لجنة الأخبار
مشرف
- المشاركات
- 7,533
- الإقامة
- عرب فوركس
لا أحد كان يتوقع أن ينتهي العام، وأسعار النفط عند هذه المستويات التي وصلت إليها الاسبوع الماضي. لقد هبطت أسعار نفط برنت نحو 30 دولاراً في فترة وجيزة، لتصل إلى 55 دولاراً، فيما هبطت أسعار خام غرب تكساس الوسيط في نيويورك بمعدل كبير كذلك؛ لتصل إلى منتصف الأربعينات.
ولا يبدو أن العام المقبل سيكون أفضل على أي حال بالنسبة لأسعار النفط، على الأقل في النصف الأول، لأن السوق لا تزال تتخوف من وجود زيادة في الإنتاج يقابلها ضعف في الطلب. والمخرج الوحيد للأسعار من هذه الضغوط التنازلية عليها هو قيام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها المعروفين باسم تحالف «أوبك+» بجولة جديدة من التخفيضات في الإنتاج.
ولا أستبعد عقد اجتماع طارئ في الربع الأول من العام المقبل إذا ما هبطت أسعار برنت إلى مستويات 40 دولاراً للبرميل، لأن هذه المستويات ستخنق كل ميزانيات دول «أوبك»، وستكون بعيدة جداً عن أسعار تعادلها، التي تتطلب أن يستقر برنت عند 70 إلى 80 دولاراً. وللأسف لم يكن اتفاق تخفيض «أوبك+» الأخير مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي ذا أهمية كبيرة نظراً للظروف التي تم فيها الاتفاق، وتفاصيل الاتفاق غير الواضحة، التي كانت مغايرة تماماً للاتفاق الذي سبقه في عام 2016.
حقيقة، إن أساسيات العرض والطلب في السوق ليست سيئة لنرى النفط عند هذه الأسعار، ولكن الضغوط الجيوسياسية قوية جداً؛ وهي المحرك الرئيس للأسعار وليست الأساسيات.
إن أكبر المخاطر على أسعار النفط سببها ليس دول «أوبك»، بل تأتي من الولايات المتحدة التي أصبحت اليوم مصدر المخاطر الأول لأسعار النفط. فمن ناحية الخلل في أساسيات العرض في السوق، فإن مصدره الإنتاج الأميركي الذي من المتوقع أن يتزايد في الأشهر المقبلة.
لقد تمكنت الولايات المتحدة بفضل النفط الصخري أن ترفع إنتاجها إلى 11.6 مليون برميل يومياً مؤخراً، لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم، متخطية روسيا والسعودية. وفيما يتعلق بتصدير المواد البترولية بشكل عام، فلقد أعلنت الولايات المتحدة مطلع الشهر الحالي أنها أصبحت مصدراً صافياً للمواد البترولية بعد أن ظلت عقود طويلة مستورداً صافياً لها، نظراً لأن ما تستورده من نفط خام ومنتجات أعلى مما تصدره (لقد كانت أميركا تصدر المنتجات فقط قبل أن يتم رفع الحظر على التصدير في أواخر عهد الرئيس السابق باراك أوباما).
أما أساسيات الطلب، فالمخاوف حول اختلالها كذلك متعلقة بالولايات المتحدة وحربها التجارية على الصين، إذ إن الصين هي أكبر دولة مستوردة للنفط الخام، وهناك مخاوف كبيرة بأن تؤثر نتيجة هذه الحرب على نمو الاقتصاد الصيني، وبالتالي على الطلب على النفط.
ولا تزال السوق النفطية تتفاعل مع العناوين القادمة من واشنطن وبكين بشكل أكبر من العناوين القادمة من الرياض وموسكو، إذ إن الإنتاج حالياً لا يعني شيئاً إذا ما أصاب الاقتصاد العالمي الضعف.
وقبل أيام قلائل، أعلن البنك المركزي الأميركي عن رفع أسعار الفائدة، ما يعني أن الدولار سيصبح أقوى، وبالتالي فإن تكلفة استيراد النفط سترتفع مع ارتفاع قيمة صرف الدولار، وهو ما قد يضعف الطلب على النفط من ناحية نظرية.
وبعيداً عن كل هذه الأمور، فإن السياسات الأميركية بشكل عام أصبحت متقلبة ولم يعد هناك وضوح فيما يتعلق بعلاقتها مع دول «أوبك». فعلى سبيل المثال بعد أشهر من الإعلانات الأميركية عن فرض حظر كامل على النفط الإيراني، وهو ما جعل كثير من دول «أوبك» ترفع إنتاجها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لتعويض أي نقص في السوق، قررت الولايات المتحدة بشكل فردي إعطاء استثناءات لـ8 زبائن لإيران من الحظر، وهم أكبر زبائنها، وعلى رأسهم الصين والهند، ما يعني أن الحظر لن يكون ناجحاً.
حتى العراق حصلت كذلك على إعفاء من الولايات المتحدة لمدة 3 أشهر يسمح لها باستيراد الغاز الطبيعي من إيران، بحسب ما أعلنت عنه صحيفة «وول ستريت جورنال»، وأكدته الخارجية الأميركية في تصريح لها. وجاء هذا الإعفاء مقابل أن تعقد العراق صفقات نفطية مع شركات أميركية.
طبعاً إذا ما أضفنا ما بات يعرف باسم «عامل ترمب»Trump effect) ) إلى الحسابات، فإننا نجد أن السوق تحت انطباع أن الرئيس الأميركي لن يسمح لأسعار النفط بالصعود، وهو ما يجعل الكل يضع في حساباته أن النفط في العام المقبل سيظل يدور في مستويات تحت 60 دولاراً.
إنه من غير الصحي أن يفكر الساسة الأميركان في خفض أسعار النفط بهذا الشكل نظراً لأن ذلك يضر بالولايات المتحدة. ويرى جيف كوري، كبير المحللين النفطيين في مصرف «غولدمان ساكس» أن النفط عند 50 دولاراً يضر بالشركات الأميركية ويخلق اضطرابات في أسواق الدين الأميركية.
المشكلة الآن هي أنه على «أوبك» أن تتعامل مع كل هذه المخاطر الأميركية التي قلبت ميزان السوق… وليس ذلك وحسب؛ بل على «أوبك» أن تتحمل نتيجة كل ما يحدث.