لجنة الأخبار
مشرف
- المشاركات
- 7,533
- الإقامة
- عرب فوركس
بالنظر إلى أنباء الأسبوع الماضي بشأن التذمر بين أعضاء مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي واستقالة عضو بالمجلس، يبدو أن الشهر الأخير لماريو دراجي كرئيس قد يشوبه انقسامات السياسة الداخلية.
ويرى الاقتصادي محمد العريان خلال رؤية تحليلية نشرتها وكالة "بلومبرج أوبينيون" أن من شأن هذا أن يكون سوء فهم محزن.
الأمر محزن لأن تراث دراجي يجب أن يركز على أعماله الجسورة في إنقاذ منطقة اليورو (إلى جانب العملة الموحدة التي ترمز إلى التكامل الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي الأقرب من أيّ وقت مضى).
كما أنها مضللة كون الاختلافات تاتي بشأن قضية لا تتعلق بالمركزي الأوروبي ولكنها ترتبط أكثر برد الفعل المحدود من جانب صناع السياسة الاقتصادية الأوروبيون لدعم الاقتصاد.
وعند سؤاله في المؤتمر الصحفي الذي عُقد يوم 12 سبتمبر/أيلول حول العملية التي أدت إلى مجموعة قرارات السياسة النقدية الأخيرة للبنك، قال دراجي إنه لم يكن هناك حاجة للتصويت على الموافقة لأنه كان هناك أغلبية واضحة لصالح الإجراء الذي تم اتخاذه.
وأشارت التعليقات اللاحقة إلى أن هذا ربما كان رد غير واضح.
وأوضحت تقارير مفصلة أكثر أن 10 من بين 25 صانعي للسياسات لديهم مشاكل مع بعض القرارات الأخيرة.
وقام العديد من المنشقين - والذين يمثلون معاً أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو - باتخاذ خطوة غير عادية للتعبير العلني عن معارضتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، في الأسبوع الماضي استقالت "سابين لوتينشلاغر" الألمانية في مجلس الإدارة التنفيذي للبنك وذكرت تقارير إخبارية أنها أقبلت على هذه الخطوة بسبب خلافات حادة مع دراجي.
ومن المؤكد أن رد الفعل السياسي سيتزايد في الأيام والأسابيع القادمة.
من يمكن أن ينسى الغلاف لصحيفة "بيلد" الشعبية الألمانية والتي تصور رئيس البنك المركزي الأوروبي على أنه "الكونت دراجي" في إشارة إلى الكونت دراكيولا، لاستنزاف إيرادات الفوائد من المدخرين الألمان مع "برنامج التيسير الكمي اللانهائي" الخاص به ومعدلات الفائدة السالبة.
وتُعتبر أمور كهذه هي التكاليف والمخاطر المتزايدة جراء الاعتماد على البنك المركزي الأوروبي وحده لتحسين الاقتصاد الأوروبي.
ولا يجعل تباطؤ النمو الاقتصادي وتزايد خطر الركود الاقتصادي التام، الوضع إلا أكثر صعوبة.
لكن هذه الأشياء لا يجب أن تصرف الانتباه عن إنجازات دراجي الهامة، لأن ذلك سيكون بمثابة وضع غير منصفاً كما سيضلل أوروبا بشأن الإجراءات السياسية اللازمة للمضي قدماً.
تذكر الخطر الوجودي الذي واجهته منطقة اليورو قبل 7 سنوات مضت، حيث أنها كانت تكافح أزمة ديون آخذة في التفاقم.
وفي 26 يوليو/تموز عام 2012، اعتلى دراجي المسرح خلال مؤتمر في لندن نظمته الحكومة البريطانية، وكنت من بين الحاضرين أجلس على يساره وأتذكر أثر تأكيده أن المركزي الأوروبي "مستعد للقيام بكل ما يلزم" من أجل الحفاظ على منطقة اليورو.
وأكد حديثه بقوله: "صدقوني"، "سيكون ذلك كافياً".
واتضح أن تصريحاته كانت محورية، حيث قامت بقطع الدائرة المفرغة من الاضطرابات المالية التي كانت تمزق نسيح الاتحاد النقدي، وساعدت على تمكين منطقة اليورو من إعادة ووضع الأساس لتقوية السياسة النقدية على نطاق أوسع.
ولسوء الحظ، فشل صناع السياسة الاقتصادية خارج البنك المركزي في أن يحذوا حذوه.
ولقد كانت تعليقات دراجي مجهود شخصي جريء أكثر من كونها قرار جماعي من قبل مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي.
وبعد أن تحدث، عاد ليحصل على دعم زملائه في المركزي الأوروبي، والذي كان بعضهم في البداية متردداً في منحها.
وبهذه الطريقة، نجح دراجي في تحقيق الاستقرار للوضع دون أن يكلف البنك المركزي الأوروبي يورو واحداً.
وكان هناك تحدياً كبيراً آخر في الطريق، لا تزال أوروبا تفتقر إلى اتحاد مصرفي كامل وأيّ تكامل مالي مناسب.
واستمرت الدول الأعضاء في بذل جهود محدودة لتنفيذ إصلاحات هيكلية داعمة للنمو الاقتصادي أو ربط السياسة النقدية بحوافز الموازنة.
وكان دراجي أحد كبار صانعي السياسة الأوروبيين الذين جادلوا باستمرار لإتباع نهج أكثر شمولاً.
وفي العام الماضي، خرج رئيس المركزي الأوروبي عن مساره في كل مؤتمر صحفي لإثبات جدوى الإصلاحات الهيكلية والتوسع المالي الانتقائي واستكمال الهيكل الاقتصادي والمالي لمنطقة اليورو، لكن كلماته تم تجاهلها مراراً.
ومع عدم وجود خيارات أمام المركزي الأوروبي سوى الاستمرار في الإجراءات غير التقليدية، فإن الوضع مجرد مسألة وقت قبل أن يهدد الاعتماد المفرط عليها بإلحاق الضرر أكثر من النفع.
ولا عجب في أن الخلافات داخل البنك المركزي الأوروبي أصبحت أصعب من أن يتم إدارتها داخلياً وأصعب من أن يتم احتوائها على الصعيد الخارجي.
ولا يجب أن يُلقى باللوم على دراجي في تلك المسألة، لكن بدلاً من ذلك يفترض أن يكون الشهر السابق لمغادرته البنك المركزي الأوروبي عبارة عن وقت يعكس الحاجة الأوروبية للقيادة الاقتصادية الجريئة.
ولا يزال هناك الحاجة إلى نهج شامل لتمكين النمو الاقتصادي المرتفع والشامل والاستقرار المالي الحقيقي.