اليورو يحقق المعجزات

[t.analysis]

اليورو يحقق المعجزات​

قبل ثلاث أيام، كانت أسعار مثل الأسعار الحالية لليورو تبدو مستحيلة في ظل التشاؤم
الذي ساد الأسواق المالية حينها. لكن، ارتفع سعر صرف اليورو لليوم الثالث على
التوالي وسط اتجاه المتداولين للتفاؤل و توقع أن يمرر صانعوا القرار في اليونان خطّة
التقشّف القاسية للفوز في خطّة الإنقاذ التي قد تحول دون وقوع اليونان في مشكلة
الفشل بالوفاء في التزاماتها من الديون. بيانات اليوم التي صدرت من فرنسا أشارت
إلى أن النمو كان أقل من التوقعات المستبقة، حيث ظهر بأن الاقتصاد الفرنسي ( ثاني
أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي ) قد حقق نمواً مقداره 0.9% فقط خلال الربع الأول
من هذه السنة. في نفس الوقت، بدا ميل البيانات البريطانية اليوم سلبياً، مظهراً
استمرار الضغوط السلبية على التدفقات من السيولة.

كذلك الأمر، أظهرت بيانات ثقة المستهلك الأوروبي استمرار التشاؤم، و رغم أن نتيجة
المؤشر كانت أفضل من المتوقع، لكن ما زالت في قيمة سلبية عند -9.8 نقطة مما
يشير إلى انتشار التشاؤم، فيما الثقة قليلة جداً في قطاع الصناعة بحسب المؤشر الذي
أظهر قيمة 3.2. حتى مع بيانات الثقة في الاقتصاد التي أشارت إلى استقرار الثقة
نسبياً رغم انخفاضها قليلاً، لكن لا يجب إهمال التشاؤم العام الذي ساد الأسواق المالية
عامة خلال الفترة المقبلة.

لذلك، ما يحصل اليوم في الأسواق المالية هو انخفاض واضح في التشاؤم، و الآمال
تتجه إلى احتمال أن لا تقع اليونان في مشكلة تسبب انهياراً مالياً فيها، و الأنظار الآن
موجهة إلى نتيجة التصويت. و مع هذا التفاؤل، شهدنا سعر صرف اليورو يرتفع هذا
اليوم بشكل واضح محققاً مكاسب ما كان الكثيرون يحلمون بها بعد التشاؤم الذي ساد
سابقاً.

خلال جلسة هذا اليوم، ارتفع سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي من الأدنى عند
1.4336 ليلامس الأعلى حتى هذه اللحظة عند 1.4447، و التداولات الحالية لسعر
صرف اليورو ما زالت مستقرة فوق 1.4415 و الذي كان مستوى مقاومة أصبح
دعماً لا بأس به و استمرار التداول فوقه قد يحمل معه مزيداً من الاتجاه الصاعد لاختبار
مستويات المقاومة الأهم حول 1.4455 و التي قد تكون مفتاح اختبار مستويات فوق
1.4500. لكن يجب أن نعلم بأن الفشل في اختراق تلك المقاومة لأي سبب من
الأسباب، قد يفشل أيضاً استمرارية الموجة الصاعدة في سعر صرف اليورو مقابل
الدولار الأمريكي.

ارتفع سعر صرف الجنيه الإسترليني أيضاً مقابل الدولار الأمريكي هذا اليوم لليوم الثالث
على التوالي، لكن ارتفاع الجنيه الإسترليني ما زال محدوداً، و لم يستطع تعويض
الكثير من خسائر الأسبوع الماضي التي استمرت و دفعت الجنيه للتداول في مستويات
ما دون 1.6000.

اكتفى سعر صرفا لجنيه الإسترليني هذا اليوم في الارتفاع من مستوى 1.5968 ليحقق
ملامسة لمستوى 1.6041 دولار للجنيه الواحد، لكن هنالك بصيص أمل لحظي للجنيه
الإسترليني، حيث أن استطاع الزوج تحقيق ثبات و استقرار فوق 1.6060، فقد نرى
محاولة لاختبار مستويات حول 1.6110، و الأخير يعتبر فاصلاً هاماً أمام اتجاه الزوج
على المدى اللحظي و قصير الأمد.

إن بيانات بريطانيا هذا اليوم أشارت إلى أن دوران السيولة و تدفقاتها في الاقتصاد ما
زالت تشهد الضغوط السلبية، فرغم بعض القراءات الإيجابية التي صدرت من بيانات
مؤشر الخدمات، إلا أنها أيضا ما زالت دون الأداء المطلوب مما يشير حقّاً إلى استمرار
الضغط السلبي على الاقتصاد البريطاني. في الحقيقة، حتى بيانات بريطانيا لم تعد مهمّة
للمتداولين الآن! حيث أن المتداولين يعتقدون بأن أزمة الديون الأوروبية تنعكس على
المملكة المتحدة مباشرة في حال حصلت أي مشكلة في اليونان، و مع انخفاض التشاؤم
اليوم و الميل للتفاؤل، نرى الجنيه الإسترليني أيضاً يستفيد.

لليوم السادس على التوالي و نحن نرى الين الياباني يتداول في انخفاض مقابل الدولار
الأمريكي، فمع أزمة اليابان و الزلزال المدمّر الذي تعرّض له في شهر آذار الماضي،
ترك المتداولون أو قللوا الاتجاه للين الياباني كملاذ آمن عندما نرى ملامح تجنّب
المخاطرة في الأسواق. و عندما نرى تقبّلاً للمخاطرة و ارتفاعاً في الشهية
الاستثمارية، يتم استخدام الين الياباني كعملة تزويد متاجرة في الأصول المرتفعة العائد
لانخفاض العائد على الين الياباني نفسه. لذلك، نرى الدولار الأمريكي و قد استفاد من
قوّته سابقاً، و اليوم يستفيد من انخفاض سعر صرف الين الياباني كما حصل أمس.

ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي هذا اليوم مقابل الين الياباني من مستوى 81.91
ليلامس الأعلى له عند سعر 81.18 ين للدولار الأمريكي الواحد، و رغم إن هذا
النطاق ضيق جداً كما كان خلال الجلسات الست الماضية، إلا أن هذا النطاق الضيق
استطاع أن يحقق اختراقاً لمستوى مقاومة هام يوم أمس و أصبح اليوم دعم عند
80.90 ين للدولار الواحد، مما قد يتيح للزوج مزيداً من الارتفاع في حال نجح في
الاستقرار فوق الدعم المشار له.

عزيزي القارئ، مزيد من الحذر مطلوب، و نتيجة التصويت اقتربت، و المتداولون حالياً
ينتظرون أخباراً إيجابية، و لهذا نحتاج أخبار إيجابية أكثر من التوقعات للحفاظ على
استقرار الاتجاه الصاعد للعملات مقابل الدولار و الين الياباني و استمرار التفاؤل في
الأسواق المالية. في المقابل، أي مفاجأة سلبية قد تكون بمثابة صعقة للأسواق قد تسبب
ارتفاعاً حاداً في سعر صرف الدولار مجدداً.