- المشاركات
- 82,633
- الإقامة
- قطر-الأردن
كل ما يمكن أن يُسمىَ عملة ليس إلا وسيلة للتبادل. ولم توجد من قبل، بحسب السجلات التاريخية الموثقة، والأرجح لن توجد، عملة واحدة، مهما كان مستوى جودتها، لم تتذبذب قيمتها في فترة من الفترات.
ولا علاقة لحجم العملات بقوتها أو ضعفها، فإذا كان حجم وحدة عملة أكبر من حجم وحدة عملة أخرى لا يعني ذلك أن ذات الحجم الأكبر هي الأفضل أو الأقوى. فعلى سبيل المثال، يساوي الجنيه الاسترليني الواحد في سوق العملات نحو 10 يناً يابانياً . وفي ذات الوقت لا تتجاوز قيمة الجنيه فرنكاً سويسرياً واحداً وأربعة أعشار الفرنك (1,40). وبالنسبة إلى علاقة الفرنك السويسري بـ «اليووان» الصيني فإن الفرنك الواحد يساوي نحو (6,7) من العملة الصينية.
فماذا تنبئنا هذه الأرقام المذكورة أعلاه عن قوة أو ضعف الجنيه الاسترليني أو الفرنك السويسري أو الين الياباني أو «اليووان» الصيني؟
إن قوة العملة أو ضعفها تقاس بنسبة التضخم التي يعاني منها البلد المصدر لها. فكلما ارتفعت نسبة التضخم كلما تضاءلت القيمة الشرائية للعملة في داخل موطن إصدارها، ويتبع ذلك انخفاض قيمتها في خارج الحدود.
وإذا ارتفعت قيمة عملة أو انخفضت من دون تغير في نسبة التضخم في داخل حدود الدولة التي أصدرتها، فيكون مرد ذلك، في أغلب الأحيان، إلى «التكهنات»، وأحياناً مجرد الإشاعات عن المستقبل الاقتصادي، أو الاستقرار السياسي والأمني لمن أصدر العملة. وقد يذكر من هم في جيلي، أنه بمجرد أن تم إعلان فوز حزب المحافظين بقيادة مارغريت ثاتشر في عام 1979 ارتفعت قيمة الاسترليني في جميع أسواق تداول العملات قبل أن يطرأ أي تغيير على أرض الواقع في نسبة التضخم في بريطانيا. والسبب، وقبل أن تتولى ثاتشر فعلاً الحكم، يعود إلى أن تجار العملات توقعوا، كما تحقق في ما بعد، بأن نسبة التضخم في بريطانيا تحت إدارة ثاتشر ستنخفض. فقد كانت أول حكومة في تاريخ المملكة المتحدة، قامت بتخصيص القطاعات الاقتصادية التي سبق أن أممتها حكومات عمال سابقة في أوقات مختلفة.
وأحياناً تتذبذب قيمة العملة من دون أن يطرأ أي تغيير في نسبة التضخم الآنية. وكثيراً ما يعود تذبذب قيمة عملة أو عملات من دون تغير في نسبة التضخم بسبب التغيرات فيما يسميه الاقتصاديون بـ «ميزان المدفوعات».
وميزان المدفوعات يعبر عن الفارق بين مجموع ما تستحقه دولة من بقية دول العالم وبين مجموع ما هو عليها لبقية دول العالم. أي الفارق بين ما لدولة من حقوق وما عليها من ديون. وإذا كان لها أكثر مما عليها قيل أن ميزان مدفوعاتها يعبر عن فائض. وإن كان عليها أكثر مما لها قيل أنها تواجه عجزاً في ميزان مدفوعاتها.
وإذا وُجدَ العجز فذلك يعني المديونية للآخرين، ولا بد من الوفاء بهذه الديون. وكيف يتم الوفاء؟
في نهاية المطاف، يتم الوفاء، بشراء عملات الدائنين (أصحاب الحقوق) وبيع عملة الدولة المدينة. وبذلك ترتفع قيمة العملة المطلوبة لسداد الدين وتنخفض عملة بائع عملته. فعملة زاد المطلوب منها فترتفع قيمتها وأخرى زاد المعروض منها فتنخفض قيمتها.
أما الفائض في ميزان المدفوعات فيعني أن الدول المدينة بحاجة إلى سداد ما عليها لهذه الدولة الدائنة من ديون. ولذلك لا بد لهذه الدول من الحصول على عملة الدولة الدائنة، وهذا من شأنه زيادة الطلب على عملة تلك الدولة فتنخفض كمية المعروض منها في الداخل مما يقلل نسبة التضخم، ومما يزيد من الطلب في الخارج عليها مما يرفع من قيمتها وقوتها الشرائية.
فعلى سبيل المثال ما حدث للجنيه المصري، بعد أن انخفض بنسب كبيرة ومتزايدة عدد السياح، أدى إلى عجز في ميزان المدفوعات قد يتم حله موقتاً بالقروض والهبات، ولكن تأثير العجز السلبي في قيمة الجنيه المصري نسبة إلى بقية العملات الصعبة صار واضحاً للجميع.
إن قطاع السياحة، وسواءً كان في سويسرا وفرنسا، أو في مصر وتونس، لا يختلف عن قطاع التصدير. فانتعاش قطاع السياحة يؤدي إلى زيادة المطلوب من العملة المحلية، وذلك يؤدي إلى ارتفاع قيمتها وقدرتها الشرائية. وتدني عدد السياح يؤدي إلى التقليل من المطلوب من العملة المحلية مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة. ولا يختلف تأثير قطاع السياحة عن تأثير زيادة صادرات الحمضيات أو التمور إن كانت هناك زيادة في دخل قطاع السياحة.
وبإيجاز، فإن تذبذب قيمة أية عملة لا بد منه عاجلاً أو آجلاً. وزيادة نسبة التضخم، أو العجز في ميزان المدفوعات، وغياب الاستقرار السياسي، مجتمعة أو متفرقة من أهم أسباب تدني قيمة العملات.
*
علي بن طلال الجهني
*
ولا علاقة لحجم العملات بقوتها أو ضعفها، فإذا كان حجم وحدة عملة أكبر من حجم وحدة عملة أخرى لا يعني ذلك أن ذات الحجم الأكبر هي الأفضل أو الأقوى. فعلى سبيل المثال، يساوي الجنيه الاسترليني الواحد في سوق العملات نحو 10 يناً يابانياً . وفي ذات الوقت لا تتجاوز قيمة الجنيه فرنكاً سويسرياً واحداً وأربعة أعشار الفرنك (1,40). وبالنسبة إلى علاقة الفرنك السويسري بـ «اليووان» الصيني فإن الفرنك الواحد يساوي نحو (6,7) من العملة الصينية.
فماذا تنبئنا هذه الأرقام المذكورة أعلاه عن قوة أو ضعف الجنيه الاسترليني أو الفرنك السويسري أو الين الياباني أو «اليووان» الصيني؟
إن قوة العملة أو ضعفها تقاس بنسبة التضخم التي يعاني منها البلد المصدر لها. فكلما ارتفعت نسبة التضخم كلما تضاءلت القيمة الشرائية للعملة في داخل موطن إصدارها، ويتبع ذلك انخفاض قيمتها في خارج الحدود.
وإذا ارتفعت قيمة عملة أو انخفضت من دون تغير في نسبة التضخم في داخل حدود الدولة التي أصدرتها، فيكون مرد ذلك، في أغلب الأحيان، إلى «التكهنات»، وأحياناً مجرد الإشاعات عن المستقبل الاقتصادي، أو الاستقرار السياسي والأمني لمن أصدر العملة. وقد يذكر من هم في جيلي، أنه بمجرد أن تم إعلان فوز حزب المحافظين بقيادة مارغريت ثاتشر في عام 1979 ارتفعت قيمة الاسترليني في جميع أسواق تداول العملات قبل أن يطرأ أي تغيير على أرض الواقع في نسبة التضخم في بريطانيا. والسبب، وقبل أن تتولى ثاتشر فعلاً الحكم، يعود إلى أن تجار العملات توقعوا، كما تحقق في ما بعد، بأن نسبة التضخم في بريطانيا تحت إدارة ثاتشر ستنخفض. فقد كانت أول حكومة في تاريخ المملكة المتحدة، قامت بتخصيص القطاعات الاقتصادية التي سبق أن أممتها حكومات عمال سابقة في أوقات مختلفة.
وأحياناً تتذبذب قيمة العملة من دون أن يطرأ أي تغيير في نسبة التضخم الآنية. وكثيراً ما يعود تذبذب قيمة عملة أو عملات من دون تغير في نسبة التضخم بسبب التغيرات فيما يسميه الاقتصاديون بـ «ميزان المدفوعات».
وميزان المدفوعات يعبر عن الفارق بين مجموع ما تستحقه دولة من بقية دول العالم وبين مجموع ما هو عليها لبقية دول العالم. أي الفارق بين ما لدولة من حقوق وما عليها من ديون. وإذا كان لها أكثر مما عليها قيل أن ميزان مدفوعاتها يعبر عن فائض. وإن كان عليها أكثر مما لها قيل أنها تواجه عجزاً في ميزان مدفوعاتها.
وإذا وُجدَ العجز فذلك يعني المديونية للآخرين، ولا بد من الوفاء بهذه الديون. وكيف يتم الوفاء؟
في نهاية المطاف، يتم الوفاء، بشراء عملات الدائنين (أصحاب الحقوق) وبيع عملة الدولة المدينة. وبذلك ترتفع قيمة العملة المطلوبة لسداد الدين وتنخفض عملة بائع عملته. فعملة زاد المطلوب منها فترتفع قيمتها وأخرى زاد المعروض منها فتنخفض قيمتها.
أما الفائض في ميزان المدفوعات فيعني أن الدول المدينة بحاجة إلى سداد ما عليها لهذه الدولة الدائنة من ديون. ولذلك لا بد لهذه الدول من الحصول على عملة الدولة الدائنة، وهذا من شأنه زيادة الطلب على عملة تلك الدولة فتنخفض كمية المعروض منها في الداخل مما يقلل نسبة التضخم، ومما يزيد من الطلب في الخارج عليها مما يرفع من قيمتها وقوتها الشرائية.
فعلى سبيل المثال ما حدث للجنيه المصري، بعد أن انخفض بنسب كبيرة ومتزايدة عدد السياح، أدى إلى عجز في ميزان المدفوعات قد يتم حله موقتاً بالقروض والهبات، ولكن تأثير العجز السلبي في قيمة الجنيه المصري نسبة إلى بقية العملات الصعبة صار واضحاً للجميع.
إن قطاع السياحة، وسواءً كان في سويسرا وفرنسا، أو في مصر وتونس، لا يختلف عن قطاع التصدير. فانتعاش قطاع السياحة يؤدي إلى زيادة المطلوب من العملة المحلية، وذلك يؤدي إلى ارتفاع قيمتها وقدرتها الشرائية. وتدني عدد السياح يؤدي إلى التقليل من المطلوب من العملة المحلية مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة. ولا يختلف تأثير قطاع السياحة عن تأثير زيادة صادرات الحمضيات أو التمور إن كانت هناك زيادة في دخل قطاع السياحة.
وبإيجاز، فإن تذبذب قيمة أية عملة لا بد منه عاجلاً أو آجلاً. وزيادة نسبة التضخم، أو العجز في ميزان المدفوعات، وغياب الاستقرار السياسي، مجتمعة أو متفرقة من أهم أسباب تدني قيمة العملات.
*
علي بن طلال الجهني
*