لجنة الأخبار
مشرف
- المشاركات
- 7,533
- الإقامة
- عرب فوركس
عادة ما يكون الأضعف هو الأكثر عرضة للعدوى بالأمراض، وفي حالة تفشي فيروس كورونا الجديد قد ينطبق ذلك اقتصادياً أيضاً.
ورغم المسافة الجغرافية بين أوروبا والصين، فإن منطقة اليورو لديها الكثير لتخشاه من انتشار الفيروس الجديد.
وتشير رؤية تحليلية نشرتها "بلومبرج أوبنيون" للكاتب "فيردناندو جيوجليانو" إلى أن "كورونا" تمثل تحدياً آخر للنموذج القائم على التصدير للاتحاد النقدي، والذي كان يعاني بالفعل مع الاتجاه العالمي نحو الحمائية.
وقد يكون هذا أول اختبار كبير لرئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، والتي كانت متفائلة للغاية بشأن آفاق منطقة اليورو.
ومن المتوقع أن يؤثر فيروس كورونا على اقتصاد أوروبا بثلاث طرق..
أولاً: فيما يتعلق بالطلب حيث أن الصين هي ثالث أكبر مستورد للسلع والخدمات من منطقة اليورو بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وزادت صادرات الكتلة إلى الصين ثلاثة أضعاف تقريباً بين عامي 2007 و 2018 لتصل إلى 170.3 مليار يورو (185.8 مليار دولار) من 60.5 مليار دولار.
وخلال الفترة نفسها، زادت المبيعات إلى الولايات المتحدة بنحو 63 بالمائة فحسب.
وهذه الأرقام مهمة لأن أوروبا تعتمد بشكل كبير على الطلب العالمي لدفع ازدهارها، كما يتضح من فائضها الخارجي الكبير.
وسيؤدي التباطؤ في مبيعاتها للصين إلى حدوث مشكلات في عدد من الصناعات مثل سلع الرفاهية.
ثانياً: أزمة المعروض، وفقاً لتقرير صادر عن جامعة "أكسفورد إيكونوميكس"، فإن سلاسل التوريد الصناعية في أوروبا أقل عرضة للصين من مثيلاتها في مناطق أخرى من العالم.
ومع ذلك، يلاحظ التقرير أن بعض الصناعات قد تكون أكثر تعرضًا، حيث أن منطقة ووهان التي نشأ فيها الفيروس هي مركز رئيسي للسيارات وموطن لمواقع إنتاج شركات الصناعة بما في ذلك "رينو" و"بيجو".
وأخيرًا، تأثير انتشار الفيروس على ثقة المستثمرين، وكانت الأسواق المالية في أوروبا قوية حتى الآن حيث لا يزال مؤشر "ستوكس 600" مرتفعًا منذ بداية العام.
ومن الممكن أن تستفيد بعض الشركات من الاضطرابات حيث يتعين على المنتجين البحث عن موردين أخريين، ولكن رغم ذلك يمكن لفيروس كورونا التأثير على قرارات الاستثمار في منطقة اليورو، وسيؤدي تباطؤ الاستثمار إلى إحداث أضرار اقتصادية طويلة الآجل حتى لو انتعش العرض والطلب في الصين بسرعة.
هذه العوامل مهمة لكل اقتصاد في العالم وليس فقط لمنطقة اليورو، لكن اقتصاد الاتحاد النقدي بالفعل ضعيف بمعدل نمو 0.1 بالمائة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة في العام الماضي وهو أسوأ أداء فصلي منذ عام 2013.
ومن ألمانيا إلى إيطاليا شهد القطاع الصناعي نهاية مروعة للعام الماضي، فيما يستمر هبوط معدل البطالة وقوة نمو الأجور، ما يعزز الطلب المحلي.
ومع ذلك، تعرضت منطقة اليورو لسلسلة من الصدمات الخارجية وكلما طالت مدة استمرار الإصابة بفيروس كورونا، زاد خطر تسلله إلى الاقتصاد المحلي.
وحتى الآن لم يتفاعل البنك المركزي الأوروبي مع تداعيات الفيروس ولا يزال في وضع الانتظار والترقب بعد خفض الفائدة على تسهيلات الودائع وإعادة إطلاق برنامج التيسير الكمي في سبتمبر/أيلول الماضي.
فضلاً عن أن "لاجارد" استبعدت بعض تلميحات التفاؤل حول التضخم الذي لا يزال أقل بكثير من هدف البنك المركزي البالغ 2 بالمائة.
ولكن لعبة الانتظار قد لا تستمر لفترة طويلة، حيث أنه بالإضافة إلى كبح النمو قد يؤدي الفيروس أيضًا إلى انخفاض معدل التضخم أيضًا، خاصة وأن أسعار النفط تراجعت بسبب انخفاض الطلب من الصين في الوقت الذي تكافح فيه أوبك وحلفاؤها للاتفاق على خفض جديد في الإنتاج لدعم الأسعار.
وتعتمد منطقة اليورو على استيراد النفط غالباً، لذلك نظرياً فإن أي هبوط لأسعار الخام يجب أن يكون مفيدًا لاقتصادها حيث سيكون للمستهلكين المزيد من المال لإنفاقه على السلع الأخرى، وستشهد الشركات انخفاض فواتير الطاقة لديها.
وعلى أي حال، عادة ما تفضل البنوك المركزية تجاوز تغيرات أسعار الطاقة والتركيز على التضخم "الأساسي".
ومع ذلك، فإن ذكريات عامي 2014 و 2015 باقية في أذهان صانعي السياسات عندما ساهم الانخفاض الحاد في أسعار النفط في ذلك الوقت في نوبة من انكماش الأسعار هددت بتحويل منطقة اليورو إلى نموذج اليابان.
واستجابة لذلك، أطلق البنك المركزي الأوروبي - لأول مرة - برنامجًا ضخماً وغير مشروط لشراء السندات.
لسوء الحظ، هذه المرة أن المركزي الأوروبي قد استخدم بالفعل العديد من أسلحته لمكافحة انكماش الأسعار.
وبلغت الميزانية العمومية للنظام الأوروبي - المكونة من البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية الوطنية - حوالي 4.7 تريليون يورو في الوقت الذي يبلغ فيه معدل الفائدة على عمليات إعادة التمويل الرئيسية "صفر" والفائدة على تسهيلات الودائع -0.5 بالمائة.
وتقول "لاجارد" إن معدل الفائدة المنخفض وبيئة التضخم المنخفضة قلصت إلى حد كبير المساحة لدى البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية الأخرى في العالم لتيسير السياسة النقدية.
وتتناقض هذه اللغة بعض الشيء مع سلف لاجارد "ماريو دراجي" الذي ترك البنك المركزي الأوروبي مع عبارة "لا تستسلم أبدًا".
كما أنه من المقلق أيضًا أن حكومات منطقة اليورو ذات الديون المنخفضة، بما في ذلك ألمانيا لا تشعر بأي ضغوط لاستخدام السياسة المالية بما يكفي لمكافحة التباطؤ.
ولا يزال من الممكن أن يتلاشى التهديد الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا، حيث أن الاستجابة القوية للسياسة في الصين يمكن أن تخلق طلبًا إضافيًا، ما سيساعد الشركات الأجنبية.
لكن الحالة الضعيفة لمنطقة اليورو لا تترك مجالاً للخطأ، وبعد بداية هادئة لـ"لاجارد" يمكن أن يقترب وقت القرارات الصعبة سريعاً.