إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

الاقتصاد العالمي.. استقرار مؤقت أم تعافٍ بطيء؟

المشاركات
7,533
الإقامة
عرب فوركس



في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصف صندوق النقد الدولي الاقتصاد العالمي بأنه يعيش في حالة من التباطؤ المتزامن مع المخاطر السلبية المتزايدة والتي قد تُشكل عقبات إضافية أمام النمو.

لكن منذ ذلك الحين، فإن بعض هذه المخاطر قد تراجعت، وفقاً لما قالته المستشار الاقتصادي ومدير قسم الأبحاث في صندوق النقد "جيتا جوبيناث" خلال رؤية تحليلية نشرتها مدونة المؤسسة الدولية في أعقاب إعلان خفض تقديرات النمو الاقتصادي العالمي عن العامين الحالي والمقبل.

ويأتي هذا الانحسار في المخاطر مع إعلان توقيع المرحلة الأولى من الصفقة التجارية وتراجع احتمالية البريكست بدون اتفاق، كما استمرت السياسة النقدية في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز ازدهار الظروف المالية.

وفي سياق هذه التطورات، فإن هناك إشارات أولية بأن نمو الاقتصاد العالمي ربما يحقق استقراراً في الأداء وإن كان بمستويات خافتة.

وفي تحديث الآفاق الاقتصادية العالمية، نتوقع أن يتسارع نمو الاقتصاد العالمي بوتيرة معتدلة من 2.9 بالمائة المسجلة في عام 2019 إلى 3.3 بالمائة في عام 2020 و3.4 بالمائة في عام 2021.

وتعزى هذه المراجعة الطفيفة بالخفض في التقديرات والبالغة 0.1 بالمائة عن عامي 2019 و2020 و0.2 بالمائة لعام 2021، بشكل كبير إلى خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند.

ويظل التعافي المتوقع في النمو الاقتصادي العالمي أمراً غير مؤكداً، حيث أنه لا يزال يعتمد على حالات التعافي في اقتصاديات الأسواق الناشئة المجهدة والضعيفة، مع حقيقة أن النمو في الاقتصادات المتقدمة يستقر بالقرب من مستوياته الحالية.

وتوجد إشارات أولية بأن الهبوط في قطاعي الصناعة والتجارة ربما قد بلغ أدنى مستوى له، وهو ما يرجع جزئياً إلى تحسن في قطاع السيارات، نظراً لأن الاضطرابات الناجمة عن معايير الانبعاثات الجديدة تبدأ في التلاشي.

ومن المتوقع أن تقلل المرحلة الأولى من الصفقة بين الولايات المتحدة والصين، إذا استمرت، من الأثر السلبي التراكمي للتوترات التجارية على الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية عام 2020، من 0.8 بالمائة إلى 0.5 بالمائة.

ويظل القطاع الخدمي في نطاق التوسع في الأداء، حيث أن قوة الإنفاق الاستهلاكي تظل مدعومة بالنمو المستدام في الأجور.

كما أدى التيسير النقدي شبه المتزامن في كافة الاقتصادات الكبرى إلى دعم الطلب وشكل ما قدره 0.5 بالمائة من النمو الاقتصادي العالمي في كل من 2019 و2020.

وفي الاقتصادات المتقدمة، من المتوقع أن يتباطأ النمو هامشياً من 1.7 بالمائة في عام 2019 إلى 1.6 بالمائة في عامي 2020 و2021.

ويفترض أن تستفيد الاقتصادات التي تعتمد على الصادرات مثل ألمانيا من التحسينات في الطلب الخارجي، في حين أن النمو الاقتصادي الأمريكي من المتوقع أن يتباطأ مع تلاشي أثر التحفيز المالي.

وبالنظر إلى الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، نتوقع تعافياً في النمو من 3.7 بالمائة خلال عام 2019 ليصل إلى 4.4 بالمائة في عام 2020 وإلى 4.6 بالمائة خلال عام 2021، وهي تظل مراجعة بالخفض عن التوقعات السابقة بنحو 0.2 بالمائة في الأعوام الثلاثة.

وأكبر مساهم في هذا التعديل في تقديرات النمو الاقتصادي هي الهند، حيث يتوقع أن تشهد تباطؤاً حاداً في النمو بسبب الضغوط في القطاع المالي غير المصرفي والنمو الضعيف للدخل في المناطق الريفية.

فيما تم تعديل نمو اقتصاد الصين بالرفع بنحو 0.2 بالمائة إلى 6 بالمائة عن عام 2020، الأمر الذي يعكس الصفقة التجارية مع الولايات المتحدة.

ويظل تحقيق التعافي في النمو الاقتصادي العالمي عن عام 2020 أمراً مشكوكاً فيه بدرجة كبيرة، كونه يعتمد على نتائج النمو الاقتصادي المحسنة في الاقتصادات المجهدة مثل الأرجنتين وإيران وتركيا وعلى الاقتصادات الناشئة والنامية مثل البرازيل والهند والمكسيك.

المخاطر آخذة في التراجع لكنها تظل بارزة

وبشكل عام، فإن المخاطر على الاقتصاد العالمي تظل في الاتجاه الهبوطي، بالرغم من الأنباء الإيجابية بشأن التجارة إضافة إلى تضاؤل المخاوف المتعلقة بمغادرة المملكة المتحدة لعضوية الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق.

ويمكن أن تنشأ توترات تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كما يمكن أن تعود التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

ومن شأن أحداث كهذه بالإضافة إلى المخاطر الجيوسياسية الآخذة في الارتفاع والاضطرابات الاجتماعية المتصاعدة، أن تبطل أثر الظروف المالية التيسيرة وتكشف نقاط الضعف المالي وتضع عقبات شديدة أمام النمو الاقتصادي.

والأمر الأكثر أهمية، أنه حتى إذا بدا الأمر وكأن المخاطر الهبوطية أقل بروزاً عما كانت عليه في عام 2019، فإن المساحة المتاحة أمام السياسة للاستجابة لتلك المخاطر كذلك أكثر محدودية.

وهكذا، فإنه من الضروري ألا يتسبب صناع السياسة في مزيد من الضرر بل يجب الحد أكثر من عدم اليقين في السياسات على الصعيدين المحلي والدولي.

ومن شأن ذلك أن يساعد في إنعاش الاستثمار، والذي لا يزال ضعيفاً.

أولوليات السياسة

وينبغي أن يواصل صناع السياسة إتباع نهج تيسيري، حيث أن التضخم لا يزال خافتاً.

وفي ظل معدلات الفائدة التي يتوقع أن تبقى منخفضة لفترة أطول، فإنه يجب استخدام أدوات التحوط بشكل استباقي لمنع تراكم المخاطر المالية.

وبالنظر إلى معدلات الفائدة المنخفضة بالمعايير التاريخية إضافة إلى نمو الإنتاجية الضعيف، فإن الدول التي تتمتع بالحيز المالي للإنفاق ينبغي أن تستثمر في رأس المال البشري والبنية التحتية الصديقة للبيئة بهدف زيادة الناتج المحلي الإجمالي المحتمل.

أما الاقتصادات التي لديها مستويات غير مستدامة من الديون، ستكون بحاجة لتعديل أوضاعها وذلك من خلال زيادة الإيرادات على نحو فعال.

ومن أجل ضمان استجابة مالية في الوقت المناسب إذا حدث تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي، فإن الدول ينبغي أن تُعد تدابير طارئة مقدماً وأن تعزز الأدوات التلقائية لتحقيق الاستقرار.

ومن المحتمل أن يتطلب الأمر استجابة مالية منسقة من أجل تحسين فعالية التدابير الفردية.

وفي كافة الاقتصادات، فإن الأمر الحتمي الرئيسي يكمن في إجراء إصلاحات هيكلية وتعزيز الشمول والتأكد من أن شبكات الأمان تحمي الضعفاء.

وتحتاج الدول إلى التعاون في العديد من الجبهات من أجل زيادة النمو الاقتصادي ونشر الرخاء، كما أنهم بحاجة إلى التحول بعيداً عن الحواجز التجارية الحمائية وكسر الجمود إزاء محكمة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية.

كما يجب أن تتبنى الدول استراتيجيات تحد من زيادة درجات الحرارة العالمية والعواقب الوخيمة للكوارث الطبيعية ذات الصلة بالمناخ.

وهناك حاجة إلى تبني نظام دولي جديد للضرائب كي يتلائم مع الاقتصاد الرقمي المتنامي والحد من التحايل الضريبي والتهرب الضريبي، مع التأكد من أن كافة الدول تتلقى حصتها من الإيرادات الضريبية بشكل عادل.

والخلاصة، أنه في حين وجود إشارات بشأن تحقيق الاستقرار، فإن الآفاق المستقبلية العالمية تظل بطيئة كما أنه لا يوجد علامة واضحة على وجود نقطة تحول وشيكة الحدوث.

وببساطة، ليس هناك مجالاً للتهاون، كما أن العالم بحاجة إلى تعاون متعدد الأطراف أقوى وسياسات على الصعيد الوطني تدعم التعافي المستدام الذي يعود بالفوائد على الجميع.
 
عودة
أعلى