تتطلع الأسواق حالياً للحدث الأبرز هذا الأسبوع وهو اجتماع البنك المركزي الأوروبي والمؤتمر الصحفي لمحافظته كريستين لاجارد والذي من المتوقع أن نشهد خلاله رفع أسعار الفائدة من مستوياتها الصفرية الحالية لأول مرة في أحدى عشر عاماً وذلك بنحو 25 نقطة أساس على الأقل مع احتمالية أن نشهد رفع الفائدة بنحو 50 نقطة أساس ضمن الجهود الرامية لكبح جماح التضخم المشتعل في القارة العجوز.
وتتطلع الأسواق حالياً لكشف المركزي الأوروبي عن بيان السياسة النقدية وسط التوقعات برفع أسعار الفائدة من مستوياتها الصفرية إلى 0.25% ورفع معدل الإقراض الهامشي إلى 0.50% من 0.25% وبالإضافة إلى جعل معدل الفائدة على الودائع صفرية والتي تعد سلبية -0.50%، وذلك قبل أن نشهد فعليات المؤتمر الصحفي المرتقب لمحافظة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد والذي ستعقب خلاله على قرارات وتوجهات المركزي الأوروبي.
ويذكر أن لاجارد أعرب عقد اجتماع البنك المركزي الأوروبي الأخير الذي عقد في أمستردام الشهر الماضي أن المركزي الأوروبي "ينوي" رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع تموز/يوليو ويمكن أن يرفعها بمقدار أكبر في اجتماعه في أيلول/سبتمبر إذا ما ظل التضخم مرتفعاً، وعندما تم سؤالها في المؤتمر الصحفي الذي عقب الاجتماع عن سبب استبعاد المركزي الأوروبي لزيادة بمقدار 50 نقطة أساس في تموز/يوليو.
أفادت لاجارد "أنها ممارسة جيدة، وغالباً ما تقوم بها معظم المصارف المركزية في جميع أنحاء العالم، للبدء بزيادة تدريجية كبيرة وليست مفرطة وتشير إلى مسار"، إلا أن لاجارد نوهت في مؤتمر للمركزي الأوروبي مؤخراً أن هناك "ظروف واضحة لن يكون التدرج فيها مناسب" وسيتطلب ذلك "سحب التسهيلات على وجهة السرعة للقضاء على مخاطر دوامة تحقيق الذات".
وفي نفس السياق، فقد أوضحت لاجارد أن تلك الظروف تتضمن "تراجع" توقعات التضخم و"خسارة دائمة للإمكانيات الاقتصادية" بسبب قطع إمدادات الطاقة الروسية عن أوروبا، وفي ذلك الصدد فقد تابعنا منذ قليل عودة عمل خط نوردستريم 1 الذي يمد القارة العجوز بالغاز الطبيعي الروسي والذي تم إيقافه مؤخراً لإجراء الصيانة الدورية وذلك عقب القلق من إيقاف موسكو وارداته من الغاز للقارة العجوز رداً على عقوباتها الاقتصادية عليها.
لا شك أن التوقيت صعب في خضم ارتفاع الأسعار الذي تفاقم بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا والذي يقوض النمو في أكبر اقتصاديات منطقة اليورو ألمانيا وفرنسا وبالأخص مع ارتفاع أسعار الطاقة والتي بدوها تجعل التضخم في المنطقة آخذ في الارتفاع ووصل الشهر الماضي على أساس سنوي إلى 8.6% والذي يعد أكثر من أربعة أضعاف هدف المركزي الأوروبي عند 2%.
مما يعكس مدى التحدي الذي يواجهه صانعي السياسة النقدية لدى المركزي الأوروبي وبالأخص في ظلال مخاطر الركود التضخمي التي تخييم على اقتصاديات منطقة اليورو، فاللجوء إلى تشديد أو تطبيع السياسة النقدية ورفع الفائدة بهدف كبح جماح التضخم يعيق مسيرات التعافي من تداعيات جائحة كورونا ويحجم النمو الاقتصادي.
ويذكر أنه في الفترة ما بين عام 2008 وعام 2011 كان المحافظ الأسبق للمركزي الأوروبي جان كلود تريشيه يقود البنك وأقدم على تشديد السياسة النقدية مع قيامه برفع أسعار الفائدة في تموز/يوليو 2008 وسط ارتفاع أسعار الطاقة الذي أدى لارتفاع التضخم، إلا أنه لم يكن يعلم أن بعد شهر ستتفاقم الضغوط في صناديق أسواق المال الفرنسية -وأيضا السقوط اللاحق لبنك ليمان براذرز- ما ينذر بأزمة وانهيار في النظام الاقتصادي والمالي العالمي.
وفي منتصف عام 2011، على الرغم من أزمة منطقة اليورو المتفاقمة، قام تريشيه برفع أسعار الفائدة مرة أخرى وسط ارتفاع أسعار الطاقة، مما أثار القلق جزئياً آنذاك بشأن الآثار المحتملة لأسعار الأجور، وفي الإدراك المتأخر، كان التوقيت غير مناسب إن لم يكن خاطئاً، فهل سيكرر البنك المركزي الأوروبي الماضي؟، المركزي الأوروبي يمتلك تفويض واحد بشأن استقرار الأسعار، على عكس التفويض المزدوج لبنك الاحتياطي الفيدرالي
.