رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,708
- الإقامة
- مصر
التعامل مع الأطفال :
بين روسوفى كتابه اميل أن التربية الحقة تبدأ بالأمهات حيث الحرمان من لبنهن سبب الشرور التى يرتكبها الأطفال عندما يكبرون فقال :
"إن لهذه المٍسألة أهمية أكثر مما يظن فإن أردت أن يلتزم كل إنسان بواجباته الأولى فابدأ بالأمهات وستعجب للتغير الذى ينجم عن ذلك فهذا الحرمان من لبن الأم هو الأصل الذى نبعت منه كل الشرور إذ خمدت فى القلوب جذوة الفطرة وقلت فى البيوت نسمة الحيوية ومنظر الرضعاء لم يعد يجتذب الأزواج فلا آباء ولا أمهات ولا أطفال ولا إخوة ولا أخوات منذ انحل رباط الأسرة"ص37
هنا يعول أهمية كبيرة على الرضاعة الطبيعية فى تربية الجسم وهى حقيقة ولكن كون الشرور ناجمة من الحرمان من الرضاعة الطبيعية هو تخريف وهو ما اعترف به فى فقرة أخرى فجعل سبب الشر هو إرادة الأطفال الضعيفة فقال :
"إن الطفل لا يكون شريرا إلا بسبب ضعفه فإن أحب تحطيم الأشياء فليس ذلك عن سوء نية ولكن لأنه يشعر بالحاجة إلى الحركة والانفعال ص70
فسبب الشر وسبب الخير وهو الاهتداء هو إرادة الإنسان كما قال تعالى:
"فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها"
وبين روسو أن الواجبات متبادلة بين الأم والطفل وأن على الطفل أن يحب أمه قبل أن يعرف أن هذا واجب وهو قوله:
"وإذا لم تكن هناك أم فليس هناك طفل فالواجبات بينهما متبادلة وحيث تكون الإساءة من جانب يكون الإهمال من الجانب الآخر فالطفل يجب أن يحب أمه قبل أن يعلم أن هذا واجب وما لم يجد نداء الدم تأييدا بالتعود والرعاية سرعان ما يخفت فى السنوات الأولى ويموت القلب قبل أن يولد وهكذا نجد أنفسنا منذ المراحل الأولى وقد خرجنا على الطبيعة ص38
بالطبع الحب بين الأم والطفل هو السيرة الأصلية ولكن فى العديد من الحالات نجد الحب مفقود من الاثنين أو من واحد منهما إما بسبب المشاكل الزوجية وإما بسبب المعاملة السيئة
ورغم قول الرجل بالحب المتبادل بين الأم وطفلها فإنه يطالب الأمهات والآباء بالقسوة على الأطفال فيتركونهم لآلام الحمى والسعال وغيرهم فيقول :
"فالأسنان لا تنبت لهم إلا بالحمى والسعال الطويل يكاد يخنقهم والديدان تعذبهم والخمائر الطفيلية تقسو عليهم وتعرضهم لكثير من الأخطار ويكاد يكون عهد الطفولة الأول مرضا وخطرا متصلين ونصف الأطفال الذين يولدون يهلكون قبل السنة الثامنة ولكن متى مرت المحنة يكون الطفل قد اكتسب مناعة هذه هى سنة الطبيعة فلماذا نخرج عليها ألا ترون أنكم إذ تفكرون فى تصحيحها تقوضون عملها أن التجربة تدل على أن الأطفال المرفهين عرضة للموت أكثر من غيرهم فمرسوا أطفالكم بالمتاعب التى سيكون من الحتم عليهم احتمالها يوما ما وقووا أجسامهم بالتعرض لاختلافات الفصول والأجواء والعناصر والجوع والعطش والتعب وثقوا أن الطفل أكثر احتمالا للتغيرات من الرجل فمفاصله أطوع وأشد مرونة أما الرجل فليس كذلك فمن الممكن إذن تقوية الطفل من غير أن تتعرض صحته أو حياته للخطر وحتى إن وجد بعض الخطر فليس من الخير أن يردنا عما اعتزمناه لأنه خطر لا مناص منه ما عاش الإنسان"ص39
بالطبع تقوية الطفل واجبة وأما تركه فريسة للمرض دون علاج حتى يقوى فأمر جنونى لأن المرض سيضعفه أو يميته عن ترك بلا علاج
ويبين روسو أن التربية يجب أن تكون بملازمة الأم والأب للطفل دون مفارقة إطلاقا بقوله:
"أفتريدون أن يحتفظ الطفل بصورته الفطرية ؟ احفظوها عليه إذن منذ قدومه إلى هذه الدنيا متى ولد الزميه أيتها الأم والزمه أيها الأب ولا تفارقيه مطلقا إلى أن يستوى رجلا ولن يكون فلاحه إلا من هذا الطريق وكما تكون المرضع أم الطفل الحقيقية يكون المؤدب أباه فيجب أن يكون توافق بين قيام المرضع والمؤدب بمهمتها سواء فى الترتيب أو المنهج حين ينتقل الطفل من يدها على يده"ص41
وهو كلام جنونى لأن الطفل ليس وحيدا والأم والأب لديهم التزامات أخرى كالعمل بوظيفة أو الطهى أو الكنس أو غسل الملابس فم المفارقة إطلاقا هو ضرب من الجنون
ويبين روسو أن المربى الذى يريده مربى لطفل واحد فقط طوال عمره وأن التربية هى تعريفه علم واجبات الإنسان ليس بالأمر والنهى المباشرين ولكن من خلال تمهيدات وعروض وهو قوله :
"إن مربيكم يستطيع أن يستبدل تلميذا بتلميذ كل بضع سنوات أما المربى الذى أعنيه فلن يتسع عمره إلا لتلميذ واحد فأنا لا أعرف تباينا فى مراحل التعليم والتأديب لأنى لا أعرف إلا علما واحدا ينبغى أن يلقنه الأطفال وذلك هو علم واجبات الإنسان وإنه لعلم واحد لا يقبل القسمة ولا يمكن أن يتجزأ ولهذا أفضل أن أسمى المعلم أو المؤدب مربيا لأنه سيكون معنيا بإرشاده أكثر من عنايته بتلقينه العلم ولا ينبغى له أن يقدم إليه الوصايا والنواهى بل ينبغى أن يمهد له ويوجهه إلى الكشف عنها بنفسه ص46
بالقطع حكاية مربى واحد لطفل واحد طوال العمر هى مقولة خيالية ليس لها وجود لأن الطفل يصبح رجلا ويتزوج وينفصل عن مربيه ويصبح لديه أطفال فى حاجة للتربية كما ينشغل عن مربيه بعمله الوظيفى
وأما ما قصده بتربية الطفل وهو علم واجبات الإنسان فهو الأمر المطلوب كما أن التربية غير المباشرة بدلا من الأوامر والنواهى المباشرة
ونجد روسو يختار تلميذه من بين أبناء المعتدلة فى قوله:
"ولهذا نجد أن ابن الإقليم المعتدل حين يرحل إلى الأقاليم المتطرفة الأجواء يتمتع بمزية واضحة لأنه وإن تعرض للظروف التى يتعرض لها القادم من الجو المضاد إلا أنه لا يتكلف من الأثر إلا نصفه بسبب تكوينه فى بيئة وسطى ويبدو لى أن تكوين المخ فى الأقاليم المتحرفة أقل كمالا منه فى الأقاليم المعتدلة فالزنوج والاسكيمو أقل توقدا من الأوربيين فإذا فرضنا أنى أردت لتلميذى أن يكون صالحا لسكنى الأرض كافة فإنى اختاره من بين أهالى المنطقة المعتدلة من فرنسا مثلا فذلك أدنى لغرضى من أى مكان سواه"ص4
وهو كلام خيالى فالمربون لا يختارون تلاميذهم فى الغالب وإنما يفرض التلاميذ على المعلمين سواء كانوا يعرفونهم من قبل أو لا يعرفونهم معرفة مسبقة وأمامنا قصة موسى(ص) التلميذ الذى فرض نفسه على المعلم وهو العبد الصالح (ص)عندما قال :
" قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا"
وقد بين روسو واحدة من طرق التربية فبين أن التربية يجب أن تكون تربية عادلة تفيد الفقير كما تفيد الغنى حيث تعود الاثنين على التأقلم على الحيوات المختلفة فقال:
"ومهما يكن من شىء فالتربية الطبيعية ينبغى أن تعد الرجل كى يكون لائقا للحياة فى جميع الظروف البشرية فما يستقيم أن نربى الفقير تربية من سيعيش فى الثراء ولا أن نربى الثرى تربية من سيعيش فى الفاقة ولكن تربية الفقير ليصلح لحياة اليسار قد تكون أحمق من تربية الثرى ليصلح لحياة الفاقة لأننا إذا نظرنا إلى الإحصاء وجدنا من يثرون بعد فقر أقل عددا بكثير ممن يفلسون بعد غنى ص48
ويعيد روسو الفكرة وهى تعويد التلميذ على الحياة الوسط من خلال تربيته حتى لا يشقى الغنى من التلاميذ إذا افتقر هو أو أهله ولا يشقى الفقير إذا اغتنى فقال :
فلتكن التربية تربية الإنسان من حيث هو لا تربية الإنسان من حيث ما ليس هو ألا ترون أنكم إذ تعملون على تنشئة الرجل ليعيش فى طبقة معينة مما يجعله غير صالح لطبقة سواها وانه عند أى تغير يروق للأقدار سيكون هذا الشخص شقيا وستكون تربيتكم له مجهودا متواصلا للإمعان فى شقائه ص166
وهى وجهة نظر صحيحة لخصها القول "اخشوشنوا إن النعمة لا تدوم"
ويبين روسو أن تربية التلميذ الهزيل أو صاحب العاهة تربية ضارة خاسرة بقوله:
"إن الذى يقبل رعاية تلميذ ذى عاهة أو هزيل إنما فى الواقع يغير مهنته فبعد أن كان مربيا يمسى ممرضا وهو الخاسر بالعناية بحياة لا جدوى منها يخسر على الأقل الوقت الذى ينفقه فى زيادة قيمة حياة مقضى عليها ويعرض نفسه لأن يرى أما منكودة تقرعه ذات يوم وتحمله ذنب موت ابن كان ينبغى أن يصون لها حياته طويلا"ص50
وهو كلام ينافى مبدأ الإنسانية الذى ينادى به روسو فى قوله:
أيها الناس كونوا أشد الإنسانية فهذا هو واجبكم الأول كونوا رحماء بجميع الطبقات وبجميع الأعمار وبجميع من ليسوا غرباء عن البشرية فأى حكمة أن تكون لكم عن خرجتم عن إنسانيتكم أحبوا الطفولة وارعوا فى مودة لهوها وملذاتها وطبيعتها الأليفة ص80
فذوى العاهات والمرضى تربيتهم واجبة كغيرهم وصاحب العاهة أو المريض قد يكون أفضل من التلميذ السليم المعافى وهو أمر طلب الله من نبيه(ص) أن يفعله مع الأعمى فقال :
" عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ (1) أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ (5) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ (7) وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ (8) وَهُوَ يَخْشَىٰ (9) فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ (10)
وبين روسو أن الجسم الهزيل يضعف الروح وان الطب معظمه دجل فقال :
الجسم الهزيل يضعف الروح ومن هنا يأتى سلطان الطب الذى أراه أشد إيذاء للناس من جميع الأمراض التى يزعم شفاءها وأنا شخصيا لا أعرف من أى مرض يشفينا الأطباء ولكنى أعرف جيدا أنهم يصيبوننا بأمراض جد وبيلة منها الجبن والسذاجة والغفلة والفزع من الموت فلئن صح أنهم يشفون الجسم فإنهم إذن يقتلون الشجاعة والإقدام وما ضير أن يسيروا جثثا كانت هامدة إنما نحن بحاجة إلى رجال ولست أرى الرجال يخرجون من أيدى الأطباءص51
وحكاية أن الجسم المريض يضعف الروح هى خرافة فالإرادة هى المهمة وكم من سليم الجسم روحه خائرة وكم من مريض الجسم قوى الروح كما ان هذه الأمر يتنافى مع ديانة الرجل النصرانية فهناك قولة فى العهد الجديد تعتبر الأجسام سواء سليمة أو مريضة ضعيفة واما الروح فهى قوية وهى قولة يسوع " اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ" (إنجيل متى 26: 41؛ إنجيل مرقس 14: 38(
وكرر روسو نفس المقولة مبينا أن النمو النفسى وهو الأخلاقى لا يتوافق مع النمو الجسمى فقال
إننا نعمل فى توافق مع الطبيعة وبينما الطبيعة تكون الشخص المادى نحاول نحن أن نكون الشخص الأخلاقى ولكن سرعة التكوين فى الحالتين غير متساوية فالجسم يصل إلى القوة والعنفوان فى الوقت الذى لم تزل فيه الروح خائرة ضعيفة وهذا هو الإشكال ومهما اجتهد الإنسان فى مسعاه يظل المزاج سابقا للعقل وكل محاولاتنا السابقة كانت منصبة على ايقاظ العقل وتهذيب الحس ابقاء على وحدة التلميذ ونفى الصراع من داخله قدر الامكان ص219
ومن ثم فالمعلم يجب أن يراعى تلك الفروقات فى النمو من خلال تعامله مع التلميذ
ومقولة كون الطب أشد إيذاء للناس من جميع الأمراض التى يزعم شفاءها فينقضها هو بقوله أن الطب المعالج جميل فى قوله:
"إن العلم الذى يثقف والطب الذى يعالج شيئان جميلان بدون شك ص52
وهو يناقض القولين فيجعل الطب نافع وضار معا فى قوله:
"وإن كنت لا أمارى فى أن الطب قد يكون نافعا لبعض الناس ولكن أعتقد أنه ضار بالنوع البشرى بصفة عامة ص52
ويعود مرة أخرى فيجعل الطب ضار كله فيقول:
لقد اتضح من المشاهدات العامة أن استخدام الطب لا يتيح للبشر صحة أمتن ولا حياة أطول ترتب على هذا أن فن الطب ليس له نفع بل ترتب عليه أنه ضار لأنه يستنفد الوقت والرجال والمواد فيما هو باطل وهباءص54
ويعود مرة أخرى فيبين أن الطب فيه نفع ولكنه لن يستدعى طبيبا لتلميذه إلا فى الحالات القصوى وهو قوله:
" أما أنا فأمضى إلى أبعد من ذلك المدى وأعلن وقد امتنعت دائما عن استدعاء طبيب لعلاجى أنى لن أستدعى بتاتا أى طبيب لعلاج إميل اللهم إلا إذا باتت حياته فى خطر ماحق إذ لن يكون فى وسع الطبيب عندئذ أن يؤذيه بما هو شر من الموت الذى هو مشرف عليه ص53
ويبين روسو أهمية المرضع اعتمادا على أن تربية القدماء كانت ناجحة بسبب المرضعات فيقول :
"وتزداد أهمية اختيار المرضع متى علمنا أن الوليد سيكون موكولا إليها كلية فى مدة الرضاعة كما سيوكل إلى المربى كلية بعد ذلك وقد كانت هذه عادة الأقدمين أولئك الذين لم يحسنوا الكلام كما نحسنه ولكنهم كانوا يحسنون العمل كما لا نحسنه وكانت المرضع عندهم لا تفارق رضيعتها الفتاة ولهذا نجد فى تمثيلياتهم المرضع دائما بدور موضع سر البطلة والطفل الذى تتداوله أيد كثيرة حرى أن تسوء نشأته ص57
ويبين روسو كيفية إطعام الرضيع فيقول:
"النشويات تنتج من الدم أكثر من اللحم فلابد أنها كذلك مدرة للبن وأعتقد أن الطفل الذى لا تتعجل فطامه وإذا فطمناه فعلى أطعمة نباتية وكانت مرضعه تتغذى بأطعمة نباتية لا يمكن أن يصاب بديدان الأحشاءص58
وحكاية أن النشويات تنتج من الدم أكثر من اللحم أمر خاطىء فالتغذية السليمة هى التى تدر اللبن وليس نوع محدد كما أن حكاية الأطعمة النباتية تمنع الإصابة بديدان الأحشاء وهو كلام غير علمى فالإصابة بالديدان تنتج من أسباب متعددة منها عدم غسل الطعام النباتى أو عدم طهى اللحم طهيا جيدا ومنها لعب الطفل على الأرض أو غير ذلك أو لعبه وتلامسه مع طفل مصاب
ويبين روسو أن الطفل يجب تعويده على الاستحمام بالماء البارد وهو صغير حتى يتحمل جسمه الأمراض وعندما يكبر يتم تعويده على الاستحمام بماء ساخن متدرج وماء بارد متدرج حتى لا يشعر فيما بعد بالألم عند وجوده فى أى جو وهو قوله :
ومتى تكونت عادة الاستحمام بالماء البارد عند الطفل فلا ينبغى العدول عنها مطلقا بل يجب أن يثابر عليها طول حياته وأنا لا أهتم بالحمام البارد لأسباب تتعلق بالنظافة والصحة الحالية فحسب بل لأنه يعود عضلات الجسم المرونة واحتمال الجهد والحرارة والبرودة وبعد أن يكبر الطفل سأعوده بالتمرين على الاستحمام بين الحين والحين فى ماء ساخن فى مختلف درجات الحرارة التى يطيقها ثم فى مختلف درجات البرودة ص61
وهو وجهة نظر صحيحة فيجب تعويد الطفل على درجات الحرارة المختلفة ويبين روسو أنه سيدرب طفله على عدم الخوف من الثعابين وسرطان البحر وما إلى ذلك بقوله:
فإذا تعود الطفل فى صغره ألا يفزع من منظر الثعابين وسرطان البحر وما إلى ذلك فثق أنه سيرى من غير فزع حين يكبر أى وحش كان فلا وجود للأشياء المفزعة لدى من يرى صنوفا وأشكالا منها فى جميع الأيام ص64
كما أنه سيدربه على عدم الخوف من الأقنعة بالتدرج فى تعويده على الأقنعة اللطيفة والمرعبة وكذلك عدم الخوف من إطلاق النار فقال:
"وجميع الأطفال يخافون الأقنعة وسأبدأ بأن أطلع اميل على قناع لطيف الشكل ثم يضع أحد الناس ذلك القناع أمامه على وجهه ثم آخذ فى الضحك ويضحك الحاضرون جميعا فيضحك الطفل مع الباقين وشيئا فشيئا أعوده رؤية أقنعة أقل جمالا ثم أقنعة شنيعة الشكل فإن كنت قد أحسنت التدرج فسوف لا يفزع من أخر قناع يراه بل سيضحك كما ضحك من أول قناع وبعد هذا لن أخشى أن يفزعه أحد بالأقنعة وإذا أردت تعويد اميل على ضجة الأسلحة النارية أتدرج معه فى سماع الضوضاء ورؤية شرارات الانفجار شيئا فشيئا إلى أن يسمع طلقة البندقية من غير أن يهتز ثم عوده بعد ذلك على طلقات المدافع"ص65
ويعود روسو مرة أخرى لتعويد التلاميذ على عدم الخوف من خلال عمل ألعاب تؤدى فى الظلام بقوله:
"وقد تسألنى هل أنصح باحتذاء هذا المثال وأنا لا أعتبره مثالا صالحا لخلوه من البهجة والسرور والأفضل فى نظرى أن أدعو مع تلميذى أطفالا من سنه يخرجون جماعات فى الليل للسمر والغناء واللعب بحيث لا تساورهم فكرة الفزع وقد اصطنع لهم ألعابا فى الظلام للبحث عن أشياء وإحضارها من أماكن منعزلة مظلمة واجعل للفائز جائزة شهية من الحلوى أو غيرها مما يجعل المسألة تنافسا محبوبا ص140
وهى فكرة طيبة ينبغى على المربين القيام بها
كما أن روسو يبين أن الاستجابة السريعة لكل احتياجات الطفل هى أمر خاطىء فيجب تعويد الطفل على الصبر من خلال الاستجابة للضروريات فقط وليس لكل الصراخ والبكاء كله فيقول :
"إن الضيق الذى يشعر به الطفل بسبب احتياجاته يعبر عنه بإشارات وذلك عندما تكون مساعدات الاخرين له ضرورية كى يكفى تلك الاحتياجات ومن هنا صراخ الأطفال وبكاءهم الكثير فذلك شىء لابد منه ولما كانت احساساتهم انفعالية فعندما تكون تلك الإحساسات مرضية لهم يستمتعون بها فى صمت ص66
ويبين روسو تعويده على الحصول على ما يريد من خلال جهده للوصول له كما يجب تجاهل صراخ الطفل الذى يطلب الأشياء أو يأمر الناس حتى يتعود على العمل وعلى احترام الأخرين فقال :
"وفى الحالة الأولى قرب منه الشىء الذى أخطا فى تقدير مسافته منه ببطء شديد كأن الشىء يقترب منه فعلا أما فى الحالة الثانية حيث ينقلب صراخه أمرا للشىء أو لبكاء فلا تتجاهل سماعك لصراخه فحسب بل كلما اشتد صراخه يجب أن تزيد فى تجاهلك لسماعه إذ يجب بأى ثمن أن تعوده منذ اللحظة الأولى ألا يأمر الناس فما هو عليهم بمسيطر وألا يأمر الأشياء فليست للأشياء أسماع وعقول وهكذا عندما يرغب الطفل فى شىء يراه وتريد أن تعطيه إياه فمن الخير أن تحمل الطفل إلى الشىء فذلك أفضل من أن تحمل الشىء إلى الطفل فبهذه الوسيلة العملية سيصل الطفل فى تلك السن إلى الاعتقاد بأن هذا هو السبيل الوحيد للوصول إلى الأشياءص70
ويبين روسو مرة أخرى أن تجاهل بكاء الطفل عند طلب شىء لا يقدر عليه المربى هو المطلوب حتى يتعود الطفل على عدم البكاء إلا فى الضرورة القصوى فقال:
"إن الوسيلة الوحيدة للشفاء من هذه العلة أو الوقاية من تلك العادة هى ألا تلقى بالا على الإطلاق إلى بكاء الطفل وما من إنسان حتى الأطفال يحب أن يجهد نفسه بغير طائل فالأطفال يصرون على محاولاتهم على أمل النجاح ولكن إذا كنت أشد صبرا وعنادا منهم سيفقدون ذلك الأمل ويكفون عن البكاء ولا يعودون إليه بعدها وبذلك نوفر عليهم جهوده البكاء فى الأمد الطويل ونعودهم ألا يذرفوا الدموع إلا تحت ضغط الألم الحقيقى ص72
ويبين روسو طريقة أخرى لإيقاف بكاء أو عناد الطفل وهو تلهيته أى شغله بشىء أخر يجذب انتباهه فيقول :
وعندما يبكى الأطفال لنزوة أو عناد فهناك وسيلة فعالة لمنعهم من الاسترسال فى البكاء وهى تلهيتهم بشىء يجذب انتباههم وينسيهم أنهم كانوا شارعين فى البكاء ومعظم المراضع ممتازات فى هذا الفن وهو فى الحقيقة فن نافع ولكن من المهم على أقصى درجة الا يفطن الطفل على نية المرضع التى تكمن وراء هذه الحيلة كى يستمتع وهو لا يعتقد أنه محور الاهتمام ولكن معظم المراضع فيهن هذه البلاهة طص72
ووضح روسو أن الأطفال لا يميزون معانى سلوكهم إلا بالأثر المحسوس فهم لا يبكون وهم بمفردهم وإنما عندما يعرفون أن احد بالقرب منهم وهو قوله:
"فالأطفال لا يميزون معانى سلوكهم إلا بالأثر المحسوس لذلك السلوك وليست هناك وسيلة أخرى لديهم ودليل ذلك أنه مهما كان الألم شديدا على الطفل فمن النادر أن يبكى إن كان بمفرده إلا إذا وجد عنده الأمل فى أن يسمع بكاءه أحد من ذويه ص76
وبالطبع هذا الكلام ليس سليم تماما فالأطفال يبكون وهم بمفردهم عندما يجوعون أو يتغوطون أو يخافون من شىء ما
ويبين روسو أن من المهم تعويد الطفل على تحمل ألم الجروح فيقول :
"وبدلا من أن أوجه اهتمامى على تجنيب اميل الجروح سيسوؤنى جدا ألا يجرح نفسه مطلقا وأن يكبر قبل أن يعرف الألم فالعذاب هو أول شىء يجب أن يتعلمه بل أنه أحوج ما يحتاج على معرفته ص77
وهى وجهة نظر لها قيمتها خاصة فى الطبقات التى لا تجد مالا للذهاب للطبيب أو هى بعيدة مكانيا عن مكان تواجد الطبيب
ويبين روسو أن التدليل الكثير خاطىء فيقول :
"ولدى الطبيعة وسائل خاصة لتقوية الجسم وتنميته ولا ينبغى أن نعارض هذه الوسائل مطلقا ولهذا لا يجوز لنا بأى حال أن نرغم طفلا على المكث حينما يريد الذهاب ولا أن نرغمه على الذهاب وهو يريد البقاء حيث هو وحينما لا تكون حرية الأطفال قد أفسدت بأخطائنا فى التدليل فلن يريدوا شيئا من غير أن تكون له منفعة ظاهرة أو خافية ص84
ويبين روسو أنه لا يجب عدم تسريب أقوال خاطئة للطفل فيجب تعليمه ما يعرفه من البدن والمادة الظاهرة فقال:
"إن أول فكرة خاطئة تتسرب إلى رأس الطفل ستكون هى جرثومة الخطأ والشر والعيب فيجب الحذر كل الحذر من تلك الخطوة الأولى واعملوا على ألا يفطن فيما حوله من جميع النواحى إلا لما هو بدنى أو مادى ص92
ويبين روسو أن القوة والمراد الضرب مطلوب أحيانا فى معاملة الأطفال كما ان مطلوب تعليمه ما يفهمه ويتوافق معه فقال :
"ولذا أقول لكم استخدموا القوة مع الأطفال والعقل مع الرجال فهذا هو نظام الطبيعة وترتيبها والحكيم ليس بحاجة إلى قوانين علموا التلميذ بما يوافق عمره وضعوه أولا فى مكانه الطبيعى ولا تحاولوا إخراجه منه ولا تسمحوا له بالخروج منه ص93
ووضح روسو أنه يجب منع الطفل من عمل يريده بدون توضيح بالرفض القاطع أو بالسماح له بعمله فى قوله:
"أول ما يجب أن يمتنع عن إتيانه فلا تحرمه عليه بالكلام بل امنعه من عمله بغير إيضاح وبغير مجادلة وما تريد أن تسمح له به اسمح له به عند أول طلب من غير إلحاح أو توسل بل وعلى الأخص من غير شروط
إذا سمحت فعن طيب خاطر وإذا رفضت فعلى مضض ولكن اجعل رفضك دائما قاطعا لا رجعة فيه ولا تتزحزح أمام توسلاته أو تهديداته ولتكن كلمة لا سورا من الفولاذ تبدد جهود الطفل دون التأثير فيه وبهذا لن يحاول بعدها أن يتصدى لتغيير تلك الكلمة ص97
وحكاية منع الطفل من عمل دون توضيح خطأ فطالما سيفهم يبين له المانع
ووضح روسو أنه يجب على المربين تعويد التلاميذ أو التلميذات الانصياع لأوامرهم حتى وهم فى أحلى لحظات السعادة فى اللعب حتى يتعودن على الصدمات فيما بعد بقوله:
عودوهن على تلقى الأمر بالكف عن ملهى وهن فى ذروة النشوة به لينصرفن فورا إلى مهمة مختلفة عنه تماما من غير تردد ومن غير تذمر وتكوين هذه العادة ترياق كاف للنزق والذبذبة فإن العادة طبيعة ثانية وهذه العادة بالذات سند مساعد للطبيعة ص251
ويبين روسو أن التعليم بالتجارب هى أفضل من التعليم التلقينى فقال
لا ينبغى أن نلقن التلميذ دروسا لفظية فالتجربة وحدها هى التى يجب أن تتولى تعليمه وتأديبه فالتربية الأولى ينبغى أن تكون تربية سليمة خالصة ولا يجب أن يفوتنا أمر مراقبة طبيعة الطفل وسلوكه كى نكشف بدقة عن المزاج الخاص للتلميذص97
ويوضح روسو أنه يجب ضرب الطفل من المربى أو الخادم أو غيرهم إذا تخطى الحدود فضربهم حتى يتعلم أن البشر سواء وأن ضربهم حرام وهو قوله ك
لا تسمحوا للطفل مطلقا أن يعامل الكبار كأنهم أقل منه أو أنداده فإذا تجاسر على ضرب أحدهم جادا حتى لو كان خادمه الخاص فاحرص على أن يرد له الصاع صاعين بحيث يتوب عن هذا الفعل ولا تحدثه نفسه بالرجوع إليه ص105
وهى وجهة نظر صحيحة فعندما يتألم الطفل من ضرب الأخرين له سيعرف أنه تسبب للأخرين بالألم بضربهم ومن سيتوقف عن إيلام غيره حتى لا يتألم هو من ردهم عليه
وبين روسو أن عقاب الطفل واجب عند الضرورة لتعليمه وبين أن هناك أنواع من الكذب لا يجب ضرب الطفل عليها فقال:
"وأظننى قلت ما فيه الكفاية للافصاح عن دعوتى ألا يصب على الأطفال عقاب من حيث هو عقاب بل يجب أن يحدث العقاب لهم كما لو كانت نتيجة طبيعية لسوء فهمهم وبذلك يجب ألا تنددوا بالكذب ولا أن تعاقبوهم لأنهم كذبوا بل ترتبوا الأمور بحيث أن جميع الآثار السيئة للكذب تتجمع فوق رءوسهم كأن لا يصدقهم أحد حين يقولون نبأ وان يتهموا بذنوب لم يقترفوها وإن دافعوا عن أنفسهم بحرارة ولكن لنبين أولا ما هو الكذب عند الطفل
هناك نوعان من الكذب كذب ينصب على الواقع أو على ما وقع فعلا وكذب ينصب على النية أو على ما سيقع مستقبلا والنوع الأول هو أن ينكر الطفل عملا قام به حقا أو يدعى عملا لم يقم به حقا أو بعبارة أخرى أن يقول الطفل خلاف الواقع قصدا وعن علم ودراية والنوع الثانى هو أن يعد الطفل بما فى نيته ألا يقوم به أو بعبارة أخرى أن يظهر الطفل خلاف نيته وقد يجتمع النوعان أحيانا فى عبارة واحدة كأن يتهم الطفل بخطأ معين فينفى أنه فعله ويدافع عن نفسه بأنه برىء شريف "ص106ولهذا فهم لا يعتبرون كاذبين حين يعدون بشىء لأنهم لا يفكرون إلا فى الخلاص من الموقف الحرج حاليا وكل وسيلة لا علاقة لها بالوقت الحاضر ليست لها قيمة فى نظرهم فهم حين يعدون بشىء يتعلق بالمستقبل يعدون بشىء معدوم أو بلا شىء لأن مخيلتهم القاصرة لا تستطيع أن تمد وجودهم إلى زمانين مختلفين"ص107
فالكذب الواجب الضرب فيه هو إنكار الفعل الخاطىء
ووضح روسو أن على المربى أن يعامل الطفل معاملة تجعله هو من سقترح الحلول الطيبة ويعمل بها لا أن يأمره أو ينهاه مباشرة وهو قوله:
"وحينما تضطرنى طبيعته الشموس أن أعقد معه اتفاقا سأعد خطتى بحيث يصدر الاقتراح منه هو دائما لا منى إطلاقا لأنه عندئذ سيكون صاحب مصلحة فى البر بوعده إذا حدث أن حنث بوعده سيشعر أن ذلك جر عليه آثارا طبيعية لخطئه لا انتقاما جائرا من مربيه ص108
ووضح روسو أنه يجب تعويد الأطفال على العطاء دون توقع رد وليس على توقع رد العطاء بمثله أو أكثر منه فيقول :
"ولاحظت أيضا أنهم يردون بسرعة إلى الطفل ما أعطاه فيتعود ألا يعطى إلا ما هو واثق من رده إليه أو رد مثله إليه ولم أر أطفالا لا يسخون بما فى أيديهم فى هذين الضربين من السخاء إما بإعطاء ما لا حاجة بهم إليه أو ما يعلمون أنه مردود إليهم فالواجب أن ننظر فى هذه الأخلاقيات إلى عادات النفس لا إلى حركات اليد وكل الفضائل التى يعلمونها للأطفال يعلمونها لهم بهذا الأسلوب وهو أسلوب عكسى ومع هذا يبلون حداثة الأطفال بتلك المواعظ المسئمة فيالها من تربية رشيدة"ص110
وهذا هو تعليم للعطاء مع عدم توقع الرد فليس كل من نعطيه قادر على رد العطاء بمثله أو أكثر أو اقل
ويبين روسو أن كل فضيلة تقوم على التقليد إنما هى فضيلة قرود بقوله :
"وأنا أعلم أن كل فضيلة تقوم على التقليد إنما هى فضيلة قرود وما من عمل طيب يعتبر طيبا من وجهة نظر أخلاقية إلا إذا قام الإنسان به لذاته وعن وعى به لا لأن الأخرين يقومون به ولكن فى تلك السن التى لا يعى القلب فيها شيئا ولم يحس بعد بشىءص111
ولكنه ناقض نفسه فاعتبر ليس كل التقليد خطأ بل منه طيب فقال :
إن الإنسان مقلد وكذلك الحيوان مقلد وحب التقليد جعلته الطبيعة فى حدوده شيئا طيبا ولكنه يفسد فى المجتمع ويصبح شرا ورذيلةص112
ومع هذا ناقض الاثنين فجعل القدوة الطيبة مطلوبة فقال :
"القدوة القدوة بغير القدوة لن تفلحوا فى تعليم الصغار اى شىء حتى ولا الدين ص262
فما ينتج عن القدوة هو التقليد سواء بخير أو شر
وبين روسو أن الذاكرة غير العقل لأن الصور غير الأفكار فقال:
ومع أن الذاكرة مباينة للعقل فهما ملكتان مختلفتان إلا أن إحداهما لا تنمو مستقلة عن الأخرى تمام الاستقلال وقبل سن التعقل يتلقى الطفل صورا لا أفكار وإليك الفرق بين الصور والأفكار إن الصور ما هى إلا الأشكال الخارجية للأشياء أما الأفكار فهى المعلومات عن تلك الأشياء تتعلق بعلاقاتها فيما بينها وحين تتذكر الصورة قد تتذكرها قائمة برأسها فى الذهن أما الفكرة فلا تكون إلا مرتبطة إلا بسواها من الأفكار لذا حين نخال الصور لا نكون إلا متصورين أما حين نفكر فإننا نقارن ونربط ونميز الصور إحساسات والإحساسات سلبية أما الأفكار فثمرة عملية التفكير أو التعقل أو الاستدلال الايجابية ص116
الذاكرة ليست ذاكرة صور فقط فالذاكرة تتذكر صورا وتتذكر أحداث وتتذكر أقوال وتتذكر أفعال فمثلا فى الشهادة تتذكر حضور الفعل وهو كتابة الدين ووجود الدائن والمدين والكاتب كما قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ"
والذاكرة جزء من العقل
بين روسوفى كتابه اميل أن التربية الحقة تبدأ بالأمهات حيث الحرمان من لبنهن سبب الشرور التى يرتكبها الأطفال عندما يكبرون فقال :
"إن لهذه المٍسألة أهمية أكثر مما يظن فإن أردت أن يلتزم كل إنسان بواجباته الأولى فابدأ بالأمهات وستعجب للتغير الذى ينجم عن ذلك فهذا الحرمان من لبن الأم هو الأصل الذى نبعت منه كل الشرور إذ خمدت فى القلوب جذوة الفطرة وقلت فى البيوت نسمة الحيوية ومنظر الرضعاء لم يعد يجتذب الأزواج فلا آباء ولا أمهات ولا أطفال ولا إخوة ولا أخوات منذ انحل رباط الأسرة"ص37
هنا يعول أهمية كبيرة على الرضاعة الطبيعية فى تربية الجسم وهى حقيقة ولكن كون الشرور ناجمة من الحرمان من الرضاعة الطبيعية هو تخريف وهو ما اعترف به فى فقرة أخرى فجعل سبب الشر هو إرادة الأطفال الضعيفة فقال :
"إن الطفل لا يكون شريرا إلا بسبب ضعفه فإن أحب تحطيم الأشياء فليس ذلك عن سوء نية ولكن لأنه يشعر بالحاجة إلى الحركة والانفعال ص70
فسبب الشر وسبب الخير وهو الاهتداء هو إرادة الإنسان كما قال تعالى:
"فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها"
وبين روسو أن الواجبات متبادلة بين الأم والطفل وأن على الطفل أن يحب أمه قبل أن يعرف أن هذا واجب وهو قوله:
"وإذا لم تكن هناك أم فليس هناك طفل فالواجبات بينهما متبادلة وحيث تكون الإساءة من جانب يكون الإهمال من الجانب الآخر فالطفل يجب أن يحب أمه قبل أن يعلم أن هذا واجب وما لم يجد نداء الدم تأييدا بالتعود والرعاية سرعان ما يخفت فى السنوات الأولى ويموت القلب قبل أن يولد وهكذا نجد أنفسنا منذ المراحل الأولى وقد خرجنا على الطبيعة ص38
بالطبع الحب بين الأم والطفل هو السيرة الأصلية ولكن فى العديد من الحالات نجد الحب مفقود من الاثنين أو من واحد منهما إما بسبب المشاكل الزوجية وإما بسبب المعاملة السيئة
ورغم قول الرجل بالحب المتبادل بين الأم وطفلها فإنه يطالب الأمهات والآباء بالقسوة على الأطفال فيتركونهم لآلام الحمى والسعال وغيرهم فيقول :
"فالأسنان لا تنبت لهم إلا بالحمى والسعال الطويل يكاد يخنقهم والديدان تعذبهم والخمائر الطفيلية تقسو عليهم وتعرضهم لكثير من الأخطار ويكاد يكون عهد الطفولة الأول مرضا وخطرا متصلين ونصف الأطفال الذين يولدون يهلكون قبل السنة الثامنة ولكن متى مرت المحنة يكون الطفل قد اكتسب مناعة هذه هى سنة الطبيعة فلماذا نخرج عليها ألا ترون أنكم إذ تفكرون فى تصحيحها تقوضون عملها أن التجربة تدل على أن الأطفال المرفهين عرضة للموت أكثر من غيرهم فمرسوا أطفالكم بالمتاعب التى سيكون من الحتم عليهم احتمالها يوما ما وقووا أجسامهم بالتعرض لاختلافات الفصول والأجواء والعناصر والجوع والعطش والتعب وثقوا أن الطفل أكثر احتمالا للتغيرات من الرجل فمفاصله أطوع وأشد مرونة أما الرجل فليس كذلك فمن الممكن إذن تقوية الطفل من غير أن تتعرض صحته أو حياته للخطر وحتى إن وجد بعض الخطر فليس من الخير أن يردنا عما اعتزمناه لأنه خطر لا مناص منه ما عاش الإنسان"ص39
بالطبع تقوية الطفل واجبة وأما تركه فريسة للمرض دون علاج حتى يقوى فأمر جنونى لأن المرض سيضعفه أو يميته عن ترك بلا علاج
ويبين روسو أن التربية يجب أن تكون بملازمة الأم والأب للطفل دون مفارقة إطلاقا بقوله:
"أفتريدون أن يحتفظ الطفل بصورته الفطرية ؟ احفظوها عليه إذن منذ قدومه إلى هذه الدنيا متى ولد الزميه أيتها الأم والزمه أيها الأب ولا تفارقيه مطلقا إلى أن يستوى رجلا ولن يكون فلاحه إلا من هذا الطريق وكما تكون المرضع أم الطفل الحقيقية يكون المؤدب أباه فيجب أن يكون توافق بين قيام المرضع والمؤدب بمهمتها سواء فى الترتيب أو المنهج حين ينتقل الطفل من يدها على يده"ص41
وهو كلام جنونى لأن الطفل ليس وحيدا والأم والأب لديهم التزامات أخرى كالعمل بوظيفة أو الطهى أو الكنس أو غسل الملابس فم المفارقة إطلاقا هو ضرب من الجنون
ويبين روسو أن المربى الذى يريده مربى لطفل واحد فقط طوال عمره وأن التربية هى تعريفه علم واجبات الإنسان ليس بالأمر والنهى المباشرين ولكن من خلال تمهيدات وعروض وهو قوله :
"إن مربيكم يستطيع أن يستبدل تلميذا بتلميذ كل بضع سنوات أما المربى الذى أعنيه فلن يتسع عمره إلا لتلميذ واحد فأنا لا أعرف تباينا فى مراحل التعليم والتأديب لأنى لا أعرف إلا علما واحدا ينبغى أن يلقنه الأطفال وذلك هو علم واجبات الإنسان وإنه لعلم واحد لا يقبل القسمة ولا يمكن أن يتجزأ ولهذا أفضل أن أسمى المعلم أو المؤدب مربيا لأنه سيكون معنيا بإرشاده أكثر من عنايته بتلقينه العلم ولا ينبغى له أن يقدم إليه الوصايا والنواهى بل ينبغى أن يمهد له ويوجهه إلى الكشف عنها بنفسه ص46
بالقطع حكاية مربى واحد لطفل واحد طوال العمر هى مقولة خيالية ليس لها وجود لأن الطفل يصبح رجلا ويتزوج وينفصل عن مربيه ويصبح لديه أطفال فى حاجة للتربية كما ينشغل عن مربيه بعمله الوظيفى
وأما ما قصده بتربية الطفل وهو علم واجبات الإنسان فهو الأمر المطلوب كما أن التربية غير المباشرة بدلا من الأوامر والنواهى المباشرة
ونجد روسو يختار تلميذه من بين أبناء المعتدلة فى قوله:
"ولهذا نجد أن ابن الإقليم المعتدل حين يرحل إلى الأقاليم المتطرفة الأجواء يتمتع بمزية واضحة لأنه وإن تعرض للظروف التى يتعرض لها القادم من الجو المضاد إلا أنه لا يتكلف من الأثر إلا نصفه بسبب تكوينه فى بيئة وسطى ويبدو لى أن تكوين المخ فى الأقاليم المتحرفة أقل كمالا منه فى الأقاليم المعتدلة فالزنوج والاسكيمو أقل توقدا من الأوربيين فإذا فرضنا أنى أردت لتلميذى أن يكون صالحا لسكنى الأرض كافة فإنى اختاره من بين أهالى المنطقة المعتدلة من فرنسا مثلا فذلك أدنى لغرضى من أى مكان سواه"ص4
وهو كلام خيالى فالمربون لا يختارون تلاميذهم فى الغالب وإنما يفرض التلاميذ على المعلمين سواء كانوا يعرفونهم من قبل أو لا يعرفونهم معرفة مسبقة وأمامنا قصة موسى(ص) التلميذ الذى فرض نفسه على المعلم وهو العبد الصالح (ص)عندما قال :
" قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا"
وقد بين روسو واحدة من طرق التربية فبين أن التربية يجب أن تكون تربية عادلة تفيد الفقير كما تفيد الغنى حيث تعود الاثنين على التأقلم على الحيوات المختلفة فقال:
"ومهما يكن من شىء فالتربية الطبيعية ينبغى أن تعد الرجل كى يكون لائقا للحياة فى جميع الظروف البشرية فما يستقيم أن نربى الفقير تربية من سيعيش فى الثراء ولا أن نربى الثرى تربية من سيعيش فى الفاقة ولكن تربية الفقير ليصلح لحياة اليسار قد تكون أحمق من تربية الثرى ليصلح لحياة الفاقة لأننا إذا نظرنا إلى الإحصاء وجدنا من يثرون بعد فقر أقل عددا بكثير ممن يفلسون بعد غنى ص48
ويعيد روسو الفكرة وهى تعويد التلميذ على الحياة الوسط من خلال تربيته حتى لا يشقى الغنى من التلاميذ إذا افتقر هو أو أهله ولا يشقى الفقير إذا اغتنى فقال :
فلتكن التربية تربية الإنسان من حيث هو لا تربية الإنسان من حيث ما ليس هو ألا ترون أنكم إذ تعملون على تنشئة الرجل ليعيش فى طبقة معينة مما يجعله غير صالح لطبقة سواها وانه عند أى تغير يروق للأقدار سيكون هذا الشخص شقيا وستكون تربيتكم له مجهودا متواصلا للإمعان فى شقائه ص166
وهى وجهة نظر صحيحة لخصها القول "اخشوشنوا إن النعمة لا تدوم"
ويبين روسو أن تربية التلميذ الهزيل أو صاحب العاهة تربية ضارة خاسرة بقوله:
"إن الذى يقبل رعاية تلميذ ذى عاهة أو هزيل إنما فى الواقع يغير مهنته فبعد أن كان مربيا يمسى ممرضا وهو الخاسر بالعناية بحياة لا جدوى منها يخسر على الأقل الوقت الذى ينفقه فى زيادة قيمة حياة مقضى عليها ويعرض نفسه لأن يرى أما منكودة تقرعه ذات يوم وتحمله ذنب موت ابن كان ينبغى أن يصون لها حياته طويلا"ص50
وهو كلام ينافى مبدأ الإنسانية الذى ينادى به روسو فى قوله:
أيها الناس كونوا أشد الإنسانية فهذا هو واجبكم الأول كونوا رحماء بجميع الطبقات وبجميع الأعمار وبجميع من ليسوا غرباء عن البشرية فأى حكمة أن تكون لكم عن خرجتم عن إنسانيتكم أحبوا الطفولة وارعوا فى مودة لهوها وملذاتها وطبيعتها الأليفة ص80
فذوى العاهات والمرضى تربيتهم واجبة كغيرهم وصاحب العاهة أو المريض قد يكون أفضل من التلميذ السليم المعافى وهو أمر طلب الله من نبيه(ص) أن يفعله مع الأعمى فقال :
" عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ (1) أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ (5) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ (7) وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ (8) وَهُوَ يَخْشَىٰ (9) فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ (10)
وبين روسو أن الجسم الهزيل يضعف الروح وان الطب معظمه دجل فقال :
الجسم الهزيل يضعف الروح ومن هنا يأتى سلطان الطب الذى أراه أشد إيذاء للناس من جميع الأمراض التى يزعم شفاءها وأنا شخصيا لا أعرف من أى مرض يشفينا الأطباء ولكنى أعرف جيدا أنهم يصيبوننا بأمراض جد وبيلة منها الجبن والسذاجة والغفلة والفزع من الموت فلئن صح أنهم يشفون الجسم فإنهم إذن يقتلون الشجاعة والإقدام وما ضير أن يسيروا جثثا كانت هامدة إنما نحن بحاجة إلى رجال ولست أرى الرجال يخرجون من أيدى الأطباءص51
وحكاية أن الجسم المريض يضعف الروح هى خرافة فالإرادة هى المهمة وكم من سليم الجسم روحه خائرة وكم من مريض الجسم قوى الروح كما ان هذه الأمر يتنافى مع ديانة الرجل النصرانية فهناك قولة فى العهد الجديد تعتبر الأجسام سواء سليمة أو مريضة ضعيفة واما الروح فهى قوية وهى قولة يسوع " اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ" (إنجيل متى 26: 41؛ إنجيل مرقس 14: 38(
وكرر روسو نفس المقولة مبينا أن النمو النفسى وهو الأخلاقى لا يتوافق مع النمو الجسمى فقال
إننا نعمل فى توافق مع الطبيعة وبينما الطبيعة تكون الشخص المادى نحاول نحن أن نكون الشخص الأخلاقى ولكن سرعة التكوين فى الحالتين غير متساوية فالجسم يصل إلى القوة والعنفوان فى الوقت الذى لم تزل فيه الروح خائرة ضعيفة وهذا هو الإشكال ومهما اجتهد الإنسان فى مسعاه يظل المزاج سابقا للعقل وكل محاولاتنا السابقة كانت منصبة على ايقاظ العقل وتهذيب الحس ابقاء على وحدة التلميذ ونفى الصراع من داخله قدر الامكان ص219
ومن ثم فالمعلم يجب أن يراعى تلك الفروقات فى النمو من خلال تعامله مع التلميذ
ومقولة كون الطب أشد إيذاء للناس من جميع الأمراض التى يزعم شفاءها فينقضها هو بقوله أن الطب المعالج جميل فى قوله:
"إن العلم الذى يثقف والطب الذى يعالج شيئان جميلان بدون شك ص52
وهو يناقض القولين فيجعل الطب نافع وضار معا فى قوله:
"وإن كنت لا أمارى فى أن الطب قد يكون نافعا لبعض الناس ولكن أعتقد أنه ضار بالنوع البشرى بصفة عامة ص52
ويعود مرة أخرى فيجعل الطب ضار كله فيقول:
لقد اتضح من المشاهدات العامة أن استخدام الطب لا يتيح للبشر صحة أمتن ولا حياة أطول ترتب على هذا أن فن الطب ليس له نفع بل ترتب عليه أنه ضار لأنه يستنفد الوقت والرجال والمواد فيما هو باطل وهباءص54
ويعود مرة أخرى فيبين أن الطب فيه نفع ولكنه لن يستدعى طبيبا لتلميذه إلا فى الحالات القصوى وهو قوله:
" أما أنا فأمضى إلى أبعد من ذلك المدى وأعلن وقد امتنعت دائما عن استدعاء طبيب لعلاجى أنى لن أستدعى بتاتا أى طبيب لعلاج إميل اللهم إلا إذا باتت حياته فى خطر ماحق إذ لن يكون فى وسع الطبيب عندئذ أن يؤذيه بما هو شر من الموت الذى هو مشرف عليه ص53
ويبين روسو أهمية المرضع اعتمادا على أن تربية القدماء كانت ناجحة بسبب المرضعات فيقول :
"وتزداد أهمية اختيار المرضع متى علمنا أن الوليد سيكون موكولا إليها كلية فى مدة الرضاعة كما سيوكل إلى المربى كلية بعد ذلك وقد كانت هذه عادة الأقدمين أولئك الذين لم يحسنوا الكلام كما نحسنه ولكنهم كانوا يحسنون العمل كما لا نحسنه وكانت المرضع عندهم لا تفارق رضيعتها الفتاة ولهذا نجد فى تمثيلياتهم المرضع دائما بدور موضع سر البطلة والطفل الذى تتداوله أيد كثيرة حرى أن تسوء نشأته ص57
ويبين روسو كيفية إطعام الرضيع فيقول:
"النشويات تنتج من الدم أكثر من اللحم فلابد أنها كذلك مدرة للبن وأعتقد أن الطفل الذى لا تتعجل فطامه وإذا فطمناه فعلى أطعمة نباتية وكانت مرضعه تتغذى بأطعمة نباتية لا يمكن أن يصاب بديدان الأحشاءص58
وحكاية أن النشويات تنتج من الدم أكثر من اللحم أمر خاطىء فالتغذية السليمة هى التى تدر اللبن وليس نوع محدد كما أن حكاية الأطعمة النباتية تمنع الإصابة بديدان الأحشاء وهو كلام غير علمى فالإصابة بالديدان تنتج من أسباب متعددة منها عدم غسل الطعام النباتى أو عدم طهى اللحم طهيا جيدا ومنها لعب الطفل على الأرض أو غير ذلك أو لعبه وتلامسه مع طفل مصاب
ويبين روسو أن الطفل يجب تعويده على الاستحمام بالماء البارد وهو صغير حتى يتحمل جسمه الأمراض وعندما يكبر يتم تعويده على الاستحمام بماء ساخن متدرج وماء بارد متدرج حتى لا يشعر فيما بعد بالألم عند وجوده فى أى جو وهو قوله :
ومتى تكونت عادة الاستحمام بالماء البارد عند الطفل فلا ينبغى العدول عنها مطلقا بل يجب أن يثابر عليها طول حياته وأنا لا أهتم بالحمام البارد لأسباب تتعلق بالنظافة والصحة الحالية فحسب بل لأنه يعود عضلات الجسم المرونة واحتمال الجهد والحرارة والبرودة وبعد أن يكبر الطفل سأعوده بالتمرين على الاستحمام بين الحين والحين فى ماء ساخن فى مختلف درجات الحرارة التى يطيقها ثم فى مختلف درجات البرودة ص61
وهو وجهة نظر صحيحة فيجب تعويد الطفل على درجات الحرارة المختلفة ويبين روسو أنه سيدرب طفله على عدم الخوف من الثعابين وسرطان البحر وما إلى ذلك بقوله:
فإذا تعود الطفل فى صغره ألا يفزع من منظر الثعابين وسرطان البحر وما إلى ذلك فثق أنه سيرى من غير فزع حين يكبر أى وحش كان فلا وجود للأشياء المفزعة لدى من يرى صنوفا وأشكالا منها فى جميع الأيام ص64
كما أنه سيدربه على عدم الخوف من الأقنعة بالتدرج فى تعويده على الأقنعة اللطيفة والمرعبة وكذلك عدم الخوف من إطلاق النار فقال:
"وجميع الأطفال يخافون الأقنعة وسأبدأ بأن أطلع اميل على قناع لطيف الشكل ثم يضع أحد الناس ذلك القناع أمامه على وجهه ثم آخذ فى الضحك ويضحك الحاضرون جميعا فيضحك الطفل مع الباقين وشيئا فشيئا أعوده رؤية أقنعة أقل جمالا ثم أقنعة شنيعة الشكل فإن كنت قد أحسنت التدرج فسوف لا يفزع من أخر قناع يراه بل سيضحك كما ضحك من أول قناع وبعد هذا لن أخشى أن يفزعه أحد بالأقنعة وإذا أردت تعويد اميل على ضجة الأسلحة النارية أتدرج معه فى سماع الضوضاء ورؤية شرارات الانفجار شيئا فشيئا إلى أن يسمع طلقة البندقية من غير أن يهتز ثم عوده بعد ذلك على طلقات المدافع"ص65
ويعود روسو مرة أخرى لتعويد التلاميذ على عدم الخوف من خلال عمل ألعاب تؤدى فى الظلام بقوله:
"وقد تسألنى هل أنصح باحتذاء هذا المثال وأنا لا أعتبره مثالا صالحا لخلوه من البهجة والسرور والأفضل فى نظرى أن أدعو مع تلميذى أطفالا من سنه يخرجون جماعات فى الليل للسمر والغناء واللعب بحيث لا تساورهم فكرة الفزع وقد اصطنع لهم ألعابا فى الظلام للبحث عن أشياء وإحضارها من أماكن منعزلة مظلمة واجعل للفائز جائزة شهية من الحلوى أو غيرها مما يجعل المسألة تنافسا محبوبا ص140
وهى فكرة طيبة ينبغى على المربين القيام بها
كما أن روسو يبين أن الاستجابة السريعة لكل احتياجات الطفل هى أمر خاطىء فيجب تعويد الطفل على الصبر من خلال الاستجابة للضروريات فقط وليس لكل الصراخ والبكاء كله فيقول :
"إن الضيق الذى يشعر به الطفل بسبب احتياجاته يعبر عنه بإشارات وذلك عندما تكون مساعدات الاخرين له ضرورية كى يكفى تلك الاحتياجات ومن هنا صراخ الأطفال وبكاءهم الكثير فذلك شىء لابد منه ولما كانت احساساتهم انفعالية فعندما تكون تلك الإحساسات مرضية لهم يستمتعون بها فى صمت ص66
ويبين روسو تعويده على الحصول على ما يريد من خلال جهده للوصول له كما يجب تجاهل صراخ الطفل الذى يطلب الأشياء أو يأمر الناس حتى يتعود على العمل وعلى احترام الأخرين فقال :
"وفى الحالة الأولى قرب منه الشىء الذى أخطا فى تقدير مسافته منه ببطء شديد كأن الشىء يقترب منه فعلا أما فى الحالة الثانية حيث ينقلب صراخه أمرا للشىء أو لبكاء فلا تتجاهل سماعك لصراخه فحسب بل كلما اشتد صراخه يجب أن تزيد فى تجاهلك لسماعه إذ يجب بأى ثمن أن تعوده منذ اللحظة الأولى ألا يأمر الناس فما هو عليهم بمسيطر وألا يأمر الأشياء فليست للأشياء أسماع وعقول وهكذا عندما يرغب الطفل فى شىء يراه وتريد أن تعطيه إياه فمن الخير أن تحمل الطفل إلى الشىء فذلك أفضل من أن تحمل الشىء إلى الطفل فبهذه الوسيلة العملية سيصل الطفل فى تلك السن إلى الاعتقاد بأن هذا هو السبيل الوحيد للوصول إلى الأشياءص70
ويبين روسو مرة أخرى أن تجاهل بكاء الطفل عند طلب شىء لا يقدر عليه المربى هو المطلوب حتى يتعود الطفل على عدم البكاء إلا فى الضرورة القصوى فقال:
"إن الوسيلة الوحيدة للشفاء من هذه العلة أو الوقاية من تلك العادة هى ألا تلقى بالا على الإطلاق إلى بكاء الطفل وما من إنسان حتى الأطفال يحب أن يجهد نفسه بغير طائل فالأطفال يصرون على محاولاتهم على أمل النجاح ولكن إذا كنت أشد صبرا وعنادا منهم سيفقدون ذلك الأمل ويكفون عن البكاء ولا يعودون إليه بعدها وبذلك نوفر عليهم جهوده البكاء فى الأمد الطويل ونعودهم ألا يذرفوا الدموع إلا تحت ضغط الألم الحقيقى ص72
ويبين روسو طريقة أخرى لإيقاف بكاء أو عناد الطفل وهو تلهيته أى شغله بشىء أخر يجذب انتباهه فيقول :
وعندما يبكى الأطفال لنزوة أو عناد فهناك وسيلة فعالة لمنعهم من الاسترسال فى البكاء وهى تلهيتهم بشىء يجذب انتباههم وينسيهم أنهم كانوا شارعين فى البكاء ومعظم المراضع ممتازات فى هذا الفن وهو فى الحقيقة فن نافع ولكن من المهم على أقصى درجة الا يفطن الطفل على نية المرضع التى تكمن وراء هذه الحيلة كى يستمتع وهو لا يعتقد أنه محور الاهتمام ولكن معظم المراضع فيهن هذه البلاهة طص72
ووضح روسو أن الأطفال لا يميزون معانى سلوكهم إلا بالأثر المحسوس فهم لا يبكون وهم بمفردهم وإنما عندما يعرفون أن احد بالقرب منهم وهو قوله:
"فالأطفال لا يميزون معانى سلوكهم إلا بالأثر المحسوس لذلك السلوك وليست هناك وسيلة أخرى لديهم ودليل ذلك أنه مهما كان الألم شديدا على الطفل فمن النادر أن يبكى إن كان بمفرده إلا إذا وجد عنده الأمل فى أن يسمع بكاءه أحد من ذويه ص76
وبالطبع هذا الكلام ليس سليم تماما فالأطفال يبكون وهم بمفردهم عندما يجوعون أو يتغوطون أو يخافون من شىء ما
ويبين روسو أن من المهم تعويد الطفل على تحمل ألم الجروح فيقول :
"وبدلا من أن أوجه اهتمامى على تجنيب اميل الجروح سيسوؤنى جدا ألا يجرح نفسه مطلقا وأن يكبر قبل أن يعرف الألم فالعذاب هو أول شىء يجب أن يتعلمه بل أنه أحوج ما يحتاج على معرفته ص77
وهى وجهة نظر لها قيمتها خاصة فى الطبقات التى لا تجد مالا للذهاب للطبيب أو هى بعيدة مكانيا عن مكان تواجد الطبيب
ويبين روسو أن التدليل الكثير خاطىء فيقول :
"ولدى الطبيعة وسائل خاصة لتقوية الجسم وتنميته ولا ينبغى أن نعارض هذه الوسائل مطلقا ولهذا لا يجوز لنا بأى حال أن نرغم طفلا على المكث حينما يريد الذهاب ولا أن نرغمه على الذهاب وهو يريد البقاء حيث هو وحينما لا تكون حرية الأطفال قد أفسدت بأخطائنا فى التدليل فلن يريدوا شيئا من غير أن تكون له منفعة ظاهرة أو خافية ص84
ويبين روسو أنه لا يجب عدم تسريب أقوال خاطئة للطفل فيجب تعليمه ما يعرفه من البدن والمادة الظاهرة فقال:
"إن أول فكرة خاطئة تتسرب إلى رأس الطفل ستكون هى جرثومة الخطأ والشر والعيب فيجب الحذر كل الحذر من تلك الخطوة الأولى واعملوا على ألا يفطن فيما حوله من جميع النواحى إلا لما هو بدنى أو مادى ص92
ويبين روسو أن القوة والمراد الضرب مطلوب أحيانا فى معاملة الأطفال كما ان مطلوب تعليمه ما يفهمه ويتوافق معه فقال :
"ولذا أقول لكم استخدموا القوة مع الأطفال والعقل مع الرجال فهذا هو نظام الطبيعة وترتيبها والحكيم ليس بحاجة إلى قوانين علموا التلميذ بما يوافق عمره وضعوه أولا فى مكانه الطبيعى ولا تحاولوا إخراجه منه ولا تسمحوا له بالخروج منه ص93
ووضح روسو أنه يجب منع الطفل من عمل يريده بدون توضيح بالرفض القاطع أو بالسماح له بعمله فى قوله:
"أول ما يجب أن يمتنع عن إتيانه فلا تحرمه عليه بالكلام بل امنعه من عمله بغير إيضاح وبغير مجادلة وما تريد أن تسمح له به اسمح له به عند أول طلب من غير إلحاح أو توسل بل وعلى الأخص من غير شروط
إذا سمحت فعن طيب خاطر وإذا رفضت فعلى مضض ولكن اجعل رفضك دائما قاطعا لا رجعة فيه ولا تتزحزح أمام توسلاته أو تهديداته ولتكن كلمة لا سورا من الفولاذ تبدد جهود الطفل دون التأثير فيه وبهذا لن يحاول بعدها أن يتصدى لتغيير تلك الكلمة ص97
وحكاية منع الطفل من عمل دون توضيح خطأ فطالما سيفهم يبين له المانع
ووضح روسو أنه يجب على المربين تعويد التلاميذ أو التلميذات الانصياع لأوامرهم حتى وهم فى أحلى لحظات السعادة فى اللعب حتى يتعودن على الصدمات فيما بعد بقوله:
عودوهن على تلقى الأمر بالكف عن ملهى وهن فى ذروة النشوة به لينصرفن فورا إلى مهمة مختلفة عنه تماما من غير تردد ومن غير تذمر وتكوين هذه العادة ترياق كاف للنزق والذبذبة فإن العادة طبيعة ثانية وهذه العادة بالذات سند مساعد للطبيعة ص251
ويبين روسو أن التعليم بالتجارب هى أفضل من التعليم التلقينى فقال
لا ينبغى أن نلقن التلميذ دروسا لفظية فالتجربة وحدها هى التى يجب أن تتولى تعليمه وتأديبه فالتربية الأولى ينبغى أن تكون تربية سليمة خالصة ولا يجب أن يفوتنا أمر مراقبة طبيعة الطفل وسلوكه كى نكشف بدقة عن المزاج الخاص للتلميذص97
ويوضح روسو أنه يجب ضرب الطفل من المربى أو الخادم أو غيرهم إذا تخطى الحدود فضربهم حتى يتعلم أن البشر سواء وأن ضربهم حرام وهو قوله ك
لا تسمحوا للطفل مطلقا أن يعامل الكبار كأنهم أقل منه أو أنداده فإذا تجاسر على ضرب أحدهم جادا حتى لو كان خادمه الخاص فاحرص على أن يرد له الصاع صاعين بحيث يتوب عن هذا الفعل ولا تحدثه نفسه بالرجوع إليه ص105
وهى وجهة نظر صحيحة فعندما يتألم الطفل من ضرب الأخرين له سيعرف أنه تسبب للأخرين بالألم بضربهم ومن سيتوقف عن إيلام غيره حتى لا يتألم هو من ردهم عليه
وبين روسو أن عقاب الطفل واجب عند الضرورة لتعليمه وبين أن هناك أنواع من الكذب لا يجب ضرب الطفل عليها فقال:
"وأظننى قلت ما فيه الكفاية للافصاح عن دعوتى ألا يصب على الأطفال عقاب من حيث هو عقاب بل يجب أن يحدث العقاب لهم كما لو كانت نتيجة طبيعية لسوء فهمهم وبذلك يجب ألا تنددوا بالكذب ولا أن تعاقبوهم لأنهم كذبوا بل ترتبوا الأمور بحيث أن جميع الآثار السيئة للكذب تتجمع فوق رءوسهم كأن لا يصدقهم أحد حين يقولون نبأ وان يتهموا بذنوب لم يقترفوها وإن دافعوا عن أنفسهم بحرارة ولكن لنبين أولا ما هو الكذب عند الطفل
هناك نوعان من الكذب كذب ينصب على الواقع أو على ما وقع فعلا وكذب ينصب على النية أو على ما سيقع مستقبلا والنوع الأول هو أن ينكر الطفل عملا قام به حقا أو يدعى عملا لم يقم به حقا أو بعبارة أخرى أن يقول الطفل خلاف الواقع قصدا وعن علم ودراية والنوع الثانى هو أن يعد الطفل بما فى نيته ألا يقوم به أو بعبارة أخرى أن يظهر الطفل خلاف نيته وقد يجتمع النوعان أحيانا فى عبارة واحدة كأن يتهم الطفل بخطأ معين فينفى أنه فعله ويدافع عن نفسه بأنه برىء شريف "ص106ولهذا فهم لا يعتبرون كاذبين حين يعدون بشىء لأنهم لا يفكرون إلا فى الخلاص من الموقف الحرج حاليا وكل وسيلة لا علاقة لها بالوقت الحاضر ليست لها قيمة فى نظرهم فهم حين يعدون بشىء يتعلق بالمستقبل يعدون بشىء معدوم أو بلا شىء لأن مخيلتهم القاصرة لا تستطيع أن تمد وجودهم إلى زمانين مختلفين"ص107
فالكذب الواجب الضرب فيه هو إنكار الفعل الخاطىء
ووضح روسو أن على المربى أن يعامل الطفل معاملة تجعله هو من سقترح الحلول الطيبة ويعمل بها لا أن يأمره أو ينهاه مباشرة وهو قوله:
"وحينما تضطرنى طبيعته الشموس أن أعقد معه اتفاقا سأعد خطتى بحيث يصدر الاقتراح منه هو دائما لا منى إطلاقا لأنه عندئذ سيكون صاحب مصلحة فى البر بوعده إذا حدث أن حنث بوعده سيشعر أن ذلك جر عليه آثارا طبيعية لخطئه لا انتقاما جائرا من مربيه ص108
ووضح روسو أنه يجب تعويد الأطفال على العطاء دون توقع رد وليس على توقع رد العطاء بمثله أو أكثر منه فيقول :
"ولاحظت أيضا أنهم يردون بسرعة إلى الطفل ما أعطاه فيتعود ألا يعطى إلا ما هو واثق من رده إليه أو رد مثله إليه ولم أر أطفالا لا يسخون بما فى أيديهم فى هذين الضربين من السخاء إما بإعطاء ما لا حاجة بهم إليه أو ما يعلمون أنه مردود إليهم فالواجب أن ننظر فى هذه الأخلاقيات إلى عادات النفس لا إلى حركات اليد وكل الفضائل التى يعلمونها للأطفال يعلمونها لهم بهذا الأسلوب وهو أسلوب عكسى ومع هذا يبلون حداثة الأطفال بتلك المواعظ المسئمة فيالها من تربية رشيدة"ص110
وهذا هو تعليم للعطاء مع عدم توقع الرد فليس كل من نعطيه قادر على رد العطاء بمثله أو أكثر أو اقل
ويبين روسو أن كل فضيلة تقوم على التقليد إنما هى فضيلة قرود بقوله :
"وأنا أعلم أن كل فضيلة تقوم على التقليد إنما هى فضيلة قرود وما من عمل طيب يعتبر طيبا من وجهة نظر أخلاقية إلا إذا قام الإنسان به لذاته وعن وعى به لا لأن الأخرين يقومون به ولكن فى تلك السن التى لا يعى القلب فيها شيئا ولم يحس بعد بشىءص111
ولكنه ناقض نفسه فاعتبر ليس كل التقليد خطأ بل منه طيب فقال :
إن الإنسان مقلد وكذلك الحيوان مقلد وحب التقليد جعلته الطبيعة فى حدوده شيئا طيبا ولكنه يفسد فى المجتمع ويصبح شرا ورذيلةص112
ومع هذا ناقض الاثنين فجعل القدوة الطيبة مطلوبة فقال :
"القدوة القدوة بغير القدوة لن تفلحوا فى تعليم الصغار اى شىء حتى ولا الدين ص262
فما ينتج عن القدوة هو التقليد سواء بخير أو شر
وبين روسو أن الذاكرة غير العقل لأن الصور غير الأفكار فقال:
ومع أن الذاكرة مباينة للعقل فهما ملكتان مختلفتان إلا أن إحداهما لا تنمو مستقلة عن الأخرى تمام الاستقلال وقبل سن التعقل يتلقى الطفل صورا لا أفكار وإليك الفرق بين الصور والأفكار إن الصور ما هى إلا الأشكال الخارجية للأشياء أما الأفكار فهى المعلومات عن تلك الأشياء تتعلق بعلاقاتها فيما بينها وحين تتذكر الصورة قد تتذكرها قائمة برأسها فى الذهن أما الفكرة فلا تكون إلا مرتبطة إلا بسواها من الأفكار لذا حين نخال الصور لا نكون إلا متصورين أما حين نفكر فإننا نقارن ونربط ونميز الصور إحساسات والإحساسات سلبية أما الأفكار فثمرة عملية التفكير أو التعقل أو الاستدلال الايجابية ص116
الذاكرة ليست ذاكرة صور فقط فالذاكرة تتذكر صورا وتتذكر أحداث وتتذكر أقوال وتتذكر أفعال فمثلا فى الشهادة تتذكر حضور الفعل وهو كتابة الدين ووجود الدائن والمدين والكاتب كما قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ"
والذاكرة جزء من العقل