إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

اضطرابات أسعار النفط

طارق جبور

المدير العام
طاقم الإدارة
المشاركات
82,633
الإقامة
قطر-الأردن
يفقد الحديث عن أسعار النفط معناه من دون الإلمام بما يأتي:

أولاً: لا يؤثر كثيراً في أسعار النفط من أنتجه، ولا إلى أين ذهب، وكيف، وأين تم الاستهلاك؟ إن برميل النفط لا يحمل «وسماً» قبلياً وليست له «هوية» وطنية. المهم أن يصل إلى من يريد شراءه. بالطبع لكل نوع من أنواع النفط مواصفات كيماوية وفيزيائية محددة، فسواء كان برميل نفط جاء من ليبيا أم برميلٌ مماثلٌ تماماً أتى من نيجيريا إلى ميناء روتردام أو غيره من الموانئ، فلن يؤثر ذلك بحد ذاته في قرارات المتداولين.

فالذي يحدد أسعار النفط عموماً في أية لحظة آنية هو مجموع الكميات المعروضة ومجموع الكميات المطلوبة، إضافة إلى ما هو «متوقع» عرضه وما هو «متوقع» طلبه، ولكلمة «متوقع» معنى محدد يعرفه المتداولون في أسواق النفط الآجلة.

ثانياً: النفط، وعلى رغم ما قد يحيط بأسواقه من ضبابية سياسية وأحياناً أمنية، هو في نهاية المطاف سلعة من السلع التي تباع وتشترى، حتى لو خضعت كميات ضخمة من مبيعاته لعقود ملزمة خلال فترات العقود، تبقى على رغم كل ذلك من السلع التي تخضع لقوانين الأسواق. ومن طبيعة الأسواق أن تكون تغيرات الأسعار أكبر أو أقل وفق الأحوال في مواجهة أي اضطراب في مستوى الأسعار، مما ستكون عليه بعد «ركود الرمي» أو «ركود الغبار».

ثالثاً: من طبيعة التطور التقني أن يؤدي إلى بروز وانتشار وربما سيطرة وسيادة صناعة جديدة وفناء صناعة قديمة، ولكن النفط ليس صناعة فحسب، وإنما مادة خام ناضبة ولا بد من ارتفاع أسعاره حتى يصل السعر إلى ما يقارب كل تكاليف الوحدة الواحدة من بدائله، أي حينما يحل محله بديل آخر أرخص بكل معاني «أرخص»، بما في ذلك سهولة الاستخدام.

وكيف يتم ذلك؟

والجواب المختصر من طريق الأسعار، فالأسعار أكفأ أداة أو وسيلة لتوزيع السلع بين من يتنافسون على شرائها، أياً كانت درجة المنافسة.

ومعنى ما تقدم أن الأسعار هي التي تحدد ماهية الصناعة التي قد تسود والصناعة التي قد تموت، وكلمة الأسعار تشمل أيضاً أسعار ما يحتاج إليه المصنع لإنتاج ما يأمل بإمكان بيعه.

نعود إلى اضطرابات أسعار النفط الحالية، ففي يوم 6 - 11 - 2014 وصل متوسط سعر برميل النفط إلى نحو 80 دولاراً أميركياً، فهل معنى ذلك أن الأسعار التي هبطت من نحو 100 دولار للبرميل قبل عام تقريباً، هبطت بنحو 20 في المئة؟

بالنسبة إلى مستهلكي النفط في أميركا، نعم انخفضت الأسعار بنحو 20 في المئة، أما بالنسبة إلى المستهلكين في غالبية بلدان المعمورة، فإن الأسعار لم تنخفض بأكثر من 10 في المئة، ويعود ذلك إلى أن مؤشر الدولار أو متوسط قيمته نسبة إلى 6 عملات عالمية، ارتفع بنحو 10 في المئة خلال عام واحد. (نسبة انخفاض السعر بالدولار منقوص منها نسبة ارتفاع قيمة الدولار).

ولكن المهم ما يحدث لمستوى أسعار النفط في أميركا، التي هبط سعر النفط بعملتها على الأقل بنحو 20 في المئة، وأميركا هي التي تنتج كميات متزايدة من الغاز والنفوط غير التقليدية كالنفط الصخري، والغاز بديل ممتاز للنفط في بعض استخداماته كتوليد الكهرباء.

وما المشكلة إذاً؟

تكمن المشكلة بالدرجة الأولى في أن انخفاض أسعار النفط التقليدي المعتاد، يؤدي إلى خفض إنتاج النفط غير التقليدي، الذي أدى إنتاجه إلى زيادة مجموع المتوافر (المعروض)، وبالتالي إلى أحد الأسباب التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط التقليدي.

تتراوح تقديرات كلفة إنتاج كل برميل إضافي من النفط الصخري بما بين 70 و80 دولاراً.

وإذا استمر انخفاض برميل النفط إلى نحو 70 دولاراً أو أقل، فإن إنتاج النفط الصخري سيتناقص وقد يتوقف تماماً.

ولا ينحصر سبب انخفاض أسعار النفط في زيادة ما تنتجه أميركا وكندا من غاز ومن نفوط غير تقليدية فحسب وإنما لأسباب أخرى، لعل أهمها ما تقدم ذكره، وهو ارتفاع القيمة الشرائية للدولار، والآخر هو تدني نسبة متوسط نمو العالم ككل، بعد ما مر به من تراجع بسبب كارثة 2008 المالية. وتراجع نسبة النمو بحد ذاتها هو من أهم أسباب انخفاض مستوى الطلب العالمي للنفط إلى مستوى أقل مما كان متوقعاً، وتأثير انخفاض الطلب، من دون أي تغيير آخر، لا محالة يؤدي إلى انخفاض الأسعار ولو موقتاً.

غير أن انخفاض الأسعار يحمل بذور ارتفاعها في المستقبل، وسبب ذلك يعود إلى أن انخفاض الأسعار يؤدي بعدما يركد غبار الاضطرابات إلى زيادة الطلب، وذلك بدوره يؤدي إلى زيادة الأسعار حتى يتم استقرارها، بما يعكس الندرة النسبية للنفط بأنواعه كافة من تقليدي وغير تقليدي.

يقول المهندس عثمان الخويطر، وهو خبير في شؤون النفط الفنية: «لا بد من أن يكون لديك خيال (واسع) حتى تستوعب إمكان الاستغناء عن مادة حيوية كالمواد النفطية التي ساهمت بفاعلية، ولا تزال، في إحداث هذا التقدم الهائل في الحياة البشرية خلال العقود الماضية. يجب ألا يميل بعضهم إلى التفاؤل المفرط بنتائج البحوث العلمية التي يقولون عنها إنها ستوجد لنا مصادر تفوق في كمياتها وكفاءتها الخصائص النفطية». (صحيفة «الاقتصادية» 5 - 10 - 2014).

فالفحم الحجريّ كان مصدر الطاقة الوحيد منذ فجر انطلاق الثورة الصناعية في نحو عام 1720 وحتى بروز النفط كمصدر أساسي أكفأ للطاقة في أواخر القرن الـ 19 ومستهل القرن الـ 20، ومع ذلك لم ينته دور الفحم الحجري، بل كلما طرأت زيادة على أسعار النفط زادت أسعار الفحم وزادت أهميته.

والخلاصة: لا ينبغي أن يصيبنا انخفاض أسعار النفط بالتشاؤم نحو مستقبلنا، فقد يؤدي انخفاض الأسعار إلى معاناة مالية موقتة، ولكن انخفاض الأسعار بحد ذاته يؤدي إلى زيادة الطلب، الذي تؤدي زيادته إلى ارتفاع الأسعار ولو بعد حين. وعلينا أن نتذكر إنه خلال ثمانينات القرن الماضي وصل سعر برميل النفط إلى نحو 6 دولارات، أو أقل من 15 دولاراً بالأسعار الحالية. واستطاعت دول الخليج العربية خصوصاً أن تتعامل مع ذلك الانخفاض الكبير، حتى عادت الأسعار لما يعكس ندرة النفط النسبية بصفته مصدراً للطاقة تعذر الاستغناء عنه.

*

علي بن طلال الجهني.

*

 
استمر سعر النفط بالانخفاض يوم امس بشكل قوي ليقترب من الأهداف الممتدة والتي تتواجد حول 72.65، مع الإشارة إلى أن كسر هذا المستوى سيضغط على السعر للتوجه نحو 70.00. وبشكل عام، سيبقى الاتجاه الهابط متوقعاً خلال الفترة القادمة بدعم من السلبية المستمرة لدى مؤشرات الانحدار الخطي، ما لم يخترق السعر مستوى 77.20 ويستقر فوقه.
 
عودة
أعلى