- المشاركات
- 82,633
- الإقامة
- قطر-الأردن
إنتقد رئيس دوتشيه بنك" جوزف أكرمان " فكرة إصدار سندات أوروبية مشتركة وشكك بنجاعتها، بعد أن كان قد أبدى ثقته التامة برئيس الحكومة الإيطالية الجديد " ماريو مونتي " معتبرا ان إيطاليا بلد ثري وقادر على الخروج من الأزمة، وأن السندات الإيطالية ستعاود اكتساب ثقة المستثمرين الدوليين. في هذا الوقت يتنامى تيار معترض في الأوساط الإيطالية رافعا الصوت ضد توجهات الحكومة الإيطالية التقشفية*تحت شعار: " مونتي يريد تحويلنا الى متسولين " . محاولات الإنقاذ جارية على قدم وساق، ولكن شبكة الأمان المعمول عليها هي حاليا في طور المراقبة وستحتاج نتائجها الى المزيد من الوقت لتتضح حظوظ نجاحها أو فشلها.
رئيس الوزراء الايطالي "مونتي" يتوجه الى بروكسل يوم الثلاثاء لاجراء محادثات مع "هرمان فان رومبي" رئيس مجلس اوروبا و "خوزية مانويل باروزو" رئيس المفوضية الاوروبية. *هو سيلتقي كذلك يوم الخميس في ستراسبوج مع الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" والمستشارة الالمانية "انجيلا ميركل" على مأدبة غداء. لا شك بكون السوق يرصد هذه اللقاءات وما يمكن ان يصدر عنها من مواقف.
سوق السندات الأوروبي استقر يوم الجمعة ولكنه لا يزال غير مطمئن. المزادات التي حصلت الأسبوع الماضي أظهرت إحجاما للمشترين الدوليين عن الشراء، وهذه ظاهرة مقلقة تفضح غياب الثقة العامة بطريقة المعالجات الأوروبية للأزمة.
ماذا تعني غياب الثقة عن سوق السندات الاوروبي؟
بالنسبة لايطاليا يعني ان على البلاد دفع نحو 6 مليار يورو فوائد سنوية إضافية عن كل ارتفاع للفائدة بنسبة 1.0%. بالنسبة لإسبانيا يعني اضطرار البلاد الى دفع مبلغ يراوح بين ال 1.8 وال 2.0 مليار يورو سنويا.
هذا يعني واحدة من نتيجتين: إن أقدم المسؤولون على الحل المعتمد على تقليل النفقات لتحويل المدخرات الى خدمة الديون فهم يخاطرون بالنمو الاقتصادي والوقوع في الركود. وإن هم تجاهلوا ما يحدث في سوق السندات واستمروا بالاقتراض كوسيلة لخدمة الدين فهذا لن يكون إلا بفوائد زاحفة صعدا إضافة الى انهم* سيجدون أنفسهم مطمورين تحت جبل من الديون لا قدرة لهم على حمله، وهذا ما سيهدد في نهاية الأمر مصير مصارف كثيرة.
نتيجة هذا الواقع فإننا نعيش مرحلة مشابهة لما كانت عليه الأمور قبيل انهيار " ليمان براذرز " العام 2008 عندما تحولت المخاوف بشأن الرهونات العقارية في الولايات المتحدة إلى أزمة عالمية. ومثلما أكد الساسة الأميركيون للشعب حينئذ أنه من الممكن احتواء المشاكل العقارية، فقد كان القادة الأوروبيون يؤكدون * حتى وقت قريب أن المشاكل المالية التي تعاني منها دولة صغيرة مثل اليونان لن يمتد تأثيرها لدول أخرى.
ومن نتائج فقدان الثقة بسوق السندات الأوروبي التالي:
قلصت البنوك الأوروبية (بخاصة الفرنسية التي كانت من أكبر البائعين ) *من درجة تعرضها لإيطاليا بأكثر من 26 مليار يورو في الربع الثالث. *
*أصبحت البنوك الأميركية مترددة، في الوقت نفسه، من إقراض المؤسسات الأوروبية بسبب مخاوف مماثلة، حيث أحجم نحو ثلثي البنوك الكبرى التي كانت تقدم قروضا إلى أوروبا عن إقراض نظرائهم الأوروبيين، وفقا لأحدث استطلاع أجراه المسؤولون عن القروض في الاحتياطي الفيدرالي.
صناديق أسواق المال الأميركية، التي تعد منذ زمن طويل أحد الموردين الرئيسيين للدولارات بالنسبة للمصارف الأوروبية، قللت حجم أرصدتها من الأوراق المالية التي تصدرها المصارف في منطقة اليورو بمقدار 261 مليار دولار في شهر مايو، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 54 في المائة.
ارتفاع فائدة السندات الحكومية الإيطالية من 5 الى 7% جاء في مهلة زمنية لا تزيد عن الشهر ما يُعتبر عاملا مقلقا جدا. الحالة هذه تحدث اختلالا خطيرا في رؤوس أموال المصارف لكونها تُعتبر من أهم حاملي السندات الحكومية، فانخفاض قيمة تلك الأصول يؤدي عادة - وهو ما يحدث حاليا - الى تراجع البنوك عن منح القروض وميلها المتزايد الى رفع حجم رأسمالها، ما يعني بكل بساطة الى رفع احتمالات حدوث الكساد الإقتصادي.
وماذا عن انعكاس هذا الوضع القائم على الأسواق بالمدى القريب؟
لا استبعاد إطلاقا لاحتمالات استمرارية الوضع الذي كان سائدا، فإن استمرار الإهتمام بمخاطر أزمة الديون والتركيز عليها يبقي الأسواق رهينة لها، بحيث إنها لا تتجاوب مع مؤشرات بيانية إيجابية ( ظهرت من خلال البيانات الأميركية مؤخرا* ويمكن أن تظهر أيضا مستقبلا).
أزمة منطقة اليورو تقدمت مؤخرا على ما سواها وحجبت الخطورة التي تمثلها أيضا أزمة الديون الأميركية. حجبتها ولم تمحها، بحيث ان أي انحسار محتمل للمؤثرات الأوروبية قد يحدث نتيجة لاستقرار في أسواق السندات سيفسح في المجال ليقظة متجددة على 15 الف مليار دولار من الديون ترزح تحتها مالية الولايات المتحدة الأميركية. الرابع والعشرين من الشهر الجاري موعد مهم بالنسبة لاتفاق يُعمل عليه بما يتعلق ببرنامج حصر الدين الأميركي .
ما تقدم يعني ببساطة ووضوح جلي: على المستثمر في سوق الأسهم ،سواء كان صغيرا أو كبيرا ، أن يتحسب إلى شتاء بارد فيحتمي من العاصفة، أو على الأقل ينتقي من اللباس ما هو مناسب لها، إن هو قرّر مواجهتها.
في سوق العملات من المرجح استمرار حالة التقلب والتطير التي اعتادت الأسواق عليها في الآونة الأخيرة.
وعن مواعيد هذا الاسبوع؟
من اوروبا بانتظار مؤشر Ifo يوم الخميس القادم، ومن المرتقب أن يعطي إشارة سلبية الى برودة متواصلة في النشاط الإقتصادي. التوقعات بالنسبة للإقتصاد الألماني تراجعية لشهر نوفمبر*الى 105 نقطة من 106.4 في اوكتوبر . مؤشرات مديري المشتريات من المنتظر ايضا أن تصدر عنها إنذارات تراجع قادم في النشاط الإقتصادي على المستويين الألماني والأوروبي.
على صعيد البيانات الأميركية فان بعض الإيجابيات التي ظهرت مؤخرا لم تنعكس انحسارا لحالة السلبية في الاسواق نظرا لتنامي المخاوف من انعكاس الأزمة الأوروبية على الإقتصاد الأميركي. الى ذلك تضاف المشاكل السياسية الناتجة عن التأجيل الذي تم في الصيف لاستحقاق معالجة الدين بصورة جذرية والآمال على اتفاق قريب بخصوص هذه المعضلة لا تبدو كبيرة.
وهل تفجر الخلاف الأميركي حول سبل معالجة الدين العام سيشكل عامل ضغط على الدولار؟
في ظل التوتر العالمي الحالي من المستبعد حدوث ذلك. الدولار يبقى بالنسبة للأميركيين الملاذ الوطني الأكثر أمانا. التقديرات غالبة بكون قيمته الحالية مقابل بقية العملات الرئيسية دون ما يستحقه. استمرار إحجام البنوك الأميركية عن إقراض الأوروبيين تحت تأثير أزمة السندات المعروفة يُعتبر عنصر حماية للدولار في المرحلة الراهنة.
*
رئيس الوزراء الايطالي "مونتي" يتوجه الى بروكسل يوم الثلاثاء لاجراء محادثات مع "هرمان فان رومبي" رئيس مجلس اوروبا و "خوزية مانويل باروزو" رئيس المفوضية الاوروبية. *هو سيلتقي كذلك يوم الخميس في ستراسبوج مع الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" والمستشارة الالمانية "انجيلا ميركل" على مأدبة غداء. لا شك بكون السوق يرصد هذه اللقاءات وما يمكن ان يصدر عنها من مواقف.
سوق السندات الأوروبي استقر يوم الجمعة ولكنه لا يزال غير مطمئن. المزادات التي حصلت الأسبوع الماضي أظهرت إحجاما للمشترين الدوليين عن الشراء، وهذه ظاهرة مقلقة تفضح غياب الثقة العامة بطريقة المعالجات الأوروبية للأزمة.
ماذا تعني غياب الثقة عن سوق السندات الاوروبي؟
بالنسبة لايطاليا يعني ان على البلاد دفع نحو 6 مليار يورو فوائد سنوية إضافية عن كل ارتفاع للفائدة بنسبة 1.0%. بالنسبة لإسبانيا يعني اضطرار البلاد الى دفع مبلغ يراوح بين ال 1.8 وال 2.0 مليار يورو سنويا.
هذا يعني واحدة من نتيجتين: إن أقدم المسؤولون على الحل المعتمد على تقليل النفقات لتحويل المدخرات الى خدمة الديون فهم يخاطرون بالنمو الاقتصادي والوقوع في الركود. وإن هم تجاهلوا ما يحدث في سوق السندات واستمروا بالاقتراض كوسيلة لخدمة الدين فهذا لن يكون إلا بفوائد زاحفة صعدا إضافة الى انهم* سيجدون أنفسهم مطمورين تحت جبل من الديون لا قدرة لهم على حمله، وهذا ما سيهدد في نهاية الأمر مصير مصارف كثيرة.
نتيجة هذا الواقع فإننا نعيش مرحلة مشابهة لما كانت عليه الأمور قبيل انهيار " ليمان براذرز " العام 2008 عندما تحولت المخاوف بشأن الرهونات العقارية في الولايات المتحدة إلى أزمة عالمية. ومثلما أكد الساسة الأميركيون للشعب حينئذ أنه من الممكن احتواء المشاكل العقارية، فقد كان القادة الأوروبيون يؤكدون * حتى وقت قريب أن المشاكل المالية التي تعاني منها دولة صغيرة مثل اليونان لن يمتد تأثيرها لدول أخرى.
ومن نتائج فقدان الثقة بسوق السندات الأوروبي التالي:
قلصت البنوك الأوروبية (بخاصة الفرنسية التي كانت من أكبر البائعين ) *من درجة تعرضها لإيطاليا بأكثر من 26 مليار يورو في الربع الثالث. *
*أصبحت البنوك الأميركية مترددة، في الوقت نفسه، من إقراض المؤسسات الأوروبية بسبب مخاوف مماثلة، حيث أحجم نحو ثلثي البنوك الكبرى التي كانت تقدم قروضا إلى أوروبا عن إقراض نظرائهم الأوروبيين، وفقا لأحدث استطلاع أجراه المسؤولون عن القروض في الاحتياطي الفيدرالي.
صناديق أسواق المال الأميركية، التي تعد منذ زمن طويل أحد الموردين الرئيسيين للدولارات بالنسبة للمصارف الأوروبية، قللت حجم أرصدتها من الأوراق المالية التي تصدرها المصارف في منطقة اليورو بمقدار 261 مليار دولار في شهر مايو، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 54 في المائة.
ارتفاع فائدة السندات الحكومية الإيطالية من 5 الى 7% جاء في مهلة زمنية لا تزيد عن الشهر ما يُعتبر عاملا مقلقا جدا. الحالة هذه تحدث اختلالا خطيرا في رؤوس أموال المصارف لكونها تُعتبر من أهم حاملي السندات الحكومية، فانخفاض قيمة تلك الأصول يؤدي عادة - وهو ما يحدث حاليا - الى تراجع البنوك عن منح القروض وميلها المتزايد الى رفع حجم رأسمالها، ما يعني بكل بساطة الى رفع احتمالات حدوث الكساد الإقتصادي.
وماذا عن انعكاس هذا الوضع القائم على الأسواق بالمدى القريب؟
لا استبعاد إطلاقا لاحتمالات استمرارية الوضع الذي كان سائدا، فإن استمرار الإهتمام بمخاطر أزمة الديون والتركيز عليها يبقي الأسواق رهينة لها، بحيث إنها لا تتجاوب مع مؤشرات بيانية إيجابية ( ظهرت من خلال البيانات الأميركية مؤخرا* ويمكن أن تظهر أيضا مستقبلا).
أزمة منطقة اليورو تقدمت مؤخرا على ما سواها وحجبت الخطورة التي تمثلها أيضا أزمة الديون الأميركية. حجبتها ولم تمحها، بحيث ان أي انحسار محتمل للمؤثرات الأوروبية قد يحدث نتيجة لاستقرار في أسواق السندات سيفسح في المجال ليقظة متجددة على 15 الف مليار دولار من الديون ترزح تحتها مالية الولايات المتحدة الأميركية. الرابع والعشرين من الشهر الجاري موعد مهم بالنسبة لاتفاق يُعمل عليه بما يتعلق ببرنامج حصر الدين الأميركي .
ما تقدم يعني ببساطة ووضوح جلي: على المستثمر في سوق الأسهم ،سواء كان صغيرا أو كبيرا ، أن يتحسب إلى شتاء بارد فيحتمي من العاصفة، أو على الأقل ينتقي من اللباس ما هو مناسب لها، إن هو قرّر مواجهتها.
في سوق العملات من المرجح استمرار حالة التقلب والتطير التي اعتادت الأسواق عليها في الآونة الأخيرة.
وعن مواعيد هذا الاسبوع؟
من اوروبا بانتظار مؤشر Ifo يوم الخميس القادم، ومن المرتقب أن يعطي إشارة سلبية الى برودة متواصلة في النشاط الإقتصادي. التوقعات بالنسبة للإقتصاد الألماني تراجعية لشهر نوفمبر*الى 105 نقطة من 106.4 في اوكتوبر . مؤشرات مديري المشتريات من المنتظر ايضا أن تصدر عنها إنذارات تراجع قادم في النشاط الإقتصادي على المستويين الألماني والأوروبي.
على صعيد البيانات الأميركية فان بعض الإيجابيات التي ظهرت مؤخرا لم تنعكس انحسارا لحالة السلبية في الاسواق نظرا لتنامي المخاوف من انعكاس الأزمة الأوروبية على الإقتصاد الأميركي. الى ذلك تضاف المشاكل السياسية الناتجة عن التأجيل الذي تم في الصيف لاستحقاق معالجة الدين بصورة جذرية والآمال على اتفاق قريب بخصوص هذه المعضلة لا تبدو كبيرة.
وهل تفجر الخلاف الأميركي حول سبل معالجة الدين العام سيشكل عامل ضغط على الدولار؟
في ظل التوتر العالمي الحالي من المستبعد حدوث ذلك. الدولار يبقى بالنسبة للأميركيين الملاذ الوطني الأكثر أمانا. التقديرات غالبة بكون قيمته الحالية مقابل بقية العملات الرئيسية دون ما يستحقه. استمرار إحجام البنوك الأميركية عن إقراض الأوروبيين تحت تأثير أزمة السندات المعروفة يُعتبر عنصر حماية للدولار في المرحلة الراهنة.
*