- المشاركات
- 82,633
- الإقامة
- قطر-الأردن
أسبوع هادئ شهده الاقتصاد الأمريكي ليتيح للمستثمرين فرصة إعادة النظر في مستقبل أكبر اقتصاد في العالم
لم يكن لدى الاقتصاد الأمريكي الكثير من البيانات والأخبار الاقتصادية خلال الأسبوع المنصرم، حيث كان الشح في البيانات والأخبار الاقتصادية الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية هو العنوان الأبرز للأسبوع الماضي، وبالتالي فالنظرة المستقبلية للاقتصاد الأمريكي لم تتغير، حيث يواصل الاقتصاد الأمريكي عجلة التعافي والانتعاش من تبعات أسوأ أزمة مالية تعم البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
بداية الأسبوع الماضي كانت مع مخزونات الجملة عن شهر كانون الثاني، حيث شهدنا انخفاض المخزونات بنسبة 0.2% مقارنة بالقراءة السابقة المعدلة والتي بلغت انخفاضاً بنسبة 0.1% ، مع الإشارة إلى أن المخزونات وفرت دعماً حقيقياً للنمو الاقتصادي في البلاد خلال الربع الرابع، حيث يواصل المنتجون زيادة مخزوناتهم، على الرغم من أن وتيرة فعل ذلك ما تزال ضعيفة بشكل عام.
ومن ناحية أخرى فقد كانت مخزونات الأعمال الأمريكية استقرت خلال شهر كانون الثاني، بالمقارنة مع القراءة السابقة والمعدلة إلى انخفاض بنسبة 0.3% ، مما يوضح بأن المنتجين ما زالوا يتوخون الحذر في بناء مخزوناتهم، نظراً لكون النظرة المستقبلية لمعدلات الطلب ضعيفة إلى حد ما، في ظل ارتفاع معدلات البطالة، تشديد شروط الائتمان، لذا فلا بد لنا من توقع أن يأخذ المصنعون وقتهم، قبيل البدء في رفع مستويات الإنتاج بوتيرة قوية.
أما تقرير ميزانية الخزينة الأمريكية عزيزي القارئ، فقد أظهر عجزاً قياسياً في شهر شباط، حيث تواصل الحكومة الأمريكية دعم الاقتصاد من خلال الخطط التحفيزية، مما أدى إلى توسع العجز في الموازنة ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، مما قد يكون له تأثير كبير على الدولار الأمريكي على المدى البعيد.
وعلى الرغم من ذلك، فالدولار الأمريكي يبدو قوياً أمام العملات الرئيسية بشكل عام، منذ أن شهد الاقتصاد الأمريكي تحسناً في أدائه بالمقارنة مع الاقتصاديات الرئيسة حول العالم، مما أكسب الدولار الأمريكي زخماً قوياً مقابل العملات الرئيسية الأخرى، ولا بد لنا من توقع أن يشهد الدولار الأمريكي المزيد من الارتفاع على المدى القصير، حيث لا تزال التحديات المتمثلة في توسع العجز في الموازنة الأمريكية تدمر إمكانية ارتفاع الدولار الأمريكي على المدى البعيد.
هذا و من جهة أخرى فقد تقلص العجز في الميزان التجاري الأمريكي خلال شهر كانون الثاني وبحسب وزارة التجارة الأمريكية، ولكن وعلى الرغم من ذلم التحسن، إلا أن المستثرين كانوا أكثر انشغالاً بانخفاض الصادرات الأمريكية، نظراً لكون ذلك يعد علامة كبرى على أن معدلات الطلب العالمي لا تزال ضعيفة، وبالتالي سيستغرق الاقتصاد العالمي مزيداً من الوقت للتعافي من تبعات أسوأ أزمة مالية تعم البلاد منذ سبعة عقود من الزمن.
وفي ذات الوقت فإن إنفاق المستهلكين والذي يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي أو ثلثي النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية ما زال يتحسن ولكن بوتيرة بطيئة، نظراً لضعف الظروف الاقتصادية الحالية، جراء ارتفاع معدلات البطالة وتشديد شروط الائتمان، ولكن ارتفاع مستويات الانفاق يمثل أحد البوادر المشجعة حيال مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
وصولاً إلى تقرير مبيعات التجزئة الأمريكية، حيث أظهر التقرير الصادر عن شهر شباط بأن الانفاق لا زال يقاوم ضعف الظروف الاقتصادية المتواصل، حيث قادت العواصف الثلجية الضخمة خلال شهر شباط المحللين إلى خفض توقعاتهم لمبيعات التجزئة، على الرغم من تمكن مبيعات التجزئة من الارتفاع فوق التوقعات، مما يوفر آمالاً بأن اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية سوف يستمر في عجلة التعافي والانتعاش مما سيقوده في الآخر إلى الازدهار.
أما مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك عن شهر آذار، فقد أظهر بأن مستويات الثقة لدى المستهلكين ما زالت ضعيفة بشكل أو بآخر، إلا أننا لا نستطيع إنكار أن الثقة ما زالت تتحسن، على الأقل هذا ما شهدناه خلال الأشهر القليلة الماضية، ولكن على ما يبدو بأن وتيرة الانتعاش قد تباطأت في الفترة الماضية، مما أدى إلى تراجع مستويات الثقة، حيث صدر عن الإقتصاد الأمريكي اليوم القراءة التمهيدية لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك عن شهر آذار، حيث انخفض المؤشر ليصل إلى 72.5 مقابل 73.6 خلال شهر كانون الثاني و بأدنى من التوقعات التي بلغت 74.0.
وفي النهاية فلا بد لنا من الإشارة إلى أن الاقتصاد الأمريكي يخرج من دائرة الأزمة الأسوأ منذ الكساد العظيم بشكل آمن، ولكنه بحاجة المزيد من الوقت قبيل أن تتعافى وتستقر الأوضاع فيه، وبالتالي فيجدر بنا توقع أن يواصل النشاط الاقتصادي استقراره خلال النصف الأول من العام الحالي 2010، حيث ينبغي للاقتصاد الأمريكي النمو بوتيرة أقوى خلال النصف الثاني من العام الحالي 2010 .. قبيل أن يتمكن الاقتصاد من تحقيق الاستقرار الكامل في العام 2011 على الأرجح.