رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
"كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين "يفسر الآية قوله بنفس السورة "حقا على المحسنين "فالمتقين هم المحسنين والمعنى فرض عليكم إذا أتت أحدكم الوفاة إن خلف مالا الهبة للأبوين والأقارب بالعدل فرضا على المسلمين،يبين الله لنا أنه كتب أى فرض عليهم فى حالة حضور الموت وهو الوفاة إلى أحدهم الوصية وهى عطاء يهبه إن ترك خيرا والمقصود إن خلف متاعا من النقود والذهب والفضة وغيرهم من المعادن الثمينة لكل من:الوالدين وهم الأبوين والأقربين هم الأقارب من أولاد وزوجات وغيرهم والهبة تكون بالمعروف أى العدل وهذا حق على المتقين أى واجب على المسلمين وقد نسخ الله هذا الحكم بالميراث بقوله تعالى بسورة النساء"للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر"والخطاب للمؤمنين وأيضا ما بعده وما بعده.
"فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم "يعنى فمن غيره بعدما علمه فإنما عقابه على الذين يغيرونه إن الله خبير محيط ،يبين الله للمؤمنين أن من يبدل كلام الوصية بعدما سمعه والمراد من يحرف كلام الوصية بعد الذى علمه من الموصى فإن الإثم وهو عقاب التحريف هو على الذين يبدلونه أى يحرفونه وهذا العقاب يشمل عقاب دنيوى هو عقاب شهادة الزور إن تم إثباتها على المحرف للوصية وعقاب آخروى وهو دخول النار ، ويبين الله لنا أنه سميع عليم أى خبير محيط بكل أمر وهذا يعنى أنه يعرف أى تبديل ومن ثم على من يريد التبديل الحذر من علم الله حتى لا يعاقب.
"فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم "يفسر القول قوله تعالى بسورة النساء"ولا جناح عليكم "وقوله بسورة البقرة "إنه هو التواب الرحيم "فالجناح هو الإثم والغفور هو الرحيم والمعنى فمن خشى من واهب ظلما أى جورا فوفق بينهم فلا عقاب عليه إن الله تواب رءوف ،يبين الله لنا أن المسلم الذى يحضر كلام الموصى وهو الواهب إذا عرف من كلام الموصى جنفا أى إثما أى ظلما أى جورا لواحد أو أكثر من أهله فعليه أن يصلح بينهما أى يوفق بين الموصى وهذا الواحد فيعدل الموصى كلامه فإن فعل المسلم الإصلاح فليس عليه إثم أى ذنب يستحق عليه العقاب من الله وإنما هو مأجور على إصلاحه ،ويبين الله لنا أنه غفور رحيم أى تواب لمن يستغفره رءوف به والغرض من ذكر هذا هو إبلاغ الموصى والشاهد أن الله يغفر لمن يرجع عن الخطأ وهو فى حالة الموصى الظلم فى الوصية وفى حالة الشاهد عدم الإصلاح بين الموصى والمظلوم فى الوصية وغير المصلح بين الموصى وأقاربه يعاقب عقابا دنيويا بشهوده على ظلم وهو عليه الإثم وهو العقاب له.
"يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "يفسر كلمة تتقون قوله تعالى بسورة المائدة "لعلكم تشكرون "والمعنى يا أيها الذين صدقوا بحكم الله فرض عليكم الصوم كما فرض على الأمم من قبلكم لعلكم تطيعون،يبين الله للمؤمنين أنه كتب عليهم الصيام أى فرض عليهم الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من بداية النهار حتى غروب الشمس وذلك كما كتبه على الذين من قبلهم وهذا معناه أن صيام رمضان فرضه الله على كل الأمم من بداية البشرية والسبب لعلكم تتقون أى تطيعون أى تشكرون والمراد لعلكم تفعلون الصيام والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون "قوله"أياما معدودات "يفسره قوله بنفس السورة "فمن شهد منكم الشهر فليصمه "فالأيام المعدودات هى شهر رمضان والمعنى فرض عليكم صيام شهر رمضان ،وقوله "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر "يفسره قوله بنفس السورة "ولتكملوا العدة "والمعنى فمن كان منكم عليلا أو على ترحال فإكمال لأيام الشهر من شهر أخر ،يبين الله للمؤمنين أن المريض وهو العليل المصاب بألم والمسافر وهو الذاهب طوال النهار ماشيا أو راكبا لبلدة أخرى عليه أن يفطر فى نهار رمضان حتى لا يزداد المرض وحتى لا يتعب المسافر تعبا يمنعه من إكمال الرحلة للمكان الذى يريده،وقوله "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين "يعنى وعلى الذين يفطرونه كفارة أكل محتاج ،يبين الله لنا أن الذين يطيقون أى يقدرون على صيامه فيفطرون نهار رمضان عليهم عقاب هو فدية أى كفارة هى إطعام مسكين أى تأكيل محتاج إفطار وغداء وعشاء وهذا بالإضافة للعقوبة الأولى وهى وجوب صيام عدد مماثل للأيام التى فطرها القادر على الصيام،وقوله "فمن تطوع خيرا فهو خير له "يفسره قوله تعالى بسورة المزمل "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا"وقوله بسورة مريم "والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا"فتطوع الخير هو التقديم للنفس هو الباقيات الصالحات والخير له هو الأجر العظيم هو الثواب عند الله والمعنى فمن عمل حسنا فهو أفضل له ،يبين الله لنا أن من تطوع خيرا أى من عمل صالحا فهو خير له أى أفضل له فى الآخرة فى الأجر ،وقوله"وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون "يفسره قوله تعالى بسورة الأعراف"ذلكم خيرا لكم إن كنتم مؤمنين "فتعلمون تعنى تؤمنون والمعنى وإن تمتنعوا أفضل لكم إن كنتم تعرفون ،يبين الله لنا أن الصيام وهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع هو خير لنا أى أحسن لنا فى الثواب إن كنا نعلم أى نعرف مصلحتنا فى الدنيا والآخرة ومعنى الآية فرض الصيام أياما معلومات فمن كان منكم عليلا أو فى انتقال فعدد مماثل من أيام أخرى وعلى الذين يقدرون على صيامه عقوبة تأكيل محتاج فمن عمل صالحا فهو أفضل له وإن تمتنعوا أفضل لكم إن كنتم تعرفون الحق.
"شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون "قوله "شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان "يعنى فرض عليكم صيام أيام رمضان الذى أوحى فيه الوحى رشاد للخلق أى أحكام من الرشاد أى الفصل ،يبين الله لنا أنه فرض علينا صيام أيام شهر رمضان وهو الشهر الذى أنزل فيه القرآن والمراد الشهر الذى أوحى فيه الله الوحى كله والقرآن هدى للناس أى إرشاد للخلق يرشدهم لطريق الخير وفسره الله بأنه بينات من الهدى أى أحكام من الرشاد تبين الحق والباطل وفسره بأنه الفرقان أى الفاصل بين الحق والباطل ،وقوله و"من كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر "يعنى ومن كان منكم عليلا أو على ترحال فإكمال من نهارات أخرى ،يبين الله لنا أن المريض وهو العليل والمسافر وهو الذاهب لبلدة أخرى طوال النهار يباح لهم الفطر فى نهار رمضان أثناء المرض والسفر والواجب عليهم بعد شفائهم من المرض وعودتهم من السفر هو إكمال عدة رمضان أى صيام عدد من الأيام مماثل لما فطروه فى رمضان فى الشهور الأخرى ،وقوله "يريد الله بكم اليسر "يفسره قوله بعده"ولا يريد بكم العسر "فإرادة اليسر هى عدم إرادة العسر بهم ويفسرهم قوله تعالى بسورة البقرة"ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج"فالحرج هو العسر والمعنى يحب الله بكم الخير أى لا يحب الله بكم الأذى ،يبين الله لنا أنه يريد بنا اليسر وهو الخير والمراد به هنا إباحة الفطر للمريض والمسافر ولا يريد بنا العسر وهو الأذى والمراد به هنا فرض الصيام على المريض والمسافر ،وقوله "ولتكملوا العدة "يفسره قوله بنفس السورة "فعدة من أيام أخر"والمعنى ولتتموا أيام الشهر،يبين الله لنا أن الواجب علينا عند إفطار يوم أو أكثر فى رمضان هو صيام عدد مماثل لما أفطرناه من الأيام فى أى شهر أخر حتى تتم عدة شهر رمضان ،وقوله "ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون "يفسره قوله تعالى بسورة النحل"لعلكم تسلمون"وقوله بسورة الحجرات "أن هداكم للإيمان "فما هدانا هو الإيمان ومعنى تشكرون هو تسلمون والمعنى ولتشكروا الله على ما علمكم أى لعلكم تسلمون ،يبين الله لنا أن الواجب علينا هو تكبير الله كما هدانا والمراد طاعة الله كما علمنا فى الوحى وفسر هذا بأنه شكره أى طاعة وحيه ومعنى الآية شهر رمضان الذى أوحى فيه الوحى نفع للخلق أى أحكام من النفع أى القاضى بين الحق والباطل ومن كان منكم عليلا أو على ترحال فإكمال من نهارات غير رمضان ،يحب الله لكم الخير أى لا يحب لكم الأذى ولتتموا عدد الأيام ولتطيعوا الرب فى الذى علمكم أى لعلكم تتبعون،والخطاب للمؤمنين.
"وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون"يفسره قوله تعالى بسورة الحج "واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون "وقوله بسورة الأنفال استجيبوا لله وللرسول"فدعوة الداعى هى عبادة الله هى فعل الخير هى الاستجابة لله والرسول (ص)ويرشدون هى تفلحون والمعنى وإذا استخبرك عبيدى عنى فإنى سميع أعلم طاعة المسلم إذا أطاعنى فليطيعونى وليصدقوا بحكمى لعلهم يفلحون ،يبين الله لرسوله (ص)أن الناس إذا سألوه عن الله والمراد إذا استفهموا منه عن حكم الله فالواجب عليه أن يخبرهم أن الله قريب والمراد "أن رحمة الله قريب من المحسنين"كما قال بسورة الأعراف فقرب الله هو رحمته لمن يحسن من العباد والله يجيب دعوة الداعى إذا دعاه والمقصود والله يعلم طاعة المسلم إذا أطاع وحيه فيثيبه عليها برحمته فى الدنيا والآخرة ،ويطلب الله منه الناس أن يستجيبوا له أى يطيعوا حكمه ويؤمنوا به أى ويصدقوا هذا الحكم قبل طاعتهم له والسبب حتى يرشدوا أى يفلحوا أى يفوزوا برحمة الله فى الدنيا والأخرة ،والخطاب للنبى(ص)وهذه الآية محشورة وسط آيات الصيام مما يعنى أن هذا ليس موضعها الأصلى فقد انتزعت منه ووضعت هنا بلا سبب سوى زيادة حيرة المسلم عندما يتلو القرآن.
"أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون "قوله "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن "يفسره قوله تعالى بسورة الروم "ومن آياته خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها "فالرفث هو السكون للنساء ويفسره قوله بسورة البقرة "نساؤكم حرث لكم "فكون النساء لباس هو كونهم حرث للرجال والمعنى أبيح لكم ليلة الامتناع جماع زوجاتكم هن سكن لكم وأنتم سكن لهن،يبين الله للمؤمنين أن أحل أى أباح لهم الرفث للنساء والمراد مباشرة الزوجات أى جماعهن وبلفظ أوضح نيكهن والنساء لباس للرجال أى سكن يقضون فيه شهوتهم والرجال لباس للنساء أى سكن يقضون معه شهوتهن ،وقوله "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم "يعنى عرف الله أنكم كنتم تخادعون أنفسكم فعفا عنكم أى غفر لكم ،يبين الله للمؤمنين أنه عرف أنهم كانوا يختانون أنفسهم أى يخدعون أنفسهم فهم كانوا يعتقدون أن الجماع ليلا حرام ومع ذلك كانوا يجامعون النساء فى الليل وكانوا بذلك يخدعون أنفسهم ومع ذلك تاب عليهم أى عفا عنهم أى غفر لهم هذه الخيانة ،وقوله "فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم "يعنى فالآن جامعوهن أى اعملوا ما أباح الله لكم ،يطلب الله من المؤمنين أن يباشروا أى يجامعوا أى ينيكوا الزوجات فى الليل وفسر هذا بابتغاء ما كتب الله لهم أى عمل ما أباح الله لهم وهو جماع الزوجات فى ليل رمضان ،وقوله "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل"يعنى وأطعموا وارتووا حتى يتضح لكم اللون المنير من اللون المظلم من النهار ثم أكملوا الامتناع إلى الليل،يأمر الله المؤمنين بالأكل والشرب فى الليل حتى الوقت الذى يتضح فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود والمراد الوقت الذى يفرق فيه الإنسان لون النور من لون الظلام وبألفاظ أخرى الوقت الذى يتضح فيه النهار من الليل بواسطة الفجر وهو ضوء النهار الذى يظهر عقب اختفاء أخر نجم من السماء ،ويطلب الله منهم أن يتموا الصيام أى يكملوا الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من بداية النهار حتى بداية الليل ،وقوله "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد"تعنى ولا تجامعوهن وأنتم مقيمون فى المصليات ،يطلب الله من المؤمنين ألا يباشروا النساء والمراد ألا يجامعوا الزوجات إذا كانوا عاكفين أى مقيمين فى المساجد وهى المصليات والاعتكاف هو قراءة القرآن فى مكان ما يسمى مسجد سواء مسجد جامع أو مكان صلاة فى بيت ،وقوله "تلك حدود الله فلا تقربوها "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "تلك حدود الله فلا تعتدوها "فلا تقربوها تعنى فلا تعتدوها والمعنى تلك أحكام الله فلا تعصوها ،يبين الله للمؤمنين أن ما سبق هو حدود أى أحكام الله فى الصيام فعليهم ألا يقربوها أى ألا يخالفوها حتى لا يعرضوا أنفسهم للعقاب ،وقوله "كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون "يفسره قوله تعالى بسورة الأعراف "كذلك نفصل الآيات "وقوله بسورة المائدة "يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون "فتبيين الله هو تفصيله للآيات ولعلهم يتقون يفسرها لعلهم يشكرون والمعنى هكذا يوضح الله لكم أحكامه لعلكم تطيعون،يبين الله للمؤمنين أن بتلك الطريقة يعرف المسلمين آياته وهى أحكام دينه والسبب حتى يتقوه أى يطيعوه فيها،ومعنى الآية هو أبيح لكم ليلة الامتناع عن الطعام والشراب والجماع جماع زوجاتكم هن سكن لكم وأنتم سكن لهن ،عرف الله أنكم كنتم تخادعون ذواتكم فغفر لكم أى عفا عنكم فالآن جامعوهن أى اعملوا الذى أباح لكم وأطعموا وارتووا حتى يظهر لكم لون النور من لون الظلام عند النهار ثم أكملوا الامتناع إلى غروب الشمس ولا تجامعوهن وأنتم مقيمون فى المصليات تلك أحكام الله فلا تخالفونها هكذا يوضح الله أحكامه للخلق لعلهم يطيعون ،والخطاب للمؤمنين.
"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريق من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون "يعنى ولا تأخذوا أملاككم بينكم بالحرام وتعطوها إلى الآمرين لتأخذوا بعضا من أملاك الخلق بالعدوان وأنتم تعرفون الحق ،ينهى الله المؤمنين عن أخذ أموال وهى أملاك أى أمتعة بعضهم بالباطل وهو الحرام عن طريق أن يدلوا بها للحكام والمراد عن طريق -التوسل ببعض المال أو غيره من متاع الدنيا وهو- دفع الرشوة للحكام وهم الآمرين سواء كانوا قضاة محاكم أو ولاة على وظيفة ما من أجل التالى أكل فريق من أموال الناس بالإثم والمراد أخذ بعض من أملاك وهى حقوق الآخرين بالظلم وهؤلاء الفاعلين الرشوة يعلمون الحق وهو حرمة الرشوة وأخذ أموال الناس بالباطل ووجوب عقاب المشتركين فى هذه الجريمة،والخطاب للمؤمنين.
"يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون"قوله "يسألونك عن الأهلة "يعنى يا محمد(ص)يستفهمون منك عن الأهلة ،وهذا يعنى أن المسلمين سألوا الرسول (ص)عن الأهلة وهى القمر فى أول الشهور ما سبب وجوده ؟فقال الله لهم "قل هى مواقيت للناس والحج "يعنى قل لهم يا محمد(ص)هى محددات لحقوق الخلق والزيارة للكعبة ،يطلب الله من رسوله (ص)أن يعرف المسلمين أن الأهلة عبارة عن مواقيت أى محددات تحدد للخلق مواعيد حقوقهم كالديون وعدة المطلقة والأرملة ومحددات للحج وهو زيارة الكعبة فى الشهور الأربعة الحرم ،وقوله "وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها"يعنى وليس من الإسلام أن تدخلوا المساكن من سطوحها ،يبين الله للمؤمنين أن البر وهو الإسلام ليس منه إتيان البيوت من ظهورها والمراد ليس مباحا فيه دخول المساكن من سطوحها وإنما الواجب دخولها من أبوابها وقوله"ولكن البر من اتقى "يفسره قوله بنفس السورة "لكن البر من أمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتاب والنبيين "فالبر وهو المسلم هو من اتقى أى أمن بكل ما طلب الله منه الإيمان به وعمل به والمعنى ولكن المسلم من أطاع حكم الله ،يبين الله للمسلمين أن البر وهو المسلم هو من اتقى أى خاف عذاب الله فأمن وأطاع حكم الله،وقوله "وأتوا البيوت من أبوابها"يعنى وادخلوا المساكن من مداخلها المعروفة ،يطلب الله من المسلمين أن يأتوا البيوت من أبوابها والمراد أن يدخلوا المساكن من مداخلها التى بناها الناس مطلة على الشوارع ،وقوله "واتقوا الله لعلكم تفلحون "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون "فتقوى الله هى عبادته أى طاعة حكمه وتفلحون تفسرها تتقون والمعنى أطيعوا الله لعلكم ترحمون أى اعبدوا الله لعلكم تتقون ،يطلب الله من المسلمين أن يتقوه أى يعبدوه أى يطيعوا حكمه لعلهم يفلحون أى يرحمون والمراد يدخلون الجنة ومعنى الآية يستفهمون منك عن القمر فى بداية الشهور قل هو محددات لحقوق الخلق وزيارة الكعبة وليس من الإسلام أن تدخلوا المساكن من سطوحها ولكن المسلم من أطاع حكم الله وادخلوا المساكن من مداخلها المعروفة وأطيعوا حكم الله لعلكم ترحمون والخطاب للنبى(ص)والخطاب من النبى (ص)موجه للسائلين.
"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"يفسره قوله تعالى بسورة النساء "فقاتلوا أولياء الشيطان "وقوله بسورة التوبة "وجاهدوا فى سبيل الله "وقوله بسورة آل عمران "فإن الله لا يحب الكافرين "فقاتلوا تعنى جاهدوا كما بسورة التوبة والذين يقاتلونكم هم أولياء الشيطان كما بسورة النساء والمعتدين هم الكافرين كما بسورة آل عمران والمعنى وجاهدوا فى نصر دين الله الذين يحاربونكم ولا تظلموا إن الله لايثيب الظالمين ،يطلب الله من المؤمنين أن يقاتلوا الذين يقاتلونهم والمراد أن يحاربوا الكفار الذين يحاربونهم ،ويطلب منهم ألا يعتدوا أى يظلموا والمراد ألا يبدءوا بالحرب والسبب هو أن الله لا يحب المعتدين أى لا يثيب الظالمين والمراد يعاقب الذين يبدءون بالعدوان ،والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده وما بعده.
"واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين"قوله "واقتلوهم حيث ثقفتموهم "يفسره قوله تعالى بسورة النساء "واقتلوهم حيث وجدتموهم "فثقفتموهم تعنى وجدتموهم والمعنى وحاربوهم مكان لقيتموهم ،يطلب الله من المؤمنين أن يقاتلوا الكفار حيث ثقفوهم والمراد أن يحاربوهم فى أى مكان يجدوهم فيه ،وقوله "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم "يعنى واطردوهم من حيث طردوكم ،يطلب الله من المؤمنين أن يخرجوا الكفار من حيث أخرجوهم والمقصود أن يطردوهم من بلادهم كما سبق وطردوا المسلمين من بلادهم ،وقوله "والفتنة أشد من القتل "يفسره قوله بنفس السورة "والفتنة أكبر من القتل "فأشد تعنى أكبر والمعنى والطرد أعظم من الذبح ،يبين الله للمؤمنين أن الفتنة وهى طرد الناس من بيتهم أعظم ذنبا عند الله من القتل وهو الذبح كما قال بنفس السورة "والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله "،وقوله "ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه "يفسره قوله بنفس السورة "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "فالقتال من الكفار هو الاعتداء والمعنى ولا تحاربوهم بجوار مكان البيت الحرام حتى يحاربوكم عنده،يطلب الله من المؤمنين ألا يقاتلوا أى ألا يحاربوا الكفار بجوار المسجد الحرام حتى يكون الكفار الذين يقاتلون أى يبدءونهم بالحرب بجواره،وقوله "فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين "يفسره قوله تعالى بسورة الحشر"وذلك جزاء الظالمين "فالكافرين هم الظالمين والمعنى فإن حاربوكم فاذبحوهم هكذا عقاب الظالمين ،يطلب من المؤمنين أن يقتلوا أى يذبحوا الكفار إن هم قاتلوهم أى بدءوهم بالقتال فى مكة وذبح الكفار هو جزاء الكافرين أى عقاب الظالمين ومعنى الآية واذبحوهم حيث وجدتموهم واطردوهم من حيث طردوكم والطرد أعظم ذنبا من الذبح ولا تحاربوهم بجوار البيت الحرام حتى يبدءوكم بالحرب فإن بدءوكم بالحرب فاذبحوهم هكذا عقاب الظالمين .
"فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم "يفسره قوله تعالى بسورة التوبة "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم فى الدين "فانتهوا تعنى تابوا والمعنى فإن تركوا الكفر فإن الله عفو رءوف ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار إن انتهوا أى تابوا عن كفرهم فالله غفور رحيم أى يعفو عن كفرهم السابق ويرأف بهم فيدخلهم الجنة والمعنى فإن تابوا فإن الله عفو نافع للتائبين .
"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين "قوله "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردونكم عن دينكم إن استطاعوا "فالفتنة هى رد المسلمين عن دينهم والمعنى وحاربوهم حتى لا تكون ردة ،يطلب الله من المسلمين أن يقاتلوا أى يحاربوا المعتدين والسبب حتى لا تحدث فتنة أى ردة عن الإسلام فالحرب هى للحفاظ على إسلام المسلمين ،وقوله "ويكون الدين لله "يعنى ويصبح الحكم لله ،يفسر الله عدم الفتنة بأنه كون الدين لله والمراد أن يصبح الحكم لوحى الله سارى على أهل الأديان جميعا ،وقوله"فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين "يعنى فإن تابوا فلا قتال إلا للمعتدين ،يبين الله للمسلمين أن الكفار المعتدين إن انتهوا أى تابوا عن الحرب فلا عدوان إلا على الظالمين والمراد لا حرب إلا مع المعتدين الذين يحاربون المسلمين ومعنى الآية وحاربوهم حتى لا تحدث ردة عن الإسلام أى يصبح الحكم لله فإن تركوا الحرب فلا حرب إلا على المقاتلين لنا.
"الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة النحل"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "وقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "وقوله بسورة البقرة "فاتقوا النار""فالشهر بالشهر والحرمات قصاص ورد الاعتداء هو عقاب من عاقبوا المسلمين وكون الله مع المتقين هو دفاعه عن المؤمنين واتقاء الله هو اتقاء النار والمعنى انتهاك الشهر الأمن بانتهاك الشهر الأمن والاعتداء على الحرمات إتباع فمن أذاكم فأذوه بعمل الذى أذاكم به وأطيعوا الله واعرفوا أن الله ناصر المطيعين ،يبين الله للمؤمنين أن الشهر الحرام بالشهر الحرام والمراد أن وقوع الاعتداء على المسلمين فى الشهر الأمن يبيح لهم رد الاعتداء فى الشهر الحرام سواء نفس الشهر أو غيره ،وفسره لهم أن الحرمات قصاص والمراد أن انتهاك حرمة أى شىء محرم بالاعتداء لابد للمسلمين فيه من القصاص وهو رد العدوان ،وفسر هذا بأن عليهم الاعتداء على من اعتدى عليهم أى عليهم إيذاء المعتدين كما أذوهم بالمثل وهو نفس العمل سواء كان مساويا فى المقدار أو أكثرحتى يطلب الكفار السلام ،ويطلب الله منهم أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله خوفا من عقابه ،ويبين لهم أن الله مع المتقين أى أن الله ينصر المطيعين لحكمه فى الدنيا والآخرة والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"وأنفقوا فى سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة"وقاتلوا فى سبيل الله"و "فاتقوا النار "وقوله بسورة الحجرات "وأقسطوا إن الله يحب المقسطين "فأنفقوا تعنى قاتلوا أى عدم إلقاء الأيدى فى التهلكة هو اتقاء النار وأحسنوا يعنى أقسطوا والمحسنين هم المقسطين والمعنى واعملوا على نصر دين الله أى لا تذهبوا بأنفسكم إلى العذاب أى أصلحوا إن الله يثيب المصلحين،يطلب الله من المؤمنين أن ينفقوا فى سبيل الله أى أن يعملوا على نصر دين الله بطاعته وفسر هذا بنهيهم عن أن يلقوا أيديهم إلى التهلكة والمراد ألا يدخلوا أنفسهم إلى النار بعصيانهم لدين الله وفسر هذا بأن طلب منهم أن يحسنوا أى يصلحوا والمراد أن يطيعوا دين الله ،ويبين الله لهم أنه يحب المحسنين أى يثيب المصلحين برحمته فى الدنيا والآخرة .
"وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب "قوله "وأتموا الحج والعمرة لله "يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا "فإتمام الحج والعمرة هو وجوب حج البيت لله على من استطاع الوصول له والمعنى وافعلوا الحج والعمرة لله ،يطلب الله من المؤمنين إتمام الحج والعمرة له والمراد فعل زيارة الكعبة فى أيام الحج وزيارة الكعبة فى الأشهر الحرام مرة له أى استجابة لأمر الله ،وقوله "فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى "يعنى فإن انتهيتم فما قدرتم من الأنعام ،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا أحصروا أى انتهوا من أعمال الحج والعمرة فالواجب عليهم ذبح ما استيسر من الهدى والمراد ذبح ما قدروا على شراءه من الأنعام ،وقوله "ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله "يعنى ولا تزيلوا نامياتكم حتى تصل الأنعام للكعبة ،ينهى الله المؤمنين عن حلق رءوسهم أى عن إزالة الناميات فى الجسم وهى الأظافر والشعور بالتقصير أو بالإزالة الكاملة حتى يبلغ الهدى محله والمراد حتى وقت ذبح الأنعام فى المشعر الحرام بالبيت الحرام فى مكة فبعد الذبح يحق لهم حلق الرءوس،وقوله "فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك "يعنى فمن كان منكم عليلا أى به ضرر من ناميته فكفارة من امتناع عن الطعام والشراب والجماع أو نفقة أو ذبح ،يبين الله للمؤمنين أن المريض وهو العليل وقصد به من به أذى من رأسه والمراد الذى يوجد فى شعره أو أظافره إصابة تجعله لا يقدر على تحمل وجودها يجب عليه فدية أى كفارة من ثلاث :الأولى الصيام وهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع لمدة عشرة أيام ثلاث فى الحج وسبعة فى بلده بعد الرجوع والثانية الصدقة وهى نفقة عشرة مساكين والثالثة النسك وهى ذبح بهيمة من الأنعام عند المشعر الحرام ،وقوله "فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى"تعنى فإذا اطمأننتم فمن انتفع بالعمرة حتى الحج فما وجد من الأنعام ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن أمنوا أى اطمأنوا فى إقامتهم بمكة فعلى من تمتع بعمل العمرة قبل الحج ثم حج فالواجب عليه ما استيسر من الهدى أى ما قدر على شراءه و هو ما ذبحه من الأنعام قبل الحج فالعمرة لها هدى ،ومن هنا نعرف أن العمرة تؤدى بمفردها أو مع الحج ،وقوله"فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام "يعنى فمن لم يلق مالا فامتناع ثلاثة أيام فى وقت الحج وسبعة إذا عدتم لبلدكم تلك عشرة تامة ذلك لمن لم تكن أسرته مجاورين البيت الأمن ،يبين الله للمؤمنين أن الحاج الذى لا يجد أى يلقى مالا لشراء ذبيحة عليه بصيام ثلاثة أيام فى البيت الحرام فى مكة وسبعة أيام إذا رجعوا أى عادوا لبلدهم وأما من يكون أهله حاضر المسجد الحرام والمراد أسرته مقيمة فى مكة خارج المسجد فعليه صيام عشرة أيام متتابعة ،وقوله "واتقوا الله "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "واتقوا النار"فاتقاء الله هو اتقاء النار والمعنى وخافوا نار الله فأطيعوا حكمه،وقوله "واعلموا أن الله شديد العقاب"يفسره قوله بنفس السورة "وأن الله شديد العذاب "فالعقاب هو العذاب والمعنى واعرفوا أن الله عظيم العذاب ،ومعنى الآية وافعلوا الحج والعمرة فإن انتهيتم من أعمالهما فما وجدتم من الأنعام ولا تزيلوا شعوركم وأظافركم حتى تصل الذبائح مكانها فمن كان منكم عليلا أو به ضرر من شعره أو أظافره فكفارة إمتناع عشرة أيام أو إطعام عشرة مساكين أو ذبيحة فإذا اطمأننتم فمن انتفع بالعمرة إلى الحج فما وجد من الأنعام فمن لم يلق أنعاما فامتناع ثلاثة أيام فى مكة وسبعة إذا عدتم لبلدكم تلك عشرة تامة ذلك لمن لم يكن أسرته مجاورين البيت الحرام وأطيعوا الله واعرفوا أن الله عظيم العذاب والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده وما بعده.
"الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب "قوله"الحج أشهر معلومات "يعنى الزيارة شهور معروفات ،يبين الله لنا أن الحج وهو زيارة مكة تكون فى شهور معلومة هى الأشهر الحرام، وقوله "فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج "يعنى فمن نوى فيهن الزيارة فلا جماع ولا عيب ولا محاجة فى الزيارة ،يبين الله للمؤمنين أن من فرض أى نوى الحج وهو زيارة الكعبة فالواجب عليه هو عدم الرفث أى عدم جماع الزوج والفسوق وهو العيب أى اللمز فى الآخرين والجدال وهو المراء والحجاج فى الموضوعات المختلفة ،وقوله "وما تفعلوا من خير يعلمه الله "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله "ففعل الخير هو تقديم الخير للنفس وعلم الله به يعنى وجود ثوابه عند الله الذى علم به والمعنى وما تعملوا من صالح يعرفه الله ،يبين الله للمؤمنين أن ما يفعلوا من خير أى ما يصنعوا من عمل صالح يعلمه الله أى يعرفه الله ويثيب عليه ،وقوله "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب"يفسره قوله تعالى بسورة الزمر "يا عباد فاتقون "وقوله بسورة الحشر"فاعتبروا يا أولى الأبصار"وقوله بسورة التغابن "وأنفقوا خيرا لأنفسكم "فالتزود بخير الزاد هو إنفاق الخير وأولى الألباب هم أولى الأبصار هم عباد الله والمعنى واعملوا فإن أفضل العمل الطاعة لله أى اتبعون يا أصحاب العقول،ومعنى الآية زيارة بيت مكة فى شهور محرمات فمن نوى فيهن الزيارة فلا جماع ولا عيب ولا حجاج وما تعملوا من صالح يعرفه الله وأصلحوا فإن أحسن العمل الصالح أى أطيعون يا أصحاب الأبصار.
"ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "فلا إثم عليه "وقوله بسورة العنكبوت "فابتغوا عند الله الرزق "وقوله بسورة الحج "ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام"فالجناح هو عقاب الإثم بسورة البقرة والفضل هو الرزق المبتغى بسورة العنكبوت وذكر الله يكون على ما رزقهم من الأنعام والمعنى ليس عليكم عقاب أن تطلبوا رزقا من إلهكم فإذا دخلتم من عرفات فرددوا اسم الله عند المذبح الأمن ورددوه كما علمكم وإن كنتم من قبله لمن الكافرين ،يبين الله للمؤمنين أن ليس عليهم جناح أى عقاب إذا ابتغوا فضل من ربهم والمراد إذا طلبوا رزقا من الله سواء دنيوى أو أخروى ،ويبين لهم أنهم إذا أفاضوا أى دخلوا من عرفات وهو أول جزء يقابل داخل الكعبة فعليهم ذكر الله عند المشعر الحرام والمقصود ترديد اسم الله وهو القرآن فى مكان الذبح بالبيت الحرام بمكة والواجب هو ذكر الله كما هداهم أى ترديد اسم الله كما علمهم الله فى الوحى ،ويبين الله لهم أنهم كانوا قبل الذكر وهو الهدى وهو الوحى ضالين أى كافرين ولكنهم أسلموا فيما بعد ،والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده.
"ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم "يفسر الآية قوله تعالى بسورة النور "وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون"فاستغفار الله هو التوبة إليه والمعنى ثم سيروا من حيث سار الخلق وتوبوا لله إن الله تواب نافع ،يطلب الله من المؤمنين الإفاضة من حيث أفاض الناس والمراد السير من حيث سار الأخرون من الناس وهذا يعنى أن يسير المسلمين مع بقية الناس دون تفرقة إلى ما بعد عرفات ،ويطلب منهم أن يستغفروه أى يتوبوا إليه والمراد أن يطلبوا منه العفو عن ذنوبهم ،ويبين لهم أنه غفور رحيم أى تواب لمن تاب نافع له بالرحمة وهى الجنة فى الآخرة والنصر فى الدنيا .
"فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وما له فى الآخرة من خلاق "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "فاذكروا الله فى أيام معدودات "وقوله بسورة آل عمران "منكم من يريد الدنيا "وقوله بسورة الشورى "ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله فى الآخرة من نصيب "فذكر الله بعد قضاء المناسك هو ذكر وحى الله فى أيام معدودة وهو قراءة القرآن وتفسيره الإلهى وطلب الحسنة فى الدنيا هو كما بسورة الشورى طلب حرث الدنيا أى إرادتها كما بسورة آل عمران والخلاق هو النصيب كما بسورة الشورى والمعنى فإذا ذبحتم أنعامكم فرددوا اسم الله كترديدكم أسماء آباءكم أو أعظم ترديدا ،فمن الخلق من يقول إلهنا أعطنا فى الأولى وليس له فى الجنة من نصيب ،يطلب الله من الحجاج والعمار إذا قضوا مناسكهم والمراد إذا ذبحوا أنعامهم المهداة للكعبة أن يذكروا الله أى أن يرددوا الوحى وهو القرآن وتفسيره الإلهى بشرط أن يكون ذكر الله كذكر الأباء والمراد كترديد أقوال الأباء أو أشد ذكرا والمراد أكثر ترديدا للقرآن ،ويبين الله للمؤمنين أن من الناس وهم البشر جماعة يقولون :ربنا أتنا فى الدنيا أى إلهنا اعطنا رزق الأولى ،فهم يريدون متاع الدنيا فقط وليس لهم فى الآخرة من خلاق والمراد وليس لهم فى الجنة من مكان أى نصيب ،والغرض من إخبار المؤمنين بهذا هو نهيهم عن طلب متاع الدنيا وحده
"فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم "يعنى فمن غيره بعدما علمه فإنما عقابه على الذين يغيرونه إن الله خبير محيط ،يبين الله للمؤمنين أن من يبدل كلام الوصية بعدما سمعه والمراد من يحرف كلام الوصية بعد الذى علمه من الموصى فإن الإثم وهو عقاب التحريف هو على الذين يبدلونه أى يحرفونه وهذا العقاب يشمل عقاب دنيوى هو عقاب شهادة الزور إن تم إثباتها على المحرف للوصية وعقاب آخروى وهو دخول النار ، ويبين الله لنا أنه سميع عليم أى خبير محيط بكل أمر وهذا يعنى أنه يعرف أى تبديل ومن ثم على من يريد التبديل الحذر من علم الله حتى لا يعاقب.
"فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم "يفسر القول قوله تعالى بسورة النساء"ولا جناح عليكم "وقوله بسورة البقرة "إنه هو التواب الرحيم "فالجناح هو الإثم والغفور هو الرحيم والمعنى فمن خشى من واهب ظلما أى جورا فوفق بينهم فلا عقاب عليه إن الله تواب رءوف ،يبين الله لنا أن المسلم الذى يحضر كلام الموصى وهو الواهب إذا عرف من كلام الموصى جنفا أى إثما أى ظلما أى جورا لواحد أو أكثر من أهله فعليه أن يصلح بينهما أى يوفق بين الموصى وهذا الواحد فيعدل الموصى كلامه فإن فعل المسلم الإصلاح فليس عليه إثم أى ذنب يستحق عليه العقاب من الله وإنما هو مأجور على إصلاحه ،ويبين الله لنا أنه غفور رحيم أى تواب لمن يستغفره رءوف به والغرض من ذكر هذا هو إبلاغ الموصى والشاهد أن الله يغفر لمن يرجع عن الخطأ وهو فى حالة الموصى الظلم فى الوصية وفى حالة الشاهد عدم الإصلاح بين الموصى والمظلوم فى الوصية وغير المصلح بين الموصى وأقاربه يعاقب عقابا دنيويا بشهوده على ظلم وهو عليه الإثم وهو العقاب له.
"يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "يفسر كلمة تتقون قوله تعالى بسورة المائدة "لعلكم تشكرون "والمعنى يا أيها الذين صدقوا بحكم الله فرض عليكم الصوم كما فرض على الأمم من قبلكم لعلكم تطيعون،يبين الله للمؤمنين أنه كتب عليهم الصيام أى فرض عليهم الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من بداية النهار حتى غروب الشمس وذلك كما كتبه على الذين من قبلهم وهذا معناه أن صيام رمضان فرضه الله على كل الأمم من بداية البشرية والسبب لعلكم تتقون أى تطيعون أى تشكرون والمراد لعلكم تفعلون الصيام والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون "قوله"أياما معدودات "يفسره قوله بنفس السورة "فمن شهد منكم الشهر فليصمه "فالأيام المعدودات هى شهر رمضان والمعنى فرض عليكم صيام شهر رمضان ،وقوله "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر "يفسره قوله بنفس السورة "ولتكملوا العدة "والمعنى فمن كان منكم عليلا أو على ترحال فإكمال لأيام الشهر من شهر أخر ،يبين الله للمؤمنين أن المريض وهو العليل المصاب بألم والمسافر وهو الذاهب طوال النهار ماشيا أو راكبا لبلدة أخرى عليه أن يفطر فى نهار رمضان حتى لا يزداد المرض وحتى لا يتعب المسافر تعبا يمنعه من إكمال الرحلة للمكان الذى يريده،وقوله "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين "يعنى وعلى الذين يفطرونه كفارة أكل محتاج ،يبين الله لنا أن الذين يطيقون أى يقدرون على صيامه فيفطرون نهار رمضان عليهم عقاب هو فدية أى كفارة هى إطعام مسكين أى تأكيل محتاج إفطار وغداء وعشاء وهذا بالإضافة للعقوبة الأولى وهى وجوب صيام عدد مماثل للأيام التى فطرها القادر على الصيام،وقوله "فمن تطوع خيرا فهو خير له "يفسره قوله تعالى بسورة المزمل "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا"وقوله بسورة مريم "والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا"فتطوع الخير هو التقديم للنفس هو الباقيات الصالحات والخير له هو الأجر العظيم هو الثواب عند الله والمعنى فمن عمل حسنا فهو أفضل له ،يبين الله لنا أن من تطوع خيرا أى من عمل صالحا فهو خير له أى أفضل له فى الآخرة فى الأجر ،وقوله"وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون "يفسره قوله تعالى بسورة الأعراف"ذلكم خيرا لكم إن كنتم مؤمنين "فتعلمون تعنى تؤمنون والمعنى وإن تمتنعوا أفضل لكم إن كنتم تعرفون ،يبين الله لنا أن الصيام وهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع هو خير لنا أى أحسن لنا فى الثواب إن كنا نعلم أى نعرف مصلحتنا فى الدنيا والآخرة ومعنى الآية فرض الصيام أياما معلومات فمن كان منكم عليلا أو فى انتقال فعدد مماثل من أيام أخرى وعلى الذين يقدرون على صيامه عقوبة تأكيل محتاج فمن عمل صالحا فهو أفضل له وإن تمتنعوا أفضل لكم إن كنتم تعرفون الحق.
"شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون "قوله "شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان "يعنى فرض عليكم صيام أيام رمضان الذى أوحى فيه الوحى رشاد للخلق أى أحكام من الرشاد أى الفصل ،يبين الله لنا أنه فرض علينا صيام أيام شهر رمضان وهو الشهر الذى أنزل فيه القرآن والمراد الشهر الذى أوحى فيه الله الوحى كله والقرآن هدى للناس أى إرشاد للخلق يرشدهم لطريق الخير وفسره الله بأنه بينات من الهدى أى أحكام من الرشاد تبين الحق والباطل وفسره بأنه الفرقان أى الفاصل بين الحق والباطل ،وقوله و"من كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر "يعنى ومن كان منكم عليلا أو على ترحال فإكمال من نهارات أخرى ،يبين الله لنا أن المريض وهو العليل والمسافر وهو الذاهب لبلدة أخرى طوال النهار يباح لهم الفطر فى نهار رمضان أثناء المرض والسفر والواجب عليهم بعد شفائهم من المرض وعودتهم من السفر هو إكمال عدة رمضان أى صيام عدد من الأيام مماثل لما فطروه فى رمضان فى الشهور الأخرى ،وقوله "يريد الله بكم اليسر "يفسره قوله بعده"ولا يريد بكم العسر "فإرادة اليسر هى عدم إرادة العسر بهم ويفسرهم قوله تعالى بسورة البقرة"ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج"فالحرج هو العسر والمعنى يحب الله بكم الخير أى لا يحب الله بكم الأذى ،يبين الله لنا أنه يريد بنا اليسر وهو الخير والمراد به هنا إباحة الفطر للمريض والمسافر ولا يريد بنا العسر وهو الأذى والمراد به هنا فرض الصيام على المريض والمسافر ،وقوله "ولتكملوا العدة "يفسره قوله بنفس السورة "فعدة من أيام أخر"والمعنى ولتتموا أيام الشهر،يبين الله لنا أن الواجب علينا عند إفطار يوم أو أكثر فى رمضان هو صيام عدد مماثل لما أفطرناه من الأيام فى أى شهر أخر حتى تتم عدة شهر رمضان ،وقوله "ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون "يفسره قوله تعالى بسورة النحل"لعلكم تسلمون"وقوله بسورة الحجرات "أن هداكم للإيمان "فما هدانا هو الإيمان ومعنى تشكرون هو تسلمون والمعنى ولتشكروا الله على ما علمكم أى لعلكم تسلمون ،يبين الله لنا أن الواجب علينا هو تكبير الله كما هدانا والمراد طاعة الله كما علمنا فى الوحى وفسر هذا بأنه شكره أى طاعة وحيه ومعنى الآية شهر رمضان الذى أوحى فيه الوحى نفع للخلق أى أحكام من النفع أى القاضى بين الحق والباطل ومن كان منكم عليلا أو على ترحال فإكمال من نهارات غير رمضان ،يحب الله لكم الخير أى لا يحب لكم الأذى ولتتموا عدد الأيام ولتطيعوا الرب فى الذى علمكم أى لعلكم تتبعون،والخطاب للمؤمنين.
"وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون"يفسره قوله تعالى بسورة الحج "واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون "وقوله بسورة الأنفال استجيبوا لله وللرسول"فدعوة الداعى هى عبادة الله هى فعل الخير هى الاستجابة لله والرسول (ص)ويرشدون هى تفلحون والمعنى وإذا استخبرك عبيدى عنى فإنى سميع أعلم طاعة المسلم إذا أطاعنى فليطيعونى وليصدقوا بحكمى لعلهم يفلحون ،يبين الله لرسوله (ص)أن الناس إذا سألوه عن الله والمراد إذا استفهموا منه عن حكم الله فالواجب عليه أن يخبرهم أن الله قريب والمراد "أن رحمة الله قريب من المحسنين"كما قال بسورة الأعراف فقرب الله هو رحمته لمن يحسن من العباد والله يجيب دعوة الداعى إذا دعاه والمقصود والله يعلم طاعة المسلم إذا أطاع وحيه فيثيبه عليها برحمته فى الدنيا والآخرة ،ويطلب الله منه الناس أن يستجيبوا له أى يطيعوا حكمه ويؤمنوا به أى ويصدقوا هذا الحكم قبل طاعتهم له والسبب حتى يرشدوا أى يفلحوا أى يفوزوا برحمة الله فى الدنيا والأخرة ،والخطاب للنبى(ص)وهذه الآية محشورة وسط آيات الصيام مما يعنى أن هذا ليس موضعها الأصلى فقد انتزعت منه ووضعت هنا بلا سبب سوى زيادة حيرة المسلم عندما يتلو القرآن.
"أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون "قوله "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن "يفسره قوله تعالى بسورة الروم "ومن آياته خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها "فالرفث هو السكون للنساء ويفسره قوله بسورة البقرة "نساؤكم حرث لكم "فكون النساء لباس هو كونهم حرث للرجال والمعنى أبيح لكم ليلة الامتناع جماع زوجاتكم هن سكن لكم وأنتم سكن لهن،يبين الله للمؤمنين أن أحل أى أباح لهم الرفث للنساء والمراد مباشرة الزوجات أى جماعهن وبلفظ أوضح نيكهن والنساء لباس للرجال أى سكن يقضون فيه شهوتهم والرجال لباس للنساء أى سكن يقضون معه شهوتهن ،وقوله "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم "يعنى عرف الله أنكم كنتم تخادعون أنفسكم فعفا عنكم أى غفر لكم ،يبين الله للمؤمنين أنه عرف أنهم كانوا يختانون أنفسهم أى يخدعون أنفسهم فهم كانوا يعتقدون أن الجماع ليلا حرام ومع ذلك كانوا يجامعون النساء فى الليل وكانوا بذلك يخدعون أنفسهم ومع ذلك تاب عليهم أى عفا عنهم أى غفر لهم هذه الخيانة ،وقوله "فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم "يعنى فالآن جامعوهن أى اعملوا ما أباح الله لكم ،يطلب الله من المؤمنين أن يباشروا أى يجامعوا أى ينيكوا الزوجات فى الليل وفسر هذا بابتغاء ما كتب الله لهم أى عمل ما أباح الله لهم وهو جماع الزوجات فى ليل رمضان ،وقوله "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل"يعنى وأطعموا وارتووا حتى يتضح لكم اللون المنير من اللون المظلم من النهار ثم أكملوا الامتناع إلى الليل،يأمر الله المؤمنين بالأكل والشرب فى الليل حتى الوقت الذى يتضح فيه الخيط الأبيض من الخيط الأسود والمراد الوقت الذى يفرق فيه الإنسان لون النور من لون الظلام وبألفاظ أخرى الوقت الذى يتضح فيه النهار من الليل بواسطة الفجر وهو ضوء النهار الذى يظهر عقب اختفاء أخر نجم من السماء ،ويطلب الله منهم أن يتموا الصيام أى يكملوا الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من بداية النهار حتى بداية الليل ،وقوله "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد"تعنى ولا تجامعوهن وأنتم مقيمون فى المصليات ،يطلب الله من المؤمنين ألا يباشروا النساء والمراد ألا يجامعوا الزوجات إذا كانوا عاكفين أى مقيمين فى المساجد وهى المصليات والاعتكاف هو قراءة القرآن فى مكان ما يسمى مسجد سواء مسجد جامع أو مكان صلاة فى بيت ،وقوله "تلك حدود الله فلا تقربوها "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "تلك حدود الله فلا تعتدوها "فلا تقربوها تعنى فلا تعتدوها والمعنى تلك أحكام الله فلا تعصوها ،يبين الله للمؤمنين أن ما سبق هو حدود أى أحكام الله فى الصيام فعليهم ألا يقربوها أى ألا يخالفوها حتى لا يعرضوا أنفسهم للعقاب ،وقوله "كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون "يفسره قوله تعالى بسورة الأعراف "كذلك نفصل الآيات "وقوله بسورة المائدة "يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون "فتبيين الله هو تفصيله للآيات ولعلهم يتقون يفسرها لعلهم يشكرون والمعنى هكذا يوضح الله لكم أحكامه لعلكم تطيعون،يبين الله للمؤمنين أن بتلك الطريقة يعرف المسلمين آياته وهى أحكام دينه والسبب حتى يتقوه أى يطيعوه فيها،ومعنى الآية هو أبيح لكم ليلة الامتناع عن الطعام والشراب والجماع جماع زوجاتكم هن سكن لكم وأنتم سكن لهن ،عرف الله أنكم كنتم تخادعون ذواتكم فغفر لكم أى عفا عنكم فالآن جامعوهن أى اعملوا الذى أباح لكم وأطعموا وارتووا حتى يظهر لكم لون النور من لون الظلام عند النهار ثم أكملوا الامتناع إلى غروب الشمس ولا تجامعوهن وأنتم مقيمون فى المصليات تلك أحكام الله فلا تخالفونها هكذا يوضح الله أحكامه للخلق لعلهم يطيعون ،والخطاب للمؤمنين.
"ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريق من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون "يعنى ولا تأخذوا أملاككم بينكم بالحرام وتعطوها إلى الآمرين لتأخذوا بعضا من أملاك الخلق بالعدوان وأنتم تعرفون الحق ،ينهى الله المؤمنين عن أخذ أموال وهى أملاك أى أمتعة بعضهم بالباطل وهو الحرام عن طريق أن يدلوا بها للحكام والمراد عن طريق -التوسل ببعض المال أو غيره من متاع الدنيا وهو- دفع الرشوة للحكام وهم الآمرين سواء كانوا قضاة محاكم أو ولاة على وظيفة ما من أجل التالى أكل فريق من أموال الناس بالإثم والمراد أخذ بعض من أملاك وهى حقوق الآخرين بالظلم وهؤلاء الفاعلين الرشوة يعلمون الحق وهو حرمة الرشوة وأخذ أموال الناس بالباطل ووجوب عقاب المشتركين فى هذه الجريمة،والخطاب للمؤمنين.
"يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون"قوله "يسألونك عن الأهلة "يعنى يا محمد(ص)يستفهمون منك عن الأهلة ،وهذا يعنى أن المسلمين سألوا الرسول (ص)عن الأهلة وهى القمر فى أول الشهور ما سبب وجوده ؟فقال الله لهم "قل هى مواقيت للناس والحج "يعنى قل لهم يا محمد(ص)هى محددات لحقوق الخلق والزيارة للكعبة ،يطلب الله من رسوله (ص)أن يعرف المسلمين أن الأهلة عبارة عن مواقيت أى محددات تحدد للخلق مواعيد حقوقهم كالديون وعدة المطلقة والأرملة ومحددات للحج وهو زيارة الكعبة فى الشهور الأربعة الحرم ،وقوله "وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها"يعنى وليس من الإسلام أن تدخلوا المساكن من سطوحها ،يبين الله للمؤمنين أن البر وهو الإسلام ليس منه إتيان البيوت من ظهورها والمراد ليس مباحا فيه دخول المساكن من سطوحها وإنما الواجب دخولها من أبوابها وقوله"ولكن البر من اتقى "يفسره قوله بنفس السورة "لكن البر من أمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتاب والنبيين "فالبر وهو المسلم هو من اتقى أى أمن بكل ما طلب الله منه الإيمان به وعمل به والمعنى ولكن المسلم من أطاع حكم الله ،يبين الله للمسلمين أن البر وهو المسلم هو من اتقى أى خاف عذاب الله فأمن وأطاع حكم الله،وقوله "وأتوا البيوت من أبوابها"يعنى وادخلوا المساكن من مداخلها المعروفة ،يطلب الله من المسلمين أن يأتوا البيوت من أبوابها والمراد أن يدخلوا المساكن من مداخلها التى بناها الناس مطلة على الشوارع ،وقوله "واتقوا الله لعلكم تفلحون "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون "فتقوى الله هى عبادته أى طاعة حكمه وتفلحون تفسرها تتقون والمعنى أطيعوا الله لعلكم ترحمون أى اعبدوا الله لعلكم تتقون ،يطلب الله من المسلمين أن يتقوه أى يعبدوه أى يطيعوا حكمه لعلهم يفلحون أى يرحمون والمراد يدخلون الجنة ومعنى الآية يستفهمون منك عن القمر فى بداية الشهور قل هو محددات لحقوق الخلق وزيارة الكعبة وليس من الإسلام أن تدخلوا المساكن من سطوحها ولكن المسلم من أطاع حكم الله وادخلوا المساكن من مداخلها المعروفة وأطيعوا حكم الله لعلكم ترحمون والخطاب للنبى(ص)والخطاب من النبى (ص)موجه للسائلين.
"وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"يفسره قوله تعالى بسورة النساء "فقاتلوا أولياء الشيطان "وقوله بسورة التوبة "وجاهدوا فى سبيل الله "وقوله بسورة آل عمران "فإن الله لا يحب الكافرين "فقاتلوا تعنى جاهدوا كما بسورة التوبة والذين يقاتلونكم هم أولياء الشيطان كما بسورة النساء والمعتدين هم الكافرين كما بسورة آل عمران والمعنى وجاهدوا فى نصر دين الله الذين يحاربونكم ولا تظلموا إن الله لايثيب الظالمين ،يطلب الله من المؤمنين أن يقاتلوا الذين يقاتلونهم والمراد أن يحاربوا الكفار الذين يحاربونهم ،ويطلب منهم ألا يعتدوا أى يظلموا والمراد ألا يبدءوا بالحرب والسبب هو أن الله لا يحب المعتدين أى لا يثيب الظالمين والمراد يعاقب الذين يبدءون بالعدوان ،والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده وما بعده.
"واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين"قوله "واقتلوهم حيث ثقفتموهم "يفسره قوله تعالى بسورة النساء "واقتلوهم حيث وجدتموهم "فثقفتموهم تعنى وجدتموهم والمعنى وحاربوهم مكان لقيتموهم ،يطلب الله من المؤمنين أن يقاتلوا الكفار حيث ثقفوهم والمراد أن يحاربوهم فى أى مكان يجدوهم فيه ،وقوله "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم "يعنى واطردوهم من حيث طردوكم ،يطلب الله من المؤمنين أن يخرجوا الكفار من حيث أخرجوهم والمقصود أن يطردوهم من بلادهم كما سبق وطردوا المسلمين من بلادهم ،وقوله "والفتنة أشد من القتل "يفسره قوله بنفس السورة "والفتنة أكبر من القتل "فأشد تعنى أكبر والمعنى والطرد أعظم من الذبح ،يبين الله للمؤمنين أن الفتنة وهى طرد الناس من بيتهم أعظم ذنبا عند الله من القتل وهو الذبح كما قال بنفس السورة "والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله "،وقوله "ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه "يفسره قوله بنفس السورة "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "فالقتال من الكفار هو الاعتداء والمعنى ولا تحاربوهم بجوار مكان البيت الحرام حتى يحاربوكم عنده،يطلب الله من المؤمنين ألا يقاتلوا أى ألا يحاربوا الكفار بجوار المسجد الحرام حتى يكون الكفار الذين يقاتلون أى يبدءونهم بالحرب بجواره،وقوله "فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين "يفسره قوله تعالى بسورة الحشر"وذلك جزاء الظالمين "فالكافرين هم الظالمين والمعنى فإن حاربوكم فاذبحوهم هكذا عقاب الظالمين ،يطلب من المؤمنين أن يقتلوا أى يذبحوا الكفار إن هم قاتلوهم أى بدءوهم بالقتال فى مكة وذبح الكفار هو جزاء الكافرين أى عقاب الظالمين ومعنى الآية واذبحوهم حيث وجدتموهم واطردوهم من حيث طردوكم والطرد أعظم ذنبا من الذبح ولا تحاربوهم بجوار البيت الحرام حتى يبدءوكم بالحرب فإن بدءوكم بالحرب فاذبحوهم هكذا عقاب الظالمين .
"فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم "يفسره قوله تعالى بسورة التوبة "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم فى الدين "فانتهوا تعنى تابوا والمعنى فإن تركوا الكفر فإن الله عفو رءوف ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار إن انتهوا أى تابوا عن كفرهم فالله غفور رحيم أى يعفو عن كفرهم السابق ويرأف بهم فيدخلهم الجنة والمعنى فإن تابوا فإن الله عفو نافع للتائبين .
"وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين "قوله "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردونكم عن دينكم إن استطاعوا "فالفتنة هى رد المسلمين عن دينهم والمعنى وحاربوهم حتى لا تكون ردة ،يطلب الله من المسلمين أن يقاتلوا أى يحاربوا المعتدين والسبب حتى لا تحدث فتنة أى ردة عن الإسلام فالحرب هى للحفاظ على إسلام المسلمين ،وقوله "ويكون الدين لله "يعنى ويصبح الحكم لله ،يفسر الله عدم الفتنة بأنه كون الدين لله والمراد أن يصبح الحكم لوحى الله سارى على أهل الأديان جميعا ،وقوله"فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين "يعنى فإن تابوا فلا قتال إلا للمعتدين ،يبين الله للمسلمين أن الكفار المعتدين إن انتهوا أى تابوا عن الحرب فلا عدوان إلا على الظالمين والمراد لا حرب إلا مع المعتدين الذين يحاربون المسلمين ومعنى الآية وحاربوهم حتى لا تحدث ردة عن الإسلام أى يصبح الحكم لله فإن تركوا الحرب فلا حرب إلا على المقاتلين لنا.
"الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة النحل"وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به "وقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "وقوله بسورة البقرة "فاتقوا النار""فالشهر بالشهر والحرمات قصاص ورد الاعتداء هو عقاب من عاقبوا المسلمين وكون الله مع المتقين هو دفاعه عن المؤمنين واتقاء الله هو اتقاء النار والمعنى انتهاك الشهر الأمن بانتهاك الشهر الأمن والاعتداء على الحرمات إتباع فمن أذاكم فأذوه بعمل الذى أذاكم به وأطيعوا الله واعرفوا أن الله ناصر المطيعين ،يبين الله للمؤمنين أن الشهر الحرام بالشهر الحرام والمراد أن وقوع الاعتداء على المسلمين فى الشهر الأمن يبيح لهم رد الاعتداء فى الشهر الحرام سواء نفس الشهر أو غيره ،وفسره لهم أن الحرمات قصاص والمراد أن انتهاك حرمة أى شىء محرم بالاعتداء لابد للمسلمين فيه من القصاص وهو رد العدوان ،وفسر هذا بأن عليهم الاعتداء على من اعتدى عليهم أى عليهم إيذاء المعتدين كما أذوهم بالمثل وهو نفس العمل سواء كان مساويا فى المقدار أو أكثرحتى يطلب الكفار السلام ،ويطلب الله منهم أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله خوفا من عقابه ،ويبين لهم أن الله مع المتقين أى أن الله ينصر المطيعين لحكمه فى الدنيا والآخرة والخطاب للمؤمنين وما بعده.
"وأنفقوا فى سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة"وقاتلوا فى سبيل الله"و "فاتقوا النار "وقوله بسورة الحجرات "وأقسطوا إن الله يحب المقسطين "فأنفقوا تعنى قاتلوا أى عدم إلقاء الأيدى فى التهلكة هو اتقاء النار وأحسنوا يعنى أقسطوا والمحسنين هم المقسطين والمعنى واعملوا على نصر دين الله أى لا تذهبوا بأنفسكم إلى العذاب أى أصلحوا إن الله يثيب المصلحين،يطلب الله من المؤمنين أن ينفقوا فى سبيل الله أى أن يعملوا على نصر دين الله بطاعته وفسر هذا بنهيهم عن أن يلقوا أيديهم إلى التهلكة والمراد ألا يدخلوا أنفسهم إلى النار بعصيانهم لدين الله وفسر هذا بأن طلب منهم أن يحسنوا أى يصلحوا والمراد أن يطيعوا دين الله ،ويبين الله لهم أنه يحب المحسنين أى يثيب المصلحين برحمته فى الدنيا والآخرة .
"وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب "قوله "وأتموا الحج والعمرة لله "يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا "فإتمام الحج والعمرة هو وجوب حج البيت لله على من استطاع الوصول له والمعنى وافعلوا الحج والعمرة لله ،يطلب الله من المؤمنين إتمام الحج والعمرة له والمراد فعل زيارة الكعبة فى أيام الحج وزيارة الكعبة فى الأشهر الحرام مرة له أى استجابة لأمر الله ،وقوله "فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى "يعنى فإن انتهيتم فما قدرتم من الأنعام ،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا أحصروا أى انتهوا من أعمال الحج والعمرة فالواجب عليهم ذبح ما استيسر من الهدى والمراد ذبح ما قدروا على شراءه من الأنعام ،وقوله "ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله "يعنى ولا تزيلوا نامياتكم حتى تصل الأنعام للكعبة ،ينهى الله المؤمنين عن حلق رءوسهم أى عن إزالة الناميات فى الجسم وهى الأظافر والشعور بالتقصير أو بالإزالة الكاملة حتى يبلغ الهدى محله والمراد حتى وقت ذبح الأنعام فى المشعر الحرام بالبيت الحرام فى مكة فبعد الذبح يحق لهم حلق الرءوس،وقوله "فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك "يعنى فمن كان منكم عليلا أى به ضرر من ناميته فكفارة من امتناع عن الطعام والشراب والجماع أو نفقة أو ذبح ،يبين الله للمؤمنين أن المريض وهو العليل وقصد به من به أذى من رأسه والمراد الذى يوجد فى شعره أو أظافره إصابة تجعله لا يقدر على تحمل وجودها يجب عليه فدية أى كفارة من ثلاث :الأولى الصيام وهو الامتناع عن الطعام والشراب والجماع لمدة عشرة أيام ثلاث فى الحج وسبعة فى بلده بعد الرجوع والثانية الصدقة وهى نفقة عشرة مساكين والثالثة النسك وهى ذبح بهيمة من الأنعام عند المشعر الحرام ،وقوله "فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى"تعنى فإذا اطمأننتم فمن انتفع بالعمرة حتى الحج فما وجد من الأنعام ،يبين الله للمؤمنين أنهم إن أمنوا أى اطمأنوا فى إقامتهم بمكة فعلى من تمتع بعمل العمرة قبل الحج ثم حج فالواجب عليه ما استيسر من الهدى أى ما قدر على شراءه و هو ما ذبحه من الأنعام قبل الحج فالعمرة لها هدى ،ومن هنا نعرف أن العمرة تؤدى بمفردها أو مع الحج ،وقوله"فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام "يعنى فمن لم يلق مالا فامتناع ثلاثة أيام فى وقت الحج وسبعة إذا عدتم لبلدكم تلك عشرة تامة ذلك لمن لم تكن أسرته مجاورين البيت الأمن ،يبين الله للمؤمنين أن الحاج الذى لا يجد أى يلقى مالا لشراء ذبيحة عليه بصيام ثلاثة أيام فى البيت الحرام فى مكة وسبعة أيام إذا رجعوا أى عادوا لبلدهم وأما من يكون أهله حاضر المسجد الحرام والمراد أسرته مقيمة فى مكة خارج المسجد فعليه صيام عشرة أيام متتابعة ،وقوله "واتقوا الله "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "واتقوا النار"فاتقاء الله هو اتقاء النار والمعنى وخافوا نار الله فأطيعوا حكمه،وقوله "واعلموا أن الله شديد العقاب"يفسره قوله بنفس السورة "وأن الله شديد العذاب "فالعقاب هو العذاب والمعنى واعرفوا أن الله عظيم العذاب ،ومعنى الآية وافعلوا الحج والعمرة فإن انتهيتم من أعمالهما فما وجدتم من الأنعام ولا تزيلوا شعوركم وأظافركم حتى تصل الذبائح مكانها فمن كان منكم عليلا أو به ضرر من شعره أو أظافره فكفارة إمتناع عشرة أيام أو إطعام عشرة مساكين أو ذبيحة فإذا اطمأننتم فمن انتفع بالعمرة إلى الحج فما وجد من الأنعام فمن لم يلق أنعاما فامتناع ثلاثة أيام فى مكة وسبعة إذا عدتم لبلدكم تلك عشرة تامة ذلك لمن لم يكن أسرته مجاورين البيت الحرام وأطيعوا الله واعرفوا أن الله عظيم العذاب والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده وما بعده.
"الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب "قوله"الحج أشهر معلومات "يعنى الزيارة شهور معروفات ،يبين الله لنا أن الحج وهو زيارة مكة تكون فى شهور معلومة هى الأشهر الحرام، وقوله "فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج "يعنى فمن نوى فيهن الزيارة فلا جماع ولا عيب ولا محاجة فى الزيارة ،يبين الله للمؤمنين أن من فرض أى نوى الحج وهو زيارة الكعبة فالواجب عليه هو عدم الرفث أى عدم جماع الزوج والفسوق وهو العيب أى اللمز فى الآخرين والجدال وهو المراء والحجاج فى الموضوعات المختلفة ،وقوله "وما تفعلوا من خير يعلمه الله "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله "ففعل الخير هو تقديم الخير للنفس وعلم الله به يعنى وجود ثوابه عند الله الذى علم به والمعنى وما تعملوا من صالح يعرفه الله ،يبين الله للمؤمنين أن ما يفعلوا من خير أى ما يصنعوا من عمل صالح يعلمه الله أى يعرفه الله ويثيب عليه ،وقوله "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب"يفسره قوله تعالى بسورة الزمر "يا عباد فاتقون "وقوله بسورة الحشر"فاعتبروا يا أولى الأبصار"وقوله بسورة التغابن "وأنفقوا خيرا لأنفسكم "فالتزود بخير الزاد هو إنفاق الخير وأولى الألباب هم أولى الأبصار هم عباد الله والمعنى واعملوا فإن أفضل العمل الطاعة لله أى اتبعون يا أصحاب العقول،ومعنى الآية زيارة بيت مكة فى شهور محرمات فمن نوى فيهن الزيارة فلا جماع ولا عيب ولا حجاج وما تعملوا من صالح يعرفه الله وأصلحوا فإن أحسن العمل الصالح أى أطيعون يا أصحاب الأبصار.
"ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "فلا إثم عليه "وقوله بسورة العنكبوت "فابتغوا عند الله الرزق "وقوله بسورة الحج "ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام"فالجناح هو عقاب الإثم بسورة البقرة والفضل هو الرزق المبتغى بسورة العنكبوت وذكر الله يكون على ما رزقهم من الأنعام والمعنى ليس عليكم عقاب أن تطلبوا رزقا من إلهكم فإذا دخلتم من عرفات فرددوا اسم الله عند المذبح الأمن ورددوه كما علمكم وإن كنتم من قبله لمن الكافرين ،يبين الله للمؤمنين أن ليس عليهم جناح أى عقاب إذا ابتغوا فضل من ربهم والمراد إذا طلبوا رزقا من الله سواء دنيوى أو أخروى ،ويبين لهم أنهم إذا أفاضوا أى دخلوا من عرفات وهو أول جزء يقابل داخل الكعبة فعليهم ذكر الله عند المشعر الحرام والمقصود ترديد اسم الله وهو القرآن فى مكان الذبح بالبيت الحرام بمكة والواجب هو ذكر الله كما هداهم أى ترديد اسم الله كما علمهم الله فى الوحى ،ويبين الله لهم أنهم كانوا قبل الذكر وهو الهدى وهو الوحى ضالين أى كافرين ولكنهم أسلموا فيما بعد ،والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده.
"ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم "يفسر الآية قوله تعالى بسورة النور "وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون"فاستغفار الله هو التوبة إليه والمعنى ثم سيروا من حيث سار الخلق وتوبوا لله إن الله تواب نافع ،يطلب الله من المؤمنين الإفاضة من حيث أفاض الناس والمراد السير من حيث سار الأخرون من الناس وهذا يعنى أن يسير المسلمين مع بقية الناس دون تفرقة إلى ما بعد عرفات ،ويطلب منهم أن يستغفروه أى يتوبوا إليه والمراد أن يطلبوا منه العفو عن ذنوبهم ،ويبين لهم أنه غفور رحيم أى تواب لمن تاب نافع له بالرحمة وهى الجنة فى الآخرة والنصر فى الدنيا .
"فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وما له فى الآخرة من خلاق "يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "فاذكروا الله فى أيام معدودات "وقوله بسورة آل عمران "منكم من يريد الدنيا "وقوله بسورة الشورى "ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله فى الآخرة من نصيب "فذكر الله بعد قضاء المناسك هو ذكر وحى الله فى أيام معدودة وهو قراءة القرآن وتفسيره الإلهى وطلب الحسنة فى الدنيا هو كما بسورة الشورى طلب حرث الدنيا أى إرادتها كما بسورة آل عمران والخلاق هو النصيب كما بسورة الشورى والمعنى فإذا ذبحتم أنعامكم فرددوا اسم الله كترديدكم أسماء آباءكم أو أعظم ترديدا ،فمن الخلق من يقول إلهنا أعطنا فى الأولى وليس له فى الجنة من نصيب ،يطلب الله من الحجاج والعمار إذا قضوا مناسكهم والمراد إذا ذبحوا أنعامهم المهداة للكعبة أن يذكروا الله أى أن يرددوا الوحى وهو القرآن وتفسيره الإلهى بشرط أن يكون ذكر الله كذكر الأباء والمراد كترديد أقوال الأباء أو أشد ذكرا والمراد أكثر ترديدا للقرآن ،ويبين الله للمؤمنين أن من الناس وهم البشر جماعة يقولون :ربنا أتنا فى الدنيا أى إلهنا اعطنا رزق الأولى ،فهم يريدون متاع الدنيا فقط وليس لهم فى الآخرة من خلاق والمراد وليس لهم فى الجنة من مكان أى نصيب ،والغرض من إخبار المؤمنين بهذا هو نهيهم عن طلب متاع الدنيا وحده