لجنة الأخبار
مشرف
- المشاركات
- 7,533
- الإقامة
- عرب فوركس
يتساقط الثلج بكثافة على أنقرة، فيما تدنت الحرارة إلى عشر درجات تحت الصفر، لكن دوندو إيسلر "61 عاما" أطفأت أجهزة التدفئة لضبط فواتيرها مع ارتفاع تكلفة المعيشة بسبب التضخم الذي بلغ رسميا 48.7 في المائة، في كانون الثاني (يناير).
ووفقا لـ"الفرنسية"، أصبحت أسعار الغاز والكهرباء باهظة جدا ولم تعد الطبقات الوسطى قادرة على تحمل تكلفتها. تقول دوندو وهي ربة منزل تقيم مع زوجها المتقاعد وهو حارس ورشة سابق يتقاضى 2400 ليرة تركية شهريا "154 يورو"، "وحدها غرفة الاستقبال والمطبخ تحظى بتدفئة بالحد الأدنى، نحاول أن نتدفأ عبر الأغطية".
من بين الصعوبات الجمة التي يواجهانها، يشكل رفع أسعار الكهرباء في الأول من كانون الثاني (يناير) بين 52 و127 في المائة، وفق تسعير تدريجي مرتبط بالاستهلاك، المشكلة الأصعب. بين الغاز والكهرباء، شهد كثير من الأتراك فواتيرهم تتضاعف أو ترتفع بثلاثة أضعاف بين ليلة وضحاها، وأصبحت تكلفة الطاقة موضوع حديث متكرر ولا سيما في صفوف التجار الذين يواجهون أسعارا أعلى.
بعض المقاهي باتت تضيف الآن رسم خدمة قدره أربع ليرات "25 سنتا من اليورو" على الزبائن الذين يجلسون في قاعات مدفأة.
وتتهم المعارضة وبعض الاقتصاديين مكتب الإحصاء الوطني، بالتقليل من حجم التضخم بأكثر من النصف، حيث تقول مجموعة من الاقتصاديين الأتراك المستقلين "إنه تجاوز 110 في المائة، في كانون الثاني (يناير)".
تقول هاجر فوجو مؤسسة المنظمة غير الحكومية "شبكة الفقر الكبير"، "إن هذا الارتفاع القياسي في الأسعار منذ 2002 يفقر كل شرائح المجتمع".
وتؤكد أن "كثيرا من العائلات خفضت نفقات طعامها بشكل كبير، أصبحت الأجبان والبيض أو الزيتون على مائدة الفطور التقليدية منتجات فاخرة، وباتت الطبقات الوسطى التي كانت تقاوم نسبيا الأزمات سابقا، تحت الضغط حتى موظفي المكاتب".
وتضيف فوجو "لقد ارتفعت إيجاراتهم بمعدل الضعفين أو ثلاثة أضعاف، وعليهم أن يبحثوا عن مساكن أصغر أو في أحياء بعيدة". العواقب أصعب بالنسبة إلى الأكثر فقرا الذين لم يعد بإمكانهم الاعتماد على التضامن بين الأصدقاء أو العائلة.
وأضافت فوجو "نقدر أن 160 ألفا من الأطفال والشباب غادروا المدرسة في 2021، أعرف شخصيا كثيرا من العائلات التي تتلقى المساعدات من منظمتنا".
وأكدت أن البعض يشعر بأنهم مضطرون إلى المساهمة في نفقات الأسرة وترك المدرسة إلى العمل، ويتخلى آخرون عن الذهاب إلى المدرسة لأنهم لا يستطيعون دفع نفقات النقل أو غيرها من النفقات.
مع ارتفاع أسعار المنتجات الأساسية مثل حليب الأطفال "+ 55.6 في المائة، بحسب الأرقام الرسمية"، "تقدم عديد من الأمهات الحساء المجفف لأطفالهن بدلا من الحليب".
ويقول علي جولبينار وهو مختار منذ 13 عاما لمنطقة متواضعة في أنقرة "لاحظت آثار الأزمة في السكان، أنظم منذ أعوام صناديق تعاضد للأكثر فقرا في الحي، لكننا نواجه منذ أشهر صعوبات لأنه لم يعد لدى أحد الإمكانات للمساهمة فيها".
حتى جمعيته التي تعرض على النساء ورش عمل مجانية في الخياطة والطبخ وصنع المجوهرات، تأثرت. وقال المختار "فاتورتنا للكهرباء ارتفعت من 93 ليرة (ستة يوروهات) في كانون الأول (ديسمبر) إلى 348 ليرة (22.40 يورو) عن استهلاك مماثل".
ويفيد بأن شركات الكهرباء قطعت التيار عن عديد من السكان الذين لم يتمكنوا من دفع فواتيرهم. ويتزايد الغضب في صفوف السكان، من موغلا "غربا" الى دوجوبايزيت "شرقا"، أدى تضاعف فواتير الطاقة ثلاث مرات إلى عديد من التجمعات في مختلف أنحاء البلاد. ومن المرتقب تنظيم تجمعين على الأقل في نهاية الأسبوع في إسطنبول.
وقال أوندر ألجيديك وهو خبير طاقة ينتقد الشركات الخاصة لأنها تدفع بالأسعار الى أعلى من تكلفتها الحقيقية "نواجه شكلا جديدا من الفقر، حركات الاحتجاج من المرجح أن تتسع".
بدوره، أيد حزب المعارضة الرئيس في تركيا المظاهرات التي تم تنظيمها في أنحاء البلاد أمس احتجاجا على ارتفاع فواتير خدمات المرافق، وسط ارتفاع أسعار الطاقة بأكثر من 50 في المائة، منذ بداية العام.
وبلغ التضخم في تركيا 48.69 في المائة، في كانون الثاني (يناير)، وهو أعلى مستوى منذ ما يقرب من 20 عاما، بعد ارتفاع الأسعار الذي شمل فواتير الكهرباء والغاز الطبيعي ورسوم الطرق في بداية هذا العام.
وقال علي حكمت عقيلي رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري في أنقرة، للصحافيين في العاصمة التركية "إن الحصول على الكهرباء هو أحد حقوق الإنسان، يجب أن يكون بسعر يمكن تحمله". وتعاني الأسر والشركات غلاء الأسعار، وفي المظاهرات، رفع بعض المتظاهرين فواتير المرافق الخاصة بهم.
وأكدت جنان كفتانجي أوغلو رئيسة مكتب حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، أن فرق الحزب ستنضم إلى احتجاجات الشوارع حتى تراجع الحكومة عن "أعلى ارتفاع في أسعار الكهرباء في تاريخ الجمهورية".
وقال أحد أصحاب المشاريع المحليين في منطقة سلطان بيلي "إن فواتير الكهرباء والغاز الخاصة به أعلى بثلاثة أضعاف تقريبا من الإيجار الذي يدفعه عن متجره".
وتساءل قائلا "كيف يفترض بنا أن ندفع الإيجارات والضرائب؟". وقالت كفتانجي أوغلو "إن ضغط الاقتصاد والطاقة حكم على مواطنينا بالفقر والظلام ودرجات حرارة التجمد".
وشارك عدد من أصحاب المطاعم والمتاجر عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا لفواتير المرافق العامة مرتفعة القيمة للغاية، التي تم تعليقها على نوافذ هذه المطاعم والمتاجر.
وقال فاتح دونماز وزير الطاقة للصحافيين في أنقرة أمس، "إن الحكومة تدرس سبل التعامل مع أسعار الكهرباء، بعد مطالب الشركات والمنظمات غير الحكومية".
ودفع معدل التضخم المرتفع عديدا من العاملين في تركيا إلى النزول إلى الشوارع للتظاهر، حيث إنه يلغي فعليا الاستفادة من زيادة 50 في المائة تقريبا في الحد الأدنى للأجور.
وكان الثلاثاء قد شهد إضرابا للأطباء أيضا، حيث طالبوا بتحسين الأجور وظروف العمل.