبيان إلا من جاء الرب بنفس مسلمة ،يبين الله لنا على لسان نبيه (ص)أن إبراهيم(ص)دعا الله فقال :رب هب لى حكما والمراد خالقى أعطنى وحيا والمراد أنه يطلب من الله كتابا يسيرا عليه ،وألحقنى بالصالحين والمراد وأدخلنى مع المحسنين الجنة مصداق لقوله بسورة النمل "وادخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين "فهو يطلب أن يكون مع المسلمين فى الجنة ،واجعل لى لسان صدق فى الآخرين أى وأبقى لى حديث عدل فى القادمين للوجود فى المستقبل وهذا يعنى أن يذكر بعض ما حدث له فى الوحى المنزل مستقبلا على الرسل القادمين،واجعلنى من ورثة جنة النعيم والمراد واجعلنى من ملاك حديقة المتاع وهذا يعنى أنه يطلب سكن الجنة مع ملاكها ،واغفر لأبى إنه كان من الضالين والمراد واعفو عن والدى إنه كان من الكافرين وهو دعاء غير مستجاب ولكن إبراهيم (ص)دعاه لوعده والده أن يستغفر له ،ولا تخزنى يوم يبعثون والمراد ولا تذلنى يوم يعودون للحياة بإدخالى النار يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والمراد يوم لا يفيد ملك ولا عيال إلا من جاء الله بنفس مطيعة وهذا يعنى أن المال والأولاد فى الآخرة لا يفيدون أحد لعدم قدرتهم على إنقاذه إلا من أتى الله بنفس مطيعة لحكم الله فهى الشىء الوحيد المفيد يوم القيامة .
"وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون "المعنى وأعطيت الحديقة للمطيعين وظهرت النار للعاصين وقيل لهم أين ما كنتم تطيعون من غير الرب هل ينقذونكم أو ينقذون أنفسهم ؟يبين الله لنا أن الجنة وهى حديقة النعيم أزلفت أى أعطيت والمراد فتحت أبوابها للمتقين وهم المطيعين حكم الله وأما الجحيم وهى النار فقد برزت للغاوين والمراد فقد سعرت أى فتحت أبوابها فظهر ما فيها من عذاب للعاصين لحكم الله وقالت لهم الملائكة أين ما كنتم تعبدون من دون الله والمراد أين الذى كنتم تشركون مع الله مصداق لقوله بسورة القصص"أين شركائى الذى كنتم تزعمون "؟هل ينصرونكم أى هل يرحمونكم أو ينتصرون أى يرحمون أنفسهم ؟والغرض من السؤال إخبار الكفار أن آلهتهم المزعومة وهى أهواء أنفسهم لم ترحمهم فى الآخرة ولم ترحم نفسها فهى معهم فى النار .
"فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تا الله إن كنا لفى ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين "المعنى فأدخلوا فيها هم والمضلون أى مقلدى إبليس كلهم قالوا وهم فيها يختلفون والله إن كنا فى جنون كبير حين نضاهيكم بإله الكل وما أبعدنا عن الحق إلا الكافرون فما لنا من مناصرين أى صاحب مناصر فلو أن لنا عودة لنصبح من المصدقين بحكم الله ،يبين الله لنا أن الغاوين كبكبوا فيها والمراد ادخلوا فى الجحيم هم والغاوون ويقصد بهم المضلون وهم ما يعبدون أى أهواء أنفسهم أى القرناء مصداق لقوله بسورة الصافات "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله "والكل هم جنود إبليس أجمعون والمراد متبعى أى مقلدى عمل الملعون إبليس كلهم فقال بعضهم لبعض وهم فيها يختصمون أى يختلفون أى يتنازعون:تا لله إن كنا لفى ضلال مبين والمراد والله إن كنا لفى جنون معلوم وهذا اعتراف منهم بعدم العقل كما قالوا بسورة الملك "لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير "وقالوا للسادة والكبراء:إذ نسويكم برب العالمين أى كنا مجانين حين نضاهيكم بخالق الكل وهذا يعنى أنهم كانوا يؤلهون بعضا منهم وقالوا وما أضلنا إلا المجرمون أى وما أبعدنا عن الحق وهو السبيل إلا الكافرون وهم السادة أى الكبراء كما قالوا بسورة الأحزاب "إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا"وقالوا فما لنا من شافعين ولا صديق حميم أى ليس لنا ناصرين أى صاحب متكلم مناصر لنا يطاع مصداق لقوله بسورة غافر "كما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع
سميت بهذا الاسم لذكر الشعراء فيها بقوله "والشعراء يتبعهم الغاوون".
"بسم الله الرحمن الرحيم طسم تلك آيات الكتاب المبين "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام القرآن الحكيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله الرحمن الرحيم أى أن الرب النافع المفيد اسمه وهو حكمه هو أن طسم تلك آيات الكتاب المبين والمراد أن العدل هو أحكام القرآن وهو الوحى الحكيم مصداق لقوله تعالى بسورة النمل "تلك آيات القرآن"وقوله بسورة يونس"تلك آيات الكتاب المبين "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين "المعنى لعلك محزن نفسك ألا يصبحوا مصدقين إن نرد نعطى لهم من السماء علامة فاستمرت أنفسهم لها خاشعين،يبين الله لنبيه (ص)أنه باخع نفسه أى محزن نفسه والسبب أن الناس ليسوا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله ،ويبين له أنه إن يشأ ينزل عليهم من السماء آية والمراد إن يرد يفعل التالى يعطى لهم من السماء علامة فظلت أعناقهم لها خاضعين والمراد فاستمرت أنفسهم لها خاشعين والمراد أن الله يعطيهم من السماء علامة هى العذاب الذى يجعل أنفسهم خاضعة ذليلة .
"وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزءون "المعنى وما يجيئهم من وحى من النافع مبلغ إلا كانوا له مكذبين فقد كفروا فسيجيئهم آلام الذى كانوا منه يسخرون،يبين الله أن الناس ما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث والمراد ما يبلغ لهم من حكم من الله النافع تبليغا إلا كانوا عنه معرضين أى لاهين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم "وهذا يعنى أنهم مكذبين به ،ويبين أنهم كذبوا به أى كفروا بذكر الله ومن ثم سيأتيهم أنباء ما كانوا يستهزءون والمراد ومن ثم سيحيق بهم وقائع وهو آلام الذى كانوا به يكذبون مصداق لقوله بسورة الأحقاف "وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"أو لم ير إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين "المعنى هل لم يعرفوا أن الأرض كم أخرجنا فيها من كل فرد كريم إن فى ذلك لبرهان وما كان معظمهم مصدقين ،يسأل الله أو لم يروا إلى الأرض والمراد هل لم يعرفوا أن الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج أى كم أخرجنا فيها من كل نوع كريم مصداق لقوله بسورة طه"فأخرجنا أزواجا "وقوله بسورة لقمان"فأنبتنا فيها من كل زوج كريم "وهذا يعنى أن الكفار يعلمون بقدرة الله ويبين لنا أن أكثرهم ما كانوا مؤمنين والمراد أن أغلب الناس ما كانوا مصدقين بالله والمراد كافرين مصداق لقوله بسورة النحل"وأكثرهم الكافرون ".
"وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون "المعنى وقد خاطب إلهك موسى (ص)أن اذهب للناس الكافرين شعب فرعون ألا يطيعون الله ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الرب وهو الله نادى أى كلم موسى (ص)فقال ائت القوم الظالمين قوم فرعون والمراد اذهب للشعب المكذبين شعب فرعون مصداق لقوله بسورة الفرقان "اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا "ألا يتقون أى ألا يطيعون حكم الله وهذا يعنى كفرهم والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)ومنه للناس.
"قال رب إنى أخاف أن يكذبون ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى فأرسل إلى هارون ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون "المعنى قال إلهى إنى أخشى أن يكفروا بى ويحزن قلبى ولا ينطق لسانى فابعث معى هارون (ص)ولهم على جرم فأخشى أن يذبحون،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لله :رب أى إلهى :إنى أخاف أن يكذبون أى إنى أخشى أن يكفروا بى وهذا يعنى أن موسى (ص)يخشى من تكذيب الكفار له،وقال ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى أى وتحزن نفسى ولا ينطق فمى،وهذا يعنى أن موسى (ص)يخاف أن تغتم نفسه ولا يستطيع لسانه أن يبين الكلام،وقال فأرسل إلى أى فابعث معى هارون (ص)والمراد اجعله وزيرا لى ،وقال ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون والمراد ولهم عندى حق فأخشى أن يذبحون ،وهذا يعنى أن موسى (ص)علم أن لقوم فرعون ذنب عليه أى حق عليه هو عقابه على قتله لأحدهم ويخشى من أن يطبقوا العقاب عليه فيقتلوه مقابل قتله لأحدهم .
"قال كلا اذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين أن أرسل معنا بنى إسرائيل "المعنى كلا فسافرا بمعجزاتنا إنا معكم سامعون فاذهبا لفرعون فقولا إنا مبعوثا خالق الكل أن ابعث معنا أولاد يعقوب (ص)،يبين الله لنبيه (ص)أن الله قال للرسولين (ص)كلا فاذهبا بآياتنا والمراد لا تخافا أذى،فاذهبا بمعجزاتنا وهى العصا واليد إنا معكم مستمعون والمراد إنا بكم عالمون،فأتيا فرعون والمراد فقابلا فرعون فقولا إنا رسولا رب العالمين والمراد إنا مبعوثا خالق الجميع أن أرسل معنا بنى اسرائيل والمراد أن ابعث معنا أولاد يعقوب (ص)هذا يعنى أن الغرض من رسالة موسى (ص)وهارون (ص)أن يترك فرعون بنى إسرائيل يذهبوا معهما إلى حيث يأمرهم الله.
"قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين "المعنى قال ألم نرعاك عندنا رضيعا وبقيت عندنا من حياتك سنوات وصنعت جريمتك التى صنعت وأنت من الكاذبين،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لموسى (ص)ألم نربك فينا وليدا والمراد هل لم نرعاك عندنا رضيعا ولبثت فينا من عمرك سنين أى وبقيت عندنا من حياتك أعواما والغرض من السؤال هو إخبار موسى (ص)بفضل فرعون عليه وهو تربيته سنوات عديدة فى بيته،وقال وفعلت فعلتك التى فعلت والمراد وارتكبت جريمة القتل التى ارتكبت وأنت من الكافرين أى المجرمين والغرض من القول هو تذكير موسى (ص)بفضل فرعون عليه عندما تركه حيا ولم يعاقبه على جريمته وهى قتله لواحد من قوم فرعون
"قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما وجعلنى من المرسلين وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل "المعنى قال عملتها إذا وأنا من الكافرين فهربت منكم لما خشيتكم فأعطى لى خالقى وحيا واختارنى من الأنبياء وتلك منة تفخر بها على مع أنك استعبدت أولاد يعقوب (ص)يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون فعلتها إذا وأنا من الضالين والمراد ارتكبت الجريمة وأنا من المجرمين،وهو هنا يعترف أنه كان كافرا وقت قتله للرجل دون ذنب،وقال ففررت أى فهربت منكم لما خفتكم أى لما خشيت عقابكم فوهب لى ربى حكما والمراد فأنزل على إلهى وحيا عندما أرسلنى لك وفسر هذا فقال وجعلنى من المرسلين أى اختارنى من المبعوثين للناس بوحيه،وتلك نعمة تمنها على والمراد وعدم العقاب منة تفخر بها على أن عبدت بنى إسرائيل والمراد مع أنك سخرت أولاد يعقوب (ص)لخدمتكم والمراد من ذلك هو أن يفهم فرعون أنه إذا كان عفا عنه لجريمة واحدة وهى قتل واحد فهو أى فرعون قد ارتكب جريمة فى حق كل واحد من بنى إسرائيل وهى الاستعباد أى الإذلال ومن ضمنه قتل أولادهم ومن ثم فلا فضل له وإنما الفضل لهم .
"قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين "المعنى قال فرعون وما إله الكل قال خالق السموات والأرض والذى وسطهما إن كنتم مؤمنين،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون سأل موسى (ص)ما رب العالمين أى وما إله الخلق والغرض من سؤاله هو معرفة ماهية الله فقال له رب أى خالق السموات والأرض وما بينهما أى والذى وسطهما وهو الجو إن كنتم موقنين أى مصدقين بوجوده ،وهذا يعنى أن موسى (ص)بين له أفعال الله ولم يبين ماهيته لأن ماهيته غير محددة لاختلافه عن الخلق .
"قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين "المعنى قال لمن معه ألا تنصتون قال خالقكم وخالق آبائكم السابقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لمن حوله وهم المحيطون به ألا تستمعون أى ألا تنصتون والغرض من السؤال هو إخبار القوم أن موسى (ص)لم يجب عن ماهية الإله وإنما راوغ فى الإجابة وعند هذا قال موسى (ص)ربكم ورب آبائكم الأولين والمراد خالقكم وخالق آبائكم السابقين،وهذا يعنى إبلاغه أنه مخلوق بدليل موت آبائه بعد وجودهم وأن الله هو خالق الكل .
"قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون "المعنى قال إن نبيكم الذى بعث إليكم لسفيه،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لقومه :إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون والمراد إن مبعوثكم الذى بعث لكم لسفيه وهذا يعنى أنه يتهم موسى (ص)بالجنون وهو السفه لأنه لم يجب عن ماهية الله بجسم،قال لهم موسى(ص)رب المشرق والمغرب وما بينهما والمراد خالق المنير والمظلم والذى وسطهما إن كنتم تعقلون أى تفهمون ؟والمراد بالمشرق هنا الشمس والمغرب هو القمر الدال على الظلام وما بينهما هو المسافة والوقت الفاصل بينهما .
"قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين "المعنى لئن عبدت ربا سواى لأجعلنك من المحابيس،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال لموسى (ص)لئن اتخذت إلها غيرى والمراد لئن عبدت ربا سواى لأجعلنك من المسجونين أى المحابيس،وهذا يعنى أن فرعون هدد موسى (ص)بالسجن إذا عبد رب سوى فرعون .
"قال أو لو جئتك بشىء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين "المعنى قال هل لو أتيتك بدليل عظيم تحبسنى ؟قال فهاته إن كنت من المحقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لفرعون :أو لو جئتك بشىء مبين والمراد هل تحبسنى لو أتيتك ببرهان واضح ؟فقال له فرعون كلا فأت به أى فأحضره إن كنت من الصادقين أى المحقين فى قولهم وهذا يعنى أن فرعون طلب الدليل على صدق موسى (ص).
"فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين "المعنى فرمى عصاه فإذا هى حية عظيمة وأخرج كفه فإذا هى منيرة للرائين ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)ألقى عصاه والمراد رمى عصاه فإذا بها تتحول إلى حية كبرى ونزع يده والمراد وأخرج كفه من تحت إبطه فإذا هى بيضاء للناظرين أى منيرة للرائين .
"قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم "المعنى قال للحضور معه إن هذا لمخادع كبير يحب أن يطردكم من بلدكم بخداعه فماذا تقولون قالوا واعده وأخاه وأرسل فى البلاد جامعين يجيئوك بكل مكار خبير ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال للملأ وهم الحضور معه وهم الحاشية :إن هذا لساحر عليم والمراد إن موسى لمخادع كبير ،وهذا اتهام لموسى (ص)بممارسة السحر ،يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره والمراد يحب أن يطردكم من بلادكم بخداعه وهذا يعنى أن هدف موسى(ص)فى رأيه هو طرد القوم من ديارهم عن طريق سحره فماذا تأمرون والمراد فبم تشيرون على فى أمره ؟وهذا السؤال يعنى أن فرعون ليس إلها لأن الإله لا يأخذ مشورة أى أمر من خلقه ،فقالوا له أرجه والمراد واعده على مباراة فى السحر وأخاه وابعث فى المدائن حاشرين والمراد وأرسل فى البلاد جامعين يأتوك بكل سحار عليم والمراد يحضروا لك كل مخادع كبير وهذا يعنى أنهم أمروه بإقامة مباراة بين موسى (ص)والسحرة الذى يجب عليه إحضارهم بواسطة الجامعين لهم من مختلف البلاد .
"فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين "المعنى فلم المخادعين لموعد يوم محدد وقيل للخلق هل أنتم حاضرون لعلنا نطيع المخادعين إن كانوا هم المنتصرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون جمع السحرة لميقات يوم معلوم والمراد لم المخادعين من أجل المباراة فى موعد يوم معروف هو يوم الزينة وقيل للناس وهم البشر فى مصر :هل أنتم مجتمعون أى حاضرون للمباراة لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين والمراد لعلنا نطيع المخادعين إن كانوا هم الفائزين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن عليهم اتباع السحرة عند انتصارهم ولم يذكروا اتباع موسى(ص)لتأكدهم من انتصار السحرة وحتى لا يتبع الناس موسى(ص)
"فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين "المعنى فلما أتى المخادعون قالوا لفرعون هل لنا مالا إن كنا نحن المنتصرين قال نعم وإنكم لمن الدانين ،يبين الله لنبيه (ص)أن السحرة وهم المخادعون لما جاءوا أى أتوا لمكان فرعون قالوا له:أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين والمراد هل لنا مالا إن كنا نحن القاهرين لموسى ؟والغرض من السؤال هو إخبار فرعون أن هدفهم من الانتصار على موسى(ص)والأجر الذى هو المال والمناصب التى سيعطيها لهم فقال لهم :نعم والمراد إن لكم مالا أى إنكم من المقربين أى المثابين على عملكم
"قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون "المعنى قال لهم موسى (ص)ارموا الذى أنتم رامون فرموا خيوطهم وعصيهم وقالوا بقوة فرعون إنا لنحن القاهرون فرمى موسى (ص)عصاه فإذا هى تبتلع ما يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى(ص)قال للسحرة :ألقوا ما أنتم ملقون والمراد ارموا الذى أنتم رامون والمراد اعرضوا سحركم ،فألقوا حبالهم وعصيهم والمراد فرموا خيوطهم المجدولة وعصيهم وهم يقولون :بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون والمراد بقوة فرعون إنا لنحن المنتصرون وهذا يعنى أنهم يستمدون قوة الغلب من فرعون وهو باطل لأنه لو كان لديه عزة ما استدعاهم ليهزموا موسى (ص)وألقى أى ورمى موسى (ص)عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون والمراد فإذا هى تبتلع ما يصنعون وهذا يعنى أنها تحولت لثعبان يبتلع العصى والحبال .
"فألقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب موسى وهارون "المعنى فأصبح المخادعون مسلمين قالوا صدقنا بخالق موسى (ص)وهارون (ص)،يبين الله لنبيه(ص)أن السحرة وهم الماكرون ألقوا ساجدين والمراد أعلنوا أنفسهم مسلمين فقالوا آمنا والمراد صدقنا بحكم رب وهو خالق موسى(ص)وهارون(ص).
"قال أأمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين "المعنى هل صدقتم به قبل أن أسمح لكم إنه لعظيمكم الذى عرفكم الخداع فلسوف تعرفون لأبترن أيديكم وأقدامكم من تضاد ولأعلقنكم كلكم ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون قال للسحرة بعد إيمانهم :أأمنتم له قبل أن أذن لكم أى هل أيقنتم برسالته قبل أن آمركم أن تؤمنوا بها ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن لا إيمان بموسى (ص)قبل السماح لهم به من فرعون ،وقال :إنه لكبيركم الذى علمكم السحر والمراد إن موسى لعظيمكم الذى عرفكم الخداع وهذا يعنى أن فرعون أراد تبرير موقفه للناس بخرافة المؤامرة وهى أن موسى (ص)عظيم السحرة أى معلمهم الذى عرفهم السحر واتفق معهم على هذه المباراة حتى يظهره مهزوما وقال فلسوف تعلمون والمراد فسوف تعرفون "أينا أشد عذابا وأبقى "كما قال بسورة طه ،لأقطعن أى لأبترن أيديكم وأرجلكم من خلاف والمراد اليد اليمنى مع الرجل اليسرى أو العكس ولأصلبنكم أجمعين والمراد ولأعلقنكم كلكم على جذوع النخل .
" قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين"المعنى قالوا لا أذى إنا إلى إلهنا عائدون إنا نتمنى أن يمحو لنا إلهنا خطايانا أن كنا أسبق المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن السحرة بعد إيمانهم قالوا لفرعون ردا على تهديده :لا ضير أى لا أذى أى لا خوف من عقابك وهذا يعنى أن عقابه لن يؤلمهم إلا فى الدنيا مصداق لقوله بسورة طه"إنما تقض هذه الحياة الدنيا "إنا إلى ربنا منقلبون والمراد إنا إلى ثواب إلهنا عائدون إنا نطمع أن يغفر لنا خطايانا والمراد إنا نريد أن يترك لنا خالقنا عقاب سيئاتنا أن كنا أول المؤمنين والمراد بسبب أننا كنا أسبق المصدقين بحكمه .
"وأوحينا إلى موسى أن أسرى بعبادى ليلا إنكم متبعون " المعنى وألقينا إلى موسى (ص)أن اخرج بخلقى إنكم ملاحقون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أوحى أى ألقى لموسى (ص)فقال :أسر بعبادى والمراد اخرج ببنى إسرائيل ليلا إنكم متبعون أى ملاحقون أى مطاردون من قبل فرعون وقومه .
"فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون "المعنى فبعث فرعون فى البلاد منادين إن هؤلاء لجماعة قليلة وإنهم لنا لمغضبون وإنا لكل محتاطون ،يبين الله لنبيه (ص)أن فرعون أرسل فى المدائن حاشرين والمراد بعث فى البلدات منادين ينادون الناس للتجمع للخروج وراء بنى إسرائيل فقال لهم فى النداء :إن هؤلاء وهم بنى إسرائيل لشرذمة قليلون والمراد لجماعة مجرمة قليلة العدد وإنهم لنا لغائظون أى لنا مغضبون وإنا لجميع حاذرون والمراد وإنا لكل محتاطون وهذا يعنى أنه أخذ احتياطه لكل أمر قد يفعله القوم .
"فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بنى إسرائيل "المعنى فطردناهم من حدائق وأنهار وأموال ومكان حسن هكذا وملكناها أولاد يعقوب(ص)،يبين الله لنبيه (ص) أنه أخرج أى طرد قوم فرعون والمراد أبعدهم بالموت من جنات وهى الحدائق والعيون وهى الأنهار والكنوز وهى الأموال التى كانت معهم والمقام الكريم وهو المسكن الحسن وقد أورث أى ملك بنى إسرائيل هذه الأشياء فى الأرض المقدسة مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها ".
"فأتبعوهم مشرقين فلما ترءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معى ربى سيهدين فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين "المعنى فطاردوهم مصبحين فلما تشاهد الفريقان قال موسى (ص)إنا لملحقون قال لا إن ناصرى خالقى سيرشدنى فألقينا له أن ضع عصاك على الماء فانشق فكان كل شق كالجبل الكبير وقربنا ثم الآخرين وأنقذنا موسى(ص)ومن معه كلهم ثم أهلكنا الآخرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن قوم فرعون أتبعوهم مشرقين والمراد طاردوا بنى إسرائيل مصبحين أى فى النهار فلما ترءا الجمعان والمراد فلما أصبح الفريقان كل منهما أمام بصر الأخر عن بعد قال أصحاب وهم أصدقاء موسى (ص)إنا لمدركون أى لملحقون والمراد إن قوم فرعون واصلون إلينا لا محالة فقال لهم موسى (ص)كلا أى لا لن يصلوا ،إن معى ربى سيهدين والمراد إن ناصرى خالقى سيرشدنى لطريق النجاة منهم فأوحينا لموسى (ص)فألقينا له :اضرب بعصاك البحر والمراد ضع عصاك على ماء البحر فوضع العصا عليه فانفلق أى فانشق الماء إلى فرقين فكان كل فرق أى جانب كالطود العظيم وهو الجبل الكبير وفى وسطهما طريق ممهد وأزلفنا ثم الآخرين والمراد وأمشينا بنى إسرائيل ثم أمشينا قوم فرعون فيه فكانت النتيجة أن أنجينا أى أنقذنا موسى (ص)من معه أجمعين ثم أغرقنا أى أهلكنا قوم فرعون .
"إن فى ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم "المعنى إن فى القصة لعظة وما كان معظمهم مصدقين وإن إلهك لهو القوى النافع ،يبين الله لنبيه (ص)أن فى ذلك وهو قصة موسى (ص)مع فرعون آية أى عظة أى عبرة للناس وما كان أكثرهم مؤمنين والمراد وما كان أغلب الناس مصدقين لحكم الله وإن ربك لهو العزيز الرحيم والمراد وإن خالقك لهو القوى النافع .
" واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين "المعنى وأبلغ لهم قصة إبراهيم (ص)حين قال لوالده وشعبه :ما تطيعون ؟قالوا نطيع أوثانا فنستمر لها طائعين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتلو عليهم نبأ والمراد أن يقص عليهم قصة إبراهيم (ص)إذ والمراد وقت قال لأبيه وهو والده وقومه وهم شعبه :ما تعبدون أى ماذا تطيعون؟فأجابوا :نعبد أصناما فنظل لها عاكفين أى نطيع أوثانا فنستمر لها طائعين ،وهذا يعنى أنهم يعبدون آلهة متعددة ولا يتركون عبادتها .
"قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون "المعنى قال هل يجيبونكم حين تطيعون أو يفيدونكم أو يؤذون قالوا لقد لقينا آباءنا هكذا يعملون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يبين للناس أن إبراهيم (ص)قال لقومه :هل يسمعونكم إذ تدعون والمراد هل يعرفون بأمركم حين تطيعونهم أو ينفعونكم أى يفيدونكم أو يضرون أى يؤذون ؟والغرض من السؤال أن الآلهة المزعومة ليس لها علم بهم وليست نافعة أو ضارة ومن ثم فليست بآلهة فقالوا له بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون والمراد لقد لقينا آباءنا هكذا يصنعون ،والغرض من القول إخباره أنهم لم يفكروا فى شىء لما عبدوها وإنما عبدوها تقليدا للأباء .
"قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لى إلا رب العالمين "المعنى قال عرفتم الذى كنتم تطيعون أنتم وآباؤكم السابقون فإنهم مكروه منى إلا خالق الكل ،يبين الله على لسان نبيه (ص)أن إبراهيم(ص)قال لهم :أفرأيتم ما كنتم تعبدون والمراد أعلمتم الذى كنتم تتبعون أنتم وآباؤكم الأقدمون أى السابقون فإنهم عدو أى مكروه عندى إلا رب العالمين أى إلا خالق الكل وهذا يعنى أنه يعلن عداوته للآلهة المزعومة كلها وأن ربه هو الله وحده فهو محبوبه .
"الذى خلقنى فهو يهدين والذى هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت فهو يشقين والذى يميتنى ثم يحيين والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين "المعنى الذى أبدعنى فهو يرشدنى والذى يؤكلنى ويروين وإذا عييت فهو يداوين والذى يتوفانى ثم يبعثنى والذى أريد أن يمحو لى سيئتى يوم الحساب ،يبين الله لنا على لسان نبيه (ص)أن إبراهيم(ص)قال للقوم :الله رب العالمين هو الذى خلقنى فهو يهدين والمراد الذى أنشأنى فهو يرشدنى للحق والذى هو يطعمنى ويسقين والمراد والذى هو يؤكلنى أى يعطينى الأكل ويروين والمراد ويعطينى الشرب وإذا مرضت فهو يشفين والمراد وإذا تعبت فهو يداوين وهذا يعنى أنه مزيل الأمراض وهو الذى يميتنى ثم يحيين والمراد وهو الذى يتوفانى ثم يبعثنى مرة أخرى والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين والمراد والذى أريد أن يترك لى عقاب سيئتى يوم الحساب ،والغرض من القول إخبارنا أن الله هو الخالق الهادى المطعم المسقى الشافى المحيى المميت الغافر للذنب وأما آلهتهم فليس منها من يقدر على كل شىء من هذه الأشياء أو بعضها .
"رب هب لى حكما وألحقنى بالصالحين واجعل لى لسان صدق فى الآخرين واجعلنى من ورثة جنة النعيم واغفر لأبى إنه كان من الضالين ولا تخزنى يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " المعنى إلهى أعطنى وحيا وادخلنى مع المحسنين وابقى لى كلام عدل فى القادمين واجعلنى من ملاك حديقة المتاع واعفو عن والدى إنه كان من الكافرين ولا تذلنى يوم يرجعون يوم لا يفيد ملك ولا صبيان إلا من جاء الرب بنفس مسلمة ،يبين الله لنا على لسان نبيه (ص)أن إبراهيم(ص)دعا الله فقال :رب هب لى حكما والمراد خالقى أعطنى وحيا والمراد أنه يطلب من الله كتابا يسيرا عليه ،وألحقنى بالصالحين والمراد وأدخلنى مع المحسنين الجنة مصداق لقوله بسورة النمل "وادخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين "فهو يطلب أن يكون مع المسلمين فى الجنة ،واجعل لى لسان صدق فى الآخرين أى وأبقى لى حديث عدل فى القادمين للوجود فى المستقبل وهذا يعنى أن يذكر بعض ما حدث له فى الوحى المنزل مستقبلا على الرسل القادمين،واجعلنى من ورثة جنة النعيم والمراد واجعلنى من ملاك حديقة المتاع وهذا يعنى أنه يطلب سكن الجنة مع ملاكها ،واغفر لأبى إنه كان من الضالين والمراد واعفو عن والدى إنه كان من الكافرين وهو دعاء غير مستجاب ولكن إبراهيم (ص)دعاه لوعده والده أن يستغفر له ،ولا تخزنى يوم يبعثون والمراد ولا تذلنى يوم يعودون للحياة بإدخالى النار يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والمراد يوم لا يفيد ملك ولا عيال إلا من جاء الله بنفس مطيعة وهذا يعنى أن المال والأولاد فى الآخرة لا يفيدون أحد لعدم قدرتهم على إنقاذه إلا من أتى الله بنفس مطيعة لحكم الله فهى الشىء الوحيد المفيد يوم القيامة .
"وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون "المعنى وأعطيت الحديقة للمطيعين وظهرت النار للعاصين وقيل لهم أين ما كنتم تطيعون من غير الرب هل ينقذونكم أو ينقذون أنفسهم ؟يبين الله لنا أن الجنة وهى حديقة النعيم أزلفت أى أعطيت والمراد فتحت أبوابها للمتقين وهم المطيعين حكم الله وأما الجحيم وهى النار فقد برزت للغاوين والمراد فقد سعرت أى فتحت أبوابها فظهر ما فيها من عذاب للعاصين لحكم الله وقالت لهم الملائكة أين ما كنتم تعبدون من دون الله والمراد أين الذى كنتم تشركون مع الله مصداق لقوله بسورة القصص"أين شركائى الذى كنتم تزعمون "؟هل ينصرونكم أى هل يرحمونكم أو ينتصرون أى يرحمون أنفسهم ؟والغرض من السؤال إخبار الكفار أن آلهتهم المزعومة وهى أهواء أنفسهم لم ترحمهم فى الآخرة ولم ترحم نفسها فهى معهم فى النار .
"فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تا الله إن كنا لفى ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين "المعنى فأدخلوا فيها هم والمضلون أى مقلدى إبليس كلهم قالوا وهم فيها يختلفون والله إن كنا فى جنون كبير حين نضاهيكم بإله الكل وما أبعدنا عن الحق إلا الكافرون فما لنا من مناصرين أى صاحب مناصر فلو أن لنا عودة لنصبح من المصدقين بحكم الله ،يبين الله لنا أن الغاوين كبكبوا فيها والمراد ادخلوا فى الجحيم هم والغاوون ويقصد بهم المضلون وهم ما يعبدون أى أهواء أنفسهم أى القرناء مصداق لقوله بسورة الصافات "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله "والكل هم جنود إبليس أجمعون والمراد متبعى أى مقلدى عمل الملعون إبليس كلهم فقال بعضهم لبعض وهم فيها يختصمون أى يختلفون أى يتنازعون:تا لله إن كنا لفى ضلال مبين والمراد والله إن كنا لفى جنون معلوم وهذا اعتراف منهم بعدم العقل كما قالوا بسورة الملك "لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير "وقالوا للسادة والكبراء:إذ نسويكم برب العالمين أى كنا مجانين حين نضاهيكم بخالق الكل وهذا يعنى أنهم كانوا يؤلهون بعضا منهم وقالوا وما أضلنا إلا المجرمون أى وما أبعدنا عن الحق وهو السبيل إلا الكافرون وهم السادة أى الكبراء كما قالوا بسورة الأحزاب "إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا"وقالوا فما لنا من شافعين ولا صديق حميم أى ليس لنا ناصرين أى صاحب متكلم مناصر لنا يطاع مصداق لقوله بسورة غافر "كما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع