رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,709
- الإقامة
- مصر
فبما رحمة من ربك لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحجر"فاصفح الصفح الجميل"فاعف تعنى اصفح وقوله بسورة التوبة "وصل عليهم"فاستغفر لهم تعنى صل عليهم وقوله بسورة هود "فاعبده وتوكل عليه"فتوكل تعنى اعبد وقوله بسورة البقرة"إن الله يحب المحسنين"فالمتوكلين هم المحسنين والمعنى فبما حكم من إلهك سهلت لهم ولو أصبحت قاسيا جامد النفس لتخلوا عنك فاغفر لهم واطلب لهم من الله العفو وشاركهم فى القرار فإذا قررت فاحتمى بحكم الله أن الله يثيب المحتمين به ،يبين الله لرسوله(ص)أنه برحمة من الله والمراد بوحى منه أطاعه لان للمؤمنين أى ذل لهم والمراد أصبح خادما لهم ،ويبين له أنه لو كان فظا أى غليظ القلب والمراد قاسى النفس أى كافر الصدر لإنفض المؤمنين من حوله أى لتخلى المؤمنين عن طاعته والمراد لكفروا بما يقول فتركوه وحيدا ،ويطلب الله من رسوله(ص) أن يعفو عن المؤمنين والمراد أى يصفح عن ذنبهم بعصيانه فى الحرب وطلب منه أن يستغفر لهم أى أن يطلب لهم من الله العفو عن ذنبهم وأن يشاورهم فى الأمر والمراد وأن يشاركهم فى اتخاذ القرار وهذا يعنى أن النبى(ص)واحد من ضمن المشاركين فى اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهم ويبين له أنه إن عزم فعليه أن يتوكل عليه والمراد أنه إن قرر فى مسألة قرارا فعليه أن يطيع حكم الله فى المسألة محتميا بهذه الطاعة من عذاب الله ومن ثم قرارات المسلمين لابد أن توافق حكم الله ويبين له أن الله يحب المتوكلين والمراد أن الله يرحم الطائعين لحكمه والخطاب للنبى(ص) .
"إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحج "ومن يهن الله فما له من مكرم"فيخذل تعنى يهن والذى لا ينصر من الله هو ليس المكرم وقوله بسورة يوسف "وعليه فليتوكل المتوكلون"فالمؤمنون هم المتوكلون والمعنى إن يؤيدكم الله فلا هازم لكم وإن يهزمكم فمن هذا الذى يؤيدكم من بعده وبطاعة الله فليحتمى المطيعون ،يبين الله للمؤمنين أنه إن ينصرهم أى يؤيدهم على عدوهم فلا غالب لهم والمراد لا هازم لهم يقدر على تحويل فوزهم إلى هزيمة وإن يخذلهم أى يهزمهم أى يتخلى عنهم فليس هناك أحد ينصرهم أى يؤيدهم ويبين لهم أن على الله يتوكل المؤمنون والمراد بطاعة حكم الله يحتمى الطائعون لحكمه من عذابه والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النحل"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة"فما غل هو الوزر أى الذنب الذى يأتى معه يوم البعث وقوله بسورة غافر"اليوم تجزى كل نفس بما كسبت"فتوفى تعنى تجزى وقوله بسورة النحل"وتوفى كل نفس ما عملت "فكسبت تعنى عملت والمعنى وما كان لرسول(ص)أن يسرق ومن يسرق يجىء بما أذنب يوم البعث ثم تعطى كل نفس جزاء ما عملت وهم لا ينقصون حقا،يبين الله للمؤمنين أن النبى أى نبى لا يمكن أن يغل أى يسرق من الغنيمة أو غيرها مهما حدث وأن من يغلل أى من يسرق من الغنيمة أو غيرها يأت بما غل يوم القيامة والمراد يحضر بذنب السرقة فى كتابه يوم البعث وبعد توفى كل نفس ما كسبت والمراد ويعطى كل فرد جزاء ما عمل فى الدنيا ثوابا أو عقابا وهم لا يظلمون أى لا ينقصون من حقهم شيئا وهذا يعنى أن العدل هو الذى يحكم يوم القيامة .
" أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير"يفسر الآية قوله تعالى بسورة يونس"مأواهم النار"فجهنم تعنى النار وقوله بسورة الأنفال"فقد باء بغضب من الله"فسخط تعنى غضب وقوله بسورة آل عمران"وبئس المهاد"فالمصير هو المهاد والمعنى أفمن دخل جنة الله كمن عاد بعقاب من الله أى مكانه النار وقبح المقام ،يسأل الله هل من اتبع رضوان الله أى من أطاع الله فدخل الجنة كمن باء بسخط من الله أى كمن عاد بعذاب من الله أى مأواه جهنم أى مقامه النار وبئس المصير أى وساء المقام ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المسلم لا يتساوى مع الكافر فى الجزاء فهذا فى رحمة الله وهذا فى عذاب الله والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس وما بعده.
"هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون"يفسر القول الأخير قوله تعالى بسورة فاطر"إن الله عليم بما يصنعون"فبصير تعنى عليم ويعملون تعنى يصنعون والمعنى هم طبقات لدى الله والله عليم بالذى يصنعون،يبين الله لنا أن المسلمين والكفار درجات عند الله والمراد جزاءات مختلفة لدى الله ويبين لهم أنه بصير بما يعملون والمراد أنه عليم بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليه ومن ثم علينا أن نحذر من مخالفته .
"ولقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"كما أرسلنا فيكم رسولا منكم"فبعث تعنى أرسل وقوله بسورة التوبة"هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق"فآيات الله وهى الكتاب وهى الحكمة هى الهدى أى دين الله وقوله بسورة الروم"وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم لمبلسين"فكونهم على الضلال المبين هو كونهم مبلسين والمعنى ولقد تفضل الله على المصدقين بحكمه إذ أرسل لهم مبعوثا من وسطهم يبلغ لهم أحكام الله أى يطهرهم أى يعرفهم الوحى أى حكم الله وإن كانوا من قبل لفى جهل كبير ،يبين الله لنا أنه من على المؤمنين والمراد أنه رحم المصدقين بحكم الله إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم والمراد عندما أرسل منهم نبيا من بينهم يتلوا عليهم آيات الله والمراد يبلغ لهم أحكام الله وفسر هذا بأنهم يزكيهم أى يطهرهم بطاعة أحكام الله التى يبلغها لهم وفسر هذا بأنه يعلمهم أى يعرفهم الكتاب أى الحكم وهو دين الله،ويبين لنا أن المؤمنين كانوا من قبل نزول الكتاب على الرسول(ص) فى ضلال مبين أى جهل كبير أى كفر عظيم والخطاب للناس.
"أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شىء قدير"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"إن يمسسكم قرح"فأصابتكم تعنى مسكم وقوله بسورة الشورى"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم"فمن عند الأنفس هو كسب الأيدى وقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"فقدرة الله على كل شىء هى فعله لما يريد والمعنى أإذا مسكم ضرر قد فعلتم ضعفيه قلتم كيف هذا قل هو من عمل أنفسكم إن الله لكل أمر يريده فاعل،يبين الله للمؤمنين أنهم لما أصابتهم المصيبة والمراد أنهم لما مسهم الضر الممثل فى قتل بعضهم فى أحد قد أصابوا مثليها والمراد أنهم قد قتلوا ضعف العدد الذى قتل منهم فى معاركهم مع كفار مكة قالوا :أنى هذا أى كيف حدث هذا مع أن الله ناصرنا؟فطلب الله من رسوله(ص)أن يقول لهم ردا على سؤالهم:هو من عند أنفسكم والمراد هو من عمل أنفسكم وهذا يعنى أن السبب فى الهزيمة هو عمل المؤمنين الممثل فى عصيانهم أمر الرسول(ص)فى الحرب وأن يقول لهم:إن الله على كل شىء قدير والمراد أن الله لكل أمر يريده فاعل والخطاب للمؤمنين ثم للنبى(ص)
"وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لأتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والله أعلم بما يكتمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم"فقول الأفواه ما ليس فى قلوبهم هو إرضاء المؤمنين بالقول مع رفض القلوب لهذا وقوله بسورة آل عمران "ويعلم الصابرين"فالمؤمنين هم الصابرين وقوله بسورة الأحزاب"قد يعلم الله المعوقين منكم"فالذين نافقوا هم المعوقين لكم وقوله بسورة هود"الله أعلم بما فى أنفسهم "فما يكتمون هو الذى فى أنفسهم والمعنى وما مسكم يوم تقاتلت الفئتان فبأمر الله وليعرف المصدقين بحكم الله وليعرف الذين مرضوا وقيل لهم :هلموا حاربوا فى نصر دين الله أى قاوموا قالوا لو نعرف حربا واقعة لذهبنا معكم هم للتكذيب يومذاك أدنى منهم للتصديق يقولون بألسنتهم الذى ليس فى نفوسهم والله أعرف بالذى يسرون،يبين الله للمؤمنين أن ما أصابهم وهو ما نزل بهم من الهزيمة يوم التقى الجمعان أى يوم تقاتلت جماعة المسلمين وجماعة الكافرين هو بإذن أى أمر الله والسبب فى الهزيمة هو أن يعلم الله المؤمنين ويعلم الذين نافقوا والمراد أن يميز الله المسلمين ويميز الذين أظهروا الإسلام وأخفوا الكفر ،ويبين الله للمؤمنين أنهم قالوا للمنافقين:تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا والمراد هيا لتجاهدوا فى نصر دين الله أى حاربوا كان ردهم :لو نعلم قتالا لأتبعناكم والمراد لو نعرف حربا ستحدث لذهبنا معكم وهذا يعنى أنهم يعتقدون اعتقادا جازما أن الحرب لن تحدث ولذا فهم لن يذهبوا لمعرفتهم بذلك وهذا إدعاء بعلم الغيب منهم وهو ذنب أخر ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين كانوا فى ذلك اليوم أقرب للكفر أى أعمل للتكذيب بحكم الله من الإيمان وهو التصديق بحكم الله ،ويبين لهم أنهم يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والمراد يتكلمون بألسنتهم كلاما حسنا ليس فى نفوسهم التى تمتلىء بالحقد ،ويبين للمؤمنين أنه أعلم بما يكتمون والمراد أعرف بالذى يخفون فى أنفسهم من الحقد والخطاب حتى فبإذن الله للمؤمنين ثم للنبى(ص)بعده وما بعده.
"الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة البقرة"إن كنتم مؤمنين"فصادقين تعنى مؤمنين والمعنى الذين قالوا لأصحابهم وتخلفوا عن القتال :لو اتبعونا ما ذبحوا قل فامنعوا عن أنفسكم الوفاة إن كنتم محقين ، يبين الله للمؤمنين أن المنافقين قالوا لإخوانهم وهم أصحابهم وقد قعدوا أى تخلفوا عن الذهاب عن الحرب :لو أطاعونا أى لو اتبعنا المسلمين فى القعود ما قتلوا أى ما ذبحوا فى الحرب ،ويطلب الله من رسوله (ص)أن يقول لهم:فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين والمراد فامنعوا عن ذواتكم الوفاة إن كنتم محقين فى زعمكم أنكم مؤمنين ،والغرض من الرد إخبارهم أن الموت لا هروب منه بالقعود عن الحرب أو غير هذا .
"ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"المعنى ولا تظنن الذين ذبحوا فى نصر دين الله متوفين إنما شهداء لدى خالقهم ينتفعون ،يطلب الله من رسوله(ص)ألا يحسب والمراد ألا يظن الظن التالى :أن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا والمراد الذين ذبحوا من أجل نصر دين الله متوفين لا يعيشون بعد الدنيا وإنما عليه أن يظن أنهم أحياء أى عائشين عند ربهم والمراد يعيشون لدى خالقهم فى جنته وهم يرزقون أى يتمتعون بنعيم الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فرحين بما أتاهم من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "يستبشرون بنعمة من الله"فالفضل هو النعمة وقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون"فالخوف هو السوء والمعنى مسرورين بالذى أعطاهم الله من رحمته ويستفرحون بالذين لم يصلوا إليهم من وراءهم ألا عقاب لهم أى ليسوا يعذبون ،يبين الله لرسوله(ص)أن الشهداء فرحين أى مسرورين والمراد متمتعين بما أتاهم الله من فضله والمراد بالذى أعطاهم الله من رحماته وهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم والمراد أن الشهداء يطلبون الفرحة بالذين لم يصلوا للجنة من الدنيا لأنهم لم يموتوا بعد من المسلمين ،ويبين له أن الشهداء لا خوف عليهم أى لا عقاب عليهم فهم لا يدخلون النار وفسر هذا بأنهم لا يحزنون أى لا يعذبون فى البرزخ والقيامة .
"ويستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"إنا لا نضيع أجر المصلحين"فالمؤمنين أى المصلحين والمعنى ويفرحون بحكم من الله أى رحمة وإن الله لا ينقص ثواب المصدقين بحكمه ،يبين الله لرسوله(ص)أن الشهداء يستبشرون بنعمة من الله أى فضل والمراد يطلبون الخبر المفرح عن رحمة الله وهى متاعه للمؤمنين ،ويبين لنا أنه لا يضيع أجر المؤمنين أى لا ينقص ثواب المصدقين بحكم الله وهذا يعنى أنه لا يحبط ثواب عملهم .
"الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأحزاب"من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "فالاستجابة لله ورسوله(ص) هى طاعتهم والأجر هو الفوز العظيم والمعنى الذين أطاعوا الله ورسوله(ص)من بعد ما مسهم الضرر للذين أصلحوا منهم أى اتبعوا ثواب كبير ،يبين الله للمؤمنين أن الذين استجابوا لله ورسوله(ص)وهم الذين أطاعوا أمر الله ونبيه(ص) بالذهاب لقتال الكفار بعد معركة أحد من بعد ما أصابهم القرح والمراد من بعد ما نزلت بهم الهزيمة وفسرهم بأنهم الذين أحسنوا أى اتقوا أى اتبعوا حكم الله ونبيه(ص) لهم من الله الأجر العظيم وهو الثواب الكبير الممثل فى دخول الجنة والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده .
"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"ويخوفونك بالذين من دونه"فاخشوهم تعنى أنهم يخوفوهم بالكفار وقوله بسورة محمد"زادهم هدى"فإيمانا تعنى هدى وقوله بسورة الأنفال "نعم المولى ونعم النصير" فالوكيل هو المولى هو النصير والمعنى الذين قال لهم المنافقون إن الكفار قد احتشدوا لكم فخافوهم فأدامهم تصديقا وقالوا كافينا الله وحسن الناصر،يبين الله لنا أن المستجيبين لله ونبيه(ص)هم الذين قال لهم الناس والمراد المنافقين : إن الناس أى كفار قريش قد تحزبوا لكم فاخشوهم أى فخافوا أذاهم لكم فكان ردهم أن قالوا :حسبنا الله والمراد ناصرنا الله ونعم الوكيل أى وحسن الناصر وهو رد يبين أن الله زادهم إيمانا والمراد أدام تصديقهم بحكمه أى جعل إسلامهم مستمر .
"فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" فرضوان الله هو ما أنزل الرب وقوله بسورة الأنعام "وربكم ذو رحمة واسعة"فالفضل العظيم هو الرحمة الواسعة والمعنى فعادوا برحمة من الله أى نفع لم يصبهم أذى وأطاعوا حكم الله والله صاحب رحمة واسعة ،يبين الله لنا أن المستجيبين لله ونبيه(ص)لما ذهبوا للقتال خاف منهم الكفار فانقلب أى فعاد المسلمون بنعمة أى فضل أى رحمة أى عطاء من الله هو النصر حيث لم يمسسهم سوء والمراد لم يصبهم ضرر ،وقد اتبعوا رضوان الله والمراد وقد أطاعوا حكم الله وهو الإسلام الذى رضاه لهم دينا بقوله بسورة المائدة"ورضيت لكم الإسلام دينا"ويبين لنا أنه ذو فضل عظيم أى صاحب رحمة واسعة لمن يستجيب له.
"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين "فخافون تعنى اخشونى وقوله بسورة البقرة"إن كنتم صادقين"فمؤمنين تعنى صادقين والمعنى إنما تلكم الشهوة تفزع أنصارها فلا ترهبوها وارهبون إن كنتم صادقين ،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو شهوات النفس تخوف أوليائها والمراد تفزع أنصارها من الموت فى القتال أو غيره حتى يطيعوها ويطلب الله من المؤمنين ألا يخافوا الكفار والمراد ألا يرهبوا أذى الكفار وأن يخافوه أى يرهبوا عذاب الله فيطيعوا حكمه إن كانوا مؤمنين أى مصدقين لحكمه أى صادقين فى زعمهم أنهم مسلمون والخطاب للمؤمنين.
"ولا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا فى الآخرة ولهم عذاب عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "وما له فى الآخرة من خلاق"فالحظ هو الخلاق وقوله فى سورة آل عمران"ولهم عذاب مهين"فالعظيم هو المهين والمعنى ولا يخيفك الذين يتسابقون فى التكذيب لحكم الله إنهم لن يصيبوا دين الله بأذى يحب الله ألا يضمن لهم نصيب فى الجنة أى يريد لهم عقاب شديد،يطلب الله من رسوله(ص)ألا يحزنه الذين يسارعون فى الكفر والمراد أى ألا يضايقه أى ألا يخيفه الذين يتسابقون إلى ارتكاب أعمال التكذيب بوحى الله لأنهم لن يضروا الله شيئا والمراد لأنهم لن يصيبوا دين الله بكفرهم أى بألفاظ أخرى لن يطفئوا نور الله بتكذيبهم له والله يريد ألا يجعل لهم نصيب فى الآخرة والمراد والله يحب ألا يضمن لهم مكان فى الجنة وفسر هذا بأنه يريد لهم عذاب عظيم أى عقاب كبير هو دخول النار ،والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب مهين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى"فالكفر هو الضلالة والهدى هو الإيمان وقوله بنفس السورة "ولهم عذاب عظيم "فالمهين هو العظيم والمعنى إن الذين بادلوا التكذيب بالتصديق لن يصيبوا دين الله بأذى ولهم عقاب كبير،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين اشتروا الكفر بالإيمان والمراد الذين اتبعوا التكذيب بوحى الله وتركوا التصديق به لن يضروا الله شيئا والمراد لن يصيبوا وحى الله بأذى والمراد لن يقدروا على إزالة دين الله من الوجود بكفرهم ولهم عذاب مهين أى لهم عقاب شديد فى الدنيا والآخرة .
"ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملى لهم خيرا لأنفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المؤمنون"أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم فى الخيرات"فنملى تعنى نمد والخير هو المال والبنون وقوله بسورة البقرة"ونمدهم فى طغيانهم يعمهون"فيزدادوا تعنى يعمهون والإثم هو الطغيان وقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب عظيم "فالمهين هو العظيم والمعنى ولا يظنن الذين كذبوا حكم الله إن الذى نعطيهم نفع لأنفسهم إنما نعطيهم ليعملوا كفرا ولهم عقاب عظيم ،يبين الله للكفار أن عليهم ألا يحسبوا أنما يملى الله خيرا لأنفسهم والمراد ألا يعتقدوا أن ما يعطيهم الله من متع الدنيا هو نفع لمصلحتهم وإنما عليهم أن يعتقدوا أنه يملى لهم ليزدادوا إثما والمراد أن الله يعطيهم النفع كى يستمروا فى تكذيبهم بوحى الله وهو كفرهم لوحى الله ومن ثم لهم عذاب مهين أى عقاب شديد والخطاب للنبى(ص).
"إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذى ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الحج "ومن يهن الله فما له من مكرم"فيخذل تعنى يهن والذى لا ينصر من الله هو ليس المكرم وقوله بسورة يوسف "وعليه فليتوكل المتوكلون"فالمؤمنون هم المتوكلون والمعنى إن يؤيدكم الله فلا هازم لكم وإن يهزمكم فمن هذا الذى يؤيدكم من بعده وبطاعة الله فليحتمى المطيعون ،يبين الله للمؤمنين أنه إن ينصرهم أى يؤيدهم على عدوهم فلا غالب لهم والمراد لا هازم لهم يقدر على تحويل فوزهم إلى هزيمة وإن يخذلهم أى يهزمهم أى يتخلى عنهم فليس هناك أحد ينصرهم أى يؤيدهم ويبين لهم أن على الله يتوكل المؤمنون والمراد بطاعة حكم الله يحتمى الطائعون لحكمه من عذابه والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة النحل"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة"فما غل هو الوزر أى الذنب الذى يأتى معه يوم البعث وقوله بسورة غافر"اليوم تجزى كل نفس بما كسبت"فتوفى تعنى تجزى وقوله بسورة النحل"وتوفى كل نفس ما عملت "فكسبت تعنى عملت والمعنى وما كان لرسول(ص)أن يسرق ومن يسرق يجىء بما أذنب يوم البعث ثم تعطى كل نفس جزاء ما عملت وهم لا ينقصون حقا،يبين الله للمؤمنين أن النبى أى نبى لا يمكن أن يغل أى يسرق من الغنيمة أو غيرها مهما حدث وأن من يغلل أى من يسرق من الغنيمة أو غيرها يأت بما غل يوم القيامة والمراد يحضر بذنب السرقة فى كتابه يوم البعث وبعد توفى كل نفس ما كسبت والمراد ويعطى كل فرد جزاء ما عمل فى الدنيا ثوابا أو عقابا وهم لا يظلمون أى لا ينقصون من حقهم شيئا وهذا يعنى أن العدل هو الذى يحكم يوم القيامة .
" أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير"يفسر الآية قوله تعالى بسورة يونس"مأواهم النار"فجهنم تعنى النار وقوله بسورة الأنفال"فقد باء بغضب من الله"فسخط تعنى غضب وقوله بسورة آل عمران"وبئس المهاد"فالمصير هو المهاد والمعنى أفمن دخل جنة الله كمن عاد بعقاب من الله أى مكانه النار وقبح المقام ،يسأل الله هل من اتبع رضوان الله أى من أطاع الله فدخل الجنة كمن باء بسخط من الله أى كمن عاد بعذاب من الله أى مأواه جهنم أى مقامه النار وبئس المصير أى وساء المقام ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن المسلم لا يتساوى مع الكافر فى الجزاء فهذا فى رحمة الله وهذا فى عذاب الله والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس وما بعده.
"هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون"يفسر القول الأخير قوله تعالى بسورة فاطر"إن الله عليم بما يصنعون"فبصير تعنى عليم ويعملون تعنى يصنعون والمعنى هم طبقات لدى الله والله عليم بالذى يصنعون،يبين الله لنا أن المسلمين والكفار درجات عند الله والمراد جزاءات مختلفة لدى الله ويبين لهم أنه بصير بما يعملون والمراد أنه عليم بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليه ومن ثم علينا أن نحذر من مخالفته .
"ولقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"كما أرسلنا فيكم رسولا منكم"فبعث تعنى أرسل وقوله بسورة التوبة"هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق"فآيات الله وهى الكتاب وهى الحكمة هى الهدى أى دين الله وقوله بسورة الروم"وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم لمبلسين"فكونهم على الضلال المبين هو كونهم مبلسين والمعنى ولقد تفضل الله على المصدقين بحكمه إذ أرسل لهم مبعوثا من وسطهم يبلغ لهم أحكام الله أى يطهرهم أى يعرفهم الوحى أى حكم الله وإن كانوا من قبل لفى جهل كبير ،يبين الله لنا أنه من على المؤمنين والمراد أنه رحم المصدقين بحكم الله إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم والمراد عندما أرسل منهم نبيا من بينهم يتلوا عليهم آيات الله والمراد يبلغ لهم أحكام الله وفسر هذا بأنهم يزكيهم أى يطهرهم بطاعة أحكام الله التى يبلغها لهم وفسر هذا بأنه يعلمهم أى يعرفهم الكتاب أى الحكم وهو دين الله،ويبين لنا أن المؤمنين كانوا من قبل نزول الكتاب على الرسول(ص) فى ضلال مبين أى جهل كبير أى كفر عظيم والخطاب للناس.
"أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شىء قدير"يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران"إن يمسسكم قرح"فأصابتكم تعنى مسكم وقوله بسورة الشورى"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم"فمن عند الأنفس هو كسب الأيدى وقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"فقدرة الله على كل شىء هى فعله لما يريد والمعنى أإذا مسكم ضرر قد فعلتم ضعفيه قلتم كيف هذا قل هو من عمل أنفسكم إن الله لكل أمر يريده فاعل،يبين الله للمؤمنين أنهم لما أصابتهم المصيبة والمراد أنهم لما مسهم الضر الممثل فى قتل بعضهم فى أحد قد أصابوا مثليها والمراد أنهم قد قتلوا ضعف العدد الذى قتل منهم فى معاركهم مع كفار مكة قالوا :أنى هذا أى كيف حدث هذا مع أن الله ناصرنا؟فطلب الله من رسوله(ص)أن يقول لهم ردا على سؤالهم:هو من عند أنفسكم والمراد هو من عمل أنفسكم وهذا يعنى أن السبب فى الهزيمة هو عمل المؤمنين الممثل فى عصيانهم أمر الرسول(ص)فى الحرب وأن يقول لهم:إن الله على كل شىء قدير والمراد أن الله لكل أمر يريده فاعل والخطاب للمؤمنين ثم للنبى(ص)
"وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لأتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والله أعلم بما يكتمون"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم"فقول الأفواه ما ليس فى قلوبهم هو إرضاء المؤمنين بالقول مع رفض القلوب لهذا وقوله بسورة آل عمران "ويعلم الصابرين"فالمؤمنين هم الصابرين وقوله بسورة الأحزاب"قد يعلم الله المعوقين منكم"فالذين نافقوا هم المعوقين لكم وقوله بسورة هود"الله أعلم بما فى أنفسهم "فما يكتمون هو الذى فى أنفسهم والمعنى وما مسكم يوم تقاتلت الفئتان فبأمر الله وليعرف المصدقين بحكم الله وليعرف الذين مرضوا وقيل لهم :هلموا حاربوا فى نصر دين الله أى قاوموا قالوا لو نعرف حربا واقعة لذهبنا معكم هم للتكذيب يومذاك أدنى منهم للتصديق يقولون بألسنتهم الذى ليس فى نفوسهم والله أعرف بالذى يسرون،يبين الله للمؤمنين أن ما أصابهم وهو ما نزل بهم من الهزيمة يوم التقى الجمعان أى يوم تقاتلت جماعة المسلمين وجماعة الكافرين هو بإذن أى أمر الله والسبب فى الهزيمة هو أن يعلم الله المؤمنين ويعلم الذين نافقوا والمراد أن يميز الله المسلمين ويميز الذين أظهروا الإسلام وأخفوا الكفر ،ويبين الله للمؤمنين أنهم قالوا للمنافقين:تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا والمراد هيا لتجاهدوا فى نصر دين الله أى حاربوا كان ردهم :لو نعلم قتالا لأتبعناكم والمراد لو نعرف حربا ستحدث لذهبنا معكم وهذا يعنى أنهم يعتقدون اعتقادا جازما أن الحرب لن تحدث ولذا فهم لن يذهبوا لمعرفتهم بذلك وهذا إدعاء بعلم الغيب منهم وهو ذنب أخر ،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين كانوا فى ذلك اليوم أقرب للكفر أى أعمل للتكذيب بحكم الله من الإيمان وهو التصديق بحكم الله ،ويبين لهم أنهم يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم والمراد يتكلمون بألسنتهم كلاما حسنا ليس فى نفوسهم التى تمتلىء بالحقد ،ويبين للمؤمنين أنه أعلم بما يكتمون والمراد أعرف بالذى يخفون فى أنفسهم من الحقد والخطاب حتى فبإذن الله للمؤمنين ثم للنبى(ص)بعده وما بعده.
"الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة البقرة"إن كنتم مؤمنين"فصادقين تعنى مؤمنين والمعنى الذين قالوا لأصحابهم وتخلفوا عن القتال :لو اتبعونا ما ذبحوا قل فامنعوا عن أنفسكم الوفاة إن كنتم محقين ، يبين الله للمؤمنين أن المنافقين قالوا لإخوانهم وهم أصحابهم وقد قعدوا أى تخلفوا عن الذهاب عن الحرب :لو أطاعونا أى لو اتبعنا المسلمين فى القعود ما قتلوا أى ما ذبحوا فى الحرب ،ويطلب الله من رسوله (ص)أن يقول لهم:فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين والمراد فامنعوا عن ذواتكم الوفاة إن كنتم محقين فى زعمكم أنكم مؤمنين ،والغرض من الرد إخبارهم أن الموت لا هروب منه بالقعود عن الحرب أو غير هذا .
"ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون"المعنى ولا تظنن الذين ذبحوا فى نصر دين الله متوفين إنما شهداء لدى خالقهم ينتفعون ،يطلب الله من رسوله(ص)ألا يحسب والمراد ألا يظن الظن التالى :أن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا والمراد الذين ذبحوا من أجل نصر دين الله متوفين لا يعيشون بعد الدنيا وإنما عليه أن يظن أنهم أحياء أى عائشين عند ربهم والمراد يعيشون لدى خالقهم فى جنته وهم يرزقون أى يتمتعون بنعيم الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فرحين بما أتاهم من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "يستبشرون بنعمة من الله"فالفضل هو النعمة وقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون"فالخوف هو السوء والمعنى مسرورين بالذى أعطاهم الله من رحمته ويستفرحون بالذين لم يصلوا إليهم من وراءهم ألا عقاب لهم أى ليسوا يعذبون ،يبين الله لرسوله(ص)أن الشهداء فرحين أى مسرورين والمراد متمتعين بما أتاهم الله من فضله والمراد بالذى أعطاهم الله من رحماته وهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم والمراد أن الشهداء يطلبون الفرحة بالذين لم يصلوا للجنة من الدنيا لأنهم لم يموتوا بعد من المسلمين ،ويبين له أن الشهداء لا خوف عليهم أى لا عقاب عليهم فهم لا يدخلون النار وفسر هذا بأنهم لا يحزنون أى لا يعذبون فى البرزخ والقيامة .
"ويستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"إنا لا نضيع أجر المصلحين"فالمؤمنين أى المصلحين والمعنى ويفرحون بحكم من الله أى رحمة وإن الله لا ينقص ثواب المصدقين بحكمه ،يبين الله لرسوله(ص)أن الشهداء يستبشرون بنعمة من الله أى فضل والمراد يطلبون الخبر المفرح عن رحمة الله وهى متاعه للمؤمنين ،ويبين لنا أنه لا يضيع أجر المؤمنين أى لا ينقص ثواب المصدقين بحكم الله وهذا يعنى أنه لا يحبط ثواب عملهم .
"الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأحزاب"من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "فالاستجابة لله ورسوله(ص) هى طاعتهم والأجر هو الفوز العظيم والمعنى الذين أطاعوا الله ورسوله(ص)من بعد ما مسهم الضرر للذين أصلحوا منهم أى اتبعوا ثواب كبير ،يبين الله للمؤمنين أن الذين استجابوا لله ورسوله(ص)وهم الذين أطاعوا أمر الله ونبيه(ص) بالذهاب لقتال الكفار بعد معركة أحد من بعد ما أصابهم القرح والمراد من بعد ما نزلت بهم الهزيمة وفسرهم بأنهم الذين أحسنوا أى اتقوا أى اتبعوا حكم الله ونبيه(ص) لهم من الله الأجر العظيم وهو الثواب الكبير الممثل فى دخول الجنة والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده .
"الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر"ويخوفونك بالذين من دونه"فاخشوهم تعنى أنهم يخوفوهم بالكفار وقوله بسورة محمد"زادهم هدى"فإيمانا تعنى هدى وقوله بسورة الأنفال "نعم المولى ونعم النصير" فالوكيل هو المولى هو النصير والمعنى الذين قال لهم المنافقون إن الكفار قد احتشدوا لكم فخافوهم فأدامهم تصديقا وقالوا كافينا الله وحسن الناصر،يبين الله لنا أن المستجيبين لله ونبيه(ص)هم الذين قال لهم الناس والمراد المنافقين : إن الناس أى كفار قريش قد تحزبوا لكم فاخشوهم أى فخافوا أذاهم لكم فكان ردهم أن قالوا :حسبنا الله والمراد ناصرنا الله ونعم الوكيل أى وحسن الناصر وهو رد يبين أن الله زادهم إيمانا والمراد أدام تصديقهم بحكمه أى جعل إسلامهم مستمر .
"فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأعراف"اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" فرضوان الله هو ما أنزل الرب وقوله بسورة الأنعام "وربكم ذو رحمة واسعة"فالفضل العظيم هو الرحمة الواسعة والمعنى فعادوا برحمة من الله أى نفع لم يصبهم أذى وأطاعوا حكم الله والله صاحب رحمة واسعة ،يبين الله لنا أن المستجيبين لله ونبيه(ص)لما ذهبوا للقتال خاف منهم الكفار فانقلب أى فعاد المسلمون بنعمة أى فضل أى رحمة أى عطاء من الله هو النصر حيث لم يمسسهم سوء والمراد لم يصبهم ضرر ،وقد اتبعوا رضوان الله والمراد وقد أطاعوا حكم الله وهو الإسلام الذى رضاه لهم دينا بقوله بسورة المائدة"ورضيت لكم الإسلام دينا"ويبين لنا أنه ذو فضل عظيم أى صاحب رحمة واسعة لمن يستجيب له.
"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين "فخافون تعنى اخشونى وقوله بسورة البقرة"إن كنتم صادقين"فمؤمنين تعنى صادقين والمعنى إنما تلكم الشهوة تفزع أنصارها فلا ترهبوها وارهبون إن كنتم صادقين ،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو شهوات النفس تخوف أوليائها والمراد تفزع أنصارها من الموت فى القتال أو غيره حتى يطيعوها ويطلب الله من المؤمنين ألا يخافوا الكفار والمراد ألا يرهبوا أذى الكفار وأن يخافوه أى يرهبوا عذاب الله فيطيعوا حكمه إن كانوا مؤمنين أى مصدقين لحكمه أى صادقين فى زعمهم أنهم مسلمون والخطاب للمؤمنين.
"ولا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا فى الآخرة ولهم عذاب عظيم"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة "وما له فى الآخرة من خلاق"فالحظ هو الخلاق وقوله فى سورة آل عمران"ولهم عذاب مهين"فالعظيم هو المهين والمعنى ولا يخيفك الذين يتسابقون فى التكذيب لحكم الله إنهم لن يصيبوا دين الله بأذى يحب الله ألا يضمن لهم نصيب فى الجنة أى يريد لهم عقاب شديد،يطلب الله من رسوله(ص)ألا يحزنه الذين يسارعون فى الكفر والمراد أى ألا يضايقه أى ألا يخيفه الذين يتسابقون إلى ارتكاب أعمال التكذيب بوحى الله لأنهم لن يضروا الله شيئا والمراد لأنهم لن يصيبوا دين الله بكفرهم أى بألفاظ أخرى لن يطفئوا نور الله بتكذيبهم له والله يريد ألا يجعل لهم نصيب فى الآخرة والمراد والله يحب ألا يضمن لهم مكان فى الجنة وفسر هذا بأنه يريد لهم عذاب عظيم أى عقاب كبير هو دخول النار ،والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب مهين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة البقرة"أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى"فالكفر هو الضلالة والهدى هو الإيمان وقوله بنفس السورة "ولهم عذاب عظيم "فالمهين هو العظيم والمعنى إن الذين بادلوا التكذيب بالتصديق لن يصيبوا دين الله بأذى ولهم عقاب كبير،يبين الله لرسوله(ص)أن الذين اشتروا الكفر بالإيمان والمراد الذين اتبعوا التكذيب بوحى الله وتركوا التصديق به لن يضروا الله شيئا والمراد لن يصيبوا وحى الله بأذى والمراد لن يقدروا على إزالة دين الله من الوجود بكفرهم ولهم عذاب مهين أى لهم عقاب شديد فى الدنيا والآخرة .
"ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملى لهم خيرا لأنفسهم إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين"يفسر الآية قوله تعالى بسورة المؤمنون"أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم فى الخيرات"فنملى تعنى نمد والخير هو المال والبنون وقوله بسورة البقرة"ونمدهم فى طغيانهم يعمهون"فيزدادوا تعنى يعمهون والإثم هو الطغيان وقوله بسورة آل عمران"ولهم عذاب عظيم "فالمهين هو العظيم والمعنى ولا يظنن الذين كذبوا حكم الله إن الذى نعطيهم نفع لأنفسهم إنما نعطيهم ليعملوا كفرا ولهم عقاب عظيم ،يبين الله للكفار أن عليهم ألا يحسبوا أنما يملى الله خيرا لأنفسهم والمراد ألا يعتقدوا أن ما يعطيهم الله من متع الدنيا هو نفع لمصلحتهم وإنما عليهم أن يعتقدوا أنه يملى لهم ليزدادوا إثما والمراد أن الله يعطيهم النفع كى يستمروا فى تكذيبهم بوحى الله وهو كفرهم لوحى الله ومن ثم لهم عذاب مهين أى عقاب شديد والخطاب للنبى(ص).