رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
"يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم"يفسر قوله "يريد الله ليبين لكم "قوله تعالى بسورة المائدة"يريد الله ليطهركم"فيبين لكم تعنى يطهركم وقوله "ويهديكم سنن الذين من قبلكم"يفسره قوله بسورة النور "ومثلا من الذين خلوا من قبلكم"فسنن تعنى أمثال وقوله "ويتوب عليكم "يفسره قوله بسورة الأحزاب"ويغفر لكم ذنوبكم"فيتوب تعنى يغفر والمعنى يحب الله أن يوضح لكم أحكامه ويعرفكم عواقب كفر الذين سبقوكم ويغفر لكم والله خبير قاضى ،يبين الله للمؤمنين أنه يريد ليبين لهم والمراد أن يوضح لهم أحكامه فيطيعوها فيطهروا من ذنوبهم بطاعتها وأنه يريد أن يهديهم سنن الذين من قبلهم والمراد يعرفهم عقوبات الذين كفروا ممن سبقوهم ويريد أن يتوب عليهم أى يغفر لهم ذنوبهم فيدخلهم الجنة ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء حكيم أى قاضى يقضى بالحق.
"والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما"يفسر قوله "والله يريد أن يتوب عليكم "قوله تعالى بسورة المائدة"يريد الله ليطهركم"فيتوب عليكم تعنى يطهركم ويفسر قوله "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما "قوله بسورة النساء"ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا"فالشهوات هى الشيطان والميل هى الضلال والعظيم هو البعيد والمعنى يحب الله أن يغفر لكم ويحب الذين يطيعون أهواء أنفسهم أن تكفروا كفرا مستمرا،يبين الله للمؤمنين أنه يريد أن يتوب عليهم والمراد أن يغفر لهم ذنوبهم فيدخلهم الجنة وأما الذين يتبعون الشهوات وهم الذين يطيعون أهواء أنفسهم وهى أراء أنفسهم فيريدون أن يميلوا ميلا عظيما والمراد فيحبون أن يكذب المسلمون حكم الله تكذيبا مستمرا حتى الموت حتى يتساووا فى العقاب عند الله معهم والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"يريد الله بكم اليسر "فالتخفيف هو اليسر وقوله بسورة الروم "والله الذى خلقكم من ضعف "فالضعيف هو المخلوق من الضعف وهو الوهن والمعنى يحب الله أن ييسر عليكم وأنشأ الإنسان واهنا ،يبين الله للمؤمنين أنه يريد أن يخفف عنهم أى ييسر عليهم أى يرحمهم ويبين لهم أن الإنسان خلق ضعيفا والمراد أنه أنشأ وهو واهن صغير.
"يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"يفسر قوله"لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا تكون تجارة عن تراض منكم"قوله تعالى بسورة البقرة"وأحل الله البيع"فالتجارة هى البيع وقوله "ولا تقتلوا أنفسكم "يفسره قوله بسورة الإسراء"ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق"فقتل الأنفس هو قتل النفس المحرمة وقوله "إن الله كان بكم رحيما "يفسره قوله بسورة آل عمران "والله رءوف بالعباد"فالرحيم بهم هو الرءوف والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله لا تضموا أمتعتكم بينكم بالحرام إلا أن تصبح بيع عن توافق منكم ولا تذبحوا بعضكم إن الله كان لكم نافعا،ينهى الله المؤمنين عن أكل أموالهم بينهم بالباطل والمراد عن أخذ بعضهم لأموال البعض الأخر بالحرام وهو الكفر واستثنى من الحرام التجارة وهى البيع الذى يشترط لكى يكون مباحا تراضى أطرافه والمراد اتفاق أصحابه اتفاق يقبله كل منهم ولا يصبح فى نفسه منه شيئا ،وينهى الله المؤمنين عن قتل أنفسهم والمراد ذبح بعضهم البعض دون حق ،ويبين لهم أنه كان بهم رحيما والمراد كان لهم نافعا برحمته والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده.
"ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا "يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الفرقان"ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب"فالنار هى الآثام التى هى العذاب وقوله "وكان ذلك على الله يسيرا"يفسره قوله بسورة مريم"قال ربك هو على هين"فاليسير هو الهين والمعنى ومن يعمل ذلك إثما أى فسادا فسوف ندخله جهنم وكان هذا على الله هينا،يبين الله للمؤمنين أن من يفعل ذلك أى من يأكل مال الأخرين ويقتل النفس عدوانا أى ظلما أى بدون حق يبيح له هذه الأفعال سوف يصليه الله النار والمراد سوف يدخله الله جهنم وكان إدخاله النار أمرا يسيرا أى هينا أى سهلا على الله .
"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الشورى"والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش"فما ينهون عنه هو الإثم أى الفواحش وقوله "نكفر عنكم سيئاتكم "يفسره قوله بسورة آل عمران"يغفر لكم ذنوبكم"فنكفر تعنى نغفر وسيئاتكم تعنى ذنوبكم وقوله "وندخلكم مدخلا كريما "يفسره قوله بسورة التحريم"ويدخلكم جنات"فالمدخل الكريم هو الجنات والمعنى إن تتركوا فعل الذى تزجرون عنه نمحو لكم ذنوبكم ونسكنكم سكنا حسنا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يجتنبوا كبائر ما ينهون عنه والمراد إن يتركوا أعمال الذى يزجرون عنه أى إن يبتعدوا عن أفعال الذى يطلب الله منهم عدم فعله وهو الباطل يكفر لهم سيئاتهم والمراد يغفر لهم ذنوبهم حيث يترك عقابهم عليها ويدخلهم مدخلا كريما والمراد يسكنهم مسكنا عظيما هو الجنة .
"ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شىء عليما"يفسر قوله"وسئلوا الله من فضله "قوله تعالى بسورة العنكبوت"وابتغوا عند الله الرزق"فسؤال الله من فضله هو ابتغاء الرزق من الله وقوله "إن الله كان بكل شىء عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"فعليما تعنى محيطا والمعنى ولا تطلبوا ما ميز الله بعضكم على بعض للذكور أجر بالذى عملوا وللإناث أجر بالذى عملن واطلبوا من الله رزقه إن الله كان بكل أمر خبيرا،ينهى الله المؤمنين والمؤمنات عن تمنى ما فضل الله بعضهم على بعض أى ما ميز به كل جنس على الأخر فهو ينهى هنا الرجال عن طلب مهام النساء الخاصة وينهى النساء عن طلب سلطة الرجال عليهن ،ويبين لهم أن الرجال لهم نصيب مما اكتسبوا والمراد لهم أجر الذى عملوا فى حياتهم والنساء لهن نصيب مما اكتسبن والمراد لهن أجر الذى عملن فى حياتهن ويطلب منهم أن يسألوه من فضله والمراد أن يطلبوا من الله الرزق فى الدنيا والآخرة ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء أى بكل أمر يقع فى الكون ومن ثم عليهم أن يحذروا من مخالفته حتى لا يعاقبهم على فعلهم الباطل والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شىء شهيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بنفس السورة "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون"فالموالى هى أنصبة الرجال والنساء وقوله "إن الله كان على كل شىء شهيدا "قوله بنفس السورة"إن الله على كل شىء رقيبا"فالشهيد هو الرقيب والمعنى ولكل حددنا أنصبة من الذى فات الأبوان والأقارب والذين ملكت أنفسكم فأعطوهن حظهن إن الله كان على كل أمر رقيبا ،يبين الله للمؤمنين أنه جعل موالى والمراد حدد أنصبة لكل من الرجال والنساء فى الذى ترك أى فات الوالدان وهما الأبوان والأقارب من المال بعد موتهم كما حدد للذين عقدت أيماننا نصيبهم وهن اللاتى عاهدتهن أنفس الرجال على الزواج والمراد أن الله يطلب منا أن نعطى الزوجات نصيبهن فى الميراث فيقول أتوهن نصيبهن أى أعطوهن حظهن فى الميراث ويبين لهم أنه شهيد على كل شىء أى رقيب أى عليم بكل أمر وسيحاسب عليه .
"الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا"المعنى الذكور مسلطون على الزوجات بما ميز الله بعضهم على بعض وبالذى صرفوا من أملاكهم فالمحسنات مطيعات صائنات للبعد بالذى أمر الله واللاتى تخشون عصيانهن فذكرونهن وابعدوا عنهن فى المضاجع واجلدوهن فإن اتبعنكم فلا تنفذوا فيهن عقابا إن الله كان عظيما عاليا،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن الرجال وهم الأزواج قوامون على النساء والمراد مسلطون على الزوجات وبألفاظ القرآن فى سورة البقرة"وللرجال عليهن درجة"فدرجة الرجال هى رئاسة الأسرة والأسباب هى :
-تفضيل الله بعضهم على بعض أى تمييز الله الرجال على النساء فى الخلقة البدنية والنفسية.
-ما أنفق الرجال من أموالهم على النساء والمراد ما صرف الأزواج على الزوجات من مال.
ويبين الله لهم أن الزوجات الصالحات وهن المحسنات قانتات أى مطيعات لحكم الله حافظات للغيب بما حفظ الله والمراد صائنات لأنفسهن فى حالة بعد الأزواج عنهن للعمل أو للسفر أو لأى أمر أخر بالذى أمر الله وهو عدم الزنى وهذا يعنى أن الزوجة الصالحة مطيعة للزوج فى حضوره حامية لعرضه فى غيابه.
ويبين الله للرجال أن اللاتى يخافون نشوزهن والمراد أن اللاتى تعرفون منهن العصيان لأمر الله بطاعتكم فى الخير عليهم أن يتبعوا معهن التالى:
-وعظهن أى تذكيرهن بالحق ووجوب الطاعة فإن أطعن فقد انتهت المشكلة.
-وإذا لم يطعن الوعظ فالواجب هو هجرهن فى المضاجع والمراد البعد عن الرقاد معهن فى الفرش فإن أطعن فقد انتهت المشكلة.
-وإذا لم ينفع هذا البعد عن المضاجع فالواجب على الرجال ضربهن أى جلدهن جلدا موجعا لا يجرح ولا يدمى فإن أطعن أى اتبعن حكم الرجل العادل فعلى الرجال ألا يبغوا عليهن سبيلا والمراد ألا ينزلوا بهن عقابا أخر ،ويبين لهم أنه على أى كبير أى عظيم أى صاحب الكبرياء فى السموات والأرض كما قال بسورة الجاثية"وله الكبرياء فى السموات والأرض".
"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا"يفسر قوله "وإن خفتم شقاق بينهما"قوله تعالى بسورة البقرة"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله"فالشقاق هى عدم إقامة حدود الله وقوله "إن الله كان عليما خبيرا "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"فعليما خبيرا أى محيطا والمعنى وإن خشيتم خلاف بينهما فأرسلوا قاضيا من أسرته وقاضيا من أسرتها إن يشاءا الزوجان توفيقا يصلح الله بينهما إن الله كان محيطا عارفا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن خافوا الشقاق بينهما والمراد إن خشوا حدوث الخلاف بين الزوجين مما يؤدى لمخالفتهم لحكم الله فالواجب هو بعث حكم من أهله وحكم من أهلها والمراد إرسال قاضى يختاره الزوج من أسرته وقاضى تختاره الزوجة من أسرتها يسمعان لكل منهما ثم يحددا نقاط الخلاف بينهما ويحددا المخطىء ويطلبان منه التراجع عن رأيه هذا إن يريدا إصلاحا والمراد إن يحب الزوجان التوفيق وهو التراضى على المعروف يوفق الله بينهما أى يصلح الله بين الزوجين ويبين الله لنا أنه عليما أى خبيرا أى عارفا بكل شىء وسيحاسب عليه .
"واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا"يفسر قوله "واعبدوا الله "قوله تعالى بسورة التغابن"وأطيعوا الله"فاعبدوا تعنى أطيعوا وقوله "ولا تشركوا به شيئا"يفسره قوله بسورة البقرة"فلا تجعلوا لله أندادا"فتشركوا تعنى تجعلوا وشيئا تعنى أندادا وقوله"إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا "يفسره قوله بنفس السورة"والله لا يحب كل كفار أثيم"فالمختال الفخور هو الكفار الأثيم والمعنى وأطيعوا حكم الله أى لا تطيعوا مع حكمه حكما أخر وبالأبوين معروفا وأهل القرابة وفاقدى الأباء والمحتاجين وصاحب الدار الملاصقة لنا صاحب القرابة وصاحب الدار الملاصقة والصديق فى الجوار وابن الطريق والذى تصرفت أنفسكم إن الله لا يرحم من كان كافرا مكذبا،يطلب الله منا كناس أن نعبده أى نطيع حكمه المنزل وفسر هذا بأن لا نشرك به شيئا والمراد ألا نطيع مع حكم الله حكم أخر ومن ضمن طاعة حكم الله أن نحسن أى نتعامل بالعدل مع كل من الوالدين وهم الأبوين وذى القربى وهم الأقارب واليتامى وهم من مات آباؤهم وهم صغار والمساكين وهم المحتاجين للعون والجار ذى القربى وهو صاحب البيت الملاصق لدارنا صاحب القرابة والجار الجنب وهو صاحب البيت القريب لبيتنا والصاحب بالجنب وهو الصديق فى السكن القريب وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس معه مال يوصله لبلده وما ملكت الأيمان وهم العبيد والإماء الذين تتصرف فيهم أنفسنا وهذا يعنى العدل مع كل البشر لأن المذكورين هنا لا يخرج منهم أحد من القرابة والجوار واليتم والمسكنة والسبيل،ويبين الله لنا أنه لا يحب من كان مختالا فخورا أى لا يرحم من كان كافرا عاصيا لحكمه والخطاب للناس.
"الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما أتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا"يفسر قوله "ويأمرون الناس بالبخل"قوله تعالى بسورة التوبة"يأمرون بالمنكر"فالبخل هو المنكر وقوله "وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا "يفسره قوله بسورة الإنسان"والظالمين أعد لهم عذابا أليما"فالكافرين هم الظالمين والعذاب المهين تعنى العذاب الأليم والمعنى الذين يكفرون ويطالبون الخلق بالكفر ويخفون الذى أوحى لهم الله من رحمته وجهزنا للمكذبين بحكمنا عقابا أليما،يبين الله لنا المختالين الفخورين هم الذين يبخلون أى يكذبون حكم الله ويأمرون الناس بالبخل والمراد ويطالبون الخلق بالتكذيب لحكم الله ويكتمون ما أتاهم الله من فضله والمراد ويخفون الذى أعطاهم الله من وحيه وقد أعد الله للكافرين عذابا مهينا والمراد وقد جهز للمكذبين بحكمه عقابا شديدا هو النار والخطاب للمؤمنين وهو محذوف منه أوله وهو غير معلوم والغالب أنه سؤال من المنافقين البخلاء؟ وما بعده وما بعده مثله.
"والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا"يفسر قوله "والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس"قوله تعالى بسورة النساء"وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس"فينفقون أموالهم تعنى صلاتهم أى طاعتهم لله وهم كسالى وقوله "ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر "يفسره قوله بسورة المطففين"الذين يكذبون بيوم الدين"فاليوم الأخر هو يوم الدين ولا يؤمنون تعنى يكذبون وقوله "ومن يكن الشيطان "يفسره قوله بسورة النساء"ومن يتخذ الشيطان"فيكن تعنى يتخذ وقوله "فساء قرينا "يفسره قوله بسورة الزخرف"فبئس القرين"فساء تعنى بئس والمعنى والذين يقدمون طاعتهم لله إرضاء للخلق ولا يصدقون بحكم الله ويوم القيامة ومن تصبح الشهوة له إلها فقبح إلها ،يبين الله لنا أن الكافرين ينفقون أموالهم رئاء الناس والمراد يظهرون طاعتهم لحكم الله إرضاء للمسلمين مع أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر والمراد مع أنهم لا يصدقون بحكم الله ولا يصدقون بيوم البعث،ويبين الله لنا أن من يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا والمراد أن من يطيع الشهوة وهى هوى النفس إلها له فقبح الإله الذين يطيعونه .
"وماذا عليهم لو أمنوا بالله واليوم الأخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما"المعنى وماذا عليهم لو صدقوا بوحى الله ويوم القيامة وعملوا من الذى أوحى الله لهم وكان الله بهم خبيرا؟،يسأل الله :ماذا على الناس لو صدقوا بحكم الله ويوم البعث وفعلوا من الذى أمرهم الله به ؟والغرض من السؤال أن لا عقاب على من أمن بحكم الله ويوم القيامة وعمل صالحا من الذى أوحى الله للمؤمنين ،ويبين لهم أنه عليم أى خبير بهم وسيحاسبهم على عملهم .
"إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما"يفسر قوله "ون تك حسنة يضاعفها "قوله تعالى بسورة النمل"من جاء بالحسنة فله خير منها"فمضاعفة الحسنة هى أن يكون لصاحبها خير منها وقوله "ويؤت من لدنه أجرا عظيما "يفسره قوله بسورة الفتح"يؤتكم الله أجرا حسنا"فعظيما تعنى حسنا والمعنى إن الله لا يبخس قدر ذرة وإن يكن عمل صالح يزيده أى يعطى من عنده ثوابا كبيرا،يبين الله للمؤمنين أن الله لا يظلم مثقال ذرة والمراد أن الله لا ينقص من حقوق الخلق قدر ذرة لأنه عادل وإن كان لمخلوق حسنة أى عمل صالح يضاعفه له والمراد يزيد له ثوابه عليه وفسر هذا أنه يؤتيه من لدنه أجرا عظيما والمراد يعطيه من عنده ثواب حسن هو الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"المعنى فكيف إذا بعثنا من كل جماعة حاكم وبعثناك على هؤلاء حاكما؟ يسأل الله رسوله(ص)كيف إذا أتينا من كل قوم بشاهد يقول لنا ما عملوه وأتينا بك لتصبح شاهد على المسلمين بالذى عملوا فى الدنيا وأنت حى ،والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص)أن كل قوم سيكون لهم شهيد أى شاهد يحكم عليهم بقوله ما عملوه معه وهو رسول القوم وسيكون هو أى محمد(ص)شهيد على المسلمين فى عصره أى الشاهد عليهم بما عملوا فتكون شهادته حكم بصلاح المسلمين فى عصره ومن ثم استحقاقهم الجنة.
"يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو نسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النبأ"يقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا"فتسوية الأرض بهم هى جعلهم تراب والمعنى يوم القيامة يحب الذين كذبوا بحكم الله أى خالفوا النبى(ص)لو نمهد بهم الأرض ولا يخفون عن الله قولا ،يبين الله لنا أن فى يوم القيامة يود الذين كفروا أى يريد الذين كذبوا بحكم الله وفسرهم الله بأنهم الذين عصوا الرسول والمراد الذين خالفوا حكم الله المنزل على النبى(ص)لو نسوى بهم الأرض والمراد لو يمهد الله بهم الأرض وهذا يعنى أنهم يتمنون التحول لتراب ولا يكتمون الله حديثا والمراد ولا يخفون عن الله قولا .
"يا أيها الذين أمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا"المعنى يا أيها الذين صدقوا بحكم الله لا تؤدوا الصلاة وأنتم مخمورين حتى تعرفوا ما تتحدثون به ولا قاذفى منى إلا مسافرين للجهاد حتى تتطهروا وإن كنتم عليلين أو على ترحال أو أتى إنسان منكم من الكنيف أو مسستم الإناث فلم تلقوا ماء فاطلبوا ترابا طاهرا فامسحوا به وجوهكم وأيديكم إن الله كان توابا صفوحا،ينهى الله المؤمنين عن قرب الصلاة وهم سكارى والمراد عن أداء الصلوات المعروفة وهم شاربين للخمر والسبب فى النهى هو أن يعلموا ما يقولون أى حتى يعرفوا الذى يتحدثون به فى الصلاة من الكلام وهو القرآن وهذا يعنى أن المخمور لا يدرى ما يقول لكونه فاقد لعقله،وينهاهم عن أداء الصلاة وهم جنب أى قاذفى للماء المهين فى الجماع أو فى غيره واستثنى من النهى حالتين الأولى :هى أن يكونوا عابرى سبيل والمراد مسافرين إلى الجهاد والثانية إن كانوا مرضى أى مصابين بعلل تضرهم إن اغتسلوا،وأما إذا لم يكونوا كذلك فعليهم ألا يصلوا إلا بعد أن يغتسلوا أى يتطهروا بالماء،ويبين لهم أنهم إن جاءوا من الغائط والمراد إن أتوا من مكان قضاء الحاجة من بول أو براز أو فساء أو ضراط أو لامسوا النساء والمراد إن مس جلدهم جلد الإناث البالغات فعليهم الوضوء فإن لم يجدوا ماء والمراد فإن لم يلقوا ماء للوضوء فعليهم أن يتيمموا صعيدا طيبا والمراد أن يقصدوا ترابا طاهرا فيمسحوا بوجوههم وأيديهم والمراد أن يلمسوا بالتراب الوجوه والكفوف،ويبين الله لنا أنه عفو أى غفور والمراد مثيب لمن تاب إليه نافع له والخطاب للمؤمنين.
"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل"يفسر قوله"يشترون الضلالة "قوله تعالى بسورة التوبة "اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا"فالضلالة هى الثمن القليل وقوله "ويريدون أن تضلوا السبيل"يفسره قوله بسورة البقرة"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا"فإرادة أن يضل المسلمون السبيل هى إرادة ردهم كفارا بعد إيمانهم والمعنى ألم تعلم أن الذين أعطوا علما بالكتاب يعملون الكفر ويحبون أن تتركوا الإسلام؟يخبر الله رسوله(ص)أن الذين أوتوا نصيبا من الكتاب وهم الذين أعطوا بعضا من وحى الله للبشر يشترون الضلالة والمراد يعملون أعمال الكفر تاركين الإسلام وهم يريدون أن يضل المسلمون السبيل والمراد وهم يحبون أن يترك المسلمون الإسلام ويعملون الكفر مثلهم والخطاب للنبى(ص).
"من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا فى الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظر لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا"يفسر قوله "من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه "قوله تعالى بسورة المائدة"وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا"فيحرفون الكلم عن مواضعه يعنى زيادة المنزل كفرا وطغيانا وقوله "ولكن لعنهم الله بكفرهم "يفسره قوله بسورة النساء"وغضب الله عليهم"فلعنهم تعنى غضب عليهم والمعنى من اليهود من يبعدون الوحى عن معانيه ويقولون عرفنا وخالفنا واعرف غير مطيع وعاقبنا تحريفا بأفواههم أى تحريفا للإسلام ولو أنهم قالوا عرفنا واتبعنا واعلم وارحمنا لكان أفضل لهم أى أحسن أجرا ولكن غضب الله عليهم بتكذيبهم فلا يصدقون إلا بعضا منهم،يبين الله للمؤمنين أن الذين هادوا وهم اليهود منهم جماعة يحرفون الكلم عن مواضعه والمراد يبعدون ألفاظ الوحى الإلهى عن معانيها أى يغيرون الوحى عن مقاصده التى أرادها الله وهم يقولون :سمعنا وعصينا أى عرفنا المعنى الحقيقى وخالفنا واسمع غير مسمع أى اعرف غير مطيع والمراد إنك يا مبلغ الوحى أنت تعرف من لا يطيع الوحى وراعنا أى عاقبنا بما تريد وهذا هو لى بالألسن والمراد تحريف للوحى بالكلمات وفسره بأنه طعن فى الدين أى تحريف للإسلام أى إطفاء لنور الله ،ويبين الله لهم أنهم لو قالوا :سمعنا وأطعنا أى عرفنا المعنى الحقيقى ونفذناه واسمع أى وأعلم الناس بالوحى لينفذوه وانظرنا أى وارحمنا لتنفيذنا ما تريد لكان خير لهم أى أقوم والمراد لكان هذا أحسن ثوابا أى أفضل أجرا،ويبين الله لنا أنه لعنهم بكفرهم أى غضب الله عليهم بتكذيبهم للوحى والمراد عاقبهم الله بسبب تكذيبهم لحكم الله ومن ثم فهم لا يؤمنون إلا قليلا أى فلا يصدقون بالوحى إلا عدد قليل منهم والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين أوتوا الكتاب أمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا "يفسر الجزء الأخير قوله بسورة مريم"وكان أمرا مقضيا"فمفعولا تعنى مقضيا والمعنى يا أيها الذين أعطوا الوحى سابقا صدقوا بالذى أوحينا مشابها للذى عندكم من قبل أن نغير أجساما فنعيدها إلى ظهورها أو نعاقبهم كما عاقبنا أهل السبت وكان حكم الله واقعا،يخاطب الله الذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطوا الوحى سابقا وهم اليهود والنصارى فيطلب منهم التالى:
أن يؤمنوا بما نزل مصدق لما معهم والمراد أن يصدقوا بالذى أوحى إلى محمد(ص)مطابق للكتب التى عندهم ،ويبين الله لهم أنهم إذا لم يؤمنوا فإنه سيفعل بهم أحد أمرين :
الأول:أن يطمس وجوههم بردها على أدبارها والمراد أن يبدل وجوههم بإرجاعها إلى أقفيتهم وبألفاظ أخرى أن يجعل الوجه مكان القفا والقفا مكان الوجه وباقى الجسم كما هو فيكون القفا مع البطن والوجه مع الظهر .
الثانى:أن يلعنهم كما لعن أصحاب السبت والمراد أن يعاقبهم كما عاقب المخالفين لحكم الراحة فى السبت فيحول أجسامهم لأجسام قردة ويبين لهم أن أمره وهو حكمه بالعقاب سيكون مفعولا والمراد سيكون حادثا إن كفروا والخطاب لأهل الكتاب.
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"فيغفر تعنى يقبل ودون ذلك هو الإسلام وقوله "ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما "يفسره قوله بسورة النساء"ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا مبينا"فإثما تعنى ضلالا وعظيما تعنى مبينا والمعنى إن الله لا يقبل أن يكفر به ويقبل ما غير الكفر ممن يريد ومن يكفر بالله فقد أتى جرما كبيرا،يبين الله للناس أنه لا يغفر أن يشرك به والمراد لا يقبل أن يكفر بحكمه وهذا يعنى أنه حرم الكفر وهو يغفر ما دون ذلك لمن يشاء والمراد ويقبل ما سوى الكفر وهو الإسلام ممن يصدق به ويبين لهم أن من يشرك به أى من يكفر بوحى الله فقد افترى إثما عظيما والمراد فقد فعل جريمة كبرى هى الكفر بحكم الله والخطاب للناس.
"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكى من يشاء ولا يظلمون فتيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا"فيزكون أنفسهم تعنى حبهم الحمد وقوله "ولا يظلمون فتيلا "يفسره قوله بسورة النساء "ولا يظلمون نقيرا"ففتيلا تعنى نقيرا وقوله "بل الله يزكى من يشاء "يفسره قوله بسورة آل عمران"ويختص برحمته من يشاء"فيزكى تعنى يختص برحمته والمعنى ألم تعلم بالذين يشكرون أنفسهم؟ إن الله يشكر من يريد ولا يبخسون شيئا،يبين الله لرسوله(ص)أن هناك فريق من الناس يزكون أنفسهم أى يشكرون فى أنفسهم أمام الآخرين والمراد أنهم يقولون أنهم أحباء الله سيدخلهم الجنة،ويبين له أن الله يزكى أى يشكر أى يرحم من يشاء أى من يريد من الخلق بإدخالهم الجنة وهم لا يظلمون فتيلا أى لا يبخسهم أى لا ينقصهم الله شيئا من حقهم مهما كان صغيرا والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"يقولون على الله الكذب"فيفترون تعنى يقولون وقوله"إثما مبينا "يفسره قوله بسورة النساء"إثما عظيما"فمبينا أى عظيما والمعنى اعلم كيف يقولون على الله الباطل وكفى بالتقول ذنبا عظيما،يطلب الله من رسوله(ص)أن ينظر والمراد أن يفكر كيف يفترون على الله الكذب أى أن يفكر كيف ينسبون إلى حكم الله أحكام الباطل ،والغرض من الطلب هو معرفة طرق عمل نفوس القوم لمحاربتها ويبين له أنه كفى بنسبة الباطل إلى الله إثما مبينا أى جرما كبيرا،وهذا يعنى أن نسبة الباطل لله هو جريمة عظيمة.
"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين أمنوا سبيلا "يفسر قوله"يؤمنون بالجبت والطاغوت"قوله تعالى بسورة العنكبوت"أفبالباطل يؤمنون"فالجبت أى الطاغوت هو الباطل والمعنى ألم تعلم بالذين أعطوا حكما من الوحى الإلهى يصدقون بالباطل أى الكفر ويقولون للذين كذبوا حكم الله هؤلاء أفضل من الذين صدقوا حكم الله دينا،يخاطب الله رسوله(ص)مخبرا إياه أن الذين أوتوا نصيبا من الكتاب وهم الذين أعطوا حكما من وحى الله يؤمنون بالجبت أى الطاغوت والمراد يصدقون بالباطل وهو الظلم ،ويبين له أنهم يقولون للذين كفروا وهم الذين أشركوا بحكم الله :هؤلاء أهدى من الذين أمنوا سبيلا والمراد المشركون أفضل من الذين صدقوا دينا،وهذا يعنى أنهم يعتبرون أديان الشرك أحسن من دين المسلمين والخطاب وما بعده للنبى(ص)وما بعده.
"أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا"يفسر قوله "لعنهم الله "قوله تعالى بسورة الفتح"وغضب الله عليهم"فلعنهم تعنى غضب عليهم وقوله "ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا"يفسره قوله بسورة الكهف"ومن يضلل الله فلن تجد له وليا مرشدا"فيلعن تعنى يضلل ونصيرا تعنى وليا مرشدا والمعنى أولئك الذين عاقبهم الله ومن يعاقب الله فلن تلق له منقذا من العقاب،يبين الله لرسوله(ص)أن الفريق الكتابى هم الذين لعنهم الله أى عذبهم بسبب كفرهم ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا والمراد ومن يعذب الله فلن تلق له منجيا من العذاب .
"أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا"يفسر قوله"أم لهم نصيب من الملك"قوله تعالى بسورة ص"أم عندهم خزائن رحمة ربك "فالنصيب من الملك هو خزائن رحمة الله ويفسر الآية قوله بسورة الإسراء"قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا لأمسكتم خشية الإنفاق"فخزائن رحمة الرب هى الملك وعدم إيتاء الناس النقير هو الإمساك خشية الإنفاق والمعنى هل لهم حظ من الرزق؟فإذا لا يعطون الخلق شيئا،يبين الله لرسوله (ص)أن الفريق الكتابى لو له نصيب من الملك والمراد لو له تصرف فى رزق الله فالحادث هو أنهم لا يؤتون الناس نقيرا والمراد لا يعطون خلق الله من الرزق أى شىء مهما كان صغيرا.
"أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله فقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وأتيناهم ملكا عظيما"يفسر قوله"أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله"قوله تعالى بسورة البقرة"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم"فما أتاهم الله من فضله هو الإيمان وقوله "فقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما "يفسره قوله بسورة العنكبوت "وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وأتيناه أجره فى الدنيا"فالكتاب هو الحكمة هو النبوة أى الملك هو الأجر العظيم والمعنى هل يحقدون على المسلمين بسبب الذى أعطاهم الله من رحمته ؟فقد أعطينا ذرية إبراهيم(ص)الوحى أى حكم الله أى أعطيناهم حكما كبيرا،يبين الله لرسوله(ص)أن الفريق الكتابى يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله والمراد يحقدون على المسلمين والسبب الإيمان الذى أعطاه الله من رحمته لهم فهم يريدون زوال هذا الإيمان حتى يصبحوا مثلهم كفارا،ويبين له أنه أتى آل إبراهيم(ص)والمراد أعطى ذرية إبراهيم(ص)الكتاب أى الحكمة وهو وحى الله وفسر هذا بأنه أتاهم الملك العظيم أى أعطاهم الحكم الحق ليحكموا به العالم والخطاب للنبى(ص)وما بعده.
"فمنهم من أمن ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة البقرة"فمنهم من أمن ومنهم من كفر"فصد عنه تعنى كفر به وقوله "وكفى بجهنم سعيرا "يفسره قوله بسورة المجادلة"حسبهم جهنم"فكفى تعنى حسب والمعنى فمنهم من صدق بحكم الله ومنهم من كفر به وحسبهم النار عذابا،يبين الله لرسوله(ص)أن ذرية إبراهيم(ص)منهم من أمن أى صدق حكم الله وعمل به ومنهم من صد عنه أى كفر به وهؤلاء كافيهم جهنم سعيرا والمراد جزاؤهم النار تعذيبا لهم .
"إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما"يفسر الآية قوله تعالى بسورة فاطر"والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها"فنضج الجلود هو عدم تخفيف العذاب وتبديلها يعنى عدم إماتتهم وقوله بسورة الأنعام "والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب"فالذين كفروا هم الذين كذبوا بآيات الله والمعنى إن الذين كذبوا بأحكامنا سوف نذيقهم ألما كلما احترقت أجسامهم غيرنا لهم أجساما سواها ليعرفوا الألم إن الله كان قويا قاضيا،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين كفروا وهم الذين كذبوا آيات الله وهى أحكام الوحى المنزل من عند الله سوف يصليهم نارا والمراد سوف يذيقهم عذابا هو أن جلودهم وهى أجسامهم كلما نضجت أى كلما احترقت بدلهم جلود غيرها والمراد خلق لهم أجسام مثلها والسبب أن يذوقوا العذاب والمراد أن يعرفوا الألم باستمرار ومن هنا نعلم أن الجسم أى الجلد هو الذى يوصل الإحساس بالألم للنفس ،ويبين له أنه عزيز أى قوى حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب للنبى وما بعده.
"والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا"يفسر قوله "سندخلهم جنات "قوله تعالى بسورة الفتح"يدخل فى رحمته من يشاء"فالجنات هى الرحمة وقوله "خالدين فيها "يفسره قوله بسورة الدخان"لا يذوقون فيها إلا الموتة الأولى "فخالدين تعنى أنهم لا يموتون إلا موتة الدنيا وقوله "لهم فيها أزواج مطهرة"يفسره قوله "وزوجناهم بحور عين"فالأزواج المطهرة هى الحور العين وقوله "وندخلهم ظلا ظليلا ".
"والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما"يفسر قوله "والله يريد أن يتوب عليكم "قوله تعالى بسورة المائدة"يريد الله ليطهركم"فيتوب عليكم تعنى يطهركم ويفسر قوله "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما "قوله بسورة النساء"ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا"فالشهوات هى الشيطان والميل هى الضلال والعظيم هو البعيد والمعنى يحب الله أن يغفر لكم ويحب الذين يطيعون أهواء أنفسهم أن تكفروا كفرا مستمرا،يبين الله للمؤمنين أنه يريد أن يتوب عليهم والمراد أن يغفر لهم ذنوبهم فيدخلهم الجنة وأما الذين يتبعون الشهوات وهم الذين يطيعون أهواء أنفسهم وهى أراء أنفسهم فيريدون أن يميلوا ميلا عظيما والمراد فيحبون أن يكذب المسلمون حكم الله تكذيبا مستمرا حتى الموت حتى يتساووا فى العقاب عند الله معهم والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"يريد الله بكم اليسر "فالتخفيف هو اليسر وقوله بسورة الروم "والله الذى خلقكم من ضعف "فالضعيف هو المخلوق من الضعف وهو الوهن والمعنى يحب الله أن ييسر عليكم وأنشأ الإنسان واهنا ،يبين الله للمؤمنين أنه يريد أن يخفف عنهم أى ييسر عليهم أى يرحمهم ويبين لهم أن الإنسان خلق ضعيفا والمراد أنه أنشأ وهو واهن صغير.
"يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"يفسر قوله"لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا تكون تجارة عن تراض منكم"قوله تعالى بسورة البقرة"وأحل الله البيع"فالتجارة هى البيع وقوله "ولا تقتلوا أنفسكم "يفسره قوله بسورة الإسراء"ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق"فقتل الأنفس هو قتل النفس المحرمة وقوله "إن الله كان بكم رحيما "يفسره قوله بسورة آل عمران "والله رءوف بالعباد"فالرحيم بهم هو الرءوف والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله لا تضموا أمتعتكم بينكم بالحرام إلا أن تصبح بيع عن توافق منكم ولا تذبحوا بعضكم إن الله كان لكم نافعا،ينهى الله المؤمنين عن أكل أموالهم بينهم بالباطل والمراد عن أخذ بعضهم لأموال البعض الأخر بالحرام وهو الكفر واستثنى من الحرام التجارة وهى البيع الذى يشترط لكى يكون مباحا تراضى أطرافه والمراد اتفاق أصحابه اتفاق يقبله كل منهم ولا يصبح فى نفسه منه شيئا ،وينهى الله المؤمنين عن قتل أنفسهم والمراد ذبح بعضهم البعض دون حق ،ويبين لهم أنه كان بهم رحيما والمراد كان لهم نافعا برحمته والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده.
"ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا "يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الفرقان"ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب"فالنار هى الآثام التى هى العذاب وقوله "وكان ذلك على الله يسيرا"يفسره قوله بسورة مريم"قال ربك هو على هين"فاليسير هو الهين والمعنى ومن يعمل ذلك إثما أى فسادا فسوف ندخله جهنم وكان هذا على الله هينا،يبين الله للمؤمنين أن من يفعل ذلك أى من يأكل مال الأخرين ويقتل النفس عدوانا أى ظلما أى بدون حق يبيح له هذه الأفعال سوف يصليه الله النار والمراد سوف يدخله الله جهنم وكان إدخاله النار أمرا يسيرا أى هينا أى سهلا على الله .
"إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الشورى"والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش"فما ينهون عنه هو الإثم أى الفواحش وقوله "نكفر عنكم سيئاتكم "يفسره قوله بسورة آل عمران"يغفر لكم ذنوبكم"فنكفر تعنى نغفر وسيئاتكم تعنى ذنوبكم وقوله "وندخلكم مدخلا كريما "يفسره قوله بسورة التحريم"ويدخلكم جنات"فالمدخل الكريم هو الجنات والمعنى إن تتركوا فعل الذى تزجرون عنه نمحو لكم ذنوبكم ونسكنكم سكنا حسنا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يجتنبوا كبائر ما ينهون عنه والمراد إن يتركوا أعمال الذى يزجرون عنه أى إن يبتعدوا عن أفعال الذى يطلب الله منهم عدم فعله وهو الباطل يكفر لهم سيئاتهم والمراد يغفر لهم ذنوبهم حيث يترك عقابهم عليها ويدخلهم مدخلا كريما والمراد يسكنهم مسكنا عظيما هو الجنة .
"ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شىء عليما"يفسر قوله"وسئلوا الله من فضله "قوله تعالى بسورة العنكبوت"وابتغوا عند الله الرزق"فسؤال الله من فضله هو ابتغاء الرزق من الله وقوله "إن الله كان بكل شىء عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"فعليما تعنى محيطا والمعنى ولا تطلبوا ما ميز الله بعضكم على بعض للذكور أجر بالذى عملوا وللإناث أجر بالذى عملن واطلبوا من الله رزقه إن الله كان بكل أمر خبيرا،ينهى الله المؤمنين والمؤمنات عن تمنى ما فضل الله بعضهم على بعض أى ما ميز به كل جنس على الأخر فهو ينهى هنا الرجال عن طلب مهام النساء الخاصة وينهى النساء عن طلب سلطة الرجال عليهن ،ويبين لهم أن الرجال لهم نصيب مما اكتسبوا والمراد لهم أجر الذى عملوا فى حياتهم والنساء لهن نصيب مما اكتسبن والمراد لهن أجر الذى عملن فى حياتهن ويطلب منهم أن يسألوه من فضله والمراد أن يطلبوا من الله الرزق فى الدنيا والآخرة ويبين لهم أنه عليم أى خبير بكل شىء أى بكل أمر يقع فى الكون ومن ثم عليهم أن يحذروا من مخالفته حتى لا يعاقبهم على فعلهم الباطل والخطاب وما بعده للمؤمنين .
"ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شىء شهيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بنفس السورة "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون"فالموالى هى أنصبة الرجال والنساء وقوله "إن الله كان على كل شىء شهيدا "قوله بنفس السورة"إن الله على كل شىء رقيبا"فالشهيد هو الرقيب والمعنى ولكل حددنا أنصبة من الذى فات الأبوان والأقارب والذين ملكت أنفسكم فأعطوهن حظهن إن الله كان على كل أمر رقيبا ،يبين الله للمؤمنين أنه جعل موالى والمراد حدد أنصبة لكل من الرجال والنساء فى الذى ترك أى فات الوالدان وهما الأبوان والأقارب من المال بعد موتهم كما حدد للذين عقدت أيماننا نصيبهم وهن اللاتى عاهدتهن أنفس الرجال على الزواج والمراد أن الله يطلب منا أن نعطى الزوجات نصيبهن فى الميراث فيقول أتوهن نصيبهن أى أعطوهن حظهن فى الميراث ويبين لهم أنه شهيد على كل شىء أى رقيب أى عليم بكل أمر وسيحاسب عليه .
"الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا"المعنى الذكور مسلطون على الزوجات بما ميز الله بعضهم على بعض وبالذى صرفوا من أملاكهم فالمحسنات مطيعات صائنات للبعد بالذى أمر الله واللاتى تخشون عصيانهن فذكرونهن وابعدوا عنهن فى المضاجع واجلدوهن فإن اتبعنكم فلا تنفذوا فيهن عقابا إن الله كان عظيما عاليا،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن الرجال وهم الأزواج قوامون على النساء والمراد مسلطون على الزوجات وبألفاظ القرآن فى سورة البقرة"وللرجال عليهن درجة"فدرجة الرجال هى رئاسة الأسرة والأسباب هى :
-تفضيل الله بعضهم على بعض أى تمييز الله الرجال على النساء فى الخلقة البدنية والنفسية.
-ما أنفق الرجال من أموالهم على النساء والمراد ما صرف الأزواج على الزوجات من مال.
ويبين الله لهم أن الزوجات الصالحات وهن المحسنات قانتات أى مطيعات لحكم الله حافظات للغيب بما حفظ الله والمراد صائنات لأنفسهن فى حالة بعد الأزواج عنهن للعمل أو للسفر أو لأى أمر أخر بالذى أمر الله وهو عدم الزنى وهذا يعنى أن الزوجة الصالحة مطيعة للزوج فى حضوره حامية لعرضه فى غيابه.
ويبين الله للرجال أن اللاتى يخافون نشوزهن والمراد أن اللاتى تعرفون منهن العصيان لأمر الله بطاعتكم فى الخير عليهم أن يتبعوا معهن التالى:
-وعظهن أى تذكيرهن بالحق ووجوب الطاعة فإن أطعن فقد انتهت المشكلة.
-وإذا لم يطعن الوعظ فالواجب هو هجرهن فى المضاجع والمراد البعد عن الرقاد معهن فى الفرش فإن أطعن فقد انتهت المشكلة.
-وإذا لم ينفع هذا البعد عن المضاجع فالواجب على الرجال ضربهن أى جلدهن جلدا موجعا لا يجرح ولا يدمى فإن أطعن أى اتبعن حكم الرجل العادل فعلى الرجال ألا يبغوا عليهن سبيلا والمراد ألا ينزلوا بهن عقابا أخر ،ويبين لهم أنه على أى كبير أى عظيم أى صاحب الكبرياء فى السموات والأرض كما قال بسورة الجاثية"وله الكبرياء فى السموات والأرض".
"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا"يفسر قوله "وإن خفتم شقاق بينهما"قوله تعالى بسورة البقرة"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله"فالشقاق هى عدم إقامة حدود الله وقوله "إن الله كان عليما خبيرا "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"فعليما خبيرا أى محيطا والمعنى وإن خشيتم خلاف بينهما فأرسلوا قاضيا من أسرته وقاضيا من أسرتها إن يشاءا الزوجان توفيقا يصلح الله بينهما إن الله كان محيطا عارفا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن خافوا الشقاق بينهما والمراد إن خشوا حدوث الخلاف بين الزوجين مما يؤدى لمخالفتهم لحكم الله فالواجب هو بعث حكم من أهله وحكم من أهلها والمراد إرسال قاضى يختاره الزوج من أسرته وقاضى تختاره الزوجة من أسرتها يسمعان لكل منهما ثم يحددا نقاط الخلاف بينهما ويحددا المخطىء ويطلبان منه التراجع عن رأيه هذا إن يريدا إصلاحا والمراد إن يحب الزوجان التوفيق وهو التراضى على المعروف يوفق الله بينهما أى يصلح الله بين الزوجين ويبين الله لنا أنه عليما أى خبيرا أى عارفا بكل شىء وسيحاسب عليه .
"واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا"يفسر قوله "واعبدوا الله "قوله تعالى بسورة التغابن"وأطيعوا الله"فاعبدوا تعنى أطيعوا وقوله "ولا تشركوا به شيئا"يفسره قوله بسورة البقرة"فلا تجعلوا لله أندادا"فتشركوا تعنى تجعلوا وشيئا تعنى أندادا وقوله"إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا "يفسره قوله بنفس السورة"والله لا يحب كل كفار أثيم"فالمختال الفخور هو الكفار الأثيم والمعنى وأطيعوا حكم الله أى لا تطيعوا مع حكمه حكما أخر وبالأبوين معروفا وأهل القرابة وفاقدى الأباء والمحتاجين وصاحب الدار الملاصقة لنا صاحب القرابة وصاحب الدار الملاصقة والصديق فى الجوار وابن الطريق والذى تصرفت أنفسكم إن الله لا يرحم من كان كافرا مكذبا،يطلب الله منا كناس أن نعبده أى نطيع حكمه المنزل وفسر هذا بأن لا نشرك به شيئا والمراد ألا نطيع مع حكم الله حكم أخر ومن ضمن طاعة حكم الله أن نحسن أى نتعامل بالعدل مع كل من الوالدين وهم الأبوين وذى القربى وهم الأقارب واليتامى وهم من مات آباؤهم وهم صغار والمساكين وهم المحتاجين للعون والجار ذى القربى وهو صاحب البيت الملاصق لدارنا صاحب القرابة والجار الجنب وهو صاحب البيت القريب لبيتنا والصاحب بالجنب وهو الصديق فى السكن القريب وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس معه مال يوصله لبلده وما ملكت الأيمان وهم العبيد والإماء الذين تتصرف فيهم أنفسنا وهذا يعنى العدل مع كل البشر لأن المذكورين هنا لا يخرج منهم أحد من القرابة والجوار واليتم والمسكنة والسبيل،ويبين الله لنا أنه لا يحب من كان مختالا فخورا أى لا يرحم من كان كافرا عاصيا لحكمه والخطاب للناس.
"الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما أتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا"يفسر قوله "ويأمرون الناس بالبخل"قوله تعالى بسورة التوبة"يأمرون بالمنكر"فالبخل هو المنكر وقوله "وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا "يفسره قوله بسورة الإنسان"والظالمين أعد لهم عذابا أليما"فالكافرين هم الظالمين والعذاب المهين تعنى العذاب الأليم والمعنى الذين يكفرون ويطالبون الخلق بالكفر ويخفون الذى أوحى لهم الله من رحمته وجهزنا للمكذبين بحكمنا عقابا أليما،يبين الله لنا المختالين الفخورين هم الذين يبخلون أى يكذبون حكم الله ويأمرون الناس بالبخل والمراد ويطالبون الخلق بالتكذيب لحكم الله ويكتمون ما أتاهم الله من فضله والمراد ويخفون الذى أعطاهم الله من وحيه وقد أعد الله للكافرين عذابا مهينا والمراد وقد جهز للمكذبين بحكمه عقابا شديدا هو النار والخطاب للمؤمنين وهو محذوف منه أوله وهو غير معلوم والغالب أنه سؤال من المنافقين البخلاء؟ وما بعده وما بعده مثله.
"والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا"يفسر قوله "والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس"قوله تعالى بسورة النساء"وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس"فينفقون أموالهم تعنى صلاتهم أى طاعتهم لله وهم كسالى وقوله "ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر "يفسره قوله بسورة المطففين"الذين يكذبون بيوم الدين"فاليوم الأخر هو يوم الدين ولا يؤمنون تعنى يكذبون وقوله "ومن يكن الشيطان "يفسره قوله بسورة النساء"ومن يتخذ الشيطان"فيكن تعنى يتخذ وقوله "فساء قرينا "يفسره قوله بسورة الزخرف"فبئس القرين"فساء تعنى بئس والمعنى والذين يقدمون طاعتهم لله إرضاء للخلق ولا يصدقون بحكم الله ويوم القيامة ومن تصبح الشهوة له إلها فقبح إلها ،يبين الله لنا أن الكافرين ينفقون أموالهم رئاء الناس والمراد يظهرون طاعتهم لحكم الله إرضاء للمسلمين مع أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر والمراد مع أنهم لا يصدقون بحكم الله ولا يصدقون بيوم البعث،ويبين الله لنا أن من يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا والمراد أن من يطيع الشهوة وهى هوى النفس إلها له فقبح الإله الذين يطيعونه .
"وماذا عليهم لو أمنوا بالله واليوم الأخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما"المعنى وماذا عليهم لو صدقوا بوحى الله ويوم القيامة وعملوا من الذى أوحى الله لهم وكان الله بهم خبيرا؟،يسأل الله :ماذا على الناس لو صدقوا بحكم الله ويوم البعث وفعلوا من الذى أمرهم الله به ؟والغرض من السؤال أن لا عقاب على من أمن بحكم الله ويوم القيامة وعمل صالحا من الذى أوحى الله للمؤمنين ،ويبين لهم أنه عليم أى خبير بهم وسيحاسبهم على عملهم .
"إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما"يفسر قوله "ون تك حسنة يضاعفها "قوله تعالى بسورة النمل"من جاء بالحسنة فله خير منها"فمضاعفة الحسنة هى أن يكون لصاحبها خير منها وقوله "ويؤت من لدنه أجرا عظيما "يفسره قوله بسورة الفتح"يؤتكم الله أجرا حسنا"فعظيما تعنى حسنا والمعنى إن الله لا يبخس قدر ذرة وإن يكن عمل صالح يزيده أى يعطى من عنده ثوابا كبيرا،يبين الله للمؤمنين أن الله لا يظلم مثقال ذرة والمراد أن الله لا ينقص من حقوق الخلق قدر ذرة لأنه عادل وإن كان لمخلوق حسنة أى عمل صالح يضاعفه له والمراد يزيد له ثوابه عليه وفسر هذا أنه يؤتيه من لدنه أجرا عظيما والمراد يعطيه من عنده ثواب حسن هو الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"المعنى فكيف إذا بعثنا من كل جماعة حاكم وبعثناك على هؤلاء حاكما؟ يسأل الله رسوله(ص)كيف إذا أتينا من كل قوم بشاهد يقول لنا ما عملوه وأتينا بك لتصبح شاهد على المسلمين بالذى عملوا فى الدنيا وأنت حى ،والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص)أن كل قوم سيكون لهم شهيد أى شاهد يحكم عليهم بقوله ما عملوه معه وهو رسول القوم وسيكون هو أى محمد(ص)شهيد على المسلمين فى عصره أى الشاهد عليهم بما عملوا فتكون شهادته حكم بصلاح المسلمين فى عصره ومن ثم استحقاقهم الجنة.
"يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو نسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النبأ"يقول الكافر يا ليتنى كنت ترابا"فتسوية الأرض بهم هى جعلهم تراب والمعنى يوم القيامة يحب الذين كذبوا بحكم الله أى خالفوا النبى(ص)لو نمهد بهم الأرض ولا يخفون عن الله قولا ،يبين الله لنا أن فى يوم القيامة يود الذين كفروا أى يريد الذين كذبوا بحكم الله وفسرهم الله بأنهم الذين عصوا الرسول والمراد الذين خالفوا حكم الله المنزل على النبى(ص)لو نسوى بهم الأرض والمراد لو يمهد الله بهم الأرض وهذا يعنى أنهم يتمنون التحول لتراب ولا يكتمون الله حديثا والمراد ولا يخفون عن الله قولا .
"يا أيها الذين أمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا"المعنى يا أيها الذين صدقوا بحكم الله لا تؤدوا الصلاة وأنتم مخمورين حتى تعرفوا ما تتحدثون به ولا قاذفى منى إلا مسافرين للجهاد حتى تتطهروا وإن كنتم عليلين أو على ترحال أو أتى إنسان منكم من الكنيف أو مسستم الإناث فلم تلقوا ماء فاطلبوا ترابا طاهرا فامسحوا به وجوهكم وأيديكم إن الله كان توابا صفوحا،ينهى الله المؤمنين عن قرب الصلاة وهم سكارى والمراد عن أداء الصلوات المعروفة وهم شاربين للخمر والسبب فى النهى هو أن يعلموا ما يقولون أى حتى يعرفوا الذى يتحدثون به فى الصلاة من الكلام وهو القرآن وهذا يعنى أن المخمور لا يدرى ما يقول لكونه فاقد لعقله،وينهاهم عن أداء الصلاة وهم جنب أى قاذفى للماء المهين فى الجماع أو فى غيره واستثنى من النهى حالتين الأولى :هى أن يكونوا عابرى سبيل والمراد مسافرين إلى الجهاد والثانية إن كانوا مرضى أى مصابين بعلل تضرهم إن اغتسلوا،وأما إذا لم يكونوا كذلك فعليهم ألا يصلوا إلا بعد أن يغتسلوا أى يتطهروا بالماء،ويبين لهم أنهم إن جاءوا من الغائط والمراد إن أتوا من مكان قضاء الحاجة من بول أو براز أو فساء أو ضراط أو لامسوا النساء والمراد إن مس جلدهم جلد الإناث البالغات فعليهم الوضوء فإن لم يجدوا ماء والمراد فإن لم يلقوا ماء للوضوء فعليهم أن يتيمموا صعيدا طيبا والمراد أن يقصدوا ترابا طاهرا فيمسحوا بوجوههم وأيديهم والمراد أن يلمسوا بالتراب الوجوه والكفوف،ويبين الله لنا أنه عفو أى غفور والمراد مثيب لمن تاب إليه نافع له والخطاب للمؤمنين.
"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل"يفسر قوله"يشترون الضلالة "قوله تعالى بسورة التوبة "اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا"فالضلالة هى الثمن القليل وقوله "ويريدون أن تضلوا السبيل"يفسره قوله بسورة البقرة"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا"فإرادة أن يضل المسلمون السبيل هى إرادة ردهم كفارا بعد إيمانهم والمعنى ألم تعلم أن الذين أعطوا علما بالكتاب يعملون الكفر ويحبون أن تتركوا الإسلام؟يخبر الله رسوله(ص)أن الذين أوتوا نصيبا من الكتاب وهم الذين أعطوا بعضا من وحى الله للبشر يشترون الضلالة والمراد يعملون أعمال الكفر تاركين الإسلام وهم يريدون أن يضل المسلمون السبيل والمراد وهم يحبون أن يترك المسلمون الإسلام ويعملون الكفر مثلهم والخطاب للنبى(ص).
"من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا فى الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظر لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا"يفسر قوله "من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه "قوله تعالى بسورة المائدة"وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا"فيحرفون الكلم عن مواضعه يعنى زيادة المنزل كفرا وطغيانا وقوله "ولكن لعنهم الله بكفرهم "يفسره قوله بسورة النساء"وغضب الله عليهم"فلعنهم تعنى غضب عليهم والمعنى من اليهود من يبعدون الوحى عن معانيه ويقولون عرفنا وخالفنا واعرف غير مطيع وعاقبنا تحريفا بأفواههم أى تحريفا للإسلام ولو أنهم قالوا عرفنا واتبعنا واعلم وارحمنا لكان أفضل لهم أى أحسن أجرا ولكن غضب الله عليهم بتكذيبهم فلا يصدقون إلا بعضا منهم،يبين الله للمؤمنين أن الذين هادوا وهم اليهود منهم جماعة يحرفون الكلم عن مواضعه والمراد يبعدون ألفاظ الوحى الإلهى عن معانيها أى يغيرون الوحى عن مقاصده التى أرادها الله وهم يقولون :سمعنا وعصينا أى عرفنا المعنى الحقيقى وخالفنا واسمع غير مسمع أى اعرف غير مطيع والمراد إنك يا مبلغ الوحى أنت تعرف من لا يطيع الوحى وراعنا أى عاقبنا بما تريد وهذا هو لى بالألسن والمراد تحريف للوحى بالكلمات وفسره بأنه طعن فى الدين أى تحريف للإسلام أى إطفاء لنور الله ،ويبين الله لهم أنهم لو قالوا :سمعنا وأطعنا أى عرفنا المعنى الحقيقى ونفذناه واسمع أى وأعلم الناس بالوحى لينفذوه وانظرنا أى وارحمنا لتنفيذنا ما تريد لكان خير لهم أى أقوم والمراد لكان هذا أحسن ثوابا أى أفضل أجرا،ويبين الله لنا أنه لعنهم بكفرهم أى غضب الله عليهم بتكذيبهم للوحى والمراد عاقبهم الله بسبب تكذيبهم لحكم الله ومن ثم فهم لا يؤمنون إلا قليلا أى فلا يصدقون بالوحى إلا عدد قليل منهم والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين أوتوا الكتاب أمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا "يفسر الجزء الأخير قوله بسورة مريم"وكان أمرا مقضيا"فمفعولا تعنى مقضيا والمعنى يا أيها الذين أعطوا الوحى سابقا صدقوا بالذى أوحينا مشابها للذى عندكم من قبل أن نغير أجساما فنعيدها إلى ظهورها أو نعاقبهم كما عاقبنا أهل السبت وكان حكم الله واقعا،يخاطب الله الذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطوا الوحى سابقا وهم اليهود والنصارى فيطلب منهم التالى:
أن يؤمنوا بما نزل مصدق لما معهم والمراد أن يصدقوا بالذى أوحى إلى محمد(ص)مطابق للكتب التى عندهم ،ويبين الله لهم أنهم إذا لم يؤمنوا فإنه سيفعل بهم أحد أمرين :
الأول:أن يطمس وجوههم بردها على أدبارها والمراد أن يبدل وجوههم بإرجاعها إلى أقفيتهم وبألفاظ أخرى أن يجعل الوجه مكان القفا والقفا مكان الوجه وباقى الجسم كما هو فيكون القفا مع البطن والوجه مع الظهر .
الثانى:أن يلعنهم كما لعن أصحاب السبت والمراد أن يعاقبهم كما عاقب المخالفين لحكم الراحة فى السبت فيحول أجسامهم لأجسام قردة ويبين لهم أن أمره وهو حكمه بالعقاب سيكون مفعولا والمراد سيكون حادثا إن كفروا والخطاب لأهل الكتاب.
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"فيغفر تعنى يقبل ودون ذلك هو الإسلام وقوله "ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما "يفسره قوله بسورة النساء"ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا مبينا"فإثما تعنى ضلالا وعظيما تعنى مبينا والمعنى إن الله لا يقبل أن يكفر به ويقبل ما غير الكفر ممن يريد ومن يكفر بالله فقد أتى جرما كبيرا،يبين الله للناس أنه لا يغفر أن يشرك به والمراد لا يقبل أن يكفر بحكمه وهذا يعنى أنه حرم الكفر وهو يغفر ما دون ذلك لمن يشاء والمراد ويقبل ما سوى الكفر وهو الإسلام ممن يصدق به ويبين لهم أن من يشرك به أى من يكفر بوحى الله فقد افترى إثما عظيما والمراد فقد فعل جريمة كبرى هى الكفر بحكم الله والخطاب للناس.
"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكى من يشاء ولا يظلمون فتيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا"فيزكون أنفسهم تعنى حبهم الحمد وقوله "ولا يظلمون فتيلا "يفسره قوله بسورة النساء "ولا يظلمون نقيرا"ففتيلا تعنى نقيرا وقوله "بل الله يزكى من يشاء "يفسره قوله بسورة آل عمران"ويختص برحمته من يشاء"فيزكى تعنى يختص برحمته والمعنى ألم تعلم بالذين يشكرون أنفسهم؟ إن الله يشكر من يريد ولا يبخسون شيئا،يبين الله لرسوله(ص)أن هناك فريق من الناس يزكون أنفسهم أى يشكرون فى أنفسهم أمام الآخرين والمراد أنهم يقولون أنهم أحباء الله سيدخلهم الجنة،ويبين له أن الله يزكى أى يشكر أى يرحم من يشاء أى من يريد من الخلق بإدخالهم الجنة وهم لا يظلمون فتيلا أى لا يبخسهم أى لا ينقصهم الله شيئا من حقهم مهما كان صغيرا والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"يقولون على الله الكذب"فيفترون تعنى يقولون وقوله"إثما مبينا "يفسره قوله بسورة النساء"إثما عظيما"فمبينا أى عظيما والمعنى اعلم كيف يقولون على الله الباطل وكفى بالتقول ذنبا عظيما،يطلب الله من رسوله(ص)أن ينظر والمراد أن يفكر كيف يفترون على الله الكذب أى أن يفكر كيف ينسبون إلى حكم الله أحكام الباطل ،والغرض من الطلب هو معرفة طرق عمل نفوس القوم لمحاربتها ويبين له أنه كفى بنسبة الباطل إلى الله إثما مبينا أى جرما كبيرا،وهذا يعنى أن نسبة الباطل لله هو جريمة عظيمة.
"ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين أمنوا سبيلا "يفسر قوله"يؤمنون بالجبت والطاغوت"قوله تعالى بسورة العنكبوت"أفبالباطل يؤمنون"فالجبت أى الطاغوت هو الباطل والمعنى ألم تعلم بالذين أعطوا حكما من الوحى الإلهى يصدقون بالباطل أى الكفر ويقولون للذين كذبوا حكم الله هؤلاء أفضل من الذين صدقوا حكم الله دينا،يخاطب الله رسوله(ص)مخبرا إياه أن الذين أوتوا نصيبا من الكتاب وهم الذين أعطوا حكما من وحى الله يؤمنون بالجبت أى الطاغوت والمراد يصدقون بالباطل وهو الظلم ،ويبين له أنهم يقولون للذين كفروا وهم الذين أشركوا بحكم الله :هؤلاء أهدى من الذين أمنوا سبيلا والمراد المشركون أفضل من الذين صدقوا دينا،وهذا يعنى أنهم يعتبرون أديان الشرك أحسن من دين المسلمين والخطاب وما بعده للنبى(ص)وما بعده.
"أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا"يفسر قوله "لعنهم الله "قوله تعالى بسورة الفتح"وغضب الله عليهم"فلعنهم تعنى غضب عليهم وقوله "ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا"يفسره قوله بسورة الكهف"ومن يضلل الله فلن تجد له وليا مرشدا"فيلعن تعنى يضلل ونصيرا تعنى وليا مرشدا والمعنى أولئك الذين عاقبهم الله ومن يعاقب الله فلن تلق له منقذا من العقاب،يبين الله لرسوله(ص)أن الفريق الكتابى هم الذين لعنهم الله أى عذبهم بسبب كفرهم ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا والمراد ومن يعذب الله فلن تلق له منجيا من العذاب .
"أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا"يفسر قوله"أم لهم نصيب من الملك"قوله تعالى بسورة ص"أم عندهم خزائن رحمة ربك "فالنصيب من الملك هو خزائن رحمة الله ويفسر الآية قوله بسورة الإسراء"قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربى إذا لأمسكتم خشية الإنفاق"فخزائن رحمة الرب هى الملك وعدم إيتاء الناس النقير هو الإمساك خشية الإنفاق والمعنى هل لهم حظ من الرزق؟فإذا لا يعطون الخلق شيئا،يبين الله لرسوله (ص)أن الفريق الكتابى لو له نصيب من الملك والمراد لو له تصرف فى رزق الله فالحادث هو أنهم لا يؤتون الناس نقيرا والمراد لا يعطون خلق الله من الرزق أى شىء مهما كان صغيرا.
"أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله فقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وأتيناهم ملكا عظيما"يفسر قوله"أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله"قوله تعالى بسورة البقرة"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم"فما أتاهم الله من فضله هو الإيمان وقوله "فقد أتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما "يفسره قوله بسورة العنكبوت "وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وأتيناه أجره فى الدنيا"فالكتاب هو الحكمة هو النبوة أى الملك هو الأجر العظيم والمعنى هل يحقدون على المسلمين بسبب الذى أعطاهم الله من رحمته ؟فقد أعطينا ذرية إبراهيم(ص)الوحى أى حكم الله أى أعطيناهم حكما كبيرا،يبين الله لرسوله(ص)أن الفريق الكتابى يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله والمراد يحقدون على المسلمين والسبب الإيمان الذى أعطاه الله من رحمته لهم فهم يريدون زوال هذا الإيمان حتى يصبحوا مثلهم كفارا،ويبين له أنه أتى آل إبراهيم(ص)والمراد أعطى ذرية إبراهيم(ص)الكتاب أى الحكمة وهو وحى الله وفسر هذا بأنه أتاهم الملك العظيم أى أعطاهم الحكم الحق ليحكموا به العالم والخطاب للنبى(ص)وما بعده.
"فمنهم من أمن ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة البقرة"فمنهم من أمن ومنهم من كفر"فصد عنه تعنى كفر به وقوله "وكفى بجهنم سعيرا "يفسره قوله بسورة المجادلة"حسبهم جهنم"فكفى تعنى حسب والمعنى فمنهم من صدق بحكم الله ومنهم من كفر به وحسبهم النار عذابا،يبين الله لرسوله(ص)أن ذرية إبراهيم(ص)منهم من أمن أى صدق حكم الله وعمل به ومنهم من صد عنه أى كفر به وهؤلاء كافيهم جهنم سعيرا والمراد جزاؤهم النار تعذيبا لهم .
"إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما"يفسر الآية قوله تعالى بسورة فاطر"والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها"فنضج الجلود هو عدم تخفيف العذاب وتبديلها يعنى عدم إماتتهم وقوله بسورة الأنعام "والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب"فالذين كفروا هم الذين كذبوا بآيات الله والمعنى إن الذين كذبوا بأحكامنا سوف نذيقهم ألما كلما احترقت أجسامهم غيرنا لهم أجساما سواها ليعرفوا الألم إن الله كان قويا قاضيا،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين كفروا وهم الذين كذبوا آيات الله وهى أحكام الوحى المنزل من عند الله سوف يصليهم نارا والمراد سوف يذيقهم عذابا هو أن جلودهم وهى أجسامهم كلما نضجت أى كلما احترقت بدلهم جلود غيرها والمراد خلق لهم أجسام مثلها والسبب أن يذوقوا العذاب والمراد أن يعرفوا الألم باستمرار ومن هنا نعلم أن الجسم أى الجلد هو الذى يوصل الإحساس بالألم للنفس ،ويبين له أنه عزيز أى قوى حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب للنبى وما بعده.
"والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا"يفسر قوله "سندخلهم جنات "قوله تعالى بسورة الفتح"يدخل فى رحمته من يشاء"فالجنات هى الرحمة وقوله "خالدين فيها "يفسره قوله بسورة الدخان"لا يذوقون فيها إلا الموتة الأولى "فخالدين تعنى أنهم لا يموتون إلا موتة الدنيا وقوله "لهم فيها أزواج مطهرة"يفسره قوله "وزوجناهم بحور عين"فالأزواج المطهرة هى الحور العين وقوله "وندخلهم ظلا ظليلا ".